موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشوره - الصفحة 169 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 187 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 117 - عددالزوار : 28432 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 175 - عددالزوار : 60056 )           »          خطورة الوسوسة.. وعلاجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          إني مهاجرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الضوابط الشرعية لعمل المرأة في المجال الطبي.. والآمال المعقودة على ذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 30 - عددالزوار : 827 )           »          صناعة الإعلام وصياغة الرأي العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          من تستشير في مشكلاتك الزوجية؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          فن إيقاظ الطفل للذهاب إلى المدرسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1681  
قديم 01-01-2014, 09:25 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

كيف تكتب بحثاً فـي الإعجاز العلمي

الدكتور عبدالحفيظ الحداد
باحث في الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن
إن كتابة البحوث في مجال الإعجاز العلمي تحتاج لخبرة وتمرس من قبل الباحث الذي يريد تحقيق ذلك على الوجه الصحيح. وهذه الخبرة وذلك التمرس يعتمدان أساسًا على تحصيل كفاية من العلم في تفسير القرآن الكريم، ووجود قاعدة راسخة من التمكن في العلوم الكونية؛ وبذلك يكون الباحث مؤهّلاً لمعالجة قضية في مجال الإعجاز العلمي، ولكن إذا أراد كتابة بحث مفهوم في هذا الميدان ومقبول عند أهل العلم فإنه لابد أن يستجمع معرفة في مجال المنهجية البحثية وبالتالي الإحاطة بالأصول المنهجية لكتابة البحوث، ويستوي في هذا الطلب القواعد العامة والخاصة.
أولاً: مجمل القواعد والأسس التي يجب التقيد بها لدى تفسير نصوص القرآن الكريم والتي يعبر عنها بمنهج التفسير ما يلي:
1 ـ يلزم معرفة كل ما يتعلق بالنص ضبطًا ومناسبة، وغير ذلك مثل: سبب النزول ووجه القراءة.
2 ـ يلزم معرفة ما إذا كان هناك نص من القرآن الكريم يصلح اعتباره مفسرًا للنص الذي نحن بصدد تفسيره، لأن القرآن يفسر بعضه بعضًا، وهذا التفسير مقدم على غيره من أنواع التفسير.
3 ـ يلزم البحث عما إذا كان هناك حديث شريف يصلح أن يكون مفسرًا لهذه الآية، لأن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أعلم من سواه بمراد الله ـ عز وجل ـ لأن القرآن الكريم عليه أنزل.
4 ـ يجب تحري ما ورد عن الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ لأنهم أدرى بكتاب الله وأعلم بمعانيه، ولاحتمال أن يكونوا قد سمعوا شيئًا من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بخصوص هذه الآية.
5 ـ يجب مراعاة العرف اللغوي السائد وقت نزول القرآن الكريم دون غيره مما تعارف الناس عليه فيما بعد من المعاني.
6 ـ مراعاة قواعد الإعراب وما يحتف بذلك مما يوضح لنا حقيقة المراد بالنص الكريم.
7 ـ يجب أخذ قواعد البلاغة وأساليب البيان بعين الاعتبار لأنها تعين على كشف دلالة النص.
8 ـ ومن الواجب أن نلاحظ سباق النص وسياقه ومقتضيات الحال المقترن بموضوع النص.
9 ـ قبل أن نجزم بوجود معنى للنص يجب التأكد من أن هناك عبارة أو إشارة تعين على ذلك الذي نريده لأن التثبت مطلب شرعي وهاهنا طلب آكد ولذلك تراعى قواعد الترجيح المعتبرة.
10 ـ يلزم التأكد من دلالات ألفاظ النص وعباراته، هل فيه ما يدل على معاني إضافية من تقييد لعام، أو تخصيص لمطلق، أو يوجد شيء من المجاز؟ والمقصود بهذه الخطوة معرفة أولويات الاعتبار لوضع النص في الدائرة المناسبة.
11 ـ يلزم أن يبقى المعنى الأولي هو المعتمد، ولذا فالمحكم أولى من الظاهر، والظاهر أولى من الذي يستفاد بالتأويل عند وجود المقتضي للتأويل، ولكن مع مراعاة ضوابط التأويل ـ كما سيمر معنا لاحقًا ـ وهكذا فمنطوق النصوص مقدم على المفهوم، بل المفاهيم بعضها مقدم على بعض.
12 ـ لابد في حال تعلق احتمالين بالنص: أحدهما يختص بحقيقة شرعية، والثاني يتعلق بحقيقة عرفية ـ فإننا نقدم الحقيقة الشرعية، وهكذا نقدم العرفية على اللغوية إلا لمقتضى معتبر.
13 ـ هناك ألفاظ بعضها من حرف وبعضها من أكثر ـ اصطلح على تسميتها بحروف المعاني، وقد اصطلح علماء اللغة على دلالات لها، أي معان تستفاد منها عند ورودها في الكلام، فلابد من مراعاة المعاني التي اصطلح عليها عند أهل اللغة.
14 ـ كما أن هناك قواعد أصولية وهي بالوقت نفسه معتبرة معانيها عند أئمة التفسير، لذلك فلابد من مراعاتها وإعمال مقتضاها في تفسير آيات القرآن ونصوص السنة ومن ذلك: (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب)، (لا عبرة بالظن غير الناشئ عن دليل).
15 ـ الحذر من الخوض في المتشابه من النصوص، وكذلك الخوض في القضايا التي أطلق عليها العلماء اسم السمعيات، وهذا الكف أولى من الخوض، لأنه يترجم أدب المؤمن مع القرآن.
16 ـ يلزم الحذر من الأخبار التي أطلق عليها علماؤنا اسم الإسرائيليات مع اجتناب الاعتماد في تفسير كتاب الله بمقتضى نصوص واهية أو ساقطة الاعتبار عند التحقيق.
17 ـ تحاشي العبارات التي تحمل طابع التسفيه لأقوال العلماء السابقين من سلف الأمة، حتى ولو ظهرت لهم أخطاء؛ بل يتأدب في رد الخطأ مع الأخذ بعين الاعتبار أنه ربما ظهر وجه يجعل كلامهم الذي قالوه معتبرًا، وكم عاب إنسان غيره وكان العيب عنده لقصور فهمه.
18 ـ يجب أن لا يفارقنا اليقين بصدق وعد الله ـ جل وعلا ـ وإخباره لنا بإظهار صدق آياته في الآفاق، ولكن بأقدار لا تتقدم ولا تتأخر، لذلك علينا أن لا نقدم شيئًا مما نسمعه على كلام الله قطعًا لأن ذلك لا يخلو عن مجازفة بأن نعدل عن المراد من النص.
19 ـ إذا لم يتحقق لنا اطمئنان واستقرار بعد كل الخطوات السابقة بيانها، واضطررنا إلى تأويل النص، فعلينا أن نتقيد بما قرره السلف من علمائنا في هذا الميدان، ومن ذلك التأكد من صحة ما نستنبطه من الدلالات، وأن هذا الاستنباط لا غلو فيه ولا تقصير، وكذا لا زيغ فيه عن حقيقة من حقائق الدين، بل علينا المؤاخاة بين مفردات النص، وكذا بين النص وغيره من النصوص القرآنية الأخرى، لأن القرآن الكريم لا تفاوت بين آياته أبدًا.
20 ـ الحذر من استجرار الآية لمعنى يريد الباحث حشر أدلة عليه متذرعًا باحتمالات ممكنة ولكن مع شيء من التكلف، والذي ينبغي أن ينزه كلام الله ـ عز وجل ـ عن مثله.
21 ـ ومن أراد الاستزادة في هذا الميدان فعليه بكتاب (الإتقان للسيوطي) ج4، ص 200 وما بعدها، وكتاب (التفسير والمفسرون للذهبي) ج1 ص 265ـ284، وغير ذلك من كتب هذا العلم الشريف.
ثانيًا: معالم القاعدة العلمية التي يلزم إبراز الحقيقة العلمية وفق ضوابطها المقررة عند أهل الاختصاص.
المصدر: نقلا عن موقع الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن
  #1682  
قديم 01-01-2014, 09:26 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

أريوس والأريوسية ..


صورة للوحة زيتية للقس آريوس
بقلم الدكتورة زينب عبد العزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية
يقول الخطاب الذي أرسله سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام إلى، قيصر ملك الروم:
"بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد بن عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى وأما بعد، فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تَسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فعليك إثم الأريسيين، و(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)".
وعادة ما يتوقف القارئ عند كلمة "الأريسيين"، رغم وضوح معناها ولو إستنتاجاً، إذ يُفهم أنهم من يحكم عليهم هرقليوس قيصر الروم، فهي عبارة جديرة بأن نتوقف عندها لما تكشف عنه من حقائق عادة ما يتم التعتيم عليها .. وقبل الدخول في تفاصيلها، لا بد من الإشارة إلى ما كان عليه حال المسيحية آنذاك خاصة في الإمبراطورية الرومانية وامتدادها الإستعماري ..
لا شك ف أن كتابة تاريخ المسيحية كانت تسبب مشكلة كبيرة حتى عهد قريب، فلم يكن هناك سوى ما تقدمه المؤسسة الكنسية في أعمال الرسل التي يرجعون تاريخها إلى ما بين سنة 80 و 90 م، وما تحتوي عليه الأناجيل الأربعة التي قام بتجميعها وتعديلها القديس جيروم في أواخر القرن الرابع، وهي وثائق لا يُعتد بها من الناحية العلمية.. ثم تبيّن تدريجياً وخاصة منذ أيام والتر بوير W. Bauer)) أنه لم تكن هناك أي وحدة في العقائد المسيحية الأولى، وثبُت منذ أيام أدولف فون هارناك (A. v. Harnak) أن العقائد قد خلقت الانقسامات الشديدة وأن الهرطقة والأصولية أصبح لكل منها منهجه.. لذلك يتكون تاريخ المسيحية من سلسلة ممتدة من الانقسامات والمعارك الضارية القائمة على خلافات عقائدية جذرية.
والثابت من ناحية أخرى، أن المسيحية لم تنبثق دفعة واحدة من ذهن يسوع كما يتخيل البعض، وإنما كانت ثمرة تاريخ ممتد من الصراعات والإضافات المتناقضة المتتالية وتم نسجها فعلاً عبر المجامع على مر التاريخ. لذلك يظل السؤال مطروحاً لليوم: من الذي أسس المسيحية حقاً: يسوع، بولس، أو مارسيون؟! فلقد كانت هناك فرقاً متنافرة ومتناحرة كالفريسيين، والصدوقيين، والأسينيين، والثوار، وأتباع يوحنا، والعديد غيرها لذلك لا بد من أخذ كل هذه التيارات في الاعتبار عند الحديث عن الإطار العام الديني والثقافي آنذاك.
كما أوجد فريدرخ أوفربيك (F. Overbeck) أستاذ التاريخ الكنسي في جامعة بال، منعطفاً أساسياً في تاريخ المسيحية حين أوضح أن الفراغ الأساسي للعقيدة المسيحية وغياب أي موضوع متجانس اضطرها، لكي تتمكن من الاستمرار، إلى الاستحواذ على العقائد والفلسفات السائدة آنذاك وتنصيرها وفقاً لكل عصر، من القرون الأولى حتى القرن التاسع عشر، حينما بدأ النقد العلمي والتاريخي... وما يؤكده أوفربيك عن وجه حق هو: " أن رسالة يسوع كانت التبشير بالملكوت فقط، وحينما لم يتحقق هذا الملكوت واختفت فكرة انتظاره بين المسيحيين، فقدت المسيحية كيانها ولم تعد ذات موضوع، وأن مصداقية الأناجيل لم تعد باقية إلا في الأوساط الكنسية الأصولية "..
كان لا بد من هذه المقدمة الشديدة الإيجاز ليفهم القارئ المناخ العام الذي أحاط بحياة القس السكندرى أريوس، الذي أوجد شرخا لا يمكن رأبه في المسيحية، فلا تزال أصداؤه نابضة لليوم..
وُلد أريوس (256-336 م) في ليبيا ودرس اللاهوت على يد العالم ليسينيوس الإنطاقي. وفي عام 314 م أُسندت إليه رئاسة كنيسة بقرب ميناء الإسكندرية. وهو من المشهود لهم بالصلابة أيام الاضطهاد الكبير الذي قاده ديوكلسيان ومن تبعوه، ذلك الاضطهاد الذي بدأ عام 303 م وإنتهى بانتخاب قسطنطين الأول إمبراطوراً للرومان، وتلاه صدور مرسوم التسامح عام 311 .. أي أنه سُمح للمسيحيين بكل فرقهم المتناحرة ممارسة عقائدهم، مثل باقي الفرق الوثنية السائدة آنذاك، والتي كانت تمثل الأغلبية الساحقة بين هذه الشعوب، أو بقول آخر ذلك يوضح أنه حتى القرن الرابع لم يكن تم الإعتراف بالمسيحية كديانة رسمية ولم تكن تمارس إلا سراً بين الأتباع هربا من الإضطهاد..
وكانت أهم المعارك المحتدمة في الإمبراطورية وخاصة في الإسكندرية، تلك المعركة الضارية بين أنصار التثليث وأنصار التوحيد، فلم تكن عقيدة التثليث قد إستتبت بعد. وأنصار التثليث أمرهم وشركهم بالله عز وجل معروف، إذ يساوون بين الآب والإبن والروح القدس قائلين أن ثلاثتهم واحد من نفس الكيان ونفس الجوهر!. أما أنصار التوحيد فهم الذين كانوا يرفضون تأليه يسوع ويرفضون مساواته بالآب أي بالله، على أن "الله" غير مادي ولا يمكن أن يكون جزءاً من العالم المادي. وأهم ما تمسك به أريوس الرافض لتأليه يسوع، هو أن الإبن أقل من الآب لأنه مخلوق ولا يمكن مساواته بالخالق، ولا يمكن للإبن أن يكون بنفس خلود الله وأزليته، وهو ما يهدم العقيدة المسيحية من أساسها.. وفي واقع الأمر، لم يكن ذلك فكر أريوس وحده وإنما كان بمثابة الإطار العام الذي ينتمي إليه منطقياً السواد الأعظم من الأتباع ومن رجال الدين لأنه الأقرب إلى العقل والمنطق..
وفى عام 314 كان أسقف الإسكندرية الجديد، إسكندر السكندري، وأطنازيوس، سكرتيره وابنه بالتبني، يؤمنان بالتثليث ويقودان المعارك الفكرية المتأججة، قائلين "أن الإبن هو تجسد لرب إسرائيل"، أو "الابن اكتسب صفات الأب وسار مساوياً تماماً له في الألوهية ".. وقام الأسقف إسكندر بعقد مجمع من الأباء المحليين عام 318 م، وتم طرد أريوس وحرمانه توطئة لإغتياله، وطرد معه أسقفان آخران وستة رهبان وعدد من القائمين بالخدمة وعدد من العذارى المكرثين للكنيسة والتابعات لفكر أريوس. فهرب أريوس إلى بيت عانيا وحظى بحماية أوسبيوس، خاصة وأنه حتى ذلك الوقت لم يكن تقنين العقائد المسيحية قد بدأ وإنما كانت كل كنيسة أو كل جماعة تتبع إنجيلها ومعتقداتها..
وتم إنعقاد مجمع لرفع الحرمان الذي فُرض على أريوس في الإسكندرية. وكانت هذه هي المرة الأولى التي يقوم فيها مجمع محلى بإلغاء قرار لكنيسة أخرى، لكنها لم تكن آخر مرة، فما أكثر الخلافات والإنقسامات التى كانت دائرة ولا تزال..
وفي خضم هذه المعارك أرسل الإمبراطور قسطنطين مستشاره للشؤون الدينية، أوسيوس القرطبي، إلى إنطاقيا لحسم الموقف، الأمر الذي يكشف عن مدى إتساع هذه المعركة المتعلقة أساساً بتحريف عقيدة التوحيد.. بينما قام أسقف الإسكندرية وسكرتيره بإعداد إقرار بأمر من أوسيوس، مستشار قسطنطين، ليوقع عليه أريوس وأتباعه من رجال اللاهوت، جاء به:
* الاعتراف بأن هناك إله واحد هو يسوع المسيح فقد إنتقلت إليه الألوهية عن طريق الآب؛
* وأن يسوع إبن وحيد مولود وليس مخلوق؛
* وأنه موجود من قديم الزمان؛
* وأنه لا يمكن تغييره أو تبديله ؛
* وأنه ليس مجرد إرادة الله وإنما هو الوجود الفعلي لله!!
وتلي هذه البنود سلسلة من اللعنات والحرمان على كل من لا يقرها.. وكانت هذه الوسيلة لفرض الخضوع وتغيير الرأي، على المخالفين لتيار المؤسسة الكنسية، هي المرة الأولى من نوعها في مسيرتها القمعية التي لا تزال تتبع نفس عمليات القمع والترويع حتى يومنا هذا..
ويقال أن ستون أسقفاً قاموا بالتوقيع على وثيقة أوسيوس، بينما رفض أريوس وثلاثة آخرين وتم حرمانهم وتوقيع اللعنة عليهم. وقرر أسقف الإسكندرية عقد مجمع في أنقرة، إلا أن الإمبراطور قسطنطين قد فاجأ الجميع بنقل مكان المجمع إلى مدينة نيقية على بُعد ثلاثمائة كيلومترا من أنقرة! وبذلك تحول المجمع المحلي الذي كان سيعقد للبت في شأن كنسي داخلي إلى مجمع عام، يضم كافة الكنائس، لذلك يسمى أول مجمع مسكوني أو مجمع نيقية الأول، وانعقد في منتصف عام 325 م..
ترأس الإمبراطور قسطنطين المجمع إذ كان يتابع أحداث فكر أريوس طوال سبع سنوات لأنها كانت تثير القلاقل على مدى إتساع الإمبراطورية وبين عواصمها الرئيسية الثلاث. وقد أدى الصراع بين أنصار التوحيد وأنصار التثليث إلى إستحداث ظاهرة جديدة استمرت بعد ذلك وتفاقمت، ألا وهي: استخدام السياسة في الصراع الديني! وانتهى المجمع بإدانة أريوس وحرمانه لرفضه تأليه يسوع ورفضه فكرة الخلاص التي اختلقتها المؤسسة الكنسية وأضفتها على يسوع. كما أدان أوريجين، رغم أنه يُعد من آباء الكنيسة وأحد آباء تفسير الأناجيل إلا أنه كان يؤمن بالتصعيد المطلق لله!
ولترسيخ وتثبيت فكرة تأليه يسوع وسد الباب على أريوس وأتباعه، اختلق مجمع نيقية عقيدة إيمان جديدة وقام بتعديل العقيدة السابقة والمعروفة باسم "عقيدة الحواريين" مؤكداً على أن يسوع من نفس طبيعة الله ومن نفس جوهره باستخدام عبارة "هوموأوسيوس" وترسيخها؛ وقام بتثبيت عيد الفصح بأول يوم أحد بعد إكتمال قمر الربيع لإبعاده عن عيد الفصح اليهودي؛ وأقر مبدأ اللعنة على كل من يخالف هذه التعليمات الكنسية!!
وعلى عكس ما تقدمه العديد من المراجع الانتقائية، من أن مجمع نيقية وضع حداً لمعركة أريوس، ففي واقع الأمر كان هذا المجمع بداية المعركة الحقيقية التي واجهت الكنيسة ولا تزال رغم الحكم بالإدانة والحرمان واللعنة.. فقد انتشرت الأريوسية لتسيطر على القرن الرابع باستقرارها في دار الإمبراطورية إذ تبناها قسطنطين وتنصر وفقا لعقيدة الأريوسية، ومن بعده الإمبراطور قنسطانس، حيث أصبحت الديانة الرسمية للدولة. ومن الواضح أنها استمرت سائدة حتى عهد هركليوس، في القرن السابع، بدليل أن سيدنا محمد، عليه الصلاة والسلام، حين وجه خطابه للقيصر حمّله ذنب الأريسيين لو لم يسلم ويدخلهم معه في الإسلام..
وإن كانت الأريوسية بدأت كمذهب رافض لمساواة المسيح بالله وأدانتها عدة مجامع محلية قبل أن يدينها مجمع نيقية لأغراض سياسية، إلا أنها واصلت إنتشارها بين الأتباع وفي العديد من البلدان الأوروبية بعد ذلك، إذ انتشرت في كل أطراف الإمبراطورية والشعوب الجرمانية، وظلت فترة طويلة في بلاد القوط والفندال والبورجينيون واللومبار.. وكان لها مفكريها من أمثال أوسبيو ، وإينوميوس ، وفليكس الثاني، والأسقف فولفيلا، والباطريارك مقدونيوس، والبطريارك إكسودس، وديموفيلوس.
وذلك الإنتشار الواسع رغم محاولات الحصار والإبادة هو الذي جعل الشعوب التي امتد إليها الإسلام تتقبله ببساطة على أن الأساس في توحيد الله وعدم الشرك به واحد بينهم، فالأريوسية هي التي كانت سائدة في مصر أيام الفتح الإسلامي، والأريوسية هي التي كانت سائدة في الشام حينما امتد إليها الإسلام، وهي التي كانت سائدة في إسبانيا وتقبّل الإسبان المسلمين ليخلصوهم من إضطهاد المؤسسة الفاتيكانية.. إلا أن التعصب الكنسي تصدى لها بضراوة وإقتلع شعوباً بأسرها كالفودوَا والكاتار والبجوميل لمجرد أنهم رافضون لتأليه المسيح..
ولا نجد أفضل من رد هركليوس، إمبراطور الروم، على خطاب سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، لننهي به هذا العرض المقتضب عن أريوس والأريوسية، وهو رد يكشف عن الكثير من المسكوت عنه أو المتعتم عليه:
" إلى أحمد رسول الله الذي بشر به عيسى، من قيصر الروم،
إنه جاءني كتابك مع رسولك، وأني أشهد أنك رسول الله، نجدك عندنا في الإنجيل، بشرنا بك عيسى بن مريم. وأني دعوت الروم إلى أن يؤمنوا بك فأبوا، ولو أطاعوني لكان خيراً لهم، ولوددتُ أني عندك فأخدمك وأغسل قدميك "..
(أصل هذه الوثيقة الشريفة موجود ضمن المقتنيات الخاصة بالديوان الملكي الأردني الهاشمي).
( 25/6/2009 )
تستقبل الدكتورة زينب عبد العزيز رسائلكم وتعليقاتكم على المقالة على الإيميل التالي:
  #1683  
قديم 01-01-2014, 09:28 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

الطب الوقائي في الإسلام

أ.د. مجاهد محمد أبو المجد
أستاذ الباطنية بكلية طب المنصورة
عضو الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة
عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية (لجنة الإعجاز)
محاضرة هامة عن الطب الوقائي في الإسلام تناول فيها الدكتور أهمية الوضوء والسواك والغسل وسنن الفطرة وبعض أوجه الإعجاز الطبي في القرآن والسنة المشرفة
حجم الملف 759 كيلوا بايت نوعه ملف بور بوينت شرائح
للتواصل مع المؤلف
الفاكس: 0020502222770
رقم الهاتف:0020102334510
  #1684  
قديم 01-01-2014, 09:30 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

يا بني: هذا نبيك يأمرك بإتقان لسانهم

بقلم أ.د./ ناصر أحمد سنه
كاتب وأكاديمي من مصر
روى الترمذي في سننه، عن "زيد بن ثابت" قال: أمرني رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ "أن أتعلم له كلمات من كتاب يهود"، قال لي: "والله ما آمن يهود على كتابي"، فما مر بي نصف شهر حتى تعلمته له، قال: "فلما تعلمته كان إذا كتب إلى يهود كتبت إليهم، وإذا كتبوا له قرأت له كتابهم"[1ٍ]. وفي رواية: لما قدم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدينة، قال لي: "تعلم كتاب اليهود؛ فإني والله ما آمن اليهود على كتابي"، فتعلمته في أقل من نصف شهر. قال الترمذي: وقد روي من غير هذا الوجه، عن زيد بن ثابت، قال: "أمرني رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن أتعلم السريانية" [2]. وفي رواية عنه قال: قال لي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: إنه يأتيني كتب من ناس لا أحب أن يقرأها أحد، فهل تستطيع أن تعلم كتاب العبرانية، أو قال: السريانية؟، فقلت: نعم، فتعلمتها في سبع عشرة ليلة.
وقال ابن الاثير:"كانت ترد على النبي صلى الله عليه وسلم كتب بالسريانية، فأمر زيداً، فتعلمها. وقال الذهبي:" قدم النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ و"زيد" صبي ذكي نجيب، عمره إحدى عشرة سنة، فأسلم، وأمره النبي صلى الله عليه وسلم: "أن يتعلم خط اليهود، فجوّد الكتابة"، فكان "يكتب بالعربية والعبرانية والسريانية".
ولما استحرّ القتل في حفظة القرآن، إبان حروب الردة، ومعركة اليمامة، فزع الفاروق "عمر بن الخطاب" إلى الخليفة "أبي بكر الصديق" راغباً منه أن يُجمع القرآن قبل أن يدرك الموت أو الشهادة بقية القراء والحفاظ. وخشية أن يُقدم على عملٍ لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، استخار الخليفة ربه، وشاور صحبه، ثم دعا "زيداً" وقال: "إنك شاب عاقل لا نتهمك"، وأمره أن يبدأ جمع القرآن. فنهض "زيد" في جمعه، وأبلى فيه بلاءً عظيماً.. فراح يقابل ويعارض ويتحرى حتى جمع القرآن مرتباً منسقاً، يقول: "فكنتُ أتبع القرآن أجمعه من الرّقاع والأكتاف والعُسُب وصدور الرجال"[3].
وفي عظم تلك المسؤولية قال "زيد":"والله لو كلفوني نقل جبل من مكانه، لكان أهون عليَّ مما أمروني به من جمع القرآن". وفي خلافة "عثمان بن عفان" كان الإسلام يستقبل كل يوم أناس جدد، وبدأ يلوح خطر اختلاف الألسنة على القرآن، فقرر "عثمان" والصحابة الكرام وعلى رأسهم "حذيفة بن اليمان" ضرورة توحيد المصحف، فقال عثمان: "مَنْ أكتب الناس؟"، قالوا: كاتب رسول الله:"زيد بن ثابت"، قال: "فأي الناس أعربُ؟"، قالوا:"سعيد بن العاص"، وكان "سعيد" أشبه لهجة برسول الإسلام، فقال عثمان: "فليُملِ سعيد، وليكتب زيدٌ". واستنجدوا بـ"زيـد"، فجمع "زيد" أصحابه وأعوانه وجاءوا بالمصاحف من بيت أم المؤمنين "حفصة بنت عمر" رضي الله عنها، وباشروا مهمتهم الجليلة، وكانوا يجعلون كلمة "زيد" هي الحجة والفيصل. هذا ومن مناقبه ـ رضي الله عنه ـ أنه غلب الناس بخصلتين:"القرآن والفرائض"، كما ذكر "ابن سيرين".
يا بني: لقد أدرك رسولك الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ "شأن اللغات"، وأهميتها في إبلاغ دعوته للعالم، وإرسال كتبه لملوك الأرض وقياصرتها، و"الأمن" من شر الناطقين، بها فأمر "زيداً" بالإضطلاع بتعلمها، فنهض "زيد" بما كُـلـّف به، في إخلاص لله، وحُسن نية، وطاعة لرسوله، وخدمة لدينه، وعلو همة، وعن ذكاء ونجابة، فتعلم بعض اللغات في وقت وجيز. ولقد كان "زيد" يتابع القرآن حفظاً ودراية، ويكتب الوحي لرسوله كتابة، ويتفوق في العلم والحكمة نجابة. وهاهو ـ رسولك يأمرك بإتقان لسانهم.
يا بني: اقتداءً برسولك: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا"(الأحزاب:21) سار على هذا الدرب أسلافك، فقام "حكيم آل مروان" الأمير"خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان" بجهود مقدرة، وأنشأ لجنة لترجمة الكتب الكيميائية والطبية والفلكية من اليونانية، والقبطية إلى اللغة العربية. كما عني بهذا الشأن الخليفة العباسي "أبا جعفر المنصور"، وعندما كثرت أعداد العلماء والمترجمين ببغداد أنشأ لهم الخليفة "هارون الرشيد" "بيت الحكمة"، ليمثل أول "مجمع للغة العربية"، وأول "أكاديمية علمية" وفق ـ ما تعرف ـ من مصطلحات معاصرة.
يابني: أذكرك بالعناية الفائقة للخليفة "المأمون" بـ"بيت الحكمة"، وتوسعته لنشاطه، وإرسالة البعوث للروم وفارس والهند لاستحضار شتى المؤلفات والآثار اليونانية والسريانية والفهلوية (لغة فارس) والهندية، ومن ثم نقلها إلى العربية. كما زاد من أعداد مترجميها وعلمائها، وضاعف العطاء لهم.. ذهباً (ولعل ذلك العطاء ما قد يشغل بالك، وبال أقرانك كثيراً؟!). ولقد سعى سعيا حثيثاً لننهل ممن سبق ـ فما من ثقافة تقوم بمعزل عن غيرها من الثقافات ـ هضماً وتطويعاً ونقداً، ومن ثم ملاحقة وإضافة ومشاركة، بل وريادة في مسيرة العلم والحضارة. فقام ـ أمثالك ـ بجهود كبيرة ترجمت وعربت كتب "أبقراط وجالينوس" في الطب اليوناني، إلى كتاب "كليلة ودمنة"، مروراً بعلوم الحساب والفلك والأدب.
يا بني: رسالة دينك الخاتم ـ الإسلام ـ كانت بدايتها ومدارها وديمومتها حول:"إقرأ". كما إن شهودنا الحضاري يتجلي في بسط المعرفة الحقة بشرائع وشعائر الإسلام السمحة والوسطية والواقعية، تزامنا مع بسط الجناح الآخر للشهود الحضاري: العلوم والتقنية. ومساهمتنا في "صناعة المعرفة" ـ التي من فقدها فقد أسباب الحياة فضلاً عن تجديدها ـ يتأتى بالعمل المؤسسي الجاد، وتنمية القدرات وتعلم الحرف والخبرات، وإعادة الاعتبار " لفروض الكفاية".. خدمة لأوطاننا، وزيادة لأعمالنا بعد مماتنا، فبالموت تموت كل الفروق بين الناس في المال والجاه والقوة، وتبقى فروق الأعمال التي يستمر عطاؤها لتضيف حياة جديدة لأصحابها: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو لد صالح يدعو له"[4].
يا بني: ثمة دورات حضارية بين الأمم، فعندما تنازلت أمتنا عن دورها الرسالي الريادي الحضاري اضطلع به آخرون، فخسرنا وخسر العالم. لكن في تسنمهم لتبؤ دورتهم الحضارية، وتحقيق نهضتهم الثقافية والعلمية، سعوا جاهدين لنقل العلوم والمعارف إلى لغاتهم، وتنوعت ـ مظاهر عنايتهم بأمر الترجمة. فنقلوا عنا، وترجموا الكثير عبر مناطق ونقاط "الإحتكاك الحضاري" في الأندلس (حيث دانت ثمانية قرون لحضارة الإسلام)، وصقلية (مكثت تحت الملسمين من 902-1091م)، وخلال نحو قرنين علي مدار الحروب الصليبية الخ.
يا بني: كل من أراد الأرتواء من فيض علوم حضارتنا وثقافتنا قصد مراكز إشعاعها وإشراقها، فـ "سطعت شمس الإسلام على الغرب" واستبان نورها..هداية وهدى. فهاهو ـ في النصف الأول من القرن الثاني عشر الميلادي ـ "روبرت الشستري" (ت1144) يترجم معاني القرآن الكريم لأول مرة إلى اللاتينية، كما قام بترجمة الخوارزمي في الرياضيات، وكتب أخرى في الكيمياء والفلك. كما إن من هؤلاء الذين قصدوا الأندلس في القرن الثاني عشر الميلادي: "أديلارد" الإنجليزي، و"هرمان" من كارنيثيا (شمال البندقية)، وزعيم حركة الترجمة عن العربية "جيرارد الكريموني" (1114- 1187م)، عدا أهل الأندلس من مستعربين ويهود اختصوا بالترجمة عن العربية ونقل علومها ومعارفها. ولعلك تعلم ـ بُني ـ أن نحو 17% من مفردات اللغة الإسبانية والبرتغالية من أصل عربي، فضلاً عن عشرات الآلف من المفردات الإنجليزية.
يا بني: بعد طول سبات.. بدأت تعود إلينا يقظتنا وصحوتنا لنعاود النهوض من جديد. وبدأ احتكاكنا الجديد بمن تولى دفة الحضارة، وبعلومهم ولغاتهم، خاصة الفرنسية والإنجليزية والألمانية. وأضحت هناك رغبة جامحة في نقل علومهم إلينا، ولعلك تعلم أن "كلية الألسن" ـ التي تدرس وأترابك فيهاـ كانت بسبب بعثة الشيخ "رفاعة الطهطاوي"(1801- 1873م) إلى باريس، وريادته ـ وأقرانه ـ لحركة الترجمة والتحديث، في القرن التاسع عشر فكان كتابة الشهير: "تخليص الإبريز في تلخيص باريز".
يا بني: أُمتك المسلمة بحاجة إلى كفاءات، وقدرات مخلصة، وجهود متجردة لله تعالى، تساهم بجدٍ وإجتهاد في رفعة وإزدهار تلك المهنة الغالية العسيرة، مهنة "من، وإلى"، أو ـ كما يقول عنها الإنجليزـ "المهنة غير المشكورة"، لكن إبغِ المثوبة أولاً وأخيراً من الله تعالى، كما فعل جدك "زيد" رضي الله عنه أول مرة. وعليك بتجديد أهدافك، وترتيب أولوياتك في الحياة، ضمن رسالتنا العامة.. تحقيقاً لكينونة ورسالة أمتنا المسلمة، وتوحدها ووحدتها لتحقيق خلافة الله تعالى في أرضه:" إني جاعل في الأرض خليفة"(البقرة:30). فبذلك نحقق سعادتنا.. بحسن أعمالنا وتجارتنا، فمن أقوال الإمام علي رضي الله عنه:"ليس لأنفسكم ثمن إلا الجنة فلا تبيعوها إلا بها". نحن بحاجة لجهود تساهم في تقريب معاني كتاب الله تعالى، وتقديم سيرة رسوله العطرة، وشمائله المثلى بلغات متعددة ـ ومنها ما تدرس من لغة ألمانية يتحدث بها ملايين البشر.
يا بني: إن تملّكك من لغتك العربية فضلاً عن لسانك الأجنبي بهما تستطيع به أن تُعبر عن معتقداتك الإسلامية، وأفكارك، ومشاعرك إزاء ما يحدث وما يستجد من أمور عالمية تمس أمتك المسلمة. أراك به تذود عن حياض دينك وشريعتك، وتنافح عنهما، وعن رسولك محمد ـ صى الله عليه وسلم ـ مُعلم الناس الخير وهاديهم إلى سواء السبيل، ضد من يُعاديهم ويسخر منهم، أو من يقلل من شأنهم، ويدعو للعيش بمعزل عن هديهم وصراطهم القويم، وهذا جدك الخليفة الراشد "أبو بكر الصديق" رضي الله عنه يقول:" إذا فاتك خير فأدركه، وإذا أدركك شر فأسبقه".
يا بني: أرجو وأدعو الله تعالي أن أراك بارعاً مجيداً متقناً في ترجمة معاني القرآن الكريم للألمانية (فالألمان كانوا من أوائل الغربيين إقبالاً على ترجمة معاني القرآن الكريم.. دراسة واستشراقاً، بيد أن كثيراً من أعمالهم بحاجة للتنقيح والرد، وإعادة النظر، وتصحيح الصياغة... إلخ)، وتنقل إليهم وإلى لغتهم هدي الرسول المعصوم صلى الله عليه وسلم، وترد الشبهات، وتدحض المزاعم، وتفند الأضاليل، وتصول وتجول كي يستبين الحق، وتصل دعوة الله تعالى للناس كافة بالحكمة والموعظة الحسنة :"قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ"(يوسف: 108). ويصف تعالى شأنه خيرية هذه الأمة:" كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله"(آل عمران:110).
يا بني: كما ذكرت لك آنفاً، يقول علماؤنا ثمة "فروض عين" لا تسقط عن المكلف بها، وأخرى تجري مجرى "الكفاية" إذا قام بها فرد سقطت عن الآخرين. لكن فروض الكفاية تلك تصبح شأنها شأن فروض العين فيمن اضطلع بها. لذا باتت براعة تعلم لسان قوم آخرين عندك "كفرض عين". فأريدك ـ ياولدي ـ خبيراً في التعامل مع الآخرين الذين لا يتكلمون العربية ـ مسلمين وغير مسلمين ـ فتوضح لهم أمور الدين الصحيحة، وفق مصدريه الخالدين..القرآن والسنة المطهرة، وتبين لهم شريعة الإسلام الحقة، وتعاليمه المثلى، وأخلاقه السمحة، يقول تعالى شانه: "وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ، فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" (إبراهيم:4). كما إن أفاق الترجمة مجالاتها متعددة، فإحياء تراثنا، ونشر روائع آدابنا وفنوننا وعلومنا وصناعاتنا، لن يتم إلا من خلال مترجمين محترفين، ومن يسلك دربهم ـ مثلك ـ من المترجمين الواعدين.
يابني: إحرص على أداء الحقوق لأصحابها، ومنها حقوق عامة للناس كافة، يقول تعالى: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم"(الحجرات:13). فالمتحدون في أصل بشري واحد ..المختلفون أجناساً وألواناً ولغاتاً، المتفرقون شعوباً وقبائل.. عليهم ألا يتفرقوا ولا يتخاصموا ولا يذهبوا بدداً، فالغاية من جعلهم هكذا ليست التنازع والتناحر، بل التعارف والتآلف، والتعاون والتكامل وفق معيار: التقوى والعمل الصالح، وتصالح على عرف حسن، ومعرفة رشيدة..أعمال كسبية (ليست وراثية /عنصرية) يتسابق فيها الناس جميعاً مرضاة لربهم، خدمة لمجتمعاتهم وإنسانيتهم[5].
يابني: الأمر يتوقف على قدراتك، واستعدادك، فلو توافرت لديك العزيمة الأكيدة لتعلم لغة ثانية وثالثة ـ كما توافرت لجدك "زيد بن ثابت"، فتستطيع إنجاز ذلك، وبسرعة كبيرة. فعلم الألسنيات Linguistics، وفن الترجمة Translationيتم إتقانهما وحذقهما بالممارسة. فكلما مارستها، ودراست قواعدها وأصولها، ثم طبقت ذلك على النصوص المراد ترجمتها، إزدادت درايتك وخبرتك بهذا الفن والذي خطا الآن خطوات واسعة نحو حوسبته Computational linguistics .
كذلك كلما درست نصوصاً مترجمة فقارنت فيما بينها ولتعرف كيف تمت ترجمتها بين اللغتين، كلما زادت خبراتك فيها، وزاد احترافك لهذا الفن، يقول لك الجاحظ: "ولا بد للترجمان من أن يكون بيانه في نفس الترجمة، في وزن علمه في نفس المعرفة. وينبغي أن يكون أعلم الناس باللغة المنقول منها والمنقولة إليها، حتى يكون منهما على سواء وغاية، ومتى وجدناه أيضاً قد تكلم بلسانين علمنا أنه قد أدخل الضيم عليهما لأن كل واحدة منهما تجذب الأخرى، وتأخذ منها، وتعترض عليها. وكيف يكون تمكن اللسان منهما مجتمعين فيه، كتمكنه إذا انفرد بالواحدة؟. وكلما كان الباب من العلم أعسر وأضيق والعلماء به أقل كان أشد على المترجم, أجدر أن يخطئ فيه، ولن تجد البتة مترجماً يفي بواحد من هؤلاء العلماء؟.
يا بني: الترجمة الجيدة ـ ذلك الفن العسيرـ ولا يمكن أن يكون إلا بصعوبة كي"تفي بنفس الغرض في اللغة الجديدة مثلما فعل النص الأصلي الفريد في لغته التي كُتب بها". ولعلها بذلك تتطلب جهداً أشق من الجهد المبذول ابتداءً في التأليف. فهي تصاغ بتعبير طبيعي وسلس، كما إنها "الروح والجوهر الصادق ـ وليس المعنى الحرفي ـ التي يسعى المترجم لتجسيدها في ترجمته الخاصة". فيجب أن تخرج ترجماتك لترسل في قارئها ذات السمات والمواقف والانعكاسات الذي كانت عليه في ذهن مؤلفها ووجدانه. لذا يطالبك المختصون بالاهتمام بالمعنى، وليس بمفردات لغوية، فبرأيهم لا تبرر الترجمة وجودها إذا لم تقم بوظيفتها الإيصالية/ التواصلية. ذلك أن المعنى الحرفي، والبحث عن عبارات جامدة مرادفة، يقتل الترجمة، ولكن روح المعنى يُحيها. وعليك أن تتذكر: أن "أفضل التراجم ليست تلك التي تسعى دوماً لتأكيد أن هذا العمل ما هو إلا ترجمة، وإنما تلك التي تُنسي القارئ أنها ترجمة، فتجعله يشعر/ يستمتع أنه ينعم النظر في ذهن مؤلفها (شأن استجابة المتلقين الأصليين) مثلما يمعن النظر في ذهن مترجمها.
يا بني: ثمة معضلات في مجال الترجمة مثل: طبيعة كل لغة وخصائصها وقواعدها وجمالياتها، التضارب بين المحتوى والشكل (المعنى والأسلوب)، الإغراب والوضوح، التعريب والترجمة، النقص/ التلخيص، والزيادة/ الإسهاب الخ. فلا تنس أن رواداً سبقوك ـ كمصطفى لطفي المنفلوطي وغيره ـ قد حل هذه المعضلات فيما قدم للعربية من تراجم أدبية رائعة، بل ازداد بعضها حسناً بالترجمة، فتحسبها نتاجاً عربياً قحاً. بيد أنك تستشعر في جنباتها روحها غير العربية. إنهم أوجدوا "خليطاً فعالاً ومتماسكاً ومتكاملاً" من "المعنى والأسلوب". إن تمسكك بمحتوى ما تنقل إلى العربية، دون اعتبار للشكل، عمل مميز وجيد ولكنه يفتقد تألق وسحر النص الأصلي. ومن ناحية أخرى إنك إن قمت بالتضحية بالمعنى بغية الحصول على أسلوب جيد فستعيد إنتاج النص الأصلي بصورة مطبوعة/جامدة تخلو من إيصال ما به من رسائل.
يا بني: لا يخفي عليك أن الترجمة تساهم في إثراء لغتنا العربية، كما تغني علومنا وصناعاتنا، وتنمي فيها جميعاً طاقاتها، وتمدها بمفردات مستجدة، وترفدها بتراكيب جديدة، وبمصطلحات علمية وحضارية حديثة.. نحتاً، وتوليداً، وتعريباً، وترجمةً الخ، فتكثر معاجمنا، وتنمو ثروتنا اللغوية لنواجه حاجات العصر ومتطلباته. كما ستدرك أنها تفيدك وتغني أمتك ووطنك بنتائج علمية وتطبيقية مستحدثة، وأسس وأساليب منهجية تجريبية. فكن عوناً في ذلك، وسر على الدرب، واستعن بالله تعالى، وسد ثغرة في هذا المجال أو ذاك.
يا بني: ثمة جدل كبير يدور بين معسكرين، فانظر أين تضع قدميك؟. فريق اتخذ مما يُلصق بالفصحى من دعاوي "جمود وقعود عن مواكبة التطور وصعوبة فهم قواعدها، وسبل تعلمها من الأجيال الجديدة" وسيلة لتبرير الاقتباس بداعٍ وبدون من اللغات الأجنبية وإدخال الألفاظ الجديدة حسب نطقها بلغتها الأصلية. فاللغة ـ برأيهم ليست "مقدسة"، وأنها ملك للناس يتصرفون بها كيفما يشاءون ويضعون لها قواعدها التي تعتبر غير ثابتة بل تخضع للتطور باستمرار. وعاب هذا الفريق (فريق المحدثين The Moderns) على "الكلاسيكيين" مزجهم اللغة بالدين والقومية وربطها باعتبارات فلسفية، فأوصدوا ـ برأيهم ـ الأبواب أمام تطورها، حيث نادوا "بقدسيتها وثباتها"، لأنها وُجدت هكذا "مثالية" مبرأة من اللحن والشذوذ، فلا يجوز المساس بها باعتبارها "وقفاً كالوحي" وليس إبداعاً بشرياً اجتماعياً.
يا بني: أراك تتسائل بماذا يدافع الفريق الآخر عن نفسه؟. يدافع الفريق الآخر عن نفسه بقوله: ليس ثمة غضاضة من "تطوير اللغة" شريطة الاحتفاظ بسلامتها، ووفق ضوابط قواعدها، وأسس مجامعها اللغوية، كي لا تصبح كلأً مباحاً. فيمكن أن تتوالد فيها ألفاظ وتعبيرات جديدة، تؤدي لإنماء ثروتنا اللفظية، وتمكين لغتنا من القيام بوظيفتها على أكمل وجه، كدخول كلمات مثل "تلفنة "، و"تلفزة " وغيرها من كلمات لم يسبق للعرب أن عرفوها ليضعوا لها الأسماء الخاصة بها. فـهم يرون أن: "توليد الألفاظ سواء أحصل بطريق الوضع أم الاشتقاق أم نقل الدلالة أم الاقتراض من اللغات الأخرى، فهو مما لا تأباه طبيعة اللغة"، بل يلبي حاجات الإنسان المتجددة في حياتهم الفكرية والمادية، وكي لا تقف اللغة ـ كما يدعي البعض ـ عاجزة أو جامدة عن مواكبة الحركة الدائبة في المجتمع الذي يحتضنها. ويزيدون أن العرب قديماً ولدّوا بالاشتقاق كلمة "دوّن " من الديوان، وهو فارسي الأصل، واشتقوا "شباك " من شبّك، ودلوا بها على النافذة تشبك بالحديد أو الخشب. ووضعوا بالنحت والتركيب لفظتي "بسمل " من قولهم "بسم الله الرحمن الرحيم"، و" تلاشى" من لا شيء. وأخذوا بالاقتراض من اللغات الأخرى ألفاظاً كثيرة وعرّبوها بألسنتهم، وحوّلوها عن ألفاظ العجم إلى ألفاظهم فصارت عربية مثل:"الإبريق" وهي فارسية، و"القنطار" وهي كلمة لاتينية، وغيرهما.
يا بني: الترجمة إثراء لغوي، وتواصل معرفي. واللغة ناموس حي يتحرك، وإذا لم ترفدها بأسباب الحياة فإن عوامل الفناء قد تتغلب عليها. ولتبقي للفصحى لغة حية مستجيبة لحاجات المتكلمين بها، فمرحباً بالتوليد والتجديد وبسط قواعدها، ولا بأس في الاقتراض من اللغات الأخرى كلما دعت ضرورة لذلك. فالاقتراض من اللغات الأجنبية لألفاظ لا وجود لها بمعناها القائم في اللغة العربية إنما يزيد من حيويتها. وهذا ما جعل اللغة الإنجليزية تتبوأ ـ حالياً ـ الصدارة بين لغات العالم، وتكاد تصبح لغة التفاهم المشتركة بين شعوب العالم. وهي إنما وصلت لهذه المكانة جراء قبولها لما هو جديد واقتباسها من لغات العالم ومواكبتها للتطورات التي تحدث في مختلف الميادين. مكانة وصدارة ينبغي أيضاً للعربية ـ بروعتها وجمالها، وعبر جهود أبنائها ومحبيها والمنافحين عنهاـ الوصول إليها.
يا بني: كما جمع "زيد" القرآن، وأعظم بها من مهمة جليلة، لتجده الآن ـ أنت وأقرانك ـ بين دفتي المصحف، إجمعوه ـ في قلوبكم وعقولكم ليكون لكم هادياً ومرشداً ومعيناً لكم طوال حياتكم، وفي مهنتكم تلك. وأخيراً وليس آخراً لا أجد ـ يابني ـ ما أوصيك به، لتضعه نصب عينيك، خيراً من وصية لقمان لابنه: "وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ، وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ، وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ، يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُنْ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ، يَابُنَيَّ أَقِمْ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ، ولا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ، وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ" (لقمان:13- 19).
يمكن التواصل مع المؤلف على الإيميل التالي:
بقلم الكاتب: أ.د./ ناصر أحمد سنه .. كاتب وأستاذ في جامعة القاهرة.
المنزل: مصر، القليوبية، شبرا الخيمة، 20 ش شرف الدين. ت: 4605542202،
الرقم البريدي: 13411 شبرا الخيمة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع:
[1]- قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
[2]- سنن الترمذي، كتاب الإستئذان والآداب، برقم2639.
[3]- البخاري، كتاب تفسير القرآن، برقم 4311.
[4]- مسلم من حديث أبى هريرة رضى الله عنه.
[5]- راجع تفسير الآية ابن كثير، دار إحياء الكتب العربية، د.ت.، ج/4، ص 217- 218،"في ظلال القرآن" الجزء السادس، ط 16 ، دار الشروق 1410هـ ـ 1990م، ص: 3348.
  #1685  
قديم 01-01-2014, 09:31 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

محمد (عليه السلام) رائد الحفاظ على البيئة

بقلم: فرانسيسكا دو شاتِلْ
(صحفية هولندية وكاتبة طليعية ومتخصصة في أنثروبولوجيا الثقافة الإسلامية)
ترجمها عن الإنجليزية د. إبراهيم عوض
جاء في الحديث النبوى: "ما من مسلم يغرس غرسا‏ ‏أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهمة إلا كان له به ‏‏صدقة".
الواقع أن القول بأن محمدا رائد من رواد الحفاظ على البيئة سوف يقع في آذان الكثيرين في البداية موقعا غريبا، إذ لا شك أن مصطلح "الحفاظ على البيئة" وما يرتبط به من مفاهيم مثل "البيئة" و"الوعي البيئي" و"ترشيد الاستهلاك" هي ألفاظ من اختراع العصر الحديث، أي مصطلحات صيغت لتواجه الاهتمامات المتزايدة بالوضع الراهن لعالم الطبيعة من حولنا.
ومع ذلك فإن قراءة الأحاديث النبوية عن قرب، أي تلك الروايات المتعلقة بالأحداث الهامة في حياة محمد، لَتُرِينا أنه كان واحدا من أشد المنادين بحماية البيئة. بل إن بمستطاعنا القول إنه كان في نصرته للبيئة سابقا لعصره، أي رائدا في مجال المحافظة على البيئة والتطور الرشيد والإدارة الحكيمة للموارد الطبيعية، وواحدا من الذين يَسْعَوْن لإقامة توازن متناسق بين الإنسان والطبيعة. وبالاستناد إلى ما أوردته لنا الأحاديث من أعماله وأقواله يمكننا القول بأن محمدا كان يتمتع باحترام عميق لعالم النباتات والأزهار وأنه كان على صلة حميمة بعناصر الطبيعة الأربعة: التراب والماء والنار والهواء.
لقد كان محمد من الدعاة الأقوياء للاستخدام الرشيد للأرض والماء واستثمارهما، وكذلك المعاملة الكريمة للحيوانات والنباتات والطيور، والحقوق المتساوية لمن يتعاملون معها من البشر. وفى هذا السياق فإن حداثة رؤيته للبيئة وحداثة المفاهيم التي جاء بها في هذا المجال لمما يَشْدَه العقل شَدْهًا، حتى لتبدو بعض أحاديثه وكأنها مناقشات عصرية حول قضايا البيئة.
المبادئ الثلاثة:
إن فلسفة محمد البيئية هي أولا وقبل كل شيء فلسفة شاملة مترابطة، إذ تقوم على أن هناك صلة أساسية وارتباطا متبادلا بين عناصر الطبيعة، كما أن نقطة انطلاقها هي الإيمان بأنه إذا أساء الإنسان استخدام عنصر من عناصر الطبيعة أو استنزفه استنزافا فإن العالم الطبيعي برُمّته سوف يضارّ أضرارا مباشرة. على أن هذا الاعتقاد لا يُنَصّ عليه في حديث واحد نصا مباشرا، بل يمثل بالأحرى المبدأ الذي تنهض عليه جميع أقوال محمد وأفعاله. إنه فلسفة حياته التي على ضوئها نستطيع أن نبصر ملامح شخصيته.
إن أهم ثلاثة مبادئ في الفلسفة المحمدية المتعلقة بالطبيعة تقوم على تعاليم القرآن ومفاهيم الوحدانية وخلافة البشر والثقة في الإنسان. ويمثل التوحيد حجر الزاوية في دعوة الإسلام، وهذا التوحيد يراعى الحقيقة التي تقول بوجود خالق واحد للكون وأن الإنسان مسئول أمامه عن أعماله: "لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (المائدة/ 120).
ويقر محمد بأن علم الله وقدرته يشملان كل شيء، ومن ثم كانت الإساءة إلى أي مخلوق من مخلوقاته، سواء كان كائنا حيا أو مصدرا من مصادر الطبيعة، ذَنْبًا من الذنوب يجازَى الإنسان عليه. وفى اعتقاده أن جميع مخلوقات الله متساوية أمامه سبحانه، وأن الحيوانات، وكذلك الأرض والغابات وينابيع المياه، ينبغي أن يكون لها حقوق تُحْتَرَم.
أما مفهوما الخلافة البشرية في الأرض والثقة في الإنسان فينبعان من مبدأ الوحدانية. ويوضح القرآن أن الإنسان يتمتع بوضع متميز بين مخلوقات الله على الأرض، إذ اصطفاه ليكون خليفة فيها وينهض بمسؤولية العناية بغيره من مخلوقات هذا الكوكب. وهذا واجب كل فرد فينا ووجه تميُّزه، ومجلى الثقة به. ورغم هذا نرى القرآن مرارا وتكرارا ينهى الإنسان عن الكِبْر منبها إياه إلى أنه ليس أفضل من سائر المخلوقات: "وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ" (الأنعام/ 38).
وكان محمد يؤمن بأن الكون بما فيه من مخلوقات: حيواناتٍ كانت هذه المخلوقات أو نباتاتٍ أو مياهًا أو أرضين، لم تُخْلَق لتكون للبشر. صحيح أن لهم الحق في استخدام موارد الطبيعة، إلا أنهم لا يمكنهم أن يتملكوها تملُّكًا. ومن هنا ففي الوقت الذي يسمح الإسلام للإنسان بحيازة الأرض نراه يضع حدودا لذلك: فعلى سبيل المثال يمكنه أن يحوز الأرض فقط طالما كان يستعملها، لكنه ما إن يكفّ عن هذا الاستعمال حتى يصبح واجبا عليه التخلي عن هذه الحيازة.
ويعترف محمد بمسؤولية الإنسان أمام ربه، بيد أنه كان دائما وأبدا يدعو إلى التواضع، ومن ثَمّ نراه يقول: "إن قامت على أحدكم القيامة وفي يده فسلة فليغرسها"، فهو هنا يبين أنه، حتى عند انتفاء كل أمل لدى للبشر، على الفرد أن يحافظ على نمو الطبيعة. لقد كان مؤمنا بأن الطبيعة حسنة في ذاتها حتى لو لم يستفد البشر منها.
وبالمثل نراه يحض أتباعه على التشارك في موارد الطبيعة، إذ يخاطبهم قائلا: "المسلمون شركاء في ثلاث: الماء والكلإ والنار". كما يعد حرمان العطشان من الماء إثما يعاقَب عليه: "من منع فضل مائه أو فضل ‏ ‏كلئه ‏ ‏منعه الله فضله يوم القيامة".
والواقع أن موقف محمد تجاه الاستعمال الرشيد للأرض والمحافظة على الماء والطريقة التي كان يعامل بها الحيوانات هو دليل آخر على التواضع الذي يصبغ فلسفته حول البيئة.
الاستخدام الرشيد للأرض:
"جُعِلت لي الأرض مسجدا وطهورا". في هذا الحديث يؤكد محمد الطبيعة المقدسة للأرض أو التربة، لا بوصفها ذاتا طاهرة فحسب، بل بوصفها مادة مُطَهِّرة كذلك. ويَظْهَر أيضا هذا الاحترامُ للأرض في شعيرة التيمم التي تجيز للمسلم استعمال التراب في الطهارة الواجبة عند الصلاة في حالة فقدان الماء.
وينظر محمد إلى الأرض على أنها مسخَّرة للإنسان، لكن لا ينبغى له مع ذلك أن يفرط في استخدامها أو يسىء استعمالها، كما أن لها ذات الحقوق التي للأشجار والحيوانات البرية التي تعيش فوقها. ومن أجل المحافظة على الأرض والغابات والحيوانات البرية جعل محمد عددا من المحميات، أي الأماكن التي يحرم فيها استعمال الموارد الطبيعية، وهو ما لا يزال معروفا إلى اليوم، إذ هناك مناطق ممنوعة حول بعض الآبار وعيون الماء غايتها حماية المياه الجوفية من الاستهلاك المفرط والنفاد. ومنها المناطق الخاصة بالحيوانات البرية والغابات حيث يُمْنَع الرعي وقطع الأشجار أو يحرم التعرض لأنواع معينة من الحيوانات.
ولم يشجع محمد فقط الاستعمال الرشيد للأرض، بل لفت أنظار أتباعه أيضا إلى المكاسب التي يجنيها الإنسان من إحياء الأرض البور، إذ جعل زرع شجرة أو غرس بذرة أو سَقْى أرض عطشى من أعمال البر والإحسان: "من أحيا أرضا ميتة فله فيها أجر". وعلى هذا فأيما شخص ساق الماء إلى قطعة أرض قاحلة فهي له.
المحافظة على الماء:
في البيئة الصحراوية الخشنة التي كان يعيش فيها محمد يُعَدّ الماء مرادفا للحياة، فهو نعمة من الله، بل هو أصل الحياة كما يشهد بذلك القرآن: "وجعلنا من الماء كل شيء حي" (الأنبياء/ 30). ويذكِّر القرآن المسلم على الدوام بأنه خليفة الله في الأرض، لكن لا ينبغى له مع ذلك أن يأخذ الأشياء المخلوقة على أنها أمرٌ مسلَّمٌ به: "أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ* أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ* لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلا تَشْكُرُونَ" (الواقعة/ 68- 70).
كذلك كان الاقتصاد في الماء والمحافظة على طهارته قضيتين مهمتين عند محمد. ولقد رأينا كيف أدى اهتمامه بالاستخدام الرشيد للماء إلى إقامة المحميات بالقرب من ينابيعه. وحتى عندما يكون الماء متوفرا نراه ينصح بالاقتصاد في استعماله. ومن ذلك نهيه عن غسل أعضاء الوضوء أكثر من ثلاث مرات حتى لو كان المتوضئ على نهرٍ جارٍ. ويضيف البخاري قائلا: "‏وكره أهل العلم الإسراف فيه وأن يجاوزوا فعل النبي صلى الله عليه وسلم". وبالمثل نهى محمد عن تلويث المياه، وذلك بمنع التبول في الماء الراكد.
معاملة الحيوانات:
يقول محمد: "من قتل عصفورا فما فوقها بغير حقها سأل الله عز وجل عنها يوم القيامة".
وهو حديث يعكس إجلال محمد واحترامه وحبه للحيوانات. ذلك أنه كان يعتقد أنها، بوصفها خلقا من خلق الله، ينبغي أن تحظى بمعاملة كريمة، ففي الأحاديث النبوية عدد ضخم من الروايات والتوجيهات الخلقية والقصص التي ترسم لنا صورة عن علاقته بالحيوانات. وبعض هذه القصص ترينا أنه كان يهتم اهتماما خاصا بالإبل والخيول: فهما في رأيه نعم الرفيق في الأسفار والحروب، كما كان يجد كثيرا من الراحة والحكمة في صحبتهما حسبما يقول لنا الحديث التالي: "الخيل معقودٌ بنواصيها الخير إلى يوم القيامة".
وحتى في ذبح الحيوان نجده يبدى قدرا عظيما من الرقة والمرحمة. وعلى الرغم من أنه لم يكن نباتيا فإن الأحاديث تبين لنا بوضوح أنه كان حساسا للغاية تجاه معاناة الحيوانات حتى لكأنه كان يشاركها ألمها مشاركة وجدانية. ومن هنا نجده يأمر باستعمال سكين حاد في الذبح وأتباع طريقة مسؤولة من شأنها أن تزهق روح الحيوان سريعا بحيث يخف ألم الذبيحة إلى أقصى درجة ممكنة. كما نهى عن ذبح أى حيوان أمام غيره من الحيوانات أو إحداد الشفرة بحضرته، وإلا فكأنه قد ذبحه مرتين حسبما جاء فى حديثه لمن كان يُحِدّ شفرته فى حضور ذبيحته، إذ قال له مستنكرا: "أتريد أن تميتها موتتين؟ هلا أحددت شفرتك قبل أن تضجعها؟". لقد كان يكره ذلك كراهية شديدة.
وختاما:
نقول إنه من المستحيل إيفاء المدى الذي بلغته فلسفة محمد البيئية، وكذلك الأهمية التي تستأهلها، حقهما فى هذه المقالة القصيرة، فرؤيته الشاملة للطبيعة وفهمه لمكان الإنسان داخل العالم الطبيعى هما رؤية وفهم رائدان في مجال الوعي البيئي لدى المسلمين.
وللأسف فإن الانسجام الذي دعا إليه محمد بين الإنسان وبيئته قد تم تجاهله في أيامنا هذه إلى حد بعيد. وفى الوقت الذي نواجه فيه آثار التلوث والإسراف في استخدام موارد الطبيعة والتصحير وشح الماء في بعض الأماكن في العالم مع المعاناة من الفيضانات والعواصف في غيرها من الأماكن ربما يكون من الملائم بالنسبة لنا جميعا: مسلمين ونصارى ويهودًا وهندوسًا وبوذيين وملاحدةً أن نأخذ ورقة من كتاب محمد ونواجه الأزمة البيئية الحاليّة بجِدٍّ وحكمة.
عنوان الموقع الشخصى: http://ibrawa.coconia.net
  #1686  
قديم 02-01-2014, 06:45 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

بالصور الواضحة والشهود الثقات كرامة لمجاهد من غزة

إعداد معتز الجعبري
كاتب إسلامي وصحفي
قال الله تعالى في كتابه العزيز(أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)[سورة يونس:62].
عرض الطبيب الأردني حسام الزاغة خلال مهرجان أقامته نقابة الأطباء الأردنيين لنصرة غزة بعد عودته من هناك قصة حدثت معه في مستشفى الشفاء في غزة حيث عاين مجاهدا مصابا، وأخرج من جيب المجاهد مصحفا وكتيب حصن المسلم للأذكار فتفاجأ الطبيب بوجود شظية كبيرة وقاتلة اخترقت كتيب الأذكار واستقرت في المصحف الشريف ولم تصل لصدر المجاهد فنجا من الموت بحفظ الله.
والصور تظهر الطبيب وهو يعرض المصحف وكتيب الأذكار وصورة مقربة للشظية والثقب الذي أحدثته في كتيب الأدعية وكذلك الموضع الذي استقرت فيه من كتاب الله.
وهذه من الكرامات التي يرزق الله بها المجاهدين الذين تحدوا الموت بصدورهم تثبيا لهم وإظهارا للناس لتأييد الله لهم في جهادهم وتشجيعا للأمة على نصرتهم واليقين بعدالة قضيتهم، والكرامات لا تنقطع في أمة محمد صلى الله عليه وسلم وتقع بإذن الله عندما يقاتل المسلمون اليهود فيقول الشجر والحجر يا مسلم يا عبدالله هذا يهودي خلفي تعال فاقتله.
يمكن إرسال ملاحظاتكم وتعليقاتكم للمؤلف على الإيميل:
  #1687  
قديم 02-01-2014, 06:46 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

آيات الرحمن في نصرة المجاهدين في غزة

صور لمجاهدين من القسام وهم يصلون في قلب المعركة مع العدو اليهودي
أمير بن محمد المدري
إمام وخطيب مسجد الإيمان – اليمن
قبل ما يقارب عشر سنوات وقع في يدي كتابٌ للدكتور الشيخ المُجاهد عبد الله عزام ،اسمه «آيات الرحمن في جهاد الأفغان»ذكر فيه كرامات عجيبة مباركة للمجاهدين الأفغان في قتالهم ضد الروس.
وها أنا أقف معكم وقفة إجلال مع آيات الرحمن في جهاد الإخوان على أرض غزة المباركة.
لقد وَفَّق الله أبطال غزة فأطلقوا على معركتهم مع عدوهم "معركة الفرقان".
وعندما نتأمَّل نجد أن أبرز شيء نتج من هذه المعركة المباركة هو الفرقان في كل شيء؛ قد تحقَّق الفرقان والتمييز بين الأفراد والشعوب و الدول والحكام والعلماء والكتاب والقنوات ،فلقد تميَّزت المواقف وانقشع الظلام، وارتفعت السحب وتراءت الحقائق للناظرين، وكل هذا سيكون له ما بعده، فلم تَعد الأوراق مختلطة كما كانت من قبل، وهذا الأمر خطوة في غاية الأهمية في سبيل تحقيق نصر الله لعباده المؤمنين.
ونرى أن الله سبحانه قد أنزل آياته على مجاهدي غزة في "معركة الفرقان"، فمن هذه الآيات:
1-الغمام والرياح: لقد نقل مراسلو القنوات الفضائية- وأخص مراسل قناة المجد في ثاني يوم للهجوم البري أنه في الصباح الباكر وعند استعداد الدبابات والجرَّافات الصهيونية وكل المعدات الثقيلة لاقتحام أحد محاور غزة، فإذا بهم يفاجئون بغمامةٍ كثيفةٍ تغطِّي الأرض وتحجب الرؤية تمامًا في ثوانٍ معدودة جعلت جميع الآليات تتراجع وتعود من حيث أتت؛ خوفًا من ضربات المجاهدين، وحكى المراسل أنه ولفيف من الصحفيين رأوا هذا بأعينهم، وأنهم وقفوا مشدوهين لذلك، ولكن لا عجب؛ فهذا لُطف الله وتأييده ،وكذلك ما ذُكر من تفريق الرياح للفسفور الأبيض من غزة باتجاه إسرائيل.
2- ثباتُ المجاهدين:
صورة لدبابة إسرائيلية وهي تقصف غزة
ثباتُ المجاهدين الرَّاجِلِين أمام حمم الموت المحيطة بهم من البر والبحر والجو؛ هذا الثبات البطولي في "بيت لاهيا" و"جباليا" و"حي الزيتون" و"تل الإسلام" و"حي الشجاعية" و.. و..إني أرى أن قول الله عن أهل بدر ﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ﴾ [الأنفال: من الآية 12] قد تحقَّق مع مجاهدي غزة؛ فهذا يدخل في دبابة ميركافا ليدمرها، وذاك يأسر 3 من جنود العدو لولا تدخل العدو بطائراته وقصف البيت الذي كان فيه الآسرون والمأسورون.
نعم.. تم الأسر بين رشاش المدافع وهدير الدبابات و.. و..
وثالث ورابع وخامس يقنصون جنودًا، وبكل ثقة وهدوء وثبات يُصوِّرون العملية وكأنهم يجلسون متكئين على أريكة أمام مدفأة فيرون مشهدًا يعجبهم على شاشة التلفاز فيلتقطون له صورة.. الله أكبر! من هؤلاء؟! إنهم أحفاد رجال بدر.
3- حفْظ اللهِ للمجاهدين:
حفْظ اللهِ للمجاهدين وسَتْر أماكن وجودهم وتحركاتهم وعدم معرفة أماكن تخزين أسلحتهم بالرغم من كل هذا القصف، وبالرغم من طائرات الاستطلاع، وبالرغم من وجود 25 ألف منافق عميل يعملون لصالح العدو؛ حيث لم يُعتقل مجاهد واحد، ولم يُدمَّر مخزن واحد للسلاح، ولم تُكتَشف منصة واحدة من منصات إطلاق الصواريخ.. أليس هذا آية من آيات الله؟! ألا ينطبق على هذا قول الله سبحانه: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ﴾ [ يس: 9].
صور لمجاهدين من القسام وهم يصلون في شقة في أثناء الحرب مع العدو اليهودي
4-السكينة:
إلقاء السكينة في قلوب الكثيرين من أهل غزة عمومًا؛ فأنت ترى الواحد منهم أمام الفضائيات رابط الجأش، لا ينطق إلا بخير، وقد استُشهد الواحد والاثنان بل والعشرات من أسرته أمام عينه فلا يقول إلا "الحمد لله" "أولادي استشهدوا"، ونرى هذه المرأة التي لم ترزق بالولد إلا بعد ما يزيد عن عشرين عامًا، فيستشهد صغيرها فتسعد كثيرًا وتضحك وتقول «الحمد لله الذي جعلني أم الشهيد».
ثم ألم نُفكِّر كيف عاش أهل غزة 22 يومًا؟! كيف ناموا؟! كيف كان طعامهم؟! كيف كانت حياتهم أمام هذا القصف الوحشي الذي طال كل شيء: بيوتًا، فهل كان أهل غزة ومجاهدوها ينامون؟! نعم.. كانوا ينامون وينطقون بالشهادتين قبل موتهم.
أليست هذه سكينةً من الله؟! أوليست السكينة في هذا الموطن من جند الله؟! ألم يقل ربنا سبحانه عن خير جيل مُبيِّنًا مدده لهم وتوفيقه إياهم: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَللهِ جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾[ الفتح: 4]
5- رائحة المسك: الشهيد عبد الله الصانع أبو حمزة قيادي ميداني في كتائب عز الدين القسام وأحد القادة المرافقين للدكتور محمود الزهار وبقي جثمانه الطيب تحت الثرى ..تحت انقاض المبنى 20 يوما كاملة طيلة فترة العدوان ...ليكتشف أهله والحاضرون بعد يومين من البحث جثته الطاهرة أشلاء تفوح منها رائحة المسك أطيب ما تكون ريحا وقد توافد العشرات من الزوار عند سماع الخبر بل وردت الأنباء عن وجود رائحة المسك تفوح بقوة من قبره وتشم من كل حبة تراب فيه.
صور للشيخ أحمد القطان
6- الرؤى المُبشرة:
ومن الآيات الرؤى التي بلغت حد التواتر ورأى فيها العديد من المؤمنين من داخل غزة وخارجها من السودان والسعودية واليمن وفلسطين قبل الحرب وأثناءه برؤية الرسول صلى الله عليه وسلم ذاهب للجهاد مع أهل غزة وبأن معهم الصحابة وغيرها في هذا المعنى ،ومن ذلك ما ذكره الشيخ في الكويت احمد القطان عن رؤية رآها ويقسم بالله العلى العظيم انه رأى الرسول صلى الله عليه وسلم يقاتل مع المجاهدين ضد اليهود في غزة..
الآيات والكرامات كثيرة ،وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم ،فكان عاقبة الإخوان في معركة الفرقان بفضل الله، وإلا لماذا خرج العدو من غزة لو كان منتصرًا؟! لماذا لم يَعُد لاحتلالها مرةً أخرى ويسيطر عليها كالضفة؟!
نسأل الله سبحانه أن يتم علينا وعلى المسلمين "الصادقين" فرحتنا بتحرير أرض فلسطين كلها وتحرير المسجد الأقصى.. اللهم آمين.
  #1688  
قديم 02-01-2014, 06:48 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

الموحدون من النصارى أصولهم.. واقعهم.. معاناتهم

لوحة قديمة لآريوس شهيد التوحيد الخالص لله الذي كان يؤمن ان الله هو إله واحد وان المسيح هو عبد الله والذي قتل لأفكاره
كتبه / الشيخ الدكتور سفر الحوالي
في ظل الصراع بين الإسلام والغرب الذي تتضح ملامحه يوماً بعد يوم، وتجتهد قوى مؤثرة في الغرب في إيقاده، يبدو جهل الغرب بالإسلام من أهم أسباب إخفاقه في التعامل مع قضايا الصراع؛ حيث يتعامل وفقاً لصورة نمطية مقتضبة. ولكيلا نقع في الخطأ نفسه، ينبغي للأمة الإسلامية أن تعرف خصمها معرفة مفصلة، بدلاً من النظر إليه باعتباره كتلة واحدة ذات توجه واحد، ومن أهم أسباب المعرفة المطلوبة: ربط اتجاهات الصراع بأصولها العقدية، وقياس مدى تأثير تلك الأصول في توجيه الصراع، لا سيما وقد بدأ الغرب يتمايز، وقد تزيده المرحلة القادمة تمايزاً.
وهذه المقالة تلقي الضوء على طائفة نصرانية تكاد تكون مجهولة لدى المسلمين، مع أهميتها عقدياً وعراقتها تاريخياً؛ فقد كان منها خمسة من رؤساء الولايات المتحدة، فضلاً عن حضورها الثقافي والسياسي في الساحة الأمريكية؛ فهم يمثلون دينياً النقيض للحركة الأصولية المتطرفة، وهم في الجملة محسوبون كجزء من التيار الليبرالي الذي لا يرى صراع الحضارات حتماً، ويرفض المشروع الصليبي المسمى الحرب على الإرهاب
المقصود بالموحّدين من النصارى: -
لا توحيد ـ على الحقيقة ـ إلا ما أرسل الله به رسله وأنزله في كتبه، وهو الإيمان بأن الله ـ تعالى ـ واحد، وعبادته وحده لا شريك له؛ فهذا هو التوحيد المطلق. أما إذا قُيِّد بطائفة أو أحد من الناس فهو بحسب من يضاف إليه. ونحن هنا حين نتحدث عن الموحدين من النصارى فإننا نعني بها الفرقة النصرانية التي تعتقد أن الله واحد، وأن المسيح رسول الله، وترفض التثليث، وتتمثل في كنيسة (جماعة دينية) تؤمن بالوحي والعبادة، وبذلك يتميزون عن عامة الكنائس النصرانية التي تؤمن بعقيدة التثليث المنصوص عليها في قانون الإيمان الذي أقرّه مجمع «نيقية»(1)، كما يتميزون في العصر الحديث عن منكري التثليث على أساس إنكار الخالق ـ تعالى ـ مطلقاً، أو على أساس إنكار الوحي مع الإقرار بالخالق؛ لأن هؤلاء على الحقيقة ليسوا من النصرانية في شيء، وإن كان هذا التمييز غير جلي في تاريخ الفكر الغربي الحديث كما سنرى.
` أصولهم وأسماؤهم:
تعود جذور عقيدة الموحدين النصارى إلى الدين نفسه الذي علَّمه المسيح عليه السلام، وهو الإسلام في العقيدة، واتباع التوراة في الشريعة؛ فهم في الأصل الطائفة التي آمنت من بني إسرائيل كما قال ـ تعالى ـ: {فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ} [الصف: 14] وتمسكوا بالإيمان الذي أعلنه الحواريون كما في قوله ـ تعالى ـ: {نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 52] وظل بعضهم على هذا الإيمان إلى البعثة المحمدية، وخلط آخرون ذلك بأنواع من البدع من قبل البعثة وبعدها لا مجال لتقصِّيها الآن.
ومن أسمائهم «الناصريون»: إما نسبة إلى النُّصرة وهو الأقرب؛ كما في الآية، وإما إلى (الناصرة) البلدة التي ينسبون إليها المسيح عليه السلام، فيقولون: (يسوع الناصري)، وفي انتسابهم هذا إعلان لبراءتهم من البدع التي أحدثها بولس وأتباعه.
أما الاسم الذي ظلوا يشتهرون به حتى مطلع العصر الحديث فهو «الآريوسية» ـ أو «الأريانية» ـ نسبة إلى آريوس، أو «السوسنيانية» نسبة إلى «سوسنيان» الذي سنأتي على سيرته.
وقد كان للاضطهاد الذي نالهم من المخالفين أثره في تشويه تاريخهم وطمس كثير من معالمه. فوقع خلط كبير بينهم وبين غيرهم من الفرق المنشقة عن الكنيسة الملكية الرومانية التي تسمي المنشقين جميعاً «هراطقة».
ومن ذلك أنك تجد من لا يفرق بينهم وبين «النسطورية» أو «اليعقوبية» وربما كان سبب ذلك أن الكنيسة الرومانية الملكية الكاثوليكية كانت تنبزهم بأنهم نسطورية أو يعقوبية، وفي الوقت نفسه تنبز النسطورية واليعقوبية بأنهم «موحدون» لتخرجهم من النصرانية وتكفِّرهم عند العامة. وشبهتها في هذا أن النَّسطورية مع اعتقادهم التثليث ينكرون أن يقال عن مريم: والدة الإله، ويقولون: إنما ولدت الناسوت وليس اللاهوت؛ فكفّرتهم الكنيسة الملكية بذلك، واشتبه الأمر على كثير من الباحثين ـ وبعضهم من الموحدين الأوروبيين أنفسهم ـ فظنوا أن النَّسطورية في الشرق يعتقدون أن عيسى ـ عليه السلام ـ مجرد بشر؛ فهم بذلك موحِّدون.
أما اليعقوبية فهم مع اعتقادهم التثليث ينكرون أن يكون للمسيح طبيعتان، ويجعلونها طبيعة واحدة «إلهية» فكفَّرتهم الكنيسة الملكية بإنكار التثليث في نظرها.
ومن هنا أخطأ كثير من الباحثين أيضاً فظنوا ما جعلته الكنيسة توحيداً على سبيل التهمة هو التوحيد الذي عليه الموحدون.

لوحة قديمة تمثل محاكمة آريوس السكندري بسبب أفكاره التوحيدية
أما نسبة الموحدين إلى «أريوس الإسكندري» و «بولس الشمشياطي»، فهي أقرب إلى الصواب، من جهة أن المنسوب إليهم في كتب النصارى هو إنكار لاهوت المسيح ـ لا سيما الأول منهما ـ على أن وصف الناصريين يظل أصدق الأوصاف وأبعدها عما أحاط بالأوصاف الأخرى من اضطراب.
` اضطهادهم:
تعرض الموحدون لاضطهاد هائل من الكنائس الرسمية، ولعنتهم المجامع النصرانية المخالفة، ووصمتهم بالكفر والهرطقة، ومزقتهم كل ممزق. ومن هنا ـ مع ما أصاب بعضهم من الابتداع ـ صدق على المتمسكين منهم أنهم «بقايا» كما جاء في الحديث: « إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب »(2) وفي قوله ـ تعالى ـ: { مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ }[ آل عمران: 113] فإن من كانوا على بقية من الحق عند بعثته -صلى الله عليه وسلم- أعم من أن يكونوا من أتباع المسـيح ـ عليه السلام ـ فحسب؛ وذلك أن كثيراً من اليهود خارج فلسطين لم تبلغهم دعوة المسيح عليه السلام، أو لم يتبينوا حقيقة رسالته، وظلوا على الحق الذي في التوراة حتى أشرق نور الإسلام(3)
فلما ظهر نور الإسلام وأضاء ما بين الخافقين دخل أكثر الموحدين فيه وبقيت منهم بقية على حالها وكانت على صنفين:
الأول: من بلغته دعوة محمد -صلى الله عليه وسلم- فلم يؤمن به، وعن هؤلاء يقول العالم المهتدي الحسن بن أيوب من علماء القرن الرابع الهجري: «ولما نظرت في مقالات النصارى وجدت صنفاً منهم يعرفون بالأريوسية يجردون توحيد الله ويعترفون بعبودية المسيح ـ عليه السلام ـ ولا يقولون فيه شيئاً مما يقوله النصارى من ربوبية ولا بُنُوة خاصة ولا غيرهما، وهم متمسكون بإنجيل المسيح، مقرون بما جاء به تلامذته والحاملون عنه. فكانت هذه الطبقة قريبة من الحق، مخالفة لبعضه في جحود نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم-، ودفع ما جاء من الكتاب والسنة» (4)
والآخر: من لم تبلغه الدعوة لبعد الشُّقَّة، أو بلغته على الصورة البالغة التشويه التي نشرتها الكنيسة الحاقدة على الإسلام ولا سيما كنيسة روما.
والثابت تاريخياً أن التوحيد كان عقيدة منتشرة في أوروبا في القرون الميلادية الأولى، لكن اختلفت أحوال الشعوب الموحِّدة، فبعضها مثل «الأيرلنديين» استطاعت الكنيسة البابوية استئصاله قبل الإسلام، وبعضها مثل «الأندلسيين» ظهر الإسلام والحرب لا تزال قائمة بينهم وبين روما.
ومن الظواهر البارزة في التاريخ الديني الأوروبي أن الشعوب البعيدة عن تأثير السيطرة الرومانية كانت أقرب إلى الفطرة، ومن ثَمَّ أكثر قبولاً للتوحيد من غيرها، وربما كان الاضطهاد الذي مارسه الرومان على الشعوب الخاضعة لهم أعظم أسباب قلة الموحدين فيها.
ففي بريطانيا كان الموحدون أول من أدخل النصرانية إلى الجزر البريطانية، وكان لهم فيها تاريخ طويل حتى انتقال مركزهم إلى أمريكا كما سيأتي. وفي إيرلندا كان الناس يدينون بالتوحيد ويعملون بشرائع التوراة، بل يسمون أنفسهم «ناصريين» حتى غزاهم الرومان في القرن الخامس الميلادي، واستأصلوا عقائدهم، وأحرقوا أناجيلهم المعروفة بالأناجيل «السلتية»(5)، التي كانت خالية من عقيدة التثليث. وفي الأندلس ظلت الحروب بين الرومان وبين الموحدين حتى ظهور الإسلام، ويعزو المؤرخون من شرقيين وغربيين سرعة انتشار الإسلام هناك إلى أنهم كانوا في الأصل على التوحيد.
وإجمالاً يمكن القول: إن تاريخ شعوب أوروبا الغربية وشمال أفريقية قبل الإسلام تاريخ للصراع بين الكنيسة الرومانية وبين الآريوسية ويشمل ذلك القوط والفاندال والسلت والبربر وغيرهم(6). يقول سلفستر شولر: (من المعلوم أن جميع البرابرة الذين استقروا على ضفاف الدانوب وعلى ضفاف الإمبراطورية (الرومانية) قد اعتنقوا أمة بعد أمة المسيحية الآريوسية... وهكذا أخذت الآريوسية تجتاح البلاد التي يقيم فيها البرغوند والسويف والفندال واللومبارد، وغدت ديانة هذه الشعوب الوطنية)(7)، هذا عدا انتشار الموحدين في مصر وبلاد الشام والعراق وفارس والحبشة ومليبار.
ثم كان أبرز الأحداث في تاريخ الموحدين هو قيام مملكة لهم في رومانيا في القرن السادس عشر؛ حيث كان الملك «جون سيقموند» المتوفى سنة 1571م موحداً، ولا يزال فيها أكبر تجمّع للموحِّدين في العالم بعد الولايات المتحدة؛ حيث يبلغ عددهم ثمانين ألفاً. وفي بولندا تكاثر الموحِّدون حتى أرغمهم البرلمان سنة 1658م على اعتناق الكاثوليكية(8)، إلا من فرّ منهم إلى هولندا وإنجلترا، وهناك التقوا مع الفارين من الأندلس بعد سقوطها في يد الملكين الكاثوليكيين «فردِنَنْد» و «إيزابيلا». وفي فرنسا ظهر الموحدون سنة 1550م باسم «الهجونوت» إلا أن الكاثوليك شنوا عليهم حرباً ضروساً في أيام الملكة «كاترين» وابنها «هنري» حتى استأصلوهم سنة 1572م إلا من استطاع الفرار إلى هولندا ثم إلى أمريكا(9)
روافد وأشباه:-
فيما بين عقيدة الموحدين ـ هؤلاء ـ وعقيدة الطائفة الملكية(10)، وهي الطائفة النصرانية الكبرى المتحكمة في الإمبراطورية الرومانية، يوجد عقائد كثيرة تأثرت بالمد الإسلامي العظيم؛ إذ كان استعلاء الإسلام ووضوح حجته قد بهر العالم أجمع، فحرصت كل ملة على أن تفسر عقيدتها وإيمانها بما يشبهه أو يقاربه، حتى إن الطائفة الملكية نفسها أصبحت تدعي التوحيد على تفسير خاص لها (11)
وقد بلغ التأثير ذروته في الحركتين المشهورتين في التاريخ الأوروبي، وهما: حركة تحريم الصور والتماثيل، والحركة الإصلاحية. وقد وفّر كلٌّ منهما نوعاً من الغطاء لعقيدة الموحدين التي كانت تظهر وتختفي بمقدار الحرية المتاحة لها.
1 _ حركة تحطيم الصور والتماثيل:
ظهرت هذه الحركة بظهور الإسلام الذي كان حكمه حاسماً جداً في هذا الشأن؛ فعندما عاد المهاجرون إلى الحبشة وذكروا للرسول -صلى الله عليه وسلم- ما رأوا في الكنائس الحبشية ـ وهي يعقوبية المذهب ـ قال -صلى الله عليه وسلم-: «إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجداً، وصوَّروا فيه تلك الصور؛ أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة» (12)
وهكذا طمس المسلمون ـ وحطموا ـ الصور والتّماثيل والصّلبان ليس فقط في الكنائس التي أسلم أهلها أو فتحوها عنوة، بل في كل مظاهر الحياة، وبذلك استيقظت الحركة الكتابية التي كانت تفعل ذلك قبل الإسلام عملاً بما جاء في الوصية الثانية من الوصايا العشر في التوراة (13)
وقد بلغت هذه الحركة أوجَها في عهد الإمبراطور البيزنطي (قسطنطين الخامس) الذي عقد مجمعاً خاصاً لذلك في القسطنطينية سنة 754م. ونلاحظ أن الإمبراطورية الشرقية البيزنطية هي الأكثر تأثراً؛ وذلك لقربها من دار الإسلام.
2 _ الحركة الإصلاحية:
تأخر ظهور الحركة الإصلاحية في الإمبراطورية الغربية، بسبب بعدها الجغرافي عن دار الإسلام، والحُجُب الكثيفة من الافتراء والتشويه التي فرضتها الكنيسة الكاثوليكية على أوروبا الغارقة حينئذ في الجهل والهمجية، ولكن الاتصال بالمسلمين الذي حدث من طرق شتى - منها مراكز الحضارة الإسلامية في جنوب أوروبا، والحروب الصليبية، والتعامل التجاري، وغيرها ـ أدى إلى ظهور الحركة الإصلاحية البروتستانتية، التي كانت فاتحة التاريخ الأوروبي الحديث، والتي أحدثت زلزالاً هائلاً في الكنيسة الغربية، بل في الحياة الأوروبية عامة. إلا أن تأثيرها الإصلاحي لم يمسّ الجوهر (عقيدة التثليث) بل اقتصر أساساً على الحد من طغيان البابوات، وفساد رجال الدين عامة، وتحطيم الصور والتماثيل(14)، وتعديل بعض الشعائر والطقوس. ويتمثل تأثيرها التاريخي الهائل في تأسيس كنائس جديدة منسوبة لزعماء الحركة، مثل «لوثر» «كالفن» «زونجلي» وكانت الاستجابة الواسعة لها تمثيلاً عميقاً لما عانته النفسية الأوروبية من كبت وضجر تحت سيطرة الاضطهاد البابوي، ولكنها ما لبثت أن ارتكبــت كـل الخطايا التـــي ارتكبتهــا كنيســة روما، ولا سيما اضطهاد المخالفين، وربما زادت عليها أحياناً، وهو الأمر الذي أدخل أوروبا في دوّامة من العنف لم يشهد لها التاريخ العالمي مثيلاً. وحدث من الفظائع والمنكرات ـ من الطرفين ـ ما اقشعرت لها أبدان المؤرخين، ووصفوها بأنها وحشية تترفع عنها الوحوش. وقد نالت هذه الوحشيةُ طائفةَ الموحدين التي انتهزت ـ بادئ الأمر ـ فرصة الصراع وانكسار باب السجن الكاثوليكي لتخرج في جملة من خرج من المأسورين، ولكن الاضطهاد الذي حلّ بها من قِبَل البروتستانت كان أفظع مما تصورت، بل كان مثار دهشة المؤرخين الغربيين ولا يزال.

لوحة قديمة لكالفن
` الموحدون والحركة الإصلاحية النصرانية:
كان أعداء الموحدين ـ من الكاثوليك والبروتستانت سواء ـ ينبزونهم بلقب «سوسنيانية» نسبة إلى رجل دين إيطالي يدعى «سوسنيان» أو «سوسنيوس» (1539ـ 1604م)(15)، ظهرت آراؤه في عنفوان الثورة البروتستانتية على الكنيسة الكاثوليكية بقيادة زعيميها الشهيرين «مارتن لوثر و كالفن
وكان «كالفن» ينافس «لوثر» في تزعّم الإصلاح، إلا أنه كان أكثر منه اعتماداً على التوراة ـ لا سيما في انتهاج القوة ـ وقد قرر كثير من المؤرخين أنه يهودي الأصل، ولعل هذا سبب خطأ من يظن أنه كان موحِّداً(16)، وقد عاصر من الموحدين غير «سوسنيان» الذي تنتسب إليه الطائفة «ميخائيل سرفت» صاحب الآراء المتناقضة والمحسوب على الموحدين، وإن كان بعض مؤرخي الفكر الغربي يجعلونه المؤسس.
اتخذ كالفن «جنيف» مقراً لدعوته، وحكمها حكماً لاهوتياً شديد الصرامة، ويقول «ديورانت»: (إن «كالفن» كان يرى في مذهب الموحدين بداية النهاية للمسيحية، وخشي هذه الهرطقة أكثر من أي شيء آخر؛ لأنه وجدها متفشية في مدينة جنيف ذاتها، وفوق كل شيء بين اللاجئين البروتستانت الفارين من إيطاليا، وهذه إشارة إلى سوسنيان وأمثاله). وقد بلغت فظاظة كالفن وبشاعة أحكامه حداً جعل أتباعه وأعداءه يشتركون في التعنيف عليه، وكان الموحدون أكثر المتضررين بذلك، ولا تزال مأساة «سرفت» تعد عند مؤرخي الفكر وصمة عار في جبين الإصلاحيين عامة و (كالفن) خاصة؛ فقد حكم (كالفن) على (سرفت) بأن يحرق حياً على نار بطيئة عقوبة له على إنكار التثليث ســنة 1553م. وكان هـذا ـ إضافــة إلى نبـز (لــوثـر) لـ (سرفت) بأنه «مراكشي» ـ دليل على أن الضغينة عليه كانت بسبب تأثره بالإسلام أكثر من كونه كافراً بالتثليث؛ إذ يقول ديورانت(17)، بعد أن نقل فقرات من كلامه: (إن مفهومه عن المسيح قريب جداً من مفهوم محمد) فنظراً لأصله الأسباني وقراءته للقرآن، واطلاعه على العقائد الإسلامية كان يستحق عندهم أن ينزل عليه أشد العقاب، فيكون عبرة لغيره من الخارجين على عقيدة (لوثر) و (كالفن).
كان (سرفت) في أول الأمر مندفعاً جداً في الثورة على النصرانية، فألّف كتابه «خطأ التثليث» سنة 1531م وفيه شبّه الرب الذي يعبده النصارى بالصنم الخرافي الوثني «سربيروس» الذي كان أتباعه يعتقدون أن له ثلاثة رؤوس (18) ولكنه آخر الأمر عاد ليكتب كتاباً عنوانه «إعادة المسيحية». وسواء كان ذلك تراجعاً ظاهرياً أو اضطراباً في المعتقد، فالنتيجة أن ذلك لم ينقذه من العقوبة، وكان إحراقه نذيراً صارخاً لأصحاب مذهب التوحيد بالفرار إلى بلاد غير خاضعة للإصلاحيين، فاتجهوا إلى بولندا وهولندا ورومانيا ـ إقليم ترانسلفانيا ـ حيث كان الملك الموحِّد «جون سيقموند» يوفر حماية للفارين منهم في مملكته.
إن مصادر التوحيد لهذه المملكة مجهولة، والظاهر أنها من بقايا الأريوسيين وأن حياتهم في غابة إقليم «ترانسلفانيا» النائي وَقَتْهم شر التسلط الكاثوليكي، ومن المحتمل جداً وجود علاقة لهم بالمسلمين؛ فقد شهدت روسيا وأوروبا الشرقية مرحلة من التواصل مع المسلمين تميز في عهد الخليفة المقتدر العباسي وبعده (19) على أن العقيدة التوحيدية ظهرت في أوروبا الغربية، ولا سيما في هولندا وبريطانيا، ومنها إلى أمريكا ضمن الخليط الناتج من الأفكار التي شهدها عصر التنوير الأوروبي الذي تُعَدُّ حركة التوحيديين أحد روافده، كما تعد أحد المستفيدين من ثورته.


يتبــــــــــــع



  #1689  
قديم 02-01-2014, 06:49 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

يتبــع الموضوع السابق


الموحدون من النصارى أصولهم.. واقعهم.. معاناتهم


عقائد عصر التنوير الأوروبي:
يسمى عصر الثورة العامة على المعتقدات الدينية النصرانية: (عصر التنوير( وهو يشمل المرحلة ما بين اشتداد الحروب الدينية في أوروبا، وبين ظهور الثورتين الأمريكية والفرنسية، أي أن القرن الثامن عشر الميلادي ـ على سبيل التقريب ـ هو عصر التنوير الذي أحدث في الفكر العالمي عامة والغربي خاصة زلزالاً لا تزال توابعه حتى الآن؛ فقد خلَّف آثاراً عظيمة في السياسة والاجتماع والأدب والفن. بيد أن أعظم آثاره تجلى في الصراع العنيف بين الكنيسة والعقل.
ولا ريب أن عصر التنوير يعد امتداداً طبيعياً لعصر النهضة الأوروبية الذي يدين بالفضل للإسلام؛ فقد كان تأثير الحضارة الإسلامية والثقافة الإسلامية واضحاً في إيطاليا منطلق النهضة الأوروبية الحديثة، بل هو أكبر أسباب النهضة؛ فقد كان الإمبراطور «فردريك» الثاني في القرن الثالث عشر عاشقاً للثقافة الإسلامية، ولما رأت الكنيسة حرصه على تعلم العربية، وكثرة المسلمين في بلاطه، وتأثره الواضح بهم، أصدرت بحقه حرماناً وسمته «الزنديق الأعظم»، ولكن المؤرخين في الفكر يسمونه «أول المحدثين» تقديراً لريادته في الحضارة والإنسانيات (20)
وفي الأندلس كان التواصل الثقافي مستمراً خاصة مع أوروبا الغربية، لا سيما الجزر البريطانية التي كادت أن تسلم ـ حيث يتحدث التاريخ عن إسلام أحد ملوكها، وكذلك إسلام ملك النرويج، وهما حدثان جديران بالبحث والاهتمام ـ فلما استطاعت الكاثوليكية استرداد البرتغال وأسبانيا من المسلمين، وأقامت محاكم التفتيش، لجأ كثير من أصحاب الفكر الحرِّ إلى أوروبا الغربية، لا سيما هولندا التي ظهرت فيها العقيدة التوحيدية بوضوح إلى جانب العقائد الأخرى المتحررة من ربقة الكنيسة الرومانية.
وفي المرحلة التالية لم يقف الصراع الكبير الذي أحدثته الحركة الإصلاحية عند حد التمرد على البابا، بل انقلب تمرداً علـى كل العقائـد الكنسيّة باســم «العقـل» و «حـرية التفكير» و «الدين المنطقي» و «الدين الطبيعي» ونحو ذلك من الشعارات التي كثرت في ذلك العصر واختلفت، وكان الجامع بينها رفض العقيدة النصرانية.
ومن هنا اختلط الأمر على الباحثين، وصعب التفريق بين منكري الدين كلِّه ـ أي من ينكر وجود الله تعالى ـ وبين من ينكر عقائد الكنائس النصرانية ـ لا سيما التثليث ـ لكنه يؤمن بالوحي والكتب المقدسة، وبين من يقف بين ذلك فينكر الكتب والقدر، ويعترف بنوع من الوحي والتعبد. وفي غمرة هذا الاختلاط نجد تفسيراً للتنازع الشديد في عقيدة بعض الأعلام المشهورين بالعلم والفكر والفلسفة مثل «جون لوك» «إسحاق نيوتن» «شارل ديكنز»، «روسو»، «داروين» فالكنيسة الموحدة تدعي أنهم من أتباعها، وغيرهم لا يسلم لها بذلك، بل يجعلونهم «ربوبيين»(21)، أو «لا أدريين» أو «طبيعيين»...إلخ.
وكان لبريطانيا نصيب الأسد في ظهور هذه العقائد، ويعزى ذلك إلى الحرية المحدودة فيها وإلى طريقة التفكير البريطاني؛ حيث يمثل الإنجليز غالباً ما سماه المفكر العالمي (علي عزت بيجوفتش): «الطريق الثالث خارج الإسلام»، فقد رفضوا العقيدة الكاثوليكية، لكنهم لم يتطرفوا فيذهبوا مذهب الملاحدة العقلانيين في فرنسا، ولم يندفعوا مع اللوثرية اندفاع الألمان، بل سلكوا طريقاً وسطاً ـ تماماً كما فعلت بريطانيا في العصر الحاضر، حيث لم تكن شيوعية مثل روسيا، ولكنها أيضاً ليست في الرأسمالية مثل أمريكا.
هناك ـ في بريطانيا ـ فشت عقيدة التوحيد هذه، وكادت تسيطر على مفكري عصر التنوير الإنجليزي، لولا أن منافساً ظهر أيضاً بقوة وهو دين الربوبيين ـ المؤمنين بالله مع إنكار الوحي ـ وكثيراً ما يقع الخلط بين هاتين العقيدتين، ويدعي أتباعهما أن رموز الأخرى هم من رموزها ـ كما سبق ـ. والواقع أن بريطانيا في ذلك العصر كانت تموج بالشك والتمرد بل التقلب والاضطراب لدى المفكر الواحد. وكان أبرز الأحداث هو إعلان الموحدين لعقيدتهم في التوحيد صراحة في بيان وجهوه إلى طلاب جامعتي «أوكسفورد» و «كامبردج» سنة 1790م 0(22)
على أن أهمية الكنيسة في بريطانيا تتجلى في كونها المصدر الأكبر للحركة في أمريكا، وهنا لا بد من بيان الفرق بين أوروبا وأمريكا في هذا الشأن؛ فأوربا كانت هائجة مضطربة تنتقل من فعل إلى ردة فعل أعنف، وهذا يصدق على كثير من مفكريها مع شيء من الاعتدال يتسم به شمالها. أما أمريكا فجذورها الدينية واضحة؛ بحيث يمكن القول إن ملاحدة أمريكا أقرب إلى الانتماء الديني، وأن متديني أوروبا أقرب إلى الملاحدة.
وحين نصل إلى أمريكا نجد أنفسنا أمام تاريخٍ مستفيض، ووجود متميز للحركة الموحّديّة.
` الموحدون في أمريكا:
تقول المصادر الرسمية للولايات المتحدة الأمريكية إنها ثاني الدول الغربية تديناً بعد إيرلندا، ويقول المفكر إدوارد سعيد: (إن أمريكا هي أكثر دول العالم انشغالاً بالدين). والواقع أن بين الدين الذي أسست عليه هذه الدولة والدين الذي تدين به اليوم بَوْناً شاسعاً، وهذا يصدق على حركة الموحٍّدين الأولى وواقع الموحدين اليوم.

صورة للرئيس الأمريكي توماس جفرسون الرئيس الأمريكي الموحد
فالمؤسسون الأوائل لأمريكا كان منهم جمع غفير من المهاجرين بدينهم المتسمين باسم (الحجاج)، وقد تحملوا مشقة الرحلة الطويلة إلى بلاد نائية فراراً من الحروب الدينية الضروس التي اجتاحت أوروبا لا سيما منذ ظهور الحركة الإصلاحية، وكان من بين المؤسسين مفكرون وساسة يؤمنون بالتسامح، ويمقتون الاضطهاد بنفس المقدار الذي كان عليه مفكرو التنوير في أوروبا أو أكثر، وهكذا أسسوا الدولة الناشئة على مبدأ فصل الدين عن الدولة، لكن بسبب وبشكل يختلفان عما هو الحال عليه في أوروبا؛ ففي فرنسا مثلاً كانت الثورة الفرنسية معادية للدين، وكان فصل الكنيسة عن الدولة إقصاء للمتدينين، وسلباً لمكانة الكنيسة. أما في أمريكا فقد جعلوه صيانة للدين وحفظاً لمكانة الكنائس، وأتاحوا للمتدينين الحرية في الانتماء إلى الكنيسة التي يريدون، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل تجاوزه إلى الاتفاق على نفي أن تكون الدولة نصرانية رسمياً(23)؛ وذلك أن المؤسسين الكبار كانوا يؤمنون بأفكار عصر التنوير وفلسفاته التي ذكرنا مع تفاوت بينهم في الالتزام الديني الشخصي بالذهاب إلى الكنائس أو الانتساب إليها. إلا أن كنيسة واحدة فقط كان الانتماء إليها ينسجم مع الأفكار التنويرية وهي الكنيسة الموحِّدة؛ بحيث يمكن القول إنه لو كان للحكومة الناشئة أن تختار ديناً رسمياً للدولة لما كان إلا دين الموحِّدين. وهذا ظاهر من استقراء عقائد الرؤساء الأوائل وعقائد المفكرين الأوائل مثل: بنيامين فرانكلين، ورالف أمرسن.
ففي سنة 1785م تحولت كنيسة الملك في بوسطن إلى كنيسة موحِّدة؛ حيث قرر أعضاؤها حذف الألفاظ الدالة على التثليث في الصلوات، ثم أسست كنيسة موحِّدية في «فيلادلفيا» سنة 1794م، وبعد ذلك حدث تحول آخر مهم، وهو انتقال كنيسة الحجاج التي أسست سنة 1620م إلى كنيسة موحِّدية سنة 1802م.
وتوّجَ هذه الأحداث حدثٌ من أعظم الأحداث في التاريخ الديني النصراني، وهو قيام الرئيس الأمريكي الثالث «توماس جيفرسن» بتأليف إنجيل جديد هذَّب فيه الأناجيل المعروفةَ في نسخةٍ منقّحةٍ محذوف منها كل ما يدل على التثليث، كما حذف ما يدل على المعجزات ـ وهنا يظهر عليه أثر عقلانية عصر التنوير ـ إلا أن «جيفرسن» لم يكن منتمياً إلى كنيسة، ومن ثمَّ يحسبه الباحثون ـ غالباً ـ بين الفلاسفة لا بين المتدينين، ونحن سوف نتسامح في هذا الشرط عند ذكر رؤساء أمريكا من الموحدين عما قليل.
في سنة 1825م أسست المنظمة الموحدية في أمريكا، ثم أسس المجمع الوطني للموحدين في سنة 1865م، ولم تزل الحركة في صعود مستمر ـ لا سيما بين الطبقة المثقفة ـ حتى بلغ الذروة في تولي أحد الموحدين وهو (وليام تافت) رئاسة الولايات المتحدة، وأعقب ذلك تولِّيه رئاسة الكنيسة الموحدية سنة 1917م.
وآخر المشهورين من السياسيين الموحدين هو «ادلاي ستيفنس» المرشح الرياسي الذي كان وزيراً في حكومة جون كندي ـ الرئيس الكاثوليكي الوحيد للولايات المتحدة ـ وقد توفي سنة 1965م ولم ينجح في أن يصبح رئيساً.
إنه باسترجاع مرحلة تأسيس أمريكا يجدر القول بأن المسلمين بسبب تخلفهم الديني والحضاري حينئذ، قد فوَّتوا فرصة عظيمة حيث كانت الدولة الأمريكية الناشئة مهيأة لاعتناق التوحيد الحقيقي، والدخول في دين الإسلام، وإن شئت فقل: إنه كان يمكن أن يكون للمسلمين مكانة كبرى في ذلك المجتمع الجديد، لو أن الأمة والدعوة في ذلك الحين كانت في حال أفضل.
` واقع الحركة الموحدية في أمريكا اليوم:
يمكن إيجاز الواقع في العقود الأخيرة بأنه انتشار للعقيدة وانتكاسة للكنيسة. أما العقيدة ذاتها (أي إنكار التثليث أو إنكار ألوهية المسيح) فقد تنامت حتى يمكن القول إنها عقيدة الأغلبية في أمريكا هذه الأيام، وفقاً لاستبانات كثيرة لا مجال للتفصيل فيها. وأما الكنيسة فقد تقلصت، بل انتكست ـ مع أن تقديراتها تقول إن لها زهاء ألف معبد ينتمي إليها حوالي 160ألف عضو ـ وانحرف كثير من أتباعها انحرافاً خطيراً؛ وذلك أن الغليان الفكري والاجتماعي في أمريكا لدى جيل ما بعد الحرب العالمية الثانية، أدى إلى ظهور موجة من التحلل والتفسخ والانقسامات الدينية الحادة والحركات المتطرفة، وشمل ذلك الكنيسة الموحِّدية التي تحولت تحولاً كبيراً إلى الاتجاه الليبرالي، واتخذت خطوة بعيدة بتوحدها مع «كنيسة الخلاص للجميع» «اليونيفرسالية»، وهي كنيسة تدعي التوحيد أسست سنة 1793م، والواقع أنها لا تؤمن بالتثليث، لكنها تؤمن بعقيدة الخلاص للجميع. ومع تنامي موجة التحرر والانحلال، تحوّلت هذه العقيدة إلى إقرار عام لجميع الأديان والأفكار، وكان الاندماج بين الكنيستين سنة 1961م، ومن ثم بدأت مسيرة الذوبان مع كنائس كثيرة في بوتقة الليبرالية الحديثة التي تشمل تنوعاً مدهشاً من العقائد الشرقية والغربية(24) تعطي برهاناً ساطعاً على حاجة هذه الأمة إلى الدين الصحيح، وتلقي على كاهل المسلمين واجباً عظيماً في إنقاذ هؤلاء الحيارى في مجتمع يظل ـ بغض النظر عن مواقف حكومته ـ من أكثر مجتمعات العالم تقبلاً للإسلام وإقبالاً على التعرف عليه، إنها لمفارقة عجيبة أن تؤسَّس أمريكا لتكون تنويرية توحيدية، وينتهي بها الأمر لتكون إنجيلية صهيونية صليبية، ولكن هذا التحوّل البعيد ينبغي أن يفتح باب الأمل لأمة التوحيد الحقيقي لأن تجتهد في تحويلها إلى أمة مسلمة تعبد الله وحده لا شريك له، وتتخلى عن الغطرسة والاستكبار لتصبح أمة عدل وسلام؛ وذلك لا يكون إلا بالإسلام.
` الرؤساء الأمريكيون الموحدون:
1 _ الرئيس الثاني «جون آدمز» تولى الرئاسة ما بين عامي 1797 ـ 1801م وإليه تنسب معاهدة طرابلس مع الرئيس الأول «جورج واشنطن» التي نفى فيها أن تكون الجمهورية الأمريكية الحديثة ـ حينئذٍ ـ دولة نصرانية، وعليه فهي ليست معادية للإسلام بأي وجه من الوجوه.
2 _ الرئيس الثالث «توماس جفرسُن» تولى الرئاسة ما بين عامي 1801م ـ 1809م وكتب الإنجيل المعدل عام 1804م، وقد كان نائباً للرئيس الثاني «جون آدمز» وهو أكثر المؤسسين أثراً في تكوين الفكر الأمريكي، وكان «جيمس ماديسون» المشهور بأبي الدستور الأمريكي متأثراً بفكره، وقد عينه وزيراً في حكومته، ثم خليفة له في الحكم.
3 _ الرئيس السادس «جون قوينسي آدمز» تولى الرئاسة ما بين عامي 1825م ـ 1829م وهو ابن الرئيس الثاني.
4 - الرئيس الثالث عشر «ميلارد فلمور» تولى الرئاسة ما بين عامي1850م ـ 1853م.
5 - الرئيس السابع والعشرون «وليام تافت» تولى الرئاسة ما بين عامي 1909م ـ 1913م وهو الذي ترأس الكنيسة الموحدية عام 1917م توفي عام 1930م.
` الموحدون في العالم:
خارج الولايات المتحدة ورومانيا توجد أقليات منتمية إلى كنيسة التوحيد في بلاد كثيرة أهمها جمهورية التشيك، وهنغاريا، والهند، والفلبين، وألمانيا، ونيجيريا، وكندا، وإيرلندا، وإسكندنافيا.
على أنه ينبغي أن يُعْلم أن الذين لا يؤمنون بالتثليث ولا يعتقدون ألوهية المسيح ولا يجمعهم الانتماء إلى هذه الكنيسة هم أكثر عدداً، وهم ينتشرون في هذه الدول وغيرها منتسبين إلى كنائس أخرى أو متحررين من أي نسبة. وهم منجم خصب للدعوة إلى الله، وسيظل هؤلاء جميعاً برهاناً ساطعاً على أن الإسلام هو دين الفطرة، وأن وعد الله ـ تعالى ـ بإظهاره حق. {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} سورة يوسف 21
---------------------------------------------------------------------
(1) أشهر المجامع الكنسية وأعظمها خطراً عقده علماء النصرانية بطلب الإمبراطور قسطنطين الذي أراد توحيد الإمبراطورية على عقيدة مشتركة بين الوثنية والنصرانية؛ وذلك سنة 325م أي قبل الهجرة بثلاثمائة سنة تقريباً.
(2) جزء من حديث رواه مسلم عن عياض بن حمار رضي الله عنه، رقم 2865. (3) وهؤلاء صنف آخر من الموحدين ليسوا داخلين في موضوعنا.
(4) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، ج3، ص 91.
(5) وتكتب أحياناً «الكلتية» نسبة إلى السلت أو الكلت، وهم مجموعة من الشعوب الأذربية كان لهم حضارة ما بين عامي 1200 ـ 200 قبل الميلاد، ولهم لغة وأساطير تميزهم عن الرومان واليونان.
(6) انظر سلفستر شولر في كتابه الضخم «الكنيسة قبل الإسلام»، ج 12 كله. (7) المصدر السابق ج3 ص 81 ولاحظ تسميتهم جميعاً برابرة!
(8) انظر مادة سوسنيان في دائرة معارف كولومبيا المترجمة باسم الموسوعة العربية الميسرة.
(9) انظر التفصيل في قصة الحضارة، «ول ديورانت» ج 29 ص190 فما بعدها.
(10) والطائفتان الأخريان هما النسطورية واليعقوبية، وكلها تعتقد التثليث، وإن اختلفت في وصف الحلول أو الاتحاد بين الخالق والمخلوق.
(11) انظر مؤلفات سليمان الغزي، ومنها ج 3 ص 75، تحقيق المطران ناوفيطوس إدلبي. (12) رواه مسلم، رقم 528.
(13) في سفر الخروج الفصل العشرون فقرة 3 ـ 5 «لا يكن لك آلهة أخرى أمامي ولا تصنع لك تمثالاً منحوتاً ولا صورة».
(14) انظر التفصيل في كتاب الإصلاح الديني في القرن السادس عشر.
(15) وقد درس اللغة العربية كما في قصة الحضارة ج 24ص 238. وانظر عنه وعن مقاومة الكنائس له، أزمة الضمير الأوروبي، بول هازار، تقديم طه حسين ص96-97
(16) مثل مترجمي كتاب «أزمة الضمير الأوروبي» هامش، ص 82. (17) «ديورانت» 24/240 ـ 248، والموسوعة الفلسفية د. عبد الرحمن بدوي، مادة كالفن.
(18) في الأساطير اليونانية ولدت «أخيدنا» وهي نصف امرأة ونصف أفعى «سربيروس» ذا الرؤوس الثلاثة الذي عمل حارساً لهاديس حتى استطاع هرقل أن يأسره، وهرقل هذا في أساطيرهم هو ابن المعبود الأكبر «زيوس» وأشهر أبطال المثيولوجيا اليونانية ثم الرومانية» انظر معجم الأساطير، ماكس شابيرو، ترجمة حنا عبود
(19) أرسل الخليفة «لمقتدر» الرحالة المشهور «ابن فضلان» إلى ملك البلغار الذي أسلم، وراسل الخليفة وطلب أن يبعث إليه من يفقهه في الدين ويعلم قومه شرائع الإسلام، وقد وصل إلى تلك المملكة سنة 310 هـ 922م.
(20) انظر كتاب «الزنديق الأعظم»، تأليف: جاي ديس، ترجمة أحمد نجيب هاشم.
(21) الربوبية: أصح تعريب لمصطلح «دايزم»، والربوبيون: هم الذين يؤمنون بالله رباً خالقاً ولا يؤمنون به إلهاً معبوداً.
(22) للتفصيل طالع كتاب: «تراثنا الموحدي» تأليف: إيرل مورس ويلبر بالإنجليزية
(23) وقد ورد ذلك في وثائق رسمية منها المعاهدة بين حكومة الولايات المتحدة وولاية طرابلس (ليبيا) التي كانت شبه مستقلة، وهي وثيقة مهمة كتبت سنة 1218هـ، لكنني لم أستطع العثور على نصها العربي، والنص الإنجليزي في المادة (12) صريح في أن أمريكا ليست دولة نصرانية، ومن ثم فليس بينها وبين أي دولة محمدية علاقة عداء.
(24) مثل: الثيوصوفية، الأرواحية، عبادة الآلهة القديمة في مصر والشرق، السحر، وكذلك فلسفات حديثة مثل: العصور الجديدة، التطورية الجديدة، الفلسفة الخالدة، هذا غير مئات من النحل المنتسبة للنصرانية اسماً.
http://www.albayan-magazine.com/bayan-204/bayan-19.htm
  #1690  
قديم 02-01-2014, 06:51 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

لا تخف إنك أنت الأعلى


صورة لتمثال رمسيس الثاني فرعون موسى
في موقف عاصف ومهيب يقف الحق وحيدا أمام جحافل الباطل والظغيان، فقد اجتمع الناس لتأييد الباطل، وتجهز السحرة للإجهاز على الحق .. يخيم الصمت على المكان يرتفع صوت يقول: " فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفّاً وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى " { طه64} .
" قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى " { طه 65} .
"قَالَ بَلْ أَلْقُوا "{ طه66} .
"فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ " {الشعراء44}.
" فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى " { طه66} .
" فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى " {طه 67} .
"قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى "{ طه 68} .
وهكذا دعاة الباطل في كل زمان ومكان يحاولون إخافة المؤمنين بأكاذيبهم، وضلالهم وحقدهم، وإعلامهم، وتضامنهم مع الطواغيت.
يلقون بكل أسلحتهم في ساحة المعركة، يخاف المؤمن من سطوتهم وجبروتهم وطغيانهم.
يأتيه المدد الإلهي ليثبت فؤاده ويقويه " لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى "{ طه 68} أنت الأعلى في العقيدة، فأنت تعبد الله وحده لا شريك له رب كل شئ ومليكه، وهم يعبدون المادة والطاغوت والإعلام الكاذب وكل شيطان مريد.
أنت الأعلى في الإيمان لأنك تؤمن بأن الله سبحانه وتعالى رب كل شئ ومليكه، لا يقع في ملكه إلا ما يشاء وهم لا يؤمنون بذلك.
أنت الأعلى في العلم واليقين لأنك تعلم أن هذه الحياة الدنيا سريعة الزوال، وأن الإنسان يسير إلى الأجل المحتوم، والمرض يحيط بالطغاة من كل مكان، والهموم تقتلهم في كل زمان ومكان، والخوف على الحياة الدنيا والحرص عليها أذلهم وجعلهم كالجرذان، فإن فاتهم المرض وأمد الله لهم في الدنيا فيزداد طغيانهم حتى إذا جاءهم الموت أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر، هذه سنة الله تعالى في هذه الحياة الدنيا. ينادي الله تعالى موسى "وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى "{ طه69}.
إن كل ما يقومون به في هذه الحياة الدنيا من دعايات، وكتابات وإدعاءات هي من السحر والباطل، فعلى المؤمنين ألا يرعبهم هذا السحر وهذا الباطل، وعليهم بالعلم النافع، والعمل الصالح، وتعمير الكون بنواميس الله في الخلق، عليهم باتخاذ الأساليب العلمية الحديثة في الإعلام، والإعلان، والبيان، وأن يلقوا بالحقائق العلمية المدروسة على هذا الباطل فيزهقه، وهذا يلقي على عاتق المؤمنين أن يكونوا على مستوى المسئولية، ومستوى الأحداث، وأن يخططوا للنصر على الطغاة والمرجفين بإذن الله.
"فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ "{ الشعراء 45} .
" إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى "{ طه69} .
لا يصمد الباطل الكاذب أمام الحق الصادق القوي.
يخيم الصمت على الجميع، ويأخذهم الذهول ما هذا الذي نرى إنما نرى هو الحق المبين.
" فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً " {طه70 }، وارتفع صوتهم بإتباع الحق والتبرؤ من الباطل " قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى " {طه70} .
يفقد رأس الباطل عقله وعلمه وصوابه ووقاره " قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ " {طه71}.
ويهدد ويتوعد: " فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَى " {طه 71}.
يأتي صوت الإيمان من القلب " لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا "{طه72}.
وهكذا الإيمان عندما يدخل القلوب، والقلوب بيد الرحمن يقلبها كيف يشاء، الدنيا كلها أمام المؤمن لا قيمة لها، فانية، زائلة قصيرة، كل ما فيها لا يساوي عند الله سبحانه وتعالى جناح بعوضة.
ينادي الطاغية لماذا تحولتم عن نعمتي عليكم ورعايتي لكم، أنا رفعتكم بدعايتي وكتاباتي وإعلامي إلى الدرجات العليا، وجعلتكم قدوة للشباب والرجال والنساء، إن الدنيا حلوة خضرة فكيف تتركون زينتها ومكانتكم العالية فيها، تتركون الأضواء، والكاميرات، والفضائيات وتنزوون مع هؤلاء المعدمين الضعفاء المحاصرين منا في كل مكان ؟
يأتي صوت المؤمنين " إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى "{طه73}.
الله خير من كل طغاة الدنيا، ونعمه علينا خير من كل شهوات الدنيا، وهو وحده الباقي والكل هالك.
ينفض الموقف وفرعون يتوعد ويهدد.
يأمر الله تعالى نبيه موسى أن يخرج بالمؤمنين لأن الباطل يكيد له.
تعمل الدعاية المضادة، والإعلام الكاذب " فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ{53} إِنَّ هَؤُلَاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ{54} وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ{55} " الشعراء .
" فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ " {الشعراء60 } وكان المصير المحتوم " فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ " {الزخرف 55} .
هذا هو المصير المحتوم لكل كفار عنيد ولكل معتد أثيم، ولكل طاغية متكبر ولكل من يقف في طريق الدعوة لرب العالمين.
فلا يفرح المجرمون ولا ييأس المؤمنون فالفرج آت بإذن الله.
أ.د. نظمي خليل أبو العطا موسى
موضوع مغلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 75 ( الأعضاء 0 والزوار 75)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 208.13 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 202.29 كيلو بايت... تم توفير 5.85 كيلو بايت...بمعدل (2.81%)]