خصومات أسرية ونزاعات عائلية (حلول ومعالجات) - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11943 - عددالزوار : 191457 )           »          فتاوى رمضانية ***متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 579 - عددالزوار : 92950 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 118 - عددالزوار : 56999 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 81 - عددالزوار : 26305 )           »          شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 35 - عددالزوار : 745 )           »          كلام جرايد د حسام عقل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 17 - عددالزوار : 41 )           »          تأمل في قوله تعالى: {وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {وما قدروا الله حق قدره... } (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          بيان معجزة القرآن بعظيم أثره وتنوع أدلته وهداياته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          {إن كنتم تحبون الله فاتبعوني} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأمومة والطفل

ملتقى الأمومة والطفل يختص بكل ما يفيد الطفل وبتوعية الام وتثقيفها صحياً وتعليمياً ودينياً

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-06-2020, 04:28 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,678
الدولة : Egypt
افتراضي خصومات أسرية ونزاعات عائلية (حلول ومعالجات)

خصومات أسرية ونزاعات عائلية (حلول ومعالجات)


الشيخ فؤاد أبو سعيد

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسلَه بالحقِّ بشيرًا ونذيرًا بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فإنه لا يضرُّ إلا نفسه، ولا يضر الله شيئا.
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}. (النساء: 1).
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (آل عمران: 102).
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (الأحزاب: 70، 71)
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على نبينا محمد وآله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، أما بعد؛

تنتشرُ هذه الأيامِ ومنذُ زمنٍ خُصُومَاتٌ أُسَرِيَّةٌ، وَنِزَاعَاتٌ عَائِلِيَّةٌ، تؤدِّي إلى التفكُّكِ بين الأُسَرِ، والتعادي بينَ الأفراد، والاختلافِ والتفرقِ في الأمة، وهذا ما يحدثُ بين الخاطبِ ومخطوبتِه، والأزواجِ والزوجات، والأولادِ والبناتِ مع الآباءِ والأمَّهات، والإخوانِ والأخوات، والجيران ِوجيرانهم، وأذكر أمثلةً على ذلك:

يفرحُ الشابُّ إذا وجدَ فتاةَ أحلامِه، وتفرحُ الفتاةُ إذا تقدَّمَ لِخطبتِها فارسُ أحلامِها، الخاطبُ ومخطوبتُه، وهذه بدايةُ الحياةِ الزوجيَّة، وأوَّلُ عَلاقةٍ من العلاقاتِ الأسريَّة، وبعد الوفاقِ والاتفاق؛ يبدأُ الاختلافُ على أمورٍ بسيطةٍ يمكنُ تلافيها، والتغاضي عنها وتحاشيْها، مثلُ الاختلافِ على قدْرِ المهرِ المعجَّلِ والمؤجَّل، أو بدعةِ عفش البيت، أو صالةِ الأفراح، أو بطاقاتِ الدعوات، أو عددِ السيارات الناقلة ونوعِها، أو كيفيةِ إقامةِ الحفْل، وعددِ (المعازيم) أي المدعوِّين من أهلِه أو أهلِها، ونوعيَّةِ وقدْرِ المطعومِ والمشروب الذي سيوزَّع... إلى غيرِ ذلك من الأمورِ الثانويَّةِ الهامِشيَّة.

لقد رفَضَت مخطوبةٌ خاطبَها، وعندما طلبوا مِنِّي الوساطةَ وجدتُ أن الخاطبَ عندما أراد أن يعلمَها تلاوةَ القرآن؛ اعترضَ على بعضِ مخارجِ الحروف عندَها، كما أخبرتني هي بذلك.
ورفض خاطبٌ مخطوبتَه لأنَّه اشتُرِط عليه المداومة على الصلاة.
ورفضوا خاطبَ أختِهم لأنَّ شعرَه طويلٌ رفض قصَّة أو تقصيرَه... وهكذا.

إنَّ المخطوبةَ إذا رفضت الخاطبَ فلا شيء لها ولا عليها، وإن كان الرفض من الخاطب فطلَّقها؛ فلا له ولا عليه قبل تسمية المهر، ولكن! إن سُمِّيَ المهرُ وبُتَّ فيه؛ فلها النصفُ، إلاَّ إن كان هناك عفوٌ وصفح، قال سبحانه: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (البقرة: 237). وإن طلَّقها بعد الدخول فلها المهرُ كاملاً، ويكونُ الدخولُ بالخلوةِ وإرخاءِ الستور.

أما النـزاعات بين الأزواج وزوجاتِهم فحدِّث ولا حرج.
قبل الزواج؛ يكون الزوج منشرحا، مسرورا فرِحا، يُتعِب نفسَه بجمعِ المهر، وتجهيزِ البيت، وإقامة الوليمة، وغيرِ ذلك مما يكلِّفُ الأزواجُ بها أنفسَهم، وما تطلبُه مخطوبته منه يُنَفِّذُه فورًا، وكأنَّه حملٌ وديع، وزوجُ المستقبلِ المطيع، فعندما وصلت فتاةُ أحلامِه إليه، وأَمْسَتْ بين يديه، أصبحَ عليها أسدًا غضنفرا، وشجاعًا لا يشق له غبار، ولإثباتِ رجولته، وتعريفِها مدى فحولتِه، يصفعُها ويَلطِمُها، وفي وجهها يلْكُمُها، ويرفِسُها وبرجله يركُلُها، ويعلوها بالدِّرَّةِ، ويمشُقُها بالسَّوْطِ، ويخْفِقُها بالنَّعْلِ والحذاء، ناهيك عن الألفاظ النابية؛ من سبِّها ولعنِها، وسبِّ أبيها وأهلِها، أو وصفِها وأهلِها بالحيواناتِ الدنيئَة، والألقابِ القبيحة، والأوصافِ الذميمة.
شكت امرأةٌ زوجَها؛ الذي جعلَ وجهَها مرتفعاتٍ ومنخفضاتٍ مختلفًا ألوانُها، فهي جُدَدٌ زرقٌ وخضرٌ وغرابيبُ سودٌ، وكأنّ رُوحَ هذا الزوجِ ونفسَه وإنسانيتَه غابَ عنها إيمانُها، وبخِلَت بعفوِها وصفحِها وإحسانِها، لم يجدْ عصًا مناسبة، أو هراوةً مواتية، فاقتلع رجلَ السرير وقائمتَه، فراغَ عَليها ضربًا بِاليمينِ، وكأنه ينفِّذُ قوله تعالى: {وَاضْرِبُوهُنَّ} (النساء: 34).
بل كأنَّه جلاَّدٌ فارقتْه شفقتُه ورحمتُه، وسجَّانٌ يؤدي مَهَمتَه ووظيفته، ونسي قولَ رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ". مسلم (1218).
وتناسى قولَه: «لاَ يَجْلِدُ أَحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ العَبْدِ، ثُمَّ يُجَامِعُهَا فِي آخِرِ اليَوْمِ». البخاري (5204).
وتغاضى عن قولِه «أَلَا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ،..». =يَعْنِي: أَسْرَى فِي أَيْدِيكُمْ=،. سنن الترمذي (1163).

عَنْ مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيِّ، قَالَ: قُلْتُ: (يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ؟) قَالَ: «أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، أَوِ اكْتَسَبْتَ، وَلَا تَضْرِبِ الْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحْ، وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: ["وَلَا تُقَبِّحْ"؛ أَنْ تَقُولَ: قَبَّحَكِ اللَّهُ]. سنن أبي داود (2142). فضَرَبَها هذا الضربَ المبرِّحَ لأسباب تافهة، وقبَّحها أشدّ تقبيح.

عَنْ لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ، ... قَالَ: قُلْتُ: (يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ لِي امْرَأَةً وَإِنَّ فِي لِسَانِهَا شَيْئًا -يَعْنِي الْبَذَاءَ-). قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَطَلِّقْهَا إِذًا»، قَالَ: قُلْتُ: (يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ لَهَا صُحْبَةً، وَلِي مِنْهَا وَلَدٌ)، قَالَ: فَمُرْهَا يَقُولُ: "عِظْهَا فَإِنْ يَكُ فِيهَا خَيْرٌ فَسَتَفْعَلْ، وَلاَ تَضْرِبْ ظَعِينَتَكَ كَضَرْبِكَ أُمَيَّتَكَ". سنن أبي داود (142)، وعند ابن حبان: "وَلاَ تَضْرِبْ ظَعِينَتَكَ كَضَرْبِكَ إِبِلَكَ". صحيح ابن حبان (10/ 368، رقم 4510) أي [أَنْ لَا يَضْرِبَهَا كَمَا يَضْرِبُ أَمَتَهُ، =أي خادمتَه أو بعيرَه أو ناقتَه=، وَلَكِنْ يَضْرِبُهَا ضَرْبًا دُونَ ذَلِكَ , وَكَانَ ذَلِكَ أَوْلَى مَا حُمِلَ عَلَيْهِ، إِذْ كَانَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَبَاحَ ضَرْبَهُنَّ فِي كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ: {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ}] (النساء: 34) شرح مشكل الآثار (6/ 342)
فالضرب المباحُ هو الضرب غيرُ المبرِّح، الذي لا يكسرُ عظمًا، ولا يمزِّق لحمًا، ولا يسيل دمًا.
عبد الله! إذا تزوجت فتاة؛ فكن لها أبا وأما وأخا؛ لأنها تركت أباها وأمها وإخوتها وتبعتك، فمن الحق أن ترى فيك رأفة الأب، وحنان الأم، ورفق الأخ. فاصبر عليها فإن أغضبك منها خلق، أرضاك منها آخر.

أما الزوجات المشاكسات المعاندات، فمنهن من تجلبُ المشاكل لزوجها، وتحوِّلُ البيتَ الهادئَ إلى بيتٍ يعجُّ بالنكد، والصراخِ والزعيق، وترفع صوتَها على زوجِها بما يشبه الشهيق والنهيق، وربما خرجت إلى بيت أبيها، تاركةً وراءَها أطفالَها ورضيعَها، لتضغطَ على زوجهِا وأهلِه، فإن تأخَّروا عن الجريِ وراءَها يومًا أو يومين، ليطلبوا رضاها ورجوعَها؛ فلا تسألْ عن حزنِها وندمِها، وبكائها على فراق أطفالهِا، فكيف لو علمت أنَّ زوجها يسعى للخلاصِ منها، وحدَّد موعدًا عند المحكمة لفراقِها وطلاقِها؟!
وكيف حالُها عند استلامها ورقةَ طلاقِها، ثم تعلمُ بعد ذلك أن زوجَها الذي كان زوجَها قد خطب وتزوج غيرها؟!

كيف حالُ أطفالِها وأولادِها عند زوجة أبيهم، فأمُّهم هي السبب في الفراق والطلاق؟ وربما تبعث من طرفٍ خفيٍّ مَنْ يسعى لإرجاعها إلى أطفالها!

عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى الْحَسَنِ، فَقَالَتْ: (يَا أَبَا سَعِيدٍ! لَا وَاللَّهِ مَا خَلَقَ اللَّهُ شَيْئًا أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ زَوْجِي، وَإِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ مَا فِي الْأَرْضِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ، فَهَلْ تَأْمُرُنِي أَنْ أَخْتَلِعَ؟) فَقَالَ الْحَسَنُ: (كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ الْمُخْتَلِعَاتِ هُنَّ الْمُنَافِقَاتُ). قَالَ: فَضَرَبَتْ رَأْسَهَا بِيَدِهَا، فَقَالَتْ: (إِذًا أَصْبِرُ عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ تَعَالَى)، فَقَالَ الْحَسَنُ: (يَرْحَمُهَا اللَّهُ! مَا كُنْتُ أَرَى أَنْ تَفْعَلَ). مصنف عبد الرزاق الصنعاني (6/ 514، رقم 11890)
حقًّا؛ «المُخْتَلِعَاتُ هُنَّ المُنَافِقَاتُ». سنن الترمذي (1186)

أما المنازعات الغريبة، والمخاصمات العجيبة، أن تحصل بين الابن وأبيه، أو البنت وأمها، فالوالد الذي لا يعدلُ بين أولاده، فقد خالف أمر رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلادِكُمُ، اعْدِلُوا بَيْنَ أَبْنَائِكُمْ»، سنن أبي داود (3544)، والنسائي (3687)، وأوغَر صدورَ أولادِه، وأفسدَ قلوبهم، وأحدثَ بينهم العداوةَ والبغضاء.

فهذه بنتٌ تدعو على والدِها لأنه كتبَ كلَّ أموالِه -ظلما- لأبنائِه الذكور وحرم الإناث، ولم يُبْقِ لهنَّ شيئا.
وأخرياتٌ حرمهنَّ آباؤهنَّ وإخوانُهنَّ من الزواج؛ حتى لا تذهبَ التركاتُ والأموالُ من بين أيدهم، مخالفين بذلك نداء الله وأمرَه جلَّ جلاله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}. (النساء: 19)

وشكا إليّ موظَّفٌ يقهرُه والده فيأخذ من مال ابنه الموظف لابنه المتقاعسِ الكسول؛ لا لحاجةِ الوالدِ للنفقة؛ فهي واجبة على الأولاد تجاه والديهم، فيعيش الولدُ المقهورُ في غُصَّةٍ من حياته، وحقدًا على أخيه، ويرحمُ والدَه الذي خالف أمر النبي بالعدلِ بين الأولادِ ذكورا وإناثا.

وهذه أمٌّ تحتقر إحدى بناتها وتحترم وتفضِّل غيرَها، فتخصّهن بالعطايا والهبات دونها، وهذا من الظلم.
وهذا أب ترك أولاده مع أمهم المطلقة، لا يرعاهم ولا يسأل عنهم، ولا يحنو عليهم انتقاما من أمهم، فربما لو رآهم أو رأوه؛ لا يعرفونه ولا يعرفهم إلاّ بالنفقة، وهذا ظلم عظيم من الوالد.

أما نزاعات الأولاد مع آبائهم، فنعلم من شرعنا وديننا؛ أن طاعة الوالدين -وإن ظلموا- فريضةٌ على الأولاد، فريضةٌ بعد طاعة الله ورسوله، قال سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}. (الإسراء: 23، 24).
فإن أمراك بما حرم الله؛ فـ«لا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ». مسلم (1840)، {وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}. (العنكبوت: 8).
وقُرِن العقوقُ بالشركِ والقتل، فقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الكَبَائِرُ: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَاليَمِينُ الغَمُوسُ". البخاري (6675).

وكما جُمِعَ الطائعُ لوالديه مع أهل الصلاة وأهل الجهاد، وأنه يدخل من أوسط أبواب الجنة، كما في صحيح الترغيب (2486)، فـ"من سرَّه أن يُمَدَّ له في عُمُرِه ويُزادَ في رزقه؛ فلْيَبَرَّ والديه، وليَصِلْ رحمَه". حسنه لغيره في صحيح الترغيب (2488).
وإن أردت رضا الله فعليك بإرضائهما، فـ"رضا اللهِ في رضا الوالد، وسَخَطُ اللهِ في سخط الوالد". حسّنه لغيره في صحيح الترغيب (2501).

فقد جُمِع العاقُّ لوالديه في الحديث مع أهلِ الكبائر، والقتلةِ والحلاّفينَ أيمانَ الغموس، والفرَّارين من الجهاد في سبيل الله يوم الزحف، والذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات، ويذْكَرُ العاقُّ مع السَّحَرَة، وأَكَلَةِ الرِّبا، وأكلةِ أموالِ اليتامى ظلمًا، ومدمني الخمر، والمنانين في عطائهم، إن العاقَّ من الثَلَاثَةٌ الذين "لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ، وَالدَّيُّوثُ، وَثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَالْمُدْمِنُ عَلَى الْخَمْرِ، وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى". سنن النسائي (2562).

لقد وصل العقوقَ نهايته عندما يعصي الولد أبويه اللذين يأمرانه بعبادة الله جلَّ جلاله، ويُكذِّب بيوم القيامة: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِين} (الأحقاف: 17).

إنَّ مَن شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ محمدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَصَلَّى الْخَمْسَ، وَأَدَّى زَكَاةَ مَالِه، وَصام شَهْرَ رَمَضَانَ؛ فَقد قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حقِّه: «مَنْ مَاتَ عَلَى هَذَا، كَانَ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، هَكَذَا -وَنَصَبَ إِصْبَعَيْهِ-؛ مَا لَمْ يُعَقَّ وَالِدَيْهِ». مسند أحمد (39/ 522، رقم 24009/ 81)، انظر صحيح الترغيب (2/ 334، رقم 2515).

وعَنْ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ، قَالَ: نَزَلْتُ مَرَّةً حَيًّا، وَإِلَى جَانِبِ الْحَيِّ مَقْبَرَةٌ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ الْعَصْرِ انْشَقَّ مِنْهَا قَبْرٌ؛ فَخَرَجَ رَجُلٌ رَأْسُهُ رَأْسُ حِمَارٍ، وَجَسَدُهُ جَسَدُ إِنْسَانٍ، فَنَهِقَ ثَلاَثَ نَهْقَاتٍ، ثُمَّ انْطَبَقَ عَلَيْهِ الْقَبْرُ، فَإِذَا عَجُوزٌ تَغْزِلُ شَعْرًا أَوْ صُوفًا، وَقَالَتِ امْرَأَةٌ: (تَرَى تِلْكَ الْعَجُوزَ؟) قُلْتُ: (مَا لَهَا؟!) قَالَتْ: (تِلْكَ أُمُّ هَذَا)، قَالَ: (وَمَا كَانَ قِصَّتُهُ؟!) قَالَتْ: كَانَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ، فَإِذَا رَاحَ تَقُولُ لَهُ أُمُّهُ: (يَا بُنَيَّ! اتَّقِ اللَّهَ، إِلَى مَتَى تَشْرَبُ هَذَا الْخَمْرَ؟) قَالَ: فَيَقُولُ لَهَا: (إِنَّمَا أَنْتِ تَنْهَقِينَ كَمَا يَنْهَقُ الْحِمَارُ)، قَالَتْ: (فَمَاتَ بَعْدَ الْعَصْرِ)، قَالَتْ: (فَهُوَ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ بَعْدَ الْعَصْرِ كُلَّ يَوْمٍ؛ فَيَنْهَقُ ثَلاَثَ نَهْقَاتٍ، ثُمَّ يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ الْقَبْرُ). شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لأبي القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري الرازي اللالكائي (المتوفى: 418هـ)


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 62.78 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 60.90 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (2.99%)]