معجم مصطلحات القصيدة العربية - ملتقى الشفاء الإسلامي ملتقى الشفاء الاسلامي
 

اخر عشرة مواضيع :         أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          اضطراباتي النفسية دمرتني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          زوجي مصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 182 - عددالزوار : 61184 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 123 - عددالزوار : 29037 )           »          شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 13 - عددالزوار : 342 )           »          من شبهات اليهود وأباطيلهم-أن المسجد الأقصى والقدس لم يأخذا في الإسلام قط دوراً مركزيا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          الزوجة قد تظلم زوجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها

ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-07-2021, 03:25 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,045
الدولة : Egypt
افتراضي معجم مصطلحات القصيدة العربية

معجم مصطلحات القصيدة العربية
أ. د. أحمد يحيى علي محمد






اللُّغة قرينةُ اللِّسان، إنَّه إحدى الكلمات الدالَّة عليها؛ ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ ﴾ [الروم: 22]، إنَّه أداة الكلام، ولهذه الأداة وظيفة محوريَّةٌ أخرى تقوم بها؛ إنَّها تذوُّق الطَّعام، فهل هناك إذًا وشائج قربى بين الدَّورين؟

إنَّ تقديم إجابة لهذا السؤال يأتي من بوَّابة هذا الدور الذي تَقوم به اللُّغةُ في دنيا البشر؛ فهي الوعاء الحامِلُ للأفكار، يطوف هذا الإنسانُ أرجاء الأرض التي جعله ربُّه خليفةً فيها، يحاول فهم ما فيها، يقدِّم ثمرةَ هذا الفهم في قوالب تكشِف عن رُؤاه، مِن هذه القوالب اللغة التي تتَّخِذ في استخدام ذاك الإنسان لها مظاهرَ عديدة؛ من بينها الفنُّ، ومن أشكال هذا الفن الأدبُ بأنواعه المتعددة؛ من شِعرٍ وقصَّة، ورواية ومسرحية ومقالٍ، وفي القديم خطبة ورسالة ووصيَّة، إنَّ كل هذه الأشكال المستخدمة للغة تمثِّل أوعيةً حافظةً لفِكر الإنسان الذي نشَأ تبعًا لعلاقاته بعالَمه وما فيه من بشَر وأشياء يتفاعَل معها، ويَنتج عن هذا التفاعل مولودٌ يحتاج إلى الظهور؛ فتأتي اللغةُ لتكون إحدى الوسائل التي يَلجأ إليها كلُّ واحد فينا في سبيل إظهار مواقفه والمجرَّدِ من فكره وشعورِه أمام مَن حوله، قد يكون هذا الظُّهور في هيئةٍ منطوقةٍ شفاهية، وقد يكون في هيئةٍ مكتوبة تعدُّ بلا شك أطول عمرًا وأكثرَ بقاء من سابقتها.

وفي هذه السطور نحاول الوقوفَ على عدد من المفاهيم / المصطلحات ذات الصِّلَةِ بفنِّ الشِّعر؛ لتنير لنا حركتنا في غرفات هذا العالم:
تذوق:
في كلمة (تذوُّق) وقوف عند اللسان، إنَّه يحيل في معناه إلى اللغة التي ننطِقُها بألسنتنا، والتذوُّق يكون باللسان، فنقول مثلًا: هذا حلوٌ وهذا مرٌّ، والآن نستطيع القول: إنَّ التذوُّق عمليَّة تقوم على إجراءات وخطوات:
1- القراءة المنضبطة للنصِّ: إنَّك إن قرأتَ قراءةً سليمة مصحوبة بضبط الحركةِ (كالضمِّ والفتح والكسر) كان ذلك خطوة أولى في سلم نعرُج - أي نرتفع - عليه لنصِل نحن المترجمين إلى الغاية المرجوَّةِ؛ وهي جملة المعاني التي سنشرع في نقلها إلى لغةٍ أخرى.

2- الفهم: نقصد بهذه الخطوة إضاءة المعتم في النصِّ، ألا وهو كلماته الصَّعبة غير المعروف معناها بالنِّسبة إلينا، هنا يكون بجوارنا صديق يرشدنا عند الحاجةِ، إنَّه المعجم / القاموس الذي يؤدِّي هذه الغاية، وعندنا في العربيَّة مِن أشهر الأصدقاء في الماضي ابنُ منظور صاحب لِسان العرب، وفي الحديث على سبيل المثال: المعجم الوسيط الصادر عن مجمع اللغة العربية بالقاهرة.

3- التحليل: ما المقصود بكلمة تحليل؟ إنَّ التحليل يَعني التقطيع؛ أي: تقطيع النصِّ إلى أجزاء صغيرة نقِف أمامَ كلٍّ منها؛ حرف، كلمة، جملة، عبارة.

الكلمة: هل هي مفردٌ أو مثنًّى أو جمع، مذكَّر أو مؤنث؟ ودلالة كل ذلك على المعنى بناء على طبيعتها هذه وما تؤدِّيه من دور في تركيب الجملة، وبالمثل: هل هي اسم أو فعل أو حرف؟ ولا ننسَ أنَّ الكلمة بناء لغوي مركب من عدد من الحروف / أصوات.

ومن الكلمة إلى الجملة: هل هي اسميَّة أو فعليَّة؟ هذا مبتدأ وهذا خبر، وهذا فاعل، وهذا حال، وهذا مضاف إليه، وهذا تمييز، وهذا مفعول به... إلخ، وما دلالة ذلك على المعنى؟

معنا كذلك الأساليب: أسلوب القسَم، التوكيد، الشَّرط، التعجب، التمنِّي، الاستفهام، النداء، والأدوات التي نعرف بها كلَّ أسلوب، أقول مثلًا: يا محمد، تعالَ إلى لقائنا؛ هذا أسلوب إنشائي / نداء، والأداة المستخدمة هي (يا)، أو أقول مثلًا: ما أجمل جو مصر في الخريف! هذا أسلوب تعجُّب، كيف عرفتَ؟ بهذه الصِّيغة: (ما أفعلَ) تقول: ما أجملَ، ما أحسَنَ، ما أعظمَ، وبالمثل للتعجب أيضًا صيغة أَفْعِل به: أَكْرِمْ بالمجتهد! أعْظِمْ بالصَّادق! وهكذا؛ إذًا نحن في التحليل نتوقَّف عند أجزاء النص ونتأمَّلها؛ أي: كلماته وجمله في المقام الأول.

4- مرحلة استخراج المعنى: إنَّني أقرأ بالضَّبط والتشكيل، وأفهم وأحلِّل بغاية مقصودة هي: الوصول إلى المعنى السَّاكن خلفه، وهو طبقات، عددها وتنوعها مرتبط بخِبرة القارئ ومدى علاقته قربًا وبعدًا بما يتلقَّاه، وأثر مكونه الثَّقافي في تجربة تلقِّيه للنصِّ.

إذًا تحت هذه المظلَّة (القراءة) التي بها يتميَّز الإنسان عن غيره، نتحرَّك في مقرَّرنا بصحبة نصوص من شِعرنا العربي قديمًا وحديثًا، نجعل من الشَّكل الذي عليه القصيدة منطلَقًا لهذه العمليَّة: القراءة / التذوق.

ويمكننا في علاقتنا بالنصِّ الأدبي عمومًا والشعري على وجه الخصوص أن ننظر إليه من خلال جملة فعليَّة تقوم على عناصر ثلاثة:
فعل ماضٍ (أبدع): قد يكون النصُّ الذي نتذوقه في العصر الجاهلي مثلًا، أو صدر الإسلام، أو الأموي، أو العباسي، أو الأندلسي، أو تمَّ إبداعه في العصر الحديث في زمن سابق على الزمن الذي نقرؤه فيه.

فاعل (الشاعر): والوقوف عند مبدِع القصيدة يأتي من خلال مَعرفة الزَّمن الذي ظهر فيه، والمكان الذي عاش فيه، وجانبٍ من سيرته الذاتية (بيئته الاجتماعية، وثقافة مجتمعه، وعلاقاته بمن حوله في زمنه...)، بهدف مساعدتنا أكثر في تأويل نصِّه بفضل وقوفنا على الظُّروف والملابسات المحيطة بعملية إبداعه التي تتَّصل اتصالًا وثيقًا بفاعله.

مفعول به (النص الشِّعري): والتعامل مع هذا المفعول به يأتي في مرحلةٍ ثالثة بعد المرور على الفعل والفاعل، ومصاحبة هذا المفعول يكون من خلال محطَّات التذوُّق الأربعة التي تمَّت الإشارة إليها سابقًا؛ ويمكن القول: إنَّ متلقِّي إبداع الأديب يعدُّ بمثابة مفعول لأجله، يحرص على أن يكون غايته بما ينجِزه من كلمة، يتوجَّه إليه بها، في عمليَّةٍ تقوم على الرحلة، تتنقل فيها كلماتنا من ألسنتنا ومن أقلامنا إلى مَن نشعر أنَّا بحاجة إلى أن يلمسنا، يقترب منَّا، يرانا في مرآة ما ننجزه عبر اللغة.

ولكي تكون هذه العمليَّة - أي القراءة / التذوق - قائمةً على بصيرة المعرفة ستكون البداية مع عدَد من المصطلحات ذات الصِّلَة بحقل الشِّعر العربي، نقدِّم الكلمةَ ومدلولها في سطور تعريفيَّةٍ محدَّدة، مصحوبة ما أمكن ذلك بأمثِلَة شعريَّة توضيحيَّة تضيء المصطلح في عيون قرَّائه.

الخطاب:
نسمع كثيرًا هذه الكلمة تتردَّدُ، نقول: الخطاب السياسي، الخطاب الثوري، الخطاب القصصي، الخطاب الشِّعري، الخطاب الروائي، الخطاب المسرحي... إلخ، فما المقصود بهذه الكلمة؟ تستطيع بيسر الوصولَ إلى معناها عندما تجِد شخصًا يحادِثك، يوجِّه كلامَه إليك، سواء أكان بطريقة شفاهية منطوقةٍ، أم بطريقة تحريرية مكتوبة؛ مثل هذه الرسائل التي نقرؤها على هاتفنا الجوال، أو على الفيس وتويتر، أو في بريدنا الإلكتروني... إلخ.

إذًا الخطاب: كلُّ كلام يتضمَّن وجود طرفين: مرسِل (متكلم / كاتب) ومستقبل (مستمع / قارئ) يربط بين الاثنين (رسالة)، هذه الرِّسالة قد تكون قصيدةَ شِعر، قد تكون قصَّة قصيرة، قد تكون رواية، قد تكون مسرحية، قد تكون مقالًا.

مِن هنا نقول كما رأيتَ: خطابٌ قصصي، وروائي، وشعري، ومقالي... إلخ، وذلك بناء على نوع الرِّسالة التي تصِل هذا المرسل بالمستقبل.

إذًا هناك عناصر ثلاثة يتكوَّن منها أيُّ خِطاب:
مرسل.
رسالة.
مستقبِل.

وبناء على شكل الكلام يمكننا تصنيف الخِطاب بين (منطوقٍ) إن كان المرسِل يتحدَّث إلينا شفاهة، و(مقروء) إن كان المرسِل يتحدَّث إلينا عبر كلامٍ مكتوب، أنت في داخل محاضرتك على موعد مع خِطاب منطوق، فيه: مرسِل (أستاذ المادَّة)، ومستقبِل هو أنت (المستمِع)، أمَّا عن الرسالة فهي موضوع المحاضرة الذي يندرج تحت محتوى المقرَّر الذي يجمعنا، وفي داخل المحاضرة يمكننا ممارسة الخِطاب بنوعيه: المنطوق حينًا، والمكتوب حينًا آخَر، حينما نقرأ على سبيل المثال نصًّا من الشِّعر لأحد المبدِعين، ساعتها نحن بصدَد خطاب مقروء، فيه مرسِل هو مبدِع قصيدة الشِّعر، وفيه رسالةٌ هي القصيدة نفسها، والمرسَل إليه، أي: المستقبِل هو أنا وأنتم الذين نتلقَّى رسالةَ هذا المبدع مكتوبة محرَّرة في أوراق.

أمَّا إذا توقَّفنا مع الرِّسالة نفسها، فسنجِدها ليست رسالةً واحدة؛ بل رسائل عدَّة، تختلف كلُّ رسالة وتتميَّز في محتواها (الفكرة أو القضيَّة التي تعالجها)، وفي شكلها (القالب الفنِّي الذي صيغَت فيه).

الأدب: كلمة تعني في معناها اللُّغوي الدَّعوة إلى الطعام والشراب، ثمَّ تطوَّر معناها لتصير دعوة إلى الاتِّصاف بكلِّ ما هو راقٍ؛ من فِكر وسلوك وتعبير، فنقول: (مؤدب)، وتدلُّ كذلك على القانون والنظام، وقديمًا ألِّفَت كتبٌ في هذا المعنى، مثل: "أدب الكاتب"؛ لابن قتيبة، وصارَت تدلُّ على أشكال التعبير المميزة التي أبدعها الإنسانُ؛ من شعرٍ وقصَّة، ورواية ومسرحية، ومقال وخطبة ووصية... إلخ، وها هو ذا الشَّاعر الجاهلي طرفة بن العبد يقِف بنا عند هذا المعنى الأصيل لكلمة أدَب، ألا وهو الدعوة في قوله:
نحن في المِشْتاةِ ندعو الجَفَلَى ♦♦♦ لا ترى الآدِب فينا يَنْتَـقِر[1]


وفي إطار هذه الرُّؤية التي تربط الأدبَ ودراسته بالتحوُّلات الثقافية؛ الاجتماعية، والسياسية للجماعة العربية عبر العصور - فإنَّنا نستطيع أن نرى معمار الأدب في طبقاتٍ عدَّة؛ تبدأ من الجاهليِّ، ثم صدر الإسلام، ثمَّ الأموي، ثم العباسي، والأدب في بلاد الأندلس، ثمَّ الأدب في الحقبة الأيُّوبية والمملوكية، ثمَّ الأدب في العصر العثماني، وأخيرًا الأدب في العصر الحديث الذي يُؤرَّخ لبدايته منذ منتصف القرن التاسع عشر حتى الآن[2].

الشِّعر: إنَّ مادة هذه الكلمة (شَعَر) تأخذنا إلى هذه الحالة الإدراكيَّة التي يعتمِد فيها الإنسانُ في تعامله مع العالم من حوله على حواسِّه وما تحمله إلى عقله وقلبه من مواد معرفيَّة تحتاج بعد ذلك إلى التجسُّد والظُّهور، ونحن مع هذه الكلمة (الشِّعر) نتحدَّث عن نظْمٍ كلامي بطريقة خاصَّةٍ مميزة، تَفصله عن غيره من أشكال التعبير الكلامي الأخرى، فليس كل ما نعبِّر عنه بأقوالنا المنطوقة والمكتوبة يسمَّى شِعرًا.

ولهذا الفنِّ أنواع شهيرة: الشِّعر الغنائي الذي يتَّصل بانفعالات الذَّات ومشاعرها وحاجتها إلى التعبير عنها، والشِّعر الملحمي الذي يقوم على قصَص شعرية بطوليَّة، فيها كثير من الخوارق، وتتَّصل فيها الحقائق بالأساطير؛ كملحمة الإلياذة والأوديسا عند اليونان القدماء، والشعر الدرامي الذي يقوم على تعدُّد الأصوات التي تتحاور فيما بينها، وهو نوعٌ موجود منذ القدم، ومن روَّاده في أدبنا العربي الحديث: أحمد شوقي، وعزيز أباظة، وصلاح عبدالصبور، وعبدالرحمن بدوي، أمَّا الشِّعر التعليمي فهو المرتبط بمحتوًى معرفي، يتمُّ نظْمُه على شكل قصيدة الشِّعر؛ بهدف تقريب هذا المحتوى من أفهام الطلاب، وإحداث حالة إمتاعيَّة أثناء دراستهم لهذا المحتوى، وفي أدبنا العربي على سبيل المثال عندنا ألفيَّة ابن مالك في النَّحو العربي[3]، وقد خرج من هذه الكلمة (الشِّعر) مصطلح:
(الشعر العمودي) الذي يَعني كلامًا منظومًا وفق نظام موسيقيٍّ محدَّد يسمَّى الوزن، ومقاطع ثابتة تَنتهي بها وحداته اللغوية التي نسمِّيها أبياتًا، ويُراعى فيه أمور تتعلَّق بالمعنى واللَّفظ الذي يستخدم في سبيل التعبير عنه، وما فيه من صور خيالية تتَّسِم بالعمق والقدرة على توضيح المعنى وإمتاع المتلقِّي، مع ما بين كلمات هذا النَّظْم وجمله من ترابط والتحام، والحديث عن هذا المصطلح يأخذُنا إلى التقاليد المتَّبَعة في صياغة القصيدة الشعريَّةِ العربيَّةِ منذ القدم؛ أي: منذ العصر الجاهلي حتى ظهور أشكال شعريَّة قد نأَت بنفسها عن هذه التقاليد؛ كما في قصيدة الشِّعر الحر أو شعر التفعيلة في عصرنا الحديث، وما يسمَّى بقصيدة النَّثر، وقصيدة الزَّجَل التي تتمُّ صياغتها بلهجة عاميَّة بعيدًا عن الفصحى[4].

التجربة الشعوريَّة: إن العمل الفنِّي أيًّا كان نوعه يرتبط بحالةٍ تمرُّ على الذات الفنَّانة، تدفعها دفعًا إلى التعبير عنها وَفق صياغة محدَّدة، تحتوي ما يتمخَّض عنه هذه الحالة من معانٍ وحالات نفسيَّة وذهنية تحتاج إلى مَن يقوم بالكشف عنها بعد أن يَفرغ هذا الفنَّان من إبداعه، ومن ثمَّ فإن الحديث عن التجربة الشعوريَّةِ يشتمل على محطَّتين، الأولى: هذه الحالة التي استبدَّت بكيان المبدع بحكم وجوده في عالَمه وتأثُّره بما يحصل فيه وما يترتَّب على ذلك من أفكار تَسكن وعيه، المحطة الثانية: تحول هذه الحالة إلى منجز فنِّي ملموسٍ يخرج إلى العالم ويتلقاه غيره[5].

أغراض الشِّعر: منذ القدَم وشعرنا - على سبيل المثال - يرتبط بموضوعاتٍ يقوم عليها، هذه الموضوعات الرئيسة، مثل: الغَزل والمدح، والرِّثاء والفخر، والهِجاء والوصف، نسمِّيها أغراضًا، والغرَض في اللغة يَعني العلَّة أو السبب؛ فكأنَّ إنجاز الشَّاعِر لإبداعه يتَّصل بعلَّة يأتي هذا الإبداع نتيجة عاكسة لها، وفي القصيدة العربيَّة القديمة غالبًا ما نجد تعدُّدًا وتنوُّعًا في هذه الموضوعات التي نسمِّيها أغراضًا، ومن الممكن أن نضرِب أمثلةً على هذه الأغراض:
الغَزل: (مدح المرأة)؛ يعني: الإشارَة إلى المرأة بوصْفها موضوعًا لاهتِمام الرجل واحتفائه بها وحبِّه لها، وقد يكون هذا الغَزل عفيفًا؛ يراعي القِيَمَ وخُلُقَ الحياء، ويركِّز على المرأة بوصفها كائنًا روحيًّا تتعلَّق بها نفس الشاعر، وفي عصر بني أميَّة وفي بيئة الحِجاز تحديدًا لقي هذا النَّوعُ العفيف رواجًا على يدِ مجموعة أُطلِق عليها شعراء الغَزل العذري؛ أمثال المجنون ومحبوبته ليلى، وقيس ومحبوبته لبنى، وجميل ومحبوبته بثينة، وكثير ومحبوبته عزَّة، وغير هؤلاء يأتي كثيرون، فقد وَجدَت هذه الظَّاهرة الأدبية انتشارًا في البيئة العربيَّة، وقد يكون صريحًا يركز على المرأة بوصفها جسدًا يتمُّ التركيز على مَفاتنه.

ومِن نماذج النوع الأول ما قاله الشَّاعر جميل في بثينة:
وإنِّي لأرضى من بثينةَ بالذي
لو ابْصَره الواشي لقرَّت بلابلُه

بلا وبألَّا أستطيع وبالمُنى
وبالأمل المرجوِّ قد خاب آمِلُه


وهذا أحد الشُّعراء العذريين (عروة بن حزام) يقول حاكيا حالته النفسية في اتصاله الوجداني بمحبوبته:
وإنِّي لتعروني لذكراك هزَّةٌ
لها بين جلدي والعظام دبيب

وما هو إلَّا أنْ أراها فُجاءة
فأُبهَت حتى ما أكاد أُجيب

وأصدف عن رأيي الذي كنتُ أرتئي
وأنسى الذي أزمعْتُ حين تغيب

ويظهر قلبي عذرها ويعينُها
عليَّ فمالي في الفؤاد نصيبُ


يزيد بن معاوية بن أبي سفيان:
أُجِلُّك يا ليلى عن العينِ إنَّما ♦♦♦ أراكِ بقلبٍ خاشِعٍ لكِ خاضعِ

وما قاله جرير:
ألستِ أحسن مَن يمشي على قدَمٍ ♦♦♦ يا أملحَ النَّاس كلِّ الناس إنسانا؟

وهناك كلمتان متجاورتان في معنيَيهما لمصطلح الغَزَل، هما: التشبيب، والنسيب.

المدح: الإشارة إلى أمورٍ إيجابيَّة في شخص معيَّن (الممدوح) مِن شأنها إحداثُ شعورٍ بالسَّعادة والنشوةِ عنده، ورسم صورة مثاليَّة في عيون المتلقِّين لهذا المدح، ويُسمَّى أيضًا التقريظ، وغرض الثَّناء / المدح هذا مِن أكثر الموضوعات حضورًا في شِعرنا العربي منذ القدم؛ منه على سبيل المثال مدح جرير لبني أميَّة الذين كانوا حكَّامًا للدولة العربيَّة المترامية الأطراف في عصرٍ من العصور:
ألستم خيرَ مَن ركب المطايا ♦♦♦ وأندى العالَمين بطون راحِ


وقول المتنبي يمدح سيفَ الدولة الحمداني:
على قدْرِ أهلِ العزمِ تأتي العزائمُ ♦♦♦ وتأتي على قدْر الكرام المكارمُ

الرِّثاء: الثَّناء على الميت، وهذا ما يفرقه عن المدح الذي يختصُّ بالحيِّ، فكأنَّنا أمام ما يشبه سرادق عزاء يقيمه الرَّاثي بكلمته الشَّاعرة لمن مات، أو بمنطوقنا هذه الأيام حفل تأبين؛ ومن أمثلته في عصرنا الحديث ما قاله أحمد شوقي يرثي به الشاعر حافظ إبراهيم الذي مات في 1932 م:
قد كنتُ أوثرُ أن تقولَ رثائي ♦♦♦ يا منصفَ الموتى من الأحياءِ

ومن أمثلته قول زكي خليل مطران يرثي أحمد شوقي:
يجلو نبوغُك كلَّ يوم آيةً ♦♦♦ عذراءَ من آياته الغرَّاءِ

وقد يتوسع غرَض الرِّثاء ليشمل رثاء الممالِك والأوطان؛ على سبيل المثال في تراثنا مرثيَّة أبي البقاء الرندي في الأندلس / إسبانيا بعد أن خرج العرب منها:
لكلِّ شيءٍ إذا ما تمَّ نقصان
فلا يُغَرَّ بطيب العيشِ إنسانُ

هي الأمورُ كما شاهدتها دولٌ
مَن سرَّهُ زمنٌ ساءَتْه أزمانُ


ومرثيَّة أحمد شوقي في دمشق لما ضربَتها قوات فرنسا، ومنها قوله:
سلامٌ من صبا بَرَدَى أرقُّ ♦♦♦ ودَمْعٌ لا يُكَفْكَف يا دمشقُ

الفخر: مدح الإنسان نفسه بصِفاتٍ ترتقي به وترتفع عن غيره، كقول جرير:
قد أطلبُ الحاجةَ القصوى فأدركُها ♦♦♦ ولستُ للجارَة الدنيا بزوَّارِ

وقول المتنبي:
فالخيلُ والليل والبيداءُ تعرفني ♦♦♦ والسَّيفُ والرُّمح والقِرطاسُ والقلمُ

وقوله أيضًا في قصيدة يعاتِب فيها سيف الدولة الحمداني أمير حلب الذي كان مقيمًا عنده على فتور وهجْر وجده في مسلكه تجاهه ويفخر فيها بنفسه:
أنا الذي نظَر الأعمى إلى أدبي
وأسمعَتْ كلِماتي مَن به صمَمُ

أنام ملءَ جفوني عن شواردِها
ويسهَرُ الخلْقُ جرَّاها ويختصمُ


يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12-07-2021, 03:26 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,045
الدولة : Egypt
افتراضي رد: معجم مصطلحات القصيدة العربية

وقد يتوسَّع غرَض الفخر ليشمل الفخرَ بالأهل / القبيلة قديمًا، وفي العصر الحديث الفخر بالأوطان؛ فهذا عمرو بن كلثوم في معلَّقته الشَّهيرة في العصر الجاهلي يفخر بقبيلته قائلًا:
ونحن الحاكِمون إذا أُطعنا
ونحن العازِمون إذا عُصِينا

ونحن التَّاركون لما سَخِطنا
ونحن الآخِذون لما رَضينا


وهذا أحمد شوقي يقولُ في قصيدة النيل في مطلعها:
مِن أيِّ عهد في القرى تتدفَّقُ ♦♦♦ وبأيِّ كفٍّ في المدائن تغدقُ؟

وهذا حافظ إبراهيم يفخر بالوطن في قصيدته مصر تتحدَّث عن نفسها، منها قوله:
وقَفَ الخلْقُ ينظرون جميعًا
كيف أبني قواعِدَ المجدِ وحدي

وبناة الأهرامِ في سالف الدَّهْ
رِ كفونِي الكلامَ عند التحدِّي


الهِجاء: الإشارة إلى معايِب ومَثالب يلصقها الشَّاعِرُ بما يراه ومَن يراه، ولا شك في أنَّ غرض الهجاء يقع على الضدِّ من الأغراض السابقة، نحن إذًا أمام عاطفتين متناقضتين؛ الأولى ترتبط بالحبِّ والاستحسان، سواء أكان صادِقًا أم مصطنعًا، نرى ذلك في الغَزل والمدح، والرِّثاءِ والفخر، في مقابل عاطفة تقوم على الكُره والبغض، نلمح ذلك في الهِجاء الذي قد يتوجَّه إلى إنسان أو غير إنسان، وفي القديم هناك شاعر اشتهر كثيرًا بهذا الغرض (الحطيئة / جرول بن أوس)، خرج ذات يوم يطلب أحدًا يهجوَه، فلمَّا لم يجد هجَا نفسَه قائلًا:
أبَت شفتاي اليومَ إلَّا تكلُّمًا
بشرٍّ فما أدري لِمن أنا قائلُه

أرى ليَ وجهًا شوَّه الله خلقَه
فقُبِّح من وجهٍ وقُبِّح حامِلُه


الاعتذار: يأتي عادة لإظهار النَّدمِ على فعلٍ حدَث، أو حال وقعَت، ويريد المعتذِر أن يبرِّئ نفسَه؛ لينجوَ من اللوم، أو يحاول إصلاح الحال بتفسير أو شرح معقولٍ لها؛ لكي يرجع الأمورَ إلى مجراها العادي، وفي سبيل هذه الغاية يحرص الشاعِرُ بذكاء على إسداء الثَّناء وإظهار المدح لِمن يعتذر إليه؛ وأشهر الشعراء الذين لهم باعٌ وريادة في هذا الغرَض النَّابغة الذبياني في العصر الجاهلي؛ فقد كان كثيرَ التردُّد على النعمان بن المنذر ملِك الحيرة، وعلى الغساسنة أمراء الشام في ذلك الزَّمن؛ فوشى به البعض عند النعمان فغضِبَ عليه وتوعَّده؛ ففرَّ إلى قومه في نجد، ثمَّ إلى الغساسنة وبقي مقيمًا عندهم مدَّة من الزمن وفي نفسه استرضاء النُّعمان، حتى تمكَّن من ذلك فعاد إليه وقدَّم له قصائد اعتذاريَّة وجدَت شهرةً في شعرنا العربي، منها قوله:
أتَاني أبيتَ اللَّعنَ أنَّك لمتني
وتلك التي أهتمُّ منها وأنصبُ

حلفتُ فلم أترك لنفسِك ريبةً
وليس وراء اللهِ للمرء مَذهبُ

لئن كنتَ قد بُلِّغت عنِّي خيانةً
لَمبلِغُك الواشي أغشُّ وأكذبُ

وإنَّك شمسٌ والملوك كواكبُ
إذا طَلعَتْ لم يبدُ منهنَّ كوكبُ

فإن أكُ مظلومًا فعبدٌ ظلمتَه
وإن تك ذا عتبى فمثلُك يُعتِبُ


الوصف: في شِعرِنا العربي القديم يُقصد به حديث الشَّاعِر عن رحلته في الصَّحراء ودابَّته التي يركبها إن كانت ناقة أو حصانًا وعن ليلِه الطَّويل وما يلاقيه فيه، وهذا الموضوع عادة ما يَجعل له الشَّاعرُ أوَّلَ القصيدة، ثمَّ يغادره بعد ذلك إلى الغرض الرئيس من قصيدته إن كان مدحًا أو رثاء أو فخرًا أو هجاء... إلخ مِن الأغراض؛ فهذا امرؤ القيس على سبيل المثال يصِف حصانَه العبقري قائلًا:
مكرٍّ مفرٍّ مقبلٍ مدبرٍ معًا ♦♦♦ كجُلمود صخرٍ حطَّه السيلُ من علِ

ويلحق بهذا وصف الشَّاعر لحالته النفسيَّة من خلال حديثه عن اللَّيل ووصفه له في بدايات قصيدته؛ فها هو ذا امرؤ القيس في العصر الجاهلي يقول واصفًا:
وليلٍ كمَوجِ البحر أرخَى سدولَه ♦♦♦ عليَّ بأنواعِ الهمومِ ليبتلي

المقطوعات: أبيات من الشِّعر تقلُّ في عددها عن سبعة أبيات، وقد انتقلَت القصيدةُ العربية منذ العصر الجاهلي من المقطوعة إلى القصيدة التي تَبدأ في عدد أبياتها من سبعة أبيات بحدٍّ أدنى قد يَطول على يدِ واحدٍ من العرب اسمه (عدي بن ربيعة) من قبيلة تغلب ولقِّب بالمهلهل؛ لأنَّه أول مَن هلهل القصيدةَ العربية؛ أي: أطالها وخرج بها من مرحلة المقطوعة[6].

المعلَّقات: هي القصائد الطوال التي لنفاسَتِها وقيمتها وشدَّة تعلُّق القلوب بها قرَّرَت الجماعةُ العربيَّة في العصر الجاهلي من خلال عدد من أفرادها النابهين أصحاب الرأي والفصاحة كتابتها بماء الذَّهَبِ وتعليقها على أستار الكعبة، وقد اختُلف في عددها بين سبع قصائد، أو عشر قصائد؛ فلو سِرنا خلفَ الرَّأي القائل بأنَّها عشرة فإنَّ أصحابها هم: امرؤ القيس، وطرفة بن العبد، وزهير بن أبي سلمى، ولبيد بن ربيعة، وعمرو بن كلثوم، وعنترة بن شداد، والحارث بن حلِّزَة، والأعشى ميمون، والنَّابغة الذبياني، وعبيد بن الأبرص.

أمَّا الرَّأي القائل بأنَّهم سبعة فإنَّه يُخرِج منهم الأعشى وعبيد والنَّابغة، وقد كان النابغة محكمًا لهذه القصائد؛ إذ كان ينشدها هؤلاء المشاهير السَّبعة أمامَه فيجيزها ويقرُّ بكتابتها وتعليقها على أستار الكعبة، وأطلق عليها كذلك الأسماط السبعة، جمع سِمط، هو الخيط الذي ينظم فيه الخرَز ونحوه من لآلئ[7]، وهذا نموذج مطلع معلَّقة امرئ القيس:
قِفا نبكِ مِن ذِكرى حبيبٍ ومنزل ♦♦♦ بسِقط اللِّوى بين الدخول فحوملِ

ومطلع معلَّقة عنترة بن شدَّاد:
هل غادَرَ الشعراءُ من متردَّم ♦♦♦ أم هل عرفتَ الدَّارَ بعد توهمِ

النقائض: جمع نقيضة، وهي في معاجم اللُّغة من النَّقض في البِناء، وهو الهَدْم، والنَّقيضة في حقل الشِّعر تعني أن يقول شاعر قصيدة يهجو فيها شاعرًا آخَر، طاعِنًا فيه وفي قومه، ويفخر فيها بنفسه وبقومه؛ فيجيبه الشَّاعِر الآخَر بقصيدة ناقضًا ما جاء به هذا الشَّاعِر الأول مستخدِمًا في ذلك الوزن نفسه والقافيةَ نفسها التي استخدمَها الشاعرُ الأول، وقد انتشر هذا الفنُّ بشكلٍ واضح في عصر بني أميَّةَ، وقد شجَّعَت عليه السُّلطة في ذلك الوقت، مع العلم أنَّ جذوره تعود إلى عصور سابقة عليه؛ إذ كان يطلَق عليه في الماضي السابق على عهد بني أمية المنافرات؛ ومن أشهر شعراء هذا الفن في الحقبة الأموية جرير والفرزدق وغيرهما[8]؛ فهذا جرير يقولُ مفتخِرًا على وزن بحر الوافر الموسيقي:
إذا غضبَت عليك بنو تميمٍ ♦♦♦ حسبتَ النَّاس كلهم غِضابا

فيردُّ عليه شاعِرٌ يُدعى العباس قائلًا من البحر الموسيقي نفسه والقافية نفسها:
لقد غضبَت عليك بنو تميمٍ ♦♦♦ فما نكأَت بغضبَتِها ذبابا
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 12-07-2021, 03:27 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,045
الدولة : Egypt
افتراضي رد: معجم مصطلحات القصيدة العربية



الموشحات: شكلٌ من أشكال الأدَب العربي، ظهَر منذ القِدَم، ويمثِّل في صياغته ثورةً على الشكل التقليديِّ المتعارَف عليه للقصيدة العربيَّة، بعد أن كانت تتكوَّن من وحدات لغويَّة متوالية تحت بعضها، تتكوَّن كلُّ وحدة من شطرين، نسمِّي الأولى صدرًا والثانية عجُزًا، صرنا أمام موشح يتكوَّن من أجزاء، لكلِّ جزء مسمًّى خاص به، فهناك الأقفال والأبيات، والأسماط والأغصان، والخرجات؛ فالأقفال هي تلك الأجزاء المتَّفِقة في الوزن والقافية والعدَد، والأبيات تلك الأجزاء المتَّفقة في الوزن والعدد لا في القافية، ويرجح أنَّ الموشَّح نشأ بالأندلس / إسبانيا عندما كان العرب يعيشون هناك، أو ببلاد المشرِق في أواخر القرن الثالث للهجرة، والسرُّ في انتشاره صلاحيته للغِناء، وسمِّي الموشَّحُ بهذا الاسم تشبيهًا له بالوشاح أو القِلادة المرصَّعة باللآلئ والجواهِر وتتزيَّن بها المرأةُ، ومخترِعُه في الأندلس مقدم بن معافى القبري، وهذا على سبيل المثال نموذج للقفل وللبيت من موشحة للأديب ابن سهيل الإشبيلي؛ فنموذج القفل قوله:
هل دَرى ظبيُ الحِمى أن قَد حمى
قلبَ صبٍّ حله عن مكنسِ

فهْوَ في حرٍّ وخفقٍ مثلما
لعبَت ريحُ الصبا بالقبسِ


ونموذج البيت قوله:
يا بدورًا أطلعَت يوم النوى
غررًا تسلك في نهج الغَرَر

ما لعيني وحدها ذنبٌ سوى
منكمُ الحسنُ ومن عيني النَّظَر

أجتني اللَّذَّات مكلوم الجوى
والتذاذي من حبيبي بالفِكَر

وإذا أشكو بوجدي بسما
كالرُّبى والعارضِ المنبجسِ

إذ يقيم القَطْرُ فيها مأتمًا
وهْيَ مِن بهجتها في عُرُسِ[9]


اللزوميات: أو لزوم ما لا يلزم صياغة شعريَّة تتَّصل بالشاعر أبي العلاء المعري المتوفى 449 ه، فقد ألزم نفسَه في عدد من قصائده جمَعَها ديوانُه اللزوميات بحرف أو مقطع غير ضروري تكراره يَسبق حرف الرَّوي على غير عادة الشعراء العرب في زمانه وما سبقه، ولا شك في أنَّ هذه المنهجيَّة المميزة له تعكس رؤيته للعالم مِن ولنفسه، هذه الرُّؤية التي كان يغلفها قدرٌ كبير من اليأس والتمرُّد، ويمكن التدليل على هذا المصطلح بقوله:
لم يقدر اللهُ تهذيبًا لعالمنا
فلا ترومنَّ للأقوام تَهذيبا

ولا تصدِّق بما البرهان يبطلُه
فتستفيد من التصديق تكذِيبا


فقد التزم في جميع الأبيات بالذال والياء قبل حرف الرَّوي الباء[10].

المعارضات الشعريَّة: جمع معارضة؛ وتعني المحاكاة والتَّقليد، عندما يحاكِي أديبٌ لاحِقٌ بقصيدته أديبًا سابقًا في الزمن، مستخدِمًا الوزنَ الموسيقي نفسه والقافيةَ نفسها التي وظَّفَها الشاعرُ السابق عليه، ويساعد على هذه المحاكاة غالبًا ما في تجربة الشاعر اللاحق من مناطق اتِّفاق وتشابه من حيث الفِكرة والحالة والنفسيَّة مع تجربة الشاعر السابق عليه؛ وأشهر نماذج المعارضات في أدبنا العربي الحديث قصائد أحمد شوقي التي اقتفى فيها أثر السَّابقين، أمثال: البحتري، وابن زيدون والبوصيري[11]، ومن أمثلة ذلك معارضته للبحتري في قصيدته التي يتألَّم فيها ويحنُّ إلى وطنه وهو في مَنفاه، يقول في أولها:
اختلافُ النَّهارِ والليل يُنسي ♦♦♦ اذكرا لي الصبا وأيَّامَ أُنسي

إنَّه قد استخدم فيها البحرَ الموسيقي (الخفيف) وحرف الرَّوي السين المكسورة محاكيًا بذلك البحتري في العصر العباسي الذي قال قصيدةً منها مطلعها الذي يقول:
صنتُ نفسي عمَّا يدنِّسُ نفسي ♦♦♦ وترفَّعتُ عن جَدَا كلِّ جِبْسِ

من هنا يمكن القول: إنَّ العلاقة بين الشاعرين في المعارضات تقومُ على الترادف الذي يعين عليه ما بين الاثنين: السَّابِق واللَّاحق المقلِّد له من نقاط اتِّفاق، بينما العلاقة بين الاثنين في النقائض تقوم على التضادِّ، الذي مبعثه حالة خصومة بين الاثنين، الأول الذي يبدِع والثاني الذي ينقضه.
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 12-07-2021, 03:28 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,045
الدولة : Egypt
افتراضي رد: معجم مصطلحات القصيدة العربية

الزَّجَل: هو أحدُ فنون الأدب العربي، شِعر تتمُّ صياغتُه بالعامِّيَّة؛ فلا يتقيد بقواعد اللغة ولا بصيَغ المفردات، وقد قيل: إنَّ نشأته تعود إلى القرن السادس الهجري[12].

مِن روَّاده في أدبنا العربي الحديث: عبدالله النديم الذي مثلَت خطبه ومقالاته بالعاميَّة المصرية في نهايات القرن التاسع عشر رواجًا لكتابات تجعل من العامية وسيلة للوصول إلى أكبر شريحةٍ من الجمهور المتلقِّي والتأثير فيه، وقد ظهر بعد النَّديم بزمن بيرم التونسي، وفؤاد حداد، وصلاح جاهين، وعبدالرحمن الأبنودي؛ وهذا نموذج من ديوان المسحراتي لفؤاد حداد:
"اصحى يا نايم
وحِّد الدايم
وقول نويت
بكره ان جيت
الشهر صايم
والفجر قايم
اصحى يا نايم
وحِّد الرزاق
رمضان كريم".

القصيدة: هي الوعاء الذي تنتظم فيه كلماتُ الشَّاعِر الحاملة لفِكره ولحالته النفسيَّة وفق نظامٍ معيَّن يقوم على توالي وحدات لغويَّة وتتابعها في شكل رأسي، يطلَق على الوحدة مسمَّى (بيت).

البيت: وحدة لغويَّة مركبة من عدد من الجمَل يتمُّ تقسيمها إلى شطرين، الشطرة الأولى تسمَّى الصَّدر والثانية تسمَّى العَجُز، والملاحظ على كلمة بيت أنَّها تأخذنا إلى حالةٍ من الاستقرار التي تأتي بعد جهد وحرَكة ونشاط؛ فكأنَّ الشاعر الذي يصِل في تعبيره إلى ما يلائم تمامًا حالتَه مِن خلال استعانته وتوظيفه لكلمات اللغة فإنَّه بذلك يلمَس غايته، وساعتها يشعر بالاستِقرار الذي ينسجِم وطبيعة البيتِ الذي يحمل معاني الأيواء والمقام والسكون؛ ومن ثمَّ تصير كلمة قصيدة التي تشير إلى معاني القصد والطلَب والبحث بمثابة مِرآة عاكسة لحالَة السَّعي والسفر المعرفي في داخل عالم اللغة يفتش فيه المبدِعُ عن المفردات التي تنضبط تمامًا وما يودُّ تجسيده من فِكر وعاطفة[13].

الوزن: مصطلَح يتَّصل بالنِّظام الموسيقي الذي تَسير عليه أبياتُ القصيدة، عندما يتمُّ تقسيمها إلى حركاتٍ وسكنات، كل مجموعة من هذه الحركات والسَّكنات تنتظم في وحدة موسيقيَّةٍ محدَّدة تسمَّى (تفعيلة)، وأبيات القصيدة العربيَّة منذ القدم تتميَّز بأنها تتكوَّن من عددٍ ثابِت من التفعيلات، لا يتغيَّر هذا العدد من أول القصيدة إلى نهايتها؛ وهو ما يميِّز القصيدةَ العربيَّة في شكلها التقليديِّ المتعارف عليه منذ العصر الجاهلي، وهذا النِّظام الإيقاعي المكوَّن من عدد محدَّد من التفعيلات يسمَّى (البحر الشعري)، وهناك عِلم ظهَر على يد اللغوي الخليل بن أحمد - ت (170هـ) - اسمه عِلم العَروض، هذا العلم تخصَّص في دراسة النِّظام الموسيقي الذي يحكم القصيدة العربية، وقد اكتشف الخليلُ وجود ستة عشر بحرًا شعريًّا تحكم البنيةَ الإيقاعيَّة لكلِّ الشعر العربي، وأعطى كلَّ بحر منها اسمًا يعرَف به؛ فهناك على سبيل المثال: الطويل، والوافِر، والكامل، والخفيف، والبسيط، والرجز، الهزج...، ولكلِّ بحر من الستة عشر تفعيلاتٌ بأشكال محدَّدة تميزه[14].

القافية: في قول الخليل بن أحمد واضِع علم العروض هي آخِرُ ساكِنٍ في البيت وأقرب ساكن يَسبقه مباشرة في البيت نفسه مع حركة ما قبله؛ بمعنى لو قلنا:
مكرٍّ مفرٍّ مقبلٍ مدبر معًا ♦♦♦ كجلمودِ صخْرٍ حطَّه السَّيلُ مِنْ عَلِ

لو دقَّقنا في كلمة (عَلِ) سنجد أننا ننطقها هكذا (علي) بمدِّ حرف اللام، ومعلوم أنَّ هذه الياء الممدودة ساكنة؛ هذا هو آخِرُ ساكنٍ في البيت، فأين السَّاكِن الذي يسبقه مباشرة؟ إنَّه حرف النون في (مِنْ) وأين الحركة التي قبل النون؟ إنَّها حرَكة الكسر تحت الميم في (مِنْ)؛ إذًا تصبح القافية (مِنْعَلِ)، وبعض اللغويين العرب - مثل الأخفش - له رأيٌ ثانٍ في القافية؛ إذ يقول: إنَّها الكلمة الأخيرة التي ينتهي بها البيت؛ إذًا تكون القافية في البيت السابق تبعًا لرأيه هي (عَلِ)، وتتميَّز القافيَةُ في القصيدة العربيَّة التقليدية بأنَّ لها سِمة التَّكرار والثَّبات في أواخر كل بيت من أبياتها؛ إذ نجدنا نقول دائمًا: الشعر العربي منذ القدم يتَّسِم بوحدة الوزن ووحدة القافية[15].

حرف الرَّوي: الحرف الذي يتحتَّم تكراره في آخِر كل بيت من أبيات القصيدة، وتسمَّى القصيدة باسمه، فنقول: سينيَّة البحتري، وسينيَّة أحمد شوقي، وميميَّة المتنبي؛ فمثلًا قصيدة البحتري التي منها قوله:
صنتُ نفسي عمَّا يدنِّس نفسي
وترفَّعتُ عن جَدَا كلِّ جِبسِ

وتماسكت حين زعزعني الدَّه
رُ التِماسًا منه لتعسي ونكسي


إنَّ حرف الروي هاهنا هو (السِّين المكسورة) الذي يَبقى مكررًا في كلِّ الأبيات.
السطر الشعري: مصطلح يرتبط بالقصيدة العربيَّة في شكلِها الجديد الذي ظهر جليًّا على يدِ الشَّاعرة العراقية نازك الملائكة في نهايات النِّصف الأول من القرن العشرين، ويعبر عن حال هذه القصيدة الذي لم يعُد يلتزم وحدةَ وزنٍ أو قافية، وحل السطر محل البيت في بناء القصيدة العربيَّة، فأصبحَت القصيدةُ في شكلها الجديد تتَّسم بالتنوُّع؛ من حيث طولُ أسطرها وقصرها، وعدد التفعيلات الموسيقيَّة الذي غالبًا ما تتفاوت من سطرٍ إلى آخر أو من مجموعةِ أسطر إلى أخرى، ونستطيع أن نقِف عند الشَّكل الجديد للقصيدة من خلال المثال التالي من ديوان شظايا ورماد، جزء من قصيدة ترثي فيها يومًا تافهًا:
كان يومًا تافهًا، كان غريبا
أن تدقَّ الساعة الكسلى وتحصِي لحَظاتي
إنَّه لم يكُ يومًا من حياتي
إنَّه قد كان تحقيقًا رهيبا
لبقايا لعنة الذِّكرى التي مزَّقتُها
هي والكأس التي حطَّمتُها
عند قبر الأمل الميت خلف السنوات
خلف ذاتي

فهذه الأسطر - وليس الأبيات - تختلف طولًا وقصرًا، وكلُّ سطر ينتهي نهاية خاصَّة، دون تقيُّد بنظام ثابِت لهذه النِّهايات، ودون التِزام بحرف رَويٍّ واحد لهذه النِّهايات؛ لذا فقد أُطلق على هذا الشكل الجديد للقصيدة العربية مسمَّى (الشعر الحر)، الذي يتحرَّر فيه صاحبُه من قيودٍ رآها تحُد من حركته ومن رغبته في التعبير عن فِكره ومشاعرِه بالطريقة التي تناسبها، وقد ابتَدع هذا النَّوعَ من الشعر في بلاد الغرب الشاعر الفرنسي لافونتين في القرن السابع عشر بنظمِه حكايات للحيوان بأبيات ذات أطوال مختلِفة وقوافٍ متباينة، وشعراء القصيدة الجديدة في عالَمنا العربي كثيرون، أمثال: أحمد عبدالمعطي حجازي، بدر شاكر السياب، صلاح عبدالصبور، أدونيس، فاروق شوشة، أمل دنقل، نزار قباني، فاروق جويدة[16].

الموسيقا الداخلية: في دراستنا للشِّعر هناك نوعان من الموسيقا، خارجيَّة: تتَّصل بالوزن، ببحر القصيدة وبتفعيلاتها وبالقافية، وإلى جواره يأتي مصطلح الموسيقا الداخلية: المتصل بما بين كلمات القصيدة وجُمَلها من روابطَ مردُّها بشكلٍ مباشر إلى البديع في بلاغتِنا العربيَّة ومباحثها المتنوعة؛ من جناسٍ وطِباق وغير ذلك، وكذلك التَّكرار، وما بين حروفها من تآلُفٍ وتقارب، بل إنَّها تتَّصل بما بين الصياغة اللغوية للقصيدة والموضوع / الفكرة، والحالة النفسية للشاعِر ومدى انعكاسها من خلال كلماته من رباطٍ واتِّصال؛ إنَّ مصطلح الموسيقا الداخليَّة يأخذنا إلى الأثَر الإمتاعي الذي يتولَّد نتيجة ما بين حروف القصيدة وكلماتها وجمَلها من تآلُفٍ وانسِجام[17].

مصطلحات عانقَت قصيدة الشِّعر في العصر الحديث: منذ النِّصف الثاني من القرن التاسع عشر بدأَت قصيدة الشِّعر العربية في الالتِحام بتيَّارت أدبيَّة كان لها في الغرب أسبقيَّة الظهور من حيث التسمية، فكانت البداية مع:
الكلاسيكية: تيَّار أدبي دخَل إلى ثقافتنا العربية على يدِ روَّاد مدرسة الإحياء والبعث في العالَم العربي، وفي مقدِّمتهم البارودي وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم، الذين جعلوا من محاكاة النَّماذج الشعريَّة التراثية في عصور الازدهار، بدءًا من العصر الجاهلي حتى العصر العباسي وسيلةً لإخراج الأدب العربي والشِّعر منه على وجه الخصوص - من عثرةِ الجمود التي أصابَته لزمن طويل منذ ما قبْلَ القرن التاسع عشر وحتى الجهد الذي قام به البارودي، قياسًا على تجربة الأوربيين في النهوض بآدابهم في القرنين السادس عشر والسابع عشر من خلال الاحتِفاء والمحاكاة بالنَّماذج المزدهرة في الأدب الإغريقي والروماني واللاتيني القديم؛ إذًا يمكن القول: إنَّ الرحلة إلى القديم بمحاكاته على مستوى الشَّكل والموسيقا والألفاظ في صياغة القصيدة، والتقاليد التي اعتادها القدماء في بناء أشعارِهم تعدُّ سمةً أصيلة في الشِّعر الكلاسيكي العربي؛ فها هو ذا البارودي يتحدَّث عن حالته النفسيَّة من خلال الليل الطويل على عادة القدماء كامرئ القيس قائلًا:
خَليليَّ هَل طالَ الدُّجى؟ أم تقيَّدَت ♦♦♦ كَوَاكِبُهُ، أَمْ ضَلَّ عَنْ نَهْجِهِ الْغَدُ[18]

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 12-07-2021, 03:28 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,045
الدولة : Egypt
افتراضي رد: معجم مصطلحات القصيدة العربية

الرومانسيَّة: تيَّار أدبي دخل إلى ثقافتنا العربية تاليًا في ظهوره وانتشاره لظهور الكلاسيكيَّة على يد اللبناني خليل مطران، تمامًا كما هو الحال بالنسبة إلى ظهوره في أروبا، وقد رأى في التمرُّد على منهج الكلاسيكيين في تشكيل القصيدة وسيلة يُعرف بها بين المتلقِّين؛ فإذا كانت الكلاسيكية رحلةً إلى الماضي بمحاكاته فإنَّ الرومانسية رحلة إلى أعماق النَّفس والتعبير عن همومها وآلامِها، وقد وجد أنصار هذا التيار من الشُّعراء في الطبيعة وفي رمز المرأة مَساكن جماليَّة يأوون إليها في إبداعاتهم، وقد كان لهذا التيار في شِعرنا العربي الحديث جماعات ثلاثة ترفع لواءَه وتعبِّر عنه: الديوان (العقَّاد، عبدالرحمن شكري، إبراهيم عبدالقادر المازني)، أبوللو (إبراهيم ناجي، زكي أبو شادي، علي محمود طه، أبو القاسم الشابي)، المهجر في أمريكا وتتوزَّع إلى قسمين (الرابطة القلمية في الشمال: جبران خليل جبران، وميخائيل نعيمة، إيليا أبو ماضي) و(العصبة الأندلسيَّة في الجنوب: ميشيل معلوف، ورشيد جوري)[19]، وهذا نموذج من قصيدة المساء لمطران:
وخواطري تَبدو تجاهَ نواظري
كَلْمَى كداميةِ السَّحاب إزائي

والدَّمعُ مِن جفني يسيلُ مشعشًا
بسنا الشُّعاعِ الغاربِ المترائي


الواقعية: ترتبط في ظهورها وانتشارِها بالقرن التاسع عشر في أروبا، وبالتحديد على يدِ الأديب الفرنسي بلزاك، وقد جعَلَت من تصوير الواقع وكشفِ أسراره وإظهار خفاياه وتفسيره مجال اهتمامها، لكنها ترى أنَّ الواقع العميق شرٌّ في جوهره، وأنَّ ما يبدو خيرًا ليس في حقيقته إلَّا بريقًا كاذبًا؛ إذًا فإن نظرتها للواقع تأتي من منظور سَلبي.

وقد دخلَت إلى ثقافتنا العربية ووجدَت لها مؤيِّدين؛ بدءًا بنازك الملائكة في أواخر النِّصف الأول من القرن العشرين؛ فنحن عندما نتحدَّث عن هذه التيَّار الأدبي في عالَمنا العربي فنحن نقرن بينه وبين مدرسة الشِّعر الجديد، أو الشِّعر الحر أو شعر التفعيلة، التي التحم شعراؤها بهذا التيَّار الآتي من الغَرْب، وساعدهم ودفَعَهم إلى ذلك عواملُ متَّصلة بمتغيرات الواقِع في البلدان العربية في القرن العشرين، والصِّراعات التي شهِدَها كوكبُ الأرض؛ مِن حربَين عالميَّتَين، ووجود قهرٍ واحتلال يلقي بظِلال مأساويَّة على نفس الجماعة العربيَّة وأفرادها[20].

والشاعر الواقعيُّ جزءٌ من هذه الحالة ومتأثِّر بها، وهذا نموذج من قصيدة "الشِّعر والرماد"؛ للشاعر صلاح عبدالصبور من ديوانه الأخير "الإبحار في الذاكرة":
"ها أنت تعود إليَّ
أيا صوتي الشارد زمنًا في صحراء الصمت الجرداء
يا ظلِّي الضائع في ليل الأقمار السوداء
يا شِعري التائه في نثر الأيام المتشابهة المعنى
الضائعة الأسماء".

قصيدة النثر: ظهَر مصطلح قصيدة النَّثر في الأدب العربي في مجلَّة شِعر سنة 1960؛ للدَّلالة على شكلٍ تعبيري جديد، يتحرَّر من نِظام القصيدة العربيَّة التقليدي المعروف منذ العصر الجاهلي الذي ظَلَّ حاجزًا نفسيًّا يقِف ضد كلِّ تجديد أو تطوير في الشِّعر العربي، وهذا التحرُّر قرَّب المسافة الفاصِلة بين الخطابين النَّثري والشِّعري، بسبب الرَّغبة الجامِحة في التخلُّص من كلِّ ما يمتُّ إلى الأشكال والقواعد الموروثة بصِلة، والبحث الجدِّي عن بديل لما تَمَّ هدمه وتجاوزه؛ لذا يمكِن القول: إنَّنا بصدَد شكلٍ أدبي يجمَع بين ضدَّين؛ فكلمة قصيدة تأخذنا في معناها إلى النِّظام والبِناء، وكلمة النَّثر تأخذنا إلى الاستِرسال والثَّورة على الأشكال الشِّعريَّة السابقة على هذه المرحلة الجديدة التي دخَلَها فنُّ الشِّعر العربي؛ ومِن ثمَّ يمكن تحديد خصائص لهذا الشكل المغايِر للشِّعر، منها: الوحدة العضوية؛ فقصيدةُ النَّثر بناءٌ يَصدر عن إرادة واعية، وليس مجرَّد مادَّة لغويَّة متراكمة فوق بعضها؛ إنَّها ترتبط بحالةٍ ذهنيَّة وعاطفية محدَّدة، يتحرَّك صاحبها من خلالها في بِناء عالَمه الأدبي هذا، والكثافة: يبتعد هذا الشَّكل الجديد عن كلِّ خصائص النَّثر؛ من استطرادٍ وإيضاح، وشرحٍ وإطناب، وتكمن خاصيَّته الشعريَّة في كثافته؛ أي: في عباراته الموجزة المشبعة بالدَّلالات.

والحديث عن النَّشأة الغربيَّة لهذا الشكل الأدبي / قصيدة النَّثر يأخُذُنا إلى ثلاثةٍ دار الحديثُ حول ريادتهم له في القرن الثامن عشر: اليميرت، وغارا، وبودلير في فرنسا[21].

ومن روَّاد قصيدة النَّثر العربية: السوري علي أحمد سعيد؛ الملقَّب بأدونيس، والشاعرة السورية أمل جراح، واللبناني أنسي الحاج، وفي مصر الشَّاعر علي منصور، وهذا نموذج من قصيدة النَّثر، مقطع من قصيدة "ورد الصباح ورد المساء"؛ للسورية أمل جراح:
"الآن أقول لكم:
الموت خاتمة المطاف
فليكن صياحكم صياح البراءة
وصراخكم صراخ الأطفال
اقتلعوا أشواك الأرض
فقد أدمت أقدامنا
وأوجعت أحلامنا
الآن أقول لكم

أسمعكم أيها المتعبون
تنادون هنا وهناك ولا من مجيب
أسمعكم إذ أنادي معكم
ولا من يربت على كتفي
كان الطهر ورد الصباح
كان الطهر ورد المساء".


وتجدر الإشارة إلى عددٍ من المعاجم التي يمكن الرجوع إليها في الوقوف على المعنى الذي يَنقسم قسمين كما هو معلوم: معنًى لغوي، ومعنًى اصطلاحي، ومِن أشهر المعاجم التي يمكن الرجوع إليها في المعنى اللغوي:
"لسان العرب"؛ لابن منظور.
و"القاموس المحيط"؛ للفيروزَابادي.
و"المصباح المنير"؛ للفيومي.
و"مختار الصحاح"؛ للفخر الرازي.

و"المعجم الوسيط"؛ الصادر حديثًا في أواخِر خمسينيات القرن الماضي عن مَجمع اللغة العربية بالقاهرة، وقد خرج منه مختصر تحت مسمَّى "المعجم الوجيز"؛ يتمُّ توزيعه على الطلاب والطالبات في مرحلة الثانوية.

ومن المعاجم المتخصصة في المعنى الاصطلاحي:
إميل بديع يعقوب: "المعجم المفصَّل في علم العروض والقافية وفنون الشعر"، دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان - الطبعة الأولى - 141 1 هـ - 1991 م.
كامل المهندس: "معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب"، الطبعة الثانية، 1984 م، مكتبة لبنان.
د. محمد إبراهيم عبادة: "معجم مصطلحات النحو والصرف والعروض والقافية"، طبعة مكتبة الآداب بالقاهرة.
د. محمد عناني: "المصطلحات الأدبية الحديثة: دراسة ومعجم"، الطبعة الأولى، 1996 م، العالمية للنشر (لونجمان)، القاهرة.



[1] انظر: ديوان طرفة بن العبد، الموسوعة الشعرية الإلكترونية، إصدار 2003 م، المجمع الثقافي العربي، الإمارات العربية المتحدة، والمشتاة: فصل الشتاء، والجفلى؛ أي: عموم الناس دون تخصيص أو اختيار، الآدِب: الدَّاعي، ينتقر: يختار، يراجَع، ابن منظور: "لسان العرب"، مادة: جفل، ومادة: دعا، ومادة: نقر، الموسوعة الشعرية الإلكترونية، ركن المعاجم، لسان العرب.

[2] انظر: د. شوقي ضيف: تاريخ الأدب العربي (العصر الجاهلي) من ص (11) إلى ص (15)، الطبعة الخامسة والعشرون، دار المعارف بالقاهرة، دون تاريخ، والربط بين دراسة الأدب والعصور المتعاقبة بهذا التصوُّر يأخذنا إلى نظرة عدد من المستشرقين في معالجتهم لهذه القضية، أمثال: كارل بروكلمان، وبلاشير، وإننا لنجِد في عالمنا العربي مَن وضع مصنَّفات تنسجم وهذه النظرة، أمثال: جرجي زيدان في كتابه: تاريخ آداب اللغة العربية، ومصطفى صادق الرافعي في كتابه: تاريخ آداب العرب، وشوقي ضيف في كتابه: تاريخ الأدب العربي.

[3] انظر: د. محمد عناني: الأدب وفنونه، من ص (52) إلى ص (68)، طبعة 2000 م، دار نهضة مصر بالقاهرة.

[4] يراجع: ابن طباطبا العلوي (محمد بن أحمد): "عيار الشعر"، وقدامة بن جعفر البغدادي: "نقد الشعر"، نسختان إلكترونيتان على الموسوعة الشعرية الإلكترونية.

[5] انظر: د. محمد عناني: "الأدب وفنونه"، من ص (20) إلى ص (22)، طبعة 1997 م، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة.

[6] انظر: د. يوسف خليف: الروائع من الأدب العربي (العصر الجاهلي)، المهلهِل، ص (71)، الطبعة الثانية، 2001 م، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة.

[7] انظر: مجدي وهبة، كامل المهندس: "معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب"، ص (373، 374)، وأحمد بن الأمين الشنقيطي: "شرح المعلقات العشر"، طبعة 1414 هـ، 1994 م، دار الكتاب العربي، بيروت.

[8] انظر: مجدي وهبة، كامل المهندس: "معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب"، ص (416)، ود. صلاح الدين الهادي: "اتجاهات الشعر في العصر الأموي"، ص (268، 269)، طبعة دار الثقافة العربية بالقاهرة، دون تاريخ.

[9] انظر: مجدي وهبة، كامل المهندس: "معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب"، ص (396).

[10] انظر: مجدي وهبة، كامل المهندس: "معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب"، ص (317).

[11] انظر: السابق (371).

[12] انظر: السابق، ص (191).

[13] انظر: مجدي وهبة، كامل المهندس: "معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب"، ص (81)، الطبعة الثانية، 1984 م، مكتبة لبنان، بيروت، ود. سيد محمد قطب، ود. جلال أبو زيد: "سيمفونية جرير"، ص (20، 21)، الطبعة الأولى، 1425 هـ، 2004 م، دار الهاني، القاهرة.

[14] انظر: د. محمد إبراهيم عبادة: "معجم مصطلحات النحو والصرف والعروض والقافية"، ص (47، 48، 251)، طبعة مكتبة الآداب بالقاهرة.

[15] انظر: أمين علي السيد في علمي العروض والقافية، ص (188، 189)، الطبعة الرابعة، 1990 م، دار المعارف، القاهرة، ود. محمد إبراهيم عبادة: "معجم مصطحات النحو والصرف والعروض والقافية"، ص (214، 215).

[16] انظر: مجدي وهبة، كامل المهندس: "معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب"، ص (214)، ود. عز الدين إسماعيل: "الشعر العربي المعاصر.. قضاياه وظواهره الفنية والمعنوية"، من ص (65) إلى ص (70)، الطبعة الثالثة، دار الفكر العربي.

[17] انظر: صلاح نيازي: "الموسيقا الداخلية في الشعر"، صحيفة إيلاف الإلكترونية، عدد 17 أكتوبر، 2013م.

[18] انظر: د. محمد مندور: "الأدب ومذاهبه"، من ص (45) إلى ص (49)، طبعة دار نهضة مصر بالقاهرة، دون تاريخ.


[19] انظر: د.محمد مندور: "الأدب ومذاهبه"، من 59 إلى ص 62، ود. إبراهيم خليل: "مدخل لدراسة الشعر العربي الحديث"، من ص 79 إلى ص 83، الطبعة الرابعة، 1432 هـ، 2011 م، دار المسيرة، عمان.

[20] انظر: د. محمد مندور: "الأدب ومذاهبه"، من ص 90 إلى ص 93، وفاروق شوشة: "زمن الشعر والشعراء"، من ص 125 إلى ص 129، طبعة 2000 م، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة.

[21] انظر: حسن مخافي: "الأسس النظرية لقصيدة النثر في الأدب العربي الحديث"، مجلة نزوى العمانية.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 141.63 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 137.91 كيلو بايت... تم توفير 3.72 كيلو بايت...بمعدل (2.62%)]