حديث القلوب - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير (الجامع لأحكام القرآن) الشيخ الفقيه الامام القرطبى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 309 - عددالزوار : 14057 )           »          ظاهرة التشكيك في الأحاديث الصحيحة!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          الدعوة إلى الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 50 - عددالزوار : 2836 )           »          تجــديد الخطـــاب الدعــــوي في المرحلـة القادمـة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 148 )           »          أزمــــة النخـــــب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          من شبهات اليهود وأباطيلهم «أن المسلمين بنوا المسجد الأقصى مكان الهيكل الذي بناه الملك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          شبابنا والخروج من التيه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          اختلاف الأجيال.. بين الآباء والأبناء!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          شـروط لازمـة.. الزوجـــة كما يجـــب أن تكــون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-07-2020, 12:20 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,836
الدولة : Egypt
افتراضي حديث القلوب

حديث القلوب[1]


أ. إبراهيم عبدالفضيل


أبو إلياس:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يا أخي الحبيب، لعلَّك غَضِبتَ مِن كلام أمس الذي قلتُه بجانبك، فهو لم يكنْ لك، فأنتَ رجل واعٍ.

أبو مسلم:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، جزاك الله خيرًا، وأحبَّك الله الذي أحببتَني فيه، أعلم أنك لم تقصدْني بذلك، وأسأل الله أن يسترني بسِتره الجميل، وأن يعفوَ عني ويصفح.

أبو إلياس:
تعلَّمتُ شيئًا، وهو أنَّ المرء يُعرف حزنُه من فرحِه بنبرة صوته، وهذا معلومٌ لدَى الجميع، ولكن الغريب أني أعرف ذلك من قلمِه، فما لي أرى قلمَك به مُسحةٌ من الهم أو الحزن، أو ما شابه؟!

أبو مسلم:
سبحان الله! ذلك فضْل الله يُؤتيه مَن يشاء، والله ذو الفضل العظيم.

أبو إلياس:
سبحان الله! أرى كأنَّك تتعجَّب، وإذ بك تنظر في كلامك مرَّة أخرى، فتقلِّبه ذات اليمين وذات الشمال، وتقول: كيف عرَفَ وقد داريتُ؟! وما أدراه ولم أُعَبِّر؟!
أليس كذلك؟!

أبو مسلم:
بلى، وربِّ الكعبة!

أبو إلياس:
ألم تعلم أنَّ الله قد جعَل بيْن القلوب تآلفًا؛ فهي تخبر بعضها بعضًا، كلُغة العيون، لا يفهمها المرءُ، ولكنه يشعر بها، فتجده يشعر بكلام في عين حبيبه ولكنه لا يعبِّر، كمَن يحب، فهو ينظر في عين محبوبه، وينطق قلبه وعينه، ولسان حاله يقول: تالله إني لأحبك، وإذ بالآخر يشعر بها، وكأنَّه نطقها، وما نطَقَها، وكأنَّه أخبره، وما أخبَرَه، فتجد الابتسامة على شفاههما، ولِمَ؟! لا تدري، ولكنَّها لغة العيون!

فهكذا لغة القلوب، فهي تخبر بعضها، كأنما تقول - وهذا ما قاله قلبك لي -: إنَّما أنا حزين شيئًا ما، ولكن لن أخبرَك بكُنهه وحقيقته.

ولكن حيْرتي: أهذا الغضب مني أم من غيري؟ فظللت أسأله: يا قلبي، أهذا مني، أم من غيري؟ فلو كان مني، فأستغفر ربي، ولا يحقُّ له؛ لأنَّنا أجساد في قلْب، وغيرنا قلوبٌ في جسد! وشتَّان بينهما.

ولو كان من غيري، فعسى فرجٌ يكون قريبًا، والله المستعان، ولا تعلم كيف إعانة الربّ لقلْب المحبّ، وغيرك خبير!

فهذه بُنيَّات أفكار، أتتْ على قلْب محبٍّ لك، يقول ويرد عليه من قلب حبيب: ألا أخبر حبيبي أنَّني أحبه!

أبو مسلم:
سُررتُ بهذا الكلام المتأدِّب، وهذه الخواطِر السانحة، في العبارات البليغة المعبِّرة، فكأنِّي فُرِّج عني!

أبو معاذ يتدخَّل متأثرًا بكلام أبي إلياس:
لو قلتُ هذا العسَل المصفَّى لزوجتي، وكان بيننا ما بيننا مِن جبال اختلاف، لرأيتُ جبال الاختلاف سرابًا، وفُتحتْ قلوب المحبَّة أبوابًا، وعدْنا كأنْ لم يكن الاختلاف إلا ودًّا وعتابًا!

أبو مسلم - وقد ظنَّ القائل أبا إلياس، وهو ما زال عَزبًا -:
حقٌّ ما تقول، ولكن أين هي الزَّوجُ الحنون؟!
أمَّا أنت، فلمَّا تتزوَّجْ، وأسأل الله أن يرزقك، ويُعجِّل لك بالزوجة الصالحة.
وأمَّا أنا، فزوْجتي - حفظها الله تعالى، وبارك لي فيها – قد أبعدَها المرضُ وإثقالُ الحَمْل عنِّي، فهي عند أهلها، وهذا بعضُ الإجابة (فهو مِن ضمن أسباب ما أحسستَه مِن كتابة القلم)!

أبو إلياس:
أمَّا الزوجة، فهذه لها ما لها مِن الكلمات، فلو أتيت بكلِّ كلمات الدنيا المنمَّقة المزخرفة، لتُدخِلَها قلبَها، فلن تدخل؛ لأنَّ لها قلبًا خبيرًا، يشعر بقلب الحبيب، فقلبُها يشعر بما تنطق أصِدقٌ هو أم غير صِدْق؟! فلو نمقتَ وزخرفت وألقيت إليها، وكان قلبك على غير ظاهر لسانك، إذ بها تتلوَّن وتحمر، وينطق قلبها لا لسانها: آآه! لو كان من قلبك لدخَل قلبي؛ ولكنَّه من لسانك دون قلبك، فلو كان من قلبك دون لسانك لدخَلَ قلبي وأتَى على لساني، ولو كان من لسانك دون قلْبك، لوقف على قلبي ولم يَرُدَّ عليه لساني.

زوجتي، لو طلبتِ أن أعُدَّ رمال الكون لفعلتُ؛ وفاءً لجميلك عليَّ، ورِضًا لقلبي عنك، فتالله أنتِ نعمة، وتالله أنتِ فضْل، ومثلك لا يُرد له طلب.
زوجتي، أتعلمين أنَّنا قلب في جسد، ولسنا جسدين في قلْب، أو قلبين في جسَد، أو قلبين في جسدين؟!
زوجتي، عندما أراكِ يطير قلْبي، وتسعدُ نفسي، ويُسرَّى عني وكأنني أطير في الجنة؛ ذلك لأنَّني مع زوجتي؟! لا، بل مع نفسي، لا، بل مع قلْبي، لا بل معك أنتِ.

ثم يقول أبو إلياس:
هاج قلبُ صديق لنا، وإذ بلسانه يقول دون أن يشعر: ذكَّرتَني بالذي مضَى! وآآهٍ، فأي ذِكرى تذكَّرتُها أنا، وهذه قصَّتُه.

أحببتُها - لا أتأثَّم مِن ذلك ولا أتذمَّم - وأعلنها صريحةً، ولا ضيرَ في تصريح قد ذهب في تلميح، فالله قد سمَّى الأسماء باسمها ولم يَكْنِ، فقال عن الزِّنا: زنا، وعن الخمر: خمرًا، ولم يقل: ماء مُسْكرًا.

أما والله، إنَّ عجائب الحب أكثرُ من أن تكون عجيبة، والشيء الغريب يُسمَّى غريبًا، فيكفي ذلك بيانًا في تعريفه.

قابلتُها، وكانت لغة العيون تتكلَّم، ولكنَّه كان عفيفًا، فلم يحمل خبثًا، قلت لنفسي - أحدِّثها وتحدِّثني -: أريدها امرأتي.

فقالت لي: وما تدري نفسٌ ماذا تكسب غدًا، لا تُصرِّح ولا تعرِّض، لعلَّ غدًا لناظره قريب.
قلت: الوقت يمرُّ وأنتِ تَعْلمين أنَّني ما فعلتُ ما فعلت إلا لها ومن أجلها.

فقالت: اعمل لنفسك، ولا تغرنَّك الحياة الدنيا، وانظرْ لنفسك أيها المغرور!
قلت: والله، إنك لحكيمةٌ يا نفس، ولكنَّكِ على غير ما علمتُ!

فقالت: وهل أعْلَمك غيري بي؟
قلت: ولكن الله أخبرني عنك أشياءَ وأشياء.

قالت: صَدق الله؛ ولكن هذه نصيحتي، فأنت أدْرى بي من غيرك.
قلت: ولكني أحبُّها، فهي زهْرتي وسحابتي.

قالت: واللهُ خَلَق لكم مِن أنفسكم أزواجًا، فإن كانت من نفسِك، سكنتْ إليك وسكنتَ إليها، وإن كانت من نفس آخر، سكنَتْ إليه وسكنَ إليها!
قلت: فما العمل؟ قالت: توكَّل على ربِّ النفوس.

وجاء آخِرُ العام، وإذ بي أبْكي حسرة وندمًا، وإذ بها تقول لي: آه لو سمعتَ حديثي، ولكنَّك سَدَدْتَ أذنك عني.
قلت لها: عُذرًا، هذا جزاء تقصيري، عاقبني الله برسوبٍ في مادة من موادِّ الدراسة، وفقدتُ بها تقديري، آآه، ألا يكفي هذا البلاء؟!

يا نفس: قد خُطِبَتْ.
قالت: ألمْ أقلْ لك؟!

قلت: يا ليتني...
قالت: ذكَّرتَني بمَن أحيط بثمره، فأصبح يقلِّب كفَّيْه على ما أنفق فيها، فإذا هي سرابٌ بقِيعة.
لا تبكِ عليها بكاءَ مَن فقَدَ أهله.

قلت: كنت أظنُّها من أهلي!
قالت: عسى ربُّك أن يبدلَك خيرًا منها، إنا إلى ربنا راغبون!

قال أبو معاذ:
رحِم الله عبدًا تسلَّى عن غير الله بذِكْر الله، وعن الأُنس بالناس بالأنس بربِّ الناس، ورغِب فيما أَحلَّ الله، وترَك ما حرَّم، وفي فِراق رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - عزاءٌ لكلِّ مسلم!

ــــــــــــــــــــــ
[1] أصْل هذه المادة حوار دار بيْن زملاء وإخوة أحبَّة، وهم: أبو إلياس الرافعي، وأبو معاذ المنفلوطي، وأبو مسلم.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 58.36 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 56.65 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (2.92%)]