يزهد فيما عنده ويتطلع إلى ما عند غيره - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         معارج البيان القرآني ـــــــــــــ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 7818 )           »          انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 45 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 859336 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 393658 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215879 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 75 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 59 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-01-2024, 01:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,062
الدولة : Egypt
افتراضي يزهد فيما عنده ويتطلع إلى ما عند غيره

يزهد فيما عنده ويتطلع إلى ما عند غيره



وكم مالئ عينيه... هذا جزءٌ من شَطْرِ بيتٍ لعمر بن أبي ربيعة، يقول فيه:
وكم مالئٍ عينيه من شيءِ غيرِه
إذا راح نحوَ الجمرةِ البيضُ كالدمى
ومعنى البيت: كثير من الناس يُطْلِقُ بَصَرَه في النظر إلى النساء إذا ذهبن لرمي الجمار.
وهو في هذا البيت يشير – على مذهبه الغزلي – إلى أن كثيراً من الناس يَسْبِيْهِ التطلعُ إلى ما لا يمتلك، ويخص بذلك النظر إلى النساء الأجنبيات عنه.
ولعل المعنى لا يقف عند حد النساء فحسب، بل يتعداه إلى أمور أخرى؛ فكثير من الناس يزهد بما في يده، ويتطلع إلى ما عند غيره أياً كان ذلك المُتَطلَّع إليه؛ فكم من أناس يقطعون المسافات لطلب العلم عند عالم وعندهم في بلدهم من يفوقه، وأزهد الناس في العالِم أهله وجيرانه.
وكم من الطلاب من يَدْرُسُ – على سبيل المثال – في كلية الشريعة، وتراه يحرص كثيراً على طلب العلم، والسؤال عن طريقة الترقي فيه، وتجده يتطلع إلى كتب ليست مقررة عليه.
ولو أنه اقتنع بما عنده، ولزم الإقبال على المناهج المقررة عليه لكان خيراً له؛ إذ غالباً ما تكون تلك المناهج مدروسةً بعناية، وتكون مهيِّئةً للطالب أن يسير على وَفْقِ نظامٍ يوصله إلى درجة عالية من العلم، والمنهجية المنضبطة.
ثم ما يحصل عليه من العلوم بعد إلمامه بما قُرِّرَ عليه يُعدُّ رِبْحاً.
ولكن التطلع إلى ما ليس قريباً يقطع الإنسان عن الوصول إلى المبتغى.
والغريب في الأمر أَنَّ مَنْ يكون في غير تلك الكليات ممن يرومون العلم الشرعي يرجو من كل قلبه أن يلتحق بتلك الكليات، ويدرس مناهجها التي يزهد فيها بعض المنتسبين إليها.
وكم من الناس من يستشير البعيد عنه، ويزهد بالقريب منه من نحو والدٍ، أو قريب أو أستاذ مع أن من أولئك من قد يفوق المستشار البعيد بمراحل؛ فأولى لهذا ثم أولى له ألاّ يزهد فيمن عنده، إلاّ إذا كان يستحيي من مشورة القريب في بعض الأمور.
وكم من الوالدين من يزهد في أولاده ولا يراهم أهلاً لأي مكرمة أو تَحَمُّلِ مسؤوليةٍ، مع أنهم يبلغون من الشهامة والفضل مبلغاً عظيماً.
وربما أُعْجِب بأبناء فلان من الناس وأثنى عليهم، وفضَّلهم على أولاده، مع أن أولاده يفوقونهم بمراحل. بل بعضهم لا يرى أيَّ قيمة لأولاده إلاّ بعد أن يسمع ثناءً عليهم في محفل، أو إشادة بهم من أحد الناس.
وكم من الناس من يرغب عن الطعام الذي يُعَدُّ له في منزله، ويرغب في طعام أقلَّ منه جودةً إذا كان خارج المنزل.
وكم من الناس من يزهد في حاله التي هو عليها، ويرجو لو كان كفلان أو فلان من الناس مع أنه ربما يتمتع بصحة، وراحة لا يجدها أولئك الذين رجا مكانهم بالأمس.
وكم من أناس يزهدون بمن يسوس أمرهم من مدير، أو مسؤول، ويرجون زواله عنهم، ثم بعد ذلك يبكون على تلك الأيام التي قضوها معه بعد أن يجربوا غيره،
وربَّ يومٍ بكيتُ فيه فلما
صرتُ في غيرِهِ بكيتُ عليه
فهذه نبذة يسيرة، وأمثلة قليلة في شأن من يملأ عينيه من شيء غيره، والأمر أوسع من ذلك وأعمّ.
فالتطلع إلى ما في أيدي الآخرين مما يورث الحسرات، والغموم؛ فحريٌّ بالعاقل أن يرضى بما عنده، وألاّ يمدّ عينيه إلى ما ليس له إليه سبيل.
ومن أعظم ما يعين على ذلك لزوم القناعة؛ فإذا لزم العبد القناعة أشرقت عليه شموس السعادة.
ومن يطعمِ النفسَ ما تشتهي
كمن يطعمُ النارَ جزْل الحطبْ
قال تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى}(طه: 131).
قال أُبي بن كعب ]: “من لم يتعزّ بعزة الله تَقَطَّعتْ نفسه، ومن يتبع بصره فيما في أيدي الناس يَطُلْ حُزْنُهُ، ومن ظنّ أن نعمة الله في مطعمه ومشربه وملبسه – فقد قلّ علمه، وحضر عذابه”.
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي - رحمه الله - في تفسير الآية السابقة:
“أي ولا تمدّ عينيك معجباً، ولا تكرر النظر مستحسناً إلى أحوال الدنيا والممتّعين بها من المآكل والمشارب اللذيذة، والملابس الفاخرة، والبيوت المزخرفة، والنساء المجملة؛ فإن ذلك كلَّه زهرة الحياة الدنيا، تبتهج بها نفوس المغترين، وتأخذ إعجاباً بأبصار المعرضين، ويتمتع بها – بقطع النظر عن الآخرة – القوم الظالمون، ثم تذهب سريعاً، وتمضي جميعاً، وتقتل محبيها وعُشّاقها، فيندمون حيث لا تنفع الندامة، ويعلمون ما هم عليه يوم القيامة، وإنما جعلها الله فتنة واختباراً؛ ليعلم من يقف عندها، ويغتر بها، ومن هو أحسن عملاً”
وما أحسن قول أبي فراس الحمداني:
إن الغــــنيَّ هــــو الغــــنيُّ بنفـــســــــــه
ولــــو أنـــه عـــــــاري المنــــاكبِ حافــــي
ما كلُّ ما فــــوق البسيــــطةِ كافيـــــاً
فــــإذا قنعــــتَ فكــــلُّ شــــيءٍ كافــــــي
ومما يوصل إلى ذلك أن ينظر الإنسان إلى من هو أدنى منه في أمور الدنيا، وإلى من هو أعلى منه في أمور الدين وسائر الفضائل؛ فهذا هو المعيار الحقيقي، وتلك هي الموازنة المجدية؛ فهي تُبصِّر الإنسان بنعمة الله، وتقوده إلى شكره وإيثار محابِّه.
فإذا نظر الإنسان إلى من هو فوقه في التقوى، والعلم، وسائر الفضائل حمله ذلك على العمل والمسارعة إلى الخيرات.
وإذا نظر إلى من هم دونه في أمور الدنيا في الصحة والمال ونحو ذلك قاده ذلك إلى مزيد من الشكر.
وإلى هذا المعنى العظيم يشير قول النبي [: “إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والخلق فلينظر إلى من هو أسفل منه ممن فُضِّل عليه” متفق عليه.
وزاد مسلم: “فهو أجدرُ ألاّ تزدروا نعمة الله عليكم”
قال ابن بطال – رحمه الله- في شرح هذا الحديث: “هذا الحديث جامع لمعاني الخير؛ لأن المرء لا يكون بحال تتعلق بالدين من عبادة ربه مجتهداً فيها – إلاّ وجد من هو فوقه؛ فمتى طلبت نفسه اللحاق به استقصر حاله؛ فيكون أبداً في زيادةٍ تُقَرِّبه من ربه، ولا يكون على حال خسيسة من الدنيا إلاّ وجد من أهلها من هو أخسُّ حالاً منه”
فإذا تفكر في ذلك علم أن نعمة الله وصلت إليه دون كثير ممن فضَّل عليه بذلك من غير أمر أوجبه؛ فيلزم نفسه الشكر؛ فيعظم اغتباطه بذلك في معاده.
ولقد أحسن ابن الرومي أيّما إحسان في قوله:
إذا ما كســـــاك اللهُ سربـــــالَ صحــــة
ولم تخــــــلُ من قــــوتٍ يحلُّ ويَعْــــــــذُبُ
فــــــــلا تغبطَـــــــنَّ المترفــــــــين فإنهـــــــم
على حَسْبِ ما يكسوهُمُ الدهرُ يسلبُ
ولا يعني كل ما مضى ذكره أن يكون الإنسان راضياً بالدون، غير ساعٍ إلى الأعلى والأكمل في أمور دينه ودنياه.
ولكنها دعوة إلى الرضا بما هو في الإمكان، والسعي إلى ما هو أعلى وأرفع.


اعداد: د. محمد بن إبراهيم الحمد




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



 

[حجم الصفحة الأصلي: 52.19 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 49.85 كيلو بايت... تم توفير 2.34 كيلو بايت...بمعدل (4.49%)]