حسن الظن بالناس - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4417 - عددالزوار : 853404 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3948 - عددالزوار : 388557 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12522 - عددالزوار : 214004 )           »          أطفالنا والمواقف الدموية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          عشر همسات مع بداية العام الهجري الجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          وصية عمر بن الخطاب لجنوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          انفروا خفافاً وثقالاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »          أثر الهجرة في التشريع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          مضار التدخين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-08-2020, 03:07 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي حسن الظن بالناس

حسن الظن بالناس (1)


د. محمد ويلالي





من وسائل التحصين الداخلي للأمة الإسلامية (2)


حسن الظن بالناس (1)




من المسلَّم به أن معظم ما تعيشه الأمة الإسلامية - اليوم - من مشاكل الحياة، إنما هو بسبب ضعف التحصين الداخلي، المبني على القواعد الشرعية المبثوثة في الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم. وقد وقفنا من ذلك على عنصر الأخوة الإسلامية، الذي اعتبرناه إكسير العلاقات الطيبة بين المسلمين، وسبيل نشر الود والمحبة بينهم، وطريق الإصلاح الاجتماعي، والاقتصادي، والتربوي، والنفسي لأبناء الأمة الإسلامية.



وتعميقا لسلامة هذه العلاقة المتينة بين أفراد مجتمعاتنا، وتقليصا من أسباب الخصام والشجار بينهم، وإصلاحا لكثير من مشاكلهم اليومية، نريد وضع اليد على صفة أخرى جديرة بتحقيق كل ذلك، إذا استطعنا أن نملك من خلالها نفوسنا، ونتملك خيوط الفضول فينا، وهي صفة "حسن الظن بالناس".



فما أكثر الخلافات بين الناس بسبب سوء الظن؟ كم جر من الويلات على الأصدقاء ففرق بينهم، وعلى أفراد الأسر فشتت شملهم، وعلى الجيران فخاصم بينهم، وعلى الطوائف فأشعل الحرب بينهم، وعلى زعماء الدول فزرع المؤامرات والفتن بينهم.. ولو حسن ظن بعضهم ببعض، لاستحالت العداوة أخوة، والمؤامرة مؤازرة، والخصومة محبة، والفتنة سلما وأمنا وسعادة.



حسن الظن هو: ترجيح جانب الخير في أخيك على جانب الشر، أن تنشر حسناته، وتستر عوراته. قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾. قال ابن كثير - رحمه الله: "يقول تعالى ناهيا عباده المؤمنين عن كثير من الظن، وهو التهمة والتخون للأقارب والأهل والناس في غير محله، فَيَجتنب كثيرا منه احتياطا".



وقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ. وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَجَسَّسُوا، وَلاَ تَنَافَسُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا" متفق عليه.



وفي قوله: "إياكم" تحذير شديد من هذا المرض القلبي الخطير، الذي يفتك بنفس صاحبه، ويحمله على الكبر والاعتداد بالنفس، التي يجعل منها قاضيا يحكم على الناس، وكأنها مبرأة من كل عيب حتى تراقب عيوب الناس.



قال الغزالي رحمه الله:"اعلم أن سوء الظن حرام مثل سوء القول، فكما يحرم عليك أن تحدث غيرك بلسانك بمساوئ الغير، فليس لك أن تحدث نفسك وتسيء الظن بأخيك.. وسبب تحريم سوء الظن أن أسرار القلوب لا يعلمها إلا علام الغيوب.. وما لم تشاهده بعينك، ولم تسمعه بإذنك، ثم وقع في قلبك، فإنما الشيطان يلقيه إليك، فينبغي أن تكذبه، فإنه أفسق الفساق".



ذلك أن حرمة المؤمن عند الله عظيمة، لا يجوز انتهاكها ولا تقحمها. استمع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - كيف يفضل حرمة المؤمن على حرمة الكعبة قبلة المسلمين، ويقول: "مرحباً بكِ من بيتٍ، ما أعظمَكِ، وأعظمَ حرمَتَكِ! ولَلْمؤمنُ أعظمُ حرمةً عند اللهِ منكِ، إن اللهَ حرّم منكِ واحدةَّ، وحرّمَ مِنَ المؤمنِ ثلاثاً: دمَه، ومالَه، وأن يُظَنَّ به ظنُّ السُّوءِ" الصحيحة.



لقد حسم رسول الله صلى الله عليه وسلم مادة سوء الظن بالمسلم، وأعلم المسلمين أنها مما يزرع في النفس الوساوس والاتهامات بالباطل. فعَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَي - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ: "كَانَ النَّبي صلى الله عليه وسلم مُعْتَكِفًا، فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلاً، فَحَدَّثْتُهُ، ثُمَّ قُمْتُ لأَنْقَلِبَ، فَقَامَ مَعِي لِيَقْلِبَنِي، فَمَرَّ رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَسْرَعَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "عَلَى رِسْلِكُمَا، إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ". فَقَالاَ: "سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ". قَالَ: "إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَرًّا" متفق عليه.



إن أصحاب القلوب النظيفة يشتغلون بعيوبهم، ويُقوِّمون اعوجاج نفوسهم، ولا يلتفتون لتتبع أحوال الناس: أين خرجوا؟ ومتى سافروا؟ وماذا عملوا؟ وكيف تملكوا؟ وماذا لبسوا؟ لهم من ذنوبهم شغل يحجزهم عن الفضول الذي يغذيه الفراغ، وقلة العلم، وضعف الإيمان، ويوقع في الإثم. يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"إِنَّ مِنْ أَرْبَى الرِّبَا: الاِسْتِطَالَةَ فِي عِرْضِ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ" صحيح سنن أبي داود.



بل إن هذا الفعل المشين يوقع في ضد نية صاحبه قال بكر بن عبد الله المزني: "إذا أردت أن تنظر العيوب جملة، فتأمل عيّاباً، فإنه إنما يعيب الناس بفضل ما فيه من العيب".



وقال أيضا:"إذا رأيتم الرجل موكلا بعيوب الناس، ناسيا لعيبه، فاعلمواأنه قد مُكِـرَ بِه". و"من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" صحيح سنن ابن ماجة.



وفي المقابل، يقول أحد السَّلف: "أدركتُ قوماً لم يكن لهم عيوبٌ، فذكروا عيوبَ الناس، فذكر الناسُ لهم عيوباً. وأدركتُ أقواماً كانت لهم عيوبٌ، فكفُّوا عن عُيوب الناس، فنُسِيَت عيوبهم".



فإذا رأيت رجلا مع امرأة - مثلا - فلا تظنن به سوء قبل أن ينكشف أمره، وقل: لعلها زوجته، لعلها أخته، لعلها إحدى قريباته، لعلها امرأة تسأله حاجة. ولو طرقتَ باب فلان فلم يجبك، أو هاتفتَه فلم يرد عليك، أو ناديته في الطريق فلم يلتفت إليك، فاحمل موقفه على الظن الحسن.

تأن ولا تعجل بلومك صاحبا = لعل له عذرا وأنت تلوم



ومن حسن ظن السلف أنهم كانوا يقولون: "التمس لأخيك سبعين عذرًا".



وقال ابن سيرين رحمه الله:"إذا بلغك عن أخيك شيء، فالتمس له عذرًا، فإن لم تجد فقل: لعل له عذرا لا أعرفه". وهو تطبيق عملي لقوله تعالى: ﴿ وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا ﴾. قال أبو حيان: "فيه تنبيه على أنَّ حقَّ المؤمن إذا سمع قَالَةً في أخيه، أن يبني الأمر فيه على ظنِّ الخير، وأن يقول بناء على ظنِّه: هذا إفك مبين".



وعن سعيد بن المسيب قال: كتب إليَّ بعض إخواني من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم "أن ضع أمر أخيك على أحسنه ما لم يأتك ما يغلبك. ولا تظنن بكلمة خرجت من أمرئ مسلم شرا وأنت تجد لها في الخير محملا. ومن عرَّض نفسه للتهم، فلا يلومن إلا نفسه. ومن كتم سره، كانت الخِيَرة في يده. وما كافيتَ من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله تعالى فيه".



لا تكشفن مساوِي الناس ما ستروا

فيهتك الله سترا عن مساويكا



واذكر محاسن ما فيهم إذا ذُكروا

ولا تعب أحداً منهم بما فيكا






إن سوء الظن هو الذي هز أركان بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في لحظة اتهام جائر لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك، التي نزل فيها قرآن ينبه المؤمنين على ضرورة حسن الظن بمن عُلم عنه الصلاح وحسن الأخلاق. قال تعالى:﴿ لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ ﴾. قال الخازن: "والمعنى: كان الواجب على المؤمنين إذ سمعوا قول أهل الإفك أن يكذبوه ويحسنوا الظَّن، ولا يسرعوا في التُّهمة وقول الزُّور فيمن عرفوا عفَّته وطهارته".



ولذلك لما قالت أم أيوب لزوجها أبي أيوب: "ألا تسمع ما يقول النَّاس في عائشة؟ قال: بلى، وذلك الكذب. أكنتِ أنتِ يا أمَّ أيوب فاعلة ذلك؟ قالت: لا والله ما كنت لأفعله، فقال: فعائشة والله خير منك، سبحان الله، هذا بهتان عظيم".



فلماذا هذا الفضول الذي لا يجلب إلا العداوة، ولا يدعو إلا إلى المنافرة والمباغضة؟ فضلا عن الإثم الذي يسرق الحسنات، ويورث الندامات. كان الإمام الشافعي رحمه الله يقول: "مَن أحب أن يختم له بخير فليحسن الظن بالناس".



وذكر ابن كثير في البداية والنهاية أن سفيان بن حسين قال:"ذكرت رجلاً بسوء عند إياس بن معاوية، فنظر في وجهي، وقال: أغزوتَ الرومَ؟ قلت: لا. قال: فالسِّند والهند والترك؟ قلت: لا. قال: أفَتسلَم منك الروم والسِّند والهند والترك، ولم يسلَمْ منك أخوك المسلم؟ قال: فلَم أعُد بعدها".




وقال بكر بن عبد الله المزني: "إيَّاك من الكلام ما إن أصبتَ فيه لَم تُؤجَر، وإن أخطأت فيه أثمت، وهو سوء الظنِّ بأخيك".



إذا ساء فعلُ المرءِ ساءتْ ظنونُه

وصدَّق ما يعتادُه من توهُّمِ



وعادى محبِّيه بقولِ عِداتِه

فأصبح في دَاجٍ من الشَّكِّ مظلمِ

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 01-08-2020, 03:09 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حسن الظن بالناس

حسن الظن بالناس (2)


د. محمد ويلالي






من وسائل التحصين الداخلي للأمة الإسلامية (3)


وقفنا - في المقال السابق - عند أحد أعظم أسباب التحصين الداخلي للأمة الإسلامية، وهو ضرورة حسن الظن بالناس، والترفع عن اتهامهم بغير بينة، وترك الطعن فيهم بمجرد الشبهة. وتبين لنا أن تنكب حسن الظن مدعاة إلى زرع الخصومات، وإثارة الأحقاد والعداوات، وإشعال فتيل الثارات، ونشر الفرقة والمناوشات، وإذكاء روح الخلافات، مع أن حرمة المسلم في ديننا محفوظة، وكرامته موفورة، مما استوجب ترجيح جانب الخير فيه قبل التمضمض باتهامه، ونشر حسناته قبل التلمظ بسيئاته، فكم قارض للأعراض، وعرضه بين شقي المقراض، إذ حقيقة الظن - كما قال الإمام النووي ـ:"تهمةٌ تقع في القلب بلا دليل"، فهو عملٌ الخطأُ فيه مأزور، والصواب فيه غير مأجور.



ولا بأس من تعميق النظر في هذا الملمح، علنا نقع على النهج القويم لاتِّزار سلامة الصدر بسربال الظن الحسن، ودفع اشتمال النفس بدثار الظن السيء، الذي ما اعتور قلبا إلا أفسده، ولا جسما إلا أنهكه، ولا عقلا إلا أسقمه، وذلك من خلال بيان بعض أنواع حسن الظن:

1- حسن الظن بالله - عز وجل -:

فالله - تعالى - أحقُّ مَن حَسن ظنُّ المؤمن به، ولا يسيء به الظن إلا كافر، أو مشرك، أو منافق. قال تعالى: ﴿ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ ﴾ [آل عمران: 154]. وقال تعالى: ﴿ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ ﴾ [الفتح: 6].



أما المؤمنون، فقد أمروا بأن تكون آمالهم في عفو الله كبيرة، ورغبتهم في رحمته جسيمة، وآمالهم في نصره عظيمة. قال تعالى في الحديث القدسي: "أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء" صحيح الجامع.



وأعظم ما ينفع حسن الظن بالله تعالى عند الموت. فعن جابر بن عبدالله الأنصاري قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل موته بثلاثة أيام يقول: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل" مسلم.



فلا تَظْنُنْ بربك ظنَّ سَوء

فإن اللهَ أولى بالجميل






وليس معنى هذا أن يتكل المسلم على حسن ظنه بربه، فيترك العمل والاجتهاد في فعل الخير. قال الحسن البصري - رحمه الله ـ:"إن قوما ألهتهم الأماني حتى خرجوا من الدنيا وليست لهم حسنة،يقولون:نحن نحسنالظنبربنا.. ولو أحسنواالظن بالله لأحسنواالعمل".



2- حسن الظن بالناس عموما، والنظر إليهم بعين التفاؤل، التي تلمح الخير فيهم وتنشره، وتغمض عن جانب الشر وتستره، مع دوام النصح بالتي هي أحسن.



يقول رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:"إِذَا سَمِعْتَ الرَّجُلَ يَقُولُ: هَلَكَ النَّاسُ، فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ أو أَهْلَكَهُمْ" مسلم، لأن هذا من باب إطلاق العنان للسان يفري في أعراض الناس بلا خجل أو ورع. يقول ابن القيم - رحمه الله -:"وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم، ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات، ولا يبالي ما يقول".



يقول قعنب بن أم صاحب:



إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحا

مني وما سمعوا من صالح دفنوا



صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به

وإن ذكرت بسوء عندهم أَذِنوا






فيا أيها المؤمن، سارع إلى التصون لنفسك، والتحفظ لقلبك، وإِنْمَاءِ جانب الخير فيك، ولا تعامل الناس إلا بمثل ما تريد أن يعاملوك به، حينها تعرو نفسَك الراحة، وتملأُ جوانحَك السعادة، وتغمرُ حياتَك الطمأنينة.



فعَن ابْنِ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيِّ قَالَ: شَتَمَ رَجُلٌ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّكَ لَتَشْتُمُنِي وَفِيَّ ثَلاثُ خِصَالٍ: إِنِّي لآتِي عَلَى الآيَةِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -، فَلَوَدِدْتُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَعْلَمُونَ مِنْهَا مَا أَعْلَمُ مِنْهَا. وَإِنِّي لأَسْمَعُ بِالْحَاكِمِ مِنْ حُكَّامِ الْمُسْلِمِينَ يَعْدِلُ فِي حُكْمِهِ فَأَفْرَحُ بِهِ، وَلَعَلِّي لا أُقاضِي إِلَيْهِ أَبَدًا. وَإِنِّي لأَسْمَعُ بِالْغَيْثِ قَدْ أَصَابَ الْبَلَدَ مِنْ بِلادِ الْمُسْلِمِينَ فَأَفْرَحُ، وَمَا لِي بِهِ مِنِ سَائِمَةٍ".



هكذا المسلم، يدفعه حسن ظنه أن يفرح لفرح إخوانه، وأن يحزن لحزنهم، لا يبغضهم، ولا يحسدهم ويتمنى زوال نعم الله عليهم، ولا يتجسس عليهم ليفضحهم، ولا يخاصمهم ليشمت بهم.



أخرج البُخَاري عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - أَنَّ رَجُلاً عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللهِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا، وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم ـ، وَكَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ، فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا، فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: اللَّهُمَّ الْعَنْهُ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم ـ: لاَ تَلْعَنُوهُ، فَوَاللهِ مَا عَلِمْتُ إلا أَنَّهُ يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ". حتى والمسلم يجلد في حد من حدود الله لا يساء به الظن، ولا يسب أو يلعن، فالله تعالى أعلم بخفايا القلوب والضمائر.



ذكر ابن الملقن في طبقاته قال:"كان معروف الكرخي قاعدا يوما على دجلة ببغداد، فمر به صبيان في زورق يضربون بالملاهي ويشربون، فقال له أصحابه: أما ترى هؤلاء يعصون الله تعالى على هذا الماء؟ ادع عليهم. فرفع يديه إلى السماء وقال: إلهي وسيدي، كما فرحتهم في الدنيا، أسألك أن تفرحهم في الآخرة. فقال له صاحبه: إنما سألناك أن تدعو عليهم، ولم نقل ادع لهم. فقال: إذا فرحهم في الآخرة، تاب عليهم في الدنيا، ولم يضركم هذا".



وقد قَدِمَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - رضي الله عنه - فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّ دَوْسًا قَدْ عَصَتْ وَأَبَتْ، فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا. فَظَنَّ النَّاسُ أَنَّهُ يَدْعُو عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بِهِمْ" متفق عليه، فكان أن جاؤوا مسلمين.



هذا الذي ينفع المسلم في سائر حياته، بل وعند موته - أيضا -.



فهذا أبو دجانة - رضي الله عنه -، دخلوا عليه في مرضه ووجهه يتهلل، فقالوا له: ما لوجهك يتهلل؟ فقال: "ما من عملِ شيءٍ أوثقَ عندي من اثنتين: كنت لا أتكلَّم فيما لا يعنيني، وكان قلبي للمسلمين سليمًا". بماذا كان سيحس لو أنه كان يظلم هذا، ويعتدي على هذا، ويغتاب هذا، ويتتبع عورة هذا، ويفتش عن أمر هذا، ويسيء الظن بهذا، ويتهم هذا..؟.



إذا رمتَ أن تحيا سليماً من الأذى

ودينك موفور وعِرْضُكَ صَيِّنُ



لِسَانَكَ لا تَذْكُرْ بِهِ عَورَةَ امرئ

فَكلُّكَ عَوْرَاتٌ وَلِلنَّاسِ أَلْسُنُ



وَعَينكَ إنْ أَبْدَتْ إَلَيكَ مَعَايِباً

فَصُنْهَا وَقُلْ يَا عَيْنُ لِلنَّاسِ أَعْينُ






3- حسن الظن بين الزوجين:

إن من أعظم الأسباب المؤثرة في السير العادي للأسر، هو سوء الظن الذي يستشري بين أركانها، وبخاصة بين الزوج وزوجته، حيث تشيع الاتهامات، وتتناسل الظنون، وتعظم الوساوس والشكوك، فترى أحدهما يراقب الآخر بالعين والتجسس، والتسمع والتحسس، ليعرف مداخله ومخارجه، ومصادره وموارده، وكأن الأسرة تعيش حربا باردة ما تفتأ تقفز إلى السطح لتستحيل صراخا، وضوضاء، وعنفا، وخصومة، ومقاطعة ثم طلاقا وافتراقا.



ولقد حسم النبي - صلى الله عليه وسلم - ثوابت استقرار الأسرة، بنزع فتيل الشك من أركانها، وسد منافذ الشيطان في جنباتها. فقد جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلاَمًا أَسْوَدَ. فَقَالَ له النبي - صلى الله عليه وسلم -:"هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟". قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: "مَا أَلْوَانُهَا؟". قَالَ: حُمْرٌ. قَالَ: "هل فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ (أسمر)". قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: "فَأَنَّى كَانَ ذَلِكَ؟". قَالَ: أُرَاهُ عِرْقٌ نَزَعَهُ. قَالَ: "فَلَعَلَّ ابْنَكَ هَذَا نَزَعَهُ عِرْقٌ" متفق عليه.



وأوصى - عليه الصلاة والسلام - بأن لا يتجسس الرجل على زوجته ويسيء بها الظن، فيدخل البيت من ليل أو نهار، فجأة وبلا استئذان.



فعَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيْلاً، يَتَخَوَّنُهُمْ أَوْ يَلْتَمِسُ عَثَرَاتِهِمْ" مسلم. بل عليه أن يصك أذنيه عن كلام الناس، فلا يعبأ بالمشوشين، ولا يلتفت إلى الواشين، وأن يكون متغافلا في بيته، لا يكثر السؤال والتفتيش، والتتبع والتنقيب، ومن التمس عيبا وجده، فالأولى به التغاضي والتجاوز، إن خرج من بيته أَسِد، وإن دخله فَهِد، لا يسأل عما عَهِد، فذاك ملح السعادة الأسرية، ووقود العلاقات السمحة الطيبة. أما التشكك وسوء الظن من غير ريبة، فهما الهلكة التي يذكي نارها الشيطان، فلا يرتاح حتى يفرق بهما بين الزوجين. وحسبنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -:"إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا. ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ، فَيَلْتَزِمُهُ" مسلم.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 84.42 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 82.06 كيلو بايت... تم توفير 2.36 كيلو بايت...بمعدل (2.79%)]