سل التاريخ عنا

[ابوالوليد المسلم]

سل التاريخ عنا
عاطف شمس

الخطبة الأولى
- بعد المقدمة:
قال - تعالى -: (الم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) [العنكبوت 1-3].
فتنة وابتلاء عظيم لا على مستوى الفرد، بل على مستوى الأمة بأكملها احتل الأمريكان أفغانستان قالوا حرب على الإرهاب وقلنا حرب على الإسلام ثم ظهرت الحقيقة واضحة في احتلال العراق.
داسوا بأقدامهم النجسة أرض الفراتين، احتلوا أفغانستان بمعاونة الشيعة واحتلوا العراق أيضا بمساعدة الشيعة، الموقف الآن حالك مظلم، لكن النصر قادم إن شاء الله.
سئل الإمام الشافعي –رحمه الله- أيمكن للإنسان أم يبتلى؟ فقال: لا يمكن له حتى يبتلى. سلوا عنا التاريخ سلوا عنا القادسية 15هـ / اليرموك 15هـ / سلوا عنا هارون الرشيد مع نقفور سنة 187هـ / سلوا عن عمورية سنة 223هـ.
في القادسية: 35 ألف جندي مسلم من 120 ألف قال عمر بن الخطاب لأحد قادته: إني لا أخشى عليكم عدوكم وعتادهم فإنا لا نحارب بعدد ولا عتاد، بل بهذا الدين الذي أعزنا الله به - كنا قوما أذلاء فأعزنا الله بالإسلام فإذ ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله - وإياكم والذنوب والمعاصي فإن أنتم عصيتم الله صرتم سواء فيغلبونكم بعددهم وعتادهم. قال لهم قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل.
لقد عبر سعد بن أبى وقاص دجلة هو وجنوده وساروا على الماء لم يغرق أحد منهم، بل قيل أن رجلا وقع منه كوب يشرب فيه فقال: كيف لا يغرق أحد ولا شيء إلا كوبي، فأرسل الله - عز وجل - موجه قذفت إليه كوبه إلى الشاطئ.
وظهرت شجاعة المسلمين ضد الفيلة وسألوا عن القعقاع بن عمرو المثنى بن حارثه عاصم بن عمرو التميمي.
اليرموك 15هـ: القائد هو خالد بن الوليد 36 ألف جندي مسلم ضد 250 ألف. بالانتصار في اليرموك استقر الإسلام في الشام وفتحت مدنه جميعا ثم واصلوا إلى مصر والشمال الإفريقي.
سنة 187هـ: كانت الملكة إيرين تدفع الجزية وانقلب عليها نقفور وتولى المملكة فأرسل رسالة إلى هارون الرشيد.
من نقفور ملك الروم إلى هارون الرشيد ملك العرب.
أما بعد:
تعرف أن النساء ناقصات عقل والملكة إيرين رضيت أن تدفع لك الجزية بمجرد أن يصل خطابي رد كل من دفعته لك إيرين وإلا فالسيف بيني وبينك، فاشتاط هارون غضبا وقال: لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتكم:
اكتبوا إليه من هارون الرشيد أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم..
أما بعد:
الرد على خطابك يا بن الكافرة ما ترى لا ما تسمع والسلام على من اتبع الهدى.
وما كاد البريد يصل بخطاب هارون حتى كان هارون الرشيد بجيشه يقتحم دولتهم وانتصر عليهم ثم جلسوا للمفاوضات فقال هارون: كم كانت تدفع إيرين؟ فقال نقفور: 90 ألف قطعة ذهب، فقال هارون: تدفع أنت 90 ألف قطعة ذهب ويضاف عليها 90 ألف قطعة أخرى لجرأتك، فانصاع نقفور، هذا هو هارون الرشيد المظلوم لو سألنا أحد العوام: من هو هارون؟ لقال: ملك يجلس أمامه الفاكهة من كل نوع، وأمامه الراقصات، هذا والله افتراء عليه، كان هارون يحج عاما ويجاهد عاما في سبيل الله.
سنة 223هـ: ملك الروم أخذته العزة بالإثم فهاجم مدينة حدودية مسلمة ومثل بمن صار في يده من المسلمين، وسمل أعينهم، وقطع أذانهم وأنوفهم، وسبى من النساء أكثر من ألف امرأة، وصلت الأخبار إلى المعتصم وقال الذي نجا ووصل إلى قصر المعتصم لقد صاحت امرأة وامعتصماه، فقام المعتصم من على كرسيه وأنزل القدح الذي يشرب فيه من يده وصاح: لبيك أختاه، لبيك أختاه، لبيك أختاه، ونادى بالجهاد فورا. سأل ما هي أعظم مدينة عندهم قالوا: عمورية، قال: إذن نبدأ بها بعد أنقرة، فحاصر عمورية ستة أشهر كاملة، واستسلمت في رمضان 223هـ فقال أبو تمام قصيدته الشهيرة:
السيف أصدق أنباءا من الكتب *** في حده الحد بين الجد واللعب
يا يوم وقعة عمورية انصرفت *** منك المنى حفلا معسولة الحلب
قبل أن ينادى بالجهاد قال له أهل الفلك: لا تحارب الآن النجوم تقول إنك ستهزم، فقال: سحقا لابد من نصرة المسلمين، وصار المسلمون على وجه الأرض يعمل لهم ألف حساب.
سنة 583هـ ربيع الأخر: كان كل عمل وفكر صلاح الدين الأيوبي هو تحرير القدس، وأخذ يعد العدة حتى جاءت اللحظة فقرر حرب الصليبين، وسار بجيشه ولحقه جيش من المصريين بقيادة الملك العادل ليحارب معه، وانتصر بعون الله في موقعه حطين، وكانت هزيمة قاصمة للصليبين، وظل يمر من مدينة إلى أخرى حتى دخل القدس في شهر رجب 583هـ.
عين جالون سنة 658هـ: قال - تعالى -: (كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوى عزيز) (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنهم لهم المنصورون * وإن جندنا لهم الغالبون).
بعد أن دخل التتار بغداد واكتسحوها بخيانة نصير الدين الطوسي والوزير العلقمي وكلاهما شيعه كما حدث تماما مع أمريكا خانوا بلادهم ودخلوا مع الدبابات الأمريكية فعلوها قبل ذلك مع التتار يتحالفون مع الشيطان طالما إنه سيحارب السنة وأهل السنة. أذكر شعرا قاله الجواهري منذ ستين سنة تقريبا:
يا بن الفراتين لا تجزع لنازله *** أغلى من النازلات الحزن والكمد
إذا تخلصت من هم أطحت به *** نشبت هموم على أنقاضه جـدد
بعد احتلال العراق وإسقاط الخلافة أرسل هولاكو رسالة إلى ملك مصر:
من ملك الملوك شرقا وغربا القائد الأعظم باسمك اللهم باسط الأرض رافع السماء - يعلم الملك إنا نحن جند الله في أرضه خلقنا من سخطه وسلطنا على من حل به غضبه فلكم بجميع البلاد معتبر وعن عزمنا مزدجر فاتعظوا بغيركم، فنحن ما نرحم من بكى ولا نرق لمن شكر فعليكم بالهرب وابشروا بالمذلة والهوان.
فقتل قطز الرسل ووضعهم على باب زويله . واستشار الأمراء والجنود والعلماء قائلا الرأي عندي أن نتوجه جميعا إلى القتال فإذا ظفرنا فهو المراد وإلا فلن نكون مسلمين أمام الخلق وأخذ يحث الأمراء على بذل أرواحهم في سبيل إنقاذ الإسلام والمسلمين من هذا الخطر الداهم، وكان يبكى وهو يتحدث فضجوا بالبكاء وأعلنوا تصميمهم على الجهاد في سبيل الله، ووقف سلطان العلماء يحث الناس على الجهاد ويخطب فيهم مشجعا ومحفزا على الجهاد في سبيل الله، وقال لقطز: ابدأ القتال إن شاء الله ساعة صلاة الجمعة، ساعة يكون العلماء على المنابر يدعون للإسلام بالنصر، وبدأت المعركة 25 رمضان سنة 658هـ انكسرت ميسرة قطز، فأخذ كتيبه وتقدم ليقاتل معهم حتى استعادوا مراكزهم، ثم قام بالهجوم المضاد من القلب، وهو يصيح الصيحة الشهيرة وا إسلاماه.
كتيبه الوسط كانوا من المتطوعين أصحاب العقيدة السليمة ما خرجوا إلا طلبا للنصر أو الشهادة، وكان يصرخ قطز قائلا: يا الله انصر عبدك قطز، قتل فرسه فوقع على الأرض يقاتل ونزل له أحد الجنود عن فرسه وهزم التتار وطارد قطز التتار حتى دخل دمشق في أواخر رمضان لم يهزم جيش التتار في أي معركة قبلها. وحين اطمأن قطز لنصر الله نزل من على فرسه ومرغ وجهه في التراب تواضعا وشكرا لله - عز وجل -.
الخطبة الثانية
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها)) قيل: يا رسول الله فمن قلة يومئذ؟ قال: لا ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن)) قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: ((حب الدنيا، وكراهة الموت))[الحديث له طرق كثيرة].
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((المؤمنون كرجل واحد إن اشتكى رأسه تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر))صحيح.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((لتفتحن القسطنطينية ولنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش)) رواه[ البخاري في التاريخ الكبير] وله متابعة [رواة بن عبد البر والهيتمي في مجمع الزوائد].
وسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي المدينتين تفتح أولا؟ فقال: ((القسطنطينية تفتح أولا ثم روميه (روما))[السلسلة الصحيحة رقم 4 الألباني].
فتح القسطنطينية 857 هـ: وقف السلطان محمد الثاني يذكر جنوده الآيات والأحاديث المبشرة بفتح القسطنطينية، وقال: إذا تم فتح المدينة يتحقق فينا حديث من أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اجعلوا تعاليم شريعتنا الغراء نصب أعينكم، وإياكم والكنائس والمعابد لا تمسوها بأذى، ودعوا القسس والرهبان والضعفاء والعجزة الذين لا يقاتلون، وليبلغ من سمع منكم من لم يسمع وتلا العلماء آيات الجهاد وقالوا للجنود: لقد نزل سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - عند هجرته إلى المدينة المنورة في دار أبى أيوب الأنصاري أترون أين قبر أبو أيوب هناك في القسطنطينية - التهب حماس الجنود وسجدوا لله يدعونه النصر على الأعداء، وتعالت صيحاتهم مدوية تشق عنان السماء: الله الله، لا اله إلا الله محمد رسول الله.
اخترعوا مدفعا ضخما اسمه الهاون وجروا السفن بالزيت على اليابسة حتى وصلوا المضيق من نقطة لا يمكن أن يتخيلها أهل القسطنطينية، ولما وصل الجنود ركبوا السفن ووصلوا إليهم ففوجئوا بالجنود المسلمين أمامهم، ودارت المعركة وانتصر المسلمون فترجل محمد الفاتح واستقبل القبلة ومرغ وجهه في التراب تواضعا وشكرا لله - عز وجل -.
عندما دخل كنيسة أبا صوفيا وجد القساوسة والرهبان يصلون - فشعروا بالخوف من السلطان وجنوده لكنه طمأنهم وقال لهم: ارجعوا إلى بيوتكم لن يضركم أذى وأمر مؤذنا فأذن وصلى بالناس ركعتين شكرا لله - عز وجل - (الصحيح أنه يسجد للشكر) لأنه لا صلاة شكر، بل سجود شكر لله - عز وجل -.
تذكرون قريبا دخل الجنود الأمريكيون مسجدا في الفلوجة البطلة أرض الأبطال بأقدامهم الحقيرة، وكان في المسجد رجل يتأوه مصاب فأطلق الأمريكي عليه النار فقتله، وهذا فيلم مصور شاهده العالم كله.
الدعاء.