|
|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
أجمل البيوت
أجمل البيوت عبدالله بن سالم بن حمد الصاعدي عندما تفتح صفحات التاريخ النبوي النَّضر، وتُفتِّش في رياض السيرة العطرة، لا تملِك إلَّا أن تمسح عينيك عندما تنهمر اشتياقًا لذلك البيت الجميل والحياة المتواضعة التي ملأت الأرض علمًا وأدَبًا؛ حيث تنتقل عيناك بين أجملِ الحقول زهورًا، وأنفسِ المناجم معادنَ، وأعدلِ العقول حجَّةً، وأحصنِ البيوت عفافًا. ذلك البيت الذي نشأ بمكة بعد زواج مبارك مُوَفَّق جميل، قام على حُبٍّ وإجلال من امرأة ملكت زمام الحياء، وركبت كوكب العِفَّة، وتسوَّرت سوار الأدب، وتجمَّلت آفاقها وأنفاسها بجميل الكَرَم، حتى فاض بحرُها أخلاقًا وفضلًا. لقد كانت ذات فراسة وحصافة؛ حيث عرَفت مَنْ تختار، ودخل في قلبها حُبٌّ فردوسيٌّ، سقاه الله وربَّاه، واختاره واصطفاه، لم يكن ذا حفلة وترف يجتمع فيها الأعيان، ويُدْعَى لها أهل الجاه والشأن، ولم تبذر فيها الأموال، بل كان زواجًا متواضعًا مع علوِّ الحسب وسموِّ الشرف. لقد تمَّ الزواج بين أعظم زوجين، بين خديجة رضي الله عنها وإمام البشرية صلى الله عليه وسلم، وكان على رغبة من الطرفين، كما أشار بذلك أبو طالب وقت الخطبة. بعد ذلك انهلت غيمةُ البركات، وأكرم الله نبيه صلى الله عليه وسلم قبل البعثة بذُريَّة طيبة مباركة من ذلك الزواج المبارك، أكرمه بابنين وأربع بنات: «زينب وأم كلثوم وفاطمة ورقية، والابنان هما: القاسم، وعبدالله»، كلهم من خديجة رضي الله عنها وعنهم. والنبي صلى الله عليه وسلم لما رُزِقَ أول بناته سمَّاها زينبَ، وهي بنته الكبرى من باقة تألَّفَتْ من أجمل روضة، لقد كبرَتْ وترعرعت على يد أُمٍّ فاضَتْ حنانًا، وانبلجت حبًّا، كانت حضْنًا نبيلًا في ذلك البيت المبارك، فكل لحظة فيه هي نبض حيوية وكفاح، كل ساعة فيه هي دورة تربوية في جانب الأدب والأخلاق. لقد كانت زينب رضي الله عنها العين الأولى التي تفتحت على تلك القيم، وتربَّت على تلك اليد الموَفَّقة، بين حيطان تنبع مودَّة وتشعُّ رحمةً. وبعد أن اكتمل بدرُها خطبَها ابنُ خالتها أبو العاص بن الربيع العبشمي على حبٍّ واحترامٍ ووفاءٍ، فولدت له أمامة التي ملكت قلب جدها صلى الله عليه وسلم، وكثيرًا ما كان يحملها ويُدلِّلُها. وبعد أن بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم، كانت زينب مِنْ أول الداخلين في الإسلام؛ لكنْ زوجُها لم يستجبْ، ولم تجد منه أذًى مطلقًا؛ بل لا يكِنُّ لها إلا الحب والوفاء، حتى إن شـياطين قريش كانـوا يُحرِّضُونه كثيرًا وهو لا يلتفت إليهم أبدًا، وكان نبيل الأخلاق، حتى إنه قال لحبيبته زينب: والله لا أتَّهمُه بكذب، ولكن لا يقول القوم: أسلَم لأجل امرأته. لقد كانت زينب تحبُّه ورسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم ذلك، ودليل ذلك أنها صبرت على غربتها بمكة بعد الهجرة، وقد هاجر أبوها وأخواتها وهي صابرة، رجاء أن يكرم اللهُ زوجَها بالإسلام لتُهاجِر معه.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |