|
|
ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
ما هو قدر النظام المطلوب في حياتنا؟
ما هو قدر النظام المطلوب في حياتنا؟ بندر بن عبدالله الثبيتي (2) ما هو قدْر النظام المطلوب في حياتنا؟ الحمدُ لله ربِّ العالَمين، والصلاة والسلام على أشرفِ الأنبياء والمرسَلين، وعلى آله وصحْبه أجمعين. أما بعد: إطلالة دائمة: لَمَّا كانتِ الدعوةُ إلى الله هي أغْلى وأثمن وظيفة، كان لزامًا أولاً أن أهتفَ بكَلماتٍ لمَن جنَّدوا أنفسهَم لخِدْمة هذا الدِّين في أيَّة مؤسَّسة دَعَوِيَّة؛ لأنَّهم هم الأَوْلى بمِثل هذه الكلمات، ومِن ثَمَّ ثانيًا هي كلمات لكلِّ مسلِم ومسلمة يستشعران قيمةَ التنظيم وأثرَه في حياتهما؛ عسى أن تُعينَنا على الإتقان المرجو، والإبداع المنتظَر، فلا خيرَ في عمل أيًّا كان يَمضي صاحبُه مُتخبِّطًا لا يَدري كيف يُنظِّم نفسَه ووقْتَه وعملَه، ويعيش في دَوَّامة الضغوط والتوتُّرات الناشِئة من فُقدان مبدأ النِّظام. سُؤالي في الأعْلى ليس له إجابةٌ قاطِعة، ولا جُرْعات معيَّنة، لكن وجوده أمامَ أعيننا قبلَ أن نَتعلَّم التنظيمَ خُطوة بخُطوة أمرٌ مهم، فالإجابةُ عليه تجعلك تَمْضي في الطريقِ الصحيح - إنْ شاء الله - دون أن تتوقَّع الأسوأَ، أو أن تتوقَّع المِثالي الذي يَصعُب تطبيقُه، فلا تكون في تردُّد وحَيْرة في طريقِك نحوَ التنظيم. يا مَن تبعثرتْ أفكارُهم، وحارتْ عقولُهم حولَ مدار حياتهم الفوضويَّة، إنَّ النظام الذي نطلبه منكم ليس معناه التقيُّدَ التام الذي إنْ زاح أحدُكم يمينًا أو يَسارًا عنه فقَدَ الأهلية على تنظيمِ حياته، الأمر ليس صعبًا، وليس أيضًا مقصودًا بالسؤال أن نَنتظِرَ إجابةً مفادها (المطلوب 99% من النظام في حياتنا)، كلاَّ، بل الأمر سهلٌ متيسِّر، لا يحتاج إلى تفصيلٍ طويل، بل لكي نفهمَ ونجيب عنهذا السؤال أنتقِل أنا وأنتم لنتيجةٍ قدَّمها باحثون أمريكيُّون مفادُها: "أنَّ الأشخاص الذين تُوجَد في حياتِهم فوضى وقليل مِن النظام، بإمكانهم أن يُصبحوا أكثرَ فعاليةً وإنتاجية مِن الأشخاص التي تتَّصف حياتُهم بدرجة كبيرة بالنظام". وهذا يعني أنَّ المثالية في النِّظام لا تُحقِّق الإنتاجية التي يطمح لها كلُّ منظَّم، بل إنَّ هذه النتيجةَ هي تحذيرٌ للذين يبالغون في المطالبة بالتنظيمِ في كلِّ صغيرة وكبيرة بأنْ رُويدكم، فالفَوْضَى لا بدَّ منها، ولكن على قدْر يسير لا يُؤثِّر في عمل أحدنا. لذا يُمكنني القولُ: إنَّ الإجابةَ التي نستطيع أن نعتمد عليها حول هذا السؤال هي: أنَّ النظام والفوضى تأتي في وقتٍ واحد في حياةِ أحدنا، لكن غلبة أحدهما تعْني السيطرةَ على حياةِ الشخص، فمَن كانتْ فوضويتُه أكثرَ مِن نظامه كانتْ حياتُه فوضى وأقل إنتاجية، بينما مَن قَلَّتْ فوضويتُه وزاد نظامه، فهذا مَن مضَتْ حياته نحوَ الأفضل، واستقرَّتْ مع مرورِ الزمن حالتُه النفسيَّة والجسديَّة. لذا لا يَقْلق أحدُنا من هاجِس الفوْضى، فهي موجودةٌ ولا سبيلَ مِن التخلُّص منها، والأفضل أن نتعلَّم ألاَّ تكون هذه الفوضى في جوانبَ مُهمَّة في حياتنا حتى لا تَعوقنا. ولكي نضَع لنا قاعدةً نعرِف من خلالها إنْ وجدْنا فوضى في جانبٍ مُعيَّن هل ستؤثِّر علينا؟ أقول: "انظرْ إلى هذا الجانبِ: هل ستُسبِّب الفوضى لي فيه ضررًا، أم لا؟ فإنْ كان الجوابُ بنعم، فعليكَ بالتخلُّصِ مِن هذه الفوضى في هذا الجانب، وإنْ لم تتسبَّبْ لك بضرر فلا داعيَ لأنْ تُقلِق نفسَك في هذا الجانب، واهتمَّ بنظامك، ولا تجعلْ مِن هذا الأمر دوَّامةً تجعلك تظنُّ أنَّك إنسان فوضويٌّ ممَّا قد يترتب عليه تغيُّر في حياتك، مع أنَّك أصلاً تمْضي في الطريقِ الصحيح. "ركِّز كثيرًا في تنظيمك وما حقَّقتَه مِن خلال هذا التنظيم، ودَعْ عنك قلقَ الفوضى، فقليلٌ مِن الفوضى كقليلٍ مِن المِلْح على الطعام اللذيذ". همسة: أصْبَح التنظيمُ في الغرب فنًّا له مُحترِفوه ومدرِّبوه، وأُقيمت له جمعيات حكومية تُعْنَى به، وحريٌّ بنا ونحن أمَّة مسؤولة عن وقتِها أن نَأخذ زمامَ الأمور في هذا المجال، فإنَّ القلْب ليحزن حينما يرَى اهتمامَنا في التنظيم يكاد يقتَصِر على الجوانب الترفيهيَّة التي لا تخدمنا في المسيرة، بينما تجد في أمريكا وكندا ما يزيد عن 4000 محترف في فنِّ التنظيم، يُوجِّهون الخبرة اللازمة لمَن هُم بحاجة للنصيحة والمساعدة، ولا تكاد تجد في مُحيطِك مَن بدأ بالتنظيمِ المطلوب، ناهيك عن أن نجِدَ مَن يحترفه. وربَّما محترفو التنظيم موجودون بيننا إلاَّ أنَّ غربال الفوضَى التي نعيشها قد غطَّاهم عنَّا، ونحتاج مِن محترفينا أن يخرجوا إلينا ويُسجِّلوا ما يُفيدنا، بدلاً من اعتمادنا على مترجمات الغَرْب. فما مَيَّز الغرْبَ هذه الأيام وجعَلَهم يسبقوننا في هذا المجال - أنَّهم يُسجِّلون كلَّ صغيرة وكبيرة في حياتهم، ويَنقُلون تجاربَهم إلى غيرهم؛ ليستفيدوا منها، وكم ضاع مِن خيرٍ كثيرٍ علينا بسبب إهمالِنا لهذا الجانب! يا ربِّ أعنَّا ولا تُعِنْ علينا، ويسِّرْ الهُدَى لنا، واجعلْنا مِن الراشدين. وإلى مقالة قادمة - إنْ شاء الله - نصْحَبكم فيها مع "مبادئ التنظيم في حياتنا"، وحتى ذلك الوقت أتمنَّى لكم تنظيمًا يُثري عليكم سعادةً وراحة بال.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |