النشر لما بعد الحج والعشر - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         فبهداهم اقتده الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11 - عددالزوار : 28 )           »          يسن لمن شتم قوله: إني صائم وتأخير سحور وتعجيل فطر على رطب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 16 )           »          رمضان مدرسة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          أمور قد تخفى على بعض الناس في الصيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          دروس رمضانية السيد مراد سلامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 15 - عددالزوار : 340 )           »          جدول لآحلى الأكلات والوصفات على سفرتك يوميا فى رمضان . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 17 - عددالزوار : 725 )           »          منيو إفطار 18رمضان.. طريقة عمل كبسة اللحم وسلطة الدقوس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          5 ألوان لخزائن المطبخ عفا عليها الزمان.. بلاش منها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          5 طرق لتنظيف الأرضيات الرخامية بشكل صحيح.. عشان تلمع من تانى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          دروس رمضانية محمد بن سند الزهراني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14 - عددالزوار : 349 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 01-12-2020, 07:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,528
الدولة : Egypt
افتراضي النشر لما بعد الحج والعشر

النشر لما بعد الحج والعشر
الشيخ عبدالله بن محمد البصري


أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، المُؤمِنُ في هَذِهِ الدُّنيَا مَخلُوقٌ لِعِبَادَةِ رَبِّهِ - جَلَّ وَعَلا -، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56] وَمُرُورُ الأَوقَاتِ الفَاضِلَةِ عَلَى العَبدِ، وَتَوَالي مَوَاسِمِ الخَيرِ السَّنَوِيَّةِ عَلَيهِ، كَرَمَضَانَ وَعَشرِ ذِي الحِجَّةِ، إِنَّمَا هِيَ فُرَصٌ لِلتَّزَوُّدِ مِن صَالِحِ الأَعمَالِ وَالاستِكثَارِ مِن مُضَاعَفِ الحَسَنَاتِ، وَإِلاَّ فَإِنَّ بَينَ يَدَيِ العَبدِ في يَومِهِ وَلَيلَتِهِ مَا دَامَ حَيًّا فُرَصًا عَظِيمَةً وَأَوقَاتًا شَرِيفَةً، جَعَلَ اللهُ لَهُ فِيهَا عِبَادَاتٍ كَرِيمَةً وَأَعمَالاً مُبَارَكَةً، بَعضُهَا وَاجِبٌ مُتَعَيِّنٌ وَفَرضٌ مُحَتَّمٌ، وَبَعضُهَا مَسنُونٌ وَمُستَحَبٌّ مَندُوبٌ إِلَيهِ، وَهُوَ بَينَ أَن يَستَثمِرَهَا وَيَملأَ كُلَّ وَقتٍ مِنهَا بِما يُنَاسِبُهُ، فَيَربَحَ بِذَلِكَ وَيَفُوزَ فَوزًا عَظِيمًا، أَو أَن يُفَرِّطَ فِيهَا وَيَتَهَاوَنَ وَيَشتَغِلَ بِشَهَوَاتِهِ وَيَسِيرَ خَلفَ مَرغُوبَاتِ نَفسِهِ، فَيَهلِكَ بِذَلِكَ أَو يَخسَرَ خُسرَانًا مُبِينًا. وَمِن ثَمَّ فَإِنَّهُ لَيسَ مِنَ العَقلِ وَابتِغَاءِ الخَيرِ لِلنَّفسِ أَن يَقصُرَ المُسلِمُ اجتِهَادَهُ عَلَى وَقتٍ مِنَ السَّنَةِ، أَو يَجتَهِدَ في مَوسِمٍ بِعَينِهِ، أَو يَغتَرَّ بِأَدَائِهِ عِبَادَةً شَرِيفَةً كَالصَّومِ أَوِ الحَجِّ أَو ذَبحِ الأَضَاحِي، ثم يُطلِقَ لِنَفسِهِ بَعدَ ذَلِكَ العِنَانَ لِتَرتَعَ في دُنيَاهَا كَالبَهِيمَةِ.

أَجَل - أَيُّهَا الإِخوَةُ - إِنَّ ثَمَّةَ أُمُورًا يَجِبُ أَن يَضَعَهَا المُؤمِنُ أَمَامَ عَينَيهِ وَهُوَ يَسِيرُ في طَرِيقِهِ إِلى رَبِّهِ، أَوَّلُهَا أَنَّهُ عَبدٌ للهِ في جَمِيعِ الأَوقَاتِ وَالأَمَاكِنِ وَالأَحوَالِ، يَجِبُ عَلَيهِ أَن يَستَمِرَّ في عِبَادَةِ رَبِّهِ وَيُدَاوِمَ عَلَى طَاعَتِهِ، وَلا يَقطَعَ صِلَتَهُ بِهِ مَا دَامَ حَيًّا، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ﴾ [مريم: 93 - 95] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 99] وَثَاني الأُمُورِ الَّتي يَجِبُ أَن يَنتَبِهَ لَهَا المُسلِمُ الاهتِمَامُ بِأَن يَكُونَ عَمَلُهُ صَالِحًا مَقبُولاً، وَلا يَكُونُ العَمَلُ كَذَلِكَ إِلاَّ بِإِخلاصِهِ للهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَبِأَن يَكُونَ عَلَى سُنَّةِ مُحَمَّدٍ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110] وقَالَ - تَعَالَى -: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21] وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " كُلُّ أُمَّتي يَدخُلُونَ الجَنَّةَ إِلاَّ مَن أَبى " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَن يَأبَى؟ قَالَ: " مَن أَطَاعَني دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَن عَصَاني فَقَد أَبَى " رَوَاهُ البُخَارِيُّ. وَمِنَ الأُمُورِ المُهِمَّةِ الَّتي لا غِنى لِلمُسلِمِ عَنهَا لِنَجَاتِهِ يَومَ لِقَاءِ رَبِّهِ، الصَّلَوَاتُ الخَمسُ المَكتُوبَةُ، فَهِيَ عِمَادُ الدِّينِ، وَأَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ عَلَيهِ العِبَادُ بَينَ يَدَي رَبِّ العالمين، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " رَأسُ الأَمرِ الإِسلامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلاةُ، وَذِروَةُ سَنَامِهِ الجِهَادُ " رَوَاهُ التَّرمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَد أَمَرَ اللهُ - تَعَالى - وَأَمَرَ نَبِيُّهُ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - بِالمُحَافَظَةِ عَلَيهَا، قَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ [البقرة: 238] وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " خَمسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللهُ عَلَى العِبَادِ، فَمَن جَاءَ بِهِنَّ وَلم يُضَيِّعْ مِنهُنَّ شَيئًا استِخفَافًا بِحَقِّهِنَّ، كَانَ لَهُ عِندَ اللهِ عَهدٌ أَن يُدخِلَهُ الجَنَّةَ، وَمَن لم يَأتِ بِهِنَّ فَلَيسَ لَهُ عِندَ اللهِ عَهدٌ، إِن شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِن شَاءَ أَدخَلَهُ الجَنَّةَ " رَوَاهُ مَالِكٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائيُّ، وَقَالَ الأَلبَانيُّ: صَحِيحٌ لِغَيرِهِ. وَمِمَّا يَجمُلُ بِالمُؤمِنِ أَن يَنتَبِهَ إِلَيهِ في مَسِيرِهِ المُبَارَكِ إِلى رَبِّهِ، مُدَاوَمَةُ العَمَلِ الصَّالِحِ، وَالحَذَرُ مِنَ التَّلَفُّتِ وَالتَّقَهقُرِ وَالفُتُورِ، فَإِنَّ العَمَلَ الصَّالِحَ الدَّائِمَ وَإِن كَانَ قَلِيلاً، يُحِبُّهُ اللهُ وَيَرفَعُ صَاحِبَهُ دَرَجَاتٍ وَيُضَاعِفُ لَهُ بِهِ الحَسَنَاتِ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاعلَمُوا أَن لَن يُدخِلَ أَحَدَكُم عَمَلُهُ الجَنَّةَ، وَأَنَّ أَحَبَّ الأَعمَالِ إِلى اللهِ أَدوَمُهَا وَإِن قَلَّ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ. وَلْنَتَأَمَّلْ عَلَى سَبِيلِ المِثَالِ أَجرَ المُحَافَظَةِ عَلَى صَلاةِ الجَمَاعَةِ، وَالتَّبكِيرِ إِلى الجُمُعَةِ، وَأَدَاءِ السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ وَتَردِيدِ بَعضِ الأَذكَارِ وَتِلاوَةِ القُرآنِ في كُلِّ يَومٍ، وَهِيَ أَعمَالٌ لا يَستَغرِقُ بَعضُهَا إِلاَّ دَقَائِقَ قَلِيلَةً قَبلَ الصَّلاةِ أَو بَعدَهَا، وَمَعَ هَذَا يَنَالُ المُسلِمُ بها فَضلاً عَظِيمًا وَثَوَابًا جَزِيلاً، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " صَلاةُ الجَمَاعَةِ أَفضَلُ مِن صَلاةِ الفَذِّ بِسَبعٍ وَعِشرِينَ دَرَجَةً " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " أَلاَ أَدُلُّكُم عَلَى مَا يَمحُو اللهُ بِهِ الخَطَايَا وَيَرفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ " قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: " إِسبَاغُ الوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ، وَكَثرَةُ الخُطَا إِلى المَسَاجِدِ، وَانتِظَارُ الصَّلاةِ بَعدَ الصَّلاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَنِ غَسَّلَ يَومَ الجُمُعَةِ وَاغتَسَلَ، وَبَكَّرَ وَابتَكَرَ، وَمَشَى ولم يَركَبْ، وَدَنَا مِنَ الإِمَامِ فَاستَمَعَ وَلم يَلْغُ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خَطوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا " رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَن صَلَّى العِشَاءَ في جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصفَ اللَّيلِ، وَمَن صَلَّى الصُّبحَ في جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيلَ كُلَّهُ " أَخرَجَهُ مُسلِمٌ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَا مِن عَبدٍ مُسلِمٍ يُصَلِّي للهِ كُلَّ يَومٍ ثِنتَي عَشرَةَ رَكعَةً تَطَوُّعًا غَيرَ فَرِيضَةٍ، إِلاَّ بَنَى اللهُ لَهُ بَيتًا في الجَنَّةِ أَو إِلاَّ بُنِيَ لَهُ بَيتٌ في الجَنَّةِ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَن قَرَأَ حَرفًا مِن كِتَابِ اللهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشرِ أَمثَالِهَا، لا أَقُولُ الم حَرفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرفٌ وَلامٌ حَرفٌ وَمِيمٌ حَرفٌ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَن قَالَ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلكُ وَلَهُ الحَمدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ في كُلِّ يَومٍ مِئَةَ مَرَّةٍ، كَانَت لَهُ عَدلَ عَشرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَت لَهُ مِئَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَت عَنهُ مِئَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَت لَهُ حِرزًا مِنَ الشَّيطَانِ يَومَهُ ذلِكَ حَتَّى يُمسي، وَلم يَأتِ أَحَدٌ بِأَفضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلاَّ أَحَدٌ عَمِلَ أَكثَرَ مِن ذَلِكَ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " مَن قَالَ سُبحَانَ اللهِ وَبِحَمدِهِ في يَومٍ مِئَةَ مَرَّةٍ، حُطَّت خَطَايَاهُ وَإِن كَانَت مِثلَ زَبَدِ البَحرِ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَقَالَ: " مَن سَبَّحَ اللهَ في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، وَحَمِدَ اللهَ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، وَكَبَّرَ اللهَ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، فَتِلكَ تِسعٌ وَتِسعُونَ، ثم قَالَ تَمَامَ المِئَةِ: لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلكُ وَلَهُ الحَمدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، غُفِرَت لَهُ خَطَايَاهُ وَإِن كَانَت مِثلَ زَبَدِ البَحرِ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَمِمَّا يَجِبُ التَّنَبُّهُ إِلَيهِ في مَسِيرَةِ المُؤمِنِ إِلى رَبِّهِ أَن يَحرِصَ عَلَى أَن تَكُونَ حَيَاتُهُ كُلُّهَا طَاعَةً لِرَبِّهِ وَفي مَرضَاتِهِ، حَتى في العَادَاتِ وَالمُبَاحَاتِ، فَبِالنِّيَّةِ الحَسَنَةِ وَاحتِسَابِ الثَّوَابِ، يَستَطِيعُ المُؤمِنُ أَن يُحَوِّلَ كُلَّ تَصَرُّفَاتِهِ المُبَاحَةِ إِلى عَمَلٍ صَالِحٍ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لِسَعدٍ: " إِنَّكَ لن تُنفِقَ نَفَقَةً تَبتَغِي بها وَجهَ اللهِ إِلاَّ أُجِرتَ عَلَيهَا، حَتى اللُّقمَةَ تَضَعُهَا في في امرَأَتِكَ " رَوَاهُ الشَّيخَانِ.

وَمِمَّا يَجِبُ التَّنَبُّهُ إِلَيهِ حِرصُ المَرءِ عَلَى أَن يَكُونَ لَهُ عَمَلٌ يَجرِي ثَوَابُهُ بَعدَ المَوتِ، وَلا يَنقَطِعُ أَجرُهُ بِانقِطَاعِ الحَيَاةِ، كَالصَّدَقَةِ الجَارِيَةِ ؛ قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: إِذَا مَاتَ الإِنسَانُ انقَطَعَ عَنهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِن ثَلاثَةٍ: إِلاَّ مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَو عِلمٍ يُنتَفَعُ بِهِ، أَو وَلَدٍ صَالِحٍ يَدعُو لَهُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَمِن فِقهِ العَمَلِ الصَّالِحِ الَّذِي يَجِبُ أَن يَكُونَ عَلَيهِ المُؤمِنُ، أَلاَّ يُعجَبَ بِعَمَلِهِ، وَلا يَغتَرَّ بما قَدَّمَهُ، بَل يَظَلُّ عَلَى خَوفٍ مِن مُحبِطَاتِ الأَعمَالِ وَمُنقِصَاتِ الثَّوَابِ كَالرِّيَاءِ وَحُبِّ السُّمعَةِ، وَانتِهَاكِ حُرُمَاتِ اللهِ في الخَلَوَاتِ، وَالاعتِدَاءِ عَلَى حُقُوقِ الآخَرِينَ ؛ قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " أَتَدرُونَ مَا المُفلِسُ؟ " قَالُوا: المُفلِسُ فِينَا مَن لا دِرهَمَ لَهُ وَلا مَتَاعَ، فَقَالَ: " إِنَّ المُفلِس مِن أُمَّتي مَن يَأتي يَومَ القِيَامَةِ بِصَلاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأتِي وَقَد شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعطَى هَذَا مِن حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِن حَسَنَاتِهِ، فَإِن فَنِيَت حَسَنَاتُهُ قَبلَ أَن يُقضَى مَا عَلَيهِ أُخِذَ مِن خَطَايَاهُم فَطُرِحَت عَلَيهِ، ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - مَا استَطَعنَا، وَلْنتَزَوَّدْ مِمَّا يُقَرِّبُنَا إِلى اللهِ، فَقَد قَالَ رَبُّنَا - سُبحَانَهُ - في خِتَامِ سُورَةِ الحَجِّ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴾ [الحج: 77، 78].
♦ ♦ ♦

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَتُوبُوا إِلَيهِ وَاستَغفِرُوهُ، وَلْنَحذَرْ أَشَدَّ الحَذَرِ مِن تَضيِيعِ الأَعمَارِ بِالاشتِغَالِ بِالدُّنيَا وَالانصِرَافِ عَنِ الآخِرَةِ، اقتِدَاءً بِالمُضَيِّعِينَ وَالمُفَرِّطِينَ، أَوِ اغتِرَارًا بِالغِنَى وَالعَافِيَةِ، فَقَد قَالَ رَبُّنَا - تَبَارَكَ وَتَعَالى -: ﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28] وَقَالَ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " بَادِرُوا بِالأَعمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيلِ المُظلِمِ، يُصبِحُ الرَّجُلُ مُؤمِنًا وَيُمسِي كَافِرًا، أَو يُمسِي مُؤمِنًا وَيُصبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنيَا " أَخرَجَهُ مُسلِمٌ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " بَادِرُوا بِالأَعمَالِ سِتًّا: طُلُوعَ الشَّمسِ مِن مَغرِبِهَا، أَوِ الدُّخَانَ، أَوِ الدَّجَّالَ، أَوِ الدَّابَّةَ، أَو خَاصَّةَ أَحَدِكُم، أَو أَمرَ العَامَّةِ " أَخرَجَهُ مُسلِمٌ.


إنَّ مِن تَوفِيقِ اللهِ لِلمُؤمِنِ أَن يُبَادِرَ إِلى التَّزَوُّدِ لأُخرَاهُ مَا دَامَ في عَافِيَةٍ، فَإِنَّهُ إِمَّا أَن يُبتَلَى بِفِتَنٍ عَامَّةٍ مُلهِيَةٍ، وَإِلاَّ فَسَيَأتِيهِ مَا يَشغَلُهُ مِن خَاصَّةِ نَفسِهِ، كَالمَرَضِ وَالهَرَمِ وَعَوَائِقِ الحَيَاةِ وَشَوَاغِلِهَا، ثُمَّ المَوتِ الَّذِي يَحُولُ بَينَهُ وَبَينَ العَمَلِ، فَيَتَمَنَّى الرُّجُوعَ إِلى الدُّنيَا لِيَتَمَكَّنَ مِن عَمَلٍ صَالِحٍ طَالَمَا أَعرَضَ عَنهُ في دَارِ الدُّنيَا وَنَسِيَهُ، وَلَكِنْ هَيهَات هَيهَاتَ. قَالَ - تَعَالى -: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [المؤمنون: 99، 100] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المنافقون: 10، 11].


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 84.08 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 82.15 كيلو بايت... تم توفير 1.93 كيلو بايت...بمعدل (2.30%)]