مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" - الصفحة 12 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12595 - عددالزوار : 218339 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 179 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 183 - عددالزوار : 62188 )           »          حديث قل آمنت بالله ثم استقم وقفات وتأملات كتاب الكتروني رائع (اخر مشاركة : Adel Mohamed - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          التغافل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          الطريق يبدأ من هنا.... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          دور القائد المسلم في إدارة الأزمات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          يا بنيّ إنني أمك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          كيف تحاورين والديكِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          أخطاء بسيطة لكن مُميتة ! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى الإنشاء
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الإنشاء ملتقى يختص بتلخيص الكتب الاسلامية للحث على القراءة بصورة محببة سهلة ومختصرة بالإضافة الى عرض سير واحداث تاريخية عربية وعالمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #111  
قديم 17-04-2024, 08:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,235
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن113

مثنى محمد هبيان


(صِبۡغَةَ ٱللَّهِ وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبۡغَةٗۖ وَنَحۡنُ لَهُۥ عَٰبِدُونَ) [البقرة: 138]
السؤال الأول:
ما دلالة (صِبۡغَةَ) في الآية ؟
الجواب:
الصبغة هي إدخال لون على شيء بحيث يغيره بلون آخر، والصبغ ينفذ في المصبوغ خاصة إذا كان المصبوغ له شعيرات ومسام كالقطن أو الصوف، أمّا الألياف الصناعية فلا يمكن أنْ تصبغ.
وأمّا الطلاء فهو طبقة خارجية تستطيع أنْ تزيلها مثل طلاء الأظافر للسيدات. قال ﷺ : «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه»
فكأنّ الإيمان صبغة موجودة بالفطرة، إنها صبغة الله فإنْ كان أبواه مسلمين ظل على الفطرة، وإنْ كان أبواه من اليهود أو النصارى فإنهما يهوِّدانه أو ينصرانه، أي: يأخذانه ويضعانه في ماء ويقولون صبغناه بماء المعمودية.
ويريد الله أنْ يبين أنّ ما يفعلونه من تعميد للطفل لا يعطي صبغة؛ لأنّ الإيمان والدين لا يأتيان من خارج الإنسان وإنما يأتيان من داخله، وبالتالي فإنّ إيمان غير المسلمين هو طلاء خارجي وليس صبغة، وهذا الطلاء من عندهم هم، أمّا ديننا فهو صبغة الله تعالى.
وهل هناك صبغة أحسن من صبغة الله؟ طبعاً: لا؛ لذلك فنحن له عابدون مطيعون لأوامره ومجتنبون لنهيه، هذه هي صبغة الله، إنها الصبغة التي تتخلل الشيء وتصبح هي وهو شيئاً واحداً لا يفترقان.
وقيل : سُمي الدين صبغة لأنّ هيئته تظهر بالمشاهدة من أثر الطهارة والوضوء ، قال تعالى : (سِيمَاهُمۡ فِي وُجُوهِهِم مِّنۡ أَثَرِ ٱلسُّجُودِۚ ) [الفتح:29] .
وفي قوله تعالى : (صِبۡغَةَ ٱللَّهِ) استعارة تصريحية شبّه الدين الإسلامي بالصبغة وحذف المشبه وأبقى المشبه به ، وسمّى الله الدين صبغة حيث تظهر أعماله وسمته على المتدين كما يظهر أثر الصبغ في الثوب.
السؤال الثاني:
ما إعراب (صِبۡغَةَ) ؟
الجواب:
في نصب ( صبغة ) وجوه منها :
- بدل من ( ملة) .
- مفعول به بتقدير: ( الزموا صبغة الله ).
- تمييز.
السؤال الثالث:
ما الفرق في الدلالة بين قوله تعالى في هذه الآية: (صِبۡغَةَ ٱللَّه) وبين قوله تعالى : (فِطۡرَتَ ٱللَّهِ) [الروم:30] ؟
الجواب:
الفطرة جبلّة النفس وخصائص النفس, وهي ما فطرت عليه النفس, قال تعالى:
(فَأَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفٗاۚ فِطۡرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيۡهَاۚ لَا تَبۡدِيلَ لِخَلۡقِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ ) [الروم:30].
وخصائص النفس تتوافق توافقاً تاماً مع منهج الله وأحكام الدين , فإذا أقمت وجهك للدين، أي خضعت لكل أوامره، واجتنبت كل نواهيه , فهذه الأوامر، وهذه النواهي هي نفسها الفطرة التي جبلت عليها, بينما الفطرة كمال في الإنسان.
قال ﷺ : «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه»
فكأنّ الإيمان صبغة موجودة بالفطرة، إنها صبغة الله فإنْ كان أبواه مسلمين ظل على الفطرة، وإنْ كان أبواه من اليهود أو النصارى فإنهما يهوِّدانه أو ينصرانه، أي: يأخذانه ويضعانه في ماء ويقولون صبغناه بماء المعمودية.
وملخص الفرق في الدلالة بين الفطرة والصبغة :
1ـ الفطرة أن تحب الخير ، لكنّ الصبغة أن تكون خيراً .
2 ـ الفطرة أن تحب الرحمة ، لكنّ الصبغة أن تكون رحيماً .
3ـ الفطرة أن تحب العدل، لكنّ الصبغة أن تكون عادلاً .
فالصبغة أكبر ثمرة من ثمرات الإيمان .
والله أعلم .






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #112  
قديم 17-04-2024, 08:49 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,235
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (114)
مثنى محمد هبيان



(قُلۡ أَتُحَآجُّونَنَا فِي ٱللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمۡ وَلَنَآ أَعۡمَٰلُنَا وَلَكُمۡ أَعۡمَٰلُكُمۡ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُخۡلِصُونَ) [البقرة: 139]
السؤال الأول:
ما دلالة الاستفهام في هذه الآية ؟
الجواب:
في قوله تعالى: (أَتُحَآجُّونَنَا) [البقرة:139] استفهام ولكنه خرج عن دلالته الأصلية وهو الاستفهام عن شيء مجهول إلى التعجب والتوبيخ.
السؤال الثاني:
قوله تعالى في الآية: (وَلَنَآ أَعۡمَٰلُنَا وَلَكُمۡ أَعۡمَٰلُكُمۡ) [البقرة:139] فلِمَ قال تعالى: (لنا أعمالنا) ولم يقل: (أعمالنا لنا) لا سيما أنَّ (لنا) متعلق بخبر محذوف للمبتدأ (أعمالنا)؟
الجواب:
قدّم تعالى الجار والمجرور: (لنا) على قوله: (أعمالنا) للاختصاص، أي: لنا أعمالنا الخاصة بنا ولا قِبَل للآخرين بها، فلا تحاجّونا في أنكم أفضل منا.والمراد من هذا القول النصيحة لهم وإرشادهم للأصلح .
السؤال الثالث:
ما دلالة هذه الآية ؟
الجواب:
المراد بالمحاجّة في هذه الآية هي المجادلة فيما تضمنته بعثة النبي صلى الله عليه وسلم من نسخ شريعتهم، وفضله وفضل أمته ، وهذا راجع إلى حسدهم، ولا يوجد مجادلة في ذات الله تعالى .
وتكون المجادلة عادة بين خصمين في الأمور الخلافية، وكلٌ منهما يريد نصر حجته وإبطال حجة الطرف الآخر، والمطلوب أن تكون هذه المحاجة بالتي هي أحسن حتى يتضح الحق ويتبين الباطل وتصفو النفوس . والله أعلم .






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #113  
قديم 17-04-2024, 08:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,235
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (115)

مثنى محمد هبيان


(أَمۡ تَقُولُونَ إِنَّ إِبۡرَٰهِ‍ۧمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ وَٱلۡأَسۡبَاطَ كَانُواْ هُودًا أَوۡ نَصَٰرَىٰۗ قُلۡ ءَأَنتُمۡ أَعۡلَمُ أَمِ ٱللَّهُۗ وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَٰدَةً عِندَهُۥ مِنَ ٱللَّهِۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ١٤٠) [البقرة: 140]
السؤال الأول:
لماذا لا يذكر سيدنا إسماعيل مع إبراهيم وإسحاق ويعقوب في القرآن ؟
الجواب:
انظر الجواب في آية البقرة[125].
السؤال الثاني:
ما أهم الدلالات في هذه الآية ؟
الجواب:
1ـ ( أمْ) عاطفة متصلة معادلة للهمزة ، أو منقطعة بمعنى ( بل ) .
2ـ هذه الآية دعوى أخرى ومحاجّة في رسل الله ، حيث يزعم اليهود أنهم أَوْلى برسل الله المذكورين في الآية من المسلمين ، فردّ الله عليهم بسؤالهم : هل أنتم أصدق أم الله ؟ وهذا لا يحتاج إلى جواب ، فهو في غاية الوضوح والبيان ، ولا أحد أظلم ممن جمع بين كتمان الحق وعدم النطق به، وأظهر الباطل ودعا إليه .
لذلك جدالكم ـ أيها اليهود ـ في نسبة إبراهيم وذريته إلى اليهودية أو النصرانية ليس له مجال ، فلستم بأولى بهؤلاء الرسل الكرام من المسلمين ، وأَولى الناس بهم هم الذين سلكوا طريقهم ولم يحرفوا دينهم ، فإبراهيم لم يكن مشركاً ، ولذلك فإنّ أولى الناس بإبراهيم هو النبي محمد عليه السلام ومن آمن معه .
3ـ كتمانكم للحق وإظهار ضده ظلمٌ عظيم ، وأمركم لا يخفى على رب العالمين .
4 ـ قوله تعالى : (وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ) كلام جامع لكل وعيد .
والله أعلم .
(تِلۡكَ أُمَّةٞ قَدۡ خَلَتۡۖ لَهَا مَا كَسَبَتۡ وَلَكُم مَّا كَسَبۡتُمۡۖ وَلَا تُسۡ‍َٔلُونَ عَمَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ١٤١ ) [البقرة: 141]
السؤال الأول:
لماذا كررت(تِلۡكَ أُمَّةٞ قَدۡ خَلَتۡۖ) في الآيتين 134 و 141 في نفس السـورة ؟
الجواب:
انظر الجواب في الآية [134].
السؤال الثاني:
ما دلالة هذه الآية ؟
الجواب:
المعنى العام لهذه الآية : هذه أمةٌ من أسلافكم قد مضت ، فلا تتعلقوا بالمخلوقين ، ولا تغتروا بالانتساب إليهم ، فالعبرة بالإيمان والتقوى ، ومن كفر برسول فقد كفر بسائر الرسل .
وكُررتْ الآية لأنّ الاختلاف موطنُ المحاجّة ، وإذا كان الأمر كذلك فاسلكوا طريق الإيمان بالله وحده وبخاتم الرسل محمد عليه السلام ، واتركوا الاتكال على آبائكم وأجدادكم ، فالإنسان ينتفع بعمله وليس بالانتساب إلى أصله وحسبه ونسبه . والله أعلم .






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #114  
قديم 19-04-2024, 11:25 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,235
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (116)
مثنى محمد هبيان



(سَيَقُولُ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَ ٱلنَّاسِ مَا وَلَّىٰهُمۡ عَن قِبۡلَتِهِمُ ٱلَّتِي كَانُواْ عَلَيۡهَاۚ قُل لِّلَّهِ ٱلۡمَشۡرِقُ وَٱلۡمَغۡرِبُۚ يَهۡدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ) [البقرة: 142]
السؤال الأول:
ما فائدة وصفهم بأنهم(مِنَ ٱلنَّاسِ) طالما كان ذلك معلوماً؟
الجواب:
السفهاء جمع سفيه، وهو صفة مشبّهة تدل على أنّ السفه غدا سجيّة من سجايا الموصوف، وهذه الصفة لا تُطلق إلا على الإنسان، فلِمَ قال تعالى: (سَيَقُولُ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَ ٱلنَّاسِ) [البقرة:142] ولم يكتف بـ (سيقول السفهاء)؟ وما فائدة وصفهم بأنهم من الناس طالما كان ذلك معلوماً ؟
إنّ فائدة وصف السفهاء بأنهم من الناس - مع كون ذلك معلوماً - هو التنبيه على بلوغهم الحد الأقصى من السفاهة بحيث لا يوجد في الناس سفهاء غير هؤلاء، وإذا قُسِّم الناس أقساماً يكون هؤلاء قسم السفهاء، وفي هذا إيماء إلى أنه لا سفيه غيرهم للمبالغة في وسمهم بهذه السمة.
ومنذ القدم والناس مراتب.. أصحاب عقول راجحة، ومتوسطي التفكير، وسفهاء، وأشدهم أذى السفهاء: ألسن حادة وعقول خالية.
السؤال الثاني:
ما دلالات هذه الآية؟
الجواب:
1ـ قوله تعالى : (سَيَقُولُ ٱلسُّفَهَآءُ) اللفظ للمستقبل ، وهو إخبار من الرسول عليه السلام عن ربه فيكون إعجازاً لأنه غيب ، ويكون الجواب حاضراً حين يسمع النبي عليه السلام قول السفهاء فيرد عليهم مباشرة ، ولم يقل : (سيقولون) إظهاراً للوصف الذي استخفهم ، لأنّ السفيه يعمل بغير دليل . و ( السفه ) ضد الحلم وأصله الخفة والطيش.
وقد أعلم الله سبحانه رسوله الكريم عليه السلام بالأمر مسبقاً في سياق تعداد نعمه عليه بما سيحدث من سفهاء الناس وجهّالهم وضعفاء العقول ممن سيعترض على ذلك من لا يعرف مصلحة نفسه ممن اتصف بالسفه والجهل والعناد وقلة العقل .
(ٱلسُّفَهَآءُ) : لفظ عموم دخل عليه الألف واللام ، ويدخل فيه كل من اتصف بالسفه من اليهود ومشركي العرب والمنافقين .
3 ـ ( القِبلة ) هي الجهة التي يستقبلها الإنسان ، وهي من المقابلة ، وإنما سُميت القِبلةُ قِبلةً لأنّ المصلي يقابلها وتقابله .
4ـ قوله تعالى : (مَا وَلَّىٰهُمۡ عَن قِبۡلَتِهِمُ) هو استفهام على جهة الاستهزاء والتعجب ، ويقصدون بذلك تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة .
5 ـ قوله تعالى : (قُل لِّلَّهِ ٱلۡمَشۡرِقُ وَٱلۡمَغۡرِبُۚ) هو الجواب الأول عن تلك الشبهة ، وتقريره أنّ الجهات كلها لله مُلكاً ومِلكاً ، فلا يستحق منها لذاته لأنْ يكون قبلة ، بل إنما تصير قبلة لأنّ الله جعلها قبلة ، وإذا كان الأمر كذلك فلا اعتراض عليه بالتحويل من جهة إلى أخرى ، ولا يجب تعليل أحكام الله تعالى البتة ، وفي هذا إشعار بأنّ الشأن في هذا كله لله في امتثال أوامره فحيثما وجّهَنا توجّهنا .والمؤمن يتلقى أحكام الله بالقبول والتسليم والانقياد .قال تعالى : (وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٖ وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمۡرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُ مِنۡ أَمۡرِهِمۡۗ ) [الأحزاب:36] .
6 ـ قوله تعالى : (يَهۡدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ١٤٢) الله سبحانه يدلّ على ما هو أصلح للعبادة والصراط المستقيم مما يؤدي بصاحبه إلى الجنة .
7 ـ الآية رقم ( 142 ) ذكرت المخالفة الواحدة والثلاثين (31 ) لليهود التي ذكرها الله تعالى في سورة البقرة من أصل (32 ) مخالفة ، وهي تحمل مضمون : التشكيك في الإسلام بسبب تحويل القبلة.والله أعلم .






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #115  
قديم 19-04-2024, 11:26 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,235
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (117)
مثنى محمد هبيان



(وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيۡكُمۡ شَهِيدٗاۗ وَمَا جَعَلۡنَا ٱلۡقِبۡلَةَ ٱلَّتِي كُنتَ عَلَيۡهَآ إِلَّا لِنَعۡلَمَ مَن يَتَّبِعُ ٱلرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيۡهِۚ وَإِن كَانَتۡ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُۗ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَٰنَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ١٤٣ ) [البقرة: 143]
السؤال الأول:
لِمَ جاء اسم الإشارة فى صدر الآية فى قوله تعالى: (وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ) [البقرة:143] ؟
الجواب:
صدّرت الآية باسم الإشارة (وَكَذَٰلِكَ) لأنه يدل على البُعد للتنويه إلى تعظيم المقصودين وهم المسلمون، ومن هذا الباب قول أبي تمام:
كذا فليَجِلَّ الخطبُ وليفدحِ الأمرُ فليس لِعَينٍ لم يَفِض ماؤُها عُذرُ
السؤال الثاني:
قوله تعالى (وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا) [البقرة:143] ما المقصود بالأمة الوسط؟
الجواب:
(وسطاً) معناها: خياراً أو عدولاً، والوسط بين الإفراط والتفريط يكون خياراً وعدولاً، وعندما تقول: هو من أوسطهم، أي: من خيارهم، وهذا ما ذكره أبو سفيان عندما سُئِلَ عن الرسول ﷺ قال: هو من أوسطنا، أي: من خيارنا وأحسننا. وقوله تعالى: (وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا) [البقرة:143] أي: خياراً وعدولاً وبين الإفراط والتفريط، وهذا المقصود من معنى الوسطية.
ولذا تأمل سر ورود قوله : (وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا) في سياق آيات القبلة للإشعار بأنّ الله تعالى اختار هذه الأمة لتكون خير أمة واختار لها خير قبلة.
وللعلم فإنّ كلمة (وسطاً ) في (وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا) لم تتبع الموصوف من حيث التذكير والتأنيث، لأنّ كلمة (وسط) في الأصل هي اسم جامد يعني ليس مشتقاً ، وصف به فيبقى على حاله ولا يطابق ، كما لو وصفنا بالمصدر، نقول : رجل صوم وامرأة صوم ، فلا يقال (أمة وسطة )، وليس هو في الأصل وصف مشتق حتى يُذَكّر مثل : طويل وطويلة .
السؤال الثالث:
ذكر العائد في آية الزمر( 18) ، فقال: (هَدَىٰهُمُ ٱللَّهُۖ) [الزُّمَر:18] ولم يذكره في آية البقرة: (إِلَّا عَلَى ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُۗ) [البقرة:143]، ولم يذكره أيضاً في آية الأنعام( 90 )، فما دلالة ذلك ؟
الجواب:
آيتا ( البقرة 143ـ الزمر 18)
1ـ هذا نوع من الحذف، ومن المعلوم أنّ الذِكر يفيد التوكيد، ولذلك يعتبر قوله تعالى (أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَىٰهُمُ ٱللَّهُۖ) [الزُّمَر:18] آكد من قوله تعالى: (ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُۗ) [البقرة:143]؛ لأنه صرّح بذكر الضمير.
2ـ السياق في آية البقرة هو في تحويل القبلة، بينما السياق في آية الزمر يقتضي التوكيد أكثر؛ لأنها فيمن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وهؤلاء على درجة كبيرة من الهدى، فإنهم لا يكتفون باتباع الحسن وإنما يتبعون الأحسن .
3ـ جاء معها بالفاء (فَيَتَّبِعُونَ أَحۡسَنَهُۥٓ) [الزُّمَر:18] ولم يأت بــ (ثم)، والفاء تدل على الترتيب والتعقيب، فإنهم بمجرد سماع القول يتبعون الأحسن .
4ـ في آية الزمرالفعل (فَيَتَّبِعُونَ) مضارع (اتبع) بتضعيف التاء،ولم يقل ): يَتْبعون ) بالتخفيف، وهذه مرتبة عظيمة أعلى من مجرد اتباع القبلة؛ لأنّ اتباع القبلة إنما هو من استماع القول في واحد من الأمور المطلوبة .
لذلك فإنّ هداية المذكورين في الزمر أعلى وآكد؛ لأنها تشمل ما ذكره في آية البقرة وغيره مما يريده الله تعالى، ولذا كان التوكيد في الزمر هو المناسب .
آية الأنعام (90 ) :
1ـ وأمّا آية الأنعام (90 ) فهي في جمع ٍ من رسل الله وأنبيائه، وفيهم أولو العزم، ولا شك أنّ هؤلاء أعلى من المذكورين في آية الزمر.
ولكن إذا كان الأمر كذلك فلماذا لم يذكر الضمير مع فعل الهداية مع أنهم أولى بالتوكيد من غيرهم ؟
الجواب: أنّ الله تعالى ذكر كل أحوال الهداية مع هؤلاء الذين ذكرهم في سياق آية الأنعام، واستعمل كل أنواع التعدية لفعل الهداية، وبيان ذلك:
آ ـ عدّى الفعل إلى المفعول به مباشرة بأسمائهم الظاهرة، فقال: (وَنُوحًا هَدَيۡنَا مِن قَبۡلُۖ وَمِن ذُرِّيَّتِهِۦ دَاوُۥدَ وَسُلَيۡمَٰنَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ) [الأنعام:84] وعطف هؤلاء الرسل والأنبياء على نوح الذي هو مفعول (هدينا).
ب ـ ثم عدّى الفعل إلى ضميرهم أيضاً، فقال: (وَٱجۡتَبَيۡنَٰهُمۡ وَهَدَيۡنَٰهُمۡ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ٨٧) [الأنعام:87] فقال: (وَهَدَيۡنَٰهُمۡ) [الأنعام:87] وزاد على ذلك الاجتباء .
ج ـ ولم يكتف بذاك، بل قال أيضاً: (أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُۖ ) [الأنعام:90] وحذف مفعول (هدى) الضمير العائد على الرسل فجعل الكلام عن صورة المطلق فأطلق المعنى، وهذا التعبير يحتمل معنيين:
ـ الأول : (أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَىٰهُمُ ٱللَّهُۖ ) [الزُّمَر:18] وهو الأظهر.
ـ الثاني : (أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُۖ) [الأنعام:90] بهم.
ولا شك أنّ هذا المعنى الثاني أوسع من ذكر الضمير وأمدح لهم، وبذلك يكون ماذكره في آية الأنعام أكثر مما ذكره في آيتي الزمر والبقرة؛ لأنه ذكر فيها الهداية العامة المطلقة وذكر أنه هداهم إلى صراط مستقيم.
2ـ كما أنه تعالى أسند فعل الهداية مع رسل الله مرة بواسطة ضمير التعظيم، فقال: (وَنُوحًا هَدَيۡنَا) [الأنعام:84] وقال: (وَهَدَيۡنَٰهُمۡ) [الأنعام:87] ومرة أسنده إلى اسمه الجليل وهو اسمه العَلَم فقال: (أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُۖ) [الأنعام:90] .
3ـ هذا علاوة على ما ذكره من التعظيم لأنبيائه ما لم يذكره مع الآخرين، نحو قوله تعالى :
(وَكُلّٗا فَضَّلۡنَا عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ٨٦) [الأنعام:86] .
(وَٱجۡتَبَيۡنَٰهُمۡ وَهَدَيۡنَٰهُمۡ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ٨٧) [الأنعام:87] فزاد الاجتباء على الهداية.
(أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحُكۡمَ وَٱلنُّبُوَّةَۚ) [الأنعام:89].
وقوله: (فَبِهُدَىٰهُمُ ٱقۡتَدِهۡۗ ) [الأنعام:90] .
4ـ قد تقول: وَلِمَ لَمْ يحذف الضمير في آية الزمر فيقول مثلاً : (أولئك الذين هدى الله) ليشمل الذين هداهم الله وهدى بهم فيكون أمدح لهؤلاء كما فعل في آية الأنعام ؟
والجواب أنّ ذكر الضمير ههنا من رحمة الله تعالى بنا، ولو حذفه لكانت البشرى لا تنال إلا من هداه الله وهدى به، فيكون ممن جمع بين الأمرين ، ولا تَنال من هداه الله ولم يَهد به، لذلك كان ذكر الضمير أنّ البشرى تنال من هداه الله، وأنّ ذلك كافٍ لأن تناله بشرى ربنا، وهذا من رحمته سبحانه بعباده، والله أعلم.
السؤال الرابع:
ما المقصود بالإيمان فى الآية (وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَٰنَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ١٤٣) [البقرة:143] ؟
الجواب:
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: لما وُجّه النبي ﷺ إلى الكعبة،قالوا:يا رسول الله كيف لإخواننا الذين ماتوا وهم يصلّون لبيت المقدس؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية (وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَٰنَكُمۡۚ) [البقرة:143] . فالإيمان في الآية أُريد به الصلاة، والله سبحانه عدل عن ذكر الصلاة ولم يقل الصلاة وآثر أن يطلق الإيمان على الصلاة؛ للتنويه بعظم الصلاة وعظم قيمتها، فهي من أعظم أركان الإيمان.
ولذا قوله تعالى :( وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَٰنَكُمۡۚ) يعني : صلاتكم ، وعبّر عن الصلاة بالإيمان لأن تاركها لا ينطبق عليه وصف الإيمان؟.
السؤال الخامس:
ما دلالة التوكيد بـ (إنّ) واللام في هذه الآية:( إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ١٤٣) [البقرة:143] فى سورة البقرة وعدم التوكيد فى سورة النور (إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلۡفَٰحِشَةُ فِي ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ١٩ وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ وَأَنَّ ٱللَّهَ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ٢٠ ) [النور:19-20] ؟
الجواب:
التوكيد بحسب ما يحتاجه المقام، مثلاً عندما يذكر الله تعالى النعم التي أنزلها علينا يؤكد ، وإذا لم يحتج إلى توكيد لا يؤكد، ولو احتاج لتوكيد واحد يؤكد بواحد.
قال تعالى: (وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَٰنَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ١٤٣) [البقرة:143] أكّد باللام وإنّ.
وقوله تعالى: (إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلۡفَٰحِشَةُ فِي ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ١٩ وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ وَأَنَّ ٱللَّهَ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ٢٠) [النور:19-20] ما أكّد باللام .
في الآية الأولى كانوا في طاعة: (وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَٰنَكُمۡۚ) [البقرة:143] ويقولون هذه الآية نزلت لمّا تحولت القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة تساءل الصحابة عن الذين ماتوا هل ضاعت صلاتهم؟ وهل ضاعت صلاتنا السابقة؟ سألوا عن طاعة كانوا يعملون بها فأكدّ الله تعالى: (إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ١٤٣) [البقرة:143] أمّا في الآية الثانية فهم في معصية: (يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلۡفَٰحِشَةُ) [النور: 19] فلا يحتاج إلى توكيد.
وفي تعداد النعم قال في آية الحج: (أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَٱلۡفُلۡكَ تَجۡرِي فِي ٱلۡبَحۡرِ بِأَمۡرِهِۦ وَيُمۡسِكُ ٱلسَّمَآءَ أَن تَقَعَ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ ٦٥ ) [الحج:65] فأكد مع تعداد النعم .
ولذلك عندما يكونون في طاعة يؤكد ، وعندما يكونون في معصية لا يؤكد.
السؤال السادس:
ما أهم دلالات هذه الآية ؟
الجواب:
1ـ قوله تعالى : (وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ) الكاف للتشبيه ، والمعنى :أي ومثل ذلك الجعل العجيب الذي لا يقدر عليه أحد سواه جعلناكم أمة وسطاً .
2ـ قوله تعالى : (لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ) فيه إكرام لأمة محمد عليه السلام وتمييز لها عن سائر الأمم فتقبل شهادتهم على سائر الأمم ، ولا يقبل شهادة الأمم عليهم ، إظهاراً لعدالتهم وكشفاً عن فضيلتهم .
3ـ قوله تعالى : (إِلَّا لِنَعۡلَمَ مَن يَتَّبِعُ ٱلرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيۡهِۚ) اللام للتعليل ، والعلم هو ما يتعلق به تحقق الجزاء والثواب والعقاب ، وإلا فعلم الله أزلي.
4ـ قوله تعالى : (وَإِن كَانَتۡ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُۗ) الواو حالية ، (إنْ) مخففة من الثقيلة وتلزمها اللام ( لَكَبِيرَةً) والغرض منها توكيد المعنى في الجملة ، وتشير الآية إلى المؤمنين المهتدين الذين انتفعوا بهدى الله ، فذكرهم الله على طريق المدح فخصّهم بذلك .
5 ـ قوله تعالى : (إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ١٤٣) الرأفة مبالغة في رحمة خاصة وهي دفع المكروه وإزالة الضرر ، وأمّا الرحمة فإنها اسم جامع يدخل فيه ذلك المعنى ، ويدخل فيه الإفضال والإنعام، فذكر الرأفة أولا بمعنى أنه لا يضيع ثواب إيمانكم ، ثم ذكر الرحمة لتكون أعم وأشمل .
6 ـ قوله تعالى : (أُمَّةٗ وَسَطٗا) فيه ( كناية ) عن غاية العدالة ، كأنه الميزان الذي لا يميل مع أحد، وفيه ( تورية ) فالمعنى القريب الظاهر للوسط هو التوسط مع ما يعضده من توسط قبلة المسلمين ، ومعناه البعيد هو الخيار .
وللعلم فإنّ آية البقرة رقم ( 143 ) التي نحن بصددها هي الآية الوسط في سورة البقرة المؤلفة من ( 286 ) آية ، فهي تمثل الوسط العددي والكتابي(أُمَّةٗ وَسَطٗا) .
7ـ قدّم ( شهداء ) على صلته وهي ( على الناس ) ، وأخّر ( شهيداً ) على صلته وهي
( عليكم ) لأنّ المنة عليهم في الجانبين ، ففي الأول بثبوت كونهم شهداء ، وفي الثاني بثبوت كونهم مشهوداً لهم بالتزكية، والمقدّم دائماً هو الأهم .
8ـ آية البقرة (143 ) في أمة محمد عليه السلام ، فقدّم كلمة ( الناس ) في الآية بينما أخرّها في آية الحج في قوله تعالى : (لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيۡكُمۡ وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِۚ ) [الحج: 78] لتقدم ذكر الرسل ، فقد ذكر إبراهيم عليه السلام أولاً ، ثم ذكر الرسول محمد عليه السلام ، وكان قد سبق ذلك أيضاً ذكر الرسل في قوله تعالى : (ٱللَّهُ يَصۡطَفِي مِنَ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ رُسُلٗا وَمِنَ ٱلنَّاسِۚ ) [الحج: 75] . والله أعلم.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #116  
قديم 19-04-2024, 11:28 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,235
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (118)
مثنى محمد هبيان



(قَدۡ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجۡهِكَ فِي ٱلسَّمَآءِۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبۡلَةٗ تَرۡضَىٰهَاۚ فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۚ وَحَيۡثُ مَا كُنتُمۡ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ شَطۡرَهُۥۗ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ لَيَعۡلَمُونَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا يَعۡمَلُونَ١٤٤ ) [البقرة: 144]
السؤال الأول:
ما دلالة استخدام ( قد ) في هذه الآية علماً أنها تفيد التقليل؟
الجواب:
( قد ) إذا دخلت على الماضي تفيد التحقيق، وإذا دخلت على المضارع فلها أكثر من معنى، منها التقليل: (قد يصدق الكذوب)، لكنْ قد تأتي للتكثير والتحقيق مع دخولها على المضارع، غير أن المشهور عند الطلبة أنها إذا دخلت على المضارع تكون للتقليل، وهذا جانب من جوانب معانيها، لكنْ (قد) تكون للتقليل وقد تكون للتحقيق: (قَدۡ يَعۡلَمُ مَآ أَنتُمۡ عَلَيۡهِ) [النور:64] أو للتكثير، ويضربون مثلاً بقوله تعالى: (قَدۡ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجۡهِكَ فِي ٱلسَّمَآءِۖ) [البقرة:144] أي: كثيراً ما تنظر إلى السماء. لذلك ( قد ) في الآية للتكثير بقرينة ذكر التقلب .
2ـ إذن (قد) إذا دخلت على الماضي تفيد التحقيق، وإذا دخلت على المضارع يكون من معانيها التقليل أو التحقيق أو التكثير.
3 ـ قوله تعالى : (قَدۡ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجۡهِكَ فِي ٱلسَّمَآءِۖ ) قال : (وَجۡهِكَ) ولم يقل : (بصرك ) لزيادة اهتمامه ؛ ولأنّ تقليب الوجه مستلزم لتقليب البصر .
السؤال الثاني:
قوله تعالى في هذه الآية: (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبۡلَةٗ تَرۡضَىٰهَاۚ ) عبّر تعالى عن رغبة النبي ومحبته للكعبة بكلمة (تَرۡضَىٰهَاۚ ) دون كلمة (تحبها) أو (تهواها)، فلماذا؟
الجواب:
للدلالة على أنّ ميله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الكعبة ميل لقصد الخير، بناء على أنّ الكعبة أجدر بيوت الله التي تدل على التوحيد، ولمّا كان الرضى مشعراً بالمحبة الناتجة عن التعقل اختار كلمة (تَرۡضَىٰهَاۚ ) دون (تحبها) أو (تهواها)، فالنبي ﷺ يربو أنْ يتعلق ميله بما ليس فيه مصلحة راجحة للدين والأمة.
السؤال الثالث:
أكّد القرآن الكريم قضية تحويل القبلة ثلاث مرات في ثلاث آيات متقاربة في الآيات [144، 149، 150]، فما دلالة ذلك ؟
الجواب:
أكّد القرآن الكريم قضية تحويل القبلة ثلاث مرات متقاربة؛ لأنّ تحويل القبلة أحدث هزة عنيفة في نفوس المؤمنين، والله سبحانه يريد أنْ يُذهب هذا الأثر ويؤكد تحويل القبلة تأكيداً إيمانياً؛ لذلك جاء القرآن بثلاث آيات التي هي أقل الجمع لتأكيد الأمر.
1ـ الآية [144] وجاءت للمُتَّجِه إلى الكعبة وهو في داخل المسجد، وفيها إعلام بنسخ استقبال بيت المقدس للرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولأمته.
وهذه الآية جاءت استجابة لتقليب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وجهه في السماء كأنه يدعوه بلسان الحال، فجاءت هنا في بيان الاستجابة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم بلسان الحال لا بلسان المقال.
2ـ الآية 149، جاءت للمُتَّجِه وهو خارج المسجد، وكذلك لبيان السبب وهو اتباع الحق، ولذلك قال: (وَإِنَّهُۥ لَلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَۗ) .
3ـ الآية 150، وجاءت للمتجِه من الجهات جميعاً، لا أنّ ذلك مخصوص بجهة المدينة المنورة فقط.
وهذه الآية هي رد على المنافقين واليهود والنصارى الذين حاولوا التشكيك في الإسلام، كما جاءت للتهوين من ثرثرة غير المسلمين والرد على احتجاجهم، فيقول لهم القرآن: إنّ تحويل القبلة ليس حجة للتشكيك؛ لأنّ الاتجاه إلى المسجد الحرام هو طاعة لأمر الله .
لذلك يقول القرآن: (وَإِنَّهُۥ لَلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَۗ) [البقرة:149] أي: أنّ ما فعلتموه أيها المؤمنون من تحويل القبلة هو حقٌ جاءكم من الله تبارك وتعالى، فاطمئنوا أنكم على الحق واعلموا أنّ الله سبحانه محيط بكم في كل ما تعملون.
السؤال الرابع:
من أي الأدوات كلمة (حيثما) في قوله تعالى: (وَحَيۡثُ مَا) [البقرة:144] ؟
الجواب:
(حيثما) من أدوات الشرط، وهي تدل على المكان وتلزمها ( ما ) إذا استعملت للشرط ، كما في هذه الآية البقرة (144).
والفرق بين (حيث ) و( من حيث ) في تعبير القرآن أنّ: (حيث) : ظرف مكان مفعول به ملازم للظرفية وهو تعبير عام في القرآن ، أمّا إذا جاءت ( من حيث ) فالتعبير فيه دلالة التحديد للمكان؛ لأنّ ( من ) تفيد ابتداء الغاية كقوله : (مِنۡ حَيۡثُ لَا يَشۡعُرُونَ٢٥) [الزمر:25] أي من مكان لم يتوقعوه ، أمّا ( حيث ) فالتعبير فيه إطلاق كقوله : (يَتَبَوَّأُ مِنۡهَا حَيۡثُ يَشَآءُۚ) [يوسف:56] أي حيث أراد.
السؤال الخامس:
ما أهم دلالات هذه الآية ؟
الجواب:
1ـ ( الشطر ) اسم مشترك يقع على معنيين : النصف نحو: ( شاطرتك مالي ) ، و تلقاءه وقصده ونحوه.
قال الشاعر :
ألا منْ مبلغٍ عمراً رسولاً=وما تغني الرسالةُ شطرَ عمرو
2ـ معنى شطر المسجد) : جهة المسجد ـ منتصف المسجد ـ تلقاء المسجد ـ نحو المسجد .
3ـ قوله تعالى : (وَإِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ لَيَعۡلَمُونَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡۗ) يشمل :
أحباراليهود وعلماء النصارى لعموم اللفظ ، والكتاب هو التوراة والإنجيل .
4 ـ قوله تعالى : ( أنه الحق ) : قيل إنّ قسماً من علماء اليهود كانوا يعرفون في كتب أنبيائهم خبر الرسول وخبر القبلة وأنه يصلي إلى القبلتين .
وهناك قسم منهم يعلمون أنّ الكعبة هي البيت العتيق الذي جعله الله قبلة لإبراهيم وإسماعيل .
وقسم آخر منهم يعلمون صدق نبوة النبي محمد عليه السلام ، ومتى علموا نبوته علموا أنّ كل ما أتى به فهو حق من الله ،ومن ذلك تحويل القبلة .
4 ـ قرأ ابن عمر وحمزة والكسائي ( تعملون ) بالتاء على الخطاب للمسلمين فهو وعد لهم والباقون بالياء (يَعۡمَلُونَ) على أنه راجع إلى اليهود فهو وعيد وتهديد لهم .
للعلم فإنّ أول صلاة صلاها النبي عليه السلام باتجاه الكعبة صلاة الظهر في مسجد بني سلمة
( فسمي مسجد القبلتين ) ، وكانت أول صلاة كاملة صُليت إلى الكعبة بعد التحويل كانت صلاة العصرفي المسجد النبوي كما جاء في حديث البرآء عند البخاري وغيره ،وأمّا في مسجد قُباء فقد وصل الخبرُ في صلاة الفجر التالي كما جاء في الصحيحين . والله أعلم .






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #117  
قديم 19-04-2024, 11:29 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,235
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (119)
مثنى محمد هبيان



(وَلَئِنۡ أَتَيۡتَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ بِكُلِّ ءَايَةٖ مَّا تَبِعُواْ قِبۡلَتَكَۚ وَمَآ أَنتَ بِتَابِعٖ قِبۡلَتَهُمۡۚ وَمَا بَعۡضُهُم بِتَابِعٖ قِبۡلَةَ بَعۡضٖۚ وَلَئِنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَآءَهُم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ إِنَّكَ إِذٗا لَّمِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ) [البقرة: 145]
السؤال الأول:
ما دلالة قوله تعالى في الآية: (وَمَآ أَنتَ بِتَابِعٖ قِبۡلَتَهُمۡۚ) [البقرة:145] ؟
الجواب:
اتباع القبلة مظهرٌ إيماني في الدين، وقوله تعالى (وَلَئِنۡ) فهذا قسم، فكأنّ الحق تبارك وتعالى أقسم أنه لو أتى رسول الله ﷺ أهلَ الكتابِ بكل آية ما آمنوا بدينه ولا اتبعوا قبلته.
ولو كانوا يبحثون حقاً عن الدليل لوجدوه في كتبهم بأنه النبي الخاتم، فكأنّ الدليل عندهم ولكنهم يأخذون الأمر سفهاً وعناداً ومكابرة.
وقوله: (وَمَآ أَنتَ بِتَابِعٖ قِبۡلَتَهُمۡۚ) تفيد بأنّ المسلمين لن يعودوا مرة أخرى إلى الاتجاه نحو بيت المقدس ولن يحولهم الله إلى جهة ثالثة، ولكن يعلمنا الله سبحانه أنّ اليهود والنصارى سيكونون في جانب ونحن سنكون في جانب آخر، وأنه ليس هناك التقاء بيننا وبينهم؛ فالخلاف في القبلة سوف يستمر إلى يوم القيامة.
وقول الحق: (وَلَئِنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَآءَهُم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ إِنَّكَ إِذٗا لَّمِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ١٤٥) [البقرة:145] المقصود به أمة الرسول ﷺ ولو كان الخطاب في شخصه ﷺ والسياق هو في التحذير من مهادنة أهل الكتاب، وإذا كان الله تبارك وتعالى لن يقبل هذا من رسوله وحبيبه فكيف يقبله من أي فرد من أمة محمد ﷺ؟!!
إنّ الخطاب هنا يمس قمة من قمم الإيمان التي تفسد العقيدة كلها، والله يريدنا أن نعرف أنه لا يتسامح فيها ولا يقبلها حتى ولو حدثت من رسوله - ولو أنها لن تحدث - ولكن لنعرف أنها مرفوضة تماماً من الله على أي مستوى من مستويات الإيمان، حتى في مستوى القمة، فأمة محمد تبتعد عن مثل هذا الفعل تماماً. وللعلم فإنّ تبديل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة هو أول نسخ في القرآن الكريم.
السؤال الثاني:
إنْ قيل: كيف قال الله: (وَمَآ أَنتَ بِتَابِعٖ قِبۡلَتَهُمۡۚ ) [البقرة:145] ولهم قبلتان: واحدة للنصارى والثانية لليهود ؟
الجواب:
لما كانت القبلتان باطلتين مخالفتين لقبلة الحق كانت بحكم الاتحاد في البطلان قبلة واحدة .
السؤال الثالث:
قوله تعالى في هذه الآية: (مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ) [البقرة:145] وقال في الآية(120) :
( بَعۡدَ ٱلَّذِي جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ) [البقرة:120] ما السبب البلاغي في المغايرة بين التعبيرين (من بعد ما – بعد الذي )؟
الجواب:
انظر الجواب في آية البقرة [120].
السؤال الرابع:
ما الدروس المستفادة من هذه الآية ؟
الجواب:
1ـ هذه الآية تبين قطعَ الأطماع في اتّباع أهل الكتاب لخاتم النبيين عليه السلام .
2 ـ قوله تعالى : (وَمَآ أَنتَ بِتَابِعٖ قِبۡلَتَهُمۡۚ) جملة اسمية مؤكدة بحرف الجر في سياق النفي ، لاستحالة أن يتابع المؤمن حقًا أعداء الله ولا يأخذ بآرائهم وأفكارهم.
3 ـ إنما قال: (أَهۡوَآءَهُم) بلفظ الجمع؛ تنبيهًا على أنّ لكل واحد منهم هوى غير هوى الآخر، ثم هوى كل واحد منهم لا يتناهى.
4ـ قوله تعالى : (مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ) ليس المقصود نفس العلم ، وإنما الدلائل والمعجزات ، من باب إطلاق اسم الأثر على المؤثر، بغرض المبالغة والتعظيم للعلم . ودلتْ الآية على أنّ توجه الوعيد على العلماء أشد من توجهه على غيرهم ، بدليل قوله تعالى : (إِنَّكَ إِذٗا لَّمِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ) والمُراد أنك لو فعلت ذلك لكنت في منزلة القوم في كفرهم وظلمهم لأنفسهم، والغرض من ذلك التهديد والزجر.( تفسير الرازي ) . والله أعلم .






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #118  
قديم 19-04-2024, 11:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,235
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن 120
مثنى محمد هبيان



(ٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ يَعۡرِفُونَهُۥ كَمَا يَعۡرِفُونَ أَبۡنَآءَهُمۡۖ وَإِنَّ فَرِيقٗا مِّنۡهُمۡ لَيَكۡتُمُونَ ٱلۡحَقَّ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ١٤٦ ) [البقرة: 146]
السؤال الأول :
في هذه الآية عبّر الله تعالى بلفظ المعرفة، وقال: (يَعۡرِفُونَهُۥ) [البقرة:146] ولم يقل: (يعلمونه) لماذا؟
الجواب:
ذلك أنّ المعرفة غالباً ما تتعلق بالذوات والأمور المحسوسة، فأنت تقول عن شيء معين: إنك تعرفه، حينما يكون علمك به أصبح كالمشاهد له، وكذلك كانت معرفة أهل الكتاب بصفات النبي ﷺ فهي لم تكن مجرد علم مستند إلى غيب، بل إنهم يعرفونه ويعرفون صفاته كأنهم يشاهدونه أمامهم قبل بعثته؛ لذلك عبّر بالمعرفة ولم يعبّر بالعلم.
وكذلك قال: (يَعۡرِفُونَهُۥ كَمَا يَعۡرِفُونَ أَبۡنَآءَهُمۡۖ) ولم يقل : (أنفسهم)؛ لأنّ الإنسان لا يعرف نفسه إلا بعد انقضاء برهة من دهره، ويعرف ولده من حين وجوده، ثم في ذكر الابن ما ليس في ذكر النفس؛ فإن ابن الإنسان عصارة ذاته ونسخة صورته.
السؤال الثاني:
قوله تعالى: (ٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ) وقال في مواطن أخرى :( أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ)فما دلالة ذلك؟
الجواب:
هناك خط واضح في القرآن الكريم يتمثل في أنه إذا كان المقام مقام مدح وثناء أظهر الله تعالى ذاته ونسب إتيان الكتاب إلى نفسه، فيقول: (ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ) [البقرة:146] ، وإذا كان المقام مقام ذم وتقريع، قال: (أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ) .
السؤال الثالث:
ما أهم دلالات هذه الآية ؟
الجواب:
1ـ هذه الآية بمثابة إعلام للمؤمنين بأنّ علماء أهل الكتاب يعرفون محمداً وما جاء به من الحق وقبلته ودعوته معرفة لا يشكون فيها كما لا يشكون في أبنائهم .
وقد ورد أنّ عمر رضي الله عنه سأل عبد الله بن سلام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أنا أعلم به مني بابني ، فقال ولِمَ؟ قال : لأني لست أشك في محمد أنه نبي ، وأمّا ولدي فلعلّ والدته خانت ، فقبّل عمر رأسه .
2ـ إنْ قيل : لم خصّ الأبناء الذكور ؟ فالجواب : لأنّ الذكور أعرف وأشهر وهم بصحبة الآباء ألزم وبقلوبهم ألصق .
3ـ الآية رقم ( 146 ) ذكرت المخالفة الثانية والثلاثين (32 ) لليهود التي ذكرها الله تعالى في سورة البقرة من أصل (32 ) مخالفة ، وهي تحمل مضمون : كفرهم بالنبي محمد عليه السلام مع شدة معرفتهم له. وللفائدة نورد فيما يلي جدولاً يبين تلخيصاً لمخالفات اليهود التي ذكرها الله تعالى في النصف الأول من سورة البقرة وهي (32 ) مخالفة :
والله أعلم .






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #119  
قديم 21-04-2024, 03:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,235
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (121)
مثنى محمد هبيان



( ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ١٤٧) [البقرة:147]
السؤال الأول:
قال تعالى في هذه الآية من سورة البقرة [147] وفي آية الأنعام [114] وآية يونس [95]: (فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ١٤٧) بينما قال في آية آل عمران [60] :( فَلَا تَكُن مِّنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ٦٠) [آل عمران:60] فما دلالة ذلك؟
الجواب:
القاعدة اللغوية:
يستعمل القرآن الكريم نون التوكيد بهدف التوكيد فيضعها في المكان الذي يحتاج إلى توكيد أكثر .
وهنا أكد الفعل (تكونن) في آية البقرة والأنعام ويونس دون آية آل عمران؛ وذلك لأنّ المقام يقتضي التوكيد في كل موطن أكّد؛ وبيان ذلك :
أولاً ـ الآيات :
آيات البقرة: 142ـ147:
(۞سَيَقُولُ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَ ٱلنَّاسِ مَا وَلَّىٰهُمۡ عَن قِبۡلَتِهِمُ ٱلَّتِي كَانُواْ عَلَيۡهَاۚ قُل لِّلَّهِ ٱلۡمَشۡرِقُ وَٱلۡمَغۡرِبُۚ يَهۡدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ١٤٢ وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيۡكُمۡ شَهِيدٗاۗ وَمَا جَعَلۡنَا ٱلۡقِبۡلَةَ ٱلَّتِي كُنتَ عَلَيۡهَآ إِلَّا لِنَعۡلَمَ مَن يَتَّبِعُ ٱلرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيۡهِۚ وَإِن كَانَتۡ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُۗ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَٰنَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ١٤٣ قَدۡ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجۡهِكَ فِي ٱلسَّمَآءِۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبۡلَةٗ تَرۡضَىٰهَاۚ فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۚ وَحَيۡثُ مَا كُنتُمۡ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ شَطۡرَهُۥۗ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ لَيَعۡلَمُونَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا يَعۡمَلُونَ١٤٤ وَلَئِنۡ أَتَيۡتَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ بِكُلِّ ءَايَةٖ مَّا تَبِعُواْ قِبۡلَتَكَۚ وَمَآ أَنتَ بِتَابِعٖ قِبۡلَتَهُمۡۚ وَمَا بَعۡضُهُم بِتَابِعٖ قِبۡلَةَ بَعۡضٖۚ وَلَئِنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَآءَهُم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ إِنَّكَ إِذٗا لَّمِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ١٤٥ ٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ يَعۡرِفُونَهُۥ كَمَا يَعۡرِفُونَ أَبۡنَآءَهُمۡۖ وَإِنَّ فَرِيقٗا مِّنۡهُمۡ لَيَكۡتُمُونَ ٱلۡحَقَّ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ١٤٦ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ١٤٧ )
آيات الأنعام 111ـ 116:
(وَلَوۡ أَنَّنَا نَزَّلۡنَآ إِلَيۡهِمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَحَشَرۡنَا عَلَيۡهِمۡ كُلَّ شَيۡءٖ قُبُلٗا مَّا كَانُواْ لِيُؤۡمِنُوٓاْ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ يَجۡهَلُونَ١١١ وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّٗا شَيَٰطِينَ ٱلۡإِنسِ وَٱلۡجِنِّ يُوحِي بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٖ زُخۡرُفَ ٱلۡقَوۡلِ غُرُورٗاۚ وَلَوۡ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُۖ فَذَرۡهُمۡ وَمَا يَفۡتَرُونَ١١٢ وَلِتَصۡغَىٰٓ إِلَيۡهِ أَفۡ‍ِٔدَةُ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ وَلِيَرۡضَوۡهُ وَلِيَقۡتَرِفُواْ مَا هُم مُّقۡتَرِفُونَ١١٣ أَفَغَيۡرَ ٱللَّهِ أَبۡتَغِي حَكَمٗا وَهُوَ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ إِلَيۡكُمُ ٱلۡكِتَٰبَ مُفَصَّلٗاۚ وَٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ يَعۡلَمُونَ أَنَّهُۥ مُنَزَّلٞ مِّن رَّبِّكَ بِٱلۡحَقِّۖ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ١١٤ وَتَمَّتۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدۡقٗا وَعَدۡلٗاۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَٰتِهِۦۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ١١٥ وَإِن تُطِعۡ أَكۡثَرَ مَن فِي ٱلۡأَرۡضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنۡ هُمۡ إِلَّا يَخۡرُصُونَ١١٦ )
آيات يونس 94 ، 95:
﴿فَإِن كُنتَ فِي شَكّٖ مِّمَّآ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ فَسۡ‍َٔلِ ٱلَّذِينَ يَقۡرَءُونَ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلِكَۚ لَقَدۡ جَآءَكَ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ٩٤ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِ‍َٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ٩٥)
آيات آل عمران 59ـ60:
(إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَۖ خَلَقَهُۥ مِن تُرَابٖ ثُمَّ قَالَ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ٥٩ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُن مِّنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ٦٠)
ثانياً ـ البيان :
1ـ آية البقرة في تبديل القبلة وما صاحب ذلك من إرجاف وأقاويل وإعلان حرب نفسية على المسلمين حتى ارتد بعض ضعاف الإيمان، انظر الآيات: 143-144، ثم ذكر أنّ أهل الكتاب لن يتوجهوا إلى قبلة المسلمين مهما جئتهم بالبينات والحجج الواضحة، ثم قرّر أنّ هذا هو الحق الذي لا مرية فيه، فاحتاج كل ذلك إلى التوكيد، فقال: (ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ١٤٧) [البقرة:147] .
ـ وتقدمها كذلك في آية البقرة: 144 (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبۡلَةٗ تَرۡضَىٰهَاۚ ) فناسب (فَلَا تَكُونَنَّ) فأوجب الازدواج إدخال النون في الكلمة فيصير التقدير :فلنولينك قبلة ترضاها فلا تكونن من الممترين ، والخطاب في الآيتين للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد به غيره.
2ـ سياق آية الأنعام في تكذيب الرسول وعدم الإيمان به، انظر الآيات 111 و 116 ، فاحتاج المقام إلى توكيد أنه على الحق وأنه عليه ألا يكون من الممترين فقال: (فَلَا تَكُونَنَّ) .
3ـ آية يونس : لمّا قال: (فَإِن كُنتَ فِي شَكّٖ) احتاج إزالة الشك إلى التوكيد، ثم انظر إلى المؤكدات في السياق:
آ ـ التوكيد باللام وقد : (لَقَدۡ جَآءَكَ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ) .
ب ـ التوكيد بالنون :(فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ٩٤) وقوله: (وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِ‍َٔايَٰتِ ٱللَّهِ) .
ج ـ التوكيد بـ(إنّ) في قوله تعالى: (إنَّ ٱلَّذِينَ حَقَّتۡ عَلَيۡهِمۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ٩٦ ) [يونس:96] فاقتضى ذلك التوكيد، إذ السياق كله مؤكد.
4ـ أمّا في آية آل عمران فليس الأمر كذلك، فقد قال: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَۖ خَلَقَهُۥ مِن تُرَابٖ ثُمَّ قَالَ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ٥٩ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُن مِّنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ٦٠) [آل عمران:59-60] فلم يحتج الموطن إلى توكيد .
السؤال الثاني:
ما دلالة هذه الآية؟
الجواب:
وجّه الله سبحانه الخطاب لرسوله عليه السلام، والمُراد منه الثقلين الإنس والجن، في كل زمان ومكان، مؤكداً أنّ محمداً هو رسول الله صدقاً وعدلاً، فلا يحصل لكم أيها المؤمنون أي ريبة، ولا تختلفوا كما اختلفت اليهود والنصارى في أمر القبلة، حيث اليهود يستقبلوا بيت المقدس، والنصارى تستقبل مطلع الشمس، وأنت يا محمد تتوجه إلى الكعبة، فلا ترجو موافقتهم لك، والزم قبلتك التي أُمرت بها فإنها الحق .والله أعلم .






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #120  
قديم 21-04-2024, 03:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,235
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (122)
مثنى محمد هبيان



{ وَلِكُلّٖ وِجۡهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَاۖ فَٱسۡتَبِقُواْ ٱلۡخَيۡرَٰتِۚ أَيۡنَ مَا تَكُونُواْ يَأۡتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ١٤٨} [البقرة: 148]
ما أهم دلالات هذه الآية ؟
الجواب :
1ـ يَصْرِف الله سبحانه أنظار المسلمين عن الانشغال في أمر فتن ودسائس أهل الكتاب ،والمبادرة في استباق الخيرات والإكثار من الخيرات والطاعات .
2ـ لكل أهل ملة قبلة يتوجهون إليها في عباداتهم، وقبلة الإسلام هي الكعبة ، فبادروا بالتوجه إليها .
3 ـ قرأ ابن عامر ( هو مولَّاها ) بفتح اللام المشددة وبعدها ألف ،على أنه اسم مفعول ،وقرأ الباقون كحفص ( هو مولِّيها ) على أنه فاعل .
4 ـ الفاء في الفعل {فَٱسۡتَبِقُواْ} فاء الفصيحة ، أي إذا أردتم معرفة الأصوب فاستبقوا .و( الخيرات ) منصوب بنزع الخافض لأنّ الفعل (استبق) لازم.
5 ـ قوله تعالى : { أَيۡنَ مَا تَكُونُواْ يَأۡتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعًاۚ} فيفصل بين الحق والباطل، ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى . وفي هذا وعد لأهل الطاعة ووعيد لأهل المعصية.
6ـ قوله تعالى : { وَلِكُلّٖ وِجۡهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَاۖ فَٱسۡتَبِقُواْ ٱلۡخَيۡرَٰتِۚ} إشارة إلى تنوُّع الناس في أعمالهم وعباداتهم، ما بين صلوات وتعليم ودعوة وإغاثة، وكل ميسر لما خلق له، لكنّ المهم أن يكون المرء سابقًا في المجال الذي يذهب إليه مع مراعاة أنه محاسب، وهنا يُرَبِّينا القرآن لنكون الأوائل دائمًـا ، والسباق إلى الخير قائم منذ قيام الساعة، والناس فيه سابق ومسبوق ، فاحذر أن تختطفك الدنيا فيلتفت قلبك فيتعثر خطوك.
والله أعلم .
السؤال الثاني :
وردت لفظة ( أينما ) في القرآن الكريم متصلة { أَيْنَمَا} ومنفصلة {أَيۡنَ مَا} ،فما تعليل ذلك ؟
الجواب :
1ـ وردت لفظة ( أينما ) متصلة : أَيْنَمَا في أربعة مواضع وهي : [البقرة 115ـ النساء 78 ـ النحل 76 ـ الأحزاب 61 ] ، ووردت منفصلة {أَيْنَ مَا } في ثمانية مواضع وهي :
[ البقرة 148 ـ آل عمران 112 ـ الأعراف 37 ـ مريم 31 ـ الشعراء 92 ـ غافر 73 ـ الحديد 4 ـ المجادلة 7 ].
2 ـ لفظة ( أينما ) تكون موصولة إذا كانت ( ما ) غير مختلفة الأقسام في الفعل الذي بعدها , نحو : { أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ} { فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا} {أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا} { أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ} فهذه كلها لم تخرج عن ( أين ) الملكي , وهو متصلٌ حساً , ولم يختلف فيه الفعل الذي مع (ما ) , بينما تفصل ( أين ) عن ( ما) حيث تكون ( ما ) مختلفة الأقسام والأماكن في الوصف الذي بعدها وذلك للتفصيل , كما في الآيات الثمانية المبينة أرقامها أعلاه . والله أعلم.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 164.78 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 158.88 كيلو بايت... تم توفير 5.89 كيلو بايت...بمعدل (3.58%)]