مَن ذاق عرف! - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         هل يحتج بكلام العلماء في اللغة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          عرض كتاب: (الفتيا المعاصرة) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          الخشوع في الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 56 - عددالزوار : 4153 )           »          المنافسة في الخيرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          شهر رمضان.. كيف يستقبله الأزواج ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          أطفالنا فــي رمــضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة قبل القضاء؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          "المواقف المصيرية - والأمراض القلبية - وسوء الخاتمة!" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 327 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-01-2024, 12:25 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,479
الدولة : Egypt
افتراضي مَن ذاق عرف!

مَن ذاق عرف! (1)



كتبه/ أحمد شهاب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
ففي مشهد عجيب؛ جماعة من الناس يتجادلون في طعم كوبين من الشاي أمامهم: أي الكوبين حلو وأيهما مرٌّ؟!
فعجيب جدًّا أن كل واحد منهم ينظر إلى الكوبين فقط ويقول رأيه!
يسرد كل منهم أدلته على رأيه، لكن دون أن يتذوق شيئًا منهما.
وهنا يجول بخاطرك الجواب البدهي: أليس مَن ذاق عرف؟!
وإن كان بعرض الأدلة يتضح أن لأحدهما من الأدلة ما يجعله متيقنًا من حلاوة هذه ومرارة هذه؛ فقد أخبره مَن صنع كوب الشاي الحلو أنه وضع فيه ثلاث ملاعق كاملة من العسل المصفى، ثم إنه أخبره من سبق وذاقها أن هذا الكوب حلو -وهو رجل ذواقة سليم الحس، وقد زكاه مَن أتى له بهذا الكوب- إلى غير ذلك من الأدلة الدامغة على صحة رأيه، لكن ومع كل هذه الأدلة؛ إلا أن كلا الطرفين المتجادلين لم يذقها بعد!
فحتى مَن كانت أدلته واضحة وحججه غالبة؛ إلا أنه لا زال قد يشككه مشكك ويضللـه مضلل، وقد تلتبس عليه الأمور -رغم وضوح أدلتها-؛ إلا أنه -لنقص فيه- قد يتلجلج، لكنه لو ذاقها فسيزيد يقينه بقدر هائل أن هذا الكوب فعلًا طعمه حلو، وأن الآخر مرٌّ، بل هو بالمقارنة بالأول شديد المرارة، وأن مكسبات الطعم التي وضعوها لتحليته قد أفسدت طعمه أكثر وأكثر! فلم يعد لديه احتمال أن يشككه أحد في حلاوتها؛ فقد ذاق، ومن ذاق عرف، فاختار دون حيرة.
فيا عباد الله... مما نحتاج إليه حاجة حقيقية أن نذوق طعم الإيمان.
نحن متفقون أن الأدلة مهمة جدًّا وهي الأصل، وخبر الشارع للحق يكفينا، وقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصدق عندنا من حواسنا، لكن سيظل الكلام والوصف بلا طعم ما لم نذق نحن الطعم.
ولكل عامل ذوقه ووجده، لكن أين الثرى من الثريا؟!
إن الخبير بالذهب لا يروج عليه النحاس، ولا الذهب المغشوش؛ فإنه قد تعامل كثيرًا مع الذهب الحقيقي فلا ينطلي عليه الزائف.
وكذا العبد الصالح الخبير بالأذواق الإيمانية لا يلتفت أبدًا للأذواق الشيطانية للأوراد البدعية والكفرية، ولا تنطلي عليه، لأنه سيعرف أنها مغشوشة؛ فقد رأى النور وعَلِم الحق من الحق عن الحق، فماذا بعد الحق إلا الضلال؟!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فإن الذوق والوجد ونحو ذلك هو بحسب ما يحبه العبد ويهواه، فكل محب له ذوق ووجد بحسب محبته وهواه. فأهل الإيمان لهم من الذوق والوجد مثل ما بيَّنه النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله في الحديث الصحيح: (ثَلاثٌ ‌مَنْ ‌كُنَّ ‌فيه ‌وجَدَ ‌حَلاوَةَ ‌الإِيمانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ ورَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِواهُمَا، وأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لا يُحِبُّهُ إلَّا لِلَّهِ، وأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَما يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ) (متفق عليه)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (‌ذَاقَ ‌طَعْمَ ‌الْإِيمَانِ ‌مَنْ ‌رَضِيَ ‌بِاللهِ ‌رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا) (رواه مسلم). وأما أهل الكفر والبدع والشهوات فكل بحسبه. قيل لسفيان بن عيينة: ما بال أهل الأهواء لهم محبة شديدة لأهوائهم؟ فقال: أنسيت قوله -تعالى-: (‌وَأُشْرِبُوا ‌فِي ‌قُلُوبِهِمُ ‌الْعِجْلَ ‌بِكُفْرِهِمْ) (البقرة: 93)، فعُبَّاد الأصنام يحبون آلهتهم كما قال -تعالى-: (‌وَمِنَ ‌النَّاسِ ‌مَنْ ‌يَتَّخِذُ ‌مِنْ ‌دُونِ ‌اللَّهِ ‌أَنْدَادًا ‌يُحِبُّونَهُمْ ‌كَحُبِّ ‌اللَّهِ) (البقرة: 165)... ولهذا يميل هؤلاء ويغرمون بسماع الشعر والأصوات التي تهيج المحبة المطلقة التي لا تختص بأهل الإيمان، بل يشترك فيها محب الرحمن ومحب الأوثان، ومحب الصلبان، ومحب الأوطان، ومحب الإخوان، ومحب المردان، ومحب النسوان، وهؤلاء الذين يتبعون أذواقهم ومواجيدهم من غير اعتبار لذلك بالكتاب والسنة، وما كان عليه سلف الأمة" (مجموع الفتاوى).
وللحديث بقية -إن شاء الله-.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 22-02-2024, 12:16 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,479
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مَن ذاق عرف!

مَن ذاق عرف! (2)



كتبه/ أحمد شهاب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فمن أهم الركائز في الثبات على الحق بعد توفيق الله -سبحانه وتعالى- ثم العلم النافع: أن يضاف لذلك العمل الصالح المثمر للأحوال الإيمانية الحقيقية، لا الخواطر الشيطانية الإبليسية، ويقينًا فالاقتصاد في سنة خير من الاجتهاد في بدعة، وحلاوة الإيمان المحصلة من طريق السنة خير من الأذواق الشيطانية من طريق البدعة.
وهذا المعنى قد توارد عن السلف، كما قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: "الاقتصاد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة"، وعن الحسن -رحمه الله- قال: "عمل قليل في سنة خير من عمل كثير في بدعة"، وقال السري: "قليل في سنة خير من كثير في بدعة"، وعن مطر قال: "عمل قليل في سنة خير من عمل كثير في بدعة، ومن عمل عملًا في سنة قبل الله منه عمله، ومن عمل عملًا في بدعة رد الله عليه بدعته"، وكان الفضيل بن عياض يقول: "عمل قليل في سنة، خير من عمل كثير في بدعة".
عن أُبي بن كعب -رضي الله عنه- قال: "عليكم بالسبيل والسنة، فإنه ما على الأرض عبد على السبيل والسنة ذكر الله في نفسه فاقشعر جلده من خشية الله إلا كان مثله كمثل شجرة قد يبس ورقها فهي كذلك حتى أصابتها ريح شديدة، فتحات ورقها إلا حط الله عنه خطاياه كما تحات تلك الشجرة ورقها، وإن اقتصادًا في سبيل وسنة خير من اجتهاد في خلاف سبيل وسنة، فانظروا أن يكون علمكم إن كان اجتهادًا واقتصادًا أن يكون ذلك على منهاج الأنبياء وسنتهم".
قال ابن القيم -رحمه الله-: "فالفقه كل الفقه الاقتصاد في الدين والاعتصام بالسنة".
فكما ترى توارد ألفاظهم على تأكيد هذا المعنى العظيم؛ إلا أن التأكيد النظري لا يكفي وحده، سيبقى هناك فجوة كبيرة ما لم يذق الإنسان تلك الحلاوة ويجد ذلك الطعم!
نريد أن ننتقل خطوة إلى الأمام، نريد فعلًا أن نستزيد من ذوق حلاوة الإيمان وطعمه، فيجتمع الإخلاص والاتباع، ويتضافر ذوق العلم النافع مع ذوق العمل الصالح.
وكما قيل: لا تكن للخير وصافًا، وكن بالخير موصوفًا، فإن الواو والراء والدال لا يشم منها رائحة الورد، فمن ذاق حلاوة الذكر والعمل الصالح الموافق للسنة لن يستطيع أحد أن يشككه فيما ذاق؛ فقد ازداد يقينًا على يقين، علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين، نور على نور.
علينا أن ننتقل إلى خانة العمل، نريد أن ننهل من هذا النبع الصافي.
نريد أن نتوقف عن المراء كثيرًا، بل نذر الذين يلحدون في أسماء الله، وننشغل بدعاء الله بأسمائه وصفاته، فهو منهج قرآني في التعامل مع الأقوال المنحرفة الباطلة؛ أن لا ننشغل بها كثيرًا، بل نعرف الشر لنتوقاه ونحذِّر الناس منه، لكن نمضي في طريقنا منشغلين بالبناء.
وهذا بلا شك مع استمرارنا في مدافعة الباطل ورد شُبهاته، جدال بالتي هي أحسن، نصيحة للخلق وقيامًا بالحق؛ فإن هذه المدافعة هي مما يزيد الإيمان، لكن مع الصدق والإخلاص والاقتصار منها على ما تتحقق به المصلحة دون انتصار للنفس.
نريد أن ننشغل بأسباب زيادة الإيمان تعلمًا وعملًا، ودعوة، وصبرًا وجهادًا.
يحتاج كل منا أن يضع خطة حقيقية لنفسه؛ خطة من خلالها يتعود على الطاعة والعبادة ويرتبط بها، ومِن ثَمَّ يزداد شعوره بحلاوتها.
نريد أن نرتبط بالصلاة، بالذكر، بالدعاء، بقراءة القرآن.
فإذا شعر العبد بحلاوة تلك العبادات الحقيقية السُّنية لم يحتج لغيرها، بل ولا يجد وقتًا لسواها، فإن الكوب المملوء لا يملأ! فأعظم مدافعة للباطل هو الانشغال بالحق، (وَقُلْ ‌جَاءَ ‌الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا) (الإسراء: 81).
اللهم ابسط علينا من بركاتك ورحمتك، ورزقك وفضلك، وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 55.29 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 53.32 كيلو بايت... تم توفير 1.98 كيلو بايت...بمعدل (3.57%)]