|
|
ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
السمو النفسي
السمو النفسي د. زيد بن محمد الرماني قال - تعالى -: ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ﴾ [الفجر: 27 - 28]، وقال - سبحانه -: ﴿ وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ﴾ [القيامة: 2]، وقال - سبحانه -: ﴿ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ﴾[يوسف: 53]. هذه أهمُّ أقسام النفس البشرية؛ فهي متردِّدةٌ بين ثلاثِ حالاتٍ: الاطمئنانِ، واللَّوْمِ، والأمرِ بالسوء؛ قال الحكماءُ مرَّةً: أوَّلُ شيءٍ يلزم الإنسانَ معرفتُه - نفسُه، وفي معرفة النفْسِ اطلاعٌ على أمورٍ كثيرة، منها: 1- أنه بواسطتها يتوصَّلُ إلى معرفة غيرها، ومَنْ جهلها جهل كلَّ ما عداها. 2- أنَّ مَنْ عرَف نفسه، عرف أعداءَه الكامنةَ فيها، المشارَ إليها في حديثِ: ((أعْدَى عدُوِّك نفْسُك التي بين جنبيك)). 3- أنَّ مَنْ عرف نفسَه، عرف كيف يَسُوسُها. 4 - أنَّ مَنْ عرفها، لم يجِدْ عيبًا في أحدٍ إلا رآه موجودًا في ذاته. والقاعدة الإسلامية تقول: الإنسان بنفْسِه وليس ببَدَنِه، وهناك عددٌ كبير من الفلاسفة الإنسانيِّين لم يَخرجوا عن هذه القاعدة، ومنهم أبو علي مسكويه، الذي يَعُدُّ النفْسَ كنْزًا مُعطًى للإنسانِ، من واجبه أن يحافِظَ عليها، ويعطيَها مكانتَها، وألا يتركَ السلوكَ البهيمِيَّ المعبِّر عن متطلَّبات البدنِ يسيطر عليها، وقد شبَّه الحكماءُ مَن أهمل سياسةَ نفسِه العاقلةِ، وترَك سلطانَ الشهوةِ ومحبة الكرامة يَستولي عليها - بِرَجلٍ معه ياقوتةٌ شريفة حمراءُ، لا قيمةَ لها مِن الذهب والفضة جلالةً ونفاسةً، وكان بينَ يديه نارٌ تَضْطَرِمُ، فَرَماها في حُبَاحِبِها حتى صارت كِلْسًا لا منفعةَ فيها، فخَسِرها وخَسِر ضروبَ منافعها. وتبدأ مرحلة إعطاء النفس مكانتَها، من معرفة الإنسان لِحقيقةِ نفْسِه وقيمتها، ومِن إدراك أنَّ النفْسَ تستلزم التزكيةَ والسموَّ عن الخبيث من الأفعال، وعن الغرق في تلبية الشهوات. وتتمثل القاعدةُ الإسلامية للنظرية النفسية في الآيات التاليةِ: 1- قوله - تعالى -: {﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ [الشمس: 7 - 10]. 2- قوله - تعالى -: ﴿ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ﴾ [البلد: 10]، وقوله - تعالى -: ﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴾ [الإنسان: 3]. 3- قوله - تعالى -: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ﴾ [المدثر: 38]. 4- قوله - تعالى -: ﴿ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ﴾ [القيامة: 14 - 15]. 5- قوله - تعالى -: ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النازعات: 40 - 41]. الإسلامُ يعتمد في إصلاحه على تهذيب النفس الإنسانية قبل كل شيءٍ، فهو يكرِّس جهودًا ضخمةً للتغلغلِ في أعماقها، وغرس تعاليمه في جوهرها؛ حتى تستحيلَ جزءًا منها. ومن هنا كان الإصلاحُ النفسيُّ الدعامةَ الأولى لتغليبِ الخير في هذه الحياة، فإذا لم تصلُحِ النفوسُ، أظلمت الآفاقُ، وسادت الفتنُ حاضِرَ الناسِ ومستقبلَهم. والإسلامُ في علاجه للنفس ابتغاءَ إصلاحِها، يَنظر إليها من ناحيتين: 1- أنَّ فيها فطرةً طيبةً، تَهفو إلى الخير وتُسَرُّ بإدراكه، وتَأْسَى للشر وتَحزن من ارتكابه. 2- وأنَّ فيها نَزَعاتٍ طائشةً، تَشْرُدُ بها عن سواء السبيل، وتزيِّن لها ما يعود عليها بالضرر. وقد مَدح القرآنُ نماذجَ بشريةً سَمَتْ نفوسُهم، ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا * وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ [الفرقان: 63 - 67].
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |