موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشوره - الصفحة 146 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4412 - عددالزوار : 849998 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3942 - عددالزوار : 386186 )           »          الجوانب الأخلاقية في المعاملات التجارية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          حتّى يكون ابنك متميّزا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          كيف يستثمر الأبناء فراغ الصيف؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          غربة الدين في ممالك المادة والهوى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 59 )           »          أهمية الوقت والتخطيط في حياة الشاب المسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          الإسلام والغرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          من أساليب تربية الأبناء: تعليمهم مراقبة الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          همسة في أذن الآباء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 50 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1451  
قديم 14-12-2013, 08:12 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

يتبــــع الموضوع السابق

شبهة وجود الأحجار الكريمة في المياه العذبة



والواقع أني لم أكتف بهذا، بل ذهبتُ فقلّبت كل ما أتيح لي من "معاجم البلدان" وقرأت ما كُتِب فيها عن "البصرة" ونَهْرَيْها لعلي أعثر على ما يمكن أن يُفْهَم منه، ولو على سبيل التأويل والتمحُّل البعيد، أن أجدادنا قد لاحظوا هذه الظاهرة التي يصرّ الكاتب في جرأة عجيبة على أنها مما تراه العين العادية للرجل العادي ، فلم أجد شيئا بالمرة. ومن الكتب التي راجعتُها لهذا الغرض: "المسالك والممالك" لابن خرداذبة (من أهل القرن الثالث الهجري )، و"الأعلاق النفيسة" لابن رستة (من أهل القرن الثالث الهجري أيضا)، و"معجم البلدان" لياقوت الحموي (من أهل القرنين الساس والسابع)، و"أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم" للمقدسي (من أهل القرن السابع)، و"آثار البلاد وأخبار العباد" للقزويني (من أهل القرن السابع أيضا)، و"الروض المعطار في خبر الأقطار" لمحمد بن عبد المنعم الحِمْيَري (من أهل القرنين السابع والثامن)، و"مسالك الأبصار في ممالك الأمصار" لابن فضل الله العُمَري (من أهل القرن الثامن الهجري ) و"Gazetteer of the Persian Gulf, Oman and Central Arabia" لــJ. G. Lorimer(من أهل القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين). ولقد تناول كلامُ هؤلاء الكتاب عن البصرة موقعَها وتاريخَها وجوّها وأنهارَها وأطعمتها وسكانها ومشاهيرَها وحيوانها وطيورَها ومَدّها وجَزْرها وما قيل في مدحها وذمها، لكني لم أقرأ كلمة واحدة، كلمة واحدة يتيمة، عن تلك الظاهرة التي ادَّعى الكاتب أنها مما لوحظ من قديم الزمان قبل القرآن ببضعة آلاف من السنين، رغم أن بعض هؤلاء الكتاب قد أورد في الحديث عن مدّها وجَزْرها الخرافات والأساطير مثل المقدسي ، الذي نقل ما سمعه من أن ثمة مَلَكًا إذا وضع إصبعه في النهر حدث المدّ، وإذا رفعه جاء الجَزْر، أو أن الحوت إذا أخذ نفَسا سحب الماء إلى منخريه فكان الجَزْر، فإذا أخرجه كان المدّ" (المقدسي / أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم/ ط2/ بِرِيل/ 1906م/ 3)! بل لقد تحدث القزويني عن ملوحة ماء البصرة قائلا: "وماء دجلة والفرات إذا انتهى إلى البصرة خالطه ماء البحر فيصير ملحا" (القزويني / آثار البلاد وأخبار العباد/ دار صادر ودار بيروت/ 1389هــ- 1969م/ 309)، أي أنه قد اقترب تماما من النقطة التي نتحدث عنها الآن، ورغم هذا فإنه لم ينبس بأي شيء مما يزعم الكاتب أنه ظاهرة طبيعية بسيطة لاحظها القدماء بكل سهولة، وليس فيها ما يمكن أن يُعَدّ إعجازا بحال! إن الزعم أمرٌ هيّن الشأن لا يكلف صاحبه شيئا، بخلاف البناء والتثبت، فإنه يتعب من يرومه ويجشّمه من أمره جهدا ومشقّة ونَصَبا. إن كاتبنا لم يكلف نفسه أكثر من أنه تركها تزعم ما يحلو لها دون أن تقدِّم على ما تقول أي برهان، وهو أمر لا يعجز عنه أي شخص مهما يكن حظه من العلم، أو فلنقل بالأحرى: مهما يكن حظه من الجهل. كل ما هنالك أنه ينبغي أن يتدرع بالاندفاع واللامبالاة، ثم لا عليه بعد ذلك من شيء! أما الذين يحرصون على سمعتهم ويلتزمون بقِيَم الدين والعلم والخلق الكريم فلا يستطيعون أن يخطّوا حرفا إلا بعد اللَّتَيّا والتي خشيةَ الخطإ وتحرُّزًا من الوقوع في التدليس. وصدق المثل القائل إنّ رَمْى حجر في بئر لا يحتاج إلى أكثر من مجنون واحد، أما إخراج الحَجَر من البئر فيحتاج إلى ألف عاقل!
ثم يضيف الكاتب أن من المسلمين من يقول بوجود بحارٍ ذات ماء عذب صالح للشرب ( eau de mer potable)، قائلا إن الاعتقاد بهذا والشرب بناء عليه من ماء البحر المالح يؤدي إلى الجنون. ولست أدري من أين أتى الكاتب بهذا الكلام الذي ينسبه لبعض المفسرين المسلمين. لقد كان ينبغي أن يذكر لنا أسماء من قالوا بذلك ويحدد السياق الذي ورد كلامهم فيه، وعلى أي أساس قالوه. أما أن يتركنا في عماية من الأمر متصورا أننا ينبغي أن نلقي إليه بمقاليد طاعتنا ونصغي إليه أسماعنا وأفئدتنا دون دليل أو توضيح فأمر لا يصحّ، ومن شأنه أن يدفعنا إلى تكذيبه فيما يقول نظرا لغرابته البالغة، إذ لا يعقل أن يكون بين المفسرين المسلمين في العصر الحديث ولا في أي عصر آخر من يُقْدِم على كتابة هذا الكلام المضحك مهما تبلغ قلة بضاعته من المعرفة. إن هذا الكلام يعرف كذبَه أي عامي فَدْم، فما بالنا بمن يتصدى لتفسير كتاب الله المجيد؟ ولقد رجعتُ إلى ما نشره "موقع الإيمان على شبكة الإنترنت" في هذا الموضوع فوجدت ما أورده الكاتب المذكور وعمل على تفنيده من تفسير علماء المسلمين المعاصرين للآيات القرآنية التي نحن بصددها، لكني لم أعثر البتة على أي شيء يومئ من قريب أو من بعيد ولو على سبيل التوهم إلى ما يمكن أن يُفْهَم منه أنهم يقولون بوجود بحارٍ (بحارٍ كالبحر المتوسط أو البحر الأحمر أو بحر قزوين أو خليج المكسيك أو المحيط الهندى أو الأطلسي مثلا) ذات مياه عذبة، بل الذي قالوه، وهو صحيح مائة في المائة على ما سنوضّح لاحقا، هو أن كلمة "البحر" قد تُطْلَق في لسان العرب على ما نسميه عادة: "النهر". وهذا غير ذاك كما هو واضح، لكن الكاتب إما أنه لم يفهم كلامهم، وهو ما أستبعده لأنه قد فهم بقية ما قالوه فهما سليما يدل على أنه يعرف ماذا قالوا بالضبط سواء اطّلع عليه مباشرة في لغته الأصلية أو ترجمه له مترجم، وإما أنه فهم هذا الكلام لكنه أراد السخرية والتشكيك فيما قالوه برُمّته لينعكس ذلك على نظرة قارئ كلامه للقرآن أيضا، وهذا ما أرجّحه.
وقد استخدم القرآن كلمة "البحرين" للدلالة على ما نعرفه الآن بــ"النهر والبحر"،إذ "البحر" في اللغة العربية "هو الماءُ الكثيرُ، مِلْحًا كان أو عَذْبًا، وهو خلافُ البَرِّ، أو هو المِلْحُ فَقَطْ، وقد غَلَب عليه حتى قَلَّ في العَذْب" حسبما نقرأ في "لسان العرب" و"تاج العروس" وغيرهما من المعاجم. وقد يكون الكتاب المجيد استخدمها على سبيل التغليب كقولنا مثلا: "العُمَران" لأبي بكر وعمر، و"الحَسَنان" للحسن والحسين، و"القَمَران" للشمس والقمر، و"الأَبَوان" للأب والأم. فقول علمائنا إن البحر قد يكون عذب الماء كما قد يكون مالحها هو كلام لا خطأ فيه، ولا يمكن أن يتوهم متوهم أنهم يقصدون أن الماء الملح يطفئ الظمأ حتى يخاف كاتبنا على البشر من هذا أن يصيبهم الجنون جرَّاءَ تصديقهم لذلك الكلام وكَرْعهم من ثَمّ من هذا الماء، بل المقصود هو ما نعرفه الآن بــ"النهر"، وهذا كل ما هنالك. ونحن في مصر كثيرا ما نطلق على "النهر" اسم الــ"بحر" كقولنا: "بحر النيل"، وفي قريتنا "كتامة الغابة" بمحافظة الغربية نسمي الترعة الواصلة بين بلدنا وطنطا: "بحر عاص"، كما نسمى الترعة الأخرى التي تمر بالقرب من "شفاقرون" المجاورة لنا: "بحر شفاقرون". وبالمثل نسمع الناس يقولون لفرع النيل القريب من "بسيون": "بحر القُضّابة" على اسم قرية "القُضّابة" التي تقع عليه، ولفرع النيل المارّ بدسوق: "بحر سيدي إبراهيم" على اسم إبراهيم الدسوقي الولي المعروف المدفون بالمدينة المذكورة، وللترعة التي تقوم على شاطئها قرية "سديمة": "بحر سيدي أبو اليزيد" على اسم "أبو اليزيد البسطامي "، إذ في اعتقاد أهل المنطقة أن الضريح الموجود في تلك البلدة هو لذلك الصوفي المشهور. ويوجد في القاهرة شارع اسمه "شارع البحر الأعظم"، كما يوجد في طنطا شارع يسمَّى: "شارع البحر" إشارة إلى ما كان يوجد في كل من المكانين من مجرًى للنيل. ولهذه الحكمة ذاتها كان العامة في مصر يسمّون "البحر المتوسط": "البحر المالح"، وهو دليل آخر على أن هناك في أذهانهم "بحرا عذبا" مثلما أن هناك "بحرا مالحا". بل لقد وجدت بدر الدين العيني يستخدم هذه التسمية في كتابه: "عِقْد الجُمان في تاريخ أهل الزمان" عدة مرات، ومرة واحدة على الأقل تسمية "البحر المِلْح". كذلك استعمل نشوان الحميري هذه التسمية الأخيرة في "الروض المعطار في خير الأقطار" عند تعريفه بمدينة "الإسكندرية"، وذلك في قوله: "مدينة عظيمة من ديار مصر بناها الإسكندر بن فيلبش فنسبت إليه، وهي على ساحل البحر الملح". وبالمثل نقرأ في "ثمرات الأوراق" لابن حجة الحموي أن ملك بحر الأردن خاف على ابنته من أردشير حين أرسل يخطبها منه فــ" أرسلها إلى بعض الجزائر في البحر الملح". وهذه مجرد أمثلة قليلة. وإذا كانت كلمة "mer" الفرنسية لا تعني إلا البحر الملح، فينبغي ألا نحمّل لغة الضاد هذه المسؤولية، فلكلّ لغةٍ أوضاعها التي كثيرا ما تختلف فيها وبها عن غيرها من اللغات كما هو معروف.
ومن الشواهد التي تجري هذا المجرى قوله تعالى: " أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا" (المائدة/ 96)، ومعروف أن السمك يخرج من البحر والنهر كليهما لا من البحر فقط، وكذلك قوله عز شأنه: " قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ...؟ " (الأنعام/ 63)، حيث وُضِع البحر مقابل البرّ مما يدل على أن المقصود به النهر والبحر معا. وقرأت في "الحيوان" للجاحظ هذه العبارة: "ومررتُ به وهو جالسٌ في يوم غِمق حارٍّ ومِدٍ، على باب داره في شروع نهر الجُوبار بأردية، وإذا ذلك البحر يبخر في أنفه". فانظر كيف ذكر أولا "النهر"، ثم كيف سماه بعد ذلك: ""بحرا". وجاء في "كتاب الصناعتين" لأبي هلال العسكري : "ولولا كراهةُ الإطالة وتخوف الإملال لَزِدْتُ من هذا النوع، ولكن يكفي من البحر جرعة". والبحر هنا لا يمكن أن يكون إلا الماء العذب، فالإنسان لا يجرع إلا من النهر. وفي "الفرج بعد الشدة" للقاضي التنوخي نقرأ هذه العبارة: "فلا شدة أعظم من أن يُبْتَلَي الناس بمَلِكٍ يذبّح أبناءهم، حتى ألقت أم موسى ابنها في البحر مع طفوليته، ولا شدة أعظم من حصول طِفْل في البحر". ويقول الشابشتي في وصف دير القصير بمصر من كتاب "الدِّيَارات": "وهو مطل على القرية المعروفة بشهران وعلى الصحراء والبحر. وهذه القرية المذكورة قرية كبيرة عامرة على شاطىء البحر، ويذكرون أن موسى uولد فيها، ومنها ألقته أمه إلى البحر في التابوت". ويقول أيضا عن "دير طمويه": "وطمويه في الغرب بإزاء حلوان. والدير راكب البحر، وحوله الكروم والبساتين والنخل والشجر. فهو نَزِهٌ عامرٌ آهل. وله في النيل منظر حسن. وحين تخضر الأرض، فإنه يكون بين بساطين من البحر والزرع". وفي "فوات الوَفَيَات" لابن شاكر الكتبي أن توران شاه لمّا حاصرته مماليك أبيه في البرج عند المنصورة رمى بنفسه وهرب إلى النيل "ونزل في البحر إلى حلقه" فقتلوه. والمقصود بــ"البحر" في هذا كله: "النيل" كما هو واضح. وعندنا من الشواهد الشعرية الكثير، ومنها قول أبي الشيص الخزاعي : بَحرٌ يَلوذ المُعتَفونَ بِنَيْله فَعْمُ الجَداول مُتْرَع الأَحواضِ
وقول ابن الرومي : هو بحرٌ مِنَ البحورِ فُرَاتٌ ليس مِلْحًا وليس حاشاه ضَحْلا
وقول ابن حَيّوس: وَمَنْ جادَ بِالآمالِ عَنكَ فَإِنَّني أَرى كُلَّ بَحرٍ مُذ رَأَيتُكَ جَدْوَلا
وقول ابن درّاج القسطلي : وإِن أَرْفَهَتْ فِي بَحْرِ جُودِكَ شِرْبَها فَمِنْ ظِمْءِ عَشْرٍ فِي الهجيرِ إِلَى تِسْعِ
وقول البحتري : بَحْرٌ مَتى تَقِف الظِماءُ بِمَورِدٍ مِنهُ يَطيبُ لَهُم جَداهُ وَيَعذُبِ
وقول الحيص بيص: ولكنهُ بَحْرٌ يَلَذُّ لشارِبٍ ويُكرِمُ مَثْوىً من مُسِيفٍ ومُرْمِلِ
وقول ظافر الحداد الشاعر المصري : تأمَّلْتُ بحرَ النيلِ طولا، وخَلْفَه من البركةِ الغَنّاء شكلٌ مُدَوَّرُ
وقول البوصيري : وَكلُّهُمْ مِنْ رَسُولِ اللهِ مُلْتَمِسٌ غَرْفًا مِنَ الْبَحْرِ أَوْ رَشْفًا مِنَ الدِّيَمِ
وقول المتنبي : قَوَاصِدُ كافورٍ تَوَارِكُ غيره ومن قَصَدَ البحرَ استقلّ السواقيا
ثم كيف يمكن أن يتوهم متوهِّم هذا الذي يخشاه الكاتب (أو بالأحرى: هذا الذي يزعم أنه يخشاه)، ويذهب فيَعُبّ من الماء الملح عَبًّا؟ ويبقى تأكيده أن شرب هذا الماء يصيب الشخص بالجنون، ولا أعرف مدى صحة هذا الكلام من الناحية الطبية، وإن كنت أستغربه غاية الاستغراب، وبخاصة أنه من غير المعقول أو المتصوَّر أن يستمر أي إنسان في شرب ذلك الماء بمجرَّد أن يذوقه ويحس ملوحته! لكن الذي أنا متأكد منه أن الذي يَعُبّ من الماء الملح يكون قد أُصِيبَ بالجنون فعلا، وانتهى أمره والعياذ بالله، لا أنه سيصاب به بعد الشرب، إذ لا يفعل ذلك عاقل بحال من الأحوال!
والآن نأتي لتفسير الآيات المذكورة لنرى أفيها ما لم تكن العرب بل ما لم تكن البشرية كلها تعرفه أو لا، ونبدأ بقوله تعالى: " وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا " (الفرقان/ 53)،إذ هو من الوضوح بمكان بحيث لا يثير مشاكل وخلافات حول المقصود بالبحرين هنا: أهما بحران مِلْحان أم بحرٌ عَذْبٌ وآخر مِلْح؟ وقد فسره بوكاي قائلا: "معروفةٌ تلك الظاهرة التي كثيرا ما نشاهدها عند عدم الاختلاط الفوري لمياه البحر الملحة بالمياه العذبة للأنهار الكبيرة. ويرى البعضُ أن القرآن يشير إليها لعلاقتها بمصبّ نَهْرَي دجلة والفرات، اللذين يشكلان بالتقائهمابحرًا، إذا جاز القول، طوله 150 كم هو شط العرب. وفي الخليج ينتج تأثيرُ المدّ ظاهرةً طبيعيةً هي انحسار الماء العذب إلى داخل الأراضي ، وذلك يضمن رِيًّا طيبا" (موريس بوكاي / القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم/ 205).
والحق أن هذا التفسير، رغم احترامي الكامل للدكتور بوكاي ، هو تفسير غير مقنع: فمن الناحية اللغوية يصعب علي أن أوافق العالم الفرنسي على أن أداة التعريف في كلمة "البحرين" هنا للعهد، الذي قيل على أساسه إن "البحرين" المذكورين هما شط العرب والخليج الذي يصب فيه. ذلك أن الآيات السابقة تتحدث عن الظل والرياح والماء والأنعام والأناسي ، وهي مفاهيم عامة لا تشير إلى ظلٍّ بعينه ولا رياحٍ محدَّدة ولا أنعامٍ وأنَاسِي مخصوصة، فلِمَ يقال إذن إن "البحرين" هنا هما بحران معينان (الخليج وشط العرب)؟ إن السياق الذي وردت فيه هذه الكلمة هو سياق عام، ومن ثم فإن بلاغة الكلام تقتضي أن يكون "البحران" أيضا هنا هما "النهر والبحر" بإطلاق، أي أن "أل" فيهما هي "أل" الجنسية لا العهدية. وقد يظن قوم أن كلمة "فُرَات" الواردة في النص القرآني هنا تشير إلى نهر الفرات، ومن ثم يستغربون قولي بعدم وجود قرينة تدل على أن السياق هنا سياق خاص لا عام، لكن لا بد أن نعرف أن كلمة "فُرَات" في النص ليست عَلَمًا على النهر المعروف في بلاد الرافدين، بل صفة للبحر الأول من البحرين المذكورين معناها "الشديد العذوبة". كذلك فماء النهر، مهما توغَّل بقوة اندفاعه إلى مدًى بعيد في داخل البحر أو المحيط واحتفظ أثناء ذلك بخصائصة وعذوبته، يختلط في النهاية بمائهما ويتحول من ثم إلى ماءٍ ملحٍ أُجَاج. فظاهر الأمر إذن أن النهر يبغي في البداية على البحر (حين يشق ماءه الملح ويزيحه عن طريقه) ليعود البحر فيبغي في النهاية عليه (حين يختلط ماؤه العذب بماء البحر الملح الذي يُفْقِده خاصة العذوبة ويعطيه بدلا منها ملوحته)، فأين البرزخ يا ترى والحِجْر المحجور؟



يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع
  #1452  
قديم 14-12-2013, 08:14 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو


يتبــــع الموضوع السابق

شبهة وجود الأحجار الكريمة في المياه العذبة



أما "المنتخب في تفسير القرآن الكريم" فإنه يقول، في هامش خصَّصه للتعليق على هذه الآية، إنها ربما "تشير إلى نعمة الله على عباده بعدم اختلاط الماء الملح المتسرب من البحار في الصخور القريبة من الشاطئ بالماء العذب المتسرب إليها من البر اختلاطا تامّا، بل إنهما يلتقيان مجرد تلاق: يطفو العذب منهما فوق الملح كأن بينهما برزخا يمنع بَغْي أحدهما على الآخر وحِجْرًا محجورا، أي حاجزا خفيّا مستورا لا نراه". لكن ثمة نقطة هامة يظهر أن كاتبَي هذا التعليق، رغم جدته وطرافته بالنسبة لي على الأقل، قد أغفلاها، إذ إن الماء العذب والماء الملح اللذين يلتقيان في الصخور على هذا النحو لا يمكن تسميتهما: "بحرين". ثم إذا كان الماءان في هذه الظروف لا يلتقيان، فإنهما في عُرْض البحر يلتقيان ويتمازجان ويصبحان في النهاية ماءً واحدًا كما قلنا من قبل.
يبدو لي ، والله أعلم، أن البرزخ المذكور في الآية الكريمة هو القوانين التي بمقتضاها بَقِي كل من الماء العذب والماء الملح كلَّ هذه الدهور المتطاولة التي لايعلم مداها إلا الله، وسيبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، كما هو لا يتغير. فالأنهار تصب في البحار والمحيطات، وكان المفروض، لو أن الأمر انتهى عند هذا الحد، أن يختلط الماءان اختلاطًا دائمًا فلا ينفصلا بعد ذلك أبدا، ويصبح كل الماء الموجود على سطح الأرض من ثَمَّ ماءً مِلْحًا. بَيْدَ أن التقدير الإلهي قد شاء أن يقوم البَخْر بحمل ماء البحار والمحيطات فتسوقه الرياح ليسقط على الجبال وينحدر إلى الأنهار ماءً عذبًا كما كان...وهكذا دواليك. وهكذا أيضا يبقي الماء العذب والماء الملح كما هما، ويتعايش البحران دون أن يبغي أحدهما على الآخر ويقضي عليه. فهذا هو البرزخ، وهذا هو الحِجْر المحجور فيما أفهم، والله أعلم. وهو، كما نرى، برزخٌ وحِجْرٌ غير مادي . إنه حاجز من قوانين لا من أحجار أو مسافات أو تضاريس. ومن الحواجز المعنوية أيضا "برازخ الإيمان" التي جاء في المعاجم أنها تفصل بين الشك واليقين أو التي تفصل ما بين أول الإيمان وآخره، والبرزخ الذي يفصل بين الدنيا والآخرة، و"الحِجْر" المذكور في القرآن على لسان المشركين: "وقالوا: هذه أنعامٌ وحرثٌ حِجْرٌ لا يطعمها إلا من نشاء"،أي محرَّم أكلها حسبما نصت الآية الكريمة، والتحريم (كما هو معروف) حاجزٌ معنوي لا مادي . كما أن قوله تعالى في الآية 22 من سورة "الفرقان": " حِجْرًا مَحْجُورًا "معناه: "حرامًا محَرَّمًا"...وهكذا. ولهذا قالت المعاجم وكتب التفاسير في البرزخ الفاصل بين البحرين إنه حاجز خفي من قدرة الله. ولا ننس أن القرآن لم ينف التقاء البحرين رغم وجود البرزخ، بل قال بصريح اللفظ: "مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ(19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ(20)" كما جاء في الآيتين 19- 20 من سورة "الرحمن". فالبرزخ موجود، ولكن الالتقاء حاصل أيضا لأن البرزخ في النص القرآني إنما يمنع بَغْي أحد البحرين على الآخر لكنه لا يمنع اللقاء بينهما.
وبنحو الذي قلناه فَسَّر الطبري الآيتين المذكورتين فقال: "قَوْله: "هَذَا عَذْبٌ فُرَات"، الفُرَات : شَدِيد الْعُذُوبَة. يُقَال : هَذَا مَاءٌ فُرَات، أَيْ شَدِيد الْعُذُوبَة. وَقَوْله: "وَهَذَا مِلْح أُجَاج"، يَقُول: وَهَذَا مِلْحٌ مُرّ، يَعْنِي بِالْعَذْبِ الْفُرَاتِ مِيَاهَ الأَنْهَار وَالأَمْطَار، وَبِالْمِلْحِ الأُجَاجِ مِيَاهَ الْبِحَار. وَإِنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ أَنَّهُ، مِنْ نِعْمَته عَلَى خَلْقه وَعَظِيم سُلْطَانه، يَخْلِط مَاء الْبَحْر الْعَذْب بِمَاءِ الْبَحْر الْمِلْح الأُجَاج، ثُمَّ يَمْنَع الْمِلْح مِنْ تَغْيِير الْعَذْب عَنْ عُذُوبَته وَإِفْسَاده إِيَّاهُ بِقَضَائِهِ وَقُدْرَته لِئَلاّ يَضُرّ إِفْسَاده إِيَّاهُ بِرُكْبَانِ الْمِلْح مِنْهُمَا فَلا يَجِدُوا مَاء يَشْرَبُونَهُ عِنْد حَاجَتهمْ إِلَى الْمَاء، فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : " وَجَعَلَ بَيْنهمَا بَرْزَخًا "،يَعْنِي حَاجِزًا يَمْنَع كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا مِنْ إِفْسَاد الآخَر. "وَحِجْرًا مَحْجُورًا"،يَقُول : وَجَعَلَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا حَرَامًا مُحَرَّمًا عَلَى صَاحِبه أَنْ يُغَيِّرهُ وَيُفْسِدهُ". على أن هذا التفسير لا يمنع أن يدخل فيه التقاء ماء دجلة والفرات بماء الخليج العربي بوصفه إحدى الحالات التي يتبدَّى فيها القانون الذي شرحتُه آنفا لا بوصفه الحالة الوحيدة المقصودة في القرآن كما جاء في كلام الدكتور بوكاي ، فضلا عن أن التفسير الذي ذكره يختلف عن تفسيري أنا حسبما وَضَّحْت.
وفي رأيي المتواضع أن آيات سورة "الرحمن" تدل على نفس هذا المعنى، لكن كاتب مقال "البرزخ المائي بين البحرين" في "موقع الإيمان على شبكة الإنترنت" يرى أن "البحرين" هنا بحران مالحان. وهذا نَصّ كلامه: "قال تعالى: " مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ* بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ* فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ؟* يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ " (الرحمن/ 19- 22)،وقال تعالى: "وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا " (النمل/61).لقد توصل علماء البحار، بعد تقدُّم العلوم في هذا العصر، إلى اكتشاف الحاجز بين البحرين، فوجدوا أن هناك برزخًا يفصل بين كل بحرين ويتحرك بينهما، ويسميه علماء البحار: "الجبهة" تشبيهًا له بالجبهة التي تفصل بين جيشين. وبوجود هذا البرزخ يحافظ كلُّ بحرٍ على خصائصه التي قدرها الله له، ويكون مناسبًا لما فيه من كائنات حية تعيش في تلك البيئة. ومع وجود هذا البرزخ فإن البحرين المتجاورين يختلطان اختلاطًا بطيئًا يجعل القَدْر الذي يعبر من بحر إلى بحر آخر يكتسب خصائص البحر الذي ينتقل إليه عن طريق البرزخ الذي يقوم بعملية التقليب للمياه العابرة من بحرٍ إلى بحرٍ ليبقى كل بحرٍ محافظًا على خصائصه تدرج العلم البشري لمعرفة حقائق اختلاف مياه البحار وما بينها من حواجز:
اكتشف علماء البحار أن هناك اختلافًا بين عيناتٍ مائيةٍ أُخِذَتْ من البحار المختلفة في عام 1284هـ- 1873م على يد البعثة العلمية البحرية الإنجليزية في رحلة تشالنجر، فعرف الإنسان أن المياه في البحار تختلف في تركيبها عن بعضها البعض من حيث درجة الملوحة ودرجة الحرارة ومقادير الكثافة وأنواع الأحياء المائية. ولقد كان اكتشاف هذه المعلومة بعد رحلة علمية استمرت ثلاثة أعوام، جابت جميع بحار العالم. وقد جمعت الرحلةُ معلوماتٍ من 362 محطة مخصَّصة لدراسة خصائص المحيطات، وملأت تقاريرُ الرحلة 29.500 صفحة في خمسين مجلدًا استغرق إكمالها 23 عاما. وإضافةً إلى كون الرحلة أحد أعظم منجزات الاستكشاف العلمي فإنها أظهرت كذلك ضآلة ما كان يعرفه الإنسان عن البحر.
بعد عام 1933م قامت رحلة علمية أخرى أمريكية في خليج المكسيك، ونشرت مئات المحطات البحرية لدراسة خصائص البحار، فوجدت أن عددا كبيرا من هذه المحطات تعطي معلوماتٍ موحَّدةً عن خصائص الماء في تلك المنطقة من حيث الملوحة والكثافة والحرارة والأحياء المائية وقابلية ذوبان الأكسجين في الماء، بينما أعطت بقيةُ المحطات معلوماتٍ موحَّدة أخرى عن مناطق أخرى، مما جعل علماء البحار يستنبطون وجود بحرين متمايزين في الصفات لا مجرد عينات محدودة كما علم من رحلة تشالنجر.
وأقام الإنسان مئات المحطات البحرية لدراسة خصائص البحار المختلفة، فقرر العلماء أن الاختلاف في هذه الخصائص يميز مياه البحار المختلفة بعضها عن بعض. لكن لماذا لا تمتزج البحار وتتجانس رغم تأثير قوّتي المد والجزر التي تحرك مياه البحار مرتين كل يوم، وتجعل البحار في حالة ذهاب وإياب، واختلاط واضطراب، إلى جانب العوامل الأخرى التي تجعل مياه البحر متحركة مضطربة على الدوام مثل الموجات السطحية والداخلية والتيارات المائية والبحرية؟ ولأول مرة يظهر الجواب على صفحات الكتب العلمية في عام 1361هـ-1942م، فقد أسفرت الدراسات الواسعة لخصائص البحار عن اكتشاف حواجزَ مائيةٍ تفصل بين البحار الملتقية، وتحافظ على الخصائص المميزة لكل بحر من حيث الكثافة والملوحة والأحياء المائية والحرارة وقابلية ذوبان الأوكسجين في الماء. وبعد عام 1962م عُرِف دورُ الحواجز البحرية في تهذيب خصائص الكتل العابرة من بحر إلى بحر لمنع طغيان أحد البحرين على الآخر فيحدث الاختلاط بين البحار الملحة، مع محافظة كل بحر على خصائصه وحدوده المحدودة بوجود تلك الحواجز. ويبين الشكل التالي حدود مياه البحر الأبيض المتوسط الساخنة والمِلْحة عند دخولها في المحيط الأطلسي ذي المياه الباردة والأقل مُلُوحة منها.
وأخيرًا تمكن الإنسان من تصوير هذه الحواجز المتحركة المتعرجة بين البحار المِلْحة عن طريق تقنية خاصة بالتصوير الحراري بواسطة الأقمار الصناعية، والتي تبين أن مياه البحار وإن بدت جسمًا واحدًا، إلا أن هناك فروقًا كبيرة بين الكتل المائية للبحار المختلفة تظهر بألوانٍ مختلفة تبعًا لاختلافها في درجة الحرارة. وفي دراسة ميدانية للمقارنة بين مياه خليج عمان والخليج العربي بالأرقام والحسابات والتحليل الكيمائي تبين اختلاف كل منهما عن الآخر من الناحية الكيميائية والنباتات السائدة في كل منهما ووجود البرزخ الحاجز بينهما. وقد تطلب الوصول إلى حقيقة وجود الحواجز بين الكتل البحرية وعملها في حفظ خصائص كل بحر قرابة مائة عام من البحث والدراسة اشترك فيها المئات من الباحثين، واستُخْدِم فيها الكثير من الأجهزة ووسائل البحث العلمي الدقيقة، بينما جَلَّى القرآنُ الكريمُ هذه الحقيقةَ قبل أربعة عشر قرنا. قال تعالى: "مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ* بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ* فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ؟* يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ" (الرحمن/ 19- 22)،وقال تعالى: "وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا" (النمل/61)".
هذا ما جاء في المقال المنشور على موقع "الإيمان على شبكة الإنترنت". والواقع أنني أميل إلى تفسير "البحرين" في سورتي "الفرقان" و"الرحمن" بأنهما بحران مختلفان، وأوثر هذا التفسير على القول بأن البحرين في هذه السورة هما بحران مالحان كلاهما، وعلى هذا فإني أرى أن البحرين في آيات سورة "الرحمن" أيضا هما البحر العذب والبحر الملح. والسبب في ذلك هو حرصي على أن يكون هناك انسجام بين آيات القرآن مراعاةً للسياق القرآني العام، إذ القرآن يفسّر بعضُه بعضًا كما هو معروف، وعلى هذا أرى أن تكون النصوصُ التي حددت البحرين بأنهما البحر العذب والبحر الملح حاكمةً على النصوص التي لم تحددهما. ولكني رغم ذلك لا أستطيع أن أخطّئ من يقولون بهذا التفسير مادامت الآية تقبله على وجه من الوجوه، إذ ليس في النص الكريم ما يجعل التفسير الثاني مرفوضا، بل الأمرُ أمرُ تفضيلِ تفسيرٍ على تفسيرٍ كما أوضحت. أما الحجة التي استند إليها من فسَّروا "البحرين" في النص الأخير بأنهما كليهما بحران مالحان، وهي أن المَرْجان قد ذُكِر فيه، وهو لا يُسْتَخْرَج إلا من المياه الملحة، فلست أراها حجة كافية، إذ المَرْجان عند معظم اللغويين والمفسرين القدماء هو صغار اللؤلؤ أو كباره، واللؤلؤ يُسْتَخْرَج من الأنهار أيضا مثلما يُسْتَخْرَج من البحار على ما سوف أُبَيِّن بعد قليل. لكني مع ذلك لا أجد، كما قلت، مانعا أن يفسرها الآخرون بغير ما فسرتُها به ما دامت تقبل هذا التفسير. إنyohanfraisيشير إلى أن النص القرآني لا يذكر اختلاف مياه البحار من حيث درجة الملوحة ودرجة الحرارة ومقادير الكثافة وأنواع الأحياء المائية، وكلامه صحيح بلا جدال، لكنْ صحيحٌ أيضا أن علماء المسلمين الذين يتحدثون عن هذه الفروق لا يقولون إن القرآن قد ذكر هذا، بل كلّ مقصدهم أن دلالة الآية تشمله، فلا داعى من ثم إلى اتهامهم بأنهم يُقَوِّلون النص القرآني ما لم يقله.
هــذا، وقد اختتم كاتبُ المقــال المنشور على "موقــع الإيمان على شبكة الإنترنت" كلامه بالملاحظات التاليــة: "1- أن القرآن الكريم الذي أُنْزِل قبل أكثر من 1400سنة قد تضمَّن معلومات دقيقة عن ظواهرَ بحريةٍ لم تُكْتَشَف إلا حديثًا بواسطة الأجهزة المتطورة، ومن هذه المعلومات وجود حواجزَ مائيةٍ بين البحار. قال تعالى: "مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ* بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ" (الرحمن/ 19- 20).2- يشهد التطور التاريخي في سير علوم البحار بعدم وجود معلومات دقيقة عن البحار، وبخاصة قبل رحلة تشالنجر عام 1873م، فضلاً عن وقت نزول القرآن قبل ألف وأربعمائة سنة الذي نزل على نبيٍّ أمِّيٍّ عاش في بيئة صحراوية ولم يركب البحر. 3- كما أن علوم البحار لم تتقدم إلا في القرنين الأخيرين، وخاصة في النصف الأخير من القرن العشرين. وقبل ذلك كان البحر مجهولا مخيفا تكثر عنه الأساطير والخرافات، وكل ما يهتم به راكبوه هو السلامة والاهتداء إلى الطريق الصحيح أثناء رحلاتهم الطويلة. وما عرف الإنسان أن البحار المِلْحة بحارٌ مختلفةٌ إلا في الثلاثينات من هذا القرن بعد أن أقام الدارسون آلافَ المحطات البحرية لتحليل عينات من مياه البحار، وقاسُوا في كلٍّ منها الفروقَ في درجات الحرارة، ونسبة الملوحة، ومقدار الكثافة، ومقدار ذوبان الأوكسجين في مياه البحار في كل المحطات فأدركوا بعدئذٍ أن البحار المِلْحَة متنوعة. 4- وما عرف الإنسانُ البرزخَ الذي يفصل بين البحار المِلْحَة إلا بعد أن أقام محطات الدراسة البحرية المشار إليها، وبعد أن قضى وقتًا طويلاً في تتبع وجود هذه البرازخ المتعرجة المتحركة التي تتغير في موقعها الجغرافي بتغير فصول العام. 5- وما عرف الإنسان أن ماءَيِ البحرين منفصلان عن بعضهما بالحاجز المائي ومختلطان في نفس الوقت إلا بعد أن عكف يدرس بأجهزته وسفنه حركةَ المياه في مناطق الالتقاء بين البحار، وقام بتحليل تلك الكتل المائية في تلك المناطق. 6- وما قرر الإنسان هذه القاعدة على كل البحار التي تلتقي إلا بعد استقصاء ومسح علمي واسع لهذه الظاهرة التي تحدث بين كل بحرين في كل بحار الأرض.
فهل كان يملك رسول الله rتلك المحطات البحرية، وأجهزة تحليل كتل المياه، والقدرة على تتبع حركة الكتل المائية المتنوعة؟ وهل قام بعملية مسح شاملة، وهو الذي لم يركب البحر قط، وعاش في زمن كانت الأساطير هي الغالبة على تفكير الإنسان، وخاصة في ميدان البحار؟ وهل تيسر لرسول الله rفي زمنه من أبحاثٍ وآلاتٍ ودراساتٍ ما تيسر لعلماء البحار في عصرنا الذين اكتشفوا تلك الأسرار بالبحث والدراسة؟ إن هذا العلم الذي نزل به القرآن يتضمّن وصفًا لأدق الأسرار في زمنٍ يستحيل على البشر فيه معرفتها لَيَدُلّ على مصدره الإلهي كما قال تعالى: " قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ. إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا " (الفرقان/ 6).كما يدل على أن الذي أُنْزِل عليه الكتاب رسولٌ يُوحَى إليه. وصدق الله القائل: "سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ. أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ " (فصلت/ 53)".
والآن، وبعد أن نقلنا ما خرج به كاتب المقال المشار إليه من نتائج، نأتي إلى آية سورة "فاطر": "وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا".ولسوف أتناولها من زاوية أخرى لأنها، كما سبق القول، لا تذكر شيئا عن البرزخ أو الحِجْر المحجور الذي يمنع أحد البحرين من البغي على الآخر. لقد قرأتُ هذه الآية مرات لا تحصى، لكني لم أكن ألتفت إلى ما تؤكده من أن الحلي تُسْتَخْرَج من البحر والنهر كليهما، بل كنت أتصور أن اللؤلؤ والمرجان لا يوجدان إلا في البحار الِملْحة. ومنذ عدة سنوات كنت أقرأ هذه الآية، وفجأة تنبهتُ لما كان غائبا عني ، فتساءلت: هل توجد الحلي حقا في مياه الأنهار كما هي موجودة في البحار؟ وقد رجعتُ يومها إلى ترجمة عبد الله يوسف علي للقرآن إلى الإنجليزية، فألفيتُه، في تعليقه على هذه الاية في الهامش، يذكر من أنواع الحلي النهري العقيقَ وبرادةَ الذهب وغيرهما. ثم رجعتُ بعد ذلك إلى "Encyclopaedia Britannica" (الطبعة الرابعة عشرة) فقرأتُ في مادة "Pearls"أن اللؤلؤ يوجد أيضا في المياه العذبة. وبعد هذا وقع في يدي "المنتخَب في تفسير القرآن الكريم"، الذي أصدره المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر، فقرأتُ في التعليق العلمي الموجود بأسفل الصفحة على الآية المذكورة الكلام التالي الذي يبدو وكأنه كُتِب خصيصا لي : "قد يستبعد بعض الناس أن تكون المياه العذبة مصدرًا للحلي ، ولكن العلم والواقع أثبتا غير ذلك: أما اللؤلؤ فإنه، كما يُسْتَخْرَج من أنواع معينة من البحر، يُسْتَخْرَج أيضا من أنواع معينة أخرى من الأنهار، فتوجَد اللآلئ في المياه العذبة في إنجلترا وأسكتلندا وويلز وتشيكوسلوفاكيا واليابان...إلخ، بالإضافة إلى مصايد اللؤلؤ البحرية المشهورة. ويدخل في ذلك ما تحمله المياه العذبة من المعادن العالية الصلادة كالماس، الذي يُسْتَخْرَج من رواسب الأنهار الجافة المعروفة باليرقة. ويوجد الياقوت كذلك في الرواسب النهرية في موجوك بالقرب من بانالاس في بورما العليا. أما في سيام وفي سيلان فيوجد الياقوت غالبا في الرواسب النهرية. ومن الأحجار شبه الكريمة التي تُسْتَعْمَل في الزينة حجرُ التوباز، ويوجد في الرواسب النهرية في مواقعَ كثيرةٍ ومنتشرةٍ في البرازيل وروسيا (الأورال وسيبريا)، وهو فلورسيليكات الألمونيوم، ويغلب أن يكون أصفرَ أو بُنّيًّا. والزيركون (circon) حَجَرٌ كريمٌ جذابٌ تتقارب خواصه من خواص الماس، ومعظم أنواعه الكريمة تُسْتَخْرَج من الرواسب النهرية".
ولكي يقدِّر القارئ رد فعلي الأول حق قدره أذكر أن بعض المترجمين الأوربيين أنفسهم في العصر الحديث قد استبعدوا أن تكون الأنهار مصدرًا من مصادر الحلي . وقد تجلَّى هذا في ترجمتهم لهذه الآية: فمثلا نرى رودويل الإنجليزي يترجم الجزء الخاص بالحلي منها هكذا: "yet from both ye eat fresh fish, and take forth ornaments to wear". فعبارة "from both" لا تعطي المعنى الموجود في الآية، وهو أن كلا من البحرين فيه حلي لا أن الحلي تستخرج منهما معا بما يمكن أن يكون معناه أنه يخرج من مجموعهما حتى لو لم يخرج في الواقع إلا من أحدهما، وهو ما قد يصلح لترجمة قوله تعالى في سورة "الرحمن": " يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلؤُ وَالمَرْجَانُ " (لاحظ: "منهما" لا "من كل منهما"). كذلك ينقل رُودِي بارِيتْ المستشرق المعروف هذه العبارة إلى الألمانية على النحو التالي: "Aus beiden esst ihr frishes Fleish".إلى هنا والترجمة صحيحة، فهذه العبـارة تقابـل قوله تعالى: "ومن كلٍّ تأكلون لحمًا طريًّا"، وإن استخـدم بارِيتْ في مقابل "طريـًّا" كلمة "frishesومعناها الدقيق "طازج". لكن فلْننتبه لترجمة الجزء التالي الذي يقول فيه: "und (aus dem Salzmeer) gewinnt ihr Schmuck...um ihn eukh anzulegenوالذي تَرْجَمَته: "وتستخرجون (من البحر الملح) حلية تلبسونها". ويرى القارئ بوضوح كيف أن المترجم قد أضاف من عنده بين قوسين عبارة "من البحر الملح: aus dem Salzmeerوهو ما يوحي باستبعاده أن تكون الأنهار مصدرا من مصادر اللؤلؤ والعقيق وغيرهما من أنواع الحلي على ما تقول الآية الكريمة. أما ترجمتا جورج سِيلْ وبَالمَْرْ الإنجليزيتان وترجمتا كازيمريسكي وماسون الفرنسيتان، وكذلك ترجمتا ماكس هننج ومولانا صدر الدين الألمانيتان على سبيل المثال، فقد ترجمت كلُّها النصَّ القرآني كما هو، لكنها التزمت الصمت فلم تعلق بشيء.
ويرى القارئ من هذه الآية كيف أن القرآن قبل أربعة عشر قرنا قد أشار إلى حقيقة علمية يستبعدها ناس مثلي ومثل المستشرق الإنجليزي رودويل ونظيره الألماني رُودِي بارِيت ممن يعيشون في هذا العصر الذي بلغ فيه التقدم العلمي والتقني آمادا مذهلة، فكيف عرفها الرسول الكريم إذن وأدّاها بهذه البساطة لو كان هو مؤلف القرآن، وبخاصة أن الأنهار التي ذُكِر أن اللؤلؤ وغيره من الأحجار الكريمة وشبه الكريمة تُسْتَخْرَج منها تقع في بلاد سحيقة بالنسبة للجزيرة العربية، بل إن بعضها كالبرازيل مثلا لم يُكْتَشَف إلا في العصور الحديثة؟
ومن هنا نستطيع أن نفهم كيف أن المفسرين القدامى، كالطبري والقرطبي وابن كثير والجلالين على سبيل المثال، قد وقفوا حائرين إزاء هذه الآية وأمثالها حيث يقررون أن الحلي إنما تُسْتَخْرَج من البحر المِلْح فقط، وإن كان القرآن قد ذكر البحرين معا. يريدون أن يقولوا: إن العرب كانت تغلّب في مثل هذه الحالة أحدَ الطرفين على الآخر. بل إن بعضهم، محاولةً منهم الالتصاقَ بالآية وعدم الرغبة في اللجوء إلى المجاز هنا، قد قالوا إن المقصود بالبحر العذب هو ماء المطر، بمعنى أن اللؤلؤ والمَرْجان لا يتم تكونهما إلا إذا نزل ماء المطر على صَدَفهما في البحر فانعقد لؤلؤا ومَرْجانا. وهذا كله خَبْطٌ خاطئ، فالمطر لا يُسَمَّى: "بحرا"، فضلا عن أن القرآن الكريم قد نَصَّ على أن الحُلِي تُسْتَخْرَج من كلٍّ من البحرين، لا من مجموعهما كما يقول مفسرونا القدامى، ولهم العذر رغم أنهم جاؤوا بعد الوحي بعِدّة قرون كانت الحضارة الإسلامية قد قطعت أثناءها أشواطا في مجال العلم والفكر فسيحة، إذ إن المعلومات المتعلقة بهذا الموضوع لم تُكْشَف إلا في العصر الحديث كما بيّنّا في الفقرات الأخيرة. وقد كانت هذه الحجة جاهزة في يدي في إحدى المناظرات التلفازية التي شاركتُ فيها منذ أعوام ضد من ينادون بإبعاد العلوم الطبيعية عن القرآن الكريم وعدم الاستعانة بها في تفسيره بشبهة أنه كتاب عقيدة وتشريع وأخلاق لا كتاب كيمياء أو فيزياء أو فلكٍ أو طبٍّ مثلا، إذ ها هم أولاء كبار المفسرين واللغويين يتجاهلون التركيب النحوي الواضح للعبارة القرآنية بسبب عدم توفر المادة العلمية بين أيديهم، فيعاملون تركيب " وَمِنْ كُلٍّ..." على أن المراد به: "ومن مجموعهما..."، مع أن هذا غير ذاك تمامًا.

[1]فحملوا قوله تعالى:" يَخْرُجُ مِنْهُمَا" أي: من أحدهما، وهو الماء المالح. انظر: الكشاف، الزمخشري 4/241. والمحرر الوجيز، ابن عطية 5/229. وأحكام القرآن، الجصاص 3/397. وبحر العلوم، السمرقندي 2/232. ومفاتيح الغيب، الرازي 29/ 90. ومدارك التنزيل، النسفي 2/177. وأنوار التنزيل، البيضاوي 3/161. وروح المعاني، الآلوسي 9/267. والتحرير والتنوير، ابن عاشور 18/4250.

[2]بتصرف عن دراسة قدمها الدكتور إبراهيم عوض، المدرس في كلية الآداب، جامعة قطر. في موقع ملتقى أهل التفسير على الرابط:
http://tafsir.org/books/open.php?cat=88&book=932


  #1453  
قديم 14-12-2013, 08:20 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

شبهة زعم وجود أخطاء جغرافية في القرآن الكريم..
بقلم الأستاذ عبد الرحيم الشريف
ماجستير في علوم القرآن والتفسير
تحت عنوان " أسئلة جغرافية " جاءت الشبهات التالية ... مما سأنقله مختصراً:
" - مغيب الشمس في بئر جاء في سورة الكهف 83-86 وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي القَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً إِنَّا مَكَّنَّا لهُ فِي الأرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً فَأَتْبَعَ سَبَباً حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْماً.

ونحن نسأل: إذا كانت الشمس أكبر من الأرض مليوناً وثلاثين ألف مرة، فكيف تغرب في بئر رآها ذو القرنين ورأى ماءها وطينها ورأى الناس الذين عندها ؟؟[1]
- الأرض ثابتة لا تتحرك جاء في سورة لقمان 10 "خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الأرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ". وجاء في الرعد 3 "وَهُوَ الذِي مَدَّ الأرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ". وجاء في سورة الحِجر 19 "وَالأرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ". وجاء في سورة النحل 15 "وَأَلْقَى فِي الأرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلا لعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ". وجاء في سورة الأنبياء 31 "وَجَعَلْنَا فِي الأرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سُبُلا لعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ".
ونحن نسأل: إذا كان واضحاً أن الأرض تدور حول نفسها مرة كل أربع وعشرين ساعة، وينشأ عن تلك الحركة الليل والنهار. وتدور حول الشمس مرة كل سنة، وينشأ عن ذلك الدوران الفصول الأربعة. فكيف تكون الأرض ممدودة مبسوطة ثابتة لا تتحرك، وأن الجبال تمنعها عن أن تميد؟
- النجوم رجوم للشياطين جاء في سورة المُلك 5 "وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوما للشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ".
وجاء في سورة الصافات 6-10 "إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةِ الكَوَاكِبِ وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى المَلإ الأعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ دُحُوراً وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ إِلا مَنْ خَطِفَ الخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ". وجاء في سورة الحِجر 16-18 "وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاهَا للنَّاظِرِينَ وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَاٍن رَجِيمٍ إِلا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ".
ونحن نسأل: إذا كان كل كوكب هو عالم ضخم، والكواكب هي ملايين العوالم الضخمة تسبح على أبعاد شاسعة في فضاء لا نهائي، فكيف نتصور الكواكب كالحجارة يمسك بها ملاك في حجم الإنسان ليضرب بها الشيطان منعا له من استماع أصوات سكان السماء؟ هل كل هذه الأجرام السماوية خُلقت لتكون ذخيرة أو عتاداً حربياً كالحجارة لرجم الشيطان حتى اشتهر اسمه بالشيطان الرجيم؟! وكيف يطرح الملائكة الكواكب؟ وكيف يُحفظ توازن الكون إذا سارت في غير فلكها؟
- السموات السبع والأراضي السبع جاء في سورة الطلاق 12 "اللَهُ الذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ"."..
ونحن نسأل: كيف يقول عن الفضاء المتسامي سموا لا متناهي فوقنا إنه سقف أملس قابل للسقوط، وإنه يوجد سبعة سقوف من هذا النوع؟ وإن ملايين الكواكب التي تسبح في الفضاء غير المحدود مصابيح مركزة في هذا السقف الموهوم؟ وكيف يقول إن أرضنا، وهي واحدة من ملايين الكواكب والسيارات والأقمار والشموس يوجد سبعة مثلها؟
- شهر النَّسيء كفر! جاء في سورة التوبة 36 و37 "إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيِهنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا المُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ المُتَّقِينَ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاما ليُواطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللهُ لا يَهْدِي القَوْمَ الكَافِرِين".
ونحن نسأل: يؤرخ جميع العلماء بالسنة الشمسية التي تفرق عن السنة القمرية شهر النسيء. فهل في هذا كفر؟ وكيف نعتبر الحساب الفلكي الطبيعي كفراً ؟
- ري مصر بالغيث! جاء في سورة يوسف 49 "ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ". والإشارة هنا إلى القحط الذي أصاب مصر سبع سنين متوالية أيام يوسف فيبشرهم بالخصب بعد الجدب، ويقول إنه في عام الخصب يُمطَرون، فكأن خصب مصر مسبَّب عن الغيث أو المطر. وهذا خلاف الواقع، فالمطر قلّما ينزل في مصر، ولا دخل له في خصبها الناتج عن فيضان النيل. فكيف ينسب خصب مصر للغيث والمطر ؟
- الزيتون في طور سيناء جاء في سورة المؤمنون 19 و20 "أَنْشَأْنَا لكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلآكِلِينَ ".
قال المفسرون: المراد بالشجرة هنا الزيتون وبالصبغ أي الآدام الذي به يصطبغ الخبز.
ونحن نسأل: لم تشتهر صحراء سيناء الجرداء بشجر الزيتون. ألم يكن الأجدر أن يذكر فلسطين بزيتونها، لا سيناء التي من قحطها أرسل الله لبني إسرائيل فيها المن من السماء ؟
- جريان الشمس جاء في سورة يس 38 "وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ ".
ونحن نسأل: الشمس ثابتة تدور حول نفسها ولا تنتقل من مكانها، والأرض هي التي تدور حولها. فكيف يقول القرآن إن الشمس تجري، وإن لها مستقراً تسير إليه ؟ ".
وجواب ذلك أن غالب نقدهم ناتج عن عدم فهمهم لمعاني اللغة العربية، ومقاصد الآيات الكريمة. كما أن الأصح أن يطلق على بعضها: نقدُ أخطاء المفسرين، ولذلك يجب أن يكون عنوانه: أخطاء جغرافية عند المفسرين. فلم يصرح القرآن الكريم بأي علم يخالف الحس والمشاهدة.. بحسب التفصيل التالي:
1. العين الحمئة:
أ. القرآن الكريم لم يقل إن الشمس تطلع من عين حمئة، بل نقل وَصْفَ ذي القرنين لمشهد شروق الشمس. ولهذا قال: " وَجَدَهَا " ولم يُثبت ذلك على أنه حقيقة كونية. فلا يجوز نسبة قول ذي القرنين وتعبيره البلاغي، إلى ما يرشد إليه القرآن الكريم من حقائق العقائد، والشواهد الكونية.
إذا كنت متجهاً غرباً وأمامك جبل، فإنك سوف تجد الشمس تغرب خلف الجبل.. قطعاً لا يفهم أحد من ذلك أن الشمس تختبئ حقيقة خلف الجبل. وإن كان الذي أمامك بحيرة، فستجد الشمس تغرب في البحيرة. وذو القرنين وصل الى العين وقت غروب الشمس، فوجدها تغرب في تلك العين.. وعندما نقول: وجدها تغرب خلف الجبل أو وجدها تغرب في العين فذلك الأمر بنسبة له. والآية ليست مطلقة المعنى، بل مقيدة بشخص ذي القرنين.
وحتى ما رآه ذو القرنين لم يكن غروباً حقيقياً في العين الحمئة، حيث ينفي سياق القصة ـ عقلاً ـ إيمانه أن الشمس تغرب في عين حمئة لسببين:
الأول: ذو القرنين كان يتحدث مع السكان الموجودين قرب تلك العين الحمئة، فلو كان يقصد أن الشمس تدخل في العين حقيقة، فهل سيتكلم مع قوم حول الشمس الساخنة، ويعيشون حياة طبيعية ؟
الثاني: لما وصل ذو القرنين إلى مطلع الشمس، يفترض به ـ بحسب تلك الشبهة ـ أن يجد الشمس تطلع من عين حمئة بدلاً من أن يجدها تطلع على قوم. فلماذا قال: إنها طلعت على قوم، ولم يقل أشرقت من عين حمئة ؟
ب. قال تعالى ـ بعد تلك الآية الكريمة: " حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا (90) ".
ذو القرنين وجدها تطلع على قوم.. هل يفهم أحد من ذلك أنها تطلع على ظهورهم ؟! أو أنها ملامسة للقوم؛ لأنه الله Y يقول: " وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ " ؟ الواضح أنها بنسبة لذي القرنين كانت تطلع على أولئك القوم ـ هذه الآية أيضاً مقيدة بما رأى ذو القرنين ـ، وما ينطبق على هذه الآية، ينطبق على التي قبلها.
ج. " مغرب الشمس " هل هو ظرف زمان، أم ظرف مكان ؟
من الجائز أن: " مَغْرِبَ الشَّمْسِ " هنا يقصد بها: الوقت واللحظة التي تغرب فيها الشمس، كالمغرب المذكور في الحديث الشريف: " إِنَّمَا أَجَلُكُمْ فِي أَجَلِ مَنْ خَلَا مِنْ الْأُمَمِ، مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ.. ".[2]
فيكون المعنى: ذو القرنين وصل إلى العين الحمئة، وقت الغروب. فوجد الشمس تغرب في تلك العين.. ثم وصل إلى قوم آخرين وقت شروقها..
انظر النص التالي في العهد القديم:" أما هما في عبر الأردن وراء طريق غروب الشمس في أرض الكنعانين " [سفر التثنية 11/30].

د. غروب الشمس لا يعني دخولها في الأرض ـ حتى في تعبيرنا الحالي ـ. وفي لغة العرب: غربت الشمس، وغربت القافلة، وغربت السفينة تأتي بمعنى واحد، وهو: اتجهت غرباً. فعندما نقول: غرب طير في البحيرة، وغربت الطائرة في المحيط، وغربت السفينة في البحر، وغربت الشمس في البحيرة.. يعني اتجهت غرباً ـ بالنسبة للشخص الذي ينظر إليها ـ. ولا يعني أنها دخلت في البحيرة.[3]
2. ثبات الأرض:
الآية الكريمة تبيِّن حفظ الأرض عن اضطراب باطنها، نتيجة دورانها حول نفسها، لا عن ثبات جرمها بالكامل.
" معنى تميد: تضطرب وتتزلزل، ولا يراد بالمَيَدَان مجرد حركة متزنة، والمصدر الثلاثي (فعلان) يأتي لإفادة هذا المعنى، مثل ميدان وغليان وثوران... وهكذا، والآية تذكر أن الله ثبت الأرض حتى يستطيع البشر أن يستقروا عليها في نومهم، ويزرعوا ويرعوا ماشيتهم، ولو كانت مضطربة ما استطاع الناس أن يطمئنوا عليها وأن يعملوا هذه الأعمال.
نحن ننام في الطائرة وفي القطار وفي السفينة، فإذا اضطرب واحد منها استيقظنا وشعرنا بالتعب، وقد نطلب من السائق أن يعمل شيئاً يسكنها لتثبت، ولا نعني بطلب تثبيته أنننت نريده أن يقف ولا يتحرك، بل أن ينقطع اضطرابه.. " وَكُلٌ فِيْ فَلَكٍ يَسْبَحُوْنَ " [يس: 40]، و" كُلٌ " كلمة تشمل الشمس وتوابعها من القمر والأرض والكواكب الأخرى، فالقرآن إذاً يقرر حركة كل هذه الكواكب ".[4]
3. وظائف النجوم:

أولاً: الآيات الكريمة تتحدث أن الحرارة الناتجة عن احتراق الجرم السماوي (الشهاب) ـ الذي لا يشترط أن يكون أصله نجماً ـ رجوم للشياطين. ولم تذكر أبداً أن أداة الرجم نجماً كاملاً. " والذي في الآية أن هناك أجساماً نارية تصيب الشياطين، ولم يذكر أن الشيطان يسقط عليه نجم أو أن الملائكة ترميه به، والعلم الحديث، ورواد الفضاء يتحدثون عن النيازك التي ترى في الفضاء الواسع مذنبات مضيئة، ومنها الناري الذي ينطفئ ويتفتت في سيره، وبعضها يصل إلى الأرض، وهي تشبه المقذوفات البركانية، والذين درسوا الجغرافية الفلكية يعرفون هذا، فهذه المقذوفات قطع تنفصل من الكواكب وتتحرك في الفضاء، خصوصاً إذا كان النجم أو الكوكب قريبا من الأرض، والله تعالى يصيب بها من يشاء ويحفظ بها من يشاء ".[5]
قال تعالى في سورة الحجر: " وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ(16)وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ(17)إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ(18) ". فالبروج بقيت في مكانها، والذي تحرك هو الشهاب.
وتأمل ما ورد في سورة الصافات: " إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ(6)وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ(7)لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ(8)دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ(9)إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ(10) ". فالذي (أتْبَعَ) الشيطانَ الماردَ ليس الكوكب [المذكور في الآية رقم (6) ]، بل الشهاب [المذكور في الآية رقم (10) ].
ثانياً: عالم الشياطين غيب، لا يجوز قياس الغيب بأدوات البحث العلمي المستخدمة للمحسوسات.
ثالثاً: للنجوم في القرآن الكريم فوائد أخرى كالزينة، وعلامات يستدل بها الناس على الاتجاهات (انظر: الأنعام: 97، الحجر: 16، النحل: 16، الصافات: 6).

رابعاً: لا يشترط أن تكون النجوم المذكورة في القرآن الكريم هي عينها ما اتفق عليه اصطلاح الناس حديثاً بأنها ذلك الجرم الكوني الضخم الغازي المضيء بذاته كالشمس.[6] بعكس سائر الأجرام المعتمة كالكواكب والأقمار..

فيجوز أن يكون المقصود بالنجم ـ لغة لا اصطلاحاً ـ: كل جسم صلب يسبح في الفضاء. جاء في العين: " النَّجمُ: اسم يقعُ على الثُّريا، وكلِّ منزلٍ من منازلِ القمر سمِّي نجماً. وكل كوكب من أعلام الكواكب يُسمى نجماً، والنُّجومُ تَجمَعُ الكواكب كلَّها ".[7]
وتلك الشبهة ليس حديثة، بل أثارها الزنادقة في العصر العباسي، ورد عليهم الجاحظ بقوله:([8])
" قالوا: زعمتم أنَّ اللّه تعالى قال: " وَلَقد زَيَّنا السَّمَاءَ الدُّنْيا بِمَصَابِيْحَ وَجَعَلْناهَا رُجُومَاً لِلْشّيَاطِيْن" [الملك: 5]، وقال تعالى: " وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيْمٍ" [الحجر: 17]، ونحنُ لم نجدْ قطُّ كوكباً خلا مكانهُ، فما ينبغي أنْ يكون واحدٌ من جميع هذا الخلق، من سكّان الصحارى، والبحار، ومن يَراعِي النُّجوم للاهتداء، أو يفَكِّر في خلق السماوات أن يكون يرى كوكباً واحداً زائلاً، مع قوله: "وَجَعَلْناهَا رُجُوماً للشَّياطينِ" ؟
قيل لهم: قد يحرِّك الإنسانُ يدَه أو حاجبَه أو إصبَعه، فتضاف تلك الحركةُ إلى كلِّه، فلا يشكُّون أنّ الكلَّ هو العاملُ لتلك الحركة، ومتى فصَل شهابٌ من كوكب، فأحرق وأضاء في جميع البلاد، فقد حكَم كلُّ إنسانٍ بإضافة ذلك الإحراق إلى الكوكب، وهذا جواب قريبٌ سهل، والحمد للّه.
ولم يقلْ أحد: إنّه يجبُ في قوله: "وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً للِشَّيَاطِيْنِ " أنّه يَعْني الجميع، فإذا كان قد صحّ أنّه إنَّما عَنى نُجُوم المجرّة، والنجومَ التي تظهر في ليالي الحنادس[9]؛ لأنّه محال أن تقعَ عينٌ على ذلك الكوكبِ بعينه في وقت زوَاله حتّى يكون اللّه عزّ وجلَّ لو أفنى ذلك الكوكَب من بين جميع الكواكب الملتفَّة، لعرف هذا المتأمِّلُ مكانه، ولوَجَدَ مَسَّ فقدِه، ومن ظَنَّ بجهله أنَّه يستطيع الإحاطة بعدد النُّجوم فإنه متى تأَمَّلها في الحَنادس، وتأمَّل المجرَّة وما حولها، لم يضرِب المثل في كثرة العدد إلاّ بها، دونَ الرّمل والتّراب وقطْر السَّحاب.
وقال بعضُهم: يدنو الشِّهاب قريباً، ونراه يجيء عَرْضاً لا مُنْقضاً ولو كان الكوكب هو الذي ينقضُّ لم يُر كالخيط الدّقيق، ولأضاء جميع الدُّنيا، ولأحرق كلَّ شيء مما على وجْه الأرض.. فليس لكم أن تقضوا بأنّ المباشر لبدَن الشيطان هو الكوْكب حتى لا يكون غير ذلك، وأنتم تسمعونَ اللّه تعالى يقول: " فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ " [الصافات: 10] ".
يقصد بذلك: أن الذي يصيب بدن الشيطان، هو أثر حرارة النار الناتجة عن احتكاك الجرم السماوي بالغلاف الجوي للأرض، ونراه على صورة ضياء، لا عَين الجرم الموجود في مركزه ( الأثَرُ للعَرَضُ لا الجَوْهَر).
وأضاف فائدة أخرى في الموضع ذاته: " وطعن بعضهم من جهة أخرى فقال: زعمتم أنّ اللّه تبارك وتعالى قال: " وَحِفْظًاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مَاردٍ، لا يَسَّمَّعُونَ إِلى الملأ الأعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، دُحُوْرَاً وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ " وقال على سَنَنِ الكلام: " إلاّ مَنْ خَطِفَ الخَطْفَةَ فأتْبَعَهُ شهَابٌ ثاقبٌ " [الصافات: 10] قال: فكيف تكون الخطفة من المكان الممنوع ؟
قيل له: ليس بممنوعٍ من الخطفة، إذ كان لا محالة مرمِيّاً بالشِّهاب، ومقْتُولاً، على أنّه لو كان سلِمَ بالخطْفة لما كان استفاد شيئاً ".

4. السماوات السبع: هذا من الغيب، ومن الممكن أن يكشف العلم حقيقته فيما بعد.. ولا يشترط أن تكون السماء كالسطح الأملس، فكل ما علا وارتفع يسمى سماء، ولذلك يقال لسقف البيت، والسحاب.. سماء.[10]
والآية الأولى جاءت في ختام سورة الطلاق، وهي تلفت الأنظار إلى قدرة الله تعالى البالغة: " اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا(12) ".
آية عجيبة رهيبة تبين ضآلة الإنسان في هذا الكون العظيم، ويقف غير واحد من الكتاب مذهولاً أمام التعبير، وأمام مدلوله، وأمام هذا الإعجاز القرآني.
ما هذه السماوات ؟ وما هذه الأرضين ؟ كلٌّ ينظر من زاوية خاصة، وكلٌّ يجد في الآية ما يبهره.
قد تكون السماء التي توصل علمنا إليها بكل ما فيها من كواكب ونجوم وأفلاك إحدى سماوات سبع، والكرة الأرضية التي نعيش عليها هي أيضاً كذلك ! إن علم الفلك الحديث يؤيد هذا، ويذكر أن المجموعة الشمسية التي يتعلق بها عالمنا هذا ليست إلا واحدة من مجموعات أخرى لا يعلمها إلا الله الذي خلقها.
فهذا إعجاز قرآني؛ إذ لم يكن محمد r يدرس علم الفلك ولا يعرف شيئاً عن هذه المستكشفات الحديثة.
وفي اللغة العربية يذكر العدد لإرادة التكثير، ويعبرون عنه بأنه عدد لا مفهوم له، وهذا كما تقول لصديقك: زرتك ألف مرة ولم تزرني. فأنت لا تريد ألفاً بعدده، وإنما تريد زرتك مرات كثيرة، فإذا حملنا العدد في الآية هذا المحمل، فالمعنى أن الله خلق سماوات كثيرة وأراضين كثيرة، وهذا حق وواضح.
" وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ " [سورة الأنبياء:32]..
والسماء هي كل شيء نراه فوقنا، وفهمهم أن السماء لا تكون إلا بمعنى الفضاء، وهو جهل فاضح، لقد كان العرب يقولون لمحمد r أسقط السماء علينا كسفاً؛ أي قطعاً، فهل كانوا يعنون الفضاء ؟

ونحن ننظر إلى الأعلى ليلاً ونهاراً فنرى الكواكب السابحة، لا نستطيع نحن ولا تستطيع الجن والإنس أن تغير من نظامها شيئاً، أو تعدل فيه أدنى تعديل ؟ كما أننا لا نستطيع حتى الوصول إليه، لقد كان من أعاجيب العلم أن وصل الناس إلى أرض القمر، والقمر تابع للأرض وكوكب ضئيل ! فأين الجهد البشري من هذه الكواكب البعيدة الجبارة ؟ وأين هي ؟ وما مدى العلم بها ؟[11]

5. النسيء: الآية الكريمة لم يقل أحد بأن المقصود بالنسيء فيها هو الأشهر الشمسية، بل المقصود: تلاعب بعض العرب في تحديد الأشهر الحرم، فإن كان لهم قوة وأرادوا غزو قبيلة ما في الأشهر الحرم، يقولون: نحن لسنا في شهر حرام. وإن أرادت قبيلة غزوهم وهم في ضعف قالوا: نحن في شهر حرام، رغم أن الشهر ليس كذلك. فجاء الإسلام وحدد الأشهر الحرم وأبقاها في مكانها.[12]
6. إغاثة مصر: لم تنص الآية الكريمة على أن الغيث (المطر) النازل على منطقة مصر بالتحديد، هو سبب غوث أهلها. كما أن المقصود بكلمة: " يُغَاثُ " الإعانة.[13] فإن وقع شخص في حفرة وقال: أغيثوني، لا يلقي عليه الناس الماء، بل يساعدونه. كما أنك لو فسرت الغيث بالمطر بحسب الآية الكريمة فهو صحيح؛ لأن سبب فيضان النيل نزول المطر (الغيث) عند منابع النيل، في هضبة البحيرات الأفريقية.
7. وجود شجر الزيتون في سيناء: لم تنص الآية الكريمة على كثرة وجود شجرة الزيتون في سيناء، بل لم تنص على أن الشجرة التي تنبت بالدهن هي شجرة الزيتون تحديداً.. بل ذلك من اجتهاد المفسرين.
نعم الزيتون في الشام أكثر[14]، ولكن ذلك لا ينفي وجود الزيتون السينائي المعروف علمياً باسم ‏(Oleasinaensis)‏. وضربُ المثال على خلقها في صحراء سيناء القاحلة ـ لا بلاد الشام الخصبة ـ أبلغ في بيان قدرة الله تعالى على الخلق والعناية. وذكر الدكتور زغلول النجار، أن الموطن الأصلي لشجرة الزيتون هو منطقة سيناء، ومنها انتشر إلى حوض البحر المتوسط وأنحاء العالم.

8. جريان الشمس: ما جاء في الآية الكريمة صحيح، فهي تدور حول نفسها. وهي ـ والمجموعة الشمسية ـ يدورون حول المجرة، والمجرة مع مجموعاتها تدور حول الكون، فكل في فلك يسبحون.[15]
تلك إجابة أشهر شبهاتهم حول الأخطاء الجغرافية في القرآن الكريم.
في المقابل: إن سألت الكتاب المقدس عن سبب ظاهرة (قوس قزح) فستجد الإجابة في سفر التكوين [9/13-16]: " وضعت قوسي في السحاب فتكون علامة ميثاق بيني وبين الأرض فيكون متى انشر سحاباً على الأرض وتظهر القوس في السحاب أني أذكر ميثاقي الذي بيني وبينكم وبين كل نفس حيه في كل جسد فلا تكون أيضا المياه طوفاناً لتهلك كل ذي جسد ".
وتفسير هذه العبارة: بعدما أغرق الله الأرض، ونجى سيدنا نوح u ومن معه من الطوفان، قال الرب: ـ على حسب تعبير الكتاب المقدس ـ سوف لا أغرق الأرض مرة أخرى، وسوف أضع قوس قزح في السماء كعلامة؛ لكي لا أنسى وأُغرِق الأرض مرة أخرى، فعندما أرى قوس قزح، أتذكر أني أغرقت الأرض، ولا داعي لأن أغرقها مره أخرى.
للمناقشة والتعقيب
[email protected]
عبد الرحيم الشريف





[1] يقول محمد أحمد خلف الله مؤيداً لهم في كتابه الفن القصصي في القرآن، ص 34: " بانَ للعقل الإسلامي أن مسألة غروب الشمس في عين حمئة، لا تستقيم وما يعرف من حقائق هذا الكون ".


[2] رواه البخاري في أحاديث الأنبياء باب ما ذكر عن بني إسرائيل 3459) عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ مرفوعاً. وذُكِر مثله في الحديث الطويل لتميم الداري t مع الجساسة الذي رواه مسلم في الفتن.. باب قصة الجساسة 2942) حيث وردت عبارة: " فَلِعِبَ بِهِمُ المَوْجُ شَهْرَاً فِيْ البَحْرِ، ثُمَّ أرْفِئوا إِلى جَزِيْرَةٍ فِيْ البَحْرِ، حَتَّى مَغْرِبَ الشَّمْسِ.. ". وورد في لسان العرب لابن منظور 1/638 غرب): " ولقيته مغرب الشمس ومغيربانها ومغيرباناتها أي: عند غروبها.. والمغرب في الأصل: موضع الغروب، ثم استعمل في المصدر والزمان ".

[3] ومن المهم هنا تأمل الكلام العلمي الموزرون ـ السابق لعصره ـ للفخر الرازي في تفسيره مفاتيح الغيب21/142: " ثبت بالدليل أن الأرض كرة وأن السماء محيطة بها، ولا شك أن الشمس في الفلك.. ومعلوم أن جلوس قوم في قرب الشمس غير موجود. وأيضاً الشمس أكبر من الأرض بمرات كثيرة، فكيف يعقل دخولها في عين من عيون الأرض ؟ إذا ثبت هذا فنقول: تأويل قوله: " تَغْرُبُ فِيْ عَيْنٍ حَمِئَةٍ " من وجوه.. أن ذا القرنين لما بلغ موضعها في المغرب ولم يبق بعده شيء من العمارات، وجد الشمس كأنها تغرب في عينٍ وهدةٍ مظلمةٍ ـ وإن لم تكن كذلك في الحقيقة ـ كما أن راكب البحر يرى الشمس كأنها تغيب في البحر إذا لم ير الشط، وهي في الحقيقة تغيب وراء البحر.. قال أهل الأخبار: إن الشمس تغيب في عين كثيرة الماء والحمأة، وهذا في غاية البعد، وذلك لأنا إذا رصدنا كسوفاً قمرياً فإذا اعتبرناه ورأينا أن المغربيين قالوا: "حصل هذا الكسوف في أول الليل"، ورأينا المشرقيين قالوا: "حصل في أول النهار"، فعلمنا أن أول الليل عند أهل المغرب هو أول النهار الثاني عند أهل المشرق، بل ذلك الوقت الذي هو أول الليل عندنا فهو وقت العصر في بلد، ووقت الظهر في بلد آخر، ووقت الضحوة في بلد ثالث، ووقت طلوع الشمس في بلد رابع، ونصف الليل في بلد خامس. وإذا كانت هذه الأحوال معلومة بعد الاستقراء والاعتبار، وعلمنا أن الشمس طالعة ظاهرة في كل هذه الأوقات كان الذي يقال: إنها تغيب في الطين والحمأة كلاماً على خلاف اليقين. وكلام الله تعالى مبرَّأ عن هذه التهمة ".

[4] رد مفتريات على الإسلام، عبد الجليل شلبي، ص130.

[5] رد مفتريات على الإسلام، عبد الجليل شلبي، ص 132.

[6] انظر: الموسوعة العربية العالمية، إعداد مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر، الرياض، 1996م، 25/125 نجم).

[7] العين، الخليل بن أحمد، 2/529 باب الجيم والنون والميم معهما).

[8] في كتابه: الحيوان ص169.

[9] قال ابن منظور في لسان العرب 6/58 حندس): " الحندس الظلمة.. وليلة حندسة وليل حندس: مظلم. والحنادس: ثلاث ليال من الشهر لظلمتهن ".

[10] انظر: لسان العرب، ابن منظور 14/398. وفيه: " كل ما علا وارتفع يُقال له: سما يسمو ".

[11] انظر: رد مفتريات على الإسلام، عبد الجليل شلبي، ص132-136.

[12] انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي 8/137.

[13] انظر: النهاية في غريب الأثر، ابن الأثير الجزري 3/392 غوث).

[14] أسماء البقع الجغرافية تتأثر يتغير الخرائط السياسية. فقد تكون منطقة ما تابعة لإقليم معين، في زمن. ثم تتبع غيره في زمن آخر. وعلى هذا فقد تكون منطقة سيناء تابعة لإقليم بلاد الشام الحالي. ويؤكد ذلك ما ورد في المزامير 68/17: " مركبات الله ربوات ألوف مكررة. الرب فيها. سينا في القدس ". وقد عدِّ العرب تبوك جزءاً من الشام. قال أبو عبيد الأندلسي في كتابه " معجم ما استعجم " 1/303: " تبوك بفتح التاء، وهي أقصى أثر رسول الله r، وهي من أدنى أرض الشام ". ومثله ابن حجر في فتح الباري 9/548: " ووصل إلى تبوك ـ وهي من أطراف الشام ـ لكن لم يفتحها ". وانظر: شرح النووي على صحيح مسلم1/224، وتحفة الأحوذي للمباركفوري7/24.

[15] قال سيد قطب في تفسير الظلال 5/2968: " والشمس تدور حول نفسها. وكان المظنون أنها ثابتة في موضعها الذي تدور فيه حول نفسها. ولكن عرف أخيراً أنها ليست مستقرة في مكانها. إنما هي تجري ـ تجري فعلا ـ تجري في اتجاه واحد في الفضاء الكوني الهائل بسرعة حسبها الفلكيون باثني عشر ميلا في الثانية ! والله ـ ربها الخبير بها وبجريانها وبمصيرها ـ يقول:إنها تجري لمستقر لها. هذا المستقر الذي ستنتهي إليه لا يعلمه إلا هو سبحانه. ولا يعلم موعده سواه.

وحين نتصور أن حجم هذه الشمس يبلغ نحو مليون ضعف لحجم أرضنا هذه. وأن هذه الكتلة الهائلة تتحرك وتجري في الفضاء, لا يسندها شيء, ندرك طرفاً من صفة القدرة التي تصرف هذا الوجود عن قوة وعن علم ".
  #1454  
قديم 14-12-2013, 08:22 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

التفسير العلمي للآيات القرآنية الكونية بين المؤيدين والمعارضي

بقلم الدكتور: كارم السيد غنيم

ـ حوى القرآن الكريم في سبق معجز العديد من الآيات والإشارات العلمية الكونية بأسلوب وحيد وفريد يدلل على أن خالق هذا الكون هو منزل هذا القرآن فللآن لم تتصادم حقيقة علمية مع حقيقة تفسيرية وقد حوى القرآن ( 458 ) عن الأرض، (3100) آية عن السماء، (27) لآية عن القمر. وذكر النبات في أكثر من (24) آية كما وردت آيات عن المطر والسحاب، والرعد، والبرق، والبرد، والجاذبية، والتربة، والجبال، والمعادن، والحيوان، والكائنات الحية الدقيقة، والجاذبية وهكذا.
ـ وورود هذه الآيات يدلل على العناية الإلهية بالنواميس الكونية، والبيئة الأرضية ومقومات الحياة عليها.
ـ ورغم وروود هذه الآيات البينات عن الكون ينكر البعض في عصر العلمي الكوني، التطرق لتفسير هذه الآيات والدعوة إلى الإعراض عن تفسيرها وكأنها لم ترد، وقد سبق هؤلاء بعض المفسرين المشهورين أمثال الإمام الشاطبي، ومحمد رشيد رضا، وأمين الخولي، وعائشة عبد الرحمن رحمهم الله.
فالإمام الشاطبي (صاحب كتابي الاعتصام والموافقات) يقول: إن السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن يليهم، كانوا أعرف الناس بالقرآن وبعلومه وما أودع فيه، ولم يبلغنا أنه تكلم أحدهم في شيء من هذا المدَّعى ( أي: التفسير العلمي ) سوى ما ثبت فيه من أحكام التكاليف وأحكام أخرى، وما يلي ذلك، ولو كان لهم في ذلك خوض ونظر لبلغنا منه ما يدلنا على أصل المسألة، إلا أن ذلك لم يكن، فدل على أنه غير موجود عندهم وذلك دليل أن القرآن لم يقصد به تقرير لشيء مما زعموا (أ. هـ.) كما أورد الدكتور كارم غنيم في كتابه الإشارات العلمية في القرآن الكريم ومن المؤيدين للتفسير العلمي، أبو حامد الغزالي ـ رحمه الله ـ حيث يذكر ـ رحمه الله ـ في كتابه ( جواهر القرآن ) أن علوم الطب والنجوم، وهيئة العالم وهيئة بدن الحيوان، وتشريح أعضائه، وعلم السحر، وعلم الطلسمات وغير ذلك يشير إليها القرآن بقوله تعالى:) وإذا مرضت فهو يشفين (. وقوله سبحانه: ) والشمس والقمر بحسبان (ونحوه ما يشير إلى علم الهيئة ( الفلك ).
ـ ويؤيد الفخر الرازي في تفسيره مفاتح الغيب التفسير العلمي للقرآن الكريم وللرازي كتاب (نهاية الإيجاز في دراسة الإعجاز ).
ولقد أفرد الأستاذ مصطفى صادق الرافعي للإعجاز العلمي صفحات في كتابه القيم إعجاز القرآن.
ومن المؤيدين كما أورد الدكتور كارم غنيم محمد فريد وجدي، ومحمد الطاهر بن عاشور حيث قال في تفسيره: ( التحرير والتنوير ) عن التفسير ( وقسم يحتاج إدراك وجه إعجازه إلى العلم بقواعد العلوم، فينبلج للناس شيئاً فشيئاً انبلاج أضوء الفجر على حسب مبالغ المفهوم وتطورات العلوم ).
ومن المؤيدين لأهمية التفسير العلمي وبيان الإعجاز العلمي في القرآن الكريم:
ـ سعيد النورسي، محمد متولي الشعراوي، محمد عبده، مصطفى محمود، سيد دسوقي، عبد الرزاق نوفل، عبد المجيد الزنداني، كام غنيم، نظمي أبو العطا، زغلول النجار، عبد الجواد الصاوي، صالح الكريم، قطب فرغلي، وجيه السعداوي، وغيرهم كثير.
أهمية التفسير العلمي للآيات الكونية:
ـ التفسير العلمي يبين أن القرآن لا تنقضي عجائبه ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تشبع منه العلماء.
ـ بيان إعجاز القرآن العلمي وأن خالق المخلوقات هو منزل القرآن.
ـ تفسير الآيات الكونية في القرآن الكريم تفسيراً علمياً صحيحاً بعيداً عن التفسيرات غير العلمية للنطفة والعلقة وإخراج الحي من الميت وتصنيف الكائنات وغير ذلك من آلاف الآيات الكونية والإشارات العلمية والإعجاز العلمي في القرآن الكريم.
ـ الدعوة إلى الله بأساليب عصرية يحويها الإعجاز العلمي للقرآن الكريم.
بعض الضوابط للتفسير والإعجاز العلميين في القرآن الكريم:
1ـ أن يلتزم المفسر بالإسلام عقيدة وشريعة وأن يكون عالماً بعقيدة أهل السنة والجماعة في توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية والأسماء والصفات.
2ـ التزام المفسر العلمي بأداء الصلاة والصيام وأن لا ينكر شيئاً معلوماً من الإسلام بالضرورة.
3ـ أن يكون المفسر على دراية تامة بالتفسير اللغوي للآيات التي يتصدى لتفسيرها.
4ـ أن تُفسّر الحقائق التفسيرية بالحقائق العلمية مع البعد عن النظريات.
5ـ أن لا يعارض تفسيره تفسير آية أخرى لأن القرآن ليس فيه اختلاف أو تعارض، والقرآن يفسر بعضه بعضاً.
6ـ أن يفسر كل في مجال تخصصه الدقيق فقط.
7ـ يحتاج الإعجاز العلمي إلى ضوابط علمية وشرعية دقيقة ويجب عدم الخوض فيه بدرجة التفسير العلمي.

  #1455  
قديم 14-12-2013, 08:25 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

ظاهرة الإنتحال في الشعر العربي


بقلم الأستاذ عبد الرحيم الشريف
ماجستير في علوم القرآن والتفسير

ظاهرة الانتحال في الشعر العربي
الانتحال هو ادعاء ما لا أصل له أو ادعاء ما للغير
تاج العروس (نحل).
قال الزمخشري في كتابه ربيع الأبرار ونصوص الأخبار: " لم يُر قط أعلم بالشعر والشعراء من خلف الأحمر. وكان يعمل الشعر على ألسنة الفحول من القدماء ولم يُمَيَّز من مقولهم".
وقال ابن المعتز في طبقات فحول الشعراء:
" أخبار خلف الأحمر
حدَّثني محمد بن عبد الأعلى قال: حدَّثني أبو كردين قال: خلف الأحمر يكني أبا محرز، وكان عالماً بالنحو والغريب والنسب وأيام الناس، شاعراً مطبوعاً ملفقاًكثير الشعر جيده. ولم يكن في نظرائه من أهل العلم والأدب أكثر شعراً منه.
ولما مرض مرضه الذي توفي فيه قال: ليست هذه الأبيات لمن ذكرتها له. وإنما هي لي، وأنا قائلها. وأنا أستغفر الله، وكان قد نسك وترك قول الشعر برهة.
وقال دعبل: قال لي خلف الأحمر، وقد تجارينا في شعر تأبط شراً وذكرنا قوله:
إن بالشعب الذي دون سلع لقتيلاً دمه ما يطلّ
أنا والله قلتها، ولم يقلها تأبط شراً.
وحدثني ابن ثمامة عن إبراهيم بن إسحاق قال: قال أبو الحسن المدائني: لما احتضر خلف الأحمر قيل له: قل: لا إله إلا الله. فسكت. فأعيد عليه فسكت. فأعيد عليه ثالثاً، ولم يستطع".
وقال ياقوت الحموي في معجم الأدباء
" قال أبو الطيب عبد الواحد اللغوي: كان خلف يضع الشعر وينسبه إلى العربفلا يعرف، ثم نسك".
وقال ابن خلكان في وفيات الأعيان:
" قال أبو زيد: حدثني خلف الأحمر، قال: أتيت الكوفة لأكتب عنهم الشعر، فبخلوا علي به، فكنت أعطيهم المنحول وآخذ الصحيح، ثم مرضت فقلت لهم: ويلكم! أنا تائب إلى الله تعالى، هذا الشعر لي، فلم يقبلوا مني، فبقي منسوباً إلى العرب لهذا السبب".

يعد ابن سلام أول من انتبه إلى خطورة قضية الانتحال في الشعر؛ حيث لاحظ أن بعض الشعر الجاهلي الذي يتناقله الرواة منحول، واستدل على ذلك بأنه:
1. لا توجد قرينة على انتماء بعض ما يتداوله الرواة مكتوبًا إلى العصر الجاهلي، فهو لم يأت مرويًا عن أهل البادية، ولم يعرض على علماء العربية الثقات.
2. شعر ضعيف "مصنوعٌ مُفْتَعَلٌ موضوعٌ كثير لا خيرَ فيه، ولا حُجَّةَ في عَرَبِيَّةٍ، ولا أدبٌ يُستفاد، ولا معنىً يُسْتخرج، ولا مَثَلٌ يُضْرَب، ولا مديحٌ رائعٌ، ولا هجاءٌ مُقْذِعٌ، ولا فخرٌ مُعْجِبٌ، ولا نسيبٌ مُسْتَطْرَفٌ.. ".
وقد انتقد ابن سلام محمد بن إسحاق صاحب السيرة النبوية فقال عنه: "كتب في السِّيَر أشعار الرجال الذين لم يقولوا شعرًا قط، وأشعار النساء فضلاً عن الرجال، ثم جاوز ذلك إلى عادٍ وثمودَ، فكتب لهم أشعارًا كثيرة، وليس بشعر، إنَّما هو كلامٌ مؤلَّفٌ معقودٌ بقَوَافٍ"، الأمر الذي جعل ابن سلام ينفى هذا الشعر، ويرفضه مستدلاً على ذلك بالعديد من الأدلة ومنها خير دليل وهو القرآن الكريم؛ حيث إن الله أهلك هذه الأمم التي ذكر ابن إسحاق أشعارها فذكر عنها في كتابه العزيز: ﴿وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الأُولَى* وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى﴾(النجم: 50- 51)، وذكر عن قوم عاد: ﴿ فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ﴾(الحاقة: 8)
فالمفضل الضبي ينقد حماد الراوية المتوفى سنة 198هـ، والأصمعي ينقد خلف الأحمر ويتهمه بالانتحال وقد توفي سنة 216هـ، (( رغم أن خلف الأحمر هو أستاذه )) وابن هشام في سيرته ينقد ابن إسحاق المتوفى سنة 218هـ، (( رغم أنه أستاذه )) وابن سلام يقوِّم روايات ابن إسحاق وحماد الراوية.
وابن إسحاق يقر بعدم علمه بالشعر.. وهذا الإقرار عده رواة الشعر فضيحة وقد روى أشعاراً عن عاد وثمود.
وأبو الفرج الأصفهاني رفض روايات ابن الكلبي عن دريد بن الصمة.
إن هذه الظواهر التي تؤكد حرص رواة الشعر على صحة ما ينسبونه للشعراء لم تؤد بهم إلى القول بانتحال معظم الشعر الجاهلي، ولا بالقول إلى أسبقية القرآن، وأن الشعر العربي أتى بعده، لأنه تقليد له في الألفاظ والأساليب، ولا إلى القول بأن الشعر تطور للقرآن كما يزعم المستشرقون.
هذه الظواهر القديمة في قضية الانتحال، دفعت بعض المستشرقين إلى الطعن في صحة الشعر الجاهلي وإلى الطعن في كثير من حقائق القرآن -
وأول من تناول موضوع الانتحال شيخ المستشرقين الألماني تيودور نولدكه سنة 1861 أي قبل طه حسين بـ 65خمسة وستين عاماً.
وقد استعان بنتائج البحث في اللغات السامية، وما كشفت عنه النقوش الحميرية والسبئية وفي اليمن الجنوبية عموماً، وبالمقارنة بما حدث في الآداب الأخرى، الأدب اليوناني وخاصة هوميروس، وفي الأدب الألماني ليسوق الأسباب الدقيقة التي تؤيد وتوسع من نطاق النتائج التي وصل إليها ابن سلام الجمحي بنظرة ثاقبة ولكنها غير مؤيدة بالأسانيد التاريخية.
وبعد ثماني سنوات جاء "ألفرت فلهلم" ليثير الشكوك سنة 1872 في مقدمة ديوان "الشعراء الستة الجاهليين".
وفي سنة 1904م كتب "كليمان هوار" مقالة مغرضة بعنوان "مصدر جديد للقرآن".
وفي عام 1905 أصدر "مرجليوث كتابه عن "محمد وظهور الإسلام، ثم كتب مقالته عن "محمد" في دائرة معارف "الدين والأخلاق".
وتوالت الجهود التي تدرس التشابه بين لغة القرآن ولغة الشعر الجاهلي وكتب مرجليوث مقالاً عن أصول الشعر العربي عام1911 كتب بحثاً في الموضوع نفسه سنة 1925.
قول أبي الصلت بن أبي ربيعة الثقفي:
تلك المكارم لا قعبان من لبن شيباً بماء فعاد بعد أبوالا.
ثم قاله بعينه النابغة الجعدي لما أتى موضعه، فبنو عامر ترويه للجعدى، والرواة مجمعون أنه لأبي الصلت.
انظر: العمدة في محاسن الشعر لابن رشيق وفيه أمثلة كثيرة عن الانتحال.
لهذا نطالب كل من ينسب شعراً إلى امرئ القيس أو زيد بن عمرو أو غيرهم إلى أن يتقوا الله في نقلهم وأن يحضروا سند الرواية ( كالسند المطلوب في الحديث النبوي ).
وإن كان للشعر الجاهلي قوة وجزالة تخالف الشعر المنحول الواضح النحل.
وللمزيد من الدراسات عن الشعر المنحول انظر:
- طبقات فحول الشعراء – محمد ابن سلام الجمحي- قرأه وشرحه: محمود محمد شاكر – سلسلة الذخائر – الهيئة العامة لقصور الثقافة – مصر.
- طبقات فحول الشعراء "عرض وتحليل ونقد": أ. د/نبيل خالد أبوعلي- الجامعة الإسلامية- غـزة.
- نظرية الانتحال في الشعر الجاهلي، عبدالحميد المسلموت، دار القلم، القاهرة.
وفي النهاية نقول لمن ينظر إلى أشعار الأقدمين بأنها مصدر آيات القرآن الكريم:
القرآن الكريم نزل في العصر الذهبي للشعر العربي، ومن غير المعقول أن يكون القرآن الكريم قد اقتبس أبياتاً من شعر العرب ولا يعرفها أحد من العرب.. ولم تُعرَف إلا من قِبَل المستشرقين الأعاجم !!!
كيف غاب ذلك الشعر عن الوليد بن المغيرة والنضر بن الحارث والنابغة وغيرهم من فحول شعراء العرب وحفظته.. ؟؟!!!
ألم يكونوا أحرص من المستشرقين وأتباعهم على إثبات بشرية مصدر القرآن الكريم ؟ فلماذا سكتوا ولم يقولوا بذلك ؟
وانظر هذه الدراسة لشعر منسوب إلى امرئ القيس ومثلها كثير.. تستطيع قياس أي شعر نُسِب القرآن الكريم إليه بمثلها..
الرد على شبهة أن القرآن الكريم اقتبس من شعر امرئ القيس الجاهلي[1]
متابعة لدفع الشبهات المثارة حول القرآن الكريم،نقف اليوم مع شبهة تمسك بها بعض الجهلة من النصارى وغيرهم،وحاصلها الادعاء بأن القرآن الكريم قد اقتبس من شعر امرىء القيس عدة فقرات منه،وضمنها في آياته وسوره،ولم يحصل هذا الأمر في آية أو آيتين،بل هي عدة آيات كما يزعمون.
وإذا كان الأمر كذلك،لم يكن لما يدندن حوله المسلمون من بلاغة القرآن وإعجازه مكان أو حقيقة،بل القرآن في ذلك معتمد على بلاغة من سبقه من فحول الشعراء وأساطين اللغة.
وقد استدل هؤلاء بما أورده المناوي في كتابه فيض القدير شرح الجامع الصغير [2 / 187حيث قال ما نصه:" وقد تكلم امرؤ القيس بالقرآن قبل أن ينزل،فقال:
يتمنى المرء في الصيف الشتاء حتى إذا جاء الشتاء أنكره
فهو لا يرضى بحال واحد قتل الإنسان ما أكفره
وقال:
اقتربت الساعة وانشق القمر من غزال صاد قلبي ونفر
وقال:
إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها
تقوم الأنام على رسلها ليوم الحساب ترى حالها
يحاسبها ملك عادل فإما عليها وإما لها " ا.هـ
وقد أورد بعضهم شيئا من الأبيات السابقة بألفاظ مختلفة،فقال بعضهم إن امرأ القيس قال:
دنت الساعة وانشق القمر غزال صاد قلبي ونفر
مر يوم العيد بي في زينة فرماني فتعاطى فعقر
بسهام من لحاظ فاتك فر عني كهشيم المحتظر
وزاد بعضهم فقال:
وإذا ما غاب عني ساعة كانت الساعة أدهى وأمر

وهذه الشبهة منقوضة بأكثر من عشرين وجها،وبيان ذلك فيما يلي:
الوجه الأول:أن هذه الأبيات ليس لها وجود في كتب اللغة والأدب،وقد بحثنا في عشرات من كتب البلاغة والأدب واللغة والشعر المتقدمة،ولم يذكر أحد شيئا من الأبيات السابقة أو جزءًا منها.
الوجه الثاني:أنه لا توجد هذه الأبيات في ديوان امرىء القيس،على اختلاف طبعاته،ونسخه ورواياته،ولو كانت إحدى الأبيات السابقة صحيحة النسبة إليه أو حتى كاذبة لذكرت في إحدى دواوينه.
الوجه الثالث:أن أي متخصص وباحث في الأدب العربي،وشعر امرئ القيس على وجه الخصوص يعلم أن شعر امرئ القيس قد وجد عناية خاصة،وتضافرت جهود القدماء والمحدثين على جمعه وروايته ونشره،وهناك العديد من النسخ المشهورة لديوانه كنسخة "الأعلم الشنتمري"،ونسخة "الطوسي"،ونسخة "السكري"،ونسخة "البطليوسي"،ونسخة "ابن النحاس" وغيرها،ولا يوجد أي ذكر لهذه الأبيات في هذه النسخ،لا من قريب ولا من بعيد،فهل كان هؤلاء أعلم بشعر امرئ القيس ممن عنوا بجمعه وتمحصيه ونقده.
الوجه الرابع:أنه حتى الدراسات المعاصرة التي عنيت بشعر امرئ القيس وديوانه،وما نسب إليه من ذلك،لم يذكر أحد منهم شيئاً من هذه الأبيات لا على أنها من قوله،ولا على أنها مما نحل عليه – أي نسب إليه وليس هو من قوله –،ومنها دراسة للأستاذ "محمد أبو الفضل إبراهيم" في أكثر من 500 صفحة حول شعر امرئ القيس،وقد ذكر فيه ما صحت نسبته إليه وما لم يصح،وما نحل عليه ومن نحله،ولم يذكر مع ذلك بيتاً واحداً من هذه الأبيات السابقة.
الوجه الخامس:أن امرأ القيس وغيره من الشعراء قد نحلت عليهم العديد من القصائد فضلا عن الأبيات،بل نحل على بعضهم قصص كاملة لا زمام لها ولا خطام،وقضية نحل الشعر ونسبته لقدماء الشعراء أمر معروف لا يستطيع أحد إنكاره،وقد عرف عن "حماد الراوية" و "خلف الأحمر" أنهم كانوا يكتبون الشعر ثم ينسبوه إلى من سبقهم من كبار الشعراء،وقد ذكر ابن عبد ربه – وهو من المتقدمين توفي سنة 328 هـ - في كتابه " العقد الفريد " في باب عقده لرواة الشعر،قال:" وكان خَلف الأحمر أَروى الناس للشِّعر وأعلَمهم بجيّده.... وكان خَلفٌ مع روايته وحِفظه يقول الشعر فيُحسن،وينَحله الشعراء،ويقال إن الشعر المَنسوب إلى ابن أخت تأبّط شَرّاً وهو:
إنَّ بالشِّعب الذي دون سَلْع لقتيلاً دَمُه ما يُطَلُّ
لخلَف الأحمر،وإنه نَحله إياه،وكذلك كان يفعل حمّاد الرواية،يَخلط الشعر القديم بأبيات له،قال حماد:ما مِن شاعر إلا قد زِدْتُ في شعره أبياتاًفجازت عليه إلا الأعشى،أعشى بكر،فإني لم أزد في شعره قطُّ غيرَ بيت فأفسدتُ عليه الشعر،قيل له:وما البيتُ الذي أدخلته في شعر الأعشى؟فقال:
وأنكرتْني وما كان الذي نَكِرتْ من الحوادث إلا الشَّيبَ والصلعَا " ا.هـ [العقد الفريد 821]
وقال الصفدي - المتوفى سنة 764 هـ - في كتابه "الوافي بالوفيات" في ترجمة "خلف الأحمر": " خلف الأحمر الشاعر صاحب البراعة في الآداب،يكنى أبا محرز،مولى بلال بن أبي بردة،حمل عنه ديوانه أبو نواس،وتوفي في حدود الثمانين ومائة.وكان راوية ثقة علاّمة،يسلك الأصمعيّ طريقه ويحذو حذوه حتى قيل:هو معلِّم الأصمعي،وهو والأصمعيّ فتَّقا المعاني،وأوضحا المذاهب،وبيَّنا المعالم،ولم يكن فيه ما يعاب به إلا أنه كان يعمل القصيدة يسلك فيها ألفاظ العرب القدماء،وينحلها أعيان الشعراء،كأبي داود،والإيادي،وتأبَّط شراً،والشنفري وغيرهم فلا يفرَّق بين ألفاظه وألفاظهم،ويرويها جلَّة العلماء لذلك الشاعر الذي نحله إيّاها،فمّما نحله تأبَّط شرّاً وهي في الحماسة من الرمل:
إنّ بالشِّعب الذي دون سلعٍ لقتيلاً دمه لا يطلُّ
ومما نحله الشّنفري القصيدة المعروفة بلامية العرب وهي من الطويل:
أقيموا بني أمي صدور مطيِّكم فإني إلى قومٍ سواكم لأميل
..... قال خلف الأحمر:أنا وضعت على النابغة القصيدة التي منها:من البسيط
خيل صيامٌ وخيلٌ غير صائمةٍ تحت العجاج وأخرى تعلك اللُّجما
وقال أبو الطيب اللّغويّ:كان خلف الأحمر يصنع الشعر وينسبه إلى العرب،فلا يعرف.ثم نسك،وكان يختم القرآن كلّ يوم وليلة.". اهـ
ومثل ذلك ذكره ياقوت الحموي - المتوفى سنة 626 هـ - في كتابه " معجم الأدباء " (4 / 179)في ترجمة خلف الأحمر.
ونقل أبو الحسن الجرجاني – المتوفى سنة 392 هـ - في كتابه " الوساطة بين المتنبي وخصومه " ص24 - وهو يناقش من يعترض عليه بأن شعر المتقدمين كان فيه من متانة الكلام،وجزالة المنطق وفخامة الشعر،ما يصعب معه أن ينسج على منواله،ولو حاول أحد أن يقول قصيدة أو يقرضَ بيتاً يُقارب شعر امرئ القيس وزهير،في فخامته،وقوة أسْره،وصلابة معجَمه لوجده أبعد من العيّوق مُتناولاً،وأصعبَ من الكبريت الأحمر مطلباً؟
فرد على المعترض قائلا:" أحلتك على ما قالت العلماء في حمّاد وخلَف وابن دأْب وأضرابِهم،ممن نحلَ القدماءَ شعره فاندمج في أثناء شعرهم،وغلب في أضعافه،وصعُب على أهل العناية إفرادُه،وتعسّر،مع شدة الصعوبة حتى تكلّف فلْي الدواوين،واستقراءُ القصائد فنُفِي منها ما لعلّه أمتن وأفخم،وأجمع لوجوه الجوْدة وأسباب الاختيار مما أثبت وقُبِل."
[ راجع الأعلام 2 / 358. معجم البلدان 11 / 64. أنباء الرواة 1 / 348. الفهرست ص / 50. طبقات الشعراء ص /147]
وإنما أوردنا كل هذه النقولات لنثبت أن وقوع النحل في شعر العرب أمر وارد وحاصل، وقد أوردنا لك كلام المتقدمين،الذين عرفوا كلام العرب وأشعارهم،وسبقوا المحدثين والمستشرقين،أما المعاصرون،فقد قال الأستاذ محمد أبو الفضل في مقدمة دراسته عن امرىء القيس وشعره:" استفاضت أخباره على ألسنة الرواة،وزخرت بها كتب الأدب والتراجم والتاريخ،ونسجت حول سيرته القصص،وصيغت الأساطير،واختلط فيها الصحيح بالزائف،وامتزج الحق بالباطل،وتناول المؤرخون والأدباء بالبحث والنقد والتحليل،وخاصة في العصر الحديث... وفي جميع أطوار حياته منذ حداثته وطراءة سنه،إ
  #1456  
قديم 14-12-2013, 08:27 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

الماء المقدس

دكتور/ دسوقي احمد محمد عبد الحليم
خريج معهد الميكروبيولوجيا جامعة همبولد برلين ألمانيا
بغض النظر عن الممارسات والطقوس الكهنوتية المصاحبة للماء، فإننا نجد وبجلاء وعلي مر الزمن ومهما اختلفت الأماكن، أن الماء شغل حيزاً كبيرا من العقل الروحي والديني لكثير من معتقدات البشر وأديانهم. وأي باحث في مقارنة الأديان سيدرك عند تتبعه للنصوص الدينية الموقع المتميز الذي احتله الماء بها، فلا تكاد تخلو عقيدة دينية إلا وكانت تقدس هذا الماء، بطريقة معينة سواء فكراً أو طقساً. وهذا يرجح ما للماء من أهمية كونية، وماله من ارتباط وثيق بحياة البشر سواء أكانوا أفراداً، قبائل أو حتى شعوب وأمم. وعلماء التاريخ والجغرافيا البشرية عادة ما يربطون بين نشأة الحضارات والماء، فالحضارة المصرية ارتبطت بنهر النيل وحضارة سبأ ارتبطت بالمياه الموسمية وسد مأرب، وحضارة العرب ارتبطت ببئر زمزم وتفجر الماء العذب منه.
فالماء وبحق موغل في تاريخ الحضارات القديمة، ومنها الحضارة السوميرية والحضارة الرافدينية. فقد انتهى فكر السومريين إلى أن الماء هو أصل الوجودوالحياة، فعندهم: "ومنالماء خرجتالحياة وعمرت الأرض والسماء" أما الحضارة الرافدينية القديمة فترى أن الآلهة انانا قد استعادت الحياة بتناولها طعام الحياة وماء الحياة، بعد أن أوشكت على الموت. وقطرات الماء الساقطة من السماء إلى الأرض على شكل مطر، والذي يسبب إنماء وإرواء الأرض- هذه العملية كان لها مغزى كبير وعميق في التفكير الإنساني. فهذه القطرات تمثل في الأساطير الدينية القديمة كالمني الذي يطلقها الذكر (المتمثل في السماء الواهبة) لتخصيب الأنثى (المتمثلة في الأرض المستلمة). فهذه عملية حياتية في عمق فلسفة الأديان، ولها دور كبير جدا في فكر الإنسان وتأملاته.
والماء ينظر إليه من منطلق القداسة والتبجيل في جميع الأديان السماوية القديم منها والحديث. فهو في مرتبة عالية في الممارسات والفكر الديني الإسلامي ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ (الأنبياء 30)، ولا يخلو أي مسجد من مصدر للمياه النظيفة السائلة يستخدمه المسلمون للوضوء قبل الصلاة خمس مرات في اليوم. وفي الديانة المسيحية نجد في الماء عنصراً مهما في إقامتها لمراسيم التعميد ولا يستعاض عنه، فيدخل الماء في عملية التعميد الكنسي وصلوات القربان المقدس عند المسيحيين كرمز للتطهير من الذنوب. أما عند اليهود فالماء مقدس تقديساً كبيراً و يظهر هذا واضحاً في طقوسهم الدينية، وفي فكرها أيضا (روح الله يرف على وجه المياه) التوراةالتكوين. ومن فرائض اليهودية أيضا استخدام الماء في طقوس التنظيف وتبرئة الذات من الذنوب وفي التعميد أحيانا.
وكانت للديانات القديمة قدسية خاصة للمياه لهذا فقد اعتبر الإغريق القدماء أن بعض الأنهار والبحار مقدسة ومنحوا المياه آلهة مسئولة عن الخير والخصوبة والكوارث. وفي الديانات المصرية والسومرية والبابلية والكلدية والآشورية كانت لهم ممارسات وطقوس تقام بمصاحبة المياه الجارية النقية، والتي تمتلك صفة الحياة، فمثلا في مصر كان التلميذ المرشح للكهانة إذا نجح في الامتحان القاسي الذي يجرى له، يخلع ملابسه ويستحم (يتطهر) في الماء ويطيبونه بالعطور ثم يرتدي زي رجال الدين، وكان الفرعون يقوم بمراسم تبخير المعبود وتطهيره بسكب المياه المقدسة عليه.
وفي كتابه "مغامرة العقل الأولى" يقول الباحث فراس السواح أن فكرة الميلاد المائي للحياة تتكرر في كل الحضارات السابقة والأديان السماوية. والأمر الغريب حقاً أن "فراس السواح" في كتابه السابق الإشارة إليه وفي أحد مقالاته على الشبكة الدولية للمعلومات "إنترنت" [1]في معرض حديثة عن عرش الرحمن "عز وجل" وأنه كان علي الماء يقول أن أزلية الماء وان منه كل شيء حي إنما هي أسطورة لا أساس لها انتقلت من الأساطير القديمة للأديان السماوية ويقول ما نصه: "أن الإسلام نقل أصل ومضمون الأسطورة المصرية الموغلة في القدم من أن الإله كان يحمل على المياه (استوي عليها), ليس على سفينة وإنما على عرش عظيم يليق بجلالهالملوكي".ويقول أيضاُ ظاناً في نفسه القدرة علي استخلاص النتائج المنطقية من معطيات واهية: "وهكذا رأينا بالتحليل والدراسة كيف انتقلت الأساطير القديمة للأديان الشرقية, كما القينا الضوء على احتواء الآية (كان عرشه على الماء)على أسطورتين من أقدمالأساطير الشرقية, أسطورة المياه البدئية الموجودة قبل خلق السموات والأرض، وأسطورة العرش الالهى العظيم السابح على هذه المياه بما تحتويه هذه الصورة من تجسيدللإله وتحديد له على غرار آلهة الشعوب والحضارات القديمة".
وهنا نقول أن هذا الكلام خال تماماً من التحليل المنطقي للمعطيات ويفتقر بالجملة للفهم السليم، وأن تقرير أصل الحياة من الماء كما ذكر في القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والأمم السابقة على الكتب السماوية الثلاثة إنما يرجع إلي:
أولا: أن مصدر المعلومة واحد وهو الله الواحد "عز وجل" علمها الله لأدم ثم علمها لأبنائه من الأنبياء والمرسلين من بعده والذين قاموا بدورهم بتبليغها لأقوامهم الذين بعثوا فيهم وتناقلتها الأجيال عنهم جيل بعد جيل وقد قال الله تعالي في محكم التنزيل في الآية الثامنة والتسعين من صورة غافر: ﴿ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله فإذا جاء أمر الله قضي بالحق وخسر هنالك المبطلون﴾، بمعني أنه وإن كان مصدر معلومة أصل الخلق من ماء غير معروف للباحث فهذا لا ينفي أبداً كون مصدرها الله عز وجل فقد أرسل الله رسلا بلغوا عنه نعرف بعضهم ولا نعرف الأكثرية منهم.
ثانياً:البشر وعلى مر الزمان ينسون ويتناسون الأنبياء والصالحين ولكنهم قد لا ينسوا المعلومة التي بلغهم بها هؤلاء الأنبياء وما عبد قوم نوح الصالحين الخمسة إلا نسيانا وإغوائاً من الشيطان الرجيم عليه لعائن الله وإن شئت أقرأ الآية الثالثة والعشرون من سورة نوح والتي يقول فيها الله عز وجل مخبرا عن إصرار قوم نوح علي الكفر: ﴿وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا. ونقل الثعلبي في تفسير هذه الآية عن ابن عباس قوله: إن هذه الأصنام أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا في مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم تذكروهم بها، ففعلوا, فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسخ العلم ونسي الناس السبب الذي من أجله نصبت وعبدت من دون الله.
ثالثاً:الإسلام جاء مؤكداً للحقائق التي جاءت بها الشرائع السابقة ومؤمناُ بها ولم يقل الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ولا ورد في القران الكريم المنزل عليه ما ينفي وجود الأديان الأخرى أو يسفه الحقائق الربانية فيها والتي لم يلحقها التحريف أو التشويه ولك أن تقرأ قول الله تعالى في صورة البقرة الآية 285 حيث يقول عز من قائل: ﴿آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير﴾.وقولة عز وجل في صورة العنكبوت الآية 46: ﴿.....وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون﴾ "صدق الله العظيم ومن أصدق من الله قيلا".
مراجع
ühttp://www.religionfacts.com
üفراس السواح، مغامرة العقل الأولى (دمشق، اتحاد الكتاب العرب، 1976)
  #1457  
قديم 14-12-2013, 08:31 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

شبهة سبق الغرب للمسلمين في وضع مناهج البحث العلمي


بقلم الأستاذ عبد الرحيم الشريف
ماجستير في علوم القرآن والتفسير
هل كل الفضل للغرب في كل الاختراعات، وهل العرب عالة على الغرب في الاختراع ومنهجية البحث العلمي ؟
هذه دراسة من مقدمة رسالة الماجستير للدكتور أحمد إدريس الطعان تبحث في ذلك:
التجربة في الأمور الخاضعة للتجربة فطرة أصلية في النفس الإنسانية ، فالإنسان يلجأ إليها بشكل تلقائي إذا أمكنه ذلك ليتأكد من صحة أحكامه ، أو ليختبر بعض القضايا ، وربما يفعل ذلك دون الاعتماد على قـواعد معينة لذلك ، ولذلك يقـول كلود برنارد: " إنني أعتقد أن كبار المجربين قد ظهروا قبل أن توجد القواعد العـامة لفن التجريب ، ومن ثم يبدو لي أنه لا يحق لأحد أن يقول في حديثه عن بيكون إنه اخترع المنهج التجريبي ، ذلك المنهج الذي استخدمه جاليلو وتورشيلي على نحو جدير بالإعجاب عجز عنه بيكون " (1).
ويرى الدكتور محمود قاسم أن الباحث قد يهتدي إلى قواعد التجريب أثناء بحوثه ومحاولاته الكشف والبحث ، فربما صنف هذه القواعد ليستفيد منها غيره ، وربما يترك مهمة تصنيفها لغيره (2).
ومن هنا يبدو لنا خطأ الفكرة المنتشرة على أنها حقيقة لا مراء فيها ، وتتردد كثيراً على الألسنة والأقلام وهي أن المنهج التجريبي ولد ونضج في الغرب على يد البيكونين " روجر وفرنسيس " وجون استيوارت مل (3).
والحقيقة أن هنالك علماء وباحثين غربييين منصفين أكدوا أن العرب والمسلمين قدموا للإنسانية حضارة باسقة في كافة المجالات التجريبية والنظرية ، وأنهم كانوا سباقين إلى ميادين التجربة والملاحظة اللتين تسلح الغرب بهما فيما بعد ونهض نهضته المشهودة .
وقبل أن نسرد بعض الأقوال والشهادات المنصفة لعلماء غربيين لا بد أن نعترف بأن المسلمين اليوم وفي العصور المتأخرة لم يتابعوا نهج أسلافهم في استخدام المنهج التجريبي ، وأنهم قصّروا في تطبيقه تقصيراً مخجلاً ، في الوقت الذي استفاد الغرب من هذا الميراث الإسلامي ، وانطلق يطبقه في كافة المجالات والصعد ، وبقي المسلمون متخلفين عن ركب الحضارة .
تقول زيغريد هونكه : " إن الإغريق تقيدوا دائماً بسيطرة الآراء النظرية ، ولم يبدأ البحث العلمي القائم على الملاحظة والتجربة إلا عند العرب" (4). وتقول : " لم يكن مستوى روجر بيكون العلمي في الكيمياء أرفع من معاصريه ألا أنه رأى في التجربة التي أخذها عن العرب السبيل الحقيقي للوصول إلى نتائج حاسمة في العلوم الطبيعية وخاصة في الكيمياء ، وهكذا كان روجر علماً متوهجـاً سطع في سماء القرون الوسطى المظلمة وفي حناياه روح الشاعر الأندلسي ابن الخطيب الذي قال : مبـدئيـاً يجب أن يكـون كـل برهـان متـوارث قـابلاً للتعـديل إذا مـا اتضـح لحواسنا عكسه" (5).
ويضطر أيضاً فون كريمر للاعتراف بدور العرب في حقل المعرفـة التجريبية ، وإن كان هذا الإنصاف منه مقدمة لما يريد أن يصل إليه من إقناعٍ للقارئ بتفوق الجنس الآراي واليوناني على غيره يقول : " إن أعظم نشاط فكري قام به العرب يبدو لنا جلياً في حقل المعرفة التجريبية ضمن دائرة ملاحظاتهم واختباراتهم ، فإنهم كانوا يُبدون نشاطاً واجتهاداً عجيبين حين يُلاحظون ويمحصون ، وحين يَجمعون ويُرتبون ما تعلموه من التجربة ، أو أخذوه من الرواية والتقليد ، ولذلك فإن أسلوبهم في البحث أكبر ما يكون تأثيراً عندما يكون الأمر في نطاق الرواية والوصف" (6).
ثم إن الرجل يعود ليتبزّ المسلمين حقهم في حقل المعرفة النظرية ، وينسب كل ما عندهم لليونان ، ولعل هذه غايته التي يريد أن يصل إليها ، وأراد بمقدماته تلك أن يكسب ثقة القارئ ، عندما يخيل إليه أنه منصفٌ لا يهمه إلا الوصول إلى الحقيقة العلمية ، وهذا شأن المستشرقين جلهم يدسون السم في العسل .
ويؤكد الدكتور فرانتز روزنتال أن المسلمين كانوا ينظرون إلى التجربة والملاحظة على أنها ذات قيمة فريدة في البحث العلمي ، وأننا نجد أمثلة هائلة لذلك في الحضارة الإسلامية في حقول المعرفة المتنوعة ، وينقل هذه العبارة عن ابن أبي أصيبعة عن الرازي (7): " متى كان اقتصـار الطبيب على التجـارب دون القيـاس وقـراءة الكتب خُـذل" (8)مما يدل على أن التجربة كانت عند الأطباء منتشرة بشكل كبير ، وأنه كان يحمد للطبيب أن يضم إلى تجاربه العلمية القراءة النظرية والقياس العقلي .
ونضرب الآن بعض الأمثلة من الفكر الإسلامي نستدل بها على اعتماد المسلمين بشكل كبير على التجربة والملاحظة :
فبشأن الحسن ابن الهيثـم (9)تقول زيغريد هونكه : لقد علّم إقليدس وبطليموس بأن العين المجردة ترسل أشعةً إلى الأشياء التي تريد رؤيتها فجاء ابن الهيثم وأعلن أن هذا الادعاء خاطئ لأنه ليس هناك أشعةً تنطلق من العين ليتحقق النظر بل إن شكل الأشياء المرئية هي التي تعكس الأشعة على العين فتبصرها هذه بواسطة عدستها.
كما يرى الأستاذ مصطفى نظيف إلى أن ابن الهيثم أخذ بالاستقراء قبل بيكون ، ويعتبره من أبرز علماء الطبيعة . ويذهب إلى أن أثر ابن الهيثم في علم الضوء لا يقل عن أثر نيوتن في علم الميكانيكا (10). ونستطيع أن نتبين قواعد المنهج عند ابن الهيثم وأصوله من خلال هذا النص الذي ينقله مصطفى نظيف عن ابن الهيثم يقول : " ونبتدئ في البحث باستقراء الموجـودات ، وتصفح أحوال المُبْصَرات ، وتمييز خواص الجزئيات ، ونلتقط باستقراء ما يخص البصر في حال الإبصار ، وما هو مطرد لا يتغير ، وظاهر لا يشتبه من كيفية الإحساس ، ثم نرتقي في البحث والمقاييس على التدرج والتدريب مع انتقاء المقدمات ، والتحفظ من الغلط في النتائج ، ونجعل غرضنا في جميع ما نستقريه ونتصفحه استعمال العدل ، لا اتباع الهوى ، ونتحرى في سائر ما نجيزه وننتقده طلب الحق لا الميل مع الآراء " .
ويعلق الأستـاذ مصطفى نظيف على هذا المنهج بقوله : " في هذا القول الموجز جمع ابن الهيثم بين الاستقراء والقياس ، وقدم فيه الاستقراء على القياس ، وحدد فيه الشرط الأساسي في البحوث العلمية الصحيحة وهو أن يكون الغرض طلب الحقيقة " (11).
ويضيف الأستاذ مصطفى نظيف : " بل إن ابن الهيثم قد عمق تفكيره إلى ما هو أبعد غوراً مما يظن أول وهلة فأدرك ما قال به من بعده " ماك " و " كارل بيرسون " وغيرهما من فلاسفة العلم المحدثين في القرن العشرين " (12).
ومن مميزات ابن الهيثم أيضاً : أنه كان يشرح الجهاز ، ويبين وظيفة أجزائه المختلفة ، ويستعمل أجهزة مبتكرة لشرح الانعكاس والانعطاف ، وتدل تجاربه وحساباته أنه استطاع أن يجمع بين مقدرته الرياضية ، وكفايته العلمية الممتازة ، يدل على ذلك صنعه للأجهزة ، واستعمالها في أغراضٍ مختلفة (13).
كما يعتني ابن الهيثم إلى جانب عنايته بالتجربة والاستقراء ، بالقياس كما في كتابه " المناظر " ، فهو ينتقل من التجربة إلى القياس ، ويستنبط من ذلك قضايا مهمة ، ويشرح ظواهر خطيرة في الضوء (14). كما أدرك ابن الهيثم قيمة التمثيل في البحوث العلمية فاستعان به في بعض المواضع (14).
هذا فيما يتعلق بابن الهيثم ، ونجد في علم الميكانيكا أو علم الحيل أشهر من كتب في ذلك من علماء المسلمين محمد وأحمد وحسين أبناء موسى بن شاكر ، إذ لهم كتاب يحتوي على مائة تركيب ميكانيكي (16).
ولعلمـاء المسلمين كتب في عـلم مراكز الأثقال ، وهو علم يتعرف منه كيفية استخراج ثقل الجسم المحمول . ولهم فضل كبير في علم السوائل وما يتصل به من ظواهر تتعلق بضغط السوائل وتوازنها (17).
وللخازن كتاب " ميزان الحكمة " كتبه سنة 1137 م وفيه وصف دقيق مفصل للموازين التي كان يستخدمها علماء المسلمين في تجاربهم ، وفيه أيضاً وصف لميزان استخدم في وزن الأجسام بالهواء والماء . ويتضمن هذا الكتاب أيضاً بحثاً في الضغط الجوي ، وكان بذلك أسبق من تورشيلي ، ويحتوي كذلك على المبدأ القائل بأن الهواء كالماء يحدث ضغطاً من أسفل إلى أعلى على أي جسم مغمور فيه ، ومن هذا استُنتج أن وزن الجسم في الهواء ينقص عن وزنه الحقيقي ، واستفاد الأوربيون بعده من اكتشافاته ، وبنوا عليها بعض الاختراعات كالبارو متر ومفرغات الهواء " (18). كما تضمن هذا الكتاب بحثاً في الجاذبية مبيناً أن هناك علاقة بين سرعة الجسم والبعد الذي يقطعه والزمن الذي يستغرقه ، وقال الخازن في كتابه هذا بأن قوى التثاقل تتجه دائماً إلى مركز الأرض (19).
وتابع الخازن علماء آخرون مثل ثابت بن قرة ، وموسى بن شاكر وغيرهما ، حيث قالوا بالجاذبية وعرفوا شيئاً عنها ، ومن أشهرهم ، محمد بن عمر الرازي حيث قال : " إننا إذا رمينا المدرة إلى فوق ، فإنها ترجع إلى أسفل ، فعلمنا أن فيها قوة تقتضي الحصـول إلى أسفل ، حتى إنه لما رميناها إلى فوق أعادتها تلك القوة إلى السفل ." (20).
ويتساءل الدكتور مصطفى حلمي : أليس في هذا تمهيداً لفكرة الجاذبية؟ (21)
ويرى الأستاذ العقاد أن البيروني ([22]) كان له الفضل في ذلك حيث اعترض على رأي الإغريق القائـل بأن الأجسام الثقيلة مجذوبة إلى أصلها في السماء ، ورجح أن الأجسام كلها مجذوبة إلى مركز الأرض، وقد مهد بآرائه هذه السبيل لنيوتن لكشف قانون الجاذبية (22). كما أن البيروني هو الذي اكتشف دوران الأرض حول الشمس وحول نفسها وليس كوبر نيكوس أو غيره كما يشاع (24)
وفي علم الطب يعد أبو بكر محمد الرازي 844 926 م أول الأطباء المسلمين الكبار وقد اعتبره جميـع المؤرخين واحداً من أعظم الأطباء في جميع العصور ، ومن أعظم مشخصي الأمراض المبدعين ، حيث اعتبرت مقالته عن الجدري والحصبة أول عمل محكم في الأمراض المعدية، معبرة عن قدرة فذة في الملاحظة والتحليل التمريضي ، واشتهرت في أوربا ، حيث طبعت أربعين مرة باللغة الإنجليزية منذ سنة 1489 إلى 1866 . م (25)
والرازي يعتبره الدكتور سارتون أول الأطباء الكيماويين إلى جانب ابتكاراته في جراحة العيون والولادة وأمراض النساء ، وكذلك كان أول من صنف مقالات في أمراض النساء (26)وقد رمدت عيناه ذات مرة من كثرة اشتغاله بالتجارب ، فذهب للعلاج عند أحد الأطباء فطلب منه خمسمائة دينار فقال الرازي " هذا هو الكيمياء حقيقة " ثم مال إلى تعلم الكيمياء في سن مبكرة من حياته وألف فيها اثني عشر كتاباً (27).
وآكد شئ لدى الرازي هو ما اجتمع على صحته الأطباء ، وشهد له القياس ، وعضدته التجربة ، ولم يكن يعبأ إلا بالعلم الذي أثبتت التجربة جدواه ، ومن سمات منهجه أنه كان يفضل النتائج العلمية القائمة على أساس تجارب القرون لا تجارب الفرد الواحد .
وإذا كـان الطب التجريبي يحتل في العصـر الحديث أرقى مكانة ، فإن للرازي فضل السبق إليه ، حيث أجرى تجاربه على الحيوان "القرد" ، قبل إعطاء الدواء للإنسان ،لأن هناك حرجاً دينياً يمنع من تشريح الإنسان بغرض التجربة (28).
ومن الأطباء المسلمين المشهورين ابن النفيس " ت : 696 هـ " المكتشف الحقيقي للدورة الدموية الصغرى ، ونسبها الغرب زوراً إلى هارفي الإنجليزي ، وقلدهم في هذا الزور بعض الباحثين الشرقيين المسلمين (29)تقول زيغريد هونكه : إن أول من نفذ ببصره إلى أخطاء جالينوس ونقدها ثم جاء بنظرية الدورة الدموية لم يكن سارفيتوس الأسباني ولا هارفي الإنجليزي بل كان رجلاً عربياً أصيلاً من القرن الثالث عشر الميلادي وهو ابن النفيس الذي وصل إلى هذا الاكتشاف العظيم في تاريخ الإنسانية وتاريخ الطب قبل هارفي بأربع مائة عام وقبل سارفيتوس بثلاثمائة عام"(30).
ولقد كثر اشتغال النصارى بالطب في ظل الدولة الإسلامية ونبغوا فيه ، ويرجع العقاد ذلك إلى تحريم الكنيسة الغربية آنذاك للاشتغال بالطب ، لأن المرض عقاب من الله تعالى ، لا ينبغي للإنسان أن يصرفه عمن استحقه ، وظل الطب محجوراً عليه إلى ما بعد انقضاء العهد المسمى بعهد الإيمان عند استهلال القرن الثاني عشر للميلاد وهو إبان الحضارة الأندلسية (31).
وكانت المستشفيـات منتشرة في أنحـاء الدولة الإسلامية بعد القرن الثالث للهجرة ، واتبعت طريقة عملية للتحقق من وجود الهواء وصلاح الموقع لبنائها تغني عن الأساليب العلمية التي اتبعت في العصر الحاضر بعد كشف الجراثيم ، حيث تتفق معها في أصلها التجريبي (32)فكانوا كما يقول العقاد : يعلقون اللحوم في مواطن مختلفة من المدينة في وقت واحد ، فأيها أسرع إليه العفن اجتنبوا مكانه ، واختاروا المكان الذي تتأخر فيه عوارض الفساد(33).



يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــع




  #1458  
قديم 14-12-2013, 08:32 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

يتبــــع الموضوع السابق

شبهة سبق الغرب للمسلمين في وضع مناهج البحث العلمي


ومثل هذا الابتكار كما يقول الدكتور مصطفى حلمي : يقع في صميم المنهج التجريبي وينبغي النظر إليه لا من زاوية عصرنا ، ولكن من زاوية النظريات السائدة آنذاك ولا شك أن هذا العمل يعد عملاً رائداً في حقل الاكتشافات العلمية (34).
وكانت المستشفيات أيضاً مراكز علمية لتدريس الأطباء نظرياً وعملياً يقول : الدكتور مصطفى السباعي : " وكانت المستشفيات معاهد طبية أيضاً ، ففي كل مستشفى إيوان كبير للمحاضرات ، ويجلس فيه كبير الأطباء ، ومعه الأطباء والطـلاب ، وبجانبهم الآلات والكتب ، فيقعد التلاميذ بين يدي معلمهم بعد أن يتفقدوا المرضى ، وينتهوا من علاجهم ، ثم تجري المباحث الطبية ، والمناقشات بين الأستاذ وتلاميذه ، والقراءة في الكتب الطبية ، وكثيراً ما كان الأستاذ يصطحب معه تلاميذه داخل المستشفى ليقوم بإجراء الدروس العملية لطلابه على المرضى ، كما يقع اليوم في المستشفيات الملحقة بكليات الطب " (35).
ويستخلص غوستاف لوبون من أبحاثه في هذا المجال أن علم الجراحة مدين للعرب بكثير من مبتكراته الأساسية ، وظلت كتبهم فيه مرجعاً للدراسة في كليات الطب إلى وقت قريب جداً ، فكانوا يعرفون في القرن الحادي عشر من الميلاد معالجة غشاوة العين بخفض العدسة أو إخراجها ، وكانوا يعرفون عملية تفتيت الحصاة التي وصفها أبو القاسم بوضوح ، وكانوا يعـرفون صب الماء البارد لقطع النزف ، وكانوا يعرفون الكاويات والفتائل ، وكانوا يعرفون المُرقد ، أي المخدر الذي ظُنّ أنه من مبتكرات العصر الحاضر ، وذلك باستعمال الزؤان لتنويم المريض قبل العمليات المؤلمة ، حتى يفقد وعيه وحواسه (36)، وقد نسب هذا الكشف العلمي إلى طبيب إيطالي أولاً وإلى بعض الإسكندريين ثانياً ، في حين أن الحقيقة تقول ، والتاريخ يشهد : أن فن استعمال الإسفنجة المخدرة فن عربي بحت لم يعرف من قبلهم(37).
وإذا انتقلنا إلى مجالات أخرى غير الطب وعلماء آخرين فإننا نجد الأمر أيضاً لا يختلف فالتجربة والملاحظة لهما الوزن الكبير ، والقيمة الأساسية في البحث العلمي يقول جابر بن حيان (38)وهو يتحدث عن منهجه : " قد عملته بيدي وبعقلي من قبل ، وبحثت عنه حتى صح ، وامتحنته فما كذب " (39).
ويؤكد جابر أهمية التجربة أيضاً في قوله : " من كان درباً ، كان عالماً حقاً ومن لم يكن درباً لم يكن عالماً ، وحسبك بالدربة في جميع الصنائع : أن الصانع الدرب يحذق ، وغير الدرب يعطل" (40)والمراد بالدربة عند جابر التجربة .
ويزيدنا جابر تأكيداً باعتماده على التجربة والملاحظة في قوله : " ويجب أن نعلم أنا نذكر في هذه الكتب خواص ما رأيناه فقط دون ما سمعناه أو قيل لنا وقرأناه ، بعد أن امتحنـاه وجربنـاه ، فما صـح عندنـا بالملاحظـة الحسيـة أوردنـاه وما بطل نفيناه وما استخرجناه نحن أيضاً وقايسناه على أقوال هؤلاء القوم " (41). ونضيف أيضاً أن من السباقين في استخدام التجربة ابن سينا ، حيث يشير في كتاب الشفاء إلى ملاحظة شخصية تعود إلى أيام صباه تبحث في أصل الحجارة (42)، ويشير فخر الدين الرازي إلى ملاحظة شخصية لاحظها ابن سينا تتعلق بتكون الغيوم الممطرة (43)
ويروى عن المأمون أنه كان يجري تجربة بسيطة لجلسائه ليبرهن لهم أن الهواء مادة ، أي جسم طبيعي (44).
نستطيع الآن بعد الأمثلة الكثيرة التي سقناها أن نؤكد أن نسبة المنهج التجريبي إلى الغرب نسبة زائفة ، لأنها تغفل دور المسلمين في هذا المنهج . وليس معنى هذا أن نغض من دور علماء الغرب في النهضة الأوربية الحديثة فهذا الدور لا يمكن إنكاره لأن الغرب تقدم كثيراً في تطبيق هذا المنهج ، ولكن أريد أن أقول : إن الحضارات متكاملة لا ينفصل بعضها عن بعض ، فكل حضارة تنهض لا بد أن تكون لها قواعد راسخة قامت عليها ، وقواعد الحضارة الأوربية المزدهرة اليوم إنما هي الحضارة الإسلامية ، فلم ينهض الغرب هكذا طفرة ، وإنما بعد أن نقلت إليه علوم العرب والمسلمين ، فالمسلمون كما يقول الدكتور مصطفى حلمي : " وجهوا البحوث إلى الوجهة الصحيحة من حيث إقامتها على التجارب والاختبارات واستقراء النظريات وما إلى ذلك من خطوات كانت تشكل في مجموعها تحولاً رئيساً في تاريخ العلم من مجرد النظر كالمنطق الصوري الأرسططاليسي إلى التجارب العلمية المؤدية إلى التقدم الحقيقي للعلوم (45)
وذلك لأن : " وجود ابن الهيثم وجابر وأمثالهما كان لازماً وممهداً لظهور جاليلو ونيوتن ، فلو لم يظهر ابن الهيثم لاضطر نيوتن أن يبدأ من حيث بدأ ابن الهيثم ، ولو لم يظهر جابر بن حيّان لبدأ جاليلو من حيث بدأ جابر . وعلى هذا يمكن القول : لولا جهود المسلمين والعرب ، لبدأت النهضة الأوربية في القرن الرابع عشر من النقطة التي بدأ منها العرب نهضتهم العلمية في القرن الثامن للميلاد "(46).
لقـد وضـع المسلمـون أسس البحث العـلمي بالمعنى الحديث وقـد تميّـزوا بالمـلاحظـة والتجـربة والاختبـار وابتدعـوا طـرقاً واخترعـوا آلات وأجهزة .(47).
ونستطيع الآن القول:
إن المسلمـين لم يقصـروا في العصـور المتأخرة في خدمة العلم والإنسانية
لقصورٍ في إسلامهم ، وإنما السبب الحقيقي والجوهري هو أنهم نسوا إسلامهم ، وتخلّوا عن المبادئ الأساسية فيه والتي تدعو إلى العمل والنظر والبحث والتأمل ، هذه المبادئ التي جعلت الإنسان سيّداً للكون ، وجعلت الكون مسخراً للإنسان ، تخلّى المسلمون عن هذه الرسالة التي شرّفهم الله عز وجل بها ، وانهمكوا في خلافاتهم ونزاعاتهم فسلّط الله عز وجل عليهم أعداءهم ، وهذه سنة إلهية تنطبق على كل الأمم التي تتخلّى عن رسالتها التي أكرمها الله جل شأنه بها من بين الأمم .
أضف إلى ذلك الحملات الاستعمارية الهمجية المتتالية التي تقضي على صحوة المسلمين في كل مرة . فالغـزو التتاري الذي دمر بغداد وكثيراً من البلدان الإسلامية ، وألقى المكتبات في دجلة ، وأحرق المدن ، وأباد المسلمين ، وأتى على كل مظاهر المدنية ، ساهم كثيراً في تأخر المسلمين وضياع كثير من تراثهم الذي لو كان اليوم موجوداً لكان للمسلمين وضع آخر في العالم اليوم . والغزو الصليبي الذي لا يزال مستمراً إلى اليوم بأشكال مختلفة ، وصور متنوعة ، ليحول بين المسلمين وأسباب نهضتهم حتى لا يعودوا مرة أخرى لقيادة العالم والإنسانية من جديد .
والخلاصة :أن النهضة الأوربية الحديثة إنما قامت على جهود جبارة لعلماء المسلمين نقلت إلى الغرب ، وقد أكد ذلك الدكتور فؤاد سزكين ، إذ يشير إلى أنه كانت في القرن الرابع عشر مدارس للترجمة في طرابزون على الساحل الشرقي للبحر الأسود وفي استنبول أيضاً ، كان أصحاب هذه المدارس يترجمون أحدث الكتب المؤلفة في العالم الإسلامي إلى اليونانية بدافع من غيرتهم الدينية لمساعدة إخوانهـم في أوربا ، لذلك فهو يقول : " وكلما أمعن الإنسان النظر في دراسة المصادر الأصلية للنهضة الأوربية ازداد تصوره أن هذه النهضة المزعومة أشبه ما تكون بالولد نُسب إلى غير أبيه الحقيقي "(48)


مع محبتي
عبدالرحيم الشريف

[1] : المنطق الحديث ومناهج البحث د. محمود قاسم ص 38 وأضيف : واستخدمه أبو بكر الرازي ، وجابر بن حيان ، وابن الهيثم والبيروني قبل جاليلو وتورشيلي وغيرهم . كما سنشير .
[2] : السابق ص 38 .
[3] : انظر مناهج البحث في العلوم الإسلامية د . مصطفى حلمي ص 57 .
[4] : انظر لزيغريد هونكه " شمس الله تسطع على الغرب " ص 401 – ترجمة فاروق بيضون – دار الجيل – بيروت – الطبعة الثامنة .
[5] انظر زيغريد هونكه ص 334 .
[6] : مناهج العلماء المسلمين في البحث العلمي فرانتز روزنتال ص 15 .
[7] أبو بكر الرازي محمد بن زكريا الرازي أبو بكر فيلسوف من الأئمة في صناعة الطب من أهل الري ولد وتعلم بها سنة 251 هـ وسافر إلى بغداد بعد سن الثلاثين يسميه كتاب اللاتينية " رازيس " أولع بالموسيقى والغناء ونظم الشعر ، واشتغل بالسيمياء والكيمياء ثم عكف عن الطب والفلسفة في كبره فنبغ واشتهر عمي في آخر عمره ومات ببغداد سنة 311 هـ وفي سنة وفاته خلاف له تصانيف سمى ابن أبي أصيبعة منها 232 كتاباً ورسالة منها : " الحاوي " في الطب وهو من أجل كتبه ترجم إلى اللاتينية وطبع فيها وله كتب كثيرة . انظر الأعلام للزركلي ص 364 / مجلد 3 جزء 6 وانظر الفهرست لابن النديم ص 415 .
[8] : السابق ص 176 .
[9] محمد بن الحسن ابن الهيثم مهندس من أهل البصرة ولد عام 354 هـ سكن في مصر واستوطن فيها على باب الجامع الأزهر فانقطع للتصنيف والإفادة إلى أن توفي عام 430 هـ له تصانيف في الهندسة وترجمت بعض مصنفاته إلى الألمانية مثل كيفية الإظلال والمرايا المحرقة . انظر الأعلام ص 83 ، 84 / مجلد 3 جزء 6 .
[10] : مصطفى نظيف الحسن ابن الهيثم ص 33 .
[11] : السابق الصفحة نفسها .
[12] : السابق ص 37 .
[13] : مناهج البحث في العلوم الإسلامية مصطفى حلمي ص 76 .
[14] : السابق نفسه .
[15] : السابق ص 77 .
[16] : تاريخ العلوم عند العرب – قدري طوقان ص 188 .
[17] : مناهج البحث في العلوم الإسلامية د . مصطفى حلمي ص 79 .
[18] : مصطفى حلمي مناهج البحث في العلوم الإسلامية ص 80 .
[19] : قدري طوقان تاريخ العلوم عند العرب ص 350 وما بعدها .
[20]: السابق ص 195 .
[21] : مصطفى حلمي مناهج البحث في العلوم الإسلامية ص 80 .
[22] محمد ابن أحمد أبو الريحان البيروني الخوارزمي فيلسوف رياضي مؤرخ من أهل خوارزم ولد سنة 362هـ أقام في الهند عدد من السنين ومات في بلده سنة 440 هـ صنف كتباً كثيرة متقنة منها : " الآثار الباقية عن القرون الخالية " ترجم إلى الإنجليزية والاستيعاب في صنعة الإسطرلاب والجماهر في معرفة الجواهر وتاريخ الأمم الشرقية والقانون المسعودي وتاريخ الهند وهذا الأخير ترجم إلى الإنجليزية في مجلدين .
[23] : العقاد أثر العرب في الحضارة الأوربية ص 40 الهيئة المصرية العامة للكتاب .
[24] انظر زيغريد هونكه ص 153 .
[25] : انظر لزيغريد هونكه " شمس الله تسطع على الغرب " ص 316 و 271 ومناهج البحث للدكتور مصطفى حلمي ص 81 .
[26] : جلال مظهر – علوم المسلمين أساس التقدم العلمي الحديث ص 32 – الهيئة العامة للتأليف والنشر 1970
[27] : البحث العلمي منهجاً وتطبيقاً – عبد اللطيف العبد ص 105 – وراجع ابن أبي أصيبعة عيون الأنباء في طبقات الأطباء ص 419 – نزار رضا 1965 – بيروت
[28] : البحث العلمي – العبد ص 107 .
[29] : انظر مدخل إلى علم المنهج د : حامد طاهر ص 55 .
[30] انظر زيغريد هونكه ص 262 .
[31] انظر شمس الله تسطع على الغرب ص 273 ، 274 ، 275 وللعقاد أثر العرب ص 35 وراجع أيضاً لأبي الفتوح التوانسي من أعلام الطب العربي ص 43 .
[32] : مصطفى حلمي مناهج ص 85 .
[33] : العقاد أثر العرب ص 37 .
[34] : مصطفى حلمي : مناهج ص 85 .
[35] : من روائع حضارتنا ص 142 مصطفى السباعي – المكتب الإسلامي – دمشق – بيروت 1977 . م
[36] : غوستاف لوبون – حضارة العرب ص 494 ترجمة عادل زعيتر – طبعة الحلبي بالقاهرة 1956 . م
[37] انظر لزيغريد هونكه شمس الله ص 280 .
[38] جابر بن حيان بن عبد الله الكوفي أبو موسى فيلسوف كيميائي كان يعرف بالصوفي من أهل الكوفة له تصانيف كثيرة بلغ عددها 232 كتاباً وقيل بلغت خمسمائة ضاع أكثرها وترجم بعض ما بقي منها إلى اللاتينية قال برتلو : لجابر في الكيمياء ما لأرسطو في المنطق . توفي في طوس سنة 200 هـ . انظر الأعلام ص 90 / جزء 2 مجلد 1 .
[39] : نقلاً عن منهج البحث عند العرب في مجال العلوم الطبيعية والكونية للدكتور جلال محمد عبد الحميد موسى ص 125 – دار الكتاب اللبناني 1972 .
[40] : السابق ص 126 – وانظر أيضاً زكي نجيب محمود – جابر بن حيان ص 58 .
[41] : في تراثنا العلمي والإسلامي – توفيق الطويل ص 18 .
[42] : الشفاء لابن سينا جزء 2 ص 248 وانظر أيضاً المباحث للرازي جزء 2 ص 308 .
[43] : المباحث للرازي ص 173 / 2 .
[44] : الحيوان للجاحظ ص 106 / 4 .
[45] : مناهج . مصطفى حلمي ص 7 1967 .
[46] : تراث العرب العلمي في الرياضيات والفلك المقدمة ص 9 الناشر دار القلم بالقاهرة 1963 م .
[47] : تاريخ العلم ودور العلماء العرب في تقدمه لعبد الحليم منتصر ص 9 5 طبعة دار المعارف 1967 .
[48] : منار الإسلام – العدد الثامن – شعبان 1400 هـ يونيو 1980 م مقال لفؤاد سزكين .
  #1459  
قديم 14-12-2013, 08:36 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

تحرير الفكرة في حديث الفأرة

بقلم الأستاذ الدكتور كارم السيد غنيم
أستاذ في جامعة الأزهر ـ مصر
هذا حديث صحيح من الأحاديث التي ردها البعض وأنكرها، أو سخر منها بعض الجهلاء، أو استهجنها من لا علم له، إنه حديث صحيح أورده البخاري في جامعه الصحيح، والترمذي والنسائي في سننيهما، كما ورد في مسند أبي داود وفي موطأ مالك، بروايات متقاربة.
والحديث بلفظ أبي داود، كما أورده في كتابه الأطعمة (باب: في الفأرة تقع في السمن) ـ هو : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا وقعت الفأرة في السمن، فإن كان جامداً فألقوه وما حولها، وإن كان مائعاً فلا تقربوها).

ولقد ناقش د/عبد البديع زللي[1]هذا الموضوع، وألقى بعض الضوء على وجه الإعجاز العلمي في هذا الحديث النبوي، في مقالة مطولة، نلخص ما توصل إليه في السطور القليلة القادمة.
بدايةً يقرر التاريخ أن الإنسان لم يعرف شيئاً عن وجود الميكروبات أو الكائنات الحية الدقيقة، عموماً، إلا فيما بعد عام 1857م .. ومنذ ذلك التاريخ والأبحاث تتوالى في جوانب مختلفة من هذا العالم الغامض المثير المدهش. واستطاع العلماء أن يهيئوا أوساطاً غذائية للكائنات الحية الدقيقة في المعامل والمختبرات من أجل دراسة هذه الكائنات وعزلها وتصنيفها وتحديد أنواعها.
ومن أشهر الأوساط الغذائية قسمان: أوساط مائعة وأوساط صلبة، وهذه الأخيرة هي كالأولى ولكن بعد مادة (آجار) التي تعمل على تصلب المائع(أو السائل) تصلباً بسيطاً وتجعله كالجيلى (الذي يسيل بالتسخين ويتصلب بالتبريد).
تتكاثر البكتريا وتنمو بوفرة وتنتشر في جميع أجزاء الأوساط الغذائية السائلة، ولكنها تعجز عن الانتشار في الأوساط الغذائية الصلبة وتظل باقية محبوسة في المكان الذي وقعت فيه، ولا تنتشر في أرجاء هذا الوسط الغذائي الصلب.
وبالرغم من أن الإسلام حضَّ المسلم على حفظ صحته وحمايتها مما يضَّر بها، ومن هذه الأضرار ما تسببه الفئران من أخطار حتى كانت الفأرة من ضمن الفواسق التي أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بقتلها في الحل والحرم، وقد وردت الأحاديث النبوية في هذا بصحيح البخاري وصحيح مسلم وسنن النسائي وموطأ مالك وسنن الدارمي.. فإن الحديث النبوي الصحيح عنها إلا حديثاً، وهي أن البكتريا الممرضة الموجودة في جسم الفأرة يكون احتمال انتشارها إلى جميع أرجاء السمن وارداً عندما يكون السمن مائعاً، أي حينما يكون وسطاً غذائياً سائلاً.
ولذلك كان النهي عن الاقتراب من هذا السمن بأية طريقة( فلا تقربوه)، لأن البكتريا التي أصابها السمن المائع بعد انتقالها إليه من جسم الفأرة، قد تكاثرت وتضاعفت أعدادها كثيراً، مما يجعل هذا السمن بؤرة فاسدة مكتظة بأعداد ضخمة من البكتريا الممرضة، ولذلك فإن إدخال اليد في السمن أو لمسه، يّعدُّ سبباً لنقل البكتريا الممرضة إلى جسم الإنسان، ولذلك جاء الهدي النبوي بالأمر بعدم الاقتراب من هذا السمن.
أما إذا كان السمن جامداً ووقعت فيه فأرة ثم تركته، أو حتى ماتت فيه، فإن البكتريا المنتقلة من الفأرة إلى السمن لا تلوث جميع أرجائه، بل الطبقة المحيطة بالفأرة، ولذلك جاء الحديث النبوي بإلقاء الفأرة وما حولها من طبقة السمن إلى خارج الإناء، وجواز استعمال بقية السمن..!!
هكذا يتضح بعض ما ينطوي عليه هذا الحديث النبوي الصحيح من إعجاز علمي، وإن كان يحتوي المزيد الذي يكشف عنه العلماء مع تطور علومهم وارتفاع معارفهم، وهكذا يظل الحديث النبوي، عموماً، كالآيات القرآنية، يتوالى عطاؤها العلمي على مرِّ الزمان، فإذا بالمنكر أو المتردد يرى سخف رأيه وضلاله في ردَّ الأحاديث النبوية التي عجز علقه عن فهمها فهماً سليماً.
[1] د/عبد البديع حمزة زللي: إعجازات نبوية متجددة. مجلة المنهل (السعودية) 1999م.


  #1460  
قديم 14-12-2013, 08:39 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

شبهات حول القصص القرآني

إعداد الأستاذ عبد الرحيم الشريف
ماجستير في علوم القرآن والتفسير
نص الشبهة حرفياً:
" أثناء تجوالي في الإنترنت، وقعت على موقع إسلامي يسمي نفسه باسم " الإعجاز العلمي في القرآن " وكان يعرض المعجزة العلمية في قوله تعالى (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين، ثم جعلناه نطفة في قرار مكين، ثم خلقنا النطفة علقة، فخلقنا العلقة مضغة، فخلقنا المضغة عظاماً، فكسونا العظام لحما سورة المؤمنون،12 ـ14.
ومن أجل التفسير العلمي الأكاديمي، الذي لا يقبل الشك، فقد استقدم الموقع (أحد أكبر أساتذة علم الأجنة من أمريكا) والذي تقول الرواية، أنه " ذُهل " عندما علم أن هذه الحقائق العلمية كانت معروفة عند المسلمين في القرن السابع الميلادي ؟!
ثم تقول الرواية أن الرجل قد أعلن إسلامه ! ونحن نرحب بإسلام الرجل، ولكن هذا لن يمنعنا أن نقول: أنه إذا كان عالماً في علم الأجنة، فإنه والحق يقال، جاهل كبير في تاريخ هذا العلم خاصة، وفي التاريخ عامة. فعلم الأجنة كان قد تطور إلى درجة عالية على يد خبراء التحنيط في مصر القديمة، فيما نشر أبيقور[1]كتابان، أحدهما بعنوان (طفل السبعة أشهر) والآخر بعنوان (طفل التسعة أشهر) بل وأكثر من ذلك فإنه نشر دليلا للجراحين عن (تفكيك الجنين في الرحم) وقد شاعت هذه الأعمال بين أطباء الشرق القديم.
أما مكتبة الإسكندرية العظيمة فقد كانت تحتوي على فرع خاص بعلم الأجنة وأمراض الحمل والولادة.
والواقع أن النص القرآني (الذي حمله الفقهاء أكثر مما أراد الله نفسه) لم يورد أية معلومة جديدة، بل خاطب الناس بالمعلومات المتوافرة في عصرهم، ليبين لهم قدرة الله، وليس ليمنحهم معلومات في علم الأجنة، فمعلومة أن الجنين يوجد كاملا في نطفة الرجل، معلومة معروفة منذ زمن التوراة، وقد وردت في سفر أيوب على النحو التالي: (ألم تصبني كاللبن، وخثرتني كالجبن، كسوتني جلداً ولحما، فنسجتني بعظام وعصب[2]، سفر أيوب 10/12 ".
الجواب:[3]
1. كانت أقوى النظريات العلمية حول نشوء الجنين هي نظرية الجنين القزم، كما تنبت الشجرة الصغيرة إلى أن تكبر. وتنازع في شأنها العلماء: هل الإنسان يوجد كاملاً في الحيوان المنوي للرجل، أم كاملاً في دم حيض المرأة المنعقد ؟
فبحسب الأولى: الجنين يكون جاهزاً في الحيوان المنوي، ولكنه صغير الحجم، لا ينمو إلا في تربة خصبة (الرحم).
أما الثانية: الجنين يتخلق من دم الحيض، ثم يقوم المني بعقده. كما تفعل الأنفحة بالحليب (اللبن)، فتعقده وتحوله إلى جبن.. فليس للمني دور، سوى أنه ساعد كمساعدة الأنفحة للحليب في صنع الجبن.
ولم يقل أحد من علماء الغرب الموثوق بعلمهم، إن الجنين ناتج عن التقاء الحيوان المنوي للرجل مع بويضة المرأة قبل سنة 1775م. وتم تأكيد هذه النظرية في بداية القرن العشرين عند اكتشاف الكروموسومات.
بينما القرآن الكريم سبق إلى تقرير ذلك، بأن أكد أن الجنين يتكون بسبب النطفة الأمشاج (المختلطة) بين نطفة الرجل، وبويضة المرأة. قال تعالى: " إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا " [الإنسان: 2]. وبيَّن أنه ينتقل من طور إلى طور: " مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا، وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا " [نوح: 13، 14].ولم يكن جنيناً قزماً كما اشتهر في الزمن الماضي ـ وخاصة وقت نزول القرآن الكريم وبعده بمئات السنين[4] ـ.
2. كما أن القرآن الكريم يبين أن نطفة الرجل هي من تقرر جنس الجنين: " وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى، مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى " [النجم: 45، 46].
وهذا لم يُعرف إلا بعد اكتشاف المجهر الإلكتروني في بداية القرن العشرين.
3. وأشار القرآن الكريم إلى أن غدد الذكر الجنسية المنتجة للخصيتين تنشأ من منطقة الظهر: " وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ.. " [الأعراف: 172].
4. دقة وصف وترتيب كل مرحلة من مراحل خلق الجنين: النطفة، ثم العلقة، ثم المضغة، ثم العظام، ثم كسو اللحم (العضلات)، ثم الإنشاء خلقاً آخر، ثم المخاض.[5]
أين هذا الإعجاز الفريد مما جاء من تخيلات في كتب الأقدمين ؟!
[1] الفيلسوف أبيقور اليوناني 343 – 270 ق.م. ولد في أثينا في اليونان، وقد اختلف الكتَّاب في أفكاره وحياته الخاصة، فبعض الكتَّاب المتأخرين يصف حياته بالحياة المنعمة اللاأخلاقية، لكن بعضهم يقول بأن كل خطاباته تدل على أنه كان متواضعاً في طعامه، وأن مفهوم اللذة عنده لا يقصد به الإباحية الأخلاقية أو ما شابه ذلك من مفاهيم. انظر: الموسوعة الميسرة، الندوة العالمية للشباب الإسلامي، ص823 مذهب اللذة.
[2] بل العكس تماماً، هو الذي حمل هذا النص أكثر مما يحتمل، فذلك التشبيه يخالف المقرر في العلم الحديث كما سيتبين.
[3] انظر: موسوعة الإعجاز العلمي، يوسف الحاج أحمد، ص98-130.
[4] قال ابن حجر في مقدمة شرحه لكتاب القدر في صحيح البخاري: " وزعم كثير من أهل التشريح: أن مني الرجل لا أثر له في الولد، إلا في عقده. وأنه إنما يتكون من دم الحيض، وأحاديث الباب تبطل ذلك ". انظر: فتح الباري13/311.
قلت: من هنا يتبين أن علماء الإسلام يقدمون الثابت من النصوص، على الظني من النظريات العلمية. كما يدل على قوة رأي علماء التشريح ـ في ذلك الزمان ـ الذين قالوا بنظرية الجنين القزم. وقوة ذلك الرأي، لم تمنع ابن حجر ـ رحمه الله ـ من تقديم النص القطعي على النظرية العلمية الظنية.. وفي ذلك درس بليغ لمن يتصدى للبحث في الإعجاز العلمي.
[5] كل ما سبق وغيره مما ذكره علماء الإعجاز العلمي من سبق القرآن الكريم في وصف مراحل خلق الإنسان بدقة، وهو معروف مشتهر. أما عن الإعجاز العلمي في المخاض. فهو في قوله تعالى في سورة مريم: " فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا24وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا25فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا.. 26 ". فقد ثبت علمياً أن للتمر فوائد في عملية الولادة لاحتوائه على الألياف المانعة للإمساك مما يسهل الولادة، وغناه بالبوتاسيوم المفيد لعضلات الرحم، والحديد المانع لفقر الدم الناتج عن المخاض، ووجود مادة تشبه هرمون Oxytocn الذي يزيد تقلصات وانقباضات عضلة الرحم عند الولادة...

موضوع مغلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 87 ( الأعضاء 0 والزوار 87)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 259.96 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 254.12 كيلو بايت... تم توفير 5.85 كيلو بايت...بمعدل (2.25%)]