منهج الإمام ابن حبان في كتابه "المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين" - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الدين والحياة الدكتور أحمد النقيب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 57 )           »          فبهداهم اقتده الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 55 )           »          يسن لمن شتم قوله: إني صائم وتأخير سحور وتعجيل فطر على رطب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 24 )           »          رمضان مدرسة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          أمور قد تخفى على بعض الناس في الصيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          دروس رمضانية السيد مراد سلامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 15 - عددالزوار : 344 )           »          جدول لآحلى الأكلات والوصفات على سفرتك يوميا فى رمضان . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 17 - عددالزوار : 734 )           »          منيو إفطار 18رمضان.. طريقة عمل كبسة اللحم وسلطة الدقوس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          5 ألوان لخزائن المطبخ عفا عليها الزمان.. بلاش منها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          5 طرق لتنظيف الأرضيات الرخامية بشكل صحيح.. عشان تلمع من تانى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16-09-2019, 02:58 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي منهج الإمام ابن حبان في كتابه "المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين"

منهج الإمام ابن حبان في كتابه "المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين"


اسم الكتاب:

اشتهر هذا الكتاب باسم "المجروحين"، وقد يُطلق عليه اسم "الضعفاء"، وقد يُطلق عليه اسم: "أسماء الضعفاء"، ووقع في النسخة الخطية المودعة بدار الكتب المصرية اسم الكتاب: "معرفة المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين"، وطبع الكتاب باسم "المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين" وكل هذه الأسماء صحيحة لا إشكال فيها إلا أنَّ ما وُجد على النسخة الخطية أدلّ على موضوع الكتاب ومضمونه.
توثيق نسبة الكتاب إلى المؤلف:

ثبوت نسبة هذا الكتاب للإمام ابن حبان أمرٌ معروفٌ لدى أهل العلم، ومما يزيده وضوحًا وتأكيدًا ما يلي:
1- الاستفاضة والشهرة التي هي من أقوى الأدلة على ثبوت نسبة أي كتاب إلى مؤلفه؛ فقد اشتهر هذا الكتاب بنسبته إلى ابن حبان، حتى لا يكاد يخالف في ذلك أحد. 2- تنصيص ابن حبان في هذا الكتاب على أنه اختصره من كتابه "التاريخ الكبير". كما أنه قال في آخر الكتاب: "قد أملينا ما حضرنا من ذكر الضعفاء والمتروكين وأضداد العدول من المجروحين. كما أنه قال في مقدمة كتاب "الثقات": "وأقنع بهذين الكتابين: "كتاب الثقات"، و"كتاب المجروحين" المختصرين عن كتاب التاريخ الكبير الذي خرجناه لعلنا بصعوبة حفظ كل ما فيه من الأسانيد والطرق والحكايات". 3- أن المؤلف قد أحال في هذا الكتاب إلى كتبه الأخرى، ومن أمثلة ذلك قوله في المقدمة - في أثناء الكلام عن مسألة اشتراط التصريح بالسماع في قبول رواية المدلِّس - : قد ذكرتُ هذه المسألة بكمالها بالأسئلة والأجوبة والعلل والحكايات في كتاب "شرائط الأخبار" فأغنى ذلك عن تكرارها في هذا الكتاب. 4- أنَّ كلَّ من جاء بعد ابن حبان ممن كتب في تراجم الرجال قد استفاد منه، وعزى له. 5- ذكر الأئمة لهذا الكتاب في مصنفاتهم، وعزوهم تضعيف ابن حبان لأي راوٍ كان إلى هذا الكتاب 6- أنَّ العلماء الذين ترجموا لابن حبان، كالذهبي في "سير أعلام النبلاء" قد ذكروا كتاب "المجروحين" أو "الضعفاء" ضمن مؤلفات ابن حبان. 7- وكذلك فقد نسبه له أصحاب كتب الفهارس والأثبات، كالكتاني وحاجي خليفة وغيرهم. سبب تأليف الكتاب:
بين الإمام ابن حبان في مقدمة كتابه "الثقات" أنه اختصر كتابيه "الثقات" و"الضعفاء" من كتابه "التاريخ الكبير" وذلك لما رأى من صعوبة تناول ما في هذا الكتاب الكبير لأنه جمع فيه بين الثقات والمجروحين، كما أنه أشار إلى سبب تأليفه لكتاب "المجروحين" في المقدمة فقال: أما بعد: فإن أحسن ما يدخر المرء من الخير في العقبى، وأفضل ما يكتسب به الذخر في الدنيا حفظ ما يعرف به الصحيح من الآثار، ويميز بينه وبين الموضوع من الأخبار، إذ لا يتهيأ معرفة السقيم من الصحيح، ولا استخراج الدليل من الصريح، إلا بمعرفة ضعفاء المحدثين والثقات، وكيفية ما كانوا عليه من الخلاف، وأما الأئمة المرضيون، والثقات المحدثون فقد ذكرناهم بأنسابهم، وما يعرف من أنبائهم، وإني ذاكر ضعفاء المحدثين وأضداد العدول من الماضين ممن أطلق أئمتنا عليهم القدح، وصح عندنا فيهم الجرح، وأذكر السبب الذي من أجله جرح، والعلة التي بها قُدِح، ليرفض سلوك الاعوجاج بالقول بأخبارهم عند الاحتجاج، وأقصد في ذلك ترك الإمعان والتطويل، وألزم الإشارة إلى نفس التحصيل، وبالله أستعين على السراء في المقالة..
موضوع الكتاب ومباحثه:

قدَّم المؤلف لكتابه بمقدمة بيَّن فيها موضوع الكتاب فقال: ".. وإني ذاكرٌ ضعفاء المحدثين وأضداد العدول من الماضين ممن أطلق أئمتنا عليهم القدح، وصحَّ عندنا فيهم الجرح، وأذكر السبب الذي من أجله جُرح، والعلة التي بها قُدِح، ليرفض سلوك الاعوجاج بالقول بأخبارهم عند الاحتجاج.."
ثم ذكر بابًا في الحث على حفظ السنن ونشرها، وذكر فيه ما وقع له من روايات تؤيِّد المعنى، ثم ذكر بابًا في التغليظ في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر ما يدلُّ على استحباب جرح الضعفاء، ثم ذكر أول من وقى الكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصحابة رضوان الله عليهم، وذكر حملة الآثار من الصحابة والتابعين، فمن بعدهم إلى وقته، ثم ذكر فصلاً مهمًا في أنواع جرح الضعفاء، فقال: فأمَّا الجرح في الضعفاء فهو على عشرين نوعًا، يجب على كل منتحلٍ للسنن طالبٍ لها باحثٍ عنها أن يعرفها لئلا يطلق عل كل إنسان إلا ما فيه، ولا يقول عليه فوق ما يعلم منه.
النوع الأول: فأما النوع الأول من أنواع الجرح في الضعفاء: فهم الزنادقة الذين كانوا يعتقدون الزندقة والكفر ولا يؤمنون بالله واليوم الآخر، كانوا يدخلون المدن ويتشبَّهون بأهل العلم، ويضعون الحديث على العلماء: ويروون عنهم ليوقعوا الشك والريب في قلوبهم.
النوع الثاني: قال أبو حاتم رحمه الله: ومنهم من استفزَّه الشيطان حتى كان يضع الحديث على الشيوخ الثقات في الحثِّ على الخير وذكر الفضائل والزجر عن المعاصي والعقوبات عليها؛ متوهمين أنَّ ذلك الفعل مما يؤجرون عليه، يتأولون قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من كذب على متعمدا" ..
النوع الثالث: منهم من كان يضع الحديث على الثقات وضعًا استحلالاً وجرأةً على رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إنَّ أحدهم كان عامة ليله يسهر في وضع الحديث كأبي البختري وهب بن وهب القاضي وسليمان بن عمرو...
النوع الرابع: ومنهم من كان يضع الحديث عند الحوادث تحدُث للملوك وغيرهم في الوقت دون الوقت، من غير أن يجعلوا ذلك لهم صناعة ليتشوَّقوا بها مثل النوع الثالث الذين ذكرناهم.
النوع الخامس: ومنهم من قد كتب وغلب عليه الصلاح والعبادة، وغفل عن الحفظ والتميز، فإذا حدث رفع المرسل، وأسند الموقف، وقلب الأسانيد، وجعل كلام الحسن عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم وما يُشبه هذا، حتى خرج عن حدِّ الاحتجاج به.
النوع السادس: ومنهم جماعة ثقات اختلطوا في أواخر أعمارهم حتى لم يكونوا يعقلون ما يحدِّثون فأجابوا فيما سئلوا، وحدَّثوا كيف شاءوا، فاختلط حديثهم الصحيح بحديثهم السقيم، فلم يتميَّز فاستحقوا الترك.
النوع السابع: ومنهم من كان يجيب عن كل شيءٍ يُسأل سواء كان ذلك من حديثه أو من غير حديثه، فلا يُبالي أن يتلقَّن ما لُقِّن، فإذا قيل له: هذا من حديثك، حدَّث به من غير أن يحفظ.
النوع الثامن: ومنهم من كان يكذب ولا يعلم أنه يكذب؛ إذ العلم لم يكن من صناعته، ولا اغبرَّ فيها قدَّمه.
النوع التاسع: ومنهم من كان يحدِّث عن شيوخٍ لم يَرَهم بكتبٍ صحاح، فالكتب في نفسها صحيحة إلا أن سماعه عن أولئك الشيوخ لم يكن، ولا رآهم.
النوع العاشر: ومنهم من كان يقلب الأخبار، ويسوي الأسانيد.
النوع الحادي عشر: ومنهم جماعة رأوا شيوخًا سمعوا منهم، ثم ذكروا عنهم بعد موتهم بأحاديث لم يسمعوها منهم فحفظوها، فلما احتيج إليهم ظفروا عليها، وحدَّثوا بها عن الشيوخ الذين رأوهم من غير تدليس عنهم.
النوع الثاني عشر: ومنهم من كتب الحديث ورحل فيه إلا أن كتبه قد ذهبت، فلما احتيج إليه صار يحدِّث من كتب الناس من غير أن يحفظها كلها أو يكون له سماع فيها كابن لهيعة وذويه.
النوع الثالث عشر: منهم من كثر خطؤه وفحُشَ، وكاد أن يغلب صوابه، فاستحقَّ التركَ من أجله وإن كان ثقة في نفسه صدوقًا في روايته، لأنَّ العدل إذا ظهر عليه أكثر.
النوع الرابع عشر: ومنهم من امتُحِنَ بابن سوء أو ورَّاق سوء كانوا يضعون له لحديث، وقد أمِنَ الشيخ ناحيتهم، فكانوا يقرؤون عليه ويقولون له: هذا من حديثك فيحدِّث به، فالشيخ في نفسه ثقة إلا أنه لا يجوز الاحتجاج بأخباره، ولا الرواية عنه، لما خالط أخباره الصحيحة الأحاديث الموضوعة.
النوع الخامس عشر: ومنهم من أدخل عليه شيءٌ من الحديث وهو لا يدري، فلما تبيَّن له لم يرجع عنه، وجعل يحدِّث به آنفًا من الرجوع عما خرج عنه..
النوع السادس عشر: ومنهم من سبق لسانه، حتى حدَّث بالشيء الذي أخطأ فيه وهو لا يعلم، ثم تبيَّن له وعلم فلم يرجع عنه، وتمادى في رواياته ذلك الخطأ بعد علمه أنه أخطأ فيه أول مرة، ومن كان هكذا كان كذَّابًا، ومن صحَّ عليه الكذب استحقَّ الترك.
النوع السابع عشر: ومنهم المعلن بالفسق والسَّفه، وإن كان صدوقًا في روايته؛ لأنَّ الفاسق لا يكون عدلاً، والعدل لا يكون مجروحًا، ومن خرج عن حد العدالة لا يعتمد على صدقه، وإن صدق في شيءٍ بعينه في حالة من الأحوال إلا أن يظهر عليه ضد الجرح حتى يكون أكثر أحواله طاعة الله عز وجل، فحينئذٍ يحتج بخبره، فأما قبل ظهور ذلك عنه فلا.
الثامن عشر: ومنهم المدلس عمن لم يره كالحجاج بن أرطاة وذويه، وكانوا يحدثون عمن لم يروه ويدلسون حتى لا يعلم ذلك منهم.
النوع التاسع عشر: ومنهم المبتدع إذا كان داعية يدعو الناس إلى بدعته حتى صار إمامًا يُقتدى به في بدعته ويرجع إليه في ضلالته.
النوع العشرون: ومنهم القصَّاص والسُّؤَّال الذين كانوا يضعون الحديث في قصصهم ويروونها عن الثقات، فكان يحمل المستمع منهم الشيء بعد الشيء على حسب التعجُّب، فوقع في أيدي الناس وتداولوها فيما بينهم.
ثم ذكر ابن حبان إثبات النصرة لطائفة أهل الحديث الذين يذبُّون عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر ستة أجناسٍ من أحاديث الثقات التي لا يجوز الاحتجاج بها، وهي:
الجنس الأول: وهو الذي كثر في المحدثين؛ فمنهم من كان يخطئ الخطأ اليسير، إما في الكتابة حيث كتب، ولم يعلم به حتى بقي الخطأ في كتابه إلى أن كبر، واحتيج إليه، مثل تصحيف اسم يشبه اسم، ومثل رفع مرسل أو إيقاف مسند، أو إدخال حديث في حديث أو ما يشبه هذا..
والجنس الثاني: أقوام ثقات كانوا يروون عن أقوامٍ ضعفاء كذابين، ويكنونهم حتى لا يعرفوا، فربما أشبه كنية كذَّاب كنية ثقة، فيتوهم المتوهم أن راوي هذا الخبر ثقة فيحملون عليه، وليس ذلك الحديث من حديثه..
الجنس الثالث: الثقات المدلِّسون الذين كانوا يدلسون في الأخبار.. ممن يكثر عددهم من الأئمة المرضيين وأهل الورع في الدين، كانوا يكتبون عن الكل، ويروون عمن سمعوا منه، فربما دلسوا عن الشيخ بعد سماعهم عنه عن أقوامٍ ضعفاء لا يجوز الاحتجاج بأخبارهم، فما لم يقل المدلس - وإن كان ثقة -: حدثني أو سمعت، فلا يجوز الاحتجاج بخبره.
الجنس الرابع: الثقة الحافظ إذا حدَّث من حفظه وليس بفقيه، لا يجوز عندي الاحتجاج بخبره، لأنَّ الحفاظ الذين رأيناهم أكثرهم كانوا يحفظون الطرق والأسانيد دون المتون.. فإذا كان الثقة الحافظ لم يكن فقها وحدث من حفظه، فربما قلب المتن، وغير المعنى، حتى يذهب الخبر عن معنى ما جاء فيه، ويقلب إلى شيءٍ ليس منه، وهو لا يعلم، فلا يجوز عندي الاحتجاج بخبر من هذا نعته، إلا أن يحدِّث من كتاب، أو يوافق الثقات فيما يرويه من متون الأخبار.
الجنس الخامس: الفقيه إذا حدث من حفظه، وهو ثقة في روايته، لا يجوز عندي الاحتجاج بخبره، لأنه إذا حدَّث من حفظه، فالغالب عليه حفظ المتون دون الأسانيد، وهكذا رأينا أكثر من جالسناه من أهل الفقه.. فإذا حدَّث الفقيه من حفظه فربما صحَّف الأسماء، وأقلب الأسانيد، ورفع الموقوف، وأوقف المرسل، وهو لا يعلم لقلة عنايته به، وأتى بالمتن على وجهه، فلا يجوز الاحتجاج بروايته إلا من كتاب، أو يوافق الثقات في الأسانيد، وإنما احترزنا من هذين الجنسين، لأنا نقبل الزيادة في الألفاظ إذا كانت من الثقات.
الجنس السادس: أقوامٌ من المتأخرين قد ظهروا يسوقون الأخبار، فإذا كان بين الثقتين ضعيف واحتمل أن يكون الثقتان رأى أحدهما الآخر أسقطوا الضعيف من بينهما حتى يتصل الخبر، فإذا سمع المستمع خبرًا رواته ثقات اعتمد عليه، وتوهم أنه صحيح.
ثم شرعَ ابن حبان في مقصود الكتاب؛ وهو ذكر الضعفاء والمجروحين مرتبين على حروف المعجم.
منهج ابن حبان في كتاب "المجروحين":

يمكن الكلام عن منهج المؤلف من خلال ما يلي:
1- قدَّم المؤلف لكتابه بمقدمة واسعة كما سبق. 2- رتَّب المؤلف أسماء المترجمين على حروف المعجم، وبذلك يكون قد خالف طريقة ترتيبه لكتاب "الثقات" الذي رتَّبه على الطبقات، والترتيب على حروف المعجم أسهل تناولاً كما لا يخفى. 3- يذكر المؤلف اسم المُترجم ونسبه ونسبته وكنيته. ولا يُطيل في ذلك غالبًا. 4- يذكر المؤلف من روى عنهم المُترجم، ويذكر وفاته أحيانًا. 5- يُطلق المؤلف عبارات الجرح على الرواة، وطريقته في ذلك: أنه ينقل كلام غيره من الأئمة ممن سبقه، كيحيى بن سعيد القطان، وأحمد، ويحيى ابن معين، والفلاس وغيرهم. فإذا لم يجد حكمًا في الراوي فإنه يسبر رواياته ثم يحكم عليهم بحكمه هو، فكثيرًا ما يقول: "يروي عن الثقات ما لا يُشبه حديث الأثبات" أو: "لا يعجبني الاحتجاج بما وافق الأثبات لكثرة ما يأتي من المقلوبات" أو : "كان ممن يقلب الأخبار والأسانيد وينفرد بالمناكير عن المشاهير لا يحل الاحتجاج بخبره" أو يقول: ". وقد تميَّز في أحكامه على الرواة أنه يذكر سبب الحكم، فلا يُطلق الحكم ويسكت، بل يُسِّر سبب جرحه للراوي، وفي هذا فائدة مهمة. 6- يعدُّ ابن حبان من الأئمة المتشددين في الحكم على الرجال، ويغلب على عباراته الشدة. 8- وضع ابن حبان قواعد واضحة في هذا الكتاب تحدِّد مذهبه في الحكم على الرجال، فهو يقول: "من كان منكر الحديث على قلته لا يجوز تعديله إلا بعد السبر، ولو كان ممن يروي المناكير ووافق الثقات في الأخبار لكان عدلا مقبول الرواية، إذ الناس في أقوالهم على الصلاح والعدالة حتى يتبين ما يوجب القدح.. 9- قسَّم المؤلف أنواع جرح الرواة إلى عشرين قسمًا كما سبق بيانه في مبحث موضوع الكتاب. 7- يختم المؤلف الترجمة بأن يسوق ما يُستنكر من حديث الراوي المُترجم، وهذه فائدة جليلة لهذا الكتاب كما ستأتي الإشارة إليها.أهمية كتاب "الثقات" ومزاياه:
تميَّز كتاب "المجروحين" لابن حبان بمزايا كثيرة من أهمها:
1- مكانة المؤلف العلمية وتقدّمه في هذا الشأن، فابن حبان إمام عارفٌ واسع الاطلاع على أحوال الرواة، كما لا يخفى على المشتغلين بهذا الفن. 2- المقدمة الواسعة التي قدَّم بها لكتابه، وما ذكره في المقدمة من الأدلة على وجوب بيان حال الرواة الضعفاء، والرد على من أنكر ذلك، وما ذكره أيضًا من الأسباب العشرين التي يُمكن أن يُجْرَح بها الراوي، وما ذكره من أجناس أحاديث الثقات التي لا يجوز الاحتجاج بها. 3- أنَّ الأئمة الذين جاؤوا بعد ابن حبان قد اعتمدوا كلامه واستفادوا منه، ونقلوا عنه، حتى لا يكاد يخلو كتاب من كتب الجرح والتعديل إلا وفيه نقلٌ عن هذا الكتاب. 4- أنَّ هذا الكتاب يعتبر موسوعة ضخمة في أسماء رواة الحديث المُتكلَّم فيهم، سواء كان الكلام مسلَّمًا أو غير مسلَّم. 5- أنَّ ابن حبان يجرح الراوي ويُفسِّر هذا الجرح غالبًا، ولهذا فائدة مهمة عند تعارض الجرح والتعديل في الراوي. 6- يسوق المؤلف ما يُستنكر من حديث الراوي المُترجم، وهذه الفائدة من أهم فوائد هذا الكتاب، حيث أصبح الكتاب مظنة لروايات كثيرة من الغرائب والضعاف والمناكير التي قد لا يُوقف عليها في كتابٍ آخر، ومن فائدة ذلك أيضًا معرفة ما يُستنكر من حديث الراوي ليتمكَّن الباحث من النظر في حاله. 7- يتميَّز ابن حبان في كتابه هذا وفي سائر كتبه بعباراته القوية الجميلة، ومن أمثلة ذلك قوله في المقدمة: "الواجب على كل من ركَّب الله فيه آلة العلم أن يرعى أوقاته على حفظ السنن رجاء اللحوق بمن دعا لهم النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ الله - جل وعلا - أمر عباده باتباع سنته، وعند التنازع الرجوع إلى ملته.. المآخذ على الكتاب:
على الرغم من الفوائد الكثيرة لهذا الكتاب وأهمية عند أهل الحديث والمعتنين بتراجم الرواة، فإنه قد أخذ فيه على المؤلف أشياء، ومن ذلك:
1- أنَّ ابن حبان ربما حصل له الوهم فذكر الراوي في "المروحين"، وأعاد ذكره في "الثقات"، كما سبق الكلام على ذلك في الكلام عن كتاب "الثقات" له. وقد قال ابن عبدالهادي: "هكذا يفعل ابن حبان كثيرًا، يدخل الرجل في كتابيه "الثقات" و"الضعفاء". "تنقيح التحقيق" (3/23) 2- أن يجرِّح ابن حبان بعض الرواة الثقات أو بعض الرواة الذين قد وثقَّهم غيره من أئمة هذا الشأن، ككلامه في عارم محمد بن الفضل السدوسي مع أنه إمام ثقة أخرج له الستة وغيرهم، ويمكن أن يُجاب عن ذلك بأنه على سبيل الاجتهاد، وهذا شأن غيره من العلماء، فهناك جماعة وثقهم أحمد وضعفهم البخاري، أو غيره، وهناك جماعة وثقهم ابن معين وابن المديني. 3- أنَّ ابن حبان يتشدَّد في جرح الرواة حتى انتقده من جاء بعده من أهل العلم، بل شدَّدوا النكير عليه في بعض الأحيان، كالذهبي وابن حجر، وغيرهم، ومن أمثلة ذلك: أنه قال في ترجمة عثمان بن عبدالرحمن الطرائفي من "المجروحين" (2/97): يروي عن أقوام ضعاف أشياء يدلسها عن الثقات حتى إذا سمعها المستمع لم يشك في وضعها. فلما كثر ذلك في أخباره ألزقت به تلك الموضوعات وحمل عليه الناس في الجرح، فلا يجوز عندي الاحتجاج بروايته كلها على حالة من الأحوال لما غلب عليها من المناكير عن المشاهير والموضوعات عن الثقات. فتعقَّبه الذهبي بقوله: وهو لا بأس به في نفسه. وأما ابن حبان فإنه يقعقع كعادته". "ميزان الاعتدال" (3/45) فيه " وقال الذهبي أيضًا في ترجمة سويد بن عمرو الكلبى: "وثقه ابن معين، وغيره. وأما ابن حبان فأسرف واجترأ فقال: كان يقلب الأسانيد، ويضع على الأسانيد الصحاح المتون الواهية. "ميزان الاعتدال" (2/253)، وكذا في ترجمة محمد بن الفضل السدوسى عارم، قال الذهبي - بعد أن ذكر توثيق الأئمة له -: " فأين هذا القول من قول ابن حبان الحشاف المتهور في عارم، فقال: اختلط في آخر عمره وتغير حتى كان لا يدرى ما يحدث به، فوقع في حديثه المناكير الكثيرة، فيجب التنكُّب عن حديثه فيما رواه المتأخرون، فإذا لم يعلم هذا من هذا ترك الكل، ولا يحتج بشيءٍ منها. ثم قال الذهبي: ولم يقدر ابن حبان أن يسوق له حديثا منكرًا، فأين ما زعم ؟! " "ميزان الاعتدال" (4/8) وكذلك قال الحافظ ابن حجر: وقرأت بخط الحافظ أبي عبدالله الذهبي بعد هذه الحكاية: ابن حبان ربما قصَّب الثقة حتى كأنه لا يدري ما يخرج من رأسه ". "تهذيب التهذيب" (1/321) 4- أن يستنكر ابن حبان حديثًا على راوٍ ما، ويكون البلاء فيه من راوٍ آخر، وقد بيَّن ذلك الإمام الدارقطني في تعليقه على الكتاب. 6- حصل له أخطاء في تعيين الرواة فينسبهم إلى قبائل أو أنساب ليست صحيحة لهم. وقد قام الإمام الدارقطني ببيان ذلك وتصويبه في تعليقاته على "المجروحين"، ومن أمثلة ذلك: قول ابن حبان: عبدالملك بن عبدالملك بن مصعب بن أبي ذئب، فتعقَّبه الدارقطني بقوله: عبدالملك بن عبدالملك بن مصعب خطأ، إنما هو عبدالملك بن عبدالملك، عن مصعب بن أبي ذئب. كما في "تعليقات الدارقطني" (ص 189) 5- أن يحصل له أوهام من قبيل الجمع والتفريق، فيكون ثمة راويان مشتركان في الاسم واسم الأب، وأحدهما ثقة والآخر، فيجرح ابن حبان الثقة منهما على سبيل الخطأ والتوهُّم.عناية العلماء والباحثين بالكتاب:
1- للإمام أبي الحسن الدارقطني تعليقات وتعقُّبات على كتاب "المجروحين" لابن حبان، وقد طبعت هذه التعليقات في دار الباز، بتحقيق: خليل بن محمد العربي. 2- وقد قام الإمام محمد بن طاهر بن القيسراني (507 هـ) بعمل أطراف لأحاديث كتاب المجروحين، وقد طبع هذا الكتاب باسم (معرفة التذكرة في الأحاديث الموضوعة) في مؤسسة الكتب الثقافية 1406هـ بتحقيق: عماد الدين حيدر, ثم طبع باسم (تذكرة الحفاظ) في دار الصميعي، الرياض، الطبعة الأولى 1415هـ بتحقيق: حمدي عبدالمجيد السلفي. وبلغ عدد أحاديثه (1139) حديثًا. 3- وقام الإمام محمد بن أبي الفتح بن أبي الفضل البعلي (709 هـ) باختصار كتاب "المجروحين" وسمَّى عمله: "مختصر أسماء المجروحين لابن حبان البستي" 4- وقد قام الباحث أمين عبدالله سليمان الشقاوي بكتابة رسالة ماجستير بعنوان: "تعارض أحكام الإمام محمد بن حبان البستي على بعض الرواة في كتابيه "الثقات" و"المجروحين"، وهي رسالة مقدمة في جامعة الملك سعود، سنة 1417ه‍- 1419ه‍- بإشراف: د. محسن محمد عبدالناظر. 5- وكذلك قام الدكتور مبارك سيف الهاجري بعمل بحث بعنوان: (الرواة الذين ترجم لهم ابن حِبَّان في المجروحين وأعادهم في الثقات - جمعًا ودراسة وتحليل -)، وقد بلغوا (159) راويًا. وهو بحث مقدَّم إلى جامعة الكويت، مجلس النشر العلمي، سنة (1421هـ). 6- وقد حقِّق كتاب "المجروحين" في رسائل علمية في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، ولكنه لم يُطبع إلى الآن. طبعات الكتاب:
طبع كتاب "المجروحين" لابن حبان عدة طبعات:
طبع أول الأمر قطعة من الكتاب في المطبعة العزيزية بحيدر آباد- الهند، سنة 1970م
ثم طبع بتحقيق: محمود إبراهيم زايد، ونُشر في دار الوعي بحلب، سنة 1396هـ وخرج في ثلاث مجلدات.
ثم صُوِّر في دار المعرفة- بيروت سنة 1412هـ
ثم طبع في دار الصميعي، بتحقيق: الشيخ حمدي عبدالمجيد السلفي، الطبعة الأولى: سنة 1420هـ، وخرج في مجلدين.
مصادر البحث:
مقدمة كتاب "المجروحين" و"الثقات" لابن حبان.
"سير أعلام النبلاء"، و"ميزان الاعتدال" للذهبي.
"تنقيح التحقيق" لابن عبدالهادي.
"تهذيب التهذيب" لابن حجر.
منقول

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 67.68 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 65.80 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (2.78%)]