قواعد نبوية - ملتقى الشفاء الإسلامي
 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 858650 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 393069 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215542 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          اضطراباتي النفسية دمرتني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          زوجي مصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-10-2023, 03:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي قواعد نبوية

قواعد نبوية (1)

أحب الأعمال إلى الله -تعالى- الفرائض


  • الفرائض هي أركان الإسلام وهي شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان
  • بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا حظّ في الإسلام لمن ترك الصلاة فعلى الإنسان أن يحافظ عليها وأن يؤديها كما أداها رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • الله تعالى مع المحسنين الذين يبذلون ويجتهدون ويعملون سعيا في رضوانه سبحانه وسعيًا في كسب الحسنات والأجور والثواب
قاعدة عظيمة من أهم قواعد الإسلام، وحديث قدسي عظيم قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -: قال الله -تعالى-: «وما تقرّب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه»، إذًا أحب الأعمال إلى الله -تبارك وتعالى- هي الفرائض، وهذا ما نستفيده من هذه القاعدة العظيمة.
والفرائض كما هو معروف هي أركان الإسلام، كما جاء في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بُني الإسلام على خمس: شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان» هذه تسمى الفرائض، فالله -تعالى- يحب أن يقام توحيده، وإفراده بالعبادة، وأن يعبد وحده لا شريك له، وألا يعبد معه إله غيره، وهذا الأمر الذي خلقنا الله -تعالى- من أجله، ولأجل إقامة التوحيد أرسل الله الرسل وأنزل الكتب. قال الله -تعالى-: «ولقد بعثنا في. كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت».
إفراد الله بالعبادة
نحتاج إلى هذه العبادة -إفراد الله بالعبادة- لما دخل الخلل عند بعض الناس وأصبحوا يعتقدون بغير الله، وينذرون لغير الله، ويخافون من غير الله، ويعتقدون أن هناك أشياء تنفع أو تضر من دون الله -تعالى-، الله جل وعلا له ملكوت السموات والأرض «وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو»، فالله تعالي بيده مقاليد السموات والأرض، هو الذي يجلب النفع، وهو الذي يدفع الضر، فلا يعتقد الإنسان بأشياء أو أحجار وأشجار أو خواتم أو سلاسل وغير ذلك أنها تجلب نفعا أو تدفع ضرا، إذًا الواجب على الإنسان أن يعلق قلبه بالواحد الأحد، أن يعلق قلبه بالفرد الصمد، أن يعلق قلبه بالله الذي بيده ملكوت السموات والأرض، ويعلم علم اليقين أنه ما من خير إلا من الله -تعالى-، ولا يستدفع الشر إلا من الله -تعالى-، فلا تتعلق بأشياء كثير منها خرافات لا تجلب نفعا ولا تدفع ضرا.
الصلاة من أهم الفرائض
ومن أهم هذه الفرائض ومن أهم هذه الأركان، وثاني هذه الأركان الصلاة؛ لأن الصلاة عمود الإسلام، وبيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لا حظّ في الإسلام لمن ترك الصلاة، فعلى الإنسان أن يحافظ عليها وأن يؤديها كما أداها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأن يقيمها في الأوقات التي شرعها الله -تعالى-، يقول الله -عز وجل-: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا}، بمعنى أنها كتاب مؤقت، له بداية وله نهاية، الفجر من طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس، ما بين هذين وقت صلاة الفجر، إذا طلعت الشمس انتهى وقت الصلاة، كذلك الظهر والعصر والمغرب والعشاء كل واحدة لها وقت محدد، لا يضيّع الإنسان الصلاة عن وقتها. ومع الأسف هذا خلل وقع فيه بعض الناس إلا من رحم الله؛ لذلك حذرنا ربنا -جل وعلا- فقال: {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}، يضيّعونها عن أوقاتها التي شرعها الله -تعالى-؛ لذلك يقول الله -تبارك وتعالى-: «وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه»، أهم شيء أن يأتي الإنسان بالفرائض كما أمر الله -تعالى- في الأوقات التي حددها الله، ومن جاء بها كتبت له السعادة والفرح ومغفرة الذنوب والرزق والهداية.
من أسباب الرزق
بعض الناس اليوم يبذل أسبابا للرزق، إما بالتجارة أو العمل أو الشهادة أو غير ذلك، لكنه ينسى أن أعظم أسباب الرزق إقامة الفرائض، ومن أهمها الصلاة، قال الله -تعالى-: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا}، والصلاة تحتاج إلى صبر، فالإنسان يتوضأ ويصلي، والمرأة تتوضأ وتلبس حجابها وتصلي، وهذا يحتاج إلى صبر ومصابرة، لكن من يصبّر نفسه على الطاعة، الله يهديه سبيل الخير.
إن الله مع المحسنين
قال الله -عز وجل-: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين}، الله -تعالى- مع المحسنين الذين يبذلون ويجتهدون ويعملون سعيا في رضوان الله -تعالى-، وسعيا في كسب الحسنات والأجور والثواب، فاليوم عمل ولا حساب، وغدا (يوم القيامة) حساب ولا عمل. يحتاج الإنسان دائما أن يربي نفسه على الاجتهاد في الطاعة، والبذل والعمل ولا سيما في الفرائض التي افترضها الله -تعالى- على عباده، تقول أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها عندما تذكر أحوال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيته-: كان يقوم في مهنة أهله، يخصف نعله، ويرقع ثوبه، فإذا أذّن المؤذن خرج كأنه لا يعرفنا. لا يعرفنا؛ لأن المؤذن ناداه بذلك النداء العظيم، حي على الصلاة حي على الفلاح. فإذا سمعت المؤذن قم فأجب وصلِّ؛ لأن الله -تعالى- هو الذي أمرك بهذا الواجب العظيم، وتأكد أن الله يحب هذا العمل؛ لأنه من أهم الفرائض.
الزكاة: الركن الثالث
ثالث هذه الأركان الزكاة، ثم بعد ذلك الصيام. المال إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول فإنه يزكّيه، وهذه من أحب الأعمال إلى الله -تعالى-؛ لأنها من الفرائض، والزكاة من اسمها نصيب، إنها نماء، تطهر المال مما شابه من الحرام أو الشبهات أو غير ذلك، وهي نماء للمال كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما نقصت صدقة من مال»، إذا أردت البركة في مالك، والبركة في أهلك، والبركة في تجارتك، فأخرج زكاة المال؛ أولا سيكون هذا من أحب الأعمال إلى الله -تعالى- لأنها من الفرائض، ثانيا لأنها زكاة ونماء وبركة وحفظ للمال، بعض الناس قد يكون عنده خير كثير جدا، لكنه منع الزكاة فما تمر أيام أو شهور أو سنوات إلا وتمحق بركة ذلك المال ويكون عليه وبالا. أعرف أحد الأشخاص يقول: كان عندي مال جمعته من طريق حرام، حاولت أن أجمع المال بكل طريقة، لكن سبحان الله! لما جمعت ذلك المال يقول: سرعان ما ذهب ذلك المال كله، وأصبح عليّ دين ضعف المال الذي جمعته، والآن أنا مطلوب القبض عليّ لدى السلطات الأمنية، وغير ذلك من العقوبات التي كانت سببها أن ذلك المال كان مالا حراما. إذًا قاعدتنا «وما تقرّب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه» نخرج منها بأن نحرص على الفرائض، نؤديها في أوقاتها، نؤديها كما أمر الله -تعالى.

اعداد: الشيخ: فهد الجنفاوي




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10-10-2023, 03:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قواعد نبوية

قواعد نبوية (2)

أفلا أكُونُ عَبْدًا شَكُورًا؟


  • من أركان الشكر أن تعترف بقلبك وتستيقن أن الذي أعطاك هذه النعمة وتفضل عليك بها هو الله جل وعلا ليست بجدك ولا باجتهادك ولا بحرصك ولا بذكائك
  • الشكر نعمة عظيمة يوفق الله عز وجل من يشاء من عباده إليها ومن وُفق إلى تلك النعمة فهو ذو حظ عظيم
  • من شُكْر الله على نعمه التحدث بها ظاهرًا وذلك بالحمد والشكر لله تبارك وتعالى عليها والثناء عليه عز وجل
قاعدتنا اليوم قاعدة عظيمة جدا، يحتاجها كل مسلم ومسلمة، وهي سببٌ للتوفيق والهداية والزيادة من الخير والأموال والأرزاق، وهي قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أفلا أكُونُ عَبْدًا شَكُورًا»، قالها النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما أشفقت عليه أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنها وأرضاها- قالت له: يا رسول الله، وكان يصلي قيام الليل حتى تورمت قدماه، وفي رواية حتى تفطرت قدماه، تقول له: يا رسول الله تفعل ذلك والله -تعالى- أعطاك الأمر الذي أردت، وهو مغفرة الذنوب والتجاوز عن السيئات وأعطاك الله المقام المحمود، تفعل ذلك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! قال لها: أفلا أكون عبدا شكورا؟
إذا كان الله -تعالى- قد غفر لي -هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان الله قد غفر له أفلا تكون هذه العبادة وقيام الليل، والاجتهاد في طاعة الله وفي عبادته شكرا لله على ما أنعم عليه من نِعَم كثيرة؟ نِعَم لا تعد ولا تحصى، يقول ربنا -جل وعلا-: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}. كل النِعم التي أعطاها الله لنا، نِعم في الأبدان، ونِعم في الطعام، ونِعم في الشراب، ونِعم في الأمن والأمان، وقبل ذلك كله نعمة الإسلام والتوحيد والإيمان بالله -جل وعلا-، هذه كلها نِعم تحتاج إلى شكر، {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}، ونحتاج أن نذكرها فنشكرها، وأن ننسبها لله -جل وعلا-؛ لأنه هو صاحبها ومسديها، {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ}.
حقيقة شكر الله -تعالى
شكر الله -تعالى- يقوم على ثلاثة أركان رئيسية:
  • الركن الأول: الاعتراف القلبي
أن تعترف بقلبك وتستيقن أن الذي أعطاك هذه النعمة هو الله -جل وعلا-، وأن الذي تفضل عليك بهذه النعمة هو الله -جل وعلا-، ليست بجدك، ولا باجتهادك، ولا بحرصك، ولا بذكائك، إنما هي فضل وإحسان وكرم من رب العزة والجلال، اعترف من داخل قلبك؛ لأن بعض الناس يظن أن بعض النعم أو الخير الموجود عنده إنما هو بجده واجتهاده وكسبه، نقول: نعم، الإنسان هو سبب، لكن الله -تعالى- هو مسبب السبب إن شاء أمضى هذا السبب، وإن شاء منع وتوقف ذلك السبب، فلا يستطيع الإنسان أن يجمع مالا ولا يتحصل على دراسة ولا شهادة ولا على منصب، ولا على ولد ولا على بيت ولا غير ذلك إلا بتوفيق الله -تعالى- له.
واقع الحياة العملية
ونشاهد اليوم في واقع الحياة العملية أن بعض الناس مجتهد، وعنده رأس مال، ويحاول أن يتاجر هنا أو هناك وعنده من الخير، لكن الله -تعالى- ما يسر له سبل الرزق، وكذلك بعض الناس يجتهد في دراسته وأعماله ووظيفته وهكذا، الله -تعالى- مسبب الأسباب، الله هو الذي يسر لك، الله هو الذي أعانك، الله هو الذي تفضل عليك بهذه النعمة، حتى أبسط الأمور وهي الطعام والشراب، الله -تعالى- هو الذي تفضل بها عليك؛ لذلك جاء في الحديث الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن العبد إذا أكل أو شرب فقال: الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة»، مع أنك أنت الذي جئت بالطعام وصنعت الطعام، لكن ليس بحولك وقوتك، إنما بتوفيق وتيسير من العزيز الحكيم، تذكر هذا الأمر، الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة، دائما نتذكر هذه العبادة الجليلة، أن نشكر الله في كل أحوالنا، في السراء وفي الضراء أن تقول: الحمد لله. قال النبي -صلى الله عليه وسلم -: «وسبحان الله والحمد لله تملأ ما بين السماء والأرض»، تخيلوا من عظمتها وفضلها ومن مكانتها عند الله أنها تملأ ما بين السماء والأرض.
  • الركن الثاني: أن تشكر الله بلسانك
تقول: الحمد لله، اللهم لك الحمد، اللهم لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضا، لك الحمد بكل نعمة أنعمت بها عليّ، في قديم أو حديث، أو سر أو علانية أو خاصة أو عامة، الحمد لله رب العالمين، وهكذا دائما لسانك يلهج بالحمد والثناء والتمجيد لله -تعالى-، إذا كان حالك كذلك فأبشر بالفضل والزيادة والإحسان والكرم والخير من الله -تعالى-؛ لأنك نسبت الفضل والنعمة لصاحبها ومسديها وهو الله -تبارك وتعالى-، عندما تقول: الحمد لله، الله يرضى عنك، يقول النبي -[-: «إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها، ويشرب الشربة فيحمده عليها»، الله يرضى عنك؛ بسبب أنك قلت: الحمد لله، اعتراف من قلبك أن صاحب النعمة هو الله، صاحب الفضل هو الله الذي أعطاني هذا الماء، والذي يسر لي شربه هو الله -جل وعلا. قال أحد الملوك لأحد العلماء: عظني، قال: هذا الماء الذي أمامك، لو منعت منه وأوشكت على الهلاك إلا أن تشرب هذا الماء، بكم تشتريه؟ قال: أشتريه بنصف ملكي، فقال له: فلو منعت من خروج هذا الماء من جسدك، كم تدفع من المال؟ قال: أدفع نصف ملكي الآخر؛ لأن حبس الماء في الجسد وعدم خروجه أذى على الإنسان. قال ذلك العالم: لا خير في ملك يذهب بشربة وبولة. إذًا صاحب النعمة هو الله، الذي يسر لنا الشراب هو الله، والذي يسر لنا الطعام هو الله -تبارك وتعالى.
  • الركن الثالث: شكر الله بالجوارح والأعضاء
عندما تصلي وتصوم وتزكي، هذا نوع من أنواع شكر الله -تعالى-، دائما نتذكر هذه الوصية العظيمة والقاعدة الجليلة من قواعد النبي - صلى الله عليه وسلم - (أفلا أكون عبدا شكورا؟). يقول الشيخ ابن باز -رحمه الله-: وهناك نوع ثالث وهو الشكر بالعمل، بعمل الجوارح والقلب، ومن عمل الجوارح أداء الفرائض والمحافظة عليها كالصلاة والصيام والزكاة وحج بيت الله الحرام والجهاد في سبيل الله بالنفس والمال، كما قال -تعالى-: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ...} الآية. وهذا الركن الثالث ربما أخفق فيه الكثيرون، فقد يوجد الركنان الأولان لكن قد يتخلف الثالث؛ بحيث تصرف تلك النعمة في المعصية، وفي تلك الحال لم يتم الشكر، وقد تكون تلك النعمة وبالا على صاحبها، فمن أنعم الله عليه بنعمة السمع والبصر، ثم بعد ذلك شكر الله عليهما بلسانه، واعترف بذلك بقلبه، لكنه يقلب سمعه وبصره في المعاصي، فيسمع الحرام ويبصر الحرام، فلا شك أن الشكر لم يتم، فمن إتمام الشكر صيانة سمعه وبصره عن الحرام، ولكن إذا رأى حرامًا أو سمع حراما فسريعًا ما يرجع ويستغفر، والله -عزوجل- غفور رحيم لمن رجع وأناب إليه، وهكذا سائر النعم طبق عليها ما سمعت من أركان الشكر الثلاثة، فاللهج بالحمد لله -تبارك وتعالى- هو الركن الأول، وأيضا الاعتراف بها باطنا هو الركن الثاني، وأيضا صرفها في طاعة الله -تعالى- هو الركن الثالث.

اعداد: الشيخ: فهد الجنفاوي




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 24-10-2023, 05:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قواعد نبوية

قواعد نبوية (2)
– الاستثمار الحقيقي بعد الممات


  • الموفق من يموت ويترك له آثارًا من أعمال صالحة يجري ثوابها وأجرها له بعد موته من صدقة جارية أنفذها في حياته أو علم يُنتفع به بقيت آثاره بعد مماته أو دعاء ولد صالح
  • الحياة فرصة عظيمة للأحياء في أن يتاجروا مع الله تعالى ويتزودوا بالأعمال الصالحة وينيبوا إلى الله جل وعز
حديث عظيم يمثل قاعدة مهمة جدا لكل إنسان، ويضمن له استمرار الأجر والثواب حتى بعد وفاته، ثبت في الحديث الصحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا مات ابنُ آدمَ انقطع عملُه إلا من ثلاثٍ: صدقةٍ جاريةٍ، وعلمٍ ينتفعُ به، وولدٍ صالحٍ يدعو له».
هذه قاعدة مهمة جدا، لابد للإنسان أن يحرص عليها؛ لأنها الاستثمار الحقيقي بعد الوفاة، بعض الناس اليوم يسعى للاستثمار إما بالأسهم أو بالبيع والشراء أو بالتجارة؛ لأجل أن ينمي ما عنده من أموال ومن خيرات، حتى يستطيع أن يستغني بنفسه عن الآخر في الأمور الدنيوية، ولكن أعظم استثمار عندما تستثمر الأجور والثواب والحسنات، عندما تتاجر مع الله -تعالى-، نعم هي تجارة مع الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ، تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} (الصف:10)، وقال -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ}، وقال -تعالى-: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}، وقال -تعالى-: {مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ}، قرض تقدمه لله -جل وعلا-، مع أن الله -تعالى- غني عنا وعن أموالنا وعن أعمالنا وعباداتنا؛ فلذلك هي تجارة مع الله -تعالى.
الحياة فرصة عظيمة
في هذا الحديث العظيم يبين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن عمل الإنسان ينقطع بالموت؛ لانتقاله إلى دار الجزاء والحساب، ولذلك فإن الحياة فرصة عظيمة للأحياء، في أن يتزودوا بالأعمال الصالحة، وينيبوا إلى الله -تعالى- ويرجعوا إليه، ولذلك فقد نُهِي عن تمني الموت؛ لأنه بالموت تنقطع الأعمال، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يتمنين أحدكم الموت لضرّ نزل به؛ إن المؤمن إذا مات انقطع عمله، وإن المؤمن لن يزيده عمره إلا خيراً». وفي هذا الحديث العظيم يخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن أموراً ثلاثة لا تنقطع بالموت، وإنما يجري للإنسان أجرها وثوابها بعد موته، نعم إن الموت تنقطع به الأعمال، لكن هذه الأمور الثلاثة لا تنقطع بالموت.
  • الأمر الأول: صدقة جارية
والصدقة الجارية هي الوقف والتسبيل في أمور الخير، فما وقفه المسلم لله -تعالى- فهو من الصدقة الجارية التي يستمر ثوابها له بعد مماته، كعمارة المساجد، والأوقاف التي تسبّل وتوقف للفقراء والمحتاجين والمعوزين، ونحو ذلك من الأوقاف في أمور الخير. والوقف هو تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة، فلا يُباع ولا يُورَث ولا يُوهَب، وهو من أفضل القُرَب إذا كان في أمور الخير، ويكفي في بيان فضله أن ثوابه يستمر للإنسان بعد مماته، ولذلك فقد أشار به النبي - صلى الله عليه وسلم - على عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لما استشاره في أنفس مالٍ أصابه، ماذا يفعل به؟ دففي الصحيحين عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: «أصاب عمر أرضاً بخيبر، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله إني أصبت أرضاً بخيبر لم أصب مالاً قط هو أنفس عندي منه فما تأمرني به؟ قال: «إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها» (أي: أوقفتها) قال: فتصدق بها عمر؛ فلا يُباع أصلها ولا يُبتاع ولا يُورث ولا يُوهب، قال: «فتصدق بها عمر في الفقراء وفي القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف، ولا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقاً».
  • الأمر الثاني: «علم يُنتفع به»
والمراد بهذا العلم: العلم المستمدّ من كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويكون توريثه بالتعليم والتأليف والنشر، ونحو ذلك، وها نحن أولاء -يا عباد الله- نذكر علماء ماتوا من مئات السنين، ونترحم عليهم، وندعو لهم، هذا هو العلم النافع الذي يبقى للإنسان بعد وفاته، وكلما كان العلم أكثر نفعاً وأوسع انتشاراً؛ كلما كان أعظم ثواباً وأجراً، ويدخل في ذلك من دعا إلى هدى؛ فإن له مثل أجر من تبعه، ولو كان ذلك بعد وفاته، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ومن دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا».
  • الأمر الثالث: ولد صالح يدعو له
وثالث الأعمال التي لا نتقطع بالموت «دعاء الولد الصالح»، فالولد يعد من كسب الإنسان، وفي هذا الحديث دليل على أن دعاء الولد الصالح لوالديه ينفعهما بعد مماتهما، قال النووي -رحمه الله في شرح مسلم-: «في هذا الحديث من الفوائد: أن الدعاء يصل ثوابه إلى الميت، وكذلك الصدقة وهما مجمع عليهما، وكذلك قضاء الدَّيْن، بل إن دعاء الولد لوالديه حريّ بالإجابة؛ لأن الله -تعالى- قد أمر به في قوله -سبحانه-: {وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً} (الإسراء: 24). قال بعض المفسرين -في هذه الآية-: «إن الدعاء للوالدين مستجابٌ؛ لأن الله أذن فيه»، وحديث «إذا مات ابن ادم انقطع عمله إلا من ثلاث..»، مؤيد لذلك؛ إذ جعل دعاء الولد عملا لأبويه، فينبغي لك -أخي المسلم- أن تجتهد في الدعاء لوالديك في حياتهما وبعد مماتهما، وأن الولد الذي يدعو لوالديه ولا سيما بعد مماتهما وانقطاع أعمالهما حريّ بأن يقيّض الله له من أولاده من يفعل ذلك ويدعو له.
الآثار الصالحة بعد الممات
إن من الناس من يموت ولا يكون له أي آثار من أعمال صالحة، بل تطوى صحيفة حسناته بموته، ومن الناس مَن يوفق فيكون له آثار من أعمال صالحة وهو في عداد الأموات، لكن ثوابها وأجرها يجري له من صدقة جارية أنفذها في حياته، أو علم يُنتفع بها بقيت آثاره بعد مماته، أو دعاء ولد صالح. وكل الناس يتمنون أن يكون لهم آثار من أعمال صالحة يجري ثوابها لهم بعد مماتهم، ولكن بعض الناس يُؤتى من جهة التفريط، وطول الأمل حتى يبغته الموت، فلا يستطيع حينئذ أن يقدم ما كان يتمناه، ولهذا قال -عليه الصلاة والسلام-: «وما حق امرئ مسلم يبيت ليلتين له شيء يريد أن يوصي به إلا وصيته مكتوبة عند رأسه».. قال ابن عمر -رضي الله عنها-: «ما بت ليلة إلا وصيتي مكتوبة عند رأسي».
من أوضح الواضحات
قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: هذا الحديث من أوضح الواضحات، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: إذا مات ابن آدم، انقطع عمله إلا من ثلاث، يعني ينقطع عمله الذي يجري عليه بعد الموت إلا من هذه الثلاث: صدقة جارية قد وقفها، مثل: وقف مسجد يصلى فيه، أو عمارة تؤجر، ويتصدق بأجرتها، أو أرض زراعية يتصدق بما يحصل منها، أو ما أشبه ذلك، فهذه صدقة جارية، يجري عليه أجرها بعد وفاته، ما دامت ينتفع بها الناس، أو علم ينتفع به: إما كتب ألفها، وانتفع بها الناس، أو اشتراها، وأوقفها، وانتفع بها الناس من الكتب الإسلامية النافعة، أو نشره بين الناس، وانتفع به المسلمون، وتعلموا منه، وتعلم بقية الناس من تلاميذه، هذا علم ينتفع به، فإن العلم الذي مع تلاميذه، ونشروه في الناس ينفعه الله به، كما ينفعهم أيضًا، وهكذا الولد الصالح الذي يدعو له، تنفعه دعوة ولده الصالح، كما تنفعه دعوة المسلمين أيضًا، وإذا دعا له إخوانه، أو تصدقوا عنه، نفعه ذلك.

اعداد: الشيخ: فهد الجنفاوي




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 01-11-2023, 12:12 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قواعد نبوية

قواعد نبوية (4)

إصلاح ذات البين خلق من أخلاق الإسـلام


  • إنَّ عبادة الإصلاح بين الناس مِن أجلِّ العبادات وأعظمِها لذا اهتمَّ بها القرآن الكريم وجاء الأمر بالصُّلْح بين المتخاصمين في مواضع شتَّى من آياته
  • إنَّ دينَنا الإسلامي علَّمنا التعامل بالحسنى مع الناس قولاً وسلوكًا فالشَّيطان لا يزال بالإنسان حتى يُوقعه في العداوة البغيضة التي تقطع الصلات وتُفسِد المودَّات
من أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن قواعده العظيمة وأحاديثه النبوية الكريمة قوله- صلى الله عليه وسلم -: «أَلَا أَدُلُّكُم على أَفْضَلَ من درجةِ الصلاةِ والصيامِ والصدقةِ؟ قالوا: بلى يا رسولَ الله، قال: إصلاحُ ذاتِ البَيْنِ؛ فإنَّ فسادَ ذاتِ البَيْنِ هي الحالِقَةُ، لا أقولُ: إنها تَحْلِقُ الشَّعْرَ، ولكن تَحْلِقُ الدِّينَ».
علّمنا النبي - صلى الله عليه وسلم - خلقا من أخلاق الإسلام، وعملا من أعمال هذه الشريعة العظيمة، وهذا العمل قد رتّب عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - منزلة عظيمة ودرجة رفيعة، إنه أعظم من درجة الصلاة والصيام، مع أن الصلاة لها مكانة عظيمة، ولا يخفى على مسلم مكانة الصلاة والصيام، لكن هناك درجة أعظم وأفضل ولا سيما من نوافل الصلاة ونوافل الصيام، وهي درجة إصلاح ذات البين.
هذا ما نحتاجه اليوم
هذا ما نحتاجه اليوم، أن يكون هناك أناس يسعون في الإصلاح، إصلاح بين الأخوين، بين الزميلين، بين الجارين، بين الأقارب، مع الأسف بعض الناس يسعون للإفساد، قال الله -تعالى- {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}، أمر من الله -تعالى- بالإصلاح، لكن -مع الأسف- بعض الناس يفسدون علاقات الناس، يأتي إلى هذا الشخص ويقول: إن فلانا يقول كذا وكذا، ثم يأتي الطرف الآخر وأيضا يتكلم فيه وينقل كلاما بالنميمة بين الآخرين، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يدخل الجنة نمام».
مِن أجلِّ العبادات وأعظمِها
إنَّ عبادة الإصلاح بين الناس مِن أجلِّ العبادات وأعظمِها؛ لذا اهتمَّ بها القرآن الكريم، وجاءت الأوامر بالصُّلْح بين المتخاصمين في مواضع شتَّى، قال الله -تعالى-: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (النساء: 114)، بل إنَّ العلماء عدوها من الفرائض التي أمَرَ اللهُ بها المؤمنين؛ حيث قال -سبحانه-: {وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} (الأنفال: 1).
التعامل بالحسنى مع الناس
إنَّ دينَنا الإسلامي علَّمنا التعامل بالحسنى مع الناس قولاً وسلوكًا، قال الله -تعالى-: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ} (الإسراء: 53)؛ فالشَّيطان لا يزال بالإنسان حتى يُوقعه في هذه العداوة البغيضة التي تقطع الصلات، وتُفسِد المودَّات، قال رسول الله -[- قال: «إنَّ الشيطان يئس أن يَعبُده المصلُّون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم»، والتحريش هو: التَّحْريض بالشَّرِّ بين الناس حتى يَختصموا ويَقتَتِلوا، والمؤمن الصادق يتعامل مع الناس من مُنطلَق قول ربنا -سبحانه وتعالى-: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} (فصلت: 34)، ولأجْل أنَّ هذا التعامل صعب على النفوس الضعيفة والمُندفِعة والمتهورة؛ قال الله -تعالى- في الآية التي تليها: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (فصلت: 35).
عبادة يحبها الله
لذلك علينا أن نتخلق بهذا الخلق، وأن نتعبد لله بهذه العبادة، نعم، إصلاح ذات البين عبادة يحبها الله، بعض الناس يحاول أن يتنصل أو يبتعد عن هذه المسؤولية وعن هذه العبادة! يقول: ليس لي علاقة باثنين متخاصمين، نقول: لا، لك علاقة فالله -تعالى- أمرنا فقال -سبحانه-: {فأصلحوا بينهما}، هذا الكتاب العظيم القرآن الكريم إنما نقرؤه لأجل أن نعمل بما فيه، ليس فقط لأجل أن نقرأه وأن نمر على الآيات دون أن تكون واقعا عمليا في حياتنا.
سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم
النبي - صلى الله عليه وسلم - في حياته وفي سيرته له أمثلة عظيمة في الصلح بين المختلفين، والمتنازعين، والمتخاصمين، سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - أن هناك خلافا بين الأوس والخزرج، فكل واحد منهم ينادي صاحبه بقبيلته يقول: يا للأوس والآخر يقول: يا للخزرج، وارتفعت أصواتهم حتى نُقل ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فماذا فعل النبي - صلى الله عليه وسلم ؟ ما انتظر حتى يلبس رداءه، بل جر النبي - صلى الله عليه وسلم - رداءه يلبسه وهو في الطريق في إشارة للاستعجال في إصلاح ذات البين، حتى لبس النبي - صلى الله عليه وسلم - رداءه وهو يمشي في الطريق، ثم جاءهم فنصحهم ووعظهم وذكرهم بالله -تعالى- وقال: «أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟! دعوها فإنها منتنة».
مثيرو الدعوات الطائفية أو القبلية
مع الأسف -اليوم- بعض الناس يثيرون هذه الدعوات وتلك النعرات الطائفية أو القبلية أو الفئوية أو غيرها من الدعوات التي تؤدي إلى الاختلاف والقطيعة، وكل واحد يحاول أن يرجع إلى قبيلته أو عائلته أو طائفته حتى يتفرق الناس، هذه الفرقة وهذا النزاع لا خير فيه، قال الله -تعالى-: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}، قوة البلد، وقوة الجماعة، وقوة الناس، وقوة أي دولة من الدول بتكاتفها واجتماعها، قال الله -عزوجل-: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}.
الإصلاح بين الزوجين
ومن الإصلاح، الإصلاح بين الزوجين وهذا أعظم أنواع الإصلاح، والله -عزوجل- قال عن الإصلاح بين الزوجين: {أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}، الصلح بين الزوجين فيه خير للزوج وفيه خير للزوجة وفيه خير للأولاد، فإذا تردد أحد الزوجين في الرجوع للآخر فليتذكر دائما قول الله -تعالى-: {أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}، ما أجمل أن يتنازل الإنسان ويتواضع ويعفو، ويسمح ويتسامح، ويتسامى فوق الجراح لأجل أن يطبق هذه الآية الكريمة! بل إن النبي - صلى الله عليه وسلم - بيّن وأخبر أنه أجاز الكذب لمن أراد أن يصلح بين الاثنين، عن أم كلثوم بنت عقبة قالت: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ليس الكذَّابُ الذي يُصْلِحُ بينَ النَّاسِ فيقولُ خَيرًا، أو يَنْمِي خَيرًا، قالتْ: ولم أسمَعْهُ يُرَخِّصُ في شيءٍ ممَّا يقولُ النَّاسُ مِنَ الكَذِبِ إلَّا في ثلاثٍ: الإصلاحِ بينَ النَّاسِ، وحديثِ الرَّجُلِ امرأتَهُ، وحديثِ المرأةِ زَوْجَها»، ينمي خيرا أي يصلح بين الاثنين، ومع الأسف بعض الناس -اليوم- أصبحوا وسائل إفساد وليسوا وسائل إصلاح.
خلق كريم وعبادة عظيمة
إننا أمام قاعدة عظيمة وخلق كريم، وعمل جليل، وعبادة من العبادات التي أمر الله -تعالى- بها، عبادة نحتاجها اليوم أن تكون واقعا عمليا في حياتنا، إصلاح ذات البين، التي يَنبغي أن يُمارسها أفراد المجتمع كلما وجدوا أنفسهم في دائرة خلاف أو شِقاق، قد تجرُّهم إلى طريق كله بَغضاء وشحناء، لا يوجد فيه رابح وفائز ومُنتصِر، فالكلُّ في نهايته خاسِر، والخسارة لا يُشترط أن تكون في المادة فحسب، بل إنَّ خسارة الأصحاب والخلان، لهي أعظم الخسارة، كيف لا؟ وهي تهدم المجتمع هدمًا، وتورث العداوة والبغضاء بين أفراده وفئاته.

اعداد: الشيخ: فهد الجنفاوي




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 07-11-2023, 10:40 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قواعد نبوية

قواعد نبوية (5)

إن الله كتب الإحسان على كل شيء


  • مقام الإحسان مقام رفيع فهو غاية مراد الطالبين ومنتهى قصد السالكين لأنك تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك
  • علينا أن نتذكر هذه القاعدة عن نبينا صلى الله عليه وسلم ونتخذها منهجا في حياتنا (إن الله كتب الإحسان على كل شيء) بمعنى أن الله كتب الإتقان على كل شيء
من القواعد النبوية العظيمة قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء» هذه القاعدة يستفيد منها المسلم أن الله -عز وجل- كتب الإحسان، ومعنى الإحسان: الإتقان في كل شيء، في العبادة، وفي طاعة الله -تعالى-، حتى في أعمال الإنسان الدنيوية الله كتب فيها الإحسان، بمعنى أن الله -تعالى- أمر بالإحسان، وأصل هذه القاعدة من حديث نبوي كريم قال - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليُحِدّ أحدكم شفرته، وليُرِح ذبيحته»، بمعنى حتى لو أراد الإنسان أن يذبح شيئا من بهيمة الأنعام، فإن الله كتب في ذلك الإحسان، مع أنها دابة أو بهيمة وأنها مذبوحة، لكن مع ذلك الله كتب عليه الإحسان حتى في هذا الأمر اليسير، فما بالكم بما هو أعلى؟!
والإحسان ينقسم إلى أقسام عدة، منها: الإحسان في عبادة الله -تعالى-، وأصل الإحسان في عبادة الله هو حديث جبريل، لما أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأل رسول الله قال: ما الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، تخيل لما تتعبد لله -تعالى- في عبادة، الصلاة على سبيل المثال كأن الله -تعالى- يراك، وفي الحديث الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا كبّر العبد كان الله تلقاء وجهه»، إذًا كيف ستكون هذه الصلاة؟! لما تعلم أن الله مطلع عليك، وأن الله يرى هذه الصلاة، ويرى حركاتك وسكناتك! لا شك أنك سوف تتقنها إتقانا، بمعنى أنك سوف تحسن فيها.
الإحسان في الصدقة
ومثلها أيضا الصدقة، عندما يتصدق الإنسان بصدقة، ويعلم أن الله -تعالى- مطلع عليه، والله أمر بالإحسان في الصدقات، سيخرجها أولا لله -تبارك وتعالى-، لا يخرجها لأجل أن تراه الناس، حتى يقال كريم، أو حياءً من الناس، إنما يخرجها لله -تعالى-، ويعلم أن الله سيضاعف له هذه الحسنات، وإذا تصدق فإنه لا يمن بصدقته، {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}، {قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى}، ما هو الأذى الذي يتبع الصدقة؟ عندما يمن الإنسان على ذلك المسكين أو الفقير، فمن الإحسان في الصدقة أن ينفقها لأجل الله ولا يمن فيها.
الإحسان في سائر العبادات
وهكذا سائر العبادات، الإحسان في عبادة الله، الإحسان في معاملة الوالدين كما قال الله -تعالى- {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا}، بمعنى أنك تتذلل وتتقن خدمتك لوالديك وبرك بهما، وهذا من أعظم الأعمال التي قرنها الله -تعالى- مع عبادته، وما قرن الله مع عبادته مثل بر الوالدين، الإحسان بالوالدين يتطلب من الإنسان أن يحسن إليهما بالقول، وأن يحسن إليهما بالفعل، وأن يتذلل لهما، قال الله -تعالى- {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ}، يخفض الإنسان جناحه لوالديه يتذلل لهما، وهذا من أعظم العبادات التي أمر الله -تعالى- بها. بعض الأبناء أو البنات اليوم -مع الأسف- إلا من رحم الله تجده يناقش والديه، يرفع صوته عليهما، مجرد النقاش والحوار هذا أمر مطلوب، لكن لابد أن يكون بتقدير، وأن يكون باحترام وتبجيل، فتبجيل الوالدين واحترامهما وتقديرهما، هذا من بر الوالدين. الإحسان للوالدين أن تسمع كلامهما، وأن تنفذ أمرهما، من الإحسان للوالدين والبر بهما الدعاء لهما سواء كانوا أحياءً أم أمواتا؛ ولذلك لما سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - قيل: يا رسول الله، هل بقي من بر والدي شيء بعد وفاتهما؟ قال: «نعم، الصدقة عنهما، والدعاء لهما، وصلة رحمهما، وزيارة صديقهما».
صلة الأرحام
صلة الأرحام - أقارب الأب والأم - هذا من بر الوالدين وهم أحياء، ويتأكد وهم أموات، وأن تحسن إلى صديقات والدتك وأصدقاء والدك بزيارتهم والإهداء لهم، بالاتصال عليهم في بعض المناسبات كبداية رمضان والأعياد، والمشاركة معهم بالأفراح والأتراح، كل ذلك بر بالوالدين؛ لأن والده أو والدته كانوا يحبون هذا الشخص أو هذه العائلة أو كان بينهم علاقة صداقة أو زمالة، فهذا من بر الوالدين، وهذا يرجع للقاعدة الأساسية (إن الله كتب الإحسان على كل شيء).
الإحسان في العمل
حتى في العمل، إذا كان الإنسان في وظيفة، سواء كانت وظيفة حكومية أم خاصة أم حتى علاقة تجارية، عليك أن تتقن هذا العمل، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه». الإتقان في العمل والإحسان فيه طاعة وقربة لله -جل وعلا. دائما نتذكر هذه القاعدة وهذا القول النبوي الشريف عن نبينا - صلى الله عليه وسلم - ونتخذها منهجا في حياتنا (إن الله كتب الإحسان على كل شيء) بمعنى أن الله كتب الإتقان على كل شيء.
مكانة الإحسان وفضله
مقام الإحسان مقام رفيع؛ فهو غاية مراد الطالبين، ومنتهى قصد السالكين، أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. الإحسان خلق جميل، وهو دليل على النبل، واعتراف بالفضل، وعرفان للجميل، وقيام بالواجب، واحترام للمنعم، وينبئ عن الصفاء، وينطق بالوفاء، ويترجم عن السخاء؛ فبالإحسان يشُترى الحب، ويُخطب الودّ، وتكسب النفوس، ويُهيمن على القلوب، وتستعبد الأفئدة؛ فالإحسان عطاء بلا حدود، وبذل بلا تردد، وإنعام دون منٍّ، وإكرام لا يلحقه أذى. فالمحسن لا يؤذي أحدا، فإن آذاه أحد عفا وصبر وصفح وغفر، وإذا عامل الناس عاملهم بالفضل والإحسان، فيعطيهم وإن منعوه، ويَصِلهم وإن قطعوه، ويمنّ عليهم وإن حرَموه، وإنما كان كذلك؛ لأنه كان بالله غنيا، وبه راضياً، ومنه قريباً، ولديه حبيباً. فمَن أحسن مع الله أحسن مع الناس، ووجد في قلبه سهولة الإحسان إليهم، كما قال -تعالى-: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (فصلت: 34-35). والإحسان صفة من صفات الله -عز وجل-؛ فهو -سبحانه- المحسنُ في خلقه، المحسن إلى مخلوقاته، بيده الخير كله، وله ينسب الفضل كله، هو الذي خلق الخلق فأحسنه وجمّله وأبدعه على غير مثال سابق؛ قال -سبحانه وتعالى عن نفسه-: {ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (6) الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (8) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} (السجدة: 6 - 9). وهو -سبحانه- المحسن المنعم على عباده؛ فقد أنعم -سبحانه- على العباد وأحسن إليهم بنعم لا تعد ولا تحصى، ومن أعظم أنواع الإحسان أن الله -سبحانه- يعفو ويغفر لمن أذنب، ويتوب على من تاب إليه، ويقبل عذر من اعتذر إليه. {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} (الشورى: 25).

اعداد: الشيخ: فهد الجنفاوي




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 08-12-2023, 11:19 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قواعد نبوية

قواعد نبوية (6)

أَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحسنةَ تَمْحُهَا


قاعدة عظيمة من قواعد النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحسنةَ تَمْحُهَا»، وهذه جاءت في وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي ذر الغفاري - رضي الله عنه -، وهو جندب بن جنادة - رضي الله عنه - وهو صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان من أوائل من أسلم مع رسولنا -صلوات ربي وسلامه عليه.
وأول ما جاء وأسلم وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، قال: يا رسول الله، أرسلني إلى قومي فأدعوهم إلى الإسلام، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اذهب إلى قومك فادعهم إلى لا إله إلا الله. لاحظوا معي أنه أسلم للتو، تعلم مبادئ الإسلام، تعلم الشهادتين لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ثم ذهب إلى قومه وبيّن لهم أنه لا معبود بحق إلا الله -تبارك وتعالى-، وأن محمدا هو رسول الله رب العالمين، أرسله الله ليخرج الناس من الظلمات إلى النور. مباشرة قبيلته وهي قبيلة غفار قالوا: نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ثم جاؤوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليعلنوه الإسلام، ولما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - جماعة قد جاءت إليه قال: من هؤلاء؟ قالوا: يا رسول الله، هذه غفار جاءت تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: غفار غفر الله لها، وهذه من بركة أبي ذر الغفاري جندب بن جنادة - رضي الله عنه - على قومه، أنه جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو لقومه.
وصية عظيمة
هذا الصحابي الجليل روى لنا هذه الوصية العظيمة وهي: «اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحسنةَ تَمْحُهَا، وخَالقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ»، وهي وصية عظيمة جدًا؛ لأن الإنسان من طبعه الخطأ والزلل والنقص، وكما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كل بني آدم خطاء»؛ فكلنا ذوو خطأ، كلنا ذاك الإنسان الذي يصدر عنه الخطأ والتقصير في الواجب والمعصية واقتراف الذنب.
كيف نكفر عن سيئاتنا؟
إذا كانت هذه حالنا وهذه طبيعة بني آدم أنه يذنب ويخطئ ويقصر، كيف يكفر عن سيئاته؟ كيف يمحو الذنوب والأخطاء والمعاصي؟ يمحوها بهذه القاعدة العظيمة الجليلة قال: «وأتبع السيئة الحسنة تمحها». إذا فعلت معصية فأتبعها بحسنات، صلاة، وذكر لله -تعالى-، أو صدقة، أو بر بالوالدين، وإحسان للفقراء والمساكين، أو قراءة قرآن، ودعاء لله -جل وعلا-، إذا أخطأت خطأ فأتبعه مباشرة بحسنات، فإن هذه المعاصي ستُمحى بفضل الله وكرمه؛ لأنك أتبعتها بحسنات، قال الله -تعالى-: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}. فضل وإحسان وكرم من الله -جل وعلا- أن الله يمحو عن الإنسان ذنوبه وخطاياه وسيئاته، بماذا؟ إذا هو عمل الأعمال الصالحة، الصلاة والصيام والذكر وقراءة القرآن. نعم، هي طاعات وتسجل في ميزان الحسنات إلا أنها تمحو المعاصي والذنوب والأخطاء.
فضل الله وكرمه وإحسانه
بل الأعظم من هذا فضل الله وكرمه وإحسانه -تعالى- على عباده المؤمنين، أنه يبدل هذه المعاصي والذنوب إلى حسنات. قال الله -تعالى-: {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ}، ما أعظم فضل الله! وما أعظم رحمة الله! وما أعظم إحسان الله على عباده! الله -تعالى- رحيم بنا، الله لطيف بعباده، إذا أخطأت فلا تقنط من رحمة الله، لا تيأس من مغفرة الله وإحسانه، بل بادر بالإحسان والعمل الصالح «وأتبع السيئة الحسنة تمحها»، قاعدة عظيمة جدا في تعامل الإنسان مع نفسه وأخطائه. كيف أفعل إذا أذنبت؟ أتبع السيئة الحسنة تمحها. وعندما رُؤي بعض الصحابة أنهم في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - يدخل في وسط المعركة ويقاتل ويشد على نفسه، قالوا: لماذا أنت تشد على نفسك وتبدأ بالقتال حتى قبل بداية المعركة؟ قال: ذنوب فعلتها قبل إسلامي أريد أن يكفر الله من ذنوبي بفعلي هذا أو بجهادي في سبيل الله.
بادر بالعمل الصالح
فإذا ما أخطأ الإنسان أو أذنب في حق نفسه أو في حق الله تعالى، بادر بالعمل الصالح، بادر بالحسنات، أقبل على الله تعالى بصلاة أو صيام أو زكاة أو عبادة أو ذكر لله تعالى، الله يمحو عنك سيئات، وهذا مصداق حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه القاعدة العظيمة قال: (وأتبع السيئة الحسنة تمحها)، ما أعظم هذه الوصية! وما أشد حاجتنا لها! إذا ما اقترف الإنسان ذنبا أو قصّر في واجب، عليه أن يبادر بالأعمال الصالحة، ونحن في هذا الزمن الفاضل علينا أن نجتهد بالأعمال الصالحة، الله -عزوجل- يرضى عنا، ويكفر عنا الذنوب والخطايا والسيئات.

اعداد: الشيخ: فهد الجنفاوي




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 14-12-2023, 12:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قواعد نبوية

قواعد نبوية (7)

اتَّقِ اللهَ حيثُما كنتَ


  • الوصية بتقوى الله ليست فقط خاصة بأمتنا أمة النبي صلى الله عليه وسلم بل شملت الأمم الماضية أيضا
من القواعد النبوية العظيمة التي جاءت في حديث أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - الذي قال فيه: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اتَّقِ اللهَ حيثُما كنتَ، وأتبِعِ السَّيِّئةَ الحسَنةَ تَمْحُهَا، وخالِقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسنٍ»، والحديث فيه ثلاث قواعد من جوامع كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتحتوي على معان عظيمة، فيها علاقة الإنسان أولا مع الله -تعالى-. ثانيا: علاقة الإنسان مع نفسه. ثالثا: علاقة الإنسان مع الناس من حوله، وأول هذه القواعد وأسها وأساسها -التي تضمن للإنسان السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة- (اتَّقِ اللهَ حيثُما كنتَ).
قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه الوصية العظيمة موصيا جميع المؤمنين أن يتقوا الله -تعالى- أينما كانوا في سفر أو حضر، كانوا بمفردهم أم مع الجماعة، على الإنسان أن يكون متقيا لله -تعالى-، فما معنى تقوى الله؟ ما معنى أن يكون الإنسان متقيا لله -تعالى؟ الإجابة سهلة ويسيرة، أن يعمل بالطاعة ويبتعد عن مخالفة الله -تعالى- والمعصية، يعمل بالطاعة ويحذر من المعصية، وهذا ما أجمع عليه علماء المسلمين، أنّ تقوى الله -تعالى- هي العمل بطاعة الله والبعد عن معاصيه.
وصية عظيمة
اتَّقِ اللهَ حيثُما كنتَ، هذه الوصية العظيمة، الوصية بتقوى الله -تعالى- هي وصية الله -جل وعلا- لجميع الناس، قال ربنا -جل وعلا-: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ}، إذًا ليست الوصية بتقوى الله فقط لأمتنا أمة النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل حتى الأمم الماضية الله -تعالى- أوصاهم بتقواه، ومن اتقى الله فرّج الله عنه كل هم وكل غم وكل مشكلة يقع فيها، ويجعل الله له منها مخرجا، قال ربنا -جل وعلا- {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}، الإنسان يقع في مشكلات في الحياة الدنيا في عمل، في وظيفة، في تجارة، في مشكلة اجتماعية، وفي غيرها، وفي بعض الأحيان تكون هذه المشكلة مغلقة ليس لها حل، فمن كان ملازما لتقوى الله، الله -تعالى- يكتب له فرجًا ونجاةً وتيسيرا من طريق لا يشعر به. ولا يظن أن هذا الطريق أو هذا الباب سيأتي منه الفرج، وقول الله -تعالى- حق وصدق {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا}، {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا }، مشكلة اجتماعية، أو مشكلة أسرية، أو مشكلة مع الأولاد، أو مشكلة في الدوام، أو في التجارة أو في الدراسة أو في غيرها، الله -عز وجل- يجعل لك فرجا ومخرجا ونصرا وفوزا من طريق لا تتوقعه، ممكن تظن أنه سيأتيك الفرج أو التيسير، لكن لم تكن تظن أنه سيأتيك من هذا الباب، {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} أي من حيث لا يظن.
وصية جميع الأنبياء والمرسلين
وهذه الوصية بتقوى الله -تعالى- هي وصية جميع الأنبياء والمرسلين لأقوامهم؛ لذلك جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وأوصانا بهذه الوصية (اتَّقِ اللهَ حيثُما كنتَ)؛ لأن بعض الناس إذا كان مع الناس ومع الجماعة في الأماكن العامة تجده يحذر ويخاف ومتقيا وملتزما ببعض الأمور إما في العبادة أو غير ذلك. أما إذا كان بمفرده فإنه ينتهك محارم الله -تعالى-؛ لذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اتَّقِ اللهَ حيثُما كنتَ»، والله -عز وجل- أوصانا بالتزود من التقوى؛ فقال {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ}. فخير ما يتزود به الإنسان، وهو خير من الدنيا وما فيها أن يتزود بتقوى الله.
كيف يتزود الإنسان بالتقوى؟
بأن يحافظ على ما أمر الله -تعالى- به، وما أمر الله به يسير والحمد لله؛ فديننا دين يسر وسهولة، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بعثت بالحنيفية السمحة»، ديننا دين سهولة ويسر، صل قائما فإن لم تستطع فجالسا، فإن لم تستطع فعلى جنب. الله -تعالى- افترض علينا الصيام، ثم قال الله -تعالى-: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، وهذه من أوضح الدلالات على أن دين الإسلام دين يسر وسهولة وتيسير، ليس دين شدة وتعنت على المؤمنين. لذلك على الإنسان أن يكون حريصا على هذه الوصية العظيمة، وهذه القاعدة النبوية الجليلة (اتَّقِ اللهَ حيثُما كنتَ) في إقامته وفي سفره، أمام الناس أو كان بمفرده، بالليل أو بالنهار، على الإنسان أن يتق الله حيثما كان، حتى يكتب الله له تيسيرا وفرجا ونصرا من حيث لا يحتسب.

اعداد: الشيخ: فهد الجنفاوي




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 20-12-2023, 11:01 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قواعد نبوية

قواعد نبوية (8)

احْرِصْ علَى ما يَنْفَعُــكَ


  • أعظم ما ينفع الإنسان هو عبادته لله جل وعلا من الصلاة والصيام والزكاة والحج فعلى الإنسان أن يكون مبادرًا حريصا على طاعة الله عز وجل
  • احْرِصْ علَى ما يَنْفَعُكَ قاعدة نبوية عظيمة يحتاجها الإنسان في كل عمل من أمور الدنيا وأمور الآخرة
قاعدة عظيمة من القواعد التي ذكرها لنا رسولنا - صلى الله عليه وسلم -، وما أجمل من أن نرجع إلى سنة رسولنا - صلى الله عليه وسلم - وأن نأخذ منها العظة والعبرة بما ينفعنا في ديننا وفي دنيانا. وفي سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - خير عظيم، قال الله -تعالى-: {وإن تطيعوه تهتدوا}. هذه القاعدة تنفع الإنسان في الدنيا في الأمور المادية والأمور الحياتية، وتنفعه أيضا عندما يقابل الله -تعالى- يوم القيامة.
كذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «احْرِصْ علَى ما يَنْفَعُكَ»، وهذه القاعدة مأخوذة من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي رواه عبدالرحمن بن صخر الدوسي (أبو هريرة) - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الْمُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وفي كُلٍّ خَيْرٌ. احْرِصْ علَى ما يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ باللَّهِ وَلَا تَعْجِزْ، وإنْ أَصَابَكَ شَيءٌ، فلا تَقُلْ: لو أَنِّي فَعَلْتُ كانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللهِ وَما شَاءَ فَعَلَ؛ فإنَّ (لو) تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ».
ما الأمر الذي ينفعك؟
(احْرِصْ علَى ما يَنْفَعُكَ)، قاعدة نبوية عظيمة يحتاجها الإنسان في كل أمور حياته الدينية والدنيوية.
  • أولا: عبادة الله -عز وجل
أعظم ما ينفع الإنسان هو عبادته لله -جل وعلا- من الصلاة والصيام والزكاة والحج، وعلى الإنسان أن يحرص عليها وأن يجتهد فيها، وأن يبادر إليها، وألا يفرط فيها، {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}. فعلى الإنسان أن يكون مبادرًا ومسارعًا وحريصًا أشد الحرص على عبادة الله، فإذا أذن المؤذن قام فتوضأ وصلى في الوقت الذي أراده الله -تعالى-؛ لأنه من الأخطاء التي يقع فيها بعض الناس أنهم يؤجلون الصلوات إلى خارج أوقاتها، وهذا خطر على الإنسان؛ لأن الله -تعالى- قال: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا}، يعني وقت محدد، له وقت بداية وله وقت نهاية. فعلى الإنسان أن يحرص الإنسان على الصلاة (احْرِصْ علَى ما يَنْفَعُكَ)، أعظم ما ينفعك في الدين والدنيا حتى في رزقك، حتى في دراستك، حتى في أمورك الاجتماعية، حتى في وظيفتك، في كل شيء الذي ينفعك عبادة الله -تعالى-؛ لأن الله -عزوجل- يكتب التوفيق والسعادة والهداية لمن حافظ على العبادة، ولا سيما أمر الصلاة، يقول الله -تعالى-: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى}. بعض الناس اليوم يبذلون أسبابا في تجارة أو عمل أو وظيفة، وينسون سببا عظيما من أسباب التوفيق في هذا الأمر الذي أقدم عليه، إن كانت دراسة أو تجارة أو زواجا أو غير ذلك، وهو الصلاة. صلاح الإنسان وتوفيقه متوقف على علاقته بالله -تعالى- من خلال الصلاة؛ لذلك يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «احرص على ما ينفعك». وسائر العبادات على هذا المنوال، أن يكون الإنسان حريصا عليها؛ لأن الله -تعالى- سيحاسب الإنسان يوم القيامة عن هذه العبادة. هل عَبَدَ الله -تعالى؟ هل أدى الواجبات أم أنه قصّر فيها؟
  • ثانيًا: المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى اللهِ من المؤمنِ الضعيفِ، وفي كلٍ خيرٌ»؛ لذلك فإن الأمر الثاني الذي يحتاج إليه الإنسان في حياته أن يكون حريصًا على ما ينفعه، إن كان في دراسته عليه أن يكون حريصًا على التفوق في دراسته، وأن يبحث عن أفضل المدارس وأفضل المدرسين، وأن يسعى أن يكون في أعلى المراتب، وكذلك في تجارته، احرص على ما ينفعك، فبعض الناس -مع الأسف- عنده كسل.
الاستعاذة من العجز والكسل
والنبي - صلى الله عليه وسلم - استعاذ بالله من العجز والكسل، بل كان ذلك من أدعية النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصباح وفي المساء، قال النبي - صلى الله عليه وسلم عندما رأى رجلا حزينا جالسا في ناحية المسجد- قال: ما بك؟ قال: يا رسول الله، ديون وهموم لحقتني، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ألا أعلمك كلمات تقولها إذا أصبحت وإذا أمسيت يذهب الله عنك ما تجد، قلت: بلى يا رسول الله، قال: «قل اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل، وغلبة الدين وقهر الرجال». هذا الذي استعاذ منه النبي - صلى الله عليه وسلم .
حال الشباب اليوم
مع الأسف تسأل اليوم بعض الشباب لماذا لا تذاكر؟ لماذا لم تبدأ بتجارة أو عمل؟ لماذا لا تذهب للمسجد فتصلي؟ يقول: أنا كسلان! أو أنا أعجز عن هذا الأمر، وهكذا الكسل يقضي على كثير من الأعمال العظيمة التي ترتقي بالإنسان في مراتب الدين ومراتب الدنيا، فلا يكن الإنسان كسولا ولا عاجزا بل يجتهد، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى اللهِ من المؤمنِ الضعيفِ وفي كلٍ خيرٌ». الله يحب القوي الذي يجتهد والذي يعمل والذي يبذل، قال -تعالى-: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}، يجتهد الإنسان في عبادة الله ولا يكون كسولا، حتى في أموره الدنيوية لا يكون كسولا بل يكسب تجربة من هذا العمل ومن ذاك، ولو زلت قدمه في بعض الأحيان، لم ينجح في دراسة أو خسر في تجارة أو فشل في عمل من الأعمال، إذا سقط لابد أن ينهض ويستيقظ ويبحث عن عمل آخر ويدرس مرة أخرى، المهم أنه لا يتوقف عن العمل. وثبت في الحديث الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها»، حتى لو كان في ذلك اليوم العظيم وقامت القيامة والناس في هلع وخوف شديد؟! نعم مع ذلك لو كان في يده فسيلة فليحفر وليكمل هذا العمل. المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف. احرص على ما ينفعك ولا تعجز.

اعداد: الشيخ: فهد الجنفاوي




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 11-01-2024, 02:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قواعد نبوية

قواعد نبوية (9)

احفظ الله يحفظك


  • الإنسان يحتاج إلى معية الله -تعالى-، يرعاه، ويسدده، ويوفقه، ويهديه، فالطالب في دراسته، والتاجر في تجارته وبيعه وشرائه، والمعلم في تعليمه لطلابه
من خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الله -تعالى- آتاه جوامع الكلم، يقول الكلام القليل الذي يحوي المعاني العظيمة، ومن جوامع كلمه، هذه القاعدة العظيمة (احفَظِ اللَّهَ يحفَظكَ)، هذا جزء من وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبدالله بن عباس ولجميع الأمة؛ لأنه كما تقول القاعدة العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبدالله بن عباس -وكان غلاما صغيرا-: «يا غُلامُ إنِّي أعلِّمُكَ كلِماتٍ»، وهذا دليل على أنه كان صغيرا، بعض الناس يقول هذا طفل صغير لا يعقل ولا يفهم! ومع ذلك علّمه النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو لم يتجاوز العشر سنين، قال: «يا غُلامُ إنِّي أعلِّمُكَ كلِماتٍ، احفَظِ اللَّهَ يحفَظكَ، احفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تجاهَكَ، إذا سأَلتَ فاسألِ اللَّهَ، وإذا استعَنتَ فاستَعِن باللَّهِ، واعلَم أنَّ الأمَّةَ لو اجتَمعت علَى أن ينفَعوكَ بشَيءٍ لم يَنفعوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ لَكَ، ولو اجتَمَعوا على أن يضرُّوكَ بشَيءٍ لم يَضرُّوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ عليكَ، رُفِعَتِ الأقلامُ وجفَّتِ الصُّحفُ». وصية عظيمة وقاعدة نبوية كريمة «احفَظِ اللَّهَ يحفَظكَ» كلنا نرجو أن يحفظنا الله -تعالى- ويرعانا، مَن أراد أن يحفظه الله -تعالى- ويحوطه ويحرسه ويرعاه فعليه أن يحفظ الله، والجزاء من جنس العمل، فكما أنك حفظت الله -تعالى- فالله -عزوجل- يحفظك.
كيف أحفظ الله -تعالى؟
والسؤال، كيف أحفظ الله -تعالى- والله غني عن عباده؟ إذا أردت أن تحفظ الله، احفظ أوامر الله، الله -تعالى- أمرنا بأوامر، ونهانا عن نواه، فإذا حفظنا الله وأطعناه في هذه الأوامر وانتهينا عن هذه النواهي بذلك نكون حفظنا الله -تعالى-، فالله يحفظنا. الإنسان يحتاج إلى معية الله -تعالى-، يرعاه، ويسدده، ويوفقه، ويهديه، فالطالب في دراسته، والتاجر في تجارته وبيعه وشرائه، والمعلم في تعليمه لطلابه وتلاميذه، وأولياء الأمور مع أولادهم، كل واحد يرجو أن يوفقه ويسدده ويهديه في هذا العمل الذي يقوم به.
إذا سأَلتَ فاسألِ اللَّهَ
ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا سأَلتَ فاسألِ اللَّهَ»، احذر أن تدعو غير الله -تعالى-، وهذه من أهم المهمات، أن يفرد الإنسان ربه وخالقه ومولاه بالعبادة. وأعظم العبادات الدعاء، قال النبي -صلى الله عليه وسلم - : «الدعاء هو العبادة»؛ لذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم - لعبدالله بن عباس ولكل الأمة: لا ترفعوا أيديكم ولا تدعوا غير الله -تعالى-، {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}، لا ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا، لا تدعو غير الله، إذا سألت فاسأل الله، الله -تعالى- قريب من عباده، كما قال الله -جل وعلا-: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}.
ادع الله في كل شؤونك
إذا سألت فاسأل الله، كان الصحابة -رضي الله عنهم وأرضاهم- يدعون الله في كل أمورهم وشؤونهم، حتى أنهم في بعض الأحيان يدعون الله -تعالى- إذا انقطع نعل أحدهم، مع أنه أمر يسير، ينظر له بعض الناس أنه أمر مُحتقر وأنه ليس بالأمر الشديد، لكن مع ذلك ولشدة حاجتهم إلى الله -تعالى-، أنهم يدعون الله -جل وعلا- حتى إذا انقطع شراك نعل أحدهم. وهذا ما نحتاجه اليوم إلى أن نتعلمه، إلى أن نتعلم الدعاء، وأن ندعو الله -تعالى- في كل أحوالنا في أوقات الإجابة، بين الأذان والإقامة، في ثلث الليل الآخر، في أثناء السجود، وبعد التشهد الأخير، ودعوة الوالد لولده، ودعوة الأم لولدها: فهذه كلها مواطن إجابة. «إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله» بعض الناس دائما قلبه معلق بالأسباب، ومعلق بالخلق، لا تتعلق بغير الله -تعالى-؛ فهو الذي بيده ملكوت السموات والأرض، {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ}. كلنا نبحث عن الهداية، كلنا نبحث عن أسباب التوفيق والسداد والنجاح والتميز والتفوق، من أراد ذلك فعليه أن يستعين بالخالق الواحد الأحد، لذلك في سورة الفاتحة في كل صلاة نقول: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}. أي لا نعبد إلا إياك، ولا نستعين إلا بك.

اعداد: الشيخ: فهد الجنفاوي


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 26-01-2024, 03:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قواعد نبوية

قواعد نبوية (9) الحَياءُ لا يَأْتي إلَّا بخَيْرٍ


قال الله -تعالى-: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}. أسوة حسنة، أي قدوة في الحياة، نستفيد منه في الأخلاق وفي التعامل، في علاقتنا مع الله -تعالى- وفي عبادتنا في الطريق الموصلة إلى الجنة؛ لأن في طاعته الهداية والسعادة. {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.
قاعدة اليوم (الحَياءُ لا يَأْتي إلَّا بخَيْرٍ)، فديننا دين أخلاق، دين تعامل؛ بحيث يكون الإنسان عنده حياء أولا من الله ثم حياء من الناس، هذا الحياء لا يأتي إلا بخير، وأصل هذه القاعدة قول النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما رأى رجلا يعظ أخًا له في الحياء، ودعاه إلى ألا يستحيي، نهاه النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال له: «دعه، فإن الحَياء لا يَأْتي إلَّا بخَيْرٍ»؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم - بيّن أن ديننا دين أخلاق، بل من مقاصد بعثته -صلى الله عليه وسلم - إتمام مكارم الأخلاق، قال النبي -صلى الله عليه وسلم -: «إنَّما بُعِثتُ لأُتَمِّمَ صالِحَ الأخْلاقِ». ولما بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم - شعب الإيمان قال -صلى الله عليه وسلم -: «الإيمانُ بضعٌ وسبعون شعبةً، أعلاها قولُ لا إله إلا اللهُ، وأدناها إماطةُ الأذى عن الطريقِ»
من دين الله -تعالى- أن يكون الإنسان حييا
أن يكون عند الإنسان حياء من الله -تعالى- ثم حياء من الناس، من أن يقترف أمرا محرما أو أمرا مخلا بالآداب العامة، أو أمرا مخلا بالمروءة؛ فإن هذا من دين الله -تعالى- أن يكون الإنسان حييا، والله -تعالى- حيي ستير، فهي صفة من صفات الله -تعالى-، أن الله -تعالى- يستحيي من عبده. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ اللَّهَ حيِيٌّ كريمٌ يستحيي إذا رفعَ الرَّجلُ إليْهِ يديْهِ أن يردَّهما صفرًا خائبتينِ»، وهذا من فضل الله ومن كرم الله ومن إحسان الله أن الله لا يرد عبده أبدا، بل يعطيه خيرا في هذا الدعاء.
الحياء شعبة من شعب الإيمان
إذًا الحياء شعبة من شعب الإيمان، وهو خلق من أخلاق الإسلام، بل بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم - أن من أعظم أخلاق الإسلام الحياء، قال النبي -صلى الله عليه وسلم -: «لكلِّ دينٍ خُلقٌ وخلقُ الإسلامِ الحياءُ، من لا حياءَ له لا دينَ له»، وكل دين له خلق يميزه، وديننا أعظم ما يتميز به: أن أفراده عندهم هذه الصفة، هي الحياء. الرجل لابد أن يستحيي، والمرأة أيضا لابد أن تستحيي، وكذلك الصغير والكبير ينبغي أن يكون عندهم حياء أولا من الله، من اقتراف المحرمات، فلا يراك الله -تعالى- حيث نهاك، أو أن يفقدك حيث أمرك. قال النبي -صلى الله عليه وسلم -: «استحيوا من اللهِ -تعالى- حقَّ الحياءِ، من اسْتحيا من اللهِ حقَّ الحياءِ فلْيحفظِ الرأسَ وما وعى ، ولْيحفظِ البطنَ وما حوى، ولْيذكرِ الموتَ والبِلا، ومن أراد الآخرةَ ترك زينةَ الحياةِ الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من اللهِ حق الحياءِ». من تذكر هذه الأمور وفعلها فإنه قد استحيا من الله حق الحياء.
أمثلة عظيمة في حياء النبي - صلى الله عليه وسلم
النبي - صلى الله عليه وسلم - ضرب لنا أمثلة عظيمة في حيائه من الله -تعالى- وفي حيائه من الناس، قال عمران بن الحصين - رضي الله عنه -: «كان رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم - أشدَّ حياءً من عذراءَ في خِدْرِها وكان إذا كرِه شيئًا عرَفْناه في وجهِه»، العذراء في خدرها هي البنت الصغيرة التي لم يسبق لها الزواج؛ فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - أشد - أي أكثر - من العذراء في خدرها، يستحيي من الناس إذا طلب منه أحد شيئا أو أن يقترف أمرا محرما. مع الأسف اليوم بعض شبابنا افتقدوا هذه الصفة وهذه الخصلة الجميلة من أخلاق الإسلام؛ فعلينا أن نربي أولادنا، وأن يتصف شبابنا وبناتنا أيضا بهذه الصفة الجميلة وهذا الخلق العظيم من أخلاق الإسلام، أن يكون عندهم حياء من الكلام البذيء، أو فعل ما يستقبح من الأفعال والأمور التي يستنكرها الناس. تقول له: ما المانع أن تفعل هذا الأمر؟ يقول: والله انا أستحيي أن أفعل هذا الأمر أمام الناس. ومع الأسف الشديد تجد اليوم بعض الشباب لهم ملابس قد تكون مخلة بالآداب؛ والسبب أنه ما تعلم هذا الخلق الرفيع وهذا الخلق العظيم، خلق الحياء؛ لأنه هو خلق الإسلام، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لكلِّ دينٍ خُلقٌ وخلقُ الإسلامِ الحياءُ». إننا في أشد الحاجة اليوم إلى أن نرجع إلى سنة نبينا - صلى الله عليه وسلم - وإلى أخلاق ديننا؛ فهي من أعظم الأخلاق على الإطلاق، ويجب علينا أن نلتزمها التزمنا بها وجعلناها واقعا عمليا في حياتنا.

اعداد: الشيخ: فهد الجنفاوي




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 159.16 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 153.32 كيلو بايت... تم توفير 5.84 كيلو بايت...بمعدل (3.67%)]