|
ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
مهرجان التوبة
مهرجان التوبة خميس النقيب للتوبة أوقات تتجلى فيها، وللقبول مؤهلات ترفع الأعمال الطيبة إلى باريها؛ في رواية الترمذي وأبي داود أن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من أيام العمل الصالح فيهنَّ أحب إلى الله من هذه الأيام العشر))، فقالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء))؛ صحيح سنن الترمذي وابن ماجه. والتوبة هي قمة الأعمال الصالحة، وتتجلى في أفضل أيام الدنيا عشر ذي الحجة، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أفضل أيام الدنيا أيام العشر))؛ صحيح الجامع الصغير. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري": الذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره، الحج موسم، والصوم موسم، والعسر كذلك موسم، ومهرجان للتوبة؛ كيف؟! تجد في أشد اللحظات وفي أحرج الأوقات وفي أصعب المواقف يقبَل الله المخلصين، ويتوب الله على المقبلين؛ ﴿ لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 117]، مع الصالحين وفي البلاء المُبين يجتاز المؤمنون ساعات العسرة بفضل من الله عظيم. وإرادة التطهير هي الطريق الممهد للتوبة عند الأخيار، والسبيل الميسر للأوبة أمام الأطهار، أملٌ في صدر الأحرار يدور مع الليل والنهار، فيتحولون من ذل المعصية إلى عز الطاعة، وينتقلون من غَواية الشيطان إلى هداية الرحمن، ويرحلون من نيران العصيان إلى بستان الإيمان، تضيق الأرض لكن الأمل لا يضيق، وتضيق النفس لكن الإخلاص لا ينتهي، وتَضيق الحياة لكن اللجوء إلى الله لا يَنقضي، ﴿ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [التوبة: 118]. والذين لا يتخلَّفون عن الحق، ولا يُغيِّرون الحقيقة، ولا يطمسون الحقوق، ولا يرغبون بأنفسهم عن الدِّين: لا تضيع عليهم ذرات العمل، ولا آهات الجهد، ولا شيء من الأجر، ولا قليل من النفقة... كيف؟ ﴿ مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [التوبة: 120، 121]. الأوقات التي عندها مهرجان التوبة تجدها في ليلة القدر، وفي يومي عرفة والنحر، وفي وقت السحر، ومع نزول المطر، وليلة النصف من شعبان، وقد يفتح الله للعبد باب العمل ويغلق عليه باب القَبول؛ لذلك كان القبول دعوة إبراهيم وإسماعيل وهما يرفعان قواعد البيت للعاكفين والركَّع السجود، ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 127]، وكان دعوة امرأة عمران وهي تنذر لله ما في بطنها محررًا من كل شائبة مصحوبة بالإخلاص والإقدام؛ ﴿ إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ ﴾ [آل عمران: 35]، كانت النتيجة قبولاً طيبًا، وإنباتًا حسنًا، ورزقًا أوسع بغير حساب؛ ﴿ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [آل عمران: 37]. لكن العصاة المصرِّين على الكفر والعياذ بالله لا يُقبَلون وإنما يُطردون؛ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ ﴾ [آل عمران: 90]، حتى ولو افتدوا بكل ما يملكون فلن يُجدي معهم شيئًا؛ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [المائدة: 36]. وغيرهم من المنافقين كذلك: ﴿ قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ ﴾ [التوبة: 53]، وسواهم من الكسالى والبخلاء: ﴿ وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ ﴾ [التوبة: 54]، يتقدمون في المرض، ويَسرحون في الرجس، ويموتون وهم كفار، ﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ ﴾ [التوبة: 125]. أما وعد الله مع المتقين في محفل أوبتهم ومهرجان توبتهم، فشأن آخر؛ ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ ﴾ [الأحقاف: 16]. في موسم الحج يعود الحاج متجردًا من ذنوبه كيوم ولدته أمه، يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام: ((من حج فلم يرفث أو يَفسق، رجع كيوم ولدته أمُّه)). اللهم اقبل توبتنا، واغسل حوبتنا، واجعلنا من المتقين الأبرار، والمصطفَيْنَ الأخيار.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |