شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله - الصفحة 91 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4437 - عددالزوار : 871820 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3969 - عددالزوار : 403919 )           »          تفسير (الجامع لأحكام القرآن) الشيخ الفقيه الامام القرطبى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 309 - عددالزوار : 14167 )           »          ظاهرة التشكيك في الأحاديث الصحيحة!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 60 )           »          الدعوة إلى الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 65 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 50 - عددالزوار : 2935 )           »          تجــديد الخطـــاب الدعــــوي في المرحلـة القادمـة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 164 )           »          أزمــــة النخـــــب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          من شبهات اليهود وأباطيلهم «أن المسلمين بنوا المسجد الأقصى مكان الهيكل الذي بناه الملك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »          شبابنا والخروج من التيه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #901  
قديم 20-10-2022, 10:37 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,836
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الأشربة

(502)

- (باب ذكر الرواية المبينة عن صلوات شارب الخمر) إلى (باب توبة شارب الخمر)



شارب الخمر لا تقبل صلاته أربعين يوماً زجراً له، ويعتبر شرب الخمر أم الخبائث وذلك بسبب المعاصي المترتبة على شرب الخمر كالزنا والقتل، ومن رحمة الله تعالى أنه يقبل توبة شارب الخمر إذا تاب وصدق.
ذكر الرواية المبينة عن صلوات شارب الخمر


شرح حديث: (لا يشرب الخمر رجل من أمتي فيقبل الله منه صلاة أربعين يوماً)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ذكر الرواية المبينة عن صلوات شارب الخمر.أخبرنا علي بن حجر أخبرنا عثمان بن حصن بن علاق الدمشقي حدثنا عروة بن رويم: (أن ابن الديلمي ركب يطلب عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال ابن الديلمي : فدخلت عليه فقلت: هل سمعت يا عبد الله بن عمرو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذكر شأن الخمر بشيء؟ فقال: نعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لا يشرب الخمر رجل من أمتي فيقبل الله منه صلاة أربعين يوماً ) ].
يقول النسائي رحمه الله: (ذكر الرواية المبينة عن صلوات شارب الخمر)، يعني: المتعلقة في بيان عقوبة شارب الخمر في عدم قبول صلاته لمدة أربعين يوماً، فقد أورد النسائي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أن عبد الله بن الديلمي سأله: ( هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الخمر بشيء؟ قال: نعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يشرب الخمر رجل من أمتي فيقبل الله منه صلاة أربعين يوماً )، يعني المقصود من هذا: أن الإنسان إذا شرب الخمر فإن الله تعالى يعاقبه بأن يحرمه ثواب صلوات أربعين يوماً، تلك الصلوات التي صلاها يحرم ثوابها ولا يكون له ثواب عليها، وهذه عقوبة له على هذا العمل الذي عمله، ولكن لا يعني أنه يقضي هذه الصلوات التي لم تقبل منه، فهي مجزئة، ويعتبر قد أدى ما عليه ولا يقضيه، ولكنه عوقب بحرمان قبول تلك الصلوات، هذا هو المقصود من الحديث: من أنه عوقب عقوبة عظيمة؛ وهو أن هذه الصلوات التي صلاها وأداها لا تنفعه عند الله عز وجل؛ لأن الله تعالى لا يقبل منه تلك الصلوات، ولا يثيبه عليها.
وقوله: (لا يشرب الخمر رجل من أمتي)، الأمة هنا أمة الإجابة؛ لأنهم هم الذين يصلون وتقبل صلاتهم، أما أمة الدعوة الذين لم يسلموا ولم يدخلوا في الإسلام، فهؤلاء لا تقبل ولا تصح لهم صلاة مع عدم وجود الإيمان بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومع عدم وجود شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
وقوله: (رجل) الرجل لا مفهوم له، والمرأة كذلك لو حصل منها أن شربت الخمر فإنها تعاقب بهذه العقوبة، ولكن ذكر الأحكام مضافة إلى الرجال لأنهم هم المخاطبون في الغالب، وإلا فإنه ليس له مفهوم من جهة أن هذا حكم خاص بالرجل والمرأة ليست كذلك، بل الأمر في ذلك سواء، فالأصل أن الأحكام يستوي فيها الرجال والنساء إلا ما جاء دليل يدل على اختصاص الرجال به أو اختصاص النساء به هذا هو الأصل، فإذا وجد ما يختص به الرجال عن النساء أو النساء عن الرجال هو هذا الذي وجد من الدليل الفرق والمبين الفرق بين الرجال والنساء، وحيث لا يأتي شيء، فإن الأحكام في ذلك سواء، ولو جاء ذكر الرجل أو جاء بذكر لفظ الرجل فإنه لا يكون له مفهوم، (لا يشرب الخمر رجل من أمتي فيقبل الله منه صلاة أربعين يوماً).
تراجم رجال إسناد حديث: (لا يشرب الخمر رجل من أمتي فيقبل الله منه صلاة أربعين يوماً)

قوله: [أخبرنا علي بن حجر ].هو: علي بن حجر بن إياس السعدي المروزي ، وهو ثقة أخرج حديثه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي .
[أخبرنا عثمان بن حصن بن علاق ].
عثمان بن حصن بن علاق ، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود في المراسيل، والنسائي .
[حدثنا عروة بن رويم ].
عروة بن رويم، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي وابن ماجه.
[أن ابن الديلمي ].
وهو: عبد الله بن فيروز الديلمي، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما].
وهو الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح أثر مسروق: (من شرب الخمر فقد كفر، وكفره: أن ليس له صلاة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة وعلي بن حجر قالا: حدثنا خلف يعني: ابن خليفة عن منصور بن زاذان عن الحكم بن عتيبة عن أبي وائل عن مسروق أنه قال: القاضي إذا أكل الهدية فقد أكل السحت، وإذا قبل الرشوة بلغت به الكفر، وقال مسروق : من شرب الخمر فقد كفر، وكفره: أن ليس له صلاة ].أورد النسائي هذا الأثر عن مسروق وقال: (القاضي إذا قبل الهدية)، أي: إذا أخذ الهدية فقد أكل السحت؛ لأنه قال مقول القول: القاضي إذا أخذ الهدية فقد أكل السحت، وليس كما في الرسم في الكتابة: قال القاضي ثم تأتي نقطتين، ويصير مقول القول بعد ذلك، فإن القاضي هو داخل في مقول القول، قال: (القاضي إذا أخذ الهدية فقد أكل السحت، وإذا قبل الرشوة بلغت به الكفر)، وقال مسروق: (من شرب الخمر فقد كفر)، وهذا محل الشاهد من إيراد الأثر في هذه الترجمة: (من شرب الخمر فقد كفر، وكفره: أن ليس له صلاة).
يعني: مدة أربعين يوماً، وكفره: أن ليس له صلاة أربعين يوماً، فالكافر ليس له صلاة أولاً، لو صلى لا تصح صلاته ولا تقبل صلاته، وهذا إذا شرب الخمر فإنه يحرم أو لا تقبل منه أربعين يوماً، فيصير مثل الكافر الذي لا تقبل منه صلاة لو صلى، فهذا صلاته التي صلاها في مدة أربعين يوماً لا تقبل منه، فيكون بذلك مشابهاً للكافر في عدم قبول عمله، وأن عمله قد حبط، ولكن الكافر حبوط عمله مستمر ودائم، وأما هذا فحبوط عمله يتعلق بالصلاة وأنها لا تقبل لمدة أربعين يوماً، وفي هذا زجر وردع، وهو يشبه ما سبق أن مر من قول أبي موسى الأشعري : لا أبالي إن شربت الخمر أو عبدت هذه السارية من دون الله عز وجل، يعني: فيه بيان خطورة ذلك الذنب وأنه عظيم، لكن لا يكون كفراً إلا مع الاستحلال؛ فإذا وجد الاستحلال صار كفراً مخرجاً من الملة، وأما مع عدم الاستحلال فإنه لا يكون كفراً وإنما يكون فسقاً، ولكن مشابهته للكافر في أن الكافر لا تقبل له صلاة، وهذا لا تقبل له صلاة لمدة أربعين يوماً، فصار فيه مشابهة بينه وبين الكافر، ولهذا قال: (كفره: أن ليس له صلاة) يعني: مدة أربعين يوماً، وليس باستمرار ودائماً وأبداً.
نعم هو كفر دون كفر، هو الآن يعتبر من قبيل كفر بلا كفر، وليس كفراً مخرجاً من الملة، فإن كان مع الاستحلال فلا شك من الكفر والخروج من الملة، وإن كان غير مستحل فمعناه أنه بلغ مبلغاً خطيراً يكون أكبر من الكبائر؛ لأن الذنب الذي يوصف بأنه كفر يكون أكبر من غيره، يعني: مما لم يوصف بأنه كفر، وإنما بلغ إلى حد أعلى وأقصى فيما يتعلق بعظم الكبائر؛ لأن الذنوب التي توصف بأنها كفر هذه أخطر من الذنوب التي لا توصف بأنها كفر، وإن وجد الاستحلال فقد وجد الكفر المخرج من الملة.
قال: (القاضي إذا قبل الهدية فقد أكل السحت)، وكذلك غير القاضي، يعني: القاضي هو مثال، وإلا فإن أي موظف إذا قبل الهدية فإنه يكون أكل السحت؛ لأن قصة ابن اللتبية الذي كان عاملاً -وليس قاضياً- على الصدقة، ولما جاء قال: هذا لكم وهذا أهدي إلي، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( ألا جلس في بيت أمه ينظر هل تصل إليه هديته )، يعني: هذا ما جاء إلا من أجل الوظيفة ومن أجل المنصب، ما جاء أنه فلان ابن فلان، يعني إذا كان من أجل أنه فلان بن فلان تأتيه هديته في بيته، لكن كونه يذهب في عمل من أعماله يكون مسئولا أو يكون في منصب من المناصب ثم يعطى من أجل منصبه ومن أجل مداراته، أو من أجل الحصول على شيء منه في مقابل هذا الذي يعطى إياه مراعاة لموقعه وكونه في العمل، وأنه يسهل له أموره ويحقق له في مقابل هذه الهدية فقد أكل السحت، ولكنه إذا أعطي الشيء على أنه رشوة فهذا معناه أخطر من قضية الهدايا وما يصرف بأنه هدية؛ لأن الإنسان قد يهدى إليه من غير ما يكون هناك شيء يرتبط بقضية، ولكن الرشوة تأتي مرتبطة من أجل الوصول إلى مأرب ومن أجل الوصول إلى شيء دفع الرشوة من أجلها، وأما ذاك يمكن ما جرى بينه وبينه شيء، ولكنه يعني: فيها مجال وفيها شبهة من ناحية أن الإنسان يريد من ورائها أن يحصل على شيء في المستقبل لو حصل بينه وبين أحد أو صار له حق، فإنه يجد مجالاً لكونه قد أعطاه هدية، ولكنه كونه يعطي الرشوة على اعتبار أنه يريد أن يتوصل إلى شيء، يقول: اعمل لي كذا وكذا ولك كذا وكذا، حقق لي كذا وخذ هذا المبلغ مقابل ذلك الشيء، فهذا هو الرشوة، وهي أخطر من الهدية؛ لأن الهدية يمكن لم يكن هناك شيء موجود دفع المبلغ من أجله، ولكنه يمكن أن يكون تخطيط وتهيئة للمستقبل، ولهذا صار هذا دون هذا، هذا أكل السحت وهو حرام، وهذا بلغ الكفر، ويكون كفراً إذا حصل الاستحلال، وإذا كان بدون استحلال فإنه يكون بلغ الغاية في عظم المعصية التي توصف بأنها كفر، والذي يوصف بأنه كفر أخطر من الذي لا يوصف بأنه كفر، ولهذا جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في قصة اليمين: لأن أحلف بالله كاذباً أحب إلي أن أحلف بغيره صادقاً؛ لأن الشيء الذي فيه شرك أو يوصف بأنه شرك أو يوصف بأنه كفر أخطر من الشيء الذي لا يوصف بأنه شرك ولا كفر، فالحلف بغير الله صادقاً موصوف بأنه شرك، وهو وإن كان صادقاً لكنه حلف بغير الله، وأهون منه أن يحلف بالله كاذباً، يعني: الحلف بالله توحيد والكذب معصية، فالذنب الذي يوصف بأنه شرك أو كفر أخطر من الذنب الذي لا يوصف بأنه شرك وكفر، وكلام ابن مسعود يوضح هذا: لأن أحلف بالله كاذباً أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقاً.
تراجم رجال إسناد أثر مسروق: (من شرب الخمر فقد كفر، وكفره: أن ليس له صلاة)


قوله: [ أخبرنا قتيبة ].هو: ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وعلي بن حجر قالا: حدثنا خلف بن خليفة ].
علي بن حجر تقدم، وخلف بن خليفة: صدوق اختلط في الآخر، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن منصور بن زاذان].
منصور بن زاذان: ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، ومما ذكر في ترجمته: أنه كان عابداً وكان من أهل العبادة، وقال فيه بعض العلماء: لو قيل لـمنصور بن زاذان : إن ملك الموت بالباب، ما أمكنه أن يزيد شيئاً، ما أمكنه أن يأتي بشيء جديد؛ لأنه دائماً على استقامة ودائماً على عبادة، ولا يمكنه أن يزيد شيئاً من أجل أنه قيل: أن ملك الموت بالباب؛ لأنه دائم على العبادة والاستقامة.
[ عن الحكم بن عتيبة ].
هو: الحكم بن عتيبة الكندي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي وائل ].
هو: أبو وائل شقيق بن سلمة ، وهو ثقة، مخضرم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مسروق ].
هو: مسروق بن الأجدع ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وهذا الأثر ضعفه الألباني ، والظاهر أنه من جهة خلف بن خليفة .
والصحابي الذي قال قولاً ليس من قبيل الرأي فله حكم الرفع، وأما التابعي يكون من قبيل المرسل؛ لأنه لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه من باب التغليظ أو بناءً على ما يفهم من بعض النصوص الدالة على عظم ذلك، وأنه كذلك من جهة عدم قبول الصلاة لمدة أربعين يوماً، لكن لا يقال: له حكم الرفع، أي: كلام غير الصحابة.
ذكر الآثام المتولدة عن شرب الخمر من ترك الصلوات ومن قتل النفس التي حرم الله ومن وقوع على المحارم


شرح أثر عثمان: (اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ذكر الآثام المتولدة عن شرب الخمر من ترك الصلوات ومن قتل النفس التي حرم الله ومن وقوع على المحارم.أخبرنا سويد أنبأنا عبد الله عن معمر عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث عن أبيه قال: سمعت عثمان رضي الله عنه يقول: اجتنبوا الخمر، فإنها أم الخبائث، إنه كان رجل ممن خلا قبلكم تعبد، فعلقته امرأة غوية، فأرسلت إليه جاريتها، فقالت له: إنا ندعوك للشهادة، فانطلق مع جاريتها، فطفقت كلما دخل باباً أغلقته دونه، حتى أفضى إلى امرأة وضيئة عندها غلام وباطية خمر، فقالت: إني والله ما دعوتك للشهادة، ولكن دعوتك لتقع علي، أو تشرب من هذه الخمرة كأساً، أو تقتل هذا الغلام، قال: فاسقيني من هذا الخمر كأساً، فسقته كأساً، قال: زيدوني، فلم يرم حتى وقع عليها وقتل النفس، فاجتنبوا الخمر؛ فإنها والله لا يجتمع الإيمان وإدمان الخمر إلا ليوشك أن يخرج أحدهما صاحبه ].
أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: ذكر الآثام المترتبة على شرب الخمر من ترك الصلاة وقتل النفس التي حرم الله والوقوع على المحارم.
هذه الترجمة فيها الإشارة إلى بعض ما ورد من النصوص الدالة على خبث الخمر وعلى خطورتها، وعلى أن شأنها خطير، وأن إثمها كبير، وأنها توصل إلى مختلف المحرمات على اختلاف أنواعها ومراتبها؛ لأن صاحب الخمر أو الذي سكر بشربه الخمر فقد عقله فيقدم بسبب ذلك على كل معصية، ولو بلغت في القبح والشدة ما بلغت.
ومن ذلك -أي: من الأمور التي تحصل بشرب الخمر- قتل النفس التي حرم الله، والوقوع على المحارم، يقع الإنسان على محارمه وعلى أقاربه، قد يقع على أمه، قد يقع على ابنته، قد يقع على أخته؛ لأنه فقد عقله، وعمل إلى أن يكون من جملة المجانين.
وأضرار الخمر لا حصر لها ولا نهاية هي كثيرة جداً، وكلها تنتج عن فقدان العقل، وكلها تترتب على فقدان العقل، وقد أورد النسائي أثر عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه أنه قال: اجتنبوا الخمر، فإنها أم الخبائث، يعني: أمر باجتناب الخمر والابتعاد عنها، وعلل ذلك بأنها أم الخبائث، ومعنى أنها أم الخبائث: أنها توصل إلى الخبائث وتؤدي إليها؛ لأن الخبائث يمكن أن يوصل إليها عن طريقها بسبب فقدان العقل، ثم ذكر مثالاً يوضح أنها أم الخبائث وأنها تؤدي إلى الخبائث المختلفة مهما عظمت ومهما بلغت، فقال: (إنه كان رجل ممن كان خلا قبلكم تعبد، فعلقت به امرأة غوية)، يعني: ذات غواية وذات خبث، فأرسلت له جارية لها، طلبت منه أن يأتي للشهادة، يريدون أن يشهدونه على شيء أو يطلبون منه الشهادة على شيء، فلحقها حتى وصلت إلى ذلك المكان الذي هي فيه، قال: كلما دخل أغلقت الباب الذي دخلوا منه، يعني: حتى لا يتمكن من الخروج، فلما وصل إلى امرأة وضيئة يعني: جميلة، عندها غلام وباطية خمر، يعني: وعاء من أوعية الخمر فيه خمر، فقالت: إنني ما دعوتك للشهادة، يعني: هذا الكلام ما هو صحيح، الذي قالوه غير صحيح، وإنما أتوا به لهذه الفتنة التي فتن بها، وهي: أنهم طلبوا منه أن يختار واحدة من ثلاث: إما أن يشرب كأساً من الخمر، هذا الذي في الباطية، أو يقتل هذا الغلام، أو يقع عليها هي، فظن أن كأساً من الخمر أخف من القتل ومن الزنا، فشرب كأساً فطلب زيادة حتى سكر، ولما سكر وقع عليها ووطئها وقتل الغلام، فصارت الأمور الثلاثة كلها تجمعت وحصلت له، هذه الأمور الثلاثة حصلت له بشربه الخمر، وهذا يبين أن الخمر أم الخبائث، وكيف كانت أم الخبائث؟ لأنها تؤدي إلى الخبائث بسبب فقدان العقل.
ثم بعد أن ذكر القصة التي أراد أن يمثل لكونها أم الخبائث أكد ما سبق أن قاله قبل ذكر القصة، وهي قوله: اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث، وأتى بهذه القصة تبين أنها أم الخبائث، ثم رجع وأكد هذا الأمر بقوله: فاجتنبوا الخمر، يعني: تأكيداً للمرة الثانية، بعد ذكر هذه القصة التي تبين أنها أم الخبائث، ثم قال: فإنه لا يجتمع الاثنان يعني: الإيمان وإدمان الخمر وهو مداومة شربها، إلا لأوشك أن يخرج أحدهما صاحبه، بمعنى: أن يخرج من الإيمان، وأنه يفارقه الإيمان وينتهي به ذلك إلى ترك الإيمان والعياذ بالله، وهذا كله يبين خطورة الخمر وأنها خبيثة وأنها أم الخبائث، وأنه ينتج عنها كل هذه الأمور المحرمة، هذه الأمور وغيرها من كل ما هو محرم، وذلك بسبب فقدان العقل وذهابه، وكون الإنسان سعى إلى أن يكون من أهل العقول إلى أن يكون من المجانين وممن هو شبيه بالبهائم التي لا عقل لها.
وهذا أثر عن عثمان رضي الله تعالى عنه، وقوله في الآخر: أنه لا يجتمع كذا وكذا.. يعني: يفيد بأن له حكم الرفع، وكذلك الإخبار عن هذه الأمور: القصة التي حصلت ممن كان قبلنا، أيضاً لا يمكن أن يعرف إلا عن طريق الرسول صلى الله عليه وسلم أو عن طريق الكتب السابقة، ومن المعلوم أن عثمان رضي الله تعالى عنه وأرضاه ليس معروفاً بالأخذ من كتب المتقدمين، فيمكن أن يكون لهذا الأثر حكم الرفع.
تراجم رجال إسناد أثر عثمان: (اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث ...)

قوله: [أخبرنا سويد ].هو: سويد بن نصر المروزي ثقة، أخرج حديثه الترمذي والنسائي .
[أنبأنا عبد الله بن المبارك المروزي] .
عبد الله بن المبارك المروزي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن معمر ].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ].
هو أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وهو ثقة، فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
وهو: عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، وهو له رؤية، وقيل: من ثقات كبار التابعين، وحديثه أخرجه البخاري وأصحاب السنن.
[ سمعت عثمان ].
وهو عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنهما، أمير المؤمنين، وثالث الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #902  
قديم 20-10-2022, 10:37 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,836
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح أثر عثمان من طريق أخرى: (اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله يعني: ابن المبارك عن يونس عن الزهري حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث أن أباه قال: سمعت عثمان رضي الله عنه يقول: اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث، فإنه كان رجل ممن خلا قبلكم يتعبد ويعتزل الناس، فذكر مثله، قال: فاجتنبوا الخمر، فإنه والله لا يجتمع والإيمان أبداً إلا يوشك أحدهما أن يخرج صاحبه ].أورد النسائي الأثر عن عثمان رضي الله عنه من طريق أخرى وهو مثل الذي قبله إلا أن فيه عدم ذكر القصة التي هي قصة الذي خلا من قبلنا، فهنا إحالة إلى الرواية السابقة، حيث قال: مثله، فذكر مثله، أي: مثل الذي تقدم في الحديث الذي قبله من ذكر قصة الرجل الذي دعته تلك المرأة للشهادة، وانتهى الأمر إلى ما انتهى إليه من شرب الخمر وقتل الغلام والوقوع على تلك المرأة الوضيئة الجميلة.
تراجم رجال إسناد أثر عثمان من طريق أخرى: (اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث ...)

قوله: [ أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن يونس حدثني الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن أن أباه قال: سمعت عثمان ].وقد مر ذكرهم جميعاً.
[عن يونس ].
هو يونس بن يزيد الأيلي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (من شرب الخمر فلم ينتش لم تقبل له صلاة ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أبو بكر بن علي حدثنا سريج بن يونس حدثنا يحيى بن عبد الملك عن العلاء وهو ابن المسيب عن فضيل عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (من شرب الخمر فلم ينتش لم تقبل له صلاة مادام في جوفه أو عروقه منها شيء، وإن مات مات كافراً، وإن انتشى فلم تقبل له صلاة أربعين ليلة، وإن مات فيها مات كافراً)، خالفه يزيد بن أبي زياد ].أورد النسائي حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: من شرب الخمر فلم ينتش لم تقبل له صلاة مادام في جوفه أو عروقه منها شيء،لم تقبل له صلاة مادام في جوفه أو عروقه منها شيء.
لم تقبل له صلاة مادام في جوفه أو عروقه منها شيء، يعني: أن عقوبته في هذه الحالة التي هي كونه لم يصل إلى حد الإسكار، فإنه مادام أن في عروقه منها شيء، في الوقت الذي كان آثار الخمر موجودة في جسمه فإنه لا تقبل له صلاة، وهو أخف من الذي بعده الذي سيكون عدم القبول لمدة أربعين يوماً، وإن مات مات كافراً.
يعني: إذا كان مستحلاً للخمر أو لشرب الخمر فإنه يكون كافراً، وإن كان غير مستحل فإنه لا يكون كافراً، ولكنه وصل إلى أمر خطير وإلى أمر عظيم، وهو من الكفر دون الكفر.
(وإن انتشى فلم تقبل له صلاة أربعين ليلة).
يعني: إن سكر لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، يعني: معناه أنه يحرم ثواب تلك الصلوات ولا يحصل له ثواب لتلك الصلوات؛ لأنه حرم ذلك، وصارت عقوبته بأن حرم هذا الفضل العظيم، وتلك الصلوات التي صلاها لم يستفد منها شيء، وإن مات مات كافراً، وهو مثل الذي قبله.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر: (من شرب الخمر فلم ينتش لم تقبل له صلاة ...)


قوله: [أخبرنا أبو بكر بن علي ].وهو : أحمد بن علي المروزي، ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا سريج بن يونس ].
سريج بن يونس وهو ثقة أخرج حديثه البخاري ومسلم والنسائي .
[ حدثنا يحيى بن عبد الملك ].
يحيى بن عبد الملك ، وهو صدوق له أفراد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود ففي المراسيل.
[ عن العلاء وهو ابن المسيب ].
العلاء بن المسيب، ثقة ربما وهم، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[عن فضيل ].
وهو: ابن عمرو، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأبو داود في القدر، والترمذي، والنسائي، ابن ماجه.
[ عن مجاهد ].
وهو: مجاهد بن جبر المكي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر] .
هو: عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهم: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير ، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
وهو موقوف من كلامه، ولكن له حكم الرفع؛ لأن مثل ذلك لا يقال بالرأي.
شرح حديث: (من شرب الخمر فجعلها في بطنه لم يقبل الله منه صلاة سبعاً ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا محمد بن آدم بن سليمان عن عبد الرحيم عن يزيد (ح) وأخبرنا واصل بن عبد الأعلى حدثنا ابن فضيل عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقال محمد بن آدم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ( من شرب الخمر فجعلها في بطنه لم يقبل الله منه صلاة سبعاً، إن مات فيها -وقال ابن آدم : فيهن- مات كافراً، فإن أذهبت عقله عن شيء من الفرائض -وقال ابن آدم : القرآن- لم تقبل له صلاة أربعين يوماً، إن مات فيها -وقال ابن آدم : فيهن- مات كافراً ) ].أورد النسائي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال محمد بن آدم : عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يعني: هذا اللفظ لفظ واصل بن عبد الأعلى ؛ لأنه ساقه على لفظ واصل ، ويبين الفروق أو الذي يختلف عنه شيخه الأول الذي هو محمد بن آدم بن سليمان ، فيقول: وقال: ابن آدم يعني: محمد بن آدم بن سليمان كذا يعني: من الفروق، فذكر أولاً أن واصل بن عبد الأعلى في روايته عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم، التعبير بالنبي صلى الله عليه وسلم، وقال محمد بن آدم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني: بفارق التعبير بالنبي والرسول، التعبير أن الشيخ الثاني الذي هو واصل بن عبد الأعلى عبر بالنبي عليه الصلاة والسلام، والشيخ الأول الذي محمد بن آدم ما عبر بالنبي، ولكنه عبر بالرسول صلى الله عليه وسلم.
وهذا يبين لنا الدقة التي عند العلماء في الألفاظ والمحافظة عليها، وأنه حتى مثل هذا اللفظ الذي لا يؤثر سواء قيل نبي أو قيل الرسول؛ لأن ذلك كله وصف للرسول صلى الله عليه وسلم، فهو النبي وهو الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن كون أن واحداً عبر بكذا وواحداً عبر بكذا ينبهون عليه، وهذا مما يبين ما سبق أن أشرت إليه من أن ذكر السيادة للرسول صلى الله عليه وسلم وتسييده عن ذكره صلى الله عليه وسلم دائماً وأبداً ليس هذا منهج السلف وليست هذه طريقتهم؛ لأن الأحاديث تنتهي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في مختلف الكتب، وكلها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، أو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا، أو أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا وكذا، ولو كان هناك شيء لنقل وأبقي عليه، كما ذكروا الفرق بين النبي والرسول، مثلما ذكروا الفرق بين النبي والرسول، هذا عبر بالنبي وهذا عبر بالرسول وما أغفلوا هذا، فلو كان هناك شيء من التعبير من هذا القبيل ما أغفلوه وما تركوه، ولكن هذا شأنهم، وهذه طريقتهم التي كانوا يفعلونها، وكل ذلك حذراً من الغلو، وأن يقدموا على شيء قد يؤدي إلى غلو، ولهذا في بعض الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له: ( يا خيرنا! ويا سيدنا! قال: قولوا بقولكم أو بعض قولكم، ولا يستهوينكم الشيطان، إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله ) صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
إذاً: هذا التفريق الذي ذكره النسائي عن شيخيه حيث عبر أحدهما عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بالنبي والثاني بالرسول صلى الله عليه وسلم يدلنا على العناية الفائقة، والمحافظة على الألفاظ من الرواة أو من المؤلفين، حيث يعتنون بإثبات الشيء كما هو.
قوله: (من شرب الخمر فجعلها في بطنه، لم يقبل الله منه صلاة سبعاً)، يعني: سبعة أيام.
( إن مات فيها -وقال ابن آدم : فيهن- مات كافراً ).
(إن مات فيها) هذا لفظ واصل بن عبد الأعلى ، ومحمد قال: فيهن، يعني: هذا التعبير فيها، وقال هذا: فيهن،
( فإن أذهبت عقله عن شيء من الفرائض، -وقال ابن آدم : القرآن- لم تقبل له صلاة أربعين يوماً ).
ثم ذكر أيضاً عبارة واصل بن عبد الأعلى يعني: قال من الفرائض، ومحمد بن آدم قال: من القرآن، لم تقبل له صلاة أربعين يوماً.
( إن مات فيها، -وقال ابن آدم : فيهن- مات كافراً ).
قوله: (مات فيها) التعبير هذا لـواصل بن عبد الأعلى ، و(فيهن)، بدل (فيها) هذا لـمحمد بن آدم ، وهذا مثل أثر: عبد الله بن عمر المتقدم، إلا أن هذا ذكره مرفوع، وهو يشبه؛ لأنه مادام في بطنه إلا أن فيه التعبير بالسبع، وأنه لا تقبل له صلاة يعني هذه المدة، وهناك قال: مادامت في عروقه، يعني: المدة التي تكون موجودة في بطنه، وكلهم متفقون على أنه إذا سكر أنه لا تقبل له صلاة أربعين يوماً، والحديث هذا المرفوع ضعفه الألباني ، ولعله من أجل يزيد بن أبي زياد الذي في الإسناد فإن الحافظ في التقريب قال: إنه ضعيف.
تراجم رجال إسناد حديث عبد الله بن عمرو: (من شرب الخمر فجعلها في بطنه لم يقبل الله منه صلاة سبعاً ...)

قوله:[ أخبرنا محمد بن آدم بن سليمان ].هو: محمد بن آدم بن سليمان الجهني، صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي .
[ عن عبد الرحيم ].
هو: عبد الرحيم بن سليمان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يزيد ].
هو: يزيد بن أبي زياد ، وهو ضعيف، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن.
[ ح وأخبرنا واصل بن عبد الأعلى ].
ثم قال: (ح) وهي للتحول من إسناد إلى إسناد، واصل بن عبد الأعلى ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن.
[ حدثنا ابن فضيل ].
هو: محمد بن فضيل بن غزوان، صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو ].
وقد مر ذكرهم جميعاً.
توبة شارب الخمر


شرح حديث: (من شرب الخمر شربة لم تقبل له توبة أربعين صباحاً، فإن تاب تاب الله عليه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ توبة شارب الخمر.أخبرنا القاسم بن زكريا بن دينار حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا أبو إسحاق حدثنا الأوزاعي حدثني ربيعة بن يزيد (ح) وأخبرني عمرو بن عثمان بن سعيد عن بقية عن أبي عمرو وهو: الأوزاعي عن ربيعة بن يزيد عن عبد الله بن الديلمي أنه قال: دخلت على عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما وهو في حائط له بالطائف يقال له: الوهط، وهو مخاصر فتى من قريش يزن ذلك الفتى بشرب الخمر، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (من شرب الخمر شربة لم تقبل له توبة أربعين صباحاً، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد لم تقبل توبته أربعين صباحاً، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد كان حقاً على الله أن يسقيه من طينة الخبال يوم القيامة ) اللفظ لـعمرو ].
أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: توبة شارب الخمر.
ومن المعلوم أن التوبة بابها مفتوح، وهي تجب ما قبلها، ومن تاب تاب الله عليه، والتوبة التي تكون نافعة ومقبولة هي النصوح التي اجتمع فيها شروط، وهي: الإقلاع من الذنب، والندم على ما حصل في الماضي، والعزيمة في المستقبل على أن لا يعود إليه، هذه ثلاثة شروط: يقلع، يعني: يكف وينقطع ويترك، ويندم على الفعل الذي قد مضى من الذنوب في هذه المعاصي، ويعزم يقعد العزم على أن لا يعود إليه في المستقبل، وإن كان الأمر يتعلق بحقوق للناس فإن عليه أن يتخلص من هذه الحقوق؛ إن كانت مالاً رد المال إلى أهله، وإن كانت غير مال بأن تتعلق بالكلام وما إلى ذلك فإنه يستميح ويطلب منهم الحل والمسامحة، فهذه الشروط هي التي تكون التوبة نافعة ومقبولة عند الله عز وجل، والنسائي رحمه الله أورد حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.
يقول عبد الله بن الديلمي : ( دخلت على عبد الله بن عمرو بن العاص وهو في حائط له بالطائف يقال له: الوهط، وهو مخاصر فتى من قريش يزن ذلك الفتى بشرب الخمر ).
الشيخ: يقول: (دخلت على عبد الله بن عمرو بن العاص في حائط له يقال له: الوهط، في الطائف، وهو مخاصر فتى من قريش)، مخاصر: فسر بأنه ماسك يده، وكل واحد يده على خاصرة الآخر؛ بأنهم متماسكين اليدين، وأيديهم نازلة، وهم يمشون متجاورين، وكل واحد يده عند خاصرة الآخر، خصره الذي هو وسطه، معناه: أنه يمشي هو وإياه، أو واقف هو وإياه يعني: يتحدثون (يزن ذلك الفتى بشرب الخمر)، يعني: يتهم، ومنه قول حسان رضي الله عنه في مدح عائشة والثناء عليها، يقول:
حصان رزان لا تزن بريبة
لا تزن يعني: لا تتهم ، وهنا يزن بشرب الخمر، يعني: يتهم بشرب الخمر.
(فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من شرب الخمر شربة)، يعني: مرة من المرات، (لم تقبل له توبة أربعين صباحاً)، قيل: معنى ذلك: أنه لا يوفق للتوبة في هذه المدة، وقيل: معنى ذلك: أنه حرم أجر تلك الصلوات التي هي مدة أربعين يوماً، فلو تاب فإنه قد حرم ذلك؛ لأنه لما شرب الخمر أربعين صلاة حرم إياها، ومعنى هذا: أنه لو تاب فإنه لا يفيده أن تعود إليه تلك الصلوات التي ذهبت، وإنما أكثر ما في الأمر أنه عوقب بعدم قبول تلك الصلوات، فلا يفيده شيئاً أن يتوب ولا ترجع إليه تلك الصلوات؛ لأنه عوقب بذلك.
( فإن تاب تاب الله عليه ).
يعني: بعد ذلك، (تاب الله عليه)، يعني: بعد تلك المدة، فإن تاب تاب الله عليه.
( تاب الله عليه، فإن عاد لم تقبل توبته فإن عاد إلى الشرب لم تقبل توبته أربعين صباحاً )، يعني: مثل ذلك، يعني: تلك المدة التي حرم ثوابها، وهي: أربعين صلاة بسبب شربه الخمر للمرة الثانية، أيضاً أربعين صباحاً لا تقبل له.
(صباحاً) يعني: يوماً، فالمقصود مثل ما تقدم، ليلة أو صباحاً، المقصود بذلك أنه يعبر عن الشيء ببعضه أو بجزئه.
( فإن تاب تاب الله عليه ).
(فإن تاب)، يعني: بعد ذلك تاب الله عليه، يعني: كون تلك العقوبة عوقب بها، ولكنه كونه تاب يتوب الله عز وجل عليه، ولكنه حرم ذلك الأجر الذي حصل.
( فإن عاد كان حقاً على الله أن يسقيه من طينة الخبال يوم القيامة ).
فإن عاد للمرة الثالثة فإنه حق على الله أن يسقيه من طينة الخبال، وقد جاء بيانها أنها عصارة أهل النار وصديد أهل النار الذي يخرج منهم، وهذا معناه إذا كان أنه بلغ الخبث في إدمان الخمر والمداومة عليها، وأنه يعاقب بتلك العقوبات العظيمة، ومع ذلك لا يعتبر ولا يتعظ، ثم بعد ذلك يعود، فإن الله عز وجل يسقيه من طينة الخبال، وهي الصديد الذي يخرج من أهل النار والعياذ بالله، وهو أقبح ما يكون وأخس ما يكون.
تراجم رجال إسناد حديث: (من شرب الخمر شربة لم تقبل له توبة أربعين صباحاً، فإن تاب تاب الله عليه)


قوله: [ أخبرنا القاسم بن زكريا بن دينار ].القاسم بن زكريا بن دينار ، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه.
[ عن معاوية بن عمرو ].
معاوية بن عمرو، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي إسحاق ].
هو: الفزاري، وهو: إبراهيم بن محمد بن الحارث، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الأوزاعي ].
هو: عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ربيعة بن يزيد ].
ربيعة بن يزيد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[(ح) وأخبرني عمرو بن عثمان بن سعيد ].
(ح) للتحويل، وعمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود والنسائي، وابن ماجه.
[ عن بقية ].
هو: بقية بن الوليد الحمصي ، وهو صدوق كثير التدليس عن الضعفاء، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن أبي عمرو وهو الأوزاعي عن ربيعة بن يزيد عن عبد الله بن الديلمي عن عبد الله بن عمرو ].
عبد الله بن الديلمي، وهو: عبد الله بن فيروز الديلمي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة.
شرح حديث: (من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة عن مالك والحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا اسمع واللفظ له: عن ابن القاسم حدثني مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة ) ].أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة )، من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها فإنه يحرم خمر الآخرة، وهي التي تكون في الجنة، والتي أعد الله تعالى فيها من النعيم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ومن ذلك: الخمر، وهي تختلف عن خمر الدنيا كما جاء ذلك في القرآن الكريم، بأن الأمور التي في خمر الدنيا قد سلمت منها خمر الآخرة، ووصفها الله عز وجل بأنها لذة للشاربين: وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ [محمد:15]، يعني: ما فيها الصداع، ولا فيها ذهاب العقل، ولا فيها أي شيء فيه مضرة مما يكون في الدنيا، فيعاقب عليها بأنه يحرم شربها في الآخرة، وهذا لا يعني أنه يكون كافراً إلا مع الاستحلال، فهو إن شربها مستحلاً فإنه لا يشربها في الآخرة ولا يدخل الجنة أبداً؛ لأنه يكون بذلك كافراً، وإن كان غير مستحل ولكنه يكون عاصياً، فإنه مثلما جاء في بعض النصوص أنه لا يحصل له مثلما يحصل للذين سلموا من ذلك من التنعم في أول الأمر، بل يحصل له وقت يحال بينه وبين ذلك، وهذا إن لم يتب الله عليه، وأما إن تاب الله عليه فإنه يستفيد من أول وهلة، ولكن هذه عقوبته إن أراد الله تعالى عقوبته، وإن عفا عنه وتجاوز فإنه يستفيد من أول وهلة.
تراجم رجال إسناد حديث: (من شرب الخمر في الدنيا، ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة)

قوله: [أخبرنا قتيبة عن مالك ].قتيبة مر ذكره.
ومالك هو ابن أنس إمام دار الهجرة، الإمام الفقيه المشهور.
[ والحارث بن مسكين ].
الحارث بن مسكين، هو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي .
[ عن ابن القاسم ].
هو: عبد الرحمن بن القاسم ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي .
[ عن مالك عن نافع عن ابن عمر ].
نافع هو: مولى ابن عمر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
عن ابن عمر وقد مر ذكره.
وفي الحديث المتقدم حديث عبد الله بن عمرو : ( من شرب الخمر شربة لم تقبل له توبة أربعين صباحاً، فإن تاب تاب الله عليه )، قوله: ( لم تقبل له توبة أربعين صباحاً )، يعني: كأن المقصود بهذا أن توبته لا تفيده في قضية السلامة من تلك العقوبة التي هي فوات الأجر، يعني: الأجر قد فات عليه بشربه الخمر، ولكن كونه يتوب من شرب الخمر يتوب الله عز وجل عليه بأنه لا يحصل ضرراً في الآخرة بسبب الخمر، وإلا الأربعين صلاة هذه ذهبت عليه، يعني: مثل قوله: ( لن تقبل له صلاة أربعين يوماً )، يعني: معناه أنه ذهبت عليه الصلاة، فتوبته في أثنائها ما تفيده؛ لأنها قد ذهبت عليه.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #903  
قديم 20-10-2022, 10:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,836
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الأشربة

(503)


- (باب الرواية في المدمنين في الخمر) إلى (باب ذكر الأخبار التي اعتل بها من أباح شراب السكر)



لقد بين النبي صلى الله عليه وسلم حرمة الخمر، وحذر من شربها، كما بين أنه لا يدخل الجنة مدمن خمر، ومن المعلوم أن نفي دخول الجنة للعاصي ليس المقصود به عدم دخولها أبداً.
الرواية في المدمنين في الخمر


شرح حديث: (لا يدخل الجنة منان ولا عاق ولا مدمن خمر)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ الرواية في المدمنين في الخمر.قال: أخبرنا محمد بن بشار عن محمد قال: حدثنا شعبة عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن نبيط عن جابان عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ( لا يدخل الجنة منان، ولا عاق، ولا مدمن خمر ) ].
يقول النسائي رحمه الله: الرواية في المدمنين الخمر.
المدمن للخمر هو: الذي يداوم أو مستمر أو مفتون بها، بحيث يشربها باستمرار، هذا هو المدمن للخمر، والرواية أي: ما ورد من الوعيد الشديد في حق من يكون كذلك، وقد أورد النسائي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما: ( لا يدخل الجنة منان، ولا عاق، ولا مدمن خمر )، فهذا الحديث فيه إثم هؤلاء الثلاثة، وعظيم جرمهم، وأنهم لا يدخلون الجنة، ومن المعلوم أن نفي دخول الجنة في المعاصي ليس المقصود به عدم دخولها أبداً؛ لأن من كان من أهل الإيمان ومن أهل التوحيد وماتوا على ذلك، فإنه لابد وأن يدخل الجنة، ولو دخل النار ومكث فيها ما شاء الله أن يمكث فإنه لابد من خروجه من النار ودخوله الجنة.
ولكن الذنوب الكبيرة إذا استحلها الإنسان أو ما علم من دين الإسلام بالضرورة واستحله الإنسان فإنه يكفر باستحلاله، ومن يكون كذلك لا يدخل الجنة؛ لأن من يكون كافراً لا يدخل الجنة، ولكن من كان غير مستحل فإن نفي دخوله الجنة ليس نفياً مؤبداً، وإنما هو نفي لفترة معينة وهي المدة التي شاء الله عز وجل أن يعذب فيها في النار، ثم يدخل الجنة بعد ذلك؛ لأن كل من مات على التوحيد وعنده ذنوب وكبائر وشاء الله عز وجل دخوله النار، فإنه لابد من خروجه من النار ولابد أن يدخل الجنة، وعلى هذا فيكون لا يدخلها مع أول من يدخلها إذا شاء الله عز وجل أن يعذب، وإن تجاوز الله عنه وعفا عنه فإنه يدخل الجنة بفضله وكرمه سبحانه وتعالى.
والمنان هو الذي يمن بما أعطى، وكلمة (منان) هي للمبالغة، يعني: أن من شأنه ذلك ومن صفته ذلك، والعاق هو العاق لوالديه، ومدمن الخمر هو المداوم على شربها والملازم لشربها، فإن هؤلاء الثلاثة عقوبتهم عظيمة وذنبهم كبير كما جاء ذلك في هذا الحديث وغيره من الأحاديث الكثيرة.
تراجم رجال إسناد حديث: (لا يدخل الجنة منان ولا عاق ولا مدمن خمر)

قوله:[ أخبرنا محمد بن بشار] .محمد بن بشار، هو: الملقب بندار ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[حدثنا محمد ].
هو: ابن جعفر، الملقب غندر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن شعبة ].
هو: شعبة بن الحجاج الواسطي، ثم البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن منصور] .
هو: منصور بن المعتمر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سالم بن أبي الجعد ].
سالم بن أبي الجعد ، وهو ثقة يرسل كثيراً، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن نبيط ].
نبيط، وهو مقبول، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن جابان ].
جابان، وهو مقبول أيضاً، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن عبد الله بن عمرو ].
هو: عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، وهو صحابي جليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
والحديث فيه مقبولان، ولكن الحديث له شواهد، وقد جاء له شواهد، فهو حديث ثابت.
شرح حديث: (من شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها .. لم يشربها في الآخرة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن حماد بن زيد حدثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ( من شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها لم يتب منها لم يشربها في الآخرة ) ].أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما: ( من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها لم يشربها في الآخرة )، يعني: أنه مات غير تائب، ومن تاب تاب الله عليه؛ لأن (من تاب من الذنب كمن لا ذنب)، وإنما العقوبة هذه لمن لم يتب، (من شرب الخمر ثم مات ولم يتب منها لم يشربها في الآخرة)، يعني: يعاقب بأنه لا يشربها في الآخرة.
تراجم رجال إسناد حديث: (من شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها ... لم يشربها في الآخرة)

قوله: [أخبرنا سويد ].هو: سويد بن نصر المروزي ، ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي .
[أخبرنا عبد الله ].
هو: ابن المبارك المروزي، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا حماد بن زيد ].
حماد بن زيد ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أيوب ].
هو: أيوب بن أبي تميمة السختياني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن نافع ].
وهو: مولى ابن عمر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن عمر].
هو: عبد الله بن عمر الخطاب رضي الله عنهما، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حديث ابن عمر: (من شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها لم يشربها في الآخرة) من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا يحيى بن درست حدثنا حماد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( من شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها لم يشربها في الآخرة ) ].أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله.
قوله:[ أخبرنا يحيى بن درست ].
يحيى بن درست ، هو ثقة أخرج حديثه الترمذي والنسائي وابن ماجه.
[حدثنا حماد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر] .
وقد مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.
أثر الضحاك: (من مات مدمناً للخمر نضح في وجهه بالحميم حين يفارق الدنيا) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن الحسن بن يحيى عن الضحاك أنه قال من مات مدمناً للخمر نضح في وجهه بالحميم حين يفارق الدنيا ].أورد النسائي هذا الأثر عن الضحاك هو ابن مزاحم قال: (من مات مدمناً للخمر نضح في وجهه بالحميم حين يفارق الدنيا).
يعني: هذا أثر عن الضحاك بن مزاحم، ويقال له المقطوع؛ لأن ما انتهى سنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقال له مرفوع، وما انتهى إلى الصحابي قيل له: موقوف، وما انتهى إلى التابعي أو من دونه قيل له: مقطوع.
ومثل ذلك: إذا جاء عن صحابي يكون له حكم الرفع، لكن ما جاء عن التابعين ومن دونهم لا يكون كذلك، ويمكن أن يكون هذا أخذه من بعض الكتب المتقدمة، أو رواه عن غيره، لكن مثل هذه الأمور الغيبية لا تثبت إلا بالدليل، ومن المعلوم أن كلام غير الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة الذي له حكم الرفع لا يعتبر ثابتاً، ويعتقد ما يقتضيه بناءً على قول من دون الصحابة مما يكون له حكم الرفع، فهذا فيه زجر وفيه كلام شديد في حق من يكون شارباً للخمر ومدمناً لها، ويمكن أن يكون ذلك أخذه من بعض الكتب السابقة، أو مما اطلع عليه مأثوراً عن المتقدمين، ومن حيث الثبوت لا يثبت مثل ذلك ولا يقال: إن هذا ثابت.
قوله: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن الحسن بن يحيى ].
سويد وعبد الله مر ذكرهما، والحسن بن يحيى ، مقبول أخرج حديثه النسائي .
[ عن الضحاك ].
هو: الضحاك بن مزاحم ، وهو صدوق أخرج له أصحاب السنن الأربعة.
تغريب شارب الخمر


شرح أثر عمر في تغريب شارب الخمر


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ تغريب شارب الخمر.أخبرنا زكريا بن يحيى حدثنا عبد الأعلى بن حماد حدثنا معتمر بن سليمان حدثني عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب أنه قال: غرب عمر رضي الله عنه ربيعة بن أمية في الخمر إلى خيبر، فلحق بـهرقل فتنصر، فقال عمر رضي الله عنه: لا أغرب بعده مسلماً ].
أورد النسائي تغريب شارب الخمر، تغريبه هو جعله يكون في بلد غير البلد التي شرب فيها الخمر، في فترة معينة، وقد جاء التغريب في السنة في حق الزاني البكر، فإنه يجلد مائة جلدة كما جاء في القرآن، ويغرب مدة سنة، كما جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جاء عن عمر رضي الله عنه في هذا الأثر: (أنه غرب ربيعة بن أمية في شرب الخمر إلى خيبر، فلحق بـهرقل وتنصر، وقال عمر رضي الله عنه: لا أغرب بعد ذلك مسلماً).
قوله: (لا أغرب بعد ذلك مسلماً)، يحمل على ما إذا كان عن طريق تغريبه عن طريق الاجتهاد، وعن طريق أنه رأى فيه المصلحة، أما ما ورد فيه نص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كالزنا، فإن هذا حكم ثابت، وهو من جملة الحد ومن جملة ما يجب تنفيذه، هذا هو الذي لابد منه، وأما الشيء الذي يحصل بالاجتهاد، فيمكن أن يحصل عن طريق التعزير في بعض الأمور، ويمكن أن يترك ذلك الذي يعزر به، فهذا هو الذي جاء عن عمر رضي الله عنه هو من قبيل التعزير وليس من قبيل الحد الثابت الذي لابد منه، والذي يتعين الإتيان به، بل رأى من المصلحة تعزيره بذلك، وأن التغريب قد يترتب عليه فائدة، من جهة أن المكان الذي حصل له فيه ذلك ينتقل إلى مكان آخر، وقد يختلط بأناس، وقد يكون في ذلك تأديب له، فيكون في ذلك مصلحة، الذي عن طريق التعزير هو الذي يمكن أن يترك، والذي عن طريق الحد كما في الزنا، فهذا حكم لابد منه؛ لأنه من جملة الحد.
تراجم رجال أثر عمر في تغريب شارب الخمر

قوله: [أخبرنا زكريا بن يحيى ].هو: زكريا بن يحيى السجزي ، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا عبد الأعلى بن حماد ].
عبد الأعلى بن حماد ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي .
[حدثنا معتمر بن سليمان ].
هو: معتمر بن سليمان بن طرخان التيمي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثني عبد الرزاق ].
هو: عبد الرزاق بن همام الصنعاني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن معمر ].
هو: معمر بن راشد الأزدي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن المسيب ].
سعيد بن المسيب ، وهو ثقة، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمر ].
هو: عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، وهو ثاني الخلفاء الراشدين أمير المؤمنين، وصاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة، رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
والأثر ضعفه الألباني ، وقال: ضعيف الإسناد، ما أدري ما وجه ضعفه للألباني ، إلا إن كان سعيد بن المسيب ما أدرك عمر ، انظر ترجمة سعيد بن المسيب .
أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار من كبار الثانية، اتفقوا على أن مرسلاته أصح المراسيل، وقال ابن المديني : لا أعلم في التابعين أوسع علماً منه، مات بعد التسعين وقد ناهز الثمانين.
يعني: بحدود عشرة من الهجرة، يعني: لما توفي عمر يكون عمره ثلاثة عشر أو قريباً من ذلك، أقول: لا أدري ما وجه التضعيف، والإسناد رجاله فيهم الثقة وفيهم الصدوق.
ذكر الأخبار التي اعتل بها من أباح شراب السكر


شرح حديث: (اشربوا في الظروف ولا تسكروا)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ذكر الأخبار التي اعتل بها من أباح شراب السكر.أخبرنا هناد بن السري عن أبي الأحوص عن سماك عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي بردة بن نيار رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( اشربوا في الظروف ولا تسكروا ) ].
أورد النسائي هذه الترجمة: ذكر الأخبار التي اعتل بها من أباح شراب السكر.
المقصود من هذه الترجمة ذكر الأخبار التي اعتل بها أي: اعتبرها علة واحتج بها من قال: إن الشراب الذي لا يسكر قليله وإن كان يسكر كثيره من غير العنب فإنه يكون سائغاً، وهو إشارة إلى ما قاله بعض فقهاء الكوفة من أن ما أسكر كثيره من غير العنب فإن قليله الذي لا يسكر لا بأس به، وأنه يباح ذلك، وسبق للنسائي أن ذكر بعض الأحاديث المتعلقة في تحريم القليل من الذي يسكر كثيره، وبين أن هؤلاء الذين يقولون بهذه المقالة مخادعون لأنفسهم، وأن الشربة الثالثة التي يكون بها الإسكار إنما حصل الإسكار بها لأنها مضمومة إلى الأولى والثانية، والشيء الكثير إنما وجد ببنائه على غيره، وإلا فإنه بمفرده إذا ضم بعضه إلى بعض وجمع بعضه إلى بعض وأجزائه يحصل الإسكار، فيكون حراماً ولو كان قليلاً، ثم أيضاً كما سبق أن عرفنا أن القليل أو تعاطي القليل الذي كثيره يسكر يكون وسيلةً إلى شرب الكثير الذي يسكر.
وقد سبق أن مر في ذلك الأحاديث التي فيها تحريم قليل ما أسكر كثيره، وهي نص في الموضوع: (ما أسكر كثيره فقليله حرام)، يعني: من أي شيء كان، وقد أورد النسائي جملة أحاديث، منها ما هو عام، ولا يقابل به الخاص الذي هو نص في محل النزاع، وهو القليل من كل ما أسكر، فإنه يكون حراماً، فالأحاديث التي استدلوا بها عامة، لا تدل على ما قالوه، بل النصوص الخاصة التي دلت على تحريم القليل من الشيء الذي أسكر كثيره هي المعول عليها، وهي التي يجب المصير إليها، ويجب البعد عن استعمال أي شيء هو مسكر ولو كان ذلك القليل منه لا يسكر.
أورد النسائي حديث أبي بردة بن نيار رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اشربوا في الظروف ولا تسكروا )، يعني: أنه أباح الشرب وقيده بعدم الإسكار، قالوا: فيفهم منه: أنه إذا وجد الشرب وهو لا يسكر، فإنه يكون حلالاً ويكون مباحاً، مادام أنه لم يسكر: (اشربوا ولا تسكروا)، المنع من الإسكار، وإذا كان هناك شيء دون الإسكار، معناه أنه داخل تحت قوله: (اشربوا) ولكن يقابل هذا الإطلاق الأحاديث التي فيها: ( ما أسكر كثيره فقليله حرام )، فإنه نص في تحريم ذلك القليل الذي لا يسكر.
تراجم رجال إسناد حديث: (اشربوا في الظروف ولا تسكروا)


قوله:[ أخبرنا هناد بن السري ].هو: هناد بن السري أبو السري ، ثقة، أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد، ومسلم، وأصحاب السنن.
[ عن أبي الأحوص ].
وهو: أبو الأحوص سلام بن سليم الحنفي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سماك ].
هو: سماك بن حرب ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن.
[ عن القاسم بن عبد الرحمن ].
هو: القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن.
[ عن أبيه].
وهو: عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي بردة بن نيار ].
أبو بردة بن نيار ، وهو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
حكم النسائي على الحديث بالنكارة وتوجيه الشيخ له


[ قال أبو عبد الرحمن : وهذا حديث منكر، غلط فيه أبو الأحوص سلام بن سليم ، لا نعلم أن أحداً تابعه عليه من أصحاب سماك بن حرب وسماك ليس بالقوي، وكان يقبل التلقين، قال أحمد بن حنبل: كان أبو الأحوص يخطئ في هذا الحديث، خالفه شريك في إسناده وفي لفظه ].والحديث كما هو معلوم معناه جاء في أحاديث، ( اشربوا ولا تشربوا مسكراً )، مر في أحاديث كثيرة في هذا، لكن الكلام على هذا من حيث الرواية أو من حيث كونه من هذه الطريق ما جاء إلا من طريق سماك ، وأبو الأحوص أخطأ فيه، وإلا فإن متنه ومعناه ثابت في أحاديث كثيرة سبق أن مر جملة منها في حديث أبي موسى، ومعاذ (أن فيها أشربةً كثيرةً، فما أشرب وما لا أشرب؟ قال: اشرب ولا تشرب مسكراً)، يعني: اشرب ما شئت، لكن بشرط أن لا تشرب مسكراً، فقوله: (اشربوا ولا تسكروا) هو مثل تلك الأحاديث، لكن القدح فيه هو من حيث التفرد به، ومن حيث الرواية من هذه الطريق، وأما من حيث المتن فإن معناه ثابت، ولكن الإطلاق الذي فيه يقابله التنصيص على تحريم القليل الذي لا يسكر من الشيء الذي كثيره يسكر.
قوله: ( اشربوا ولا تشربوا مسكراً )، يعني: يشربون الشيء الذي ليس خمراً، يعني: كالأشربة التي كثيرها وقليها لا يسكر؛ لأنها ليست خمرا، وأما إذا كان الكثير يسكر فإن القليل من جنسه وداخل فيه، فلا يجوز شربه ولو لم يسكر، وقد ورد التنصيص على ذلك في الأحاديث التي أشرت إليها.
شرح حديث بريدة بن الحصيب: (أن رسول الله نهى عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن إسماعيل حدثنا يزيد أخبرنا شريك عن سماك بن حرب عن ابن بريدة عن أبيه رضي الله عنه: ( أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت )، خالفه أبو عوانة].أورد النسائي حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء والنقير والحنتم والمزفت )، وهذا ليس بواضح من حيث الترجمة؛ لأن الترجمة في إباحة نوع من الشراب يسكر كثيره وقليله لا يسكر، وهذا ليس فيه إلا النهي عن هذه الأشياء الأربعة، وهو في حديث بريدة بن الحصيب ، لكن سبق أن مر بنا أنه: ( نهيتكم عن الانتباذ في أوعية فانتبذوا في كل وعاء ولا تشربوا مسكراً )، فإذا كان مقصوده ما جاء عن بريدة في معنى حديث ابن نيار المتقدم فيكون واضح المقصود منه، ولكن هذا اللفظ ليس فيه إلا تحريم هذه الأشياء الأربعة التي هي ثابتة في أول الأمر، ولكنها نسخت كما جاء في حديث بريدة رضي الله عنه.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #904  
قديم 20-10-2022, 10:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,836
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله نهى عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت)

قوله:[ أخبرنا محمد بن إسماعيل ].هو: ابن إبراهيم بن علية، ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا يزيد ].
هو: ابن هارون ، وهو ثقة أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا شريك ].
وهو: ابن عبد الله القاضي ، وهو صدوق يخطئ كثيراً، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن.
[ عن سماك بن حرب عن ابن بريدة ].
سماك وقد مر ذكره، عن ابن بريدة وهو: سليمان بن بريدة ، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن.
[عن بريدة].
وهو: بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أثر عائشة: (اشربوا ولا تسكروا) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أبو بكر بن علي أخبرنا إبراهيم بن حجاج حدثنا أبو عوانة عن سماك عن قرصافة امرأة منهم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ( اشربوا ولا تسكروا ). قال أبو عبد الرحمن : وهذا أيضاً غير ثابت، وقرصافة هذه لا ندري من هي، والمشهور عن عائشة خلاف ما روت عنها قرصافة ].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها، وهو: ( اشربوا ولا تسكروا )، وهو مثل حديث أبي بردة بن نيار ، يعني: الكلام فيه كالكلام فيه، والنسائي قال: إنه غير ثابت، وقرصافة لا يعرف حالها، لكن معناه كما عرفنا جاء في أحاديث ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله: [أخبرنا أبو بكر بن علي ].
هو: أحمد بن علي المروزي، ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[أخبرنا إبراهيم بن حجاج ].
وهو: إبراهيم بن حجاج بن زيد، وهو ثقة يهم قليلاً، أخرج حديثه أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا أبو عوانة ].
هو: الوضاح بن عبد الله اليشكري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ سماك عن قرصافة ].
سماك وقد مر ذكره، وقرصافة ، مجهولة لا يعرف حالها، أخرج حديثها النسائي وحده.
[ عن عائشة ].
هي: أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق من أوعية السنة وحفظتها، حفظ الله بها السنة الشيء الكثير من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لاسيما ما يتعلق بأحوال البيوت، وما يجري بين الرجل وأهله، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح أثر عائشة: (لا أحل مسكراً وإن كان خبزاً ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن قدامة العامري أن جسرة بنت دجاجة العامرية حدثته قالت: سمعت عائشة رضي الله عنها سألها أناس كلهم يسأل عن النبيذ، يقول: ننبذ التمر غدوة ونشربه عشياً، وننبذه عشياً ونشربه غدوة؟ قالت: لا أحل مسكراً وإن كان خبزاً، وإن كانت ماء، قالتها ثلاث مرات ].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها (أنها سئلت عن النبيذ، وأنهم ينبذونه غدوة ويشربونه عيشة، وينبذونه عشية ويشربونه غدوة)، يعني: معناه يوماً واحداً أو ليلةً واحدةً، فهي رضي الله عنه أجابت بأنها قالت:
(لا أحل مسكراً وإن كان خبزاً وإن كان ماءً) يعني: التحريم يتعلق بالإسكار، فهو حرام، وإن كان وقع في أطيب الطيبات أو في الأشياء الطيبة، مادام أنه مسكر فإنه يكون حراماً، على أي حالة كان ومن أي جهة كان، وهي سئلت عن النبيذ، وأجابت بكلام عام يتعلق بالإسكار، ومحل الشاهد منه للترجمة قولها: (لا أحل مسكراً)، ومعنى هذا إذا كان القليل لا يسكر فإنه يكون حلالاً على قول القائلين بذلك، ولكن الأحاديث الخاصة التي جاءت بمنع ذلك هي المقدمة، وهي التي يجب التعويل عليها.
تراجم رجال إسناد أثر عائشة: (... لا أحل مسكراً وإن كان خبزاً ...)

قوله: [أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن قدامة العامري ].سويد بن نصر عن عبد الله تقدم ذكرهما ، وقدامة العامري، هو: قدامة بن عبد الله العامري ، وهو مقبول أخرج حديثه النسائي، وابن ماجه.
[أن جسرة بنت دجاجة حدثته].
جسرة بنت دجاجة ، وهي مقبولة، أخرج حديثها أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[سمعت عائشة ].
عائشة وقد مر ذكرها.
شرح حديث: (نهيتم عن الدباء، نهيتم عن الحنتم...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد بن نصر أنبأنا عبد الله عن علي بن المبارك حدثتنا كريمة بنت همام أنها سمعت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها تقول: ( نهيتم عن الدباء، نهيتم عن الحنتم، نهيتم عن المزفت، ثم أقبلت على النساء فقالت: إياكن والجر الأخضر، وإن أسكركن ماء حبكن فلا تشربنه)]. أورد النسائي حديث عائشة قالت: (نهيتم عن الدباء)، ومن المعلوم أن قول الصحابي إذا قال: (نهيتم أو نهي أو نهينا، الناهي هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم نهيت عن كذا أو أمرت بكذا، فالآمر والناهي هو الله عز وجل، نهيتم عن الدباء، نهيتم عن الحنتم نهيتم عن المزفت، ثم أقبلت على النساء فقالت: إياكن والجر الأخضر).
والجر الأخضر هو الحنتم، كما سبق أن مر بنا أن الحنتم جرار خضر كانوا ينبذون بها، وكان ذلك في أول الأمر، والمقصود بالمنع هو ما وصل إلى حد الإسكار، وأما ما لم يصل إلى حد الإسكار فإنه يكون مباحاً إذا كان لا يسكر القليل والكثير، كما جاء في حديث بريدة بن الحصيب الذي سبق أن مرت الإشارة إليه مراراً: ( كنت نهيتكم عن الانتباذ في أوعية، فانتبذوا في كل وعاء ولا تشربوا مسكراً ).
ثم قالت للنساء: (وإن أسكركن ماء حبكن، فلا تشربنه).
الحب: بضم المهملة فتشديد في الصحاح هو الخابية فارسي معرب.
فما أدري ما المقصود (بماء حبكن)، لكن يحتمل أن يكون المقصود أنه لو رغبنه وأحببنه حباً شديداً وأسكرهن حبه، بمعنى أنه بلغ الغاية في افتتانهن به ورغبتهن به فإنهن لا يشربه، ولا أدري ما معنى هذا الكلام الذي قاله المحشي؛ أن الخابية فارسي معرب نقلاً عن الصحاح.
ويحتمل أن تكون الخابية بمعنى الجرة.
فيمكن ذلك، إذا كان المقصود بها ماء جرة، وأن الحب معربة، وأن المقصود به جرة فيقال لها الخابية.
تراجم رجال إسناد حديث: (نهيتم عن الدباء، نهيتم عن الحنتم...)


قوله:[ أخبرنا سويد بن نصر أنبأنا عبد الله عن علي بن المبارك ].سويد بن نصر، وعبد الله مر ذكره، وعلي بن المبارك ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثتنا كريمة بنت همام ].
كريمة بنت همام، وهي مقبولة، أخرج حديثها النسائي، وأبو داود.
[ أنها سمعت عائشة ].
عن عائشة وقد مر ذكرها.
شرح حديث: (كان رسول الله ينهى عن كل مسكر)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا خالد حدثنا أبان بن صمعة حدثتني والدتي عن عائشة رضي الله عنها أنها سئلت عن الأشربة، فقالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينهى عن كل مسكر ) واعتلوا بحديث عبد الله بن شداد عن عبد الله بن عباس].أورد النسائي حديث عائشة، وهو ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن كل مسكر )، ومحل الشاهد منه، معروف وهو: (نهى عن المسكر)، وأما إذا كان لا يسكر قليله فهم يستدلون بعمومه على حل ذلك، وكما عرفنا ما هو نص في القليل وتحريمه مقدم على ذلك اللفظ العام الذي يفهم منه ما فهموه.
تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله ينهى عن كل مسكر)


قوله:[ أخبرنا إسماعيل بن مسعود ].هو: إسماعيل بن مسعود أبو مسعود البصري، ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا خالد ].
هو: خالد بن الحارث البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبان بن صمعة ].
أبان بن صمعة، وهو صدوق أخرج حديثه مسلم، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثتني والدتي].
والدته، لا أعرف شيئاً عنها.
[ عن عائشة ].
عائشة وقد مر ذكرها.
شرح حديث: (حرمت الخمر قليلها وكثيرها والسكر من كل شراب)

قال المصنف رحمه الله تعالى: أخبرنا أبو بكر بن علي أخبرنا القواريري حدثنا عبد الوارث سمعت ابن شبرمة يذكره عن عبد الله بن شداد بن الهاد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: حرمت الخمر قليلها وكثيرها، والسكر من كل شراب، ابن شبرمة لم يسمعه من عبد الله بن شداد ]. أورد النسائي حديث (قليلها وكثيرها والسكر من كل شراب)، وهم فسروا الخمر بالعنب، يعني: القائلين بإباحة قليل ما يسكر خصوا ذلك بغير العنب، وأما العنب فما أسكر كثيره قليله حرام، ولهذا فسر الخمر بأنها ما كانت من العنب فيكون القليل والكثير حرام، وأما ما كان من غير العنب فالكثير المسكر حرام، والقليل الذي لا يسكر يكون حلالاً.
وقوله: (حرمت الخمر قليلها وكثيرها، والسكر من كل شراب)، يعني: لما ذكر الخمر والشيء الذي اعتاده الناس وعرفوه مثله السكر من كل شراب، فأي شراب يحصل منه الإسكار، بل غير الشراب لو كان جامداً أو كان مسحوقاً فإنه يكون حراماً.
تراجم رجال إسناد حديث: (حرمت الخمر قليلها وكثيرها والسكر من كل شراب)

قوله: [أخبرنا أبو بكر بن علي أخبرنا القواريري ].القواريري، هو عبيد الله بن عمر وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .
[حدثتنا عبد الوارث ].
هو: عبد الوارث بن سعيد ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[سمعت ابن شبرمة ].
هو: عبد الله بن شبرمة ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[ عن عبد الله بن شداد بن الهاد ].
عبد الله بن شداد بن الهاد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
هو: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال: [ابن شبرمة لم يسمعه من عبد الله بن شداد].
ابن شبرمة لم يسمعه من عبد الله بن شداد ، ثم ذكر بعد ذلك الأثر الحديث.
يذكره عن عبد الله بن شداد ، ثم الحديث الذي بعده يبين أن فيه واسطة ، لأن معناه أنه منقطع.
حديث: (حرمت الخمر بعينها قليلها وكثيرها...) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أبو بكر بن علي حدثنا سريج بن يونس حدثنا هشيم عن ابن شبرمة حدثني الثقة عن عبد الله بن شداد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: حرمت الخمر بعينها قليلها وكثيرها، والسكر من كل شراب، خالفه أبو عون محمد بن عبيد الله الثقفي ].أورد النسائي حديث ابن عباس من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله.
قوله:[ أخبرنا أبو بكر بن علي حدثنا سريج بن يونس ].
سريج بن يونس، ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم والنسائي .
[حدثنا هشيم ].
هو: هشيم بن بشير الواسطي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شبرمة حدثني الثقة عن عبد الله بن شداد].
عبد الله بن شداد هنا بين أن فيه واسطة، وأنه لم يسمع منه وأن الرواية يذكره، يعني: أن فيه انقطاع، وهنا قال: (الثقة).
ومن المعلوم أن الرواية عن الشخص مبهماً بذكره موثقاً، أن ذلك لا يعتبر عند العلماء حتى يسمى ويعرف؛ لأنه قد يكون ثقة عنده ومجروحاً عند غيره؛ لأن مجرد أن كونه يقول: ثقة لا يكفي؛ لأنه قد يكون ثقة عنده، ولكنه مجروح عند غيره.
ابن حجر رحمه الله في آخر التقريب في المبهمات يقول: هو عمار الدهني .
وعمار الدهني صدوق أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن.
[ عن عبد الله بن شداد عن ابن عباس ].
مر ذكرهما.
حديث: (حرمت الخمر بعينها قليلها وكثيرها...) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الحكم حدثنا محمد ح وأخبرنا الحسين بن منصور حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن مسعر عن أبي عون عن عبد الله بن شداد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: حرمت الخمر بعينها قليلها وكثيرها، والسكر من كل شراب، لم يذكر ابن الحكم قليلها وكثيرها ].أورد النسائي حديث ابن عباس من طريق أخرى، وهو مثلما تقدم.
قوله:[ أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الحكم ].
أحمد بن عبد الله بن الحكم ثقة، أخرج حديثه مسلم والترمذي والنسائي .
[ حدثنا محمد ].
هو: محمد بن جعفر ، وهو ثقة مر ذكره.
[ ح وأخبرنا الحسين بن منصور ].
الحسين بن منصور، ثقة، أخرج حديثه البخاري والنسائي .
[ حدثنا أحمد بن حنبل ].
أحمد بن حنبل، الإمام المشهور، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن مسعر ].
مسعر هو: مسعر بن كدام، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي عون ].
وهو: محمد بن عبيد الله الثقفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[ عن عبد الله بن شداد عن ابن عباس ].
عن عبد الله بن شداد عن ابن عباس ، وقد مر ذكرهما.
لم يذكر ابن الحكم (قليها وكثيرها).
يعني: أحد الشيخين؛ لأنه ذكر عن شيخين، الشيخ الأول هو: أحمد بن عبد الله بن الحكم ، يعني: ليس في روايته (قليلها وكثيرها)، وإنما (قليلها وكثيرها) في رواية الحسين بن منصور الشيخ الثاني.
حديث: (حرمت الخمر بعينها قليلها وكثيرها ...) من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا الحسين بن منصور حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا إبراهيم بن أبي العباس قال: حدثنا شريك عن عباس بن ذريح عن أبي عون عن عبد الله بن شداد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: حرمت الخمر قليلها وكثيرها، وما أسكر من كل شراب]. أورد النسائي حديث ابن عباس وهو مثلما تقدم.
[ قال أبو عبد الرحمن : وهذا أولى بالصواب من حديث ابن شبرمة ، وهشيم بن بشير كان يدلس، وليس في حديثه ذكر السماع من ابن شبرمة ، ورواية أبي عون أشبه بما رواه الثقات عن ابن عباس ].
يعني: هذا المقارنة بين حديث أبي عون وبين ابن شبرمة وذكر أن ابن شبرمة روى عنه هشيم بن بشير وهو مدلس ولم يصرح بالسماع، وأن هذا أولى الذي هو رواية أبي عون ، ولكن كما هو معلوم: أن المعنى جاء في أحاديث أن تحريم كل ما أسكر جاء في أحديث كثيرة.
قوله: [أخبرنا الحسين بن منصور حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا إبراهيم بن أبي العباس ].
إبراهيم بن أبي العباس، وهو ثقة أخرج حديثه النسائي وحده.
[ حدثنا شريك عن عباس بن ذريح ].
عباس بن ذريح ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والنسائي وابن ماجه.
[ عن أبي عون عن عبد الله بن شداد عن ابن عباس ].
أبو عون، وهو: محمد بن عبيد الله الثقفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب إلا ابن ماجه.
[ عن عبد الله بن شداد عن ابن عباس ].
مر ذكرهما.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #905  
قديم 20-10-2022, 11:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,836
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الأشربة

(504)

- تابع باب ذكر الأخبار التي اعتل بها من أباح شراب السكر



حرم الإسلام الخمر، سواء كان من التمر أو العنب أو الزبيب، وبيّن أن ما أسكر كثيره فقليله حرام، أما النبيذ فرخص فيه إذا انتبذ ثم شرب من الغد.
تابع ذكر الأخبار التي اعتل بها من أباح شراب السكر


شرح حديث: (... سبق محمد الباذق وما أسكر فهو حرام)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا قتيبة عن سفيان عن أبي الجويرية الجرمي قال: ( سألت ابن عباس رضي الله عنهما وهو مسند ظهره إلى الكعبة عن الباذق؟ فقال: سبق محمد الباذق، وما أسكر فهو حرام )، قال: أنا أول العرب سأله ].قد ذكر النسائي في الباب، وهو ذكر الأخبار التي اعتل بها من أباح السكر، ذكر جملة أحاديث، ومنها هذا الحديث، حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، أن أبا الجويرية الجرمي سأل ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وهو مسند ظهره إلى الكعبة، قال: (سأله عن الباذق)، وهو نوع من النبيذ، وهو الذي يقال له الطلاء، وقد مر فيما مضى، وسيأتي في ترجمة خاصة، فقال: ( سبق محمد صلى الله عليه وسلم الباذق )، يعني: أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد جاء بالنصوص المستوعبة للحوادث والقضايا التي تجد، وأنه ما من أمر يجد ويكون له اسم سواءً كان معروفاً من قبل أو غير معروف من قبل إلا وفي نصوص الشرع وفي قواعد الشرع ما يستوعبه وما يشمله؛ لأن الشريعة كاملة تتسع لاستيعاب الحوادث والأمور التي تجد والنوازل التي تقع؛ وذلك لأن الشريعة جاءت بنصوص خاصة وبنصوص عامة، فالنصوص العامة فيها العموم والشمول ودخول ما هو موجود وما لم يوجد، ولكنه يطابق ويندرج تحت ذلك اللفظ العام، وكذلك أيضاً من حيث قواعد الشرع، وكذلك من حيث القياس، وإلحاق المثيل بالمثيل، والشبيه بالشبيه إلى غير ذلك من الأمور التي يتضح بها استيعاب الشريعة للحوادث والنوازل التي تقع.
وقوله: ( سبق محمد الباذق )، يعني: أنه قد جاء عنه نصوص تشمل هذا الذي هذا اسمه، وغير ذلك مما جد ومما سيجد، وهذه العبارة مثل الحديث الذي فيه، حديث سلمان: ( أخبركم نبيكم عن كل شيء حتى الخراءة؟ قال: نعم، ثم ذكر أنه نهانا عن الاستنجاء برجيع أو عظم، وأن يمس الإنسان ذكره بيمينه ويستنجي بيمينه )، وذكر أموراً تتعلق بقضاء الحاجة، وأن الشريعة جاءت بذلك، وكذلك الحديث الذي يقول فيه الصحابي: ( توفي رسول الله عليه الصلاة والسلام وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا وأعطانا منه علماً؛ وذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير فهو حرام )، أتى بهذا الكلام العام الذي يندرج تحته كل ما كان من هذا القبيل، وما لم يكن من هذا القبيل فإنه يكون بخلاف ذلك، فهذه من النصوص العامة التي جاءت عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
قال: ( سبق محمد الباذق وما أسكر فهو حرام ) يعني: هذا مما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما أسكر فهو حرام)، سواء مما عرف اسمه، أو مما لم يعرف اسمه، وكذلك ما عرفت مادته وما لم تعرف مادته، (كل ما أسكر فهو حرام)، هذه قاعدة من قواعد الشرع، وهذا نص عام من نصوص الشرع يستوعب كل شيء وجد منه الإسكار، مما هو معروف للناس من قبل، ومما هو غير معروف لهم، ويدخل في ذلك ما كان سائلاً وما كان جامداً، وما كان من أشياء معروفة أو أشياء لا تعرف، كلما وجد الإسكار وجدت الحرمة؛ لأن الحكم أنيط بالإسكار.
قال: (أنا أول العرب سأله) يعني: سأل ابن عباس ، ولعله سأله عن هذا الموضوع أو سأله في ذلك المجلس الذي كان جالساً ومسنداً ظهره إلى الكعبة رضي الله تعالى عنه.
قوله: (مسند ظهره إلى الكعبة)، يعني: يدل على أن مثل ذلك جائز، وأنه ليس فيه امتهان أو إهانة، نعم، إذا وجد قصد الإهانة هذا هو الذي يكون معه التحريم، أما إذا لم يوجد شيئاً من ذلك فهذا يدل على الجواز.
ومد القدمين أو الرجلين، عندما يكون الإنسان في الصف وعلى يمينه رجال وعلى يساره رجال، وهو بحاجة إلى أن يمد رجليه فلا بأس بذلك.
تراجم رجال إسناد حديث: (... سبق محمد الباذق وما أسكر فهو حرام)

قوله: [أخبرنا قتيبة].هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سفيان ].
هو ابن عيينة المكي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي الجويرية ].
هو: أبو الجويرية الجرمي ، وهو: حطان بن خفاف ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي.
[ عن ابن عباس ].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وهم: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو ، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
دلالة قوله: (وما أسكر فهو حرام)

قوله: (وما أسكر فهو حرام)، يعني: معناه الذي لا يسكر فإنه يكون حلالاً، ومعناه: أن الشيء الذي يسكر هو الحرام، وما كان قليلاً لا يسكر فإنه لا يكون حراماً، لكن هذا اللفظ أو هذا الاستنتاج أو هذا الفهم يقابله نص خاص، وهو (ما أسكر كثيره فقليله حرام)، يعني: القليل الذي لا يسكر يكون حراماً؛ لأنه وسيلة إلى الأمر المحرم، ولأن الكثرة إنما جاءت ببناء الشيء بعضه على بعض؛ لأن الكثير أجزاء، وإذا كان المقدار الذي هو الشربة الثالثة تسكر فإن الثالثة مبنية على الأولى والثانية، وليس في الثالثة وحدها؛ لأنه لو كان المقصود به مقدار الثالثة ما حصل الإسكار، لكن الإسكار حصل بالمجموع، وعلى هذا فالتحريم أو المعنى واضح من جهة أن فيه ذريعةً ووسيلةً وشرب القليل يؤدي إلى شرب الكثير المسكر، والأمر الثاني: أن الكثير أو الشربة الثالثة مبنية على ما سبقها من أولى وثانية، وليس من الثالثة وحدها، بل منها مضمومة إلى ما تقدمها من الأولى والثانية.
شرح أثر ابن عباس: (من سره أن يحرم إن كان محرماً ما حرم الله ورسوله فليحرم النبيذ)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا أبو عامر والنضر بن شميل ووهب بن جرير قالوا: حدثنا شعبة عن سلمة بن كهيل أنه قال: سمعت أبا الحكم يحدث، قال ابن عباس رضي الله عنهما: من سره أن يحرم إن كان محرماً ما حرم الله ورسوله فليحرم النبيذ ].أورد النسائي أثر ابن عباس رضي الله تعالى عنه: من سره أن يحرم إن كان محرماً ما حرم الله ورسوله فليحرم النبيذ، المقصود من ذلك النبيذ الذي يكون في الجرار التي جاء فيها النص، كالدباء والحنتم والنقير والمزفت.. وما إلى ذلك، هذا هو المقصود، وهو الذي جاء عن ابن عباس في طرق كثيرة أنه نهى عن ذلك، وذلك لما يؤدي إليه من الإسكار، ولكن قد عرف أن الانتباذ في تلك الأوعية لا بأس به، لكن بشرط أن لا يشرب الناس مسكراً.
تراجم رجال إسناد أثر ابن عباس: (من سره أن يحرم إن كان محرماً ما حرم الله ورسوله فليحرم النبيذ)

قوله:[ أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ].هو: إسحاق بن إبراهيم بن راهويه، ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهو محدث فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[أخبرنا أبو عامر ].
هو أبو عامر العقدي، وهو: عبد الملك بن عمرو ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ والنضر بن شميل ].
و النضر بن شميل، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ووهب بن جرير ].
وهو: وهب بن جرير بن حازم ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا شعبة ].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي، ثم البصري ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سلمة بن كهيل ].
وهو أيضاً ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي الحكم ].
هو عمران بن الحارث السلمي، وهو ثقة أخرج حديثه مسلم والنسائي .
[ عن ابن عباس ].
وقد مر ذكره.
شرح أثر ابن عباس: (اجتنب ما أسكر من تمر أو زبيب أو غيره)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد بن نصر حدثنا عبد الله عن عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه أنه قال: قال رجل لـابن عباس : إني امرؤ من أهل خراسان وإن أرضنا أرض باردة، وإنا نتخذ شراباً نشربه من الزبيب والعنب وغيره، وقد أشكل علي فذكر له ضروباً من الأشربة فأكثر حتى ظننت أنه لم يفهمه، فقال له ابن عباس : إنك قد أكثرت علي، اجتنب ما أسكر من تمر أو زبيب أو غيره ].أورد النسائي أثر ابن عباس رضي الله عنه لما جاءه ذلك الرجل من خراسان، وسأله، وذكر له جملةً من الأشربة وأكثر عليه، حتى ظن من سمعه أنه لم يفهمه لكثرة ما يلقي عليه، ولكنه بعد ذلك أعطاه قاعدةً عامةً، قال: (اجتنب ما أسكر من تمر أو زبيب أو غيره)، مادام أنه يسكر اجتنبه، والذي لا يسكر لا بأس به.
تراجم رجال إسناد أثر ابن عباس: (اجتنب ما أسكر من تمر أو زبيب أو غيره)

قوله: [أخبرنا سويد بن نصر ].هو سويد بن نصر المروزي ، ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي .
[ حدثنا عبد الله ].
هو ابن المبارك المروزي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عيينة بن عبد الرحمن ].
هو عيينة بن عبد الرحمن بن جوشن ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن.
[ عن أبيه].
وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن.
[ عن ابن عباس ].
وقد مر ذكره.
شرح أثر ابن عباس: (نبيذ البسر بحت لا يحل )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أبو بكر بن علي حدثنا القواريري حدثنا حماد حدثنا أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: نبيذ البسر بحت لا يحل ].أورد النسائي أثر ابن عباس: نبيذ البسر بحت لا يحل، بحت يعني: خالص، يعني: وحده ليس معه شيء، وهذا من جنس النصوص التي سبق أن مرت، يعني: نهى نبيذ البسر وعن نبيذ التمر ونبيذ البلح ونبيذ كذا، وإذا كان مخلوطاً مع غيره، وإذا كان وحده، وقد عرفنا أن الحكم في ذلك هو المنع من كل ما وصل إلى حد الإسكار وإجازة كل شيء لم يصل إلى حد الإسكار.
تراجم رجال إسناد أثر ابن عباس: (نبيذ البسر بحت لا يحل )

قوله: [أخبرنا أبو بكر بن علي ].هو أحمد المروزي، ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا القواريري ].
هو عبيد الله بن عمر ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي .
[ حدثنا حماد ].
هو ابن زيد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أيوب ].
هو: أيوب بن أبي تميمة السختياني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن جبير ].
سعيد بن جبير ، ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
ابن عباس وقد مر ذكره.
قوله: نبيذ البسر بحت لا يحل.
الكلام على نبيذ البسر عند السندي

يعني: هذا ليس بواضح الدلالة على الترجمة؛ لأن هذا إذا أريد به ما جاء عن ابن عباس وعن غيره الانتباذ في تلك الأوعية فلا يحل من أجل ما يخشى من أن يتبادر إليه الإسكار، ولكن عرفنا بأنه نسخ ذلك، وأن المقصود منه ما كان يسكر، وأما ما لا يسكر فالذي هو في آخر الأمر جوازه، فهو ليس بواضح الدلالة على قضية الإباحة بالنسبة لهم، مثلما جاء فيما نهى عن نبيذ الحنتم، والمزفت، والمقير، وكذا إلى آخره، هذا من جنسه.يعني: كأن المقصود كونه (بحت)، يعني: إن وجد خالصاً، وأن كتابتها بغير ألف ليس بصحيح، بل الصحيح كونها بألف وأنها تكون بحتاً يعني: خالصاً، يعني: حالة كونه كذا.
وقول السندي في الشرح: (ومحمله المسكر والكائن في الأوعية المعلومة). معناه أن المسكر وحتى غير المسكر، ما دام الأوعية منع من الانتباذ فيها ولو لم تسكر، وذلك لأنها وسيلة للإسكار دون أن يعرف الإسكار، ولكنه بعد ذلك نسخ كما عرفنا، لكن الأمر الذي استقر هو المسكر، يعني: الإسكار هو الذي يكون مع تحريم، وبدون الإسكار يحل ولو انتبذ في أي وعاء، سواءً كان غليظاً أو رقيقاً كالجلود والأسقية.
البسر: طلع النخل قبل أن يزهي، قبل أن يكون زهواً مادام أخضر، سبق أن مر بنا أنه يكون بسراً ويكون زهواً، ويكون مذنباً بعضه أرطب وبعضه ما أرطب، ورطب وتمر.. كل هذه تتعلق بالنخل.
شرح أثر ابن عباس: (أنه جاءته امرأة تسأله عن نبيذ الجر فنهى عنه...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [قال: أخبرنا محمد بن بشار قال: حدثنا محمد قال: حدثنا شعبة عن أبي جمرة أنه قال: كنت أترجم بين ابن عباس وبين الناس، فأتته امرأة تسأله عن نبيذ الجر، فنهى عنه، قلت: يا أبا عباس إني أنتبذ في جرة خضراء نبيذاً حلواً فأشرب منه فيقرقر بطني، قال: لا تشرب منه، وإن كان أحلى من العسل ].أورد النسائي الأثر عن ابن عباس : [أنه جاءته امرأة تسأله عن نبيذ الجر، فنهى عنه، قلت: يا أبا عباس إني أنتبذ في جرة خضراء نبيذاً حلواً فأشرب منه فيقرقر بطني، قال: لا تشربه]، يعني: أنه داخل ضمن كون الرسول نهى عن الدباء والحنتم الذي هو الجرار الخضر، والمزفت والمقير والنقير، وقد عرفنا فيما مضى أنه احتمال أن يسارع إليه الإسكار دون أن يعلم، ولكنه بعد ذلك نسخ كما جاء في حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه، وهو غير واضح الدلالة على الترجمة.
قوله: (فيقرقر بطنه)، معناه يطلع له صوت، يعني: الصوت الذي في الأمعاء هذه هي القرقرة، وهي سماع صوت لجريان الشيء في الأمعاء.
تراجم رجال إسناد أثر ابن عباس: (أنه جاءته امرأة تسأله عن نبيذ الجر فنهى عنه...)

قوله: [أخبرنا محمد بن بشار ].محمد بن بشار، هو: الملقب بندار ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[حدثنا محمد ].
هو محمد بن جعفر، الملقب غندر ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة عن أبي جمرة ].
شعبة مر ذكره، وأبو جمرة ، هو: نصر بن عمران الضبعي ، وهو ثقة: أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
وقد مر ذكره.
ويذكر أنه ليس هناك في الصحابة من كنيته أبو العباس إلا عبد الله بن عباس هذا، وإلا سهل بن سعد الساعدي ، فإن هذين يقال لهما أبو العباس، وقال بعض أهل العلم: أنه ليس في الصحابة من يكنى أبو العباس إلا هذين.
شرح حديث: (... وأنهاكم عن أربع: عما ينبذ في الدباء والنقير والحنتم والمزفت)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [قال: أخبرنا أبو داود قال: حدثنا أبو عتاب وهو سهل بن حماد قال: حدثنا قرة قال: حدثنا أبو جمرة نصر قال: ( قلت لـابن عباس رضي الله عنهما: إن جدة لي تنبذ نبيذاً في جر أشربه حلواً، إن أكثرت منه فجالست القوم خشيت أن أفتضح، فقال: قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: مرحباً بالوفد ليس بالخزايا ولا النادمين، قالوا: يا رسول الله إن بيننا وبينك المشركين، وإنا لا نصل إليك إلا في أشهر الحرم، فحدثنا بأمر إن عملنا به دخلنا الجنة وندعو به من وراءنا، قال: آمركم بثلاث وأنهاكم عن أربع؛ آمركم بالإيمان بالله، وهل تدرون ما الإيمان بالله؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: شهادة أن لا إله إلا الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأن تعطوا من المغانم الخمس، وأنهاكم عن أربع: عما ينبذ في الدباء والنقير والحنتم والمزفت ) ].أورد النسائي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه وفد عبد القيس.
يقول: [كانت جدة لي تنبذ نبيذاً في جرة فأشربه حلواً، إن أكثرت منه فجالست القوم خشيت أن أفتضح]، يعني: أنه يظهر فيه مبادئ إسكار، [فخشيت أن أفتضح]، يعني: يظهر عليه شيء يدل على الإسكار أو مبادئ الإسكار، فأخبره بأن الرسول صلى الله عليه وسلم جاءه وفد عبد القيس، وهذا فيه أنه عند ذكر السؤال أو الاستفتاء يؤتى بالحديث أو يؤتى بالدليل، وهذا مما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، كانوا إذا سئلوا أجابوا بالأثر، يعني: فيقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، والجواب موجود ضمن قول الرسول صلى الله عليه وسلم، فيكون بذلك أعطاه الحكم والدليل، بهذه الطريقة اختصر الطريق، بدل ما يقول له ما هو الدليل، وأعطاه الدليل، أعطاه الحكم، وهو الدليل المشتمل على الحكم. فجاءه وفد عبد القيس، ووفد عبد القيس من ربيعة، وكانوا في البحرين، يعني: كان هذا في أول الهجرة، أول ما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.
[فقالوا: يا رسول الله إن بيننا وبينك المشركين، ولا نستطيع أن نصل إلا في الأشهر الحرم]، يعني: لا نصل إليك إلا في الشهر الحرام، وذلك أن الكفار يعظمون الأشهر الحرم، ولا يحصل منهم الأشياء التي تحصل في غير الأشهر الحرم؛ لأن عندهم لها احترام، فكانوا ينتهزون هذه الفرصة وهي وجود الأشهر الحرم حتى لا يؤذيهم أحد من المشركين، وسألوا الرسول صلى الله عليه وسلم [أن يأمرهم بأمر إذا عملوا به دخلوا الجنة، ويدعون من وراءهم]، وهذا يبين لنا ما كان عليه أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام من الحرص على معرفة الحق، والحرص على العمل به، والحرص على الدعوة إليه؛ لأن هذا مشتمل على الأمور الثلاثة؛ لأن معرفة الحق كونهم طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يأمرهم بأمر، وهذا الأمر الذي يأمرهم به إذا عملوه دخلوا الجنة، فهذا فيه العلم أولاً ثم العمل ثانياً، ثم قال: وندعو إليه من وراءنا، بأن نبلغه الناس الذين جئنا منهم حتى يستفيدوا كما استفدنا.
فهذه الأمور الثلاثة اشتمل عليها الحديث، وهي: العلم والعمل بالعلم، والدعوة إلى العلم أو إلى الحق والهدى، حيث قال: [نعمل به وندعو به من وراءنا]، وكذلك أيضاً فيه حرص الصحابة على معرفة الأسباب التي توصل إلى الجنة وتبلغ الإنسان إلى الجنة، ولهذا قالوا: إذا عملنا به دخلنا الجنة.
وهذا فيه دليل على بطلان ما يحصل من بعض المتصوفة الذين يقولون: إنهم ما يعبدون الله رغبة في الجنة ولا خوفاً من النار، وإنما يعبدونه شوقاً إليه، فإن هؤلاء أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم يقولون: إذا عملنا به دخلنا الجنة، فهم يبحثون عن شيء يدخل الجنة، وإبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام يقول: وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ [الشعراء:85].
فإذاً: هذا الكلام وهذه المناهج الجديدة والطرق الجديدة المحدثة التي ليست هي طريق خير هذه الأمة الذين هم الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، كما قال ذلك مالك بن أنس إمام دار الهجرة رحمة الله عليه، لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.
فإذاً: الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم كانوا يسألون عن الأعمال التي توصل إلى الجنة، ويبحثون عن الجنة، ويعبدون الله رغبةً في الجنة، ومن المعلوم أنهم يحبونه ويعظمونه ويعبدونه، ولكن كونهم يطلبون ويسألون الجنة شرع الله لهم ذلك، يعني: شرع لهم أن يدخلوا الجنة ويتعوذوا من النار: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201].
قوله: (آمركم بثلاث وأنهاكم عن أربع، آمركم بالإيمان بالله وحده، أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: أن تشهدوا أن لا إله إلا الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وأن تؤدوا الخمس من المغنم)، فهذه الثلاث التي حصل الأمر بها يمكن أن يكون المقصود بها الثلاثة التي هي إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وتأدية الخمس من المغنم، على اعتبار أن تلك هي الأصل التي هي الشهادة، ويمكن أن يكون المقصود الشهادة والأولى والثانية معها التي هي إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، التي هي ثابتة ومستقرة، وأما تلك فإنما تأتي بالمناسبة التي هي تأدية الخمس من المغنم، يعني: مع الجهاد في سبيل الله عز وجل، إذا وجد الجهاد ووجدت المغانم فإنهم يؤدون الخمس من المغانم.
وهذا فيه دليل على دخول الأعمال في مسمى الإيمان؛ لأنه فسر الإيمان بأمور ظاهرة، وهذا لا ينافي ما جاء في حديث جبريل الذي فيه تفسير الإيمان بأنه (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسوله واليوم الآخر والقدر خيره وشره)، وكلها أمور باطنة؛ لأنه في حديث جبريل ذكر الإيمان وفسره بالأمور الباطنة، وذكر الإسلام وفسره بالأمور الظاهرة، وأما هنا جاء مستقلاً ليس مقروناً، الذي هو الإيمان ليس مقروناً بالإسلام، ومن المعلوم أن الإسلام والإيمان من الألفاظ التي إذا جمع بينها في الذكر فرق بينها في المعنى، وإذا أفرد أحدهما عن الآخر اتسع للمعاني التي وزعت عند الاجتماع بأن يشمل الأمور الظاهرة والباطنة، فإن الإسلام عندما يأتي إطلاقه ليس مقروناً معه الإيمان يدخل فيه الأمور الظاهرة والباطنة: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا [آل عمران:85]، إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ [آل عمران:19]، يفهم بذلك الظاهر والباطن، الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسوله، وشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وغير ذلك الأمور الظاهرة والباطنة، ولكن يفرق بين الظاهرة والباطنة إذا ذكر الإيمان والإسلام، فيفسر الإيمان بما يناسبه وهو من الأمور الباطنة، ويفسر الإسلام بما يناسبه وهو الأمور الظاهرة، لأن المعنى اللغوي للإيمان وللإسلام، الإيمان يتعلق بالقلب في الأصل، والإسلام يتعلق بالجوارح، لكن عندما ينفرد أحدهما عن الآخر يتسع استيعاب الأمور الظاهرة والأمور الباطنة.
ثم قال: (وأنهاكم عن أربع: عن الانتباذ في الدباء والنقير والحنتم والمزفت)، هذه أربع، يعني: أوعية نهى عن الانتباذ بها، وهذا نسخ كما عرفنا في حديث بريدة بن الحصيب : ( كنت نهيتكم عن الانتباذ في أوعية فانتبذوا في كل وعاء، ولا تشربوا مسكراً ).

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #906  
قديم 20-10-2022, 11:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,836
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث: (... وأنهاكم عن أربع: عما ينبذ في الدباء والنقير والحنتم والمزفت)

قوله: [أخبرنا أبو داود ].هو سليمان بن سيف الحراني ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ حدثنا أبو عتاب وهو سهل بن حماد ].
أبو عتاب، وهو: سهل بن حماد ، وهو صدوق أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن.
[ حدثنا قرة ].
هو قرة بن خالد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبو جمرة عن ابن عباس ].
وقد مر ذكرهما.
وممن روى عن ابن عباس أبو حمزة وهو القصاب ، وأبو جمرة وأبو حمزة بينهما اشتباه، يعني: في الرسم والشكل، وإنما الفرق بالنقط، يعني: هذا جمرة وهذا حمزة ، أبو جمرة وأبو حمزة ، فكل منهما يروي عن ابن عباس ، وأبو جمرة هو الذي يروي عنه حديث وفد عبد القيس، وأبو حمزة القصاب هو الذي يروي عنه حديث: ( لا أشبع الله بطنك ) في قصة معاوية الذي رواه مسلم في صحيحه، فإن مثل هذه الألفاظ من المؤتلف والمختلف، وهي الاتفاق في الرسم والشكل، واختلاف في النقط أو النطق، يعني: بحيث يكون مثل عقيل وعقيل، يعني: هذه بالشكل، وجمرة وحمزة بالنقط.
شرح حديث ابن عباس في النهي عن النبيذ إذا غلى وسكن

قال المصنف رحمه الله تعالى: [قال: أخبرنا سويد قال: أخبرنا عبد الله عن سليمان التيمي عن قيس بن وهبان أنه قال: سألت ابن عباس رضي الله عنهما قلت: إن لي جريرة أنتبذ فيها حتى إذا غلى وسكن شربته، قال: مذ كم هذا شرابك؟ قلت: مذ عشرون سنة أو قال: مذ أربعون سنة، قال: طالما تروت عروقك من الخبث ].قوله: (غلي) بالمقصورة ليس غلا، وغلى يغلي، وذاك غلا يغلو، إذا كانت بالألف غلا، تصير غلا يغلو من الغلو واوية، وأما إذا كانت يائية أي: من الغليان غلى يغلي، فهي غلى بالياء، إذا كانت أصلها واو تكون بالألف، مثل غلا، يعني: لام ألف، وأما إذا كانت ياء، تصير لام ياء، يعني: غلى، وهذا كثير مثل سما يسمو، ونبا ينبو، وعلا يعلو، بخلاف رقى يرقي، وغلى يغلي.
قال: مذ كم هذا شرابك؟ قلت: مذ عشرون سنة.
قوله: (طالما تروت)، يعني: هذه المدة الطويلة وعروقك تتروى من الخبث، هذا الذي إذا غلى هذه علامة الإسكار، إذا غلى واشتد وقذف به الزبد قالوا: هذه علامة الإسكار.
قال: قيس بن وهبان قلت: سألت ابن عباس رضي الله عنهما قلت: إن لي جريرة أنتبذ فيها.
جريرة تصغير جرة، (إذا غلى وسكن شربته)، يعني: معناه أنه وصل إلى حد الإسكار، أو قارب الإسكار؛ لأن الغليان هي علامة الإسكار، (قال: هذا الشراب الذي تشربه منذ كم سنة؟ قال: منذ عشرون أو أربعون، قال: طالما تروت عروقك من الخبث)، يعني: هذه المدة الطويلة وأنت تستعمل فيها هذا الخبيث، معناه أن ذلك لا يسوغ ولا يجوز، وقد مر أن الجرة واتخاذ الجرار أن ذلك محرم؛ لأنه يبادر إليه الإسكار ولا ينتبه له بخلاف الأسقية التي يطفو على جلودها وعلى ظهورها من الخارج إذا حصل شيء في داخلها، وقد أوكي عليها، فإنه يتبين، بخلاف تلك فإنها قد تسكر ولا يتبين، لكن ذلك نسخ.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في النهي عن النبيذ إذا غلى وسكن

قوله:[ أخبرنا سويد قال: أخبرنا عبد الله عن سليمان التيمي ]سليمان بن طرخان التيمي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قيس بن وهبان ].
قيس بن وهبان ، وهو مقبول أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن ابن عباس ].
وقد مر ذكره.
يعني: الإسناد فيه المقبول هذا، لكن كما هو معلوم معناه متفق مع النصوص الأخرى التي فيها النهي عن الانتباذ في الجرار.
ومما اعتلوا به حديث عبد الملك بن نافع عن عبد الله بن عمر


شرح حديث: (... إذا اغتلمت عليكم هذه الأوعية فاكسروا متونها بالماء)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ومما اعتلوا به حديث عبد الملك بن نافع عن عبد الله بن عمر .قال: أخبرنا زياد بن أيوب قال: حدثنا هشيم قال: أنبأنا العوام عن عبد الملك بن نافع أنه قال: قال ابن عمر رضي الله عنهما: ( رأيت رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدح فيه نبيذ وهو عند الركن، ودفع إليه القدح فرفعه إلى فيه، فوجده شديداً فرده على صاحبه، فقال له رجل من القوم: يا رسول الله أحرام هو؟ فقال: علي بالرجل، فأتي به، فأخذ منه القدح، ثم دعا بماء فصبه فيه فرفعه إلى فيه، فقطب، ثم دعا بماء أيضاً فصبه فيه، ثم قال: إذا اغتلمت عليكم هذه الأوعية فاكسروا متونها بالماء ) ].
استعمال الشراب السكر إذا كان قليلاً وهو من غير العنب، حديث أو رواية عبد الملك بن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه قال: قال ابن عمر : (رأيت رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدح فيه نبيذ وهو عند الركن ودفع إليه القدح فرفعه إلى فيه، فوجده شديداً فرده على صاحبه).
قوله: [فوجده شديداً]، يعني: معناه أن رائحته كريهة أو أنه اشتد بمعنى أنه أسكر أو قارب الإسكار [فرده إلى صحابه، فقال رجل: أحرام هو يا رسول الله؟ قال: علي بالرجل، فلما جاء أخذ القدح وأضاف إليه ماء، ثم رفعه إلى فيه فقطب]، يعني: حصل عبوس يعني: قطب جبينه، معناه أنه ما أعجبه ذلك الشيء، ثم زاده في الماء مرةً أخرى، ثم قال: إذا اغتلمت عليكم هذه الأوعية فاكسروا متونها بالماء)، يعني: إذا هذه الأوعية حصل فيها الانتباذ ووجد شيء من هذا القبيل الذي هو كونها مسكرة أو مشتبه بأنها مسكرة أضيفوا إليه الماء واكسروها بالماء، وهذا الأثر غير صحيح، وهو يخالف الأحاديث الصحيحة التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأيضاً المعنى غير صحيح، وهو أن الشيء إذا وصل إلى حد الإسكار فإنه لا تجوز معالجته بأن يضاف إليه شيء، بل تجب إراقته وإتلافه، وقد جاءت الأحاديث في منع مثل ذلك، كما سبق أن مر وكما سيأتي.
تراجم رجال إسناد حديث: (... إذا اغتلمت عليكم هذه الأوعية فاكسروا متونها بالماء)

قوله: [أخبرنا زياد بن أيوب ].ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي .
[ حدثنا هشيم ].
هو هشيم بن بشير الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أنبأنا العوام ].
هو العوام بن حوشب ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الملك بن نافع ].
عبد الملك بن نافع، وهو مجهول، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن ابن عمر ].
ابن عمر وقد مر ذكره.
طريق أخرى لحديث: (إذا اغتلمت عليكم هذه الأوعية فاكسروا متونها بالماء) وتراجم رجال إسنادها

قال المصنف رحمه الله تعالى: [قال: وأخبرنا زياد بن أيوب عن أبي معاوية قال: حدثنا أبو إسحاق الشيباني عن عبد الملك بن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنحوه ].أورد النسائي حديث ابن عمر بإسناد آخر، وأحال على ما تقدم قال: بنحوه، يعني: أنه مقارب له في الألفاظ، ومتفق معه في المعنى.
قوله:[ أخبرني زياد بن أيوب عن أبي معاوية] .
أبو معاوية هو: محمد بن خازم الضرير الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبو إسحاق الشيباني ].
وهو: سليمان بن أبي سليمان، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الملك بن نافع عن ابن عمر ].
عبد الملك بن نافع عن ابن عمر وقد مر ذكرهما.
[ قال أبو عبد الرحمن : عبد الملك بن نافع ليس بالمشهور ولا يحتج بحديثه، والمشهور عن ابن عمر رضي الله عنهما خلاف حكايته ].
بعدما ذكر النسائي الحديثين أو الطريقين عن عبد الملك بن نافع قال: عبد الملك بن نافع ليس مشهور ولا يحتج بحديثه، وجاءت الطرق عن ابن عمر تخالف حكايته، يعني: تخالف ما جاء عنه، على خلاف ما ذكره هذا الذي فيه كونه يصب عليه ماءً وأنه يعالج وأنه كذا، جاء أن (ما أسكر كثيره فقليله حرام).
يعني: ذكر بعد ذلك الأحاديث التي فيها الإشارة إلى ما يدل على خلافه.
شرح أثر ابن عمر: (أن رجلاً سأله عن الأشربة فقال: اجتنب كل شيء ينش)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا سويد بن نصر قال: أخبرنا عبد الله عن أبي عوانة عن زيد بن جبير عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رجلاً سأل عن الأشربة، فقال: اجتنب كل شيء ينش ].أورد النسائي أثر ابن عمر أنه سأله رجل عن الأشربة فقال: اجنتب كل شيء ينش، يعني: كل شيء يسكر.
تراجم رجال إسناد أثر ابن عمر: (أن رجلاً سأله عن الأشربة فقال: اجتنب كل شيء ينش)

قوله:[ أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن أبي عوانة ].أبو عوانة، هو: الوضاح بن عبد الله اليشكري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن زيد بن جبير] .
هو زيد بن جبير بن حرمل، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر] .
وقد مر ذكره.
أثر ابن عمر: (... اجتنب كل شيء ينش) من طريق أخرى

قال المصنف رحمه الله تعالى: [قال: أخبرنا قتيبة قال: أخبرنا أبو عوانة عن زيد بن جبير أنه قال: سألت ابن عمر رضي الله عنهما عن الأشربة، فقال: اجتنب كل شيء ينش ].وهذا مثل الذي قبله.
قوله: [أخبرنا قتيبة أخبرنا أبو عوانة عن زيد بن جبير عن ابن عمر ].
وقد مر ذكرهم.
أثر ابن عمر: (المسكر قليله وكثيره حرام) وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [قال: أخبرنا سويد قال: أخبرنا عبد الله عن سليمان التيمي عن محمد بن سيرين عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: المسكر قليله وكثيره حرام ].أورد النسائي الأثر عن ابن عمر : (المسكر قليله وكثيره حرام)، وهذا يخالف ما جاء عن عبد الملك بن نافع .
قوله:[ أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن سليمان التيمي عن محمد بن سيرين ]،
محمد بن سيرين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ].
أثر ابن عمر: (كل مسكر خمر وكل مسكر حرام) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ قال: الحارث بن مسكين قراءةً عليه وأنا أسمع عن ابن القاسم أخبرني مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: كل مسكر خمر وكل مسكر حرام ].أورد النسائي أثر عن ابن عمر : (كل مسكر خمر، وكل خمر حرام)، وهذه الآثار عن ابن عمر تخالف ما جاء عن عبد الملك بن نافع المتقدم.
قوله:[ قال الحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع].
الحارث بن مسكين، ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي .
[ عن ابن القاسم ].
هو: عبد الرحمن بن القاسم، ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي .
[أخبرني مالك ].
هو مالك بن أنس، إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، الإمام المشهور.
[ عن نافع عن ابن عمر].
هو مولى ابن عمر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
حديث ابن عمر: (حرم الله الخمر وكل مسكر حرام) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا المعتمر سمعت شبيباً وهو ابن عبد الملك يقول: حدثني مقاتل بن حيان عن سالم بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ( حرم الله الخمر وكل مسكر حرام ) ].أورد النسائي حديث ابن عمر أيضاً، قال: ( حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم الخمر وكل مسكر حرام ).
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى ].
هو محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود في القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[ حدثنا المعتمر ].
هو المعتمر بن سليمان بن طرخان التيمي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ سمعت شبيباً هو ابن عبد الملك ].
شبيب بن عبد الملك، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي .
[ حدثني مقاتل بن حيان ].
مقاتل بن حيان ، وهو صدوق، أخرج حديثه أخرجه مسلم وأصحاب السنن.
[ عن سالم بن عبد الله ].
هو: سالم بن عبد الله بن عمر، ثقة، فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه ].
وقد مر ذكره.
حديث ابن عمر: (كل مسكر حرام، وكل مسكر خمر) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [قال: أخبرنا الحسين بن منصور يعني: ابن جعفر النيسابوري قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( كل مسكر حرام، وكل مسكر خمر ) ].أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى، وهو مثلما تقدم.
قوله:[ أخبرنا الحسين بن منصور ].
الحسين بن منصور يعني: ابن جعفر النيسابوري وهو ثقة أخرج حديثه البخاري والنسائي ، وقوله: يعني: القائل هذا هو من دون النسائي، وهذا يبين لنا أن هذه الإضافة أو التي تكون في أثناء الإسناد والتوضيح أنها قد تكون ممن دون النسائي ؛ النسائي لا يقول عن شيخه يعني، وإنما الذي قالها من دونه، من دونه ولم يقل يعني؛ يعني: أن النسائي يعني بفلان هو ابن جعفر النيسابوري .
[ حدثنا يزيد بن هارون ].
هو يزيد بن هارون الواسطي مر ذكره.
[ أخبرنا محمد بن عمرو] .
هو: محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سلمة ].
هو أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني ، ثقة، فقيه، أحد الفقهاء الذين اشتهروا في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ].
وقد مر ذكره.
[ قال أبو عبد الرحمن : وهؤلاء أهل الثبت والعدالة مشهورون بصحة النقل، وعبد الملك لا يقوم مقام واحد منهم، ولو عاضده من أشكاله جماعة وبالله التوفيق ].
يعني: لما ذكر ما يتعلق برواية عبد الملك بن نافع ، وذكر ما يخالفها من رواية الثقات الذين هم أهل الثبت والعدالة أتى بهذا التعقيب يبين بأن هؤلاء هم الذين يعول على ما جاء عنهم بخلاف ذاك فإنه لا يحتج بحديثه، ولو عاضده من أشكاله جماعة.
شرح أثر ابن عمر في شرب نبيذ الزبيب

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد حدثنا عبد الله عن عبيد الله بن عمر السعيدي حدثتني رقية بنت عمرو بن سعيد أنها قالت: كنت في حجر ابن عمر رضي الله عنهما فكان ينقع له الزبيب فيشربه من الغد، ثم يجفف الزبيب ويلقى عليه زبيب آخر، ويجعل فيه ماء فيشربه من الغد، حتى إذا كان بعد الغد طرحه ].أورد النسائي هذا الأثر عن ابن عمر أنه كانت في حجر ابن عمر، رقية بنت عمرو بن سعيد ، وأنه كان ينقع له الزبيب فيشربه من الغد، يعني: في ليلة واحدة، ثم يجفف الزبيب يعني: هذا الذي كان منقعاً، ويلقى عليه زبيب آخر يعني مع الأول، ويجعل فيه ماء ويشربه من الغد، ومن المعلوم أن مثل هذا لا يسكر؛ لأن الوقت قصير.
قوله: (حتى إذا كان بعد الغد طرحه)، يعني: ما تركه تطول مدته.
طبعاً هو من حيث عدم الإسكار هو للجميع، أقول: هو للجميع من حيث عدم الإسكار، حتى القائلين أو المخالفين لهم يقولون بأن الشيء الذي لا يسكر كثيره وقليله حلال، الكثير والقليل، وإنما الحرام هو (ما أسكر كثيره فإن قليله حرام)، وهذا محل خلاف بعض الكوفيين مع الجمهور.
على كل هو الذي يشربه أو الذي شربه لا يشرب شيئاً يسكر لا قليل ولا كثير، الذي هو ابن عمر .
تراجم رجال إسناد أثر ابن عمر في شرب نبيذ الزبيب

قوله:[ أخبرني سويد حدثنا عبد الله عن عبيد الله بن عمر السعيدي ].هو عبيد الله بن عمر السعيدي، مقبول، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ حدثني رقية بنت عمرو بن سعيد ].
وهي مقبولة، أخرج حديثها النسائي وحده.
[ عن ابن عمر ].
[قال: واحتجوا بحديث أبي مسعود عقبة بن عمرو رضي الله عنه ].
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #907  
قديم 20-10-2022, 11:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,836
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الأشربة

(505)


- (تابع باب ذكر الأخبار التي اعتل بها من أباح شراب السكر) إلى (باب ذكر ما يجوز شربه من الطلاء وما لا يجوز)




حرم الشرع الشراب المسكر بكل أنواعه، وأمر بإراقته، وأحل النبيذ إذا لم يسكر، وتوعد شارب الخمر بعقوبة في الدنيا والآخرة، وحث على ترك الشبهات، وحرم بيع العنب أو غيره لمن يتخذه خمراً، وذلك سد للذريعة المفضية للحرام.
تابع ذكر الأخبار التي اعتل بها من أباح شراب السكر


شرح حديث أبي مسعود في شرب النبي من نبيذ بعد أن صب عليه من زمزم

قال المصنف رحمه الله تعالى: [واحتجوا بحديث أبي مسعود عقبة بن عمرو رضي الله عنه. أخبرنا الحسن بن إسماعيل بن سليمان قال: أنبأنا يحيى بن يمان، عن سفيان، عن منصور، عن خالد بن سعد، عن أبي مسعود رضي الله عنه أنه قال: (عطش النبي صلى الله عليه وآله وسلم حول الكعبة فاستسقى، فأتي بنبيذ من السقاية، فشمه فقطب، فقال: علي بذنوب من زمزم، فصب عليه ثم شرب، فقال رجل: أحرام هو يا رسول الله؟ قال: لا)، وهذا خبر ضعيف؛ لأن يحيى بن يمان انفرد به دون أصحاب سفيان ويحيى بن يمان لا يحتج بحديثه لسوء حفظه، وكثرة خطئه].
فالتراجم التي تحتها هذا الحديث وما قبله من الأحاديث وما بعده من الأحاديث، هي ذكر الأخبار التي اعتل بها من أباح شراب السكر، و(اعتل) أي: جعلها علة كما عرفنا، وهي مثل معنى الحجة، فلهذا عبر في بعض المواضع بدل العلة الحجة، قال: ومما احتجوا به، بدلاً من قوله: ومما اعتلوا به، ومعناهما واحد؛ لأن اعتل بمعنى جعله علة، واحتج يعني: جعله حجة، فالاعتلال هنا بمعنى الاحتجاج، كما سبق أن عرفنا ذلك.
وأورد النسائي رحمه الله حديث عقبة بن عمرو الأنصاري رضي الله تعالى عنه، أبو مسعود البدري : (أن النبي صلى الله عليه وسلم عطش فأتي بنبيذ فقربه إلى فيه فقطب جبينه، ثم طلب ماء من زمزم وصب عليه، ثم شرب، فقال رجل: أحرام هو يا رسول الله؟ قال: لا)، احتجاجهم بالحديث على اعتبار أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قيل: (أحرام هو؟ قال: لا)، والحديث ليس بصحيح، ولو صح فإنه محمول على ما كان قبل الإسكار، ولم يصل إلى حد الإسكار، وأضيف إليه ماء فغير من حاله، وأما إذا كان مسكراً، فإنه لا يجوز معالجته ولا إضافة شيء إليه، وإنما تجب إراقته، فاعتلالهم بالحديث، أو احتجاجهم به على اعتبار أن الرسول صلى الله عليه وسلم سئل عنه قال: أحرام هو؟ ولكن كما هو معلوم الشيء الذي هو سائغ وجاءت به الأحاديث هو الذي لم يسكر، وأما الذي وصل إلى حد الإسكار فالنصوص الكثيرة الواردة في التنصيص عليه دالة على أنه غير سائغ، وأنه لا تجوز معالجته، ولا إضافة شيء إليه، وإنما تجب إراقته.
تراجم رجال إسناد حديث أبي مسعود في شرب النبي من نبيذ بعد أن صب عليه من زمزم

قوله: [أخبرنا الحسن بن إسماعيل بن سليمان].الحسن بن إسماعيل بن سليمان ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن يحيى بن يمان].
صدوق، يخطئ كثيراً، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن.
[عن سفيان].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن منصور].
هو منصور بن المعتمر الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن خالد بن سعد].
ثقة، أخرج حديثه البخاري، والنسائي، وابن ماجه.
[عن أبي مسعود].
هو أبو مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري رضي الله تعالى عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
قوله: [فأتي بنبيذ من السقاية].
لعله المكان الذي يسقى فيه الناس، أو الذي يتخذ لسقاء الناس، وكانوا في الجاهلية يتخذون أماكن ينبذون فيها الشيء حتى يكون حلواً ويسقونه الحجاج، فالسقاية يعني: المكان الذي يسقى، سواء كان سقاية الحجاج أو غير سقاية الحجاج.
قوله: وهذا خبر ضعيف لأن يحيى بن يمان انفرد به دون أصحاب سفيان، ويحيى بن يمان لا يحتج بحديثه لسوء حفظه، وكثرة خطئه. يعني: العلة هي في ضعف يحيى بن يمان، لكنه لو صح فإنه محمول على أنه لم يصل إلى حد الإسكار.
شرح حديث: (... فإن هذا شراب من لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا علي بن حجر، حدثنا عثمان بن حصن، حدثنا زيد بن واقد، عن خالد بن حسين أنه قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: (علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يصوم في بعض الأيام التي كان يصومها، فتحينت فطره بنبيذ صنعته في دباء، فلما كان المساء جئته أحملها إليه، فقلت: يا رسول الله، إني قد علمت أنك تصوم في هذا اليوم، فتحينت فطرك بهذا النبيذ، فقال: أدنه مني يا أبا هريرة، فرفعته إليه فإذا هو ينش، فقال: خذ هذه فاضرب بها الحائط، فإن هذا شراب من لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر)]. أورد النسائي رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (أنه تحين فطر رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم كان صائماً فيه، فانتبذ نبيذاً في دباء، وأتى به النبي صلى الله عليه وسلم في حين إفطاره، فالرسول صلى الله عليه وسلم رآه ينش) يعني: يغلي، وهذه علامة الإسكار أو مقاربة الإسكار، فقال: (خذه واضرب به عرض الحائط)، ثم قال: (فإن هذا شراب من لا يؤمن بالله واليوم الآخر)، المقصود من ذلك: أن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى علامة الإسكار وكونه ينش، فالرسول صلى الله عليه وسلم أمر بإراقته، وأن يضرب به عرض الحائط، معناه أنه يتلف ولا يستفاد منه، وأخبر عليه الصلاة والسلام بأن هذا شراب من لا يؤمن بالله واليوم الآخر الذي هو الخمر، والذي يشربها هم إما كفار يستحلونها، أو عصاة يحصل منهم الوقوع في المعاصي، ويغيب عنهم ما يجري في اليوم الآخر من العذاب، ولهذا يقدمون على فعل المعاصي؛ لأنهم لا يتنبهون أو لا يتذكرون العذاب الذي يكون يوم القيامة، وهذا هو المقصود من ذكر اليوم الآخر؛ لأن التذكير به، والتنبيه عليه؛ لأنه يوم الجزاء والحساب الذي يجازى الناس فيه بأعمالهم، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، كما قال عز وجل: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه [الزلزلة:7-8].
تراجم رجال إسناد حديث: (... فإن هذا شراب من لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر)

قوله: [أخبرنا علي بن حجر].ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[عن عثمان بن حصن].
ثقة، أخرج حديثه أبو داود في المراسيل، والنسائي.
[حدثنا زيد بن واقد].
ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن خالد بن حسين].
هو خالد بن عبد الله بن حسين، وهو مقبول، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[سمعت أبا هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق.
شرح أثر عمر: (إذا خشيتم من نبيذ شدته فاكسروه بالماء ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ومما احتجوا به فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه.أخبرنا سويد، أخبرنا عبد الله، عن السري بن يحيى، حدثنا أبو حفص، إمام لنا، وكان من أسنان الحسن، عن أبي رافع أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: إذا خشيتم من نبيذ شدته فاكسروه بالماء. قال عبد الله : من قبل أن يشتد].
أورد النسائي رحمه الله هذا الأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، وهو أن عمر رضي الله عنه قال: إذا خشيتم من نبيذ شدته فاكسروه بالماء، يعني: أضيفوا إليه ماء حتى تُذهبوا شدته، وقال عبد الله الذي هو أحد رواة الحديث وهو عبد الله بن المبارك : من قبل أن يشتد، يعني: من قبل أن يصل إلى حد الإسكار، وهذا هو المناسب واللائق في حق عمر : أن المقصود به إذا صح، والأثر في إسناده من هو مجهول، لكن لو صح فإنه محمول على ما كان غير مسكر، يعني: مما هو قبل الإسكار، فيضاف إليه شيء يبعده عن الوصف الذي قد قاربه وإن لم يصل إليه، أما إذا وصل إلى حد الإسكار فإنه تجب إراقته.
تراجم رجال إسناد أثر عمر: (إذا خشيتم من نبيذ شدته فاكسروه بالماء ...)

قوله: [أخبرنا سويد].هو سويد بن نصر المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[أخبرنا عبد الله].
هو ابن المبارك المروزي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن السري بن يحيى].
ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، والنسائي.
[حدثنا أبو حفص].
مجهول، أخرج حديثه النسائي وحده.
وقوله: [حدثنا أبو حفص إمام لنا وكان من أسنان الحسن].
يعني: أسنان الحسن البصري، يعني: سنه مثل سنه.
[عن أبي رافع].
هو نفيع الصائغ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أن عمر رضي الله عنه].
وهو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أمير المؤمنين، وثاني الخلفاء الراشدين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
شرح أثر عمر: (تلقت ثقيف عمر بشراب ... فدعا به فكسره بالماء، فقال: هكذا فافعلوا)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا زكريا بن يحيى حدثنا عبد الأعلى حدثنا سفيان عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: تلقت ثقيف عمر رضي الله عنه بشراب، فدعا به، فلما قربه إلى فيه كرهه، فدعا به فكسره بالماء، فقال: هكذا فافعلوا].أورد النسائي رحمه الله الأثر عن عمر، وهو قريب من الذي قبله، يعني: كره الشيء لكونه قد قارب الإسكار، وأضاف إليه ماء، وقال: هكذا فافعلوا، يعني: إذا كان من هذا القبيل، أما إذا كان مسكراً، فإنه تجب إراقته ولا يجوز استعماله.
تراجم رجال إسناد أثر عمر: (تلقت ثقيف عمر بشراب ... فدعا به فكسره بالماء، فقال: هكذا فافعلوا)

قوله: [أخبرنا زكريا بن يحيى].هو زكريا بن يحيى السجزي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا عبد الأعلى].
هو عبد الأعلى بن حماد، وهو لا بأس به، أخرج حديثه البخاري، ومسلم ، وأبو داود، والنسائي .
[حدثنا سفيان].
هو ابن عيينة، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى بن سعيد].
هو يحيى بن سعيد الأنصاري المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أنه سمع سعيد بن المسيب].
ثقة، فقيه من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[تلقت ثقيف عمر].
وهو عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد مر ذكره.
شرح أثر عتبة بن فرقد: (كان النبيذ الذي يشربه عمر قد خلل)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أبو بكر بن علي قال: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عبد الصمد، عن أبيه، عن محمد بن جحادة عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن عتبة بن فرقد رضي الله عنه أنه قال: كان النبيذ الذي يشربه عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد خلل]. أورد النسائي رحمه الله الأثر عن عمر رضي الله عنه، النبيذ الذي كان يشربه قد خلل، يعني: هو خل، يعني: فيه حموضة، ولم يصل إلى حد الإسكار.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #908  
قديم 20-10-2022, 11:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,836
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد أثر عتبة بن فرقد: (كان النبيذ الذي يشربه عمر قد خلل)

قوله: [أخبرنا أبو بكر بن علي].هو أحمد المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا أبو خيثمة].
هو أبو خيثمة زهير بن حرب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، إلا الترمذي .
[حدثنا عبد الصمد].
هو عبد الصمد بن عبد الوارث، وهو صدوق، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
وأبوه هو عبد الوارث بن سعيد العنبري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن جحادة].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن إسماعيل بن أبي خالد].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن قيس بن أبي حازم].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عتبة بن فرقد].
صحابي، أخرج حديثه النسائي وحده.
شرح أثر عمر: (إني وجدت من فلان ريح شراب... فإن كان مسكراً جلدته ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ومما يدل على صحة هذا حديث السائب .قال الحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع: عن ابن القاسم حدثني مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد رضي الله عنه أنه أخبره أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج عليهم فقال: إني وجدت من فلان ريح شراب، فزعم أنه شراب الطلاء، وأنا سائل عما شرب، فإن كان مسكراً جلدته، فجلده عمر بن الخطاب رضي الله عنه الحد تاماً].
أورد النسائي رحمه الله أثر عمر وقال: إنه يدل على صحة حديث السائب، يعني: أنه لم يصل إلى حد الإسكار، وأما ما وصل إلى حد الإسكار فـعمر يجلد على شربه وعلى استعماله إذا كان يصل إلى حد الإسكار، وإذاً: فالشيء الذي شربه عمر هو من قبيل ما لم يصل إلى حد الإسكار، يعني: الذي هو خل فيه حموضة يضاف إليه ماء حتى يكسر حموضته ويخففها أو يزيلها، وأما إذا كان وصل إلى حد الإسكار فإن عمر رضي الله عنه، يجلد عليه الحد.
إذاً: الذي شربه عمر من قبيل ما لم يصل إلى حد الإسكار؛ لأنه جلد من حصل منه ذلك، أي: الشيء الذي يسكر أو الذي يصل إلى حد الإسكار، قال:
(إني وجدت من فلان ريح شراب، فزعم أنه شراب الطلاء، وأنا سائل عما شرب، فإن كان مسكراً جلدته، فجلده عمر بن الخطاب رضي الله عنه الحد تاماً)، يمكن أن يكون المقصود أنه جلده ثمانين.
تراجم رجال إسناد أثر عمر: (إني وجدت من فلان ريح شراب... فإن كان مسكراً جلدته ...)

قوله: [قال الحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع].الحارث بن مسكين، هو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي .
[عن ابن القاسم].
هو عبد الرحمن بن القاسم، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي .
[حدثني مالك].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، الإمام المشهور.
[عن ابن شهاب].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن السائب بن يزيد].
صحابي صغير، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أن عمر بن الخطاب].
وعمر رضي الله عنه قد مر ذكره.
ذكر ما أعد الله عز وجل لشارب المسكر من الذل والهوان وأليم العذاب


شرح حديث: (إن الله عز وجل عهد لمن شرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر ما أعد الله عز وجل لشارب المسكر من الذل والهوان وأليم العذاب.أخبرنا قتيبة حدثنا عبد العزيز عن عمارة بن غزية عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه: (أن رجلاً من جيشان، وجيشان من اليمن؛ قدم فسأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن شراب يشربونه بأرضهم من الذرة يقال له: المزر، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أمسكر هو؟ قال: نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كل مسكر حرام، إن الله عز وجل عهد لمن شرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال، قالوا: يا رسول الله، وما طينة الخبال؟ قال: عرق أهل النار، أو قال: عصارة أهل النار)].
أورد النسائي رحمه الله هذه التراجم، وهي: ذكر ما أعد الله لشارب المسكر من الذل، والهوان، وأليم العذاب. وأورد فيه حديث جابر رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه رجل من جيشان، وجيشان من اليمن؛ فقال: إن عندهم شراب يشربونه يتخذونه من الذرة يقال له: المزر، فقال: أمسكر هو؟ قال: نعم، قال: كل مسكر حرام)، يعني: سأله عليه الصلاة والسلام عن هذا الشراب الذي يسمونه المزر ويتخذ من الذرة، سأل: هل هو مسكر أو غير مسكر، فلما أخبر بأنه مسكر قال: (كل مسكر حرام)، يعني: كل ما كان متصفاً بهذا الوصف فهو حرام من أي شيء كان، سواء كان من الذرة، أو من الشعير، أو من التمر، أو من الزبيب، أو من العنب من أي شيء، مادام أنه يصل إلى حد الإسكار فإنه يكون حراماً، ولهذا الرسول صلى الله عليه وسلم يأتي بالكلام العام الذي يشمل المسؤول عنه وغير المسؤول عنه، ما اكتفى وقال: هو حرام فقط، المزر الذي يسكر حرام، وإنما قال: (كل مسكر حرام)، يعني: يدخل هذا وغيره، فهذا السؤال خاص، والجواب عام، يندرج فيه ذلك الخاص، وهذا من جوامع كلمه عليه الصلاة والسلام، يأتي بالقليل المبنى الواسع المعنى؛ لأنه سئل عن شراب يقال له: المزر، وعرف أنه مسكر، فقال: (كل مسكر حرام)، يعني: هذا وغيره من كل ما يسكر.
(إن الله عهد لمن شرب المسكر)، بعدما ذكر أن كل مسكر حرام، قال: (من شرب المسكر عهد الله أنه يسقيه من طينة الخبال)، وطينة الخبال: هي عصارة أهل النار، أو عرق أهل النار، وهذا فيه ذل وهوان، وعذاب شديد، يعني: كونه يشرب من هذا الماء الذي هو عصارة أهل النار وعرق أهل النار، يعني: هذا فيه ذلة، وهوان، وعذاب شديد والعياذ بالله.
تراجم رجال إسناد حديث: (إن الله عز وجل عهد لمن شرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال)

قوله: [أخبرنا قتيبة].هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبد العزيز].
هو عبد العزيز بن محمد الدراوردي، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمارة بن غزية].
لا بأس به، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي الزبير].
هو أبو الزبير محمد بن تدرس المكي، وهو صدوق، يدلس، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن جابر].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الحث على ترك الشبهات


شرح حديث: (إن الحلال بين وإن الحرام بين وإن بين ذلك أموراً مشتبهات ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [الحث على ترك الشبهات.أخبرنا حميد بن مسعدة عن يزيد وهو ابن زريع عن ابن عون عن الشعبي عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (إن الحلال بين، وإن الحرام بين، وإن بين ذلك أموراً مشتبهات، وربما قال: وإن بين ذلك أموراً مشتبهة، وسأضرب في ذلك مثلاً: إن الله عز وجل حمى حِمى، وإن حِمى الله ما حرم، وإنه من يرع حول الحِمى يوشك أن يخالط الحمى، وربما قال: يوشك أن يرتع، وإن من خالط الريبة يوشك أن يجسر)].
أورد النسائي رحمه الله هذه التراجم وهي الحث على ترك الشبهات، يعني: المتردد بين الحرمة والحل، والمشتبه في كونه حراماً، فالاحتياط تركه والورع تركه، هذا هو المقصود من التراجم، وقد أورد النسائي حديث النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما، الحديث المشهور: (إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثيراً من الناس)، وقد رواه البخاري ومسلم وغيرهما بألفاظ مختلفة، ورواه النسائي بهذا اللفظ، قال: (إن الحلال بين والحرام بين، وإن بين ذلك)، يعني: بين الحلال والحرام مشتبه هل هو حلال أو حرام؟ متردد بين أن يكون حلالاً أو حراماً، فهذا الورع تركه؛ أنه يترك: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك).
(وسأضرب في ذلك مثلاً: إن الله عز وجل حمى حِمى، وإن حِمى الله ما حرم).
ومن المعلوم أن الإنسان إذا كان بعيداً عن الحمى، فإنه يسلم من الوقوع في الحمى، وأما إذا كان قريباً من الحمى يوشك أن يقع فيه، يعني: قال: (كالراعي يرعى حول الحِمى يوشك أن يقع فيه) إذا كان قريباً، الإنسان إذا أتى بغنمه إلى مكان محمي منع من الوصول إليه، وهي على حد الحِمى فإنها قد تقع في الحِمى، لكن إذا كانت بعيدة عن الحِمى فإنها لا تقع فيه؛ لأنها ليست قريبة منه، وإنما الذي يكون قريباً هو الذي يمكن أن يقع، ومن كان بعيداً يسلم من الوقوع.
(وإنه من يرع حول الحِمى يوشك أن يخالط الحِمى).
يعني: يقع في الحمى.
(وربما قال: يوشك أن يرتع)، يعني: يحصل للرعي أن غنمة ترعى من ذلك الذي هو محمي.
(وإن من خالط الريبة يوشك أن يجسر)، على الشيء الذي فيه ريبة وفيه حرام واضح، يعني: الشيء الذي يرتاب فيه، ويتردد فيه الذي يخالط الريبة، أي: الذي يقع في الشيء المشتبه، يوشك أن يجسر بأن يقع في المحرم، ويصير عنده وصول إلى المحرم.
تراجم رجال إسناد حديث: (إن الحلال بين وإن الحرام بين وإن بين ذلك أموراً مشتبهات ...)

قوله: [أخبرنا حميد بن مسعدة].هو حميد بن مسعدة البصري، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن.
[عن يزيد وهو ابن زريع].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عون].
هو عبد الله بن عون، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الشعبي].
هو عامر بن شراحيل الشعبي، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن النعمان بن بشير].
هو صحابي ابن صحابي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهذا الحديث قال فيه النعمان: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا، والنعمان توفي رسول الله عليه الصلاة والسلام وعمره ثمان سنوات، فهذا مما يتحمله الصغير في حال صغره، ويؤديه في حال كبره، وهذا معتبر عند المحدثين كون الصغير يتحمل في حال الصغر، ويؤدي في حال الكبر، أو الكافر يتحمل في حال الكفر، ويؤدي في حال الإسلام؛ لأن العبرة هي في حال الأداء، وهنا النعمان بن بشير يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا، والرسول عليه الصلاة والسلام توفي وعمره ثمان سنوات، يعني: أنه سمع قبل أن يصل إلى هذه السن التي توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بلغها.
شرح حديث: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن أبان حدثنا عبد الله بن إدريس أخبرنا شعبة عن بريد بن أبي مريم عن أبي الحوراء السعدي أنه قال: قلت للحسن بن علي رضي الله عنهما: (ما حفظت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: حفظت منه: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)]. أورد النسائي رحمه الله حديث الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما، أنه حفظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)، يعني: الشيء الذي في نفسك منه شيء اتركه إلى شيء لا تتردد فيه، يعني: دع المشتبه وخذ بالحلال البين الذي لا شبهة فيه، وأما الشيء الذي يشتبه فيه فالاحتياط تركه، والورع تركه، وهذا من جوامع كلمه عليه الصلاة والسلام: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)، ولهذا النووي رحمه الله، ذكر هذا الحديث والذي قبله في الأربعين النووية، حديث: (إن الحلال بين والحرام بين)، وحديث: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)، وهما من جوامع كلمه عليه الصلاة والسلام، والأربعين النووية هي من أحاديث جوامع الكلم.
ولهذا الحافظ ابن رجب لما أضاف إليها ثمانية أحاديث، وصارت خمسيناً شرحها في كتاب سماه، (جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم).
تراجم رجال إسناد حديث: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)

قوله: [أخبرنا محمد بن أبان].ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن.
[حدثنا عبد الله بن إدريس].
هو عبد الله بن إدريس الأودي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن بريد بن أبي مريم].
ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن.
[عن أبي الحوراء السعدي].
هو ربيعة بن شيبان، ثقة أخرج له أصحاب السنن.
[.. قلت لـالحسن بن علي].
هو الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، وهو أحد السبطين رضي الله تعالى عنهما وأرضاهما وعن الصحابة أجمعين، وحديثه أخرجه أصحاب السنن الأربعة.
الكراهية في بيع الزبيب لمن يتخذه نبيذاً
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #909  
قديم 20-10-2022, 11:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,836
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح أثر طاوس: (أنه كان يكره أن يبيع الزبيب لمن يتخذه نبيذاً)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [الكراهية في بيع الزبيب لمن يتخذه نبيذاً.أخبرنا الجارود بن معاذ هو أبو داود حدثنا أبو سفيان محمد بن حميد عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه: أنه كان يكره أن يبيع الزبيب لمن يتخذه نبيذاً].
أورد النسائي رحمه الله هذه الترجمة، وهي الكراهية في بيع الزبيب لمن يتخذه نبيذاً، والمقصود بالنبيذ أي: الذي يسكر، وأما إذا كان شيئاً لا يسكر، فإنه لا بأس بذلك، والكراهة هنا بمعنى التحريم؛ لأنه إذا عرف بأن الذي يشتري الزبيب مهمته أنه يفعل هذا الفعل، فإنه لا يجوز؛ لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان، ومن الإعانة على المعصية، وهذا من سد الذرائع؛ يعني: كونه يمنع من بيعه على من يتخذ منه الخمر، لأن فيه سداً للذريعة الموصلة إلى المحرم، وقد أورد النسائي الأثر عن طاوس بن كيسان رحمه الله، قال: [إنه كان يكره أن يبيع الزبيب لمن يتخذه نبيذاً].
تراجم رجال إسناد أثر طاوس: (أنه كان يكره أن يبيع الزبيب لمن يتخذه نبيذاً)

قوله: [أخبرنا الجارود بن معاذ].ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي .
[حدثنا أبو سفيان محمد بن حميد].
ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، والنسائي، وابن ماجه .
[عن معمر].
هو معمر بن راشد الأزدي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن طاوس].
هو عبد الله بن طاوس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو طاوس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
الكراهية في بيع العصير


شرح أثر سعد في كراهية بيع عصير العنب

قال المصنف رحمه الله تعالى: [الكراهية في بيع العصير.أخبرنا سويد أنبأنا عبد الله عن سفيان بن دينار عن مصعب بن سعد أنه قال: كان لـسعد رضي الله عنه كروم وأعناب كثيرة، وكان له فيها أمين، فحملت عنباً كثيراً، فكتب إليه: إني أخاف على الأعناب الضيعة، فإن رأيت أن أعصره عصرته، فكتب إليه سعد: إذا جاءك كتابي هذا فاعتزل ضيعتي، فوالله لا ائتمنك على شيء بعده أبداً، فعزله عن ضيعته].
أورد النسائي رحمه الله هذه الترجمة: الكراهية في بيع العصير، يعني: الذي هو عصير العنب، المقصود من ذلك الشيء الذي يكون مسكراً أو يشتبه بأن يكون مسكراً، وإلا فإنه إذا كان غير مسكر فإنه مباح، وقد أورد النسائي أثر سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه، عن مصعب قال: [كان لـسعد كروم وأعناب كثيرة، وكان له فيها أمين، فحملت عنباً كثيراً فكتب إليه: إني أخاف على الأعناب الضيعة، فإن رأيت أن أعصره عصرته].
أثر سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، أنه كان له أعناب كثيرة، [وكان له أمين]، يعني: شخص مسؤول عنها، يعني: عن رعايتها والقيام بشؤونها (فكتب له: إنني أخشى على أعناب الضيعة) معناه: أن العنب كثير ويخشى عليه أنه إذا ما عصر أنه يضيع، ولا يستفاد منه، فإن رأيت أن أعصره عصرته، فـسعد رضي الله عنه، رأى أن يعزله، وأن يتخلص منه، وألا يبقى في بستانه؛ لأن هذا كونه يعصره فيه وسيلة إلى الخمر، وإن كان قد لا يصل إلى الخمر، لكن هذا من باب الورع والاحتياط؛ لأن كونه يتخذ مثل ذلك، أو يقدم إلى مثل ذلك، وإن كان في أصله مباحاً إلا أنه قد يؤدي إلى الحرمة، بحيث يصل إلى حد الإسكار ذلك العصر، فهو ليس لأن العصير محرم في حد ذاته، مادام أنه لم يصل إلى حد الإسكار فهو مباح، ولكن هذا من باب الورع خشية أن يصل إلى حد الإسكار، أو يكون ذلك وسيلة إلى أن يصل هذا الذي يعصر إلى حد الإسكار، ومن أجل ذلك عزله وقال له: اعتزل ضيعتي ولا تعمل فيها.
تراجم رجال إسناد أثر سعد في كراهية بيع عصير العنب

قوله: [أخبرنا سويد أنبأنا عبد الله عن سفيان بن دينار].سفيان بن دينار ثقة، أخرج له البخاري، والنسائي .
[عن مصعب بن سعد].
هو مصعب بن سعد بن أبي وقاص، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[كان لـسعد].
هو سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، أحد العشرة المبشرين بالجنة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
شرح أثر ابن سيرين: (بعه عصيراً ممن يتخذه طلاء ولا يتخذه خمراً)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن هارون بن إبراهيم عن ابن سيرين أنه قال: بعه عصيراً ممن يتخذه طلاء ولا يتخذه خمراً].وهذا أثر عن ابن سيرين: (بعه عصيراً لمن يتخذه طلاء ولا يتخذه خمراً)، وهذا يبين أن العصير في حد ذاته أنه سائغ، وإذا بيع العصير على من يتخذه طلاء ولا يتخذه خمراً، فإن ذلك سائغ، وأما من يتخذه خمراً، فإن ذلك لا يجوز، والطلاء هو الذي يطبخ حتى يتعقد ويصير كالطلاء الذي تطلى به الإبل.
تراجم رجال إسناد أثر ابن سيرين: (بعه عصيراً ممن يتخذه طلاء ولا يتخذه خمراً)

قوله: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن هارون بن إبراهيم].هارون بن إبراهيم ثقة، أخرج حديثه النسائي .
[عن ابن سيرين].
وهو محمد بن سيرين البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
ذكر ما يجوز شربه من الطلاء وما لا يجوز


شرح أثر عمر: (أنه كتب إلى بعض عماله: أن ارزق المسلمين من الطلاء ما ذهب ثلثاه وبقي ثلثه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر ما يجوز شربه من الطلاء وما لا يجوز.أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا المعتمر سمعت منصوراً عن إبراهيم عن نباتة عن سويد بن غفلة أنه قال: كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى بعض عماله: أن ارزق المسلمين من الطلاء ما ذهب ثلثاه وبقي ثلثه].
أورد النسائي رحمه الله ما يجوز شربه من الطلاء وما لا يجوز، والطلاء هو عصير العنب الذي يطبخ حتى يشتد، معناه: أنه يكون ثخيناً بدل ما يكون سائلاً مائعاً ذائباً، يكون ثخيناً متعقداً، ويكون كالطلاء الذي تطلى به الإبل، فهذا هو المقصود بالطلاء، وقد أورد النسائي أثر عمر بن الخطاب [أن ارزق المسلمين من الطلاء ما ذهب ثلاثاه وبقي ثلثه]، يعني: أنه طبخ حتى ذهب ثلاثاه وبقي ثلثه.
تراجم رجال إسناد أثر عمر: (أنه كتب إلى بعض عماله: أن ارزق المسلمين من الطلاء ما ذهب ثلثاه وبقي ثلثه)

قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى]هو محمد بن عبد الأعلى البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود في كتاب القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا المعتمر].
هو المعتمر بن سليمان بن طرخان التيمي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[سمعت منصوراً].
منصور بن المعتمر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن إبراهيم].
هو إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن نباتة].
هو نباتة البصري الوالبي، وهو مقبول، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن سويد بن غفلة].
ثقة، مخضرم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمر].
هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد مر ذكره.
شرح أثر عمر في الطلاء الذي أذن بشربه

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن سليمان التيمي عن أبي مجلز عن عامر بن عبد الله أنه قال: قرأت كتاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى رضي الله عنه: أما بعد: فإنها قدمت علي عير من الشام تحمل شراباً غليظاً أسود كطلاء الإبل، وإني سألتهم على كم يطبخونه؟ فأخبروني: أنهم يطبخونه على الثلثين، ذهب ثلثاه الأخبثان، ثلث ببغيه، وثلث بريحه، فمر من قبلك يشربونه]. أورد النسائي رحمه الله أثر عمر رضي الله عنه، المتعلق بالطلاء وفيه وصفه، وأنه طلاء أسود غليظ يقول: كتب عمر إلى أبي موسى: [أما بعد: فإنها قدمت علي عير من الشام تحمل شراباً غليظاً أسوداً، كطلاء الإبل، وإني سألتهم على كم يطبخونه؟ فأخبروني أنهم يطبخونه على الثلثين، ذهب ثلثاه الأخبثان: ثلث ببغيه وثلث بريحه، فمر من قبلك يشربونه].
يعني: أنه إذا طبخ وذهب ثلثاه فيكون [ثلث لبغيه] يعني: شدته، [وبريحه] يعني: رائحته الكريهة، ويبقى بعد ذلك الذي هو حسن المذاق، وطيب المذاق الذي أذن بشربه.
تراجم رجال إسناد أثر عمر في الطلاء الذي أذن بشربه

قوله: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن سليمان التيمي].هو سليمان بن طرخان التيمي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي مجلز].
هو أبو مجلز لاحق بن حميد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عامر بن عبد الله].
مجهول، أخرج حديثه النسائي وحده.
أثر عمر: (.. فاطبخوا شرابكم حتى يذهب منه نصيب الشيطان...) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن هشام عن ابن سيرين أن عبد الله بن يزيد الخطمي رضي الله عنه قال: كتب إلينا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أما بعد: فاطبخوا شرابكم حتى يذهب منه نصيب الشيطان، فإن له اثنين ولكم واحد]. أورد النسائي رحمه الله أثر عمر، وهو مثل ما تقدم، وقوله: اثنين ولكم واحد، يعني: الثلثان والثلث، يذهب الثلثان ويبقى الثلث.
قوله: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن هشام].
هو هشام بن حسان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن سيرين].
هو محمد بن سيرين، وقد مر ذكره.
[عن عبد الله بن يزيد الخطمي].
عبد الله بن يزيد الخطمي، وهو صحابي صغير، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمر].
وقد مر ذكره.
شرح أثر علي: (أنه كان يرزق الناس الطلاء يقع فيه الذباب ولا يستطيع أن يخرج منه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن جرير عن مغيرة عن الشعبي أنه قال: كان علي رضي الله عنه يرزق الناس الطلاء يقع فيه الذباب ولا يستطيع أن يخرج منه]. أورد النسائي رحمه الله أثر علي: [أنه كان يرزق الناس الطلاء يقع فيه الذباب فلا يستطيع أن يخرج منه]، لكونه متعقداً، ومتجمداً، وإذا وقع عليه الذباب مسكه فلا يستطيع أن يطير، بخلاف ما إذا كان على ماء أو على شيء من هذا قد يمسكه، لكن هذا لغلظه وتعقده يمسك الذباب فلا يستطيع أن يطير إذا وقع عليه، يعني: مثل الدبس الذي يكون من النخل يمسك الشيء الذي يقع عليه.
تراجم رجال إسناد أثر علي: (أنه كان يرزق الناس الطلاء يقع فيه الذباب ولا يستطيع أن يخرج منه)

قوله: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن جرير].هو جرير بن عبد الحميد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مغيرة].
هو مغيرة بن مقسم الضبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الشعبي].
وقد مر ذكره.
[عن علي رضي الله عنه].
هو علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، وهو أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة رضي الله عنه وأرضاه.
أثر سعيد بن المسيب: (الشراب الذي أحله عمر هو الذي يطبخ فيذهب ثلثاه ويبقى ثلثه) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا ابن أبي عدي عن داود قال: سألت سعيداً: ما الشراب الذي أحله عمر رضي الله عنه؟ قال: الذي يطبخ حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه].أورد النسائي رحمه الله أثر سعيد بن المسيب رحمة الله عليه: (أنه سئل عن الشراب الذي أحله عمر قال: هو الذي يطبخ فيذهب ثلثاه ويبقى ثلثه)، الذي هو الطلاء.
قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى].
هو محمد بن المثنى الزمن أبو موسى العنزي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[حدثنا ابن أبي عدي].
هو محمد بن إبراهيم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن داود].
هو داود بن أبي هند، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[سألت سعيداً].
هو سعيد بن المسيب وقد مر ذكره.
أثر أبي الدرداء: (أنه كان يشرب ما ذهب ثلثاه وبقي ثلثه) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا زكريا بن يحيى، حدثنا عبد الأعلى حدثنا حماد بن سلمة، عن داود، عن سعيد بن المسيب: أن أبا الدرداء رضي الله عنه كان يشرب ما ذهب ثلثاه وبقي ثلثه].ثم أورد أبو الدرداء، وهو مثل ما جاء عن عمر رضي الله عنه.
قوله: [أخبرنا زكريا بن يحيى حدثنا عبد الأعلى].
وقد مر ذكرهما.
[حدثنا حماد بن سلمة].
ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن.
[عن داود عن سعيد بن المسيب].
وقد مر ذكرهما.
أثر أبي موسى: (كان يشرب من الطلاء ما ذهب ثلثاه وبقي ثلثه) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن هشيم أنه أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: أنه كان يشرب من الطلاء ما ذهب ثلثاه وبقي ثلثه]. أورد النسائي رحمه الله أثر أبي موسى الأشعري وهو مثل الذي في التراجم المتقدمة، (يشرب ما ذهب ثلثاه وبقي ثلثه)، يعني: من الطلاء إذا طبخ العصير.
قوله: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن هشيم].
وهو هشيم بن بشير الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم].
وقد مر ذكرهما.
[عن أبي موسى الأشعري].
هو عبد الله بن قيس رضي الله تعالى عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أثر سعيد بن المسيب: (... فقال: لا حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن سفيان عن يعلى بن عطاء أنه قال: سمعت سعيد بن المسيب وسأله أعرابي عن شراب يطبخ على النصف؟ فقال: لا، حتى يذهب ثلثاه ويبقى الثلث]. أورد النسائي أثر سعيد بن المسيب، وهو مثلما تقدم، يعني: ذهاب الثلثين وبقاء الثلث.
قوله: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن سفيان عن يعلى بن عطاء].
ويعلى بن عطاء ثقة، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن.
أثر سعيد بن المسيب: (إذا طبخ الطلاء على الثلث فلا بأس به) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن خالد عن معن حدثنا معاوية بن صالح عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: إذا طبخ الطلاء على الثلث فلا بأس به]. أورد النسائي أثر سعيد بن المسيب: (إذا طبخ الطلاء على الثلث) يعني: بأن يبقى الثلث، فيكون متفق مع الروايات السابقة.
قوله: [أخبرنا أحمد بن خالد].
هو أحمد بن خالد الخلال، وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي .
[عن معن].
هو معن بن عيسى، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن معاوية بن صالح].
صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن.
[عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب].
وقد مر ذكرهما.
أثر الحسن: (سئل عن الطلاء المنصف فقال: لا تشربه) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن يزيد بن زريع حدثنا أبو رجاء أنه قال: سألت الحسن عن الطلاء المنصف؟ فقال: لا تشربه]. أورد النسائي أثر الحسن عن الطلاء المنصف أي الذي ذهب نصفه، فقال: [لا تشربه]، يعني: حتى يذهب الثلثان.
قوله: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن يزيد بن زريع].
كل هؤلاء مر ذكرهم.
[حدثنا أبي رجاء].
هو محمد بن سيف، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود في المراسيل، والنسائي .
[سألت الحسن].
هو الحسن بن أبي الحسن البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أثر الحسن: (ما تطبخه حتى يذهب الثلثان ويبقى الثلث) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن بشير بن المهاجر أنه قال: سألت الحسن عما يطبخ من العصير؟ قال: ما تطبخه حتى يذهب الثلثان ويبقى الثلث]. أورد أثر الحسن وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن بشير بن المهاجر].
بشير بن المهاجر، وهو صدوق، لين الحديث، أخرج له الإمام مسلم، وأصحاب السنن.
شرح أثر أنس: (إن نوحاً نازعه الشيطان في عود الكرم ... فاصطلحا على أن لنوح ثلثها وللشيطان ثلثيها)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا وكيع حدثنا سعد بن أوس عن أنس بن سيرين أنه قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: إن نوحاً صلى الله عليه وسلم نازعه الشيطان في عود الكرم، فقال: هذا لي، وقال: هذا لي، فاصطلحا على أن لنوح ثلثها وللشيطان ثلثيها]. أورد النسائي هذا الأثر عن أنس بن مالك رضي الله عنه، وهو مثلما تقدم عن عمر وعن غيره، يذهب الثلثان ويبقى الثلث، والذي يذهب نصيب الشيطان، والذي يبقى هو الحلال المباح.
قوله: (عود الكرم).
الكرم هو: العنب.
تراجم رجال إسناد أثر أنس: (إن نوحاً نازعه الشيطان في عود الكرم ... فاصطلحا على أن لنوح ثلثها وللشيطان ثلثيها)

قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو إسحاق بن إبراهيم بن راهويه الحنظلي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، إلا ابن ماجه.
[حدثنا وكيع].
هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سعد بن أوس].
هو سعد بن أوس العدوي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن.
[سمعنا أنس بن سيرين].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس بن مالك].
رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخادمه وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أثر عمر بن عبد العزيز: (... لا تشربوا من الطلاء حتى يذهب ثلثاه) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن عبد الملك بن طفيل الجزري قال: كتب إلينا عمر بن عبد العزيز: أن لا تشربوا من الطلاء، حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه، وكل مسكر حرام].ثم أورد النسائي أثر عمر بن عبد العزيز وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا سويد عن عبد الله عن عبد الملك بن طفيل].
عبد الملك بن طفيل مقبول، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن عمر بن عبد العزيز].
هو الخليفة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

أثر مكحول: (كل مسكر حرام) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا المعتمر عن برد عن مكحول أنه قال: كل مسكر حرام].ثم أورد النسائي أثر مكحول: (كل مسكر حرام)، وقد جاء فيه أحاديث كثيرة تنص على أن كل مسكر حرام.
قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا المعتمر عن برد].
برد هو ابن سنان الشامي، وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن.
[عن مكحول].
وهو مكحول الشامي، وهو ثقة، يرسل كثيراً، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن.
وهذا الأخير يناسب الترجمة، وهي: كل مسكر حرام، وذكر ما يجوز شربه من الطلاء وما لا يجوز، فيناسبها من جهة أن ما أسكر منه يكون حراماً وما لم يسكر يكون حلالاً، وما جاء من ذكر الطلاء أن ما وصل إلى حد الإسكار يحرم، وما لم يصل إليه فإنه يحل.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #910  
قديم 20-10-2022, 11:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,836
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الأشربة

(506)


– (باب ما يجوز شربه من العصير وما لا يجوز) إلى (باب ذكر ما يجوز شربه من الأنبذة وما لا يجوز)




ذكر الشرع بعض أنواع الأشربة التي يجوز شربها، والتي لا يجوز شربها، وأن الأصل فيها الحل إلا إذا بلغ حد الإسكار فإنه يحرم.
ما يجوز شربه من العصير وما لا يجوز


شرح أثر ابن عباس: (... فإن النار لا تحل شيئاً قد حرم)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ما يجوز شربه من العصير وما لا يجوز.أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن أبي يعفور السلمي عن أبي ثابت الثعلبي قال : كنت عند ابن عباس رضي الله عنهما فجاءه رجل فسأله عن العصير؟ فقال: اشربه ما كان طرياً، قال: إني طبخت شراباً وفي نفسي منه، قال: أكنت شاربه قبل أن تطبخه؟ قال: لا، قال: فإن النار لا تحل شيئاً قد حرم ].
يقول النسائي رحمه الله: (ما يجوز شربه من العصير وما لا يجوز).
العصير: هو ما يعصر من العنب وغير ذلك، وقد أورد النسائي أثر ابن عباس (لما سأله رجل عن العصير قال: اشربه مادام طرياً)، يعني: مادام أنه في أول أمره وفي أول عصره فإن شربه لا بأس به؛ لأنه في غاية السلامة، ولم يبق مدة يحتمل أن يكون حصل له فيها تغير، قال ذلك الرجل: (إني طبخت شراباً وفي نفسي منه، قال: هل كنت شاربه قبل أن تطبخه؟ قال: لا، قال: فإن النار لا تحل شيئاً قد حرم)، لما سأل هذا الرجل عن كونه طبخ ذلك الشراب وشربه بعد طبخه وفي نفسه منه شيء؛ لأنه لا يشربه قبل أن يطبخ، (فقال له: أكنت شاربه قبل أن تطبخه؟ قال: لا، قال: فإن النار لا تحل شيئاً قد حرم)، يعني: مادام أنك تمتنع منه وتحرمه على نفسك قبل أن تطبخه فطبخك إياه لا يغير حاله.
وهذا الأثر يبين أن المقصود من الشيء الذي كانوا يطبخونه والذي هو الطلاء الذي يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه، المقصود منه الشيء الذي لم يكن مسكراً ولم يصل إلى حد الإسكار، وإنما هو قبل الإسكار؛ لأن قوله هنا إن النار لا تحل شيئاً قد حرم، معناه: أن الطبخ للشيء لا يغيره من كونه ممنوعاً إلى كونه سائغاً وجائزاً، بل ما كان جائزاً قبل الطبخ يكون جائزاً بعده، وما كان ممنوعاً قبل الطبخ يكون ممنوعاً بعده.
تراجم رجال إسناد أثر ابن عباس: (... فإن النار لا تحل شيئاً قد حرم)

قوله: [أخبرنا سويد ].هو سويد بن نصر المروزي، ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي .
[أخبرنا عبد الله].
هو ابن المبارك المروزي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي يعفور].
هو: عبد الرحمن بن عبيد بن نسطاس ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي ثابت الثعلبي].
وهو: أيمن بن ثابت صدوق أخرج له النسائي وحده.
[ عن ابن عباس ].
هو: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
يقول السندي: (لا تحل شيئاً)، أي: رد لقوله في الطلاء أنه يحل إذا ذهب ثلثه.
لأن الطلاء كما قد عرفنا أنه يحل إذا ذهب ثلثاه وبقي الثلث فإنه يستعمل، وهذا رد لقول من قال: إنه إذا كان مسكراً أو كان في النفس منه شيء قبل الطبخ ثم طبخ فإنه لا يحل، لكن إذا كان سائغاً قبل الطبخ يكون سائغاً بعد الطبخ، وإذا كان ممنوعاً قبل الطبخ يكون ممنوعاً بعد الطبخ؛ لأن النار لا تحل شيئاً قد حرم.
شرح أثر ابن عباس: (والله ما تحل النار شيئاً ولا تحرمه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن ابن جريج قراءة أخبرني عطاء سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول: والله ما تحل النار شيئاً ولا تحرمه، قال: ثم فسر لي قوله: لا تحل شيئاً؛ لقولهم في الطلاء ولا تحرمه ].يعني: كأن هذا الكلام مثل الكلام الذي ذكره السندي، عليه رد لقولهم، يعني: هذا الكلام ما قوله هذا الكلام
[ثم فسر لي قوله: لا تحل شيئاً]، بأنه رد، يعني: معناه أنه رد لقولهم؛ لأن هناك لقولهم كذا، وكأن المقصود رد لقولهم كذا أنه يحل الطلاء، يعني: إذا ذهب ثلثاه فيما إذا كان قبل الطبخ يعني: أنه قد تغير واشتد.
تراجم رجال إسناد أثر ابن عباس: (والله ما تحل النار شيئاً ولا تحرمه ...)

قوله:[ أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن ابن جريج قراءةً].ابن جريج، هو: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، ثقة، فقيه، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني عطاء].
هو: عطاء بن أبي رباح المكي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[سمعت ابن عباس] وقد مر ذكره.
الوضوء مما مست النار


شرح أثر سعيد بن المسيب: (اشرب العصير ما لم يزبد)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ الوضوء مما مست النار ].يعني: هذه الترجمة غير واضحة؛ لأنه ما جاء شيء يتعلق بالوضوء أبداً، وإنما الآثار التي فيها كلها تتعلق بالشراب، وما يحل وما لا يحل، والسندي لما شرح اعتبر أن هذا الذي ذكر ترجمة ليس ترجمة، وإنما هو تابع للحديث أو تابع للتفسير الذي قبل هذا؛ لأنه رد لقولهم بالطلاء، ورد لقولهم بالوضوء مما مست النار، يعني: أن النار لا تحرم ماءً كان حلالاً قبل أن يغلى ويطبخ ولا تحرمه، فهذا الذي جاء ترجمة هو تابع للحديث، وهو داخل في التفسير؛ لقوله: لا تحل شيئاً ولا تحرمه، ففيه ذكر الطلاء وفيه ذكر الوضوء مما مست النار، فالشيء الذي طبخ أو الماء الذي أغلي لا يكون حرم استعماله والوضوء فيه، بل يتوضأ فيه، أقول: يتوضأ فيه.
وقد جاء في مسألة الوضوء مما مست النار، هذا أحاديث سبق أن مرت، (وآخر الأمرين ترك الوضوء مما مست النار)، يعني: هناك أحاديث فيها الوضوء وأحاديث فيها ترك الوضوء، ولكن (آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار)، يعني: الشيء الذي طبخ إذا أكله الإنسان فجاء حديث أنه يتوضأ، وجاء حديث أنه لا يتوضأ، لكن أحاديث عدم الوضوء ناسخة لأحاديث الوضوء، لكن الذي معنا الآن الوضوء مما مست النار هو تابع للتفسير الذي قبله على اعتبار أن الماء إذا طبخ فإنه لا يحرم استعماله والوضوء منه بسبب النار، فالنار لا تحرم شيئاً قد حل، ولا تحل شيئاً قد حرم، فهي لا تحل شيئاً قد حرم فيما يتعلق بالطلاء، ولا تحرم شيئاً قد حل كما في الماء الذي طبخ، فإنه بعد الطبخ يمكن أن يتوضأ به؛ لأن حالته بعد الطبخ كحالته قبل الطبخ.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد قال: أخبرنا عبد الله عن حيوة بن شريح أنه قال: أخبرني عقيل عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال: اشرب العصير ما لم يزبد ].
أورد النسائي هذا الأثر عن سعيد بن المسيب: (اشرب العصير ما لم يزبد)، يعني: يقذف بالزبد، وإذا اشتد وقذف بالزبد فهذه علامة اشتداده وإسكاره أو قرب إسكاره، معناه هو قريب من ذاك الأثر الذي مر أنه إذا كان طرياً، أي: ما وصل إلى حد كونه يزبد يعني: يطلع منه الزبد كزبد البحر.
تراجم رجال إسناد أثر سعيد بن المسيب: (اشرب العصير ما لم يزبد)

قوله:[ أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن حيوة بن شريح ].حيوة بن شريح هو: المصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرني عقيل ].
هو: عقيل بن خالد بن عقيل المصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب ].
هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن المسيب ].
سعيد بن المسيب، هو أحد فقهاء المدينة السبعة، ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
شرح أثر إبراهيم النخعي: (أنه سئل عن العصير قال: اشربه حتى يغلي ما لم يتغير)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد قال: أخبرنا عبد الله عن هشام بن عائذ الأسدي أنه قال: سألت إبراهيم عن العصير؟ قال: اشربه حتى يغلي ما لم يتغير ].أورد النسائي أثر عن إبراهيم النخعي، (سأله عن العصير، قال: أشربه حتى يغلي، ما لم يتغير، معناه: إلى حين اشتداده ما لم يتغير)، يعني أنه ما لم يتغير بالوصول إلى حد الإسكار.
تراجم رجال إسناد أثر إبراهيم النخعي: (أنه سئل عن العصير، قال: اشربه حتى يغلي، ما لم يتغير)

قوله:[ أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن هشام بن عائذ الأسدي ].هشام بن عائذ الأسدي وهو صدوق أخرج له النسائي وحده.
[ عن إبراهيم ].
هو: إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي، ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
شرح أثر عطاء: (أنه سئل عن العصير، قال: اشربه حتى يغلي)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن عبد الملك عن عطاء في العصير أنه قال: اشربه حتى يغلي ].أورد النسائي أثراً عن عطاء: (اشربه حتى يغلي)، وهو مثل أثر إبراهيم النخعي .
تراجم رجال إسناد أثر عطاء: (أنه سئل عن العصير قال: اشربه حتى يغلي)

قوله: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن عبد الملك].هو: عبد الملك بن أبي سليمان، صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن.
[عن عطاء].
هو عطاء بن أبي رباح، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
شرح أثر الشعبي: (أنه سئل عن العصير قال: اشربه ثلاثة أيام إلا أن يغلي)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن حماد بن سلمة عن داود عن الشعبي أنه قال: اشربه ثلاثة أيام، إلا أن يغلي ].أورد النسائي الأثر عن الشعبي: (اشربه ثلاثة أيام إلا أن يغلي)، يعني: يشتد ويقذف الزبد، فإذا كان قبل الثلاثة الأيام واشتد فإنه لا يشرب، وإذا لم يكن كذلك فإنه يشرب إلى ثلاثة أيام.
تراجم رجال إسناد أثر الشعبي: (أنه سئل عن العصير قال: اشربه ثلاثة أيام إلا أن يغلي)

قوله:[ أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن حماد بن سلمة].حماد بن سلمة بن دينار، ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن.
[ عن داود ].
هو: داود بن أبي هند، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن.
[ عن الشعبي ].
هو: عامر بن شراحيل الشعبي، ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 387.54 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 381.66 كيلو بايت... تم توفير 5.88 كيلو بايت...بمعدل (1.52%)]