روح الصلاة ولبها - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          الفهم الخطأ للدعوة يحولها من دعوة علمية تربوية ربانية إلى دعوة انفعالية صدامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          معالجة الآثار السلبية لمشاهد الحروب والقتل لدى الأطفال التربية النفسية للأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13-11-2019, 03:21 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي روح الصلاة ولبها

روح الصلاة ولبها (1)

الشيخ مشاري بن عيسى المبلع





الحمد لله رب العالمين، جعل الخشوع في الصلاة سمةً من سمات المؤمنين، وطريقاً للوصول إلى مراتب المفلحين، أحمده تعالى وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله إمام المتقين، وأشرف الخاضعين والخاشعين، اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد بن عبدالله، وارض اللهم عن آله وأصحابه وأزواجه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:
اتقوا الله رب العالمين، وكونوا بدينكم مستمسكين، وعلى عموده محافظين، وفيه خاشعين خاضعين، تسلكوا سبيل المفلحين.

عباد الله: إنه نتيجة لارتماء كثير من الناس في أحضان الدنيا، والتنافس في جمع حطامها، وانشغال القلوب والهمم بها، ونسيان الدار الحقيقية، والغفلة عن العمل لها؛ تناسى بعض الناس خالقهم ورازقهم؛ فلم يبالوا بحقيقة صلاتهم، ولم يكترثوا بعظيم حقها فضيعوها، وصدق فيهم قول الحق- تبارك وتعالى-: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مريم: 59]. وصنف آخر من الناس يؤدي الصلاة، ولكن مع الوقوع في الخلل، والاستمرار في الزلل؛ يصلون ولكن لا تُرى آثار الصلاة عليهم، لا يتأدبون بآدابها، ولا يلتزمون بأركانها وواجباتها، صلاتهم صورية عادية؛ لإخلالهم بلبها وروحها وخشوعها، يصلون أشباحاً بلا أرواح، وقوالب بلا قلوب، وحركات بلا مشاعر وأحاسيس، فينفتل عن صلاته، ولم يعقل منها إلا قليلاً، بل لعل بعضهم لا يعقل منها شيئاً. ثم لا تسأل عن الأحوال، وسيء الأعمال بعد الصلاة: فحش في القول، وإساءة في الفعل، وإصرار على المعاصي.

وربما تساءل بعضهم: ألم يقل الله -عز وجل-: ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [العنكبوت: 45]؛ فلم تنههم عن الفحشاء والمنكر، فنحن نؤدي الصلاة، ولكن لا أثر لها في حياتنا، ولا ثمرة لها في واقعنا، وتغيير أحوالنا، وتحسن مناهجنا وتصوراتنا، وصلاح سائر جوانب حياتنا؟!!. وهنا أقول: إن السبب في ذلك كله: هو إخلالنا بروح الصلاة ولبها، الخشوع فيها، فما مكانة الخشوع في الصلاة؟ وما معناه؟ وما الأسباب الجالبة له، والآثار المترتبة عليه؟ هذا ما سنتطرق إلى بعضه -بحول الله- بعد أن تفاقم الأمر، وعم التقصير في ذلك، حتى أصبح ظاهرة خطيرة تستحق الاهتمام والمعالجة على ضوء الكتاب والسنة.

إخوة التوحيد: لقد مدح الله المؤمنين وأثنى عليهم، ووصفهم بالخشوع له في أجل عباداتهم، ورتب على ذلك الفوز والفلاح؛ فقال جل وعلا: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 1، 2]؛ قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: "أي قد فازوا وسعدوا وحصلوا على الفلاح". "وأصل الخشوع: هو لين القلب ورقته، وسكونه وخضوعه، وانكساره وحرقتُه؛ فإذا خشع القلبُ، تبعه خشوع جميع الجوارح؛ لأنها تابعة له"، وقد رأى بعض السلف رجلاً يعبث بيده في الصلاة، فقال: "لو خشع قلب هذا، لخشعت جوارحه"، روي ذلك عن حذيفة –رضي الله عنه- وسعيد بن المسيب -رحمه الله-. وعن ابن عباس-رضي الله عنه- في قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 2]، قال: "خائفون ساكنون".

هذا هو قول سلف الأمة -رحمهم الله- الذين كانت قلوبهم تستشعر رهبة الوقوف في الصلاة بين يدي الله، فتسكن وتخشع؛ فيسري الخشوع منها إلى الجوارح والملامح والحركات، ويغشى أرواحهم جلال الله وعظمته، وهم يقفون بين يديه، فتختفي من أذهانهم جميع الشواغل عندما يشتغلون بمناجاة الجبار جل جلاله، ويتوارى عن حسهم في تلك الحالة كل ما حولهم، فيتطهرُ وجدانهم من كل دنس، وينفضون عنهم كل شائبة؛ وحينئذ تكون الصلاة راحة قلبية، وطمأنينة نفسية، وقرة عين حقيقية؛ كما قال النبي-صلى الله عليه وسلم- في الحديث عن أنس-رضي الله عنه-: (وجعلت قرة عيني في الصلاة).

وفي المسند أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (قم يا بلال فأرحنا بالصلاة). هذا عبد الله بن مسلم بن يسار يحدث عن أبيه: أن أباه كان إذا صلى كأنه وتد، لا يميل لا هكذا ولا هكذا. وكان البخاري يرحمه الله يصلي ذات ليلة فلسعه الزنبور سبع عشرة مرة، فلما قضى الصلاة قال انظروا ايش آذاني؟! وقيل لعامر بن عبد قيس: أتحدث نفسك بالصلاة؟ قال أحدثها بالوقوف بين يدي الله ومنصرفي. الله أكبر! إنها الراحة الدائمة للنفوس المطمئنة؛ لكي تشعر من خلال أدائها أنها تناجي من بيده ملكوت كل شيء، وأن المصلي حينما يكبر ويرفع يديه إنما يعظم الله، وإذا وضع اليمنى على اليسرى فهو ذل بين يدي مولاه، وقد سئل الإمام أحمد-رحمه الله- عن المراد بذلك؟ فقال: "هو ذل بين يدي عزيز"، وإذا ركع فهو: إقرار بعظمة الله، وإذا سجد فهو: تواضع أمام علو الله تبارك وتعالى. وهكذا يكون المسلم في صلاته يوثق الصلاة بالله، ليفوز بوعد الله الذي لا يخلف الميعاد؛ أخرج الإمام مسلم وغيره عن عثمان -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة، فيحسن وضوؤها، وخشوعها، وركوعها، إلا كانت كفار لما قبلها من الذنوب، ما لم تؤت كبيرة؛ وذلك الدهر كله).



أيها المصلون: إن المصلي حقاً هو الذي يقيم الصلاة كاملة الفرائض والأركان، مستوفية الشروط والواجبات والآداب؛ يستغرق فيها القلب، ويتفاعل من خلاله الوجدان، ويحافظ عليها محافظة تامة قدر الطاقة، يبعثه على ذلك قلب يقظ، وشعور صادق، وضمير حيٌّ، فيتصرف بكليته إلى الصلاة؛ لأن الخشوع فيها إنما يحصل لمن فرغ قلبه لها، واشتغل بها عما عداها، وآثرها على غيرها. ومنزلة الخشوع من الصلاة كمنزلة الرأس من الجسد؛ فالذي يجعل الصلاة مرتعاً للتفكير في أمور دنياه، وحلاً للهواجس في مشاغله، يخشى أن ترد عليه صلاته، فقد ورد: أن أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته، فلا يتم ركوعها، ولا سجودها ولا خشوعه، كما ورد أن صلاة من هذه حاله: "تلف كما يلف الثوب الخَلَقُ؛ فيضرب لها وجه صاحبها" عياذا بالله. روى الترمذي وغيره أن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: "أول علم يرفع من الناس: الخشوع؛ يوشك أن تدخل مسجد الجماعة، فلا ترى فيه رجلاً خاشعاً"؛ فالله المستعان!.

إخوة العقيدة: ما هي حالنا اليوم مع هذه الفريضة العظيمة؟! أجساد تهوي إلى الأرض، وقلوب غافلة، إلا من رحم الله! فهل من عودة صادقة -أيها المسلمون- على خُطا المصطفى -صلى الله عليه وسلم- في هذه الفريضة العظيمة وغيرها من فرائض الإسلام؟! نرجو ذلك وما هو على الله بعزيز!. ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [الحديد: 16]. أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

فاتقوا الله عباد الله وعظموا شعائر دينكم، واستحضروا فيها عظمة بارئكم جل وعلا، وفرغوا قلوبكم من الشواغل الدنيوية، وأقيموا صلاتكم بقلوب حاضرة خاشعة. وصلوا وسلموا -رحمكم الله- على الناصح الأمين، سيد الأولين والآخرين.
بلغ العلى بكماله
كشف الدجى بجماله

عظمت جميع خصاله
صلوا عليه وآله


كما أمر الله رب العالمين: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13-11-2019, 03:21 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: روح الصلاة ولبها

روح الصلاة ولبها (2)

الشيخ مشاري بن عيسى المبلع


الحمد لله الذي بنعمته اهتدى المهتدون، وبعدله ضل الضالون، أحمده حمد عبد نزه ربه عما يقول الظالمون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. سبحان رب السماوات والأرض رب العرش عما يصفون، لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله الصادق المأمون، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه الذين هم بهديه متمسكون. وبعد: فقد تحدثت في الخطبة السابقة عن معنى الخشوغ في الصلاة معناه وفضلِه، وذكرت طرفا من أخبار من سلف في خشوعهم. وسنقف - بإذن الله - في قادم الخطب مع سبب واحد في خطبة مستقلة؛ ليسهل البيان، ويستقر في الأذهان. - مستعينا بالله - لنحاول اللحاق بأولئك الركب ï´؟ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ï´¾ [الأنعام: 90].

أخي السعيد: لا بد للعاقل أن يجعل همه في أمرين، أولاهما: جلب أسباب الخشوع، وثانيهما: دفع الموانع والشواغل التي تصرف عن الخشوع. فمن أسباب الخشوع وهو أهمها: أن يستحضر المسلم عظمة الله في قلبه وأن يعرف من يناجي قال الحسن البصري - يرحمه الله -: "للمصلي ثلاث خصال: يتناثر البر من عنان السماء إلى مفرق رأسه و تحف به الملائكة من لدن قدميه إلى عنان السماء و يناديه مناد: لو يعلم المصلي من يناجي ما انفتل"، والخشوع ليس بطأطأة الرأس لكنه نور يقذف في القلب وإيمان يستقر في الوجدان، فعن أبى الدرداء - رضي الله عنه - قال: استعيذوا بالله من خشوع النفاق قيل وما خشوع النفاق قال أن يرى الجسد خاشعا والقلب ليس بخاشع.

روي أن أحدهم مر برجل يبيع التفاح فلما ذهب يصلي انشغل به فلما سلم من صلاته جلس يبكي فسألوه عن سبب بكائه فقال تذكرت التفاح ونسيت الفتاح - سبحانه وتعالى -. قال الإمام ابن باز - يرحمه الله -: والخشوع له أسباب، وعدمه له أسباب فللخشوع أسباب وهي: الخضوع بين يدي الله، وأن تذكر أنك واقف بين يديه سبحانه وتعالى، وقد ورد في الحديث الصحيح: ((إذا كبر أحدكم فلا يمسح الحصى فإن الرحمة تواجهه))، وفي لفظ آخر: ((إذا قام أحدكم في الصلاة فإنه يناجي ربه))، فالإنسان إذا دخل في الصلاة فإنه يناجي ربه فيتذكر هذا المقام العظيم، وأنه بين يدي الله، فليخشع لله، وليقبل على صلاته، وليتذكر عظمة الله عز وجل، وأنه بين يدي أعظم عظيم سبحانه وتعالى. ا. هـ. ثم ليعلم المصلي أن يعلم أن الله يُجيبه في صلاته: قال - صلى الله عليه وسلم -: قال الله عزوجل قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فإذا قال: الحمد لله ربالعالمين قال الله: حمدني عبدي فإذا قال: الرحمن الرحيم، قال الله: أثنى عليّ عبدي،فإذا قال: مالك يوم الدين، قال الله: مجّدني عبدي، فإذا قال: إياك نعبد وإياكنستعين، قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم،صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، قال الله: هذا لعبدي ولعبديما سأل. أخي المصلي! اسمع - وفقت - إلى حاتم الأصم - يرحمه الله - يجيب السائل حين سأله عن حاله حين قيامه للصلاة، ثم طبقه على نفسك، قال - يرحمه الله - واصفا ذلك الموقف: إذا دخلت الصلاة جعلت الكعبة أمامي، والموت ورائي، والصراط تحت قدمي، والجنة عن يميني، والنار عن شمالي، والله مطلع علي، ثم أتم ركوعها وسجودها، فإذا سلمت لا أدري أقبلها الله أم ردها علي.

لسان حال حاتم - يرحمه الله -:
غَلَبَ الشوقُ رَهْبَتي، وصِرَاعٌ
في فُؤادِي يَغيبُ ثُمَّ يَعُودُ

كُلَّما لَجَّ في فُؤادِيَ شَوْقٌ
دَفَعَ الشَّوْقُ رَهْبَتي فَتَزيدُ

وإذا بالخُشُوعِ يَرْفَعُ أَشْوَا
قي فَتَصْفُو وتَرْتَقي فَتَجُودُ


هذا حفيد فاطمة الزهراء - بنت حبيب الله - صلى الله على أبيها ورضي عنها - هو علي بن الحسين - رضي الله عنه وعن أبيه - كان إذا فرغ من وضوئه للصلاة، وصار بين وضوئه وصلاته أخذته رعدة ونفضة، فقيل له في ذلك، فقال: ويحكم أتدرون إلى من أقوم، ومن أريد أن أناجي؟! وروي عن ابن الزبير - رضي الله عنهما - أنه كان إذا قام في الصلاة فكأنه عود من الخشوع، وكان يسجد فتنزل العصافير على ظهره لا تحسبه إلا جذعاً أو حائطاً أو وجه حجر أو رحل، وكان إذا دخل بيته سكت أهل البيت، فإذا قام إلى الصلاة تحدثوا وضحكوا. أيها المؤمن! اعلم أن من أحب المخدوم أحب الخدمة له، لو عرف العبد من يناجى، لم يقبل على غيره، والصلاة صلة بين العبد وبين ربه الستر الأول: الأذان، كالإذن في الدخول وستر التقريب الإقامة: فإذا كشف ذلك الغطاء لاح للمتقي قُرة العين، فدخل في دائرة دار المناجاة (أَرحنا بها يا بلال)، فقد (جعلت قرة عيني في الصلاة). لو سافرت بلداً لم تربح فيه حزنت على فوات ربحك وضياع وقتك، أفلا يبكي من دخل في الصلاة على قرة العين ثم خرج بغير فائدة.
يا مَن له تعنو الوجوهُ وتخشعُ
ولأمرهِ كل الخلائق تخضعُ

أعنو إليك بجبهة لم أحنِها يوما
لغير سؤالك ساجدا أتضرع

أنا من علمتَ المذنب العاصي الذي
عظُمت خطاياه فجاءك يهرع

كم من ساعة فرطت فيها مسرفا
وأضعتها في زائل لا ينفع

إن لم أقف بالباب راجي رحمة
فلأي باب غير بابك أقرع

هذا أوان العفو فاعف تفضلا
يا من له تعنو الوجوه وتخشع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13-11-2019, 03:21 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: روح الصلاة ولبها

روح الصلاة ولبها (3)

الشيخ مشاري بن عيسى المبلع


الحمد لله الذي أظهر لعباده من آياته دليلاً، وهدى من شاء من خلقه، فاتخذ ذلك عِبرة، وابتغى إلى نجاته سبيلاً، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، المتفرد بالخلق والتدبير جملة وتفصيلاً، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أبلغ الخلق بيانًا، وأصدقهم قيلاً، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان وسلَّم تسليمًا.

أما بعد:
فإتباعًا لما بدأنا الحديث عنه من أسباب الخشوع في الصلاة؛ إذ ذكرنا أن أعظم أسباب الخشوع في الصلاة هو تذكر عظمة من يقف المصلي بين يديه، وفي هذه الخطبة نتكلم عن السبب التالي الجالب للخشوع، وهو الاستعداد المبكر للصلاة، والتهيُّؤ لها قبل الأذان، وأداؤها مع المسلمين جماعة في المسجد؛ لأن جو المسجد الروحاني وما فيه من الهدوء والسكينة، لا يمكن أن يتوافر غالبًا في البيوت؛ لكثرة ما فيها من المُلهيات والمشغلات، وإن كان ينبغي للمسلم أن يهيئ بيته أو جزءًا منه للصلاة؛ لأن أغلب النوافل ينبغي أن تكون في البيوت.

أخي المسلم، يَحسُن بك التبكير إلى الصلاة؛ وذلك ليتهيأ قلبك للوقوف أمام الله - عز وجل - يَحسُن بك أن تأتي إلى الصلاة مبكرًا، وتقرأ ما تيسَّر من القرآن بتدبُّر وخشوعٍ؛ لأن ذلك أدعى للخشوع، يقول - عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه، لاستَهموا، ولو يعلمون ما في التهجير، لاستبقوا إليه...) الحديث.

فرق بين شخص جاء إلى الصلاة من مجلس كله لَغو وحديث في الدنيا، وبين شخص قام إلى الصلاة وقد هيأ قلبه للوقوف أمام الله؛ لما قرأه من كلام الله - عز وجل - فلا شك أن حال الثاني مع الله أفضل من الأول بكثير.

إن الاستعداد للصلاة والتهيؤ لها يحصل ذلك بأمور؛ منها: الترديد مع المؤذن، والإتيان بالدعاء المشروع بعده، والدعاء بين الأذان والإقامة، وإحسان الوضوء والتسمية قبله، والذكر والدعاء بعده، والاعتناء بالسواك وأخذ الزينة باللباس الحسَن النظيف، والتبكير والمشي إلى المسجد بسكينة ووقارٍ، وانتظار الصلاة، وكذلك تسوية الصفوف والتراص فيها.

عبد الله، احرص على تكبيرة الإحرام؛ ففي الحديث الذي صححه الألباني - يرحمه الله - قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (من أدرك تكبيرة الإحرام مع الإمام أربعين يومًا، كُتِبت له براءتان: براءة من النفاق، وبراءة من النار.

سُئل العلامة الشيخ عبدالله بن جبرين: متى يُدرك المصلي تكبيرة الإحرام؟ فأجاب: يرى بعض العلماء أن من أدرك الإمام في الركعة الأولى قبل ركوعه، فقد أدرك التحريمة، وحصل على فضلها، ويرى بعضهم أنه لا يدركها إلا إذا أدركها بعد تكبيرة الإمام مباشرة، ولعل الأقرب أن من كبَّر قبل أن يَشرَع الإمام في القراءة، يكون مُدرِكًا لها، فإن أتى بعد شروع الإمام في القراءة جهرية، أو سرية، فقد فاتته التحريمة.

عبد الله، هذا سعيد بن المسيب - يرحمه الله - يقول: ما فاتتني الصلاة في جماعة منذ أربعين سنة، وما أذَّن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأنا في المسجد، وكان محمد بن سماعة التميمي - يرحمه الله - يقول: مكثت أربعين سنة لم تَفتني التكبيرة الأولى إلا يوم ماتت أمي، فصلَّيت خمسًا وعشرين صلاة أُريد التضعيف، بل اشتَهر أمر رجل جاوز التسعين من عمره من أهل القصيم في زمننا، لا يزال حيًّا، أطال الله في عمره على طاعته، لم يزل مؤذنًا منذ أكثر من ثلاثة عقود، لم يعرف عنه أن فاتتْه تكبيرة الإحرام لسنين طويلة، ولما سأل ابنه قال: لم تقع عيني على والدي ولا مرة واحدة وهو يقضي شيئًا من صلاة فاتته، وأنا قد جاوزت الأربعين عامًا، إذًا: فلا تَحقِر نفسك عن مشابهة أولئك الأخيار.
فتشبَّهوا إن لم تكونوا مثلهم
إن التشبُّه بالكرام فلاحُ


أخي السعيد، استصحِب معك أثناء قيامك للصلاة الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم وغيره عن عثمان - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ما من امرئ مسلم تحضُره صلاة مكتوبة، فيُحسن وضوءَها، وخشوعها، وركوعها، إلا كانت كفار لما قبلها من الذنوب، ما لم تُؤتَ كبيرة، وذلك الدهر كله).

فإنك إن استصحَبتَ هذا الحديث وأمثاله، وسبَّقت ذلك بالاستعاذة من توهين الشيطان الرجيم، والاستقواء بعون القوي العظيم - علَت هِمَّتك، وقوِيَت عزيمتك، وسمَت نظرتك، وتهيَّأت جوارحك، وتحرَّكت مفاصلك، جعلني الله وإياك من أهل الصف الأول، إنه هو المستعان وعليه المعول.

الخطبة الثانية

ليَحسُن بنا أن ندعو بما دعا به إبراهيم الخليل، وهو منطرح بين يدي ربه الجليل: رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذُريتي.

ثم لنصلي ونسلِّم - رحمكم الله - على خير مَن أقام الصلاة، صاحب المقام المحمود والحوض المورود، واللواء المعقود، كما أمركم بذلك الرب المعبود، فقال تعالى قولاً كريمًا: ï´؟ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ï´¾ [الأحزاب: 56].
يا ربِّ صلِّ على النبي وآلهِ
ما كوكبٌ في الجو قابَلَ كوكبَا

يا ربِّ صلِّ على الذي أدنيتَه
منْ قابَ قوسينِ الجَنابَ الأقْربَا

باللهِ يا مُتلذِّذينَ بذِكرهِ
صلُّوا عليهِ فما أحقَّ وأوْجَبا

صلُّوا على المختارِ فهْوَ شفيعكمْ
في يومِ يُبْعثُ كلُّ طفلٍ أشْيَبَا

صلَّى وسلمَ ذو الجلالِ عليكَ ما
أزكاكَ في الرُّسلِ الكِرامِ وأطْيَبَا


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 13-11-2019, 03:22 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: روح الصلاة ولبها

روح الصلاة ولبها (4)

الشيخ مشاري بن عيسى المبلع




الحمد لله القاهر فوق عباده بلا مدافع، والحاكم في خلقه بلا ممانع، أحمده حمد من برزقه قانع، ولأوامره طائع، ولحكمه خاضع، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا منازع، من يسجد لله فهو له رافع، ومن يستنكف عن عبادته فهو لقدره خاضع. وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله خير ساجد وراكع، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وعلى من هو للحق إلى أن يأتيه اليقين تابع.

وبعد:
فإكمالاً للأسباب الجالبة للخشوع في الصلاة أقول: إن من أسباب الخشوع في الصلاة أن يتدبر المسلم في أذكار الصلاة فيعرف ماذا يقرأ ويستشعر أنه يخاطب ربه وأن الله يخاطبه، قال أبو هريرة رضي الله عنه: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلاَةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ..) الحديث.

يقول سبحانه وتعالى: ï´؟ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ ï´¾ [الحديد: 16]. يقول ابن مسعود رضي الله عنه: لم يكن بين إسلامنا وبين نزول هذه الآية إلا أربع سنوات، فعاتبنا الله تعالى فبكينا لقلة خشوعنا لمعاتبة الله لنا، فكنا نخرج ونعاتب بعضنا بعضا نقول: ألم تسمع قول الله تعالى: ï´؟ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ ï´¾، فيسقط الرجل منا يبكي على عتاب الله لنا؛ فهل شعرت أنت يا أخي أن الله تعالى يعاتبك بهذه الآية؟ ثم تأمل وتدبر دعائك، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ إِذَا أَمَّنَ الإِمَامُ فَأَمِّنُوا، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلاَئِكَةِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ). وعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: الْحَمْدُ ِللهِ حَمْدًا كَثِيرًا، طَيِّبًا، مُبَارَكًا فِيهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: مَنْ صَاحِبُ الْكَلِمَةِ؟ فَسَكَتَ، وَرَأَى أَنَّهُ هَجَمَ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى شَيْءٍ كَرِهَهُ، فَقَالَ: مَنْ هُوَ؟ فَلَمْ يَقُلْ إِلاَّ صَوَابًا، فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا، أَرْجُو بِهَا الْخَيْرَ، فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، رَأَيْتُ ثَلاَثَةَ عَشَرَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَ أَيُّهُمْ يَرْفَعُهَا إِلَى اللهِ، عَزَّ وَجَلَّ. قال ابن جرير رحمه الله: إني لأعجب ممن قرأ القرآن ولم يعلم تأويله كيف يلتذ بقراءته. جاء أنه - صلى الله عليه وسلم - (قام ليلة بآية يرددها حتى أصبح وهي: ï´؟ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ï´¾ [المائدة: 118].

قال سفيان الثوري: (يكتب للرجل من صلاته ما عقل منها). ذكر عن محمد بن المنكدر أنه بينما هو ذات ليلة قائم يصلي إذا استبكى وكثر بكاؤه حتى فزع أهله وسألوه ما الذي أبكاه، فاستعجم عليهم وتمادى في البكاء فأرسلوا إلى أبي حازم فأخبروه بأمره فجاء أبو حازم إليه، فإذا هو يبكي، قال: يا أخي ما الذي أبكاك قد روعت أهلك من عله، أم ما بك؟ قال: إنه مرت بي آية في كتاب الله - عز وجل -! قال: وما هي قال قول الله تعالى: ï´؟ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ï´¾ فبكى أبو حازم أيضًا معه واشتد بكاؤهما، فقال بعض أهله لأبي حزم: جئنا بك لتفرج عن فردته، فأخبرهم ما الذي أبكاهما. كما أن من أسباب الخشوع أيضا: أن يتهيأ المسلم نفسياً وبدنياً للصلاة، وأن يفرغ نفسه تماماً لها، تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله يحدثنا ونحدثه ويكلمنا ونكلمه، فإذا حضرت الصلاة كأنه لا يعرفنا ولا نعرفه. لذا فقد كره الإسلام في حضرة الطعام والإنسان جائع، وعند مدافعة الأخبثين (البول والغائط) عَن إِيَاسِ بن سَلَمَةَ بن الأَكْوَعِ، عَن أبيه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:إذا حضرت الصلاة والعشاء، فابدؤوا بالعشاء. وعَنْ عَائِشَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: لاَ يُصَلِّي أَحَدُكُمْ وَهُوَ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ، وَلا وَهُوَ يُدَافِعُ الأَخْبَثَيْنِ. ومن تهيئة المسلم لنفسه للصلاة أن يتوضأ ويسبغ الوضوء وذلك يتطلب وقتا كافياً قبل الصلاة، وهو جهاد من أعظم الجهاد، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِمَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عِنْدَ الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ).

وكذا الحرص على السواك وتنظيف الفم عند الصلاة، فعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي، لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاَةٍ. والحرص على الذهاب مبكرا إلى المسجد، لأن في ذلك أجر وثواب عظيم، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَمَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَرَاحَ، أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ نُزُلاً كُلَّمَا غَدَا وَرَاحَ). وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ مَشَى إِلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللهِ، كَانَتْ خَطْوَتَاهُ، إِحْدَاهُمَا تَحُطُّ خَطِيئَةً، وَالأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً. وكذلك تهيئة المكان من كل ما من شأنه أن يشغل المرء ويلهيه عن الصلاة، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ = صلى الله عليه وسلم - فِي خَمِيصَةٍ ذَاتِ عَلَمٍ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ اذْهَبُوا بِهَذِهِ الْخَمِيصَةِ إِلَى أَبِي جَهْمٍ وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّتِهِ فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفًا عَنْ صَلَاتِي. لذا كان ابن عمر رضي الله عنهما لا يدع في موضع الصلاة مصحفا ولا سيفا إلا نزعه ولا كتابا إلا محاه. وصلى رجل في حائط له والنخل مطوقة بثمرها فنظر إليها فأعجبته ولم يدر كم صلى فذكر ذلك لعثمان رضي الله عنه وقال هو صدقة فاجعله في سبيل الله عز وجل. جعلت وإياك ممن يقول الحق ويتبعه العمل، إن ربي رحيم ودود.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13-11-2019, 03:22 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: روح الصلاة ولبها

روح الصلاة ولبها (5)

الشيخ مشاري بن عيسى المبلع



الحمد لله الذي جعل الصلاة عماد الدين وجعلها كتابا موقوتا على المؤمنين وألزم بها المسلمين وحثهم عليها في محكم الذكر المبين قال تعالى: ï´؟ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ï´¾ [البقرة: 238].

أحمده تعالى وهو الكريم المتفضل البر الجواد، وأشكره عز وجل على إنعامه الذي ماله من نفاد، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله أخبرنا أن رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد.

اللهم صل وسلم على محمد المرشد الأمين، الموصوف بالرحمة واللين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الأنصار والمهاجرين، ومن جاء بعدهم من المؤمنين إلى يوم الدين.

أما بعد:
فهذه الخطبة الأخيرة في الحديث عن أسباب الخشوع في الصلاة وقد مررنا على أهم الأسباب الجالبة للخشوع مع الاختصار قدر الإمكان، ثم إني أعرج في هذه الخطبة على ما ينبغي التنبه له من الأمور التي تدفع الخشوع قبل أن يوجد وأثناء وجوده، بيد أني أعرج على أمر خطير جد خطير قبل الولوج في موضوعنا، أمر يخشى ذو العقل السديد، والأمر الرشيد، أن يصيبنا الله بعذاب من عنده بسبب هذا الذي أذكره؛ هو سبب لغضب رب الأرض والسماوات، وانتزاع البركات، وذهاب الحسنات، وتعاظم السيئات، هو سيما أهل النفاق، وعنوان أصحاب الشقاق، إنه التخلف عن الصلوات المكتوبات سيما الفجر، وما فتوى الإمام ابن باز عنا ببعيد؛ إذ حكم بكفر تارك الصلاة تكاسلا عنها وإليك العقوبات التي وردت في الأحاديث الصحاح لمن تخلف عن الفجر وهي: أن الشيطان يبول في أذنه، ويصبح خبيثا كسلانا، ويكب على وجهه في النار، ويكسر رأسه بحجر في قبره، وآخرها كما ذكره ابن القيم أنه يمنع رزقه. فليتق الله العبد المسلم.

أيها المؤمن! إن الأسباب التي تمنع الخشوع في الصلاة واجب عليك دفعها حتى يتم خشوعك مع الاستعانة بربك عديدة، منها: الإنشغال بما يكون أمام ناظريك فادفعه الصلاة إلى سترة والدنو منها: فإن ذلك أقصر لنظر المصلي وأحفظ له من الشيطان وأبعد له عن مرور الناس بين يديه والسنة في الدنو من السترة أن يكون بينه وبين الستره ثلاث أذرع وبينها وبين موضع سجوده ممر شاة كما ورد في الأحاديث الصحيحة. ومنها زالة ما يشغل المصلي من المكان: عن أنس رضي الله عنه قال: كان قرام لعائشة وهو ستر رقيق فيه نقوش وألوان سترت به جانب بيتهافقال لها النبي أميطي عنا قرامك هذا فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في الصلاة. ومنها أن لا يصلي في ثوب فيه نقوش أو كتابات أو ألوان أو تصاوير تشغل المصلي: فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قام النبي يصلي في خميصة ذات أعلام وهو كساء مخطط ومربع فنظر إلى علمها فلما قضى صلاتهقال: "اذهبوا بهذه الخميصة إلى أبي جهم بن حذيفة، وأتوني بانبجانية وهو كساء ليس فيه تخطيط ولا تطريز ولا أعلام فإنها ألهتني آنفاً في صلاتي".

ومنها: أن لا يصلي و بحضرته طعم يشتهيه: قال عليه الصلاة والسلام: "لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان. ومنها: أن لا يصلي وهو حاقن أو حاقب: قال: إذا أراد أحدكم أن يذهب الخلاء وقامت الصلاة فليبدأ بالخلاء.

ومنها:
أن لا يصلي وقد غلبه النعاس: قال: إذا نعس أحدكم في الصلاة فلينم حتى يعلم ما يقول.

عدم الإنشغال بتسوية الحصى: عن معيقيب رضي الله عنه أن النبي قال في الرجل يسوي التراب حيث يسجد، قال: إن كنت فاعلاً فواحدة.

عدم التشويش بالقراءة على الآخرين، قال ألا إن كلكم مناج ربه، فلا يؤذين بعضكم على بعض في القراءة أو قال في الصلاة. ترك الإلتفات في الصلاة: قال: لا يزال الله عز وجل مقبلاً على العبد وهو في صلاته ما لم يلتفت فإذا إلتفت انصرف عنه»، وقد سئل الرسول عن الإلتفات فقال: "اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد.

عدم رفع البصر إلى السماء: قال لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم. أن لا يبصق أمامه في الصلاة: فهو مما ينافي الخشوع في الصلاة والآداب مع الله تعالى،لقول النبي الكريم: إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصق قِبَلَ وجهه فإن الله قِبَلَ وجهه إذا صلى. مجاهدة التثاؤب في الصلاة: قال: إذا تثاءب أحدكم في الصلاة فليكظم ما استطاع فإن الشيطان يدخل. عدم الاختصار في الصلاة: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "نهي رسول الله عن الإختصار في الصلاة" وهو وضع اليد على الخصر. ترك السدل في الصلاة: لما ورد أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن السدل في الصلاة وأن يغطي الرجل فاه، والسدل إرسال الثوب حتى يصيب الأرض. ترك التشبه بالبهائم: فقد نهي الرسول في الصلاة عن ثلاث: نقر الغراب، افتراش السبع، وأن يوطن الرجل المقام الواحد كإبطان البعير. بارك الله لي ولكم ..

لنقف على قول عظيم، لرجل عظيم، هو الفاروق عمر بن الخطاب إذ يقول على المنبر: (إن الرجل ليشيب عارضاه في الإسلام وما أكمل لله تعالى صلاة ). قيل: وكيف ذلك؟ قال: (لايتم خشوعها وتواضعها وإقباله على الله عز وجل ). هذا قول عمربن الخطابفي صدر الإسلام فماذا عن واقعنا نحن اليوم! والكثير إلا من رحم الله تذهب به أموال الدنيا وأسواقها يبيع ويشتر ويزيد وينقص وهو في الصلاة وما ذلك إلامن غفلتنا.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 108.91 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 105.17 كيلو بايت... تم توفير 3.74 كيلو بايت...بمعدل (3.44%)]