التعريف بالصعلكة - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3943 - عددالزوار : 386364 )           »          عرش الشيطان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          أسلحة الداعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 66 - عددالزوار : 16164 )           »          لماذا يرفضون تطبيق الشريعة؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          واحة الفرقان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 15 - عددالزوار : 3118 )           »          الأيادي البيضاء .. حملة مشبوهة وحلقة جديدة من حلقات علمنة المرأة المسلمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          التوبـة سبيــل الفــلاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          حقيقة العلاج بالطاقة بين العلم والقرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          طرق تساعد على تنمية ذكاء الطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 98 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النقد اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-06-2023, 06:12 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي التعريف بالصعلكة

التعريف بالصعلكة(1)
د. يوسف عبدالقادر خليف

1- في اللغة:
في "لسان العرب"[1]: « الصعلوك: الفقير الذي لا مال له، زاد الأزهري: ولا اعتماد. وقد تصعلك الرجلُ؛ إذا كان كذلك، قال حاتم الطائي:
غَنِينا زمانًا بالتَّصعْلُكِ والغِنَى *** فكُلًّا سَقاناه بكأسيْهما الدَّهرُ
أي: عشْنا زمانًا.

وتصعلكتِ الإبلُ: خرجتْ أوْبارُها، وانجرَدتْ، وطرحتْها. ورجلٌ مُصعْلك الرأسِ: مدوَّرُه. ورجلٌ مصعلك الرأس: صغيره، وأنشد:
يُخيلُّ في المرْعَى لهنَّ بشخصِهِ *** مُصَعْلكُ أعلَى قُلَّةِ الرأسِ نِقْنقُ
وقال شَمِر: المصعلك من الأسْنمَةِ: الذي كأنَّما حَدْرَجْتَ أعلاه حدْرجَةً، كأنَّما صعلكتَ أسفلَه بيدك، ثم مطَلته صُعُدًا أي رفعته على تلك الدَّملَكةِ، وتلك الاستدارة[2]. وقال الأصمعيُّ في قولِ أبي دؤادٍ يصف خيلًا:
قد تَصَعْلكن في الربيع وقد قَـ *** ـرَّع جِلْدَ الفرائضِ الأقدامُ
= قال: تصَعلكْن: دَقَقْن، وطار عِفاؤُها عنها، والفريضة: موضع قدم الفارس.

وقال شمر: تصعلكت الإبل إذا دقَّت قوائمُها من السِّمَن. وصعلكها البقل، وصعلك الثريدة: جعل لها رأسًا، وقيل: رفع رأسها.

والتصعلك: الفقر. وصعاليك العرب: ذؤبانها. وكان عروة بنُ الوَرْدِ يسمى عروة الصعاليك؛ لأنه كان يجمع الفقراء في حظيرة فيرزقهم مما يغنم».

من هذا النص اللغوي الذي سجله ابن منظور في "لسان العرب"، والذي سجل مثله غيره من علماء اللغة في معاجمهم، نستطيع أن نتبين أصلًا عامًّا للمادة تشترك فيه معانيها المختلفة، وتدور حوله، وهو – عندي - الضمور والانجراد[3]. ونستطيع في سهولة ويسر أن نرد كل معاني المادة إلى هذا الأصل العام: فالإبل تتصعلك إذا انجرَدَت أوبارها وطرحتها. والخيل تتصعلك؛ إذا دقت وطار عفاؤها عنها. والبقل يصعلك الإبل؛ أي يسمنها؛ وهذا السِّمَن يجعلها تطرح أوبارها وتتجرد منها. والمصعلك من الأسنمة الذي يبدو كأنما فتلت أعلاه وأضمرته. وهو يصعلك الثريدة أي يجعل لها رأسًا، أو يرفع رأسها، كأنها أضمر أعلاها. وهو مصعلك الرأس أي صغيره وضامره. وهو يتصعلك أي يفتقر كأنما تجرَّد من ماله، وبدأ ضامرًا بين الناس.

فالصعلكة إذن -في مفهومها اللغوي-: الفقر الذي يجرِّد الإنسان من ماله، ويظهره ضامرًا هزيلًا بين أولئك الأغنياء المترفين الذين أتخمهم المال وسمَّنهم. ولكن يبدو أن هذا المعنى لا يعبِّر عن المفهوم اللغوي للكلمة تعبيرًا دقيقًا كاملًا، ولهذا نريد أن نقف وقفة أخرى عند تلك الزيادة التي أضافها الأزهري إلى هذا المعنى اللغوي، وهي قوله: « ولا اعتماد »، لنرى ماذا يستفيد المعنى منها؟ وإلى أي مدًى تحدد هذه المعنى وتكمله؟ والمعنى اللغوي لهذه العبارات واضح؛ فاعتمد على الشيء: توكأ أو اتكأ عليه، واعتمد عليه في كذا: اتكل عليه[4].

وعلى هذا نستطيع أن نقول: إنَّ الصعلوك - في اللغة-: هو الفقير الذي لا مال له يستعين به على أعباء الحياة، ولا اعتماد له على شيءٍ أو أحدٍ يتَّكئ عليه أو يتَّكلُ عليه ليشق طريقه فيها، ويعينه عليها، حتى يسلك سبيله كما يسلكه سائر البشر الذين يتعاونون على الحياة، ويواجهون مشكلاتها يدًا واحدة. أو هو - بعبارة أخرى -: الفقير الذي يواجه الحياة وحيدًا، وقد جرَّدته من وسائل العيش فيها، وسلبته كل ما يستطيع أن يعتمد عليه في مواجهة مشكلاتها. فالمسألة إذن ليست فقرًا فحسب، ولكنَّها فقرٌ يغلق أبواب الحياة في وجه صاحبِه، ويسدُّ مسالكَها أمامه.

هذا هو التعريف اللغوي للكلمة كما نراه في ضوء هذه المحاولة اللغوية لفهم المادة. ونريدُ - بعد هذا - أن نتتبع هذه المادة في الاستعمال الأدبي القديم في العصر الذي ندرسه لنرى كيف دارت فيه؟ وإلى أي مدًى يطابق هذا الاستعمال معناها كما سجله علماء اللغة أو يختلف عنه؟

المصدر: الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي، يوسف خليف، دار المعارف

[1] مادة "صعلك".

[2] حَدْرَج: فتل وأحكم. والدَّمْلَكة: الاستدارة والملاسة والفتل.

[3] نحن في هذا نخالف ابن دريد فيما يذهب إليه من أن "أصل الصعلكة الفقر" "انظر جمهرة اللغة: باب ما جاء على "فعلول" 3/ 383 - وانظر أيضا الاشتقاق/ 170"، ونرى أن الفقر ليس أصلا للمادة، ولكن الطور المعنوي في معناها الذي يأتي بعد الطور الحسي. ويؤيدنا فيما نذهب إليه ما يراه ابن فارس من أن "الصاد والعين واللام أصيل يدل على صغر وانجراد" "انظر مقاييس اللغة 3/ 286"، وهذه الحروف الثلاثة هي أصل مادة "صعلك"، وبين المادتين تشابه في معانيهما، فالصعل: الصغير الرأس من الرجال والنعام، وحمار صعل أي ذاهب الوبر.

[4] لسان العرب: مادة "عمد".


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10-06-2023, 06:14 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي رد: التعريف بالصعلكة

التعريف بالصعلكة(2)
د. يوسف عبدالقادر خليف
2- في الاستعمال الأدبي:

تتردد هذه المادة في أخبار العصر الجاهلي وشعره بصورة واسعة، وتقابلنا كثيرًا على ألسنة شعرائه ورواة أخباره، فنراها أحيانًا تدور في هذه الدائرة اللغوية التي تحدثنا عنها، على نحو ما نرى في بيت حاتم الطائي الذي يتخذ منه اللغويون موضوعًا للاستشهاد على المعنى اللغوي للكلمة، فالمقابلة في هذا البيت بين التصعلُكِ والغنى تدل في وضوح لا لبْسَ فيه على أنَّه يستعمل التصعلك في معنى الفقر، وهو استعمال يؤيده ذكر الفقر في البيت التالي مرادفًا للتَّصعلُك:
فَما زادَنا بغيًا على ذي قَرابةٍ *** غِنانا ولا أزْرَى بأحسابنا الفقرُ

ونراها أحيانًا أخرى تَرِدُ في بعض المواضع، ولكن مفهومها الذي يتفق مع السياق لا يتفق تمامًا مع مفهومها اللغوي؛ فهذا عمرو بن بَرَّاقة الهمْداني يُغير على إِبله وخيلِه رجلٌ من مراد، فيذهب بها، فيأتي عمرو فيُغير على المرادي فيستاق كلَّ شيءٍ له، ويقول:
تقول سُليمى: لا تَعَرَّضْ لتلْفَة
وليلك عن ليلِ الصعاليكِ نائمُ
وكيف ينامُ الليلَ من جُلُّ مالِه
حسامٌ كلَوْنِ المِلح أبيضُ صارمُ
ألم تعلمِي أنَّ الصعاليك نومهم
قليلٌ إذا نام الخليُّ المسالمُ[1]


فمن الواضح أن جو القصة وسياق الأبيات لا يدلان على أن الصعاليك هنا هم الفقراء، وإلا فما معنى هذه النصيحة التي توجهها إلى الشاعر صاحبتُه بألا يعرِّض نفسه للتلف مع هؤلاء الصعاليك الذين ينام ليله عن ليلهم؟ وما سر المقابلة بين قلة نومهم ونوم «الخلي المسالم»؟ وما دخل المسالمة التي يتحدث عنها الشاعر في حديث عن الفقر والغنى؟ من الواضح أن الصعاليك هنا ليسوا هم أولئك الفقراء المعدمين الذين يقنعون بفقرهم، أو يَسْتجدون الناس ما يسدُّون به رمقهم، وإنما هم أولئك المشاغبون المغيرون أبناء الليل الذين يسهرون لياليهم في النهب والسلب والإغارة، بينما ينعم الخليون المترفون المسالمون بالنوم والراحة والهدوء. فالكلمة إذن قد خرجت من الدائرة اللغوية، دائرة الفقر، إلى دائرة أخرى أوسع منها هي دائرة الغزو والإغارة للنهب والسلب.

وفي أخبار امرئ القيس أنَّه غزا بني أسد ثائرًا بأبيه، «وقد جمع جموعًا من حمير وغيرهم من ذؤبان العرب وصعاليكها»[2]. ونتَّهم أنفسنا بالسذاجة لو تصورنا أمرأ القيس وقد خرج لثأر أبيه الملك يجمع جموعًا من فقراء العرب المعدمين، فما أهمية الفقر في معركة من معارك الثأر؟ وما الذي يحمل امرأ القيس على أن يجمع حوله جموعًا من الفقراء ليغزو بهم بني أسد؟ من الواضح أن هؤلاء الفقراء الذين استعان بهم امرؤ القيس في إدراك ثأره لا بدَّ أن تكون حياتهم الاجتماعية قد تطورت تطورًا خاصًّا جعلهم يصلحون للقيام بتلك المهمة الضخمة التي طلبهم إليها، وهو تطور نُحسُّ شيئًا من سماته ومظاهره في هذا الربط بينهم وبين الذؤبان، فلا بد أن هؤلاء الفقراء كان بينهم وبين الذئاب تشابه في أسلوب الحياة أو أسلوب العيش أو طبيعة الشخصية.

ويشبه هذا ما ورد في أخبار عديِّ بنِ زيد من أن النعمان بن المنذر حبسه حتى مات، فأراد ابنه زيد أن يثأر له من النعمان، فدبَّرَ مكيدة يوغر بها صدر كسرى عليه حتى يقتله، وترامى خبر المكيدة إلى سمع النعمان، ففر من كسرى ولجأ إلى قبائل العرب، ولكنَّ أحدًا لم يجرؤ على إجارته، فقال له سيدٌ من بني شيبان في حديثٍ طويل معه: «فامض إلى صاحبك، فإمَّا أن صفح عنك فعدت ملكًا عزيزًا، وإمّا أن أصابك فالموت خير لك من أن يتلعَّب بك صعاليك العرب، ويتخطفك ذئابها، وتأكل مالك»[3].

فمن الواضح أن الصعاليك هنا ليسوا هم الفقراء، ولكنهم طوائف من قطّاع الطرق كانوا منتشرين في أرجاء الجزيرة العربية، ينهبون من يلقونه في صحرائها الموحشة الرهيبة، ويتلعبون به، ويتخطفونه، ويأكلون ماله، على حد ألفاظ ذلك السيد العربي الذي كان - ولا شك - يعرف جيدًا طبيعة الدور الذي يقوم به هؤلاء الصعاليك على مسرح البادية العربية، وهو دور تعبر عنه تعبيرًا دقيقًا هذه الألفاظ.

وإلى جانب هذا نلاحظ أن بعض المصادر العربية تذكر طائفة من الأسماء على أنهم «صعاليك العرب»[4]، أو تقصُّ أخبارًا عن صعاليك بعض القبائل[5]، أو تصف بعض الشعراء بأنهم من «صعاليك العرب»[6]، بل نلاحظ أن صاحب "الأغاني" يقول في تقديمه للسُّلَيك بن السُّلَكة: «وهو أحد صعاليك العرب... وأخبارهم تذكر على تواليها هاهنا، إن شاء الله تعالى، في أشعار لهم يُغنى فيها، لتتصل أحاديثهم»[7]، مما يشعر بأنَّ هؤلاء الصعاليك كانوا يكوِّنون طبقة متميزة من طبقات المجتمع الجاهلي جعلت أبا الفرج يحرص على أنْ يذكر أخبارهم على تواليها حتى تتصل أحاديثهم، على حد تعبيره.

وأظن أننا نستطيع بعد هذه الجولة أن نقف لنسجل أن مادة «صعلك» تدور في دائرتين: إحداهما «الدائرة اللغوية» التي تدل فيها على معنى الفقر، وما يتصل به من حرمان في الحياة، وضيق في أسباب العيش، والأخرى نستطيع أن نطلق عليها «الدائرة الاجتماعية»، وفيها نرى المادة تتطور لتدل على صفات خاصة تتصل بالوضع الاجتماعي للفرد في مجتمعه، وبالأسلوب الذي يسلكه في الحياة لتغيير هذا الوضع. وهذه الصفات هي بعض ما نحاول تبينه في هذا البحث.

ونتساءل بعد هذا: ألم يلتفت اللغويون إلى هذا المعنى الاجتماعي؟ ونعود مرة أخرى إلى النصوص اللغوية نستفتيها، وتلفت نظرنا تلك العبارة الغامضة التي يذكرها بعض اللغويين في ختام تعريفاتهم، وهي قولهم: «وصعاليك العرب ذؤبانها». ونتساءل مرة أخرى: ماذا يعني اللغويون «بذؤبان العرب»؟ ونمضي إلى مادة (ذ أ ب) نسأل اللغويين عن معنى «ذؤبان العرب»، فإذا هم يحيلوننا مرة أخرى على «صعاليك العرب». ففي "الصحاح": «وذؤبان العرب أيضًا صعاليكها الذين يتلصصون»، وفي "القاموس المحيط": «ذؤبان العرب: لصوصُهم وصعاليكهم»، وفي "أساس البلاغة": «وهم من ذؤبان العرب: من صعاليكهم وشطارهم»، وفي "النهاية" لابن الأثير: «يقال لصعاليك العرب ولصوصها: ذؤبان؛ لأنهم كالذئاب».

وهكذا كادت المسألة أن تكون دورًا -كما يقول المناطقة - لولا هذه الزيادات القليلة التي أضافها هؤلاء اللغويون إلى تعريفاتهم. ومن هذه الزيادات عرفنا أن هؤلاء الصعاليك كانوا "يتلصصون"[8]، وأنهم كانوا "شطارًا"[9]، كما عرفنا أنهم سُموا هكذا لأنهم كانوا كالذئاب. ومع ذلك فما زلنا نشعر بأن هذه الزيادات لم تتقدم بنا كثيرًا في داخل هذه «الدائرة الاجتماعية»، وأن علماء اللغة يحومون حول هذه الدائرة دون أن ينفذوا إلى داخلها، مع إحساسهم أن هناك شيئًا آخر غير الفقر في مفهوم المادة؛ وهو هذا الذي حاولوا أن يفسروه بذلك الربط بين الصعاليك والذؤبان.

ولكننا لا نريد أن ننتهي من هذا البحث اللغوي دون أن نشير إلى أن أبا زيد القرشي صاحب "جمهرة أشعار العرب"، قد تنبه إلى أن هناك جانبين لهذه المادة، واستطاع أن يميز بينهما تمييزًا دقيقًا واضحًا حيث يقول[10]: «الصعلوك: الفقير، وهو أيضا المتجرد للغارات»، وهذا التعبير عن مفهوم المادة الاجتماعي بالتجرد للغارات يجعلنا نسجل لهذا العالِم المتقدم على أصحاب المعاجم التي بين أيدينا أنه كان أدق من عرَّف معنى الصعلوك.

وهنا نقف لنتساءل: ماذا فهمنا عن صعاليك العرب؟
أغلب الظنِّ أننا لم نصل إلى أشياء كثيرة، وأننا ما زلنا في بداية الطريق الطويل نتحسس خطواتنا في الظلام تحت أضواء النجوم الخافتة، وأن شوطًا بعيدًا ما يزال ينتظرنا حتى مطلع الفجر. ويبدو أنَّه لا بد لنا من أن نمضي إلى مصادر الأدب العربي نسألها: ما أخبار هؤلاء الصعاليك؟ وأين شعر شعرائهم الذي صورّوا فيه حياتهم؟ لعلنا نجد فيها وفيه ما نستطيع به أن نرسم صورة أشدَّ وضوحًا لهذه الطبقة من طبقات المجتمع الجاهلي.

المصدر: الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي، يوسف خليف، دار المعارف

[1] القالي: "الأمالي" (2/ 121-132)، و"الأغاني" (21/ 175).

[2] البغدادي: "خزانة الأدب" (3/ 532).

[3] "الأغاني" (2/ 126)، والبغدادي: "خزانة الأدب" (1/ 185-186).

[4] انظر - على سبيل المثال -: "وسائل الخوارزمي" / 141، 142، والدلجي: "الفلاكة والمفلوكين" / 119.

[5] انظر على سبيل المثال: الأغاني 18/ 215، 20/ 20، والبغدادي: خزانة الأدب 2/ 405.

[6] انظر - على سبيل المثال -: "الأغاني" (3/ 73)، (12/ 49) - بولاق، (18/ 33)، وابن قتيبة: "الشعر والشعراء" / 214.

[7] "الأغاني" (18/ 133).

[8] في "تاج العروس" مادة ( لص ): « وهو يتلصص -كما في "الصحاح" وفي "الأساس" - إذا تكررت سرقته».

[9] في "لسان العرب" مادة (شطر): « شطر عن أهله: نزح عنهم، وتركهم مراغمًا أو مخالفًا، وأعياهم خبثًا، والشاطر مأخوذ منه». وفي "أساس البلاغة" المادة نفسها: « وفلان شاطر: خليع». ومن الأشياء التي تلفت النظر أن الخليع من أسماء الذئب أيضا. انظر: "لسان العرب" مادة (خلع)، وأن الذئب يُشبه في الشعر الجاهلي أحيانا بالخليع، وفي معلقة امرئ القيس: به الذِّئبُ يعوي كالخَليعِ المُعْيل"، وهو من شعر تأبَّط شرًا بدون شكٍّ عندي.

[10] "جمهرة أشعار العرب" / 115.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 69.32 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 66.93 كيلو بايت... تم توفير 2.38 كيلو بايت...بمعدل (3.44%)]