التوكيد المعنوي: تعريفه وألفاظه وأمثلة عليه - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         ولا تبغوا الفساد في الأرض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          تحرر من القيود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          فن التعامـل مع الطالبات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 28 - عددالزوار : 784 )           »          العمل السياسي الديـموقراطي سيؤثر في الصرح العقائدي وفي قضية الولاء والبراء وهي قضية م (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 131 )           »          طرائق تنمية الحواس الخمس لدى الطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 19 )           »          حقيقة العلاج بالطاقة بين العلم والقرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 30 )           »          الله عرفناه.. بالعقل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 94 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النحو وأصوله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-09-2019, 05:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي التوكيد المعنوي: تعريفه وألفاظه وأمثلة عليه

التوكيد المعنوي


تعريفه وألفاظه وأمثلة عليه [1]


أبو أنس أشرف بن يوسف بن حسن







التوكيد المعنوي هو التابع الرافع احتمال:

1- إضافة إلى المتبوع «المؤكد»؛ نحو: جاء زيد نفسه.

فذلك المثال ذكر «نفسه»، يفهم منه السامع أن الذي جاء هو زيد، ولكن يحتمل أن يكون الكلام على تقدير مضاف قبل زيد، والتقدير: جاء رسول زيد. فلما قال: «نفسه». أزال ذلك الاحتمال، وأثبت الحقيقة، وتقرر عند السامع أنك لم ترد إلا مجيء «زيد» نفسه[2].



2- الخصوص بما ظاهره العموم؛ نحو: جاء القوم كلهم. إذ لو قلت: جاء القوم. فقط، لاحتمل أن يكون الجائي بعضهم، فلما قلت: كلهم. كان ذلك نصًا على العموم، ورافعًا لاحتمال الخصوص[3].



والتوكيد المعنوي يكون بألفاظ مخصوصة؛ كـ: «النفس، والعين، وكل» ونحوها، كما مثلنا هنا، وكما سيأتي قريبًا، إن شاء الله.



ألفاظ التوكيد المعنوي:

التوكيد المعنوي له ألفاظ مخصوصة معلومة عن طريق التتبع والاستقراء[4] لكلام العرب، وأجمع اللغويون عليها، كما حكى ذلك السيوطي في «الأشباه»، والهمع، وغيرهما، وهذه الألفاظ هي:

النفس[5]، والعين، وهما بمعنى الذات[6]، ويجب أن يضاف كل واحد من هذين إلى ضمير عائد على المؤكد، مطابق له في الإفراد والتثنية والجمع، والتذكير والتأنيث؛ ليحصل الربط بين المؤكد والمؤكد:

فإن كان المؤكد مفردًا: مذكرًا أو مؤنثًا، كان الضمير مفردًا، ولفظ التوكيد مفردًا أيضًا وجوبًا، تقول، جاء علي نفسه، أو عينه. وصلت هند نفسها، أو عينها.



وإن كان المؤكد جمعًا؛ مذكرًا أو مؤنثًا كان الضمير هو الجمع، ولفظ التوكيد مجموعًا أيضًا وجوبًا[7]، ويكون جمعه على وزن «أفعل»[8]، تقول: جاء الرجال أنفسهم، وشهد بفضلك الأعداء أعينهم، وجاءت الفاطمات أنفسهن، وكتبت النساء أعينهن الدرس.



إن كان المؤكد مثنى؛ مذكرًا أو مؤنثًا، فالأحسن أن يكون الضمير مثنى، ولفظ التوكيد مجموعًا[9]. تقول: حضر الرجلان أنفسهما، وجاءت الهندان أعينهما[10].



ومن ألفاظ التوكيد المعنوي كذلك: «كلا» للمثنى المذكر، «وكلتا» للمثنى المؤنث، وهما لفظان يؤكد بهما المثنى خاصة؛ لأنهما مثنيان معنى، فلا يستعملان في المفرد والجمع، وهما بمنزلة «كل» في المعنى، فهما يؤكد بهما لرفع احتمال إرادة واحد من الاثنين، تقول: جاء الزيدان، فيحتمل مجيئهما، وهو الظاهر، ويحتمل مجيء أحدهما، وأن المراد أحد الزيدين، فإذا قيل: كلاهما. اندفع هذا الاحتمال، وإنما يؤكد بهما بشروط:

1- أن يكون المؤكد بهما دالًّا على اثنين، فلا يستعملان في المفرد والجمع، فلا يقال: جاء محمد كلاه. أو: جاء الرجال كلاهم.



2- أن يصح حلول الواحد محلها، فلا يجوز على المذهب الصحيح أن يقال: اختصم الزيدان كلاهما. بل يجب أن تحذف كلمة «كلاهما»؛ لأنه لا يصح أن يحل المفرد محل المثنى، فلا يقال: اختصم زيد[11]: لأن الاختصام لا يكون إلا من اثنين فأكثر، لأن صيغة «افتعل» تقتضي المشاركة، ولا تقع من الواحد، وهكذا ما أشبهه؛ نحو: تعاهد سليم وخالد كلاهما. فلم يكن هناك حاجة إلى توكيد ذلك؛ لأن السامع لا يعتقد، ولا يتوهم أنه حاصل من أحدهما دون الآخر.



3- أن يكون ما أسند إليها غير مختلف المعنى، فلا يجوز: مات زيد، وعاش عمرو كلاهما. لاختلاف معنى ما أسند إليهما[12]. ولا يضر اختلاف اللفظ، فيجوز: انطلق زيد، وذهب عمرو كلاهما. وهذا هو ما جزم به ابن مالك تبعًا للأخفش.



4- أن يتصل بهما ضمير مثنى عائد على المؤكد بهما، ولا بد أن يطابقه، ولا يضر أن يكون للمتكلم، أو للمخاطب، أو للغائب، فيقال في المتكلم مثلًا: أكرمنا عبد الله كلينا، وفي المخاطب: أكرمكما عبد الله كليكما. وفي الغائب: بر والديك كليهما، وصن يديك كلتيهما عن الأذى، ولا يصح حذف الضمير، ولا تقديره؛ ليحصل الربط بين المؤكد والمؤكد.



ويعرب كل من «كلا، وكلتا» إعراب المثنى، فيرفعان بالألف، وينصبان ويجران بالياء. فيقال على سبيل المثال في إعراب «كلاهما» في قولك: سافر الرجلان كلاهما. «كلاهما»، توكيد معنوي، والتوكيد يتبع المؤكد في إعرابه، وهنا قد تبعه في رفعه، وعلامة رفعه الألف؛ لكونه ملحقًا بالمثنى.



ويقال في إعراب «كليهما» في قولك: رأيت الطالبين كليهما. «كليهما». توكيد معنوي منصوب. وعلامة نصبه الياء؛ لأنه ملحق بالمثنى.



ومن ألفاظ التوكيد المعنوي: «كل[13]. وجميع. وعامة»[14]. وهذه الثلاثة تكون بمعنى الإحاطة والشمول[15]. ولذلك لا يؤكد بها إلا ما كان ذا أجزاء، وهي إنما يؤكد بها بشروط: هي:

1- أن يكون المؤكد بها غير مثنى: استغناء عنها بـ«كلا، وكلتا»، فلا يؤكد بها إلا الجمع بنوعيه: المذكر والمؤنث، والمفرد بنوعيه؛ المذكر والمؤنث، ولكن بشرط أن يكون له أجزاء باعتبار عامله، كما سيأتي إن شاء الله تعالى، في الشرط الثاني.



ومثال جمع: صلى المسلمون كلهم صلاة العيد، ودعوا جميعهم لإخوانهم المستضعفين، وتصدقوا عامتهم على الفقراء والمساكين.



ومثال المفرد: اشتريت العبد كله، والأمة جميعها، وأكلت الرغيف عامته.



2- وأن يكون المؤكد بها متجزئًا بذاته[16]، أو بعامله[17]؛ فمثال ما يتجزأ بذاته: قوله تعالى: ﴿ فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ﴾. وقولك: جاء القوم كلهم أجمعون[18].



ومثال ما يتجزأ بعامله: اشتريت العبد كله، والأمة جميعها. فإن العبد، وكذلك الأمة: مجزأ باعتبار الشراء. فمن الممكن أن أشتري بعضه. وإن كان لا يتجزأ باعتبار ذاته[19].



ومثال ذلك أيضًا: أن تقول: أكلت الرغيف كله، لأن الرغيف يتجزأ باعتبار الأكل، فمن الممكن أن تأكل نصفه، أو ثلثه.



3- وأن يضاف كل من هذه الثلاثة إلى ضمير مطابق للمؤكد في الإفراد، والتثنية، والجمع، والتذكير، والتأنيث[20]؛ ليحصل الربط بين المؤكد والمؤكد[21]؛ نحو: جاء الجيش كله، وحضر الرجال جميعهم، وجاءت الناس عامتهم.



ومن ذلك: ما رواه مسلم رحمه الله في صحيحه 2/893 (149)، عن جابر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نحرت ههنا، ومنى كلها منحر، فانحروا في رحالكم. ووقفت ههنا، وعرفة كلها موقف، ووقفت ههنا، وجمع كله موقف».



ومن ألفاظ التوكيد المعنوي أيضًا:

أجمع، وهو بمعنى الإحاطة والشمول؛ كـ«كل، وجميع»، ولذلك لا يؤكد به إلا الجمع[22]، فلا يصح أن تقول: جاء زيد أجمع[23]. ولا يؤكد بهذا اللفظ غالبًا إلا بعد لفظ «كل»[24]، فتتبع «كله» بـ«أجمع»، و«كلها» بـ«جمعاء»[25]، و«كلهم» بـ«أجمعين»[26]، و«كلهن» بـ«جمع»، ويكون ذلك تقوية للتوكيد.



ومثال ذلك: أن تقول: جاء الصف كله أجمع – جاءت القبيلة كلها جمعاء – جاءت النساء كلهن جمع. وقوله تعالى: ﴿ فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ﴾. وقد يؤكد بـ«أجمع، وجمعاء، وأجمعين، وجمع»، وإن لم يتقدمهن لفظ «كل»، وهو وإن كان كثيرًا في نفسه إلا أنه قليل بالنسبة إلى التوكيد بها مع «كل»، ومن ذلك: قوله تعالى: ﴿ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ[27]. وقوله عز وجل: ﴿ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾. وقوله سبحانه: ﴿ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾. وقوله سبحانه: ﴿ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾. وقوله عز وجل: ﴿ وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾. وقوله صلى الله عليه وسلم: «وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعون»[28]. وقوله صلى الله عليه وسلم: «فله سلبه أجمع»[29].



ومن ألفاظ التوكيد المعنوي أيضًا: توابع «أجمع»[30]، وهي: أكتع، وأبتع، وأبصع[31]، وهذه الثلاثة كلها بمعنى «أجمع»[32]، و«أجمع» قد سبق أن معناها الإحاطة والشمول، وهذه الألفاظ الثلاثة لا بد أن يسبقها:

«أجمع»؛ نحو: جاء الجيش كله أجمع أكتع أبصع أبتع[33].



أو إحدى صيغها؛ نحو[34]:

جمعاء، ومثال ذلك: اشتريت هذه الدار جمعاء كتعاء بصعاء بتعاء.

أجمعين؛ نحو: رأيت القوم أجمعين أكتعين أبصعين أبتعين.

جمع؛ نحو: طلقت زوجاتي جمع كتع بصع بتع[35].



وربما أكد بـ«أكتع»، و«أكتعين» غير مسبوقين بـ«أجمع، وأجمعين»؛ وذلك نحو قول الراجز:

يا ليتني كنت صبيا مرضعًا *** تحملني الذلفاء حولًا أكتعا



وقول أعشى ربيعة:

تولوا بالدوابر واتقونا *** بنعمان بن زرعة أكتعينا

وحمل الجمهور ذلك على الضرورة[36].




يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-09-2019, 05:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي رد: التوكيد المعنوي: تعريفه وألفاظه وأمثلة عليه







[1] تقدم أن التوكيد اللفظي يكون في الأسماء والأفعال والحروف والجمل، أما التوكيد المعنوي فإنه يختص بالاسم فقط دون غيره من الفعل، والحرف، والجمل، على ما سيأتي بيانه، إن شاء الله تعالى.



[2] وهذه هي فائدة التوكيد بلفظي «النفس، والعين» من ألفاظ التوكيد المعنوي الآتي ذكرها، إن شاء الله تعالى في الصفحة القادمة.



[3] وهذه هي فائدة التوكيد بباقي ألفاظ التوكيد المعنوي الآتي ذكرها، إن شاء الله تعالى في الصفحة القادمة.



[4] هذه الألفاظ تحفظ، ولا يقاس عليها ألفاظ أخر.



[5] بسكون الفاء.



[6] فالنفس هنا بمعنى الذات، وإنما نصصنا على ذلك: لأن النفس لها إطلاقان، فتطلق على الروح، كما في قوله تعالى: ï´؟ أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ï´¾؛ أي: الروح بالروح، وقوله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده»؛ أي: روحي بيده.

وتطلق النفس على الدم. كما في قول العلماء: وما لا نفس له سائلة إذا وقع في الإناء، ومات فيه، لا ينجسه: أي: وما لا دم له سائل، ومنه أيضًا: امرأة نفساء.

وكذلك نصصنا على أن العين بمعنى الذات: لأن العين قد يراد بها الجارحة.

وبناء على ذلك فإنك إذا قلت: أرقت زيدًا نفسه، وكنت تريد بذلك الدم. وإذا قلت: أصبت زيدًا عينه، وكنت تريد بذلك الجارحة، فإن هذين اللفظين «نفسه، وعينه» لا يكونان حينئذ للتوكيد، بل هما بدلان مما قبلهما، بدل بعض من كل.

والنفس والعين يؤكد بهما لرفع احتمال الإضافة إلى المتبوع «المؤكد»، وانظر ما تقدم صـ 715.



[7] فلا يجوز مثلًا: جاء الزيدون نفسهم، أو عينهم. لأن لفظ التوكيد مفرد.



[8] أي: يجمعان على أنفس، وأعين، لا على نفوس، وعيون، ولا على أعيان: فإنه لا يؤكد بشيء من ذلك.



[9] ويكون هذا الجمع على وزن «أفعل» كذلك، وهذه هي أفصح اللغات، بل قد صرح ابن مالك في «التسهيل»، وابن هشام في القطر بوجوب جمع النفس والعين في توكيد الاثنين.

ودون هذه اللغة، إفراد النفس والعين، فتقول: جاء الزيدان نفسهما أو عينهما. وجاءت الهندان نفسهما أو عينهما.

ودونها التثنية، فتقول: نفساهما، وعيناهما. وهذه الصورة الأخيرة قد أجازها بعض النحويين، وأكثر النحاة يمنعونها؛ لأنها لم ترد عن العرب، وأما ما ورد منها في الشعر فهو قليل، ولذلك جعلوه من باب الضرورة.



[10] وكان القياس: نفساهما. عيناهما. لكنهم عدلوا عن ذلك في اللغة الفصحى، كراهة اجتماع تثنيتين – هما، الألف في نفسا، وعينا، والضمير «هما» الواقع بعد الألف – فيما هو كالشيء الواحد، فعدلوا إلى الجمع: لأن التثنية جمع في المعنى.

كما انهم استغنوا عن تثنية النفس والعين لتأكيد المثنى بـ«كلا، وكلتا».

وقريب من ذلك: قوله تعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}. فإن «قلوب» يجوز فيها لجمع والإفراد والتثنية، والمختار الجمع. ويترجح الإفراد على التثنية، ومن ذلك: قول الشماخ:

حمامة بطن الواديين ترنمي *** سقاك من الغر الغوادي مطيرها

فقد أفرد «بطن»، والقياس: بطني. والأحسن. بطون.



[11] فلا يحتمل أن يكون المراد أحد الزيدين.



[12] ولذلك كانت القاعدة عند النحاة، أنه إذا أريد توكيد معمولي متعاطفين فإنه لا يتحد المؤكد إلا عند اتحاد معنى العامل؛ نحو: قعد أحمد، وجلس أشرف كلاهما.



[13] ولا حجة كذلك في قوله تعالى: ï´؟ إِنَّا كُلٌّ فِيهَا ï´¾. في قراءة من نصب؛ لأن «كلا» بدل من اسم «إن».

وبهذا يعلم أنه ليس من التوكيد؛ نحو، جاء الناس عامة، أو قاطبة، أو كافة. وإن كان فيها معناه؛ لفقد الضمير، بل هي منصوبة على الحال المؤكد لصاحبها في الأصح «أو على المفعول المطلق» مع أنها غير تابعة لما قبلها في إعرابه.



[14] «عامة» بنفس معنى «كل، وجميع»، كما قال سيبويه في «الكتاب»، وابن مالك: والتاء في آخر «عامة» زائدة لازمة. لا تفارقها في إفراد، ولا في تذكير، ولا في فروعهما. وهي للمبالغة، وليست للتأنيث.



[15] فهي يؤكد بها لثبوت العموم، ونفي احتمال الخصوص بالبعض، وجه ذلك: أنك إذا قلت: جاء الجيش. احتمل أن يكون المراد. جاء الجيش كله، أو جاء بعضه، فإذا قلت، كله، أو جميعه، أفاد الإحاطة والشمول، وأن الجيش جاء كله.

وليعلم أنه يؤكد بـ«كل» وجميع وعامة مفردة عن النفس والعين، أو معهما.



[16] وهذا هو الجمع بنوعيه؛ المذكر والمؤنث، والمعنى: أن يكون المؤكد بهذه الثلاثة ذا أجزاء حقيقية، وذلك بأن يصح انفصال بعض الأجزاء عن بعضها. كما سيتضح ذلك بالمثال الآتي قريبًا إن شاء الله.



[17] وهذا هو المفرد بنوعيه؛ المذكر والمؤنث فإنه وإن كان لا يتجزأ باعتبار ذاته. ولكنه قد يتجزأ باعتبار عامله، كما سيأتي إن شاء الله قريبًا.



[18] فإن القوم عبارة عن أشخاص مجموعة، يصح افتراقها.



[19] وعليه فإنه لا يجوز، جاء زيد كله، أو جميعه، أو عامته؛ لأن «زيدًا» لا يتجزأ باعتبار ذاته، لأنه واحد، ولا باعتبار عامله؛ لأن المجيء واحد.

وإنما لم تحتج إلى توكيد «زيد» بـ«جميع، أو كل، أو عامة»: لأن ما لا يتجزأ بذاته، أو بعامله، لا يتوهم فيه عدم الشمول؛ حتى يرفع بالتوكيد بها.



[20] وهذه الألفاظ الثلاثة «كل، وجميع، وعامة» لا تختلف باعتبار الإفراد والتثنية والجمع، والتذكير والتأنيث، وإنما الذي يختلف هو ذلك الضمير المضاف إليها. العائد على المؤكد.



[21] ولا يجوز حذف هذا الضمير؛ استغناء بنية الإضافة، ولا حجة في قوله تعالى: {لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا}. على أن المعنى: «جميعه»، بل «جميعًا» حال.



[22] أو المفرد، ولكن بنفس الشرط السابق ذكره في «كل، وجميع، وعامة». وهو أن يكون هذا المفرد ذا أجزاء باعتبار عامله: كقولك: اشتريت العبد كله أجمع.



[23] وذلك لأن زيدًا هنا لا يتجزأ، لا باعتبار ذاته، لأنه مفرد، ولا باعتبار عامله، لأن المجيء واحد.

بخلاف ما لو قلت: أكلت الرغيف كله أجمع. فإن هذا يصح؛ لأن الرغيف يتجزأ باعتبار الأكل، فيمكن أن تأكل ثلثه، أو نصفه.



[24] ولما كان الغالب في هذه الألفاظ ألا يؤكد بها إلا بعد لفظ «كل» استغنت عن أن تتصل بضمير يعود على المؤكد.

وإنما يؤتى بهذا التوكيد بعد التوكيد بـ«كل»، إذا أريد تقوية التوكيد. والمبالغة فيه.



[25] ولا يجوز تثنية «أجمع، وجمعاء»؛ ليؤكد بهما المثنى، فلا يقال: جاء الزيدان أجمعان، ولا: جاءت الهندان جمعاوان. هذا هو مذهب جمهور البصريين، وهو الصحيح؛ لأن ذلك لم يسمع، واستغناء عنهما بتثنية «كلا، وكلتا»، كما استغنوا بتثنية «سي» عن تثنية «سواء». وتثنية «جزء» عن تثنية «بعض»؛ فإنه يقال: زيد وعمرو سيان في الفضيلة. ولا يقال: سواءان. ويقال: جزءان. ولا يقال: بعضان.

وأجاز الأخفش والكوفيون تثنية «أجمع، وجمعاء». فتقول: جاءني الزيدان أجمعان، والهندان جمعاوان.

وهذا الخلاف الحاصل في جواز تثنية هاتين الكلمتين «جمعاء. وأجمع» هو جار كذلك فيما وازنهما: نحو: «أكتع، وكتعاء».



[26] نصبًا وجرًا، أما في حالة الرفع فيؤكد بـ«أجمعون»، ومن ذلك: قولك: رأيت المسلمين كلهم أجمعين يصلون. وقولك: نظرت إلى المسلمين كلهم أجمعين، وهم يصلون، فأعجبني اصطفافهم. وقوله تعالى: ï´؟ فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ï´¾. فـ«كل» في هذه الآية توكيد معنوي مرفوع: لأن المؤكد «الملائكة» مرفوع، و«أجمعون»، توكيد ثان مرفوع، وعلامة رفعه الواو.

وقس على هذا الإعراب إعراب الجملتين الأخريين.



[27] فـ«أجمعين» توكيد للضمير «الهاء»، والتوكيد يتبع المؤكد في إعرابه – كما سيأتي إن شاء الله – فتبعه هنا في نصبه، وعلامة نصبه الياء؛ نيابة عن الفتحة، لأنه جمع مذكر سالم.

ولذلك إذا كان المفرد المراد جمعه جمع مؤنث سالمًا، إذا كان منتهيًا بالتاء فإنها تحذف استغناء عنها بالتاء التي تزاد في آخره؛ نحو: «مسلمة، مسلمات».



[28] رواه البخاري (689)، ومسلم (411) (77)، من حديث أنس رضي الله عنه.



[29] رواه مسلم (1754) (45)، من حديث سلمة بن الأكوع.



[30] ذكر توابع «أجمع» هنا هو من زيادات الآجرومية على الألفية، وإنما تركها ابن مالك رحمه الله في الألفية؛ لأن التوكيد بها قليل.



[31] وإنما سميت هذه الألفاظ الثلاثة توابع «أجمع»؛ لأنها لا يؤتى بها غالبًا إلا بعد «أجمع»، كما سنوضح قريبًا، إن شاء الله.



[32] وجه ذلك: أن «أكتع» مأخوذة من قولهم: تكتع الجلد؛ أي: تقبض وتجمع، ففيه معنى الجمع، و«أبتع» من البتع، وهو طول العتق، والقوم إذ كانوا مجتمعين طالت أعناقهم، وهو كناية عن الاجتماع، فيكون بمعنى «أجمع» أيضًا. و« أبصع» من تبصع العرق إذا سأل: وهو لا يسيل إلا إذا تجمع، فيكون بمعنى «أجمع» أيضًا. ففي التوكيد بكل من هذه الثلاثة إشارة إلى أن المؤكد اجتمعت أجزاؤه، ولم يتخلف منها شيء.



[33] والظاهر من كلام النحويين أن «أبصع، وأبتع» لا يأتيان إلا مسبوقين بـ«أكتع»، ويجوز أن يأتي «أكتع» بعد «أجمع» بدونهما، وليعلم أنه إذا تكررت ألفاظ التوكيد فهي للمؤكد، كالصفات المتوالية. وليس الثاني توكيدًا للتوكيد، وقد ذكرنا قبل أن تكرار ألفاظ التوكيد يكون لفائدة زيادة التوكيد، والمبالغة فيه.



[34] لأن «أجمع» وصيغها أدل على المقصود، الذي هو الجمعية.



[35] يلاحظ في هذه الأمثلة المذكورة أن الكلمات «أجمع، أكتع، أبتع». والكلمات «جمعاء، كتعاء، بصعاء، بتعاء». والكلمات «جمع، كتع، بصع، بتع» كلها لم تنون؛ وذلك لأنها ممنوعة من الصرف، والمانع لها من الصرف هو العلمية ووزن الفعل في الكلمات الأربعة الأولى: «أجمع، أكتع، أبصع، أبتع»، والعلمية والتأنيث في الكلمات الأربعة الثانية «جمعاء، كتعاء، بصعاء، بتعاء». والعلمية والعدل في الكلمات «جمع، كتع، بتع، بصع».




[36] فعند الجمهور أن هذه الألفاظ لا يؤكد بها استقلالًا إلا شذوذًا؛ لعدم ظهور دلالتها على معنى الجمعية، بل قليل: لا معنى لها في حال الإفراد.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 84.73 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 82.35 كيلو بايت... تم توفير 2.38 كيلو بايت...بمعدل (2.81%)]