توزيع المهام وفق المهارات في عصر النبوة - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         ولا تبغوا الفساد في الأرض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          تحرر من القيود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          فن التعامـل مع الطالبات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 28 - عددالزوار : 766 )           »          العمل السياسي الديـموقراطي سيؤثر في الصرح العقائدي وفي قضية الولاء والبراء وهي قضية م (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 124 )           »          طرائق تنمية الحواس الخمس لدى الطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 2 )           »          حقيقة العلاج بالطاقة بين العلم والقرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 20 )           »          الله عرفناه.. بالعقل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 85 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى التنمية البشرية وعلم النفس

ملتقى التنمية البشرية وعلم النفس ملتقى يختص بالتنمية البشرية والمهارات العقلية وإدارة الأعمال وتطوير الذات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15-07-2019, 11:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي توزيع المهام وفق المهارات في عصر النبوة

توزيع المهام وفق المهارات في عصر النبوة
عبدالستار المرسومي




توزع الأدوار على الأفراد وَفْق ما يمتلك كل واحد منهم من تخصص ومهارات يستطيع أن ينجز من خلالها المهامَّ الموكلة إليه على الوجه المطلوب،يقولطَرَفةُ بن العبد في هذا المجال:
إذا كنتَ في حاجة مُرسِلًا
فأرْسِلْ حَكِيمًا، ولا تُوصِهِ

وإنْ ناصحٌ منكَ يومًا دنَا
فلا تنأَ عنهُ ولا تُقْصِهِ

وإنْ بابُ أمرٍ عليكَ التَوَى
فشاوِرْ لبيبًا ولا تَعصِهِ

وذو الحقِّ لا تَنْتَقِصْ حَقَّهُ
فإنَّ القطيعةَ في نقْصِهِ

ولا تَذكُرِ الدَّهْرَ في مجْلِسٍ
حَديثًا إذا أنتَ لم تُحصِهِ

ونُصَّ الحَدِيثَ إلى أهلِهِ
فإنَّ الوثيقة َ في نصِّهِ


لقد حاوَل عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما أن يتولى مهمة الأذان وتمنى ذلك، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعطِه هذه المهمة، بل أعطاها بلال بن رباح رضي الله عنه؛ لأنه الأجدر بها، ويمتلك أدواتها؛ فعن عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما، قال: "وددتُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاني النداء"، قيل: ولم ذاك؟ قال: "إنهم أطولُ الناس أعناقًا يوم القيامة"[1]، ولم يقتصر الأمر على أصحابه صلى الله عليه وسلم، وإنما حتى في هجرته من مكة إلى المدينة المنورة واحتاج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى دليل محترف، فقد اختار دليلًا ماهرًا على الرغم من أن الدليل الذي كان يرافق النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه لم يكن مسلمًا؛ فعن عائشة رضي الله عنها: "واستأجر النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلًا من بني الديل، ثم من بني عبد بن عدي هاديًا خِرِّيتًا - الخِرِّيت: الماهر بالهداية -"[2].

ولقد كانت هذه سياسة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم في توزيع المهمات بين أصحابه رضي الله عنهم، فنجد في سيرته صلى الله عليه وسلم في هذا المجال:
1- القرآن الكريم وعلومه: قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم: ((استقرئوا القرآن من أربعة؛ من عبدالله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وأُبَي بن كعب، ومعاذ بن جبل))[3].


2- الاستشارة: وكان رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم يستشير بعض أصحابه في كثير من الأمور المتعلقة بشؤون الآخرين وشؤون الدولة، ولعل أبرزهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما؛ حيث كانا مستشارَيِ النبي صلى الله عليه وسلم، وبهذا كانت وظيفة المستشار الخاص من نصيبهما؛ يقول عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: "وُضِع عمرُ على سريره فتكنفه الناس يدعون ويصلون قبل أن يرفع وأنا فيهم، فلم يرعني إلا رجل آخذ منكبي، فإذا علي بن أبي طالب، فترحَّم على عمر، وقال: ما خلفت أحدًا أحبَّ إليَّ أن ألقى الله بمثل عمله منك، وايم الله، إن كنتُ لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك، وحسبت أني كنت كثيرًا أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((ذهبتُ أنا وأبو بكر وعمر، ودخلتُ أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر))[4]، كما أن له صلى الله عليه وسلم مستشارين آخرين؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنه لم يكن قبلي نبي إلا قد أعطي سبعة رفقاء نجباء وزراء، وإني أعطيت أربعة عشر: حمزة، وجعفر، وعلي، وحسن، وحسين، وأبو بكر، وعمر، والمقداد، وحذيفة، وسَلْمان، وعمار، وبلال))[5].

3- الأمانة العامة: نسمع ونرى في المؤسسات الكبيرة وجود مَن يُعرَف بالأمين العام؛ حيث يضطلع المكلف بهذه الوظيفة بمهام عدة على درجة من الأهمية، وقد أوكل النبي محمد صلى الله عليه وسلم هذه المهمة للصحابي أبي عبيدةَ عامرِ بن الجراح رضي الله عنه، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لكل أمة أمينًا، وإن أميننا - أيتها الأمة - أبو عبيدةَ بن الجراح))[6].


4- رئيس الشرطة: وقد أُسندت مهمة الحماية للأمن الداخلي، سواء فيما يتعلق بأمن رسول الله صلى الله عليه وسلم شخصيًا، أو بالأمن الداخلي للدولة الإسلامية، إلى مَن يمتلك المهارة اللازمة لها، وقد كلف الصحابي قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري رضي الله عنه بمهمة رئاسة الشرطة؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: "إن قيس بن سعد كان يكون بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة صاحب الشُّرَطِ من الأمير"[7].

5- أمانة سر المراسلات: حيث كانت من اختصاص الصحابي معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي رضي الله عنه، فيُحدثُ إياسُ بن الحارث بن المعيقيب، عن جده، قال: "كان خاتم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم من حديد ملوي، بفضة، وكان المعيقيب على خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم"[8].

فقد كان معيقيب رضي الله عنه يختم الكتب والمراسلات الصادرة من النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى الآخرين، سواءٌ كانوا ملوكًا أم غيرهم.

6- الناطق الرسمي: وكان خطيب رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم الصحابي ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه، يتكلم نيابة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فحين جاء مسيلِمة الكذاب إلى المدينة المنورة، "فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه ثابت بن قيس بن شماس، وهو الذي يقال له: خطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي يد رسول الله صلى الله عليه وسلم قضيب، فوقف عليه فكلمه، فقال له مسيلِمة: إن شئت خليت بيننا وبين الأمر، ثم جعلته لنا بعدك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لو سألتني هذا القضيب ما أعطيتكه، وإني لأراك الذي أُريتُ فيه ما أُريتُ، وهذا ثابت بن قيس، وسيجيبك عني))[9].

7- الترجمة: فعن زيد بن ثابت رضي الله عنه، قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتعلم له كلمات من كتاب يهودَ؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((إني والله ما آمَنُ يهودَ على كتاب))، قال: "فما مر بي نصف شهر حتى تعلمتُه له"، قال: "فلما تعلمته كان إذا كتب إلى يهودَ كتبت إليهم، وإذا كتبوا إليه قرأتُ له كتابهم" [10]، وعن زيدِ بن ثابت، قال: "أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتعلَّم السريانية"[11]، لقد أبدى زيد بن ثابت رضي الله عنه مهارة عالية وأداءً متميزًا جدًّا، وسرعة في الإنجاز حين تعلَّم اليهودية في نصف شهر، والسريانية في (17) يومًا، والفارسية في (18) يومًا.

8- أمور الحلال والحرام: أسنَد رسول الله صلى الله عليه وسلم مهمة الإجابة عن الحلال والحرام للصحابي معاذ بن جبل رضي الله عنه؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أعلم أمتي بالحلال والحرام: معاذُ بن جبل))[12].


9- القضاء: فقد كان الصحابي علي بن أبي طالب رضي الله عنه متوليَ شؤون القضاء؛ فقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: "أقضانا عليٌّ"، ويقصد علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

10- الأذان: على الرغم من أهمية الأذان في الإسلام، وعِظَم أجره؛ الأمر الذي جعل معظم الصحابة يطمع فيه - فإن رسول الله محمدًا صلى الله عليه وسلم عدَّه صنعة خاصة، فلم يكلف أيًّا كان، ولم يسنده لكل من يطلب الأجر، بل منحه للذي يمتلك أدواته.


فعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلاة ليس ينادى لها، فتكلموا يومًا في ذلك، فقال بعضهم: اتخذوا ناقوسًا مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: بل بوقًا مِثل قرن اليهود، فقال عمر: أوَلَا تبعثون رجلًا ينادي بالصلاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا بلالُ، قُمْ فنادِ بالصلاة))[13]، ثم كان لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم "أربعة مؤذنين، اثنان بالمدينة، هما: بلال بن رباح رضي الله عنه، وهو أولُ مَن أذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمرو بن أم مكتوم القرشي العامري الأعمى رضي الله عنه، وبقُبَاء سعد القرظ رضي الله عنه مولى عمار بن ياسر رضي الله عنهما، وبمكة أبو محذورة رضي الله عنه، واسمه أوس بن مغيرة الجمحي"[14].

11- التوجيه المعنوي: تحتاج المؤسسات إلى من يقوم بواجب التحفيز المعنوي للأفراد أثناء مسيرتها؛ فلا بد من اختيار الشخص أو الأشخاص المناسبين لهذه المهمة، فحين خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبرَ كان المسير ليلًا، فقال رجل من القوم لعامر بن الأكوع رضي الله عنه: يا عامر، ألا تسمعنا من هُنَيْهاتك[15]، وكان عامر رجلًا شاعرًا، فنزل يحدو بالقوم يقول:
اللَّهُمَّ لَولا أنتَ ما اهتَدينا
ولا تَصَدَّقْنا ولا صَلَّينَا

فاغفِرْ فِداءً لكَ مَا اقتَفَينا
وَثَبِّتِ الأقدَامَ إنْ لاقَينَا

وألقِيَنْ سَكِينةً علينا
إنَّا إذا صِيحَ بِنَا أَتَيْنا

وبالصِّياحِ عَوَّلُوا علينا
وإنْ أرادوا فتنةً أبَيْنا


فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من هذا السائق؟!))، قالوا: عامر بن الأكوع، قال صلى الله عليه وسلم: ((يرحمه الله))[16]، كما كان هناك غلام اسمه أنجشة، وكان جميل الصوت يحدو[17] في سير رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له: ((ويحك يا أنجشة؛ رُوَيدك بالقوارير[18]))[19].


12- العلاقات الخارجية: تحتاج وظيفة العلاقات الخارجية إلى مواصفات خاصة، لا يمتلكها الكثير من الناس، لعل من أهمها الإمكانية العالية للحوار والدهاء السياسي، وكذلك معرفة لغة القوم الذين يبعث إليهم الفرد، ويمكن إضافة الأناقة وغيرها، ومن هذا المنطلق فقد اختار النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه المتميزين والملائمين لهذه المهمة، ومنهم:
أرسل دِحْيةَ بن خليفة الكلبي رضي الله عنه إلى قيصر، وهو هرقل.
أرسل عبدالله بن حذافة السهمي رضي الله عنه إلى كسرى.
أرسل حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه إلى المقوقس صاحب الإسكندرية.

أرسل عمرو بن أمية الضمري رضي الله عنه إلى النجاشي ملك الحبشة، "فلما أتى عمرو بن أمية رضي الله عنه النجاشيَّ، وجد لهم بابًا صغيرًا يدخلون منه مُكفِّرين، فلما رأى عمرو ذلك ولَّى ظهره القهقرى، قال: فشق ذلك على الحبشة في مجلسهم عند النجاشي حتى هموا به، حتى قالوا للنجاشي: إن هذا لم يدخل كما دخلنا، قال: ما منعك أن تدخل كما دخلوا؟ قال: إنا لا نصنَع هذا بنبيِّنا، ولو صنعناه بأحد صنعناه به، قال: صدَق، قال: دعوه، قالوا للنجاشي: هذا يزعم أن عيسى مملوك، قال: فما تقول في عيسى؟ قال: كلمة الله ورُوحه، قال: ما استطاع عيسى أن يعدوَ ذلك"[20].


أرسل معاذ بن جبل رضي الله عنه إلى اليمن، داعيًا إلى الإسلام، فأسلم جميعُ ملوكهم؛ كذي الكلاع، وذي ظليم، وذي زرود، وذي مران، وغيرهم.


أرسل العلاءَ بن الحضرميَّ رضي الله عنه إلى المنذرِ بن ساوى العبديِّ ملِكِ البحرينِ.
أرسل سليط بن عمرو رضي الله عنه إلى هوذة بن علي، الملِك على اليمامة.


13- المهمات الخاصة: وتكون بثلاثة أوجه من حيث اختيار الأفراد المناسبين لكل مهمة، وهذه الأوجه هي:
الوجه الأول: الاختيار المباشر للفرد حسب إمكاناته ودراسة شخصيته ومهاراته ومناسبة الظروف الخارجية والداخلية لتكليفه بالمهمة؛ أي: دراسة الموضوع بشكل متكامل، وبعد حصول القناعة الكاملة يتم التكليف المباشر له بالمهمة، وبالإمكان إدخاله دورات تدريبية مسبقة على ذلك؛ لتهيئته، ومثال ذلك:
اختيار النبي محمد صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه للمبيت في فراشه يوم الهجرة المباركة، لقد كانت المهمة تتعلق بالتضحية بالنفس؛ لذلك كان لا بد أن يكون الاختيار من قريش أولًا، ومن بيت معروف، وله صلة برسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكون من الشباب؛ لأن الشباب أكثر إقدامًا أمام المهمات المميتة، ويكون لهم ولاء ليس له حدود للقضية.


اختياره صلى الله عليه وسلم لأبي بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه ليكون رفيقه في رحلة الهجرة، والهجرة تحتاج إلى رفيق ذي خبرة طويلة في الحياة، وصبر على الملمات، وحكمة وولاء مطلَق للقضية وصاحبها.


اختياره صلى الله عليه وسلم لعثمان بن عفان رضي الله عنه وإرساله لمفاوضة قريش كممثل شخصي للنبي محمد صلى الله عليه وسلم أثناء المفاوضات وقبل عقد صلح الحديبية الذي عُدَّ فتحًا مبينًا للمسلمين.


اختيار علي بن أبي طالب رضي الله عنه لحمل الراية في غزوة خيبرَ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لأعطين الراية - أو ليأخذن الراية - غدًا رجلًا يحبه الله ورسوله، أو قال: يحب الله ورسوله، يفتح الله عليه))، فإذا نحن بعلي وما نرجوه، فقالوا: هذا علي، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية ففتح الله عليه"[21].


اختيار أبي عبيدة رضي الله عنه لمرافقة صاحبَي نجران، فحين جاء العاقب والسيد صاحبا نجران، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدان أن يلاعناه، قال: فقال أحدهما لصاحبه: لا تفعل؛ فوالله لئن كان نبيًّا فلاعنَّاه لا نفلح نحن، ولا عقِبُنا من بعدنا، قالا: إنا نعطيك ما سألتنا، وابعث معنا رجلًا أمينًا، ولا تبعَثْ معنا إلا أمينًا، فقال: ((لأبعثنَّ معكم رجلًا أمينًا حقَّ أمين))، فاستشرَف له أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((قم يا أبا عبيدةَ بن الجراح))، فلما قام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هذا أمينُ هذه الأمَّة))[22].


الوجه الثاني: عرض المهمة الخاصة بوجود عدد من الأفراد، والنظر فيمن يرى في نفسه القدرة والأهلية لها، فيتم الاختيار بعد دراسة إمكاناته ومناسبتها للمهمة التي ستوكل له، وهو أمر مهم جدًّا؛ لأنه من الممكن أن يرشح الفرد نفسه بناءً على حماسته أو عواطفه، أو رغبته لإرضاء مسؤوليه، وهو ليس بكفء للمهمة، إنَّ عرض المهمة بهذه الطريقة له جملة من الأسباب: منها: أن المهمة يراد لها أن تكون معلنة للآخرين، أو وجود كفاءات متساوية من وجهة نظر الإدارة فيعطى الجميع الفرصة نفسها، أو ربما أنها مهمة صعبة جدًّا وتحتاج إلى مواصفات خاصة إضافية؛ كالشجاعة والإقدام، ومثال ذلك:
اختيار محمد بن مسلمة رضي الله عنه في مهمة اغتيال كعب بن الأشرف اليهودي، الذي كان يحيك الدسائس للمسلمين، ويتكلم عنهم بالسوء، ويكيد لهم ولرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فعن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((مَن لكعب بن الأشرف؟!))، فقال محمد بن مسلمة: أتحب أن أقتله؟ قال: ((نعم))، قال: فأذن لي فأقول، قال: ((قد فعلتُ))[23].


اختيار الزبير بن العوام رضي الله عنه في الحصول على المعلومات الاستخباراتية من قلب العدو (الأحزاب)، قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: ((مَن يأتينا بخبر القوم؟!))، فقال الزبير: أنا، ثم قال: ((مَن يأتينا بخبر القوم؟!))، فقال الزبير: أنا، ثم قال: ((مَن يأتينا بخبر القوم؟!))، فقال الزبير: أنا، ثم قال: ((إن لكل نبي حواريًّا، وإن حواريَّ الزبيرُ))[24].

اختار النبي محمد صلى الله عليه وسلم نُعيم بن مسعود رضي الله عنه في غزوة الأحزاب لأن يخذِّلَ عن المسلمين؛ بإشعال نار الشك بين كلٍّ من قريش وغطفان وقريظة، وتفتيت جمع الأحزاب، فوافَق نعيمٌ رضي الله عنه على هذه المهمة، ونجح فيها.

عن أنس رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَن ينظر ما صنع أبو جهل؟))، فانطلق ابن مسعود فوجَده قد ضرَبه ابنا عَفْراءَ حتى برَد))[25].


لَمَّا كان يوم غزوة أُحُد وولى الناس، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناحية في اثني عشر رجلًا من الأنصار، وفيهم طلحة بن عبيدالله، فأدركه المشركون، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((من للقوم؟))، فقال طلحة: أنا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كما أنت))، فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله، فقال: ((أنت))، فقاتل حتى قُتِل، ثم التفت فإذا بالمشركين قال: ((من للقوم؟))، قال طلحة: أنا، قال: ((كما أنت))، فقال رجل من الأنصار: أنا، فقال: ((أنت))، فقاتَل حتى قُتل، ثم لم يزل يقول ذلك ويخرج إليهم رجل من الأنصار، فيقاتل قتال مَن قبله حتى يقتل، حتى بقِي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وطلحة بن عبيدالله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من للقوم؟))، فقال طلحة: أنا، فقاتل طلحة قتال الأحد عشر حتى ضُربت يده فقطعت أصابعه، فقال: حسِّ[26]، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو قلتَ: بسمِ الله، لرفعَتْك الملائكة والناس ينظرون))، ثم ردَّ الله المشركين[27].


الوجه الثالث: وفيه يتم عرض المهمة المطلوبة على الأفراد، وانتظار من يرشح نفسه، وفي حالة عدم تقدم أحد لها، يتم الاختيار، وفي مثل هذه الحالات تكون المكافأة مجزية، وهذا النوع يستخدم في المهمات الخاصة جدًّا والخطرة جدًّا، التي تحتاج إلى انضباط عالٍ، فيحدِّث حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما: لقد رأيتُنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الأحزاب، وأخذتنا ريح شديدة وقرٌّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا رجُلٌ يأتيني بخبر القوم؛ جعَله الله معي يوم القيامة؟))، فسكتنا فلم يجِبْه منا أحد، ثم قال: ((ألا رجل يأتينا بخبر القوم؛ جعله الله معي يوم القيامة؟))، فسكتنا فلم يجِبْه منا أحد، ثم قال: ((ألا رجل يأتينا بخبر القوم؛ جعله الله معي يوم القيامة؟))، فسكتنا فلم يجِبْه منا أحد، فقال: ((قم يا حذيفةُ، فأتِنا بخبر القوم))، فلم أجد بُدًّا إذ دعاني باسمي أن أقوم، قال: ((اذهب فأتني بخبر القوم، ولا تَذْعَرْهم عليَّ))، فلما وليت من عنده جعلت كأنما أمشي في حمام حتى أتيتهم، فرأيت أبا سفيان يَصْلي ظَهره بالنار، فوضعت سهمًا في كبد القوس فأردتُ أن أرميَه، فذكرتُ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ولا تَذْعَرْهم علَيَّ))، ولو رميتُه لأصبته، فرجعت وأنا أمشي في مثل الحمام، فلما أتيته فأخبرته بخبر القوم، وفرغت، قررت، فألبسني رسول الله صلى الله عليه وسلم مِن فضلِ عباءة كانت عليه يُصلِّي فيها، فلم أزل نائمًا حتى أصبحتُ، فلما أصبحتُ قال: ((قُمْ يا نَوْمَانُ))[28].


[1] المستدرك على الصحيحين للحاكم، كتاب معرفة الصحابة رضي الله عنهم.

[2] صحيح البخاري، كتاب الإجارة.

[3] صحيح البخاري، كتاب المناقب.

[4] صحيح البخاري، كتاب المناقب.

[5] مسند أحمد بن حنبل، مسند العشَرة المبشرين بالجنة.

[6] صحيح البخاري، كتاب المناقب.

[7] صحيح البخاري، كتاب الأحكام.

[8] السنن الكبرى للنسائي، كتاب الزينة.

[9] صحيح البخاري، كتاب المغازي.

[10] سنن الترمذي الجامع الصحيح، الذبائح.

[11] سنن الترمذي الجامع الصحيح، الذبائح.

[12] الطبقات الكبرى لابن سعد، طبقات البدريِّين من الأنصار.

[13] صحيح البخاري، كتاب الأذان.

[14] زاد المعاد لابن قيم الجوزية.

[15] هُنَيهاتك: أشعارك

[16] صحيح البخاري، كتاب الأدب.

[17] الحداء: إنشاد الشعر بلحن أثناء المسير، تطرب له الأسماع، ويحفِّز الإبل فتخف في سيرها.

[18] القوارير: الأواني الزجاجية، وشبه النساء بها؛ لرقتهن وضعفهن، وأسباب أخرى.

[19] صحيح البخاري، كتاب الأدب.

[20] مصنف ابن أبي شيبة؛ كتاب المغازي.

[21] صحيح البخاري، كتاب المناقب.

[22] صحيح البخاري، كتاب المغازي.

[23] صحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير.


[24] صحيح البخاري، كتاب المغازي.

[25] صحيح البخاري، كتاب المغازي.

[26] حَسِّ: كلمة تأوُّه، قال الأصمعي: حسِّ: مِثل أوَّه.

[27] السنن الكبرى للنسائي، كتاب الجهاد.

[28] صحيح مسلم، كتاب الجهاد والسير.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 79.92 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 77.99 كيلو بايت... تم توفير 1.93 كيلو بايت...بمعدل (2.41%)]