|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
بيان حال إيمان من قال لأخيه المسلم: يا كافر
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
رد: بيان حال إيمان من قال لأخيه المسلم: يا كافر
بيان حال إيمان من قال لأخيه المسلم: يا كافر(2) الشيخ عبدالله بن حمود الفريح • عن أبي ذر، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((أيما رجلٍ ادعى لغير أبيه وهو يعلمه، إلا كفر، ومن ادعى ما ليس له فليس منا، وليتبوأ مقعده من النار، ومن دعا رجلًا بالكفر، أو قال: عدو الله، وليس كذلك، إلا حار عليه)). باب: (بيان حال إيمان من رغب عن أبيه وهو يعلم). • وعن أبي هريرة، يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا ترغَبوا عن آبائكم، فمن رغب عن أبيه فهو كفرٌ)). أولاً: ترجمة راويي الحديثين: أما أبو ذر فهو جندب بن جنادة بن قيس بن عمرو بن مليل بن صغير بن جرام بن غفار، وهذا هو المشهور من اسمه، وهناك خلاف كثير في اسمه، لكن هذا أكثر وأصح ما قيل، وكان أبو ذر من كبار الصحابة، ومن فضلائهم، قديم الإسلام، يقال: أسلم بعد أربعة وكان خامسًا، وكان زاهدًا، أخرج الطبراني من حديث أبي الدرداء قال: (كان رسول الله يبتدئ أبا ذر إذا حضر، ويتفقده إذا غاب)، توفي أبو ذر بالربَذة سنة إحدى وثلاثين، وقيل: اثنتين وثلاثين، وعليه الأكثر، وصلى عليه عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، ثم مات بعده في ذلك العام؛ [انظر: أسد الغابة (6/ 99)، وانظر الإصابة (7/ 105)]. وأما أبو هريرة رضي الله عنه فتقدمت ترجمته في الحديث الأول من كتاب الإيمان. ثانيًا: تخريج الحديثين: حديث أبي ذر أخرجه مسلم، حديث (61)، وأخرجه البخاري في "كتاب المناقب" "باب نسبة اليمن إلى إسماعيل" حديث (3508)، والبخاري أخرجه دون قوله صلى الله عليه وسلم: ((ومن ادعى ما ليس له فليس منا، وليتبوَّأ مقعده من النار)) فإن هذه الجملة انفرد بها مسلم. وأما حديث أبي هريرة فأخرجه مسلم، حديث (62)، وأخرجه البخاري في "كتاب الفرائض" "باب من ادعى إلى غير أبيه" حديث (6768). ثالثًا: شرح ألفاظ الحديثين: (ادعى لغير أبيه)؛ أي: ادعى نسبه، فانتسب إلى غير أبيه. (وهو يعلمه)؛ أي: وهو يعلم أباه الحقيقي، أو وهو يعلم أن الذي انتسب إليه غير أبيه، والثاني أصحُّ في المعنى؛ لدلالة حديث سعد وأبي بكرة - رضي الله عنهما - وسيأتي قريبًا، ففيه ((مَن ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه)). (وليتبوأ مقعده من النار): يقال: تبوأ الرجل المكان؛ أي: اتخذه مسكنًا، والمعنى: ليتخذ لنفسه منزلاً من نار جهنم، وهو أمرٌ بمعنى الخبر. (ومن دعا رجلًا بالكفر)؛ أي: ناداه بكلمة الكفر، فقال: يا كافر. (أو قال: عدو الله): (عدو الله) ضبطها النووي على وجهين: رفع (عدو) على أنها خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: هو عدو الله، والوجه الثاني: النصب على النداء: يا عدو الله، ورجَّح النصب؛ [انظر: شرح النووي لمسلم حديث (61)]. (إلا حار عليه): (حار) و(رجع) و(باء) بمعنى واحد، والمعنى: إلا رجع عليه قولُه. (لا ترغبوا عن آبائكم): رغب عن كذا إذا انصرف عنه وأعرض، والمعنى: لا تتحوَّلوا عن النسبة لآبائكم. رابعًا: فوائد الحديثين: الفائدة الأولى: الحديثان فيهما دلالة على النهي عن انتساب المسلم إلى غير أبيه، أو إلى غير نسبه، وأن جرم من وقع في ذلك عظيم جدًّا؛ ففي حديث أبي ذر أن من فعل ذلك وقع في الكفر، وفي حديث سعد وأبي بكرة (وسيأتي) أن الجنةَ عليه حرام، مما يدل على أن فاعل ذلك قد أتى بابًا عظيمًا، ولكن لا بد أن يكون انتسابه ذلك عن علم وعمدٍ، وأما الجاهل فلا يأثم بذلك. الفائدة الثانية: حديثا أبي ذر وأبي هريرة فيهما دلالة على أن من انتسب لغير أبيه عالِمًا فقد كفر، ولا شك أن المقصود بالكفر هنا ليس الكفر المخرج من الملة، وتقدم أن مذهب أهل السنة أنهم لا يكفِّرون بمثل هذا، كما أنهم لا يكفرون القاتل ولا الزاني، ونحو ذلك من كبائر الذنوب، بل هو مذهب الخوارج، فاختلف في توجيه الكفر في حديث الباب على عدة أقوال، منها: فقيل: المقصود به المستحل لذلك وهو يعلم بالتحريم، فحينئذ يكون إطلاق الكفر على ظاهره. وقيل: إن فاعل ذلك شابَهَ بفعله فعلَ أهل الكفر؛ فأهل الجاهلية والكفر كانوا يفعلون ذلك. وقيل: المقصود بالكفر في حديث الباب: كفر النعمة والإحسان، لا الكفر المخرج من الملة؛ فإن جحود النعمة والإحسان يسمى كفرًا؛ كقول النبي صلى الله عليه وسلم في النساء (يكفرن)، ثم بيَّن أنهن يكفرن العشير والإحسان، والحديث متفق عليه من حديث ابن عمر، وسيأتي قريبًا، وهذا قول وجيه. الفائدة الثالثة: حديث أبي ذر فيه دلالة على تحريم أن يدعي الإنسان ما ليس له، ولو كان شيئًا يسيرًا؛ فهي عبارة عامة يدخل فيها من ادعى لغير أبيه وغير ذلك؛ كأن يدعي إنسان عند القاضي فيأخذ شيئًا لا يستحقه وهو يعلم أنه لا يستحقه، ويدخل فيه كل دعوى باطلة، قال ابن حجر: "فيدخل فيه الدعاوى الباطلة كلها؛ مالاً وعلمًا وتعلمًا ونسبًا وحالاً وصلاحًا ونعمة وولاءً، وغير ذلك، ويزداد التحريم بزيادة المفسدة المترتبة على ذلك"؛ [انظر: الفتح "كتاب المناقب" "باب نسبة اليمن إلى إسماعيل" حديث (3508)]. ومما يدل على عِظَم جُرم هذا الفعل: أن النبي صلى الله عليه وسلم رتب عليه عقوبتين في الحديث فقال: ((ومن ادعى ما ليس له، فليس منا، وليتبوأ مقعده من النار)). الفائدة الرابعة: حديث أبي ذر فيه النهي والتحذير عن إطلاق الكفر على الغير، أو القول له (عدو الله)، وأنه إن كان لا يستحق هذه العبارة رجعت على قائلها، وتقدم بيان ذلك في الحديث السابق. مستلة من إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم (كتاب الإيمان)
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
رد: بيان حال إيمان من قال لأخيه المسلم: يا كافر
بيان حال إيمان من قال لأخيه المسلم: يا كافر(3) الشيخ عبدالله بن حمود الفريح • وعن سعدٍ وأبي بكرة قالا: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من ادعى إلى غير أبيه، وهو يعلم أنه غير أبيه، فالجنة عليه حرامٌ)). • وعند البخاري من حديث واثلةَ بن الأسقع: ((إن من أعظم الفِرَى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه، أو يُرِيَ عينَه ما لم ترَ، أو يقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقُلْ)). أولًا: ترجمة رواة الحديثين: الأول: هو سعد بن أبي وقاص، واسمه: سعد بن مالك بن وهيب، وقيل: أهيب، بن عبدمناف بن زهرة بن كلاب القرشي، يكنى أبا إسحاق، وأسلم بعد أربعة، وكان عمره لما أسلم سبع عشرة سنة، رُوِي عنه أنه قال: أسلمت قبل أن تفرض الصلاة، وهو أحد الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، وأحد العشرة سادات الصحابة، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين أخبر عمرُ بن الخطاب - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تُوفِّي وهو عنهم راضٍ، شهد بدرًا، وأُحدًا، والخندق، والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبلى يوم أُحُد بلاءً حسنًا، وهو أول من أراق دمًا في سبيل الله، وأول من رمى بسهم في سبيل الله، قال له النبي صلى الله عليه وسلم يوم أُحد: ((ارمِ فداك أبي وأمي))، وكان شجاعًا راميًا، يقول الزهري: رمى سعد يوم أحد ألف سهم، وروى الترمذي من حديث جابر قال: أقبل سعد فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((هذا خالي، فليُرِني امرؤٌ خالَه))، وعند الترمذي أيضًا عن سعد: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اللهم استجِبْ لسعدٍ إذا دعاك))، فكان مِن مُجابي الدعوة. توفي سعد - رضي الله عنه - بالعقيق، وحمل إلى المدينة، فصلِّي عليه في المسجد، قال الواقدي: أثبت ما قيل في وقت وفاته أنها سنة خمس وخمسين - رضي الله عنه وأرضاه؛ [انظر: أسد الغابة (2/366)، والإصابة (3/61)]. وأما أبو بكرة فاسمه: نُفَيع بن الحارث بن كلدة بن عمرو بن علاج الثقفي، وهو ممن نزل يوم الطائف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من حصن الطائف في بَكْرة [البَكْر هو الفَتيُّ من الإبل، والأنثى بَكرة]، فأسلم وكني أبا بَكْرة، أعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فهو معدود من مواليه، كان من فضلاء الصحابة، كان كثير العبادة حتى مات، توفي في البصرة سنة إحدى وخمسين، وقيل: اثنتين وخمسين، وأوصى أن يصلي عليه أبو برزة الأسلمي؛ [انظر: أسد الغابة (6/38) والإصابة (6/369)]. وأما واثلة، فهو واثلة بن الأسقع بن عبدالعزى بن عبدياليل الليثي، كنيته: أبو شداد، وقيل: أبو الأسقع، وقيل: أبو قرصافة، أسلم والنبي صلى الله عليه وسلم يتجهز لتبوك، وقيل: إنه خدم النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين، وكان من أصحاب الصفَّة، ثم سكن البصرة، وله بها دار، ثم سكن الشام على ثلاثة فراسخ من دمشق، شهد فتح دمشق وحمص وغيرهما. مات سنة خمس وثمانين وهو ابن ثمان وسبعين، كما ذكر الواقدي، وهو آخر من مات بدمشق من الصحابة؛ [انظر: أسد الغابة (5/428) وانظر: الإصابة (6/462)]. ثانيًا: تخريج الحديثين: أما حديث سعد وأبي بكرة - رضي الله عنهما - فأخرجه مسلم حديث (63)، وأخرجه البخاري في "كتاب المغازي" "باب غزوة الطائف" حديث (4326)، وأخرجه أبو داود في "كتاب الأدب" "باب في الرجل ينتمي لغير مواليه" حديث (5113)، وأخرجه ابن ماجه في "كتاب الحدود" "باب من ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه" حديث (2610). وأما حديث واثلة بن الأسقع فانفرد به البخاري في "كتاب المناقب" "باب نسبة اليمن إلى إسماعيل" حديث (3509). ثالثًا: شرح ألفاظ الحديثين: (إن من أعظم الفِرَى): الفِرَى - بكسر الفاء - جمع فِرْية، والفِرية: الكذب والبهت. (أو يُرِيَ عينه ما لم ترَ)؛ أي: يدعي أن عينيه رأتا في المنام شيئًا ما رأتاه. رابعًا: من فوائد الحديثين: الفائدة الأولى: حديث سعد وأبي بكرة - رضي الله عنهما - فيه دلالة على تحريم ادعاء الإنسان لغير أبيه، وأن من فعل ذلك عالمًا، فالجنة عليه حرام، ويقال في تحريم الجنة مِن توجيه كما قيل في الأحاديث السابقة؛ إذ إن فاعل ذلك لا يخرج من الملة؛ كما هو مذهب أهل السنة، وتحريم الجنة مطلقًا لا يكون إلا لمن خلع رِبقة الإسلام، ودخل في الكفر، فاختلف في توجيه تحريم الجنة في حديث الباب: فقيل: إن هذا الوعيد في حق المستحل للانتساب لغير أبيه، فيكون تحريم الجنة عليه على ظاهره؛ لأنه استحل ما حرم الله تعالى، فجعل نفسه مشرعًا مع الله تعالى، وهذا شرك. وقيل: المعنى أن الجنة عليه حرام مع أول الداخلين للجنة، فهو لن يدخلها أولاً، بل سيحرم منها فيعذب، ثم يكون مصيره إلى الجنة؛ فهو كقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يدخل الجنةَ نمَّامٌ أو قتَّاتٌ))، فالمعنى أنه لا يدخل الجنة مع أول الداخلين، والحديث متفق عليه. الفائدة الثانية: الحديثان دلا على تحريم ادعاء الإنسان لغير أبيه، فإن قيل: كيف الجمع بين هذا النهي وبين قول النبي صلى الله عليه وسلم عند البخاري من حديثي أنس: ((مولى القوم من أنفسهم))، وأيضًا: ((ابنُ أخت القوم من أنفسهم))، وهذا يقتضي جوازَ نسبة المولى لمن تولَّوْه، وجوازَ أن ينتسب المرء إلى خاله؟! الجواب: أن حديثي أنس لا يدخلان في النهي؛ لأنهما لا يدلان على الانتساب الحقيقي لغير الأب، وإنما هو انتساب يراد به الشفقة والبر والمعاونة، ونحو ذلك، وما كان كذلك فلا بأس؛ لأنه ليس انتسابًا مطلقًا لا يُعرَف إلا به، فهذا هو المَنهيُّ عنه. الفائدة الثالثة: حديث واثلة بن الأسقع، فيه بيان أنواع هي من أشد أنواع الكذب، وهي ثلاثة: أ. الادعاء إلى غير الأب، وتقدم الحديث عن ذلك بجلاء. ب. الإخبار بأنه رأى شيئًا في المنام ولم يكن رآه، وسواء اختلق رؤية كاملة، أو زاد في رؤية منامية ما ليس فيها، وقد جاء الوعيد على ذلك في صحيح البخاري من حديث ابن عباس، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من تحلَّم بحُلمٍ لم يرَه، كلِّف أن يعقد بين شَعيرتين، ولن يفعل)). ج. الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم بأن ينسُبَ إليه ما لم يقُلْه، وتقدم بيان عِظَمِ هذا الجرم في حديث أبي هريرة في مقدمة مسلم، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من كذَب عليَّ متعمِّدًا، فليتبوَّأ مَقعده من النار)). والتشديد في الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم الحكمةُ فيه أنه كذِبٌ على الوحي؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم إنما يخبر عن الله تعالى، فمن كذب عليه كذب على الله تعالى، والكذب على الله تعالى بابٌ عظيم؛ قال تعالى: ï´؟ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ï´¾ [الأعراف: 37]، وقال: ï´؟ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ ï´¾ [الزمر: 60]. • فإن قيل: ما وجه كون الكذب في المنام من أعظم أنواع الكذب؟ فالجواب: قال ابن حجر: "وأما المنام فإنه لما كان جزءًا من الوحي، كان المخبِر عنه بما لم يقع كالمخبر عن الله بما لم يقُلْه إليه"؛ [انظر: الفتح "كتاب المناقب" "باب نسبة اليمن إلى إسماعيل" حديث (3509)]. مستلة من إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم (كتاب الإيمان)
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |