قراءة في رواية: "الكنز التركي" - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         كيفية التعامل مع الأعداء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 35 - عددالزوار : 1164 )           »          التربية على الإيجابية ودورها في نهضة الأمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          زخرفة المساجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 70 - عددالزوار : 16843 )           »          لماذا نحن هنا؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          يغيب الصالحون وتبقى آثارهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          الهواتف الذكية تحترف سرقة الأوقات الممتعة في حياة الزوجين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          استشراف المستقبل من المنظور الشرعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 28 )           »          من شبهات اليهود وأباطيلهم «أن تحويل القبلة أنهى مكانـة المسـجد الأقصى عند المسلمين»!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النقد اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-01-2021, 07:38 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,992
الدولة : Egypt
افتراضي قراءة في رواية: "الكنز التركي"

قراءة في رواية: "الكنز التركي"


خليل محمود الصمادي





هذه هي الرواية الثالثة للأمير سيف الإسلام بن سعود آل سعود؛ فالرواية الأولى له: "قلب من بنقلان"، و الثانية: "طنين"، وقبل الغوص في أعماق روايته الأخيرة "الكنز التركي"؛ لابد من التعريف بالكاتب - الروائي - الدكتور: سيف الإسلام بن سعود بن عبد العزيز آل سعود.

ولد الأمير في مدينة الرياض عام 1956م، وحصل على شهادة الثانوية من معهد العاصمة النموذجي بالرياض، وعلى البكالوريوس من قسم الإعلام - كلية الآداب - جامعة الملك سعود، وعلى الماجستير من الجامعة نفسها، أما الدكتوراه؛ فحصل عليها من جامعة القاهرة، قسم الاجتماع، كلية الآداب، وكانت بعنوان: "التأثير الاجتماعي للإعلانات التلفزيونية على الأسرة السعودية القاطنة بالرياض".

عمل الأمير من سنة 1981م وحتى عام 1998م في القطاع الحكومي السعودي، ويعمل حالياً (أستاذاً متعاوناً) في جامعة الملك سعود.

وبالإضافة إلى رواياته الثلاث؛ له مقالات أسبوعية في عدد من الصحف السعودية، جمع بعضها في كتاب "تنهيدة العربي الأخيرة"،كما أنه يعد البرامج الثقافية والأدبية الإذاعية للإذاعة السعودية.



وهذه الرواية التي نحن بصددها تتألف من (238) صفحة، وتنتظم أحداثها في: ثمانية فصولٍ، وإهداءٍ، وشكرٍ، وإشارةٍ، وملخصٍ عن الرواية - يعطي موجزاً للرواية - جاء في الغلاف الأخير، وهو ما يلي:

"البحث عن الكنز الذهبي - الذي قيل إن الأتراك قد خلَّفوه وراء ظهورهم وهم يغادرون آخر معاقل سلطانهم في جزيرة العرب قبل أقل من مئة عام - لا يمثل جوهر هذه الرواية. الأهم من كل هذا: هو ذاك البحث عن مكنونات النفوس البشرية التي صنعت قصة ذاك الكنز وأسطورته، وعن تلك الخبايا التي تمترست وراء زوايا مجهولة داخل نفوس الباحثين في هذه الأيام عن ذاك الكنز وحكاياته العجائبية.

نشوء الدول وسقوطها.. الحب والخيانة.. العشق والموت.. البحث عن الذات والثروات.. المثاليات ونقائضها، كلُّ تلك القيم والظواهر وما بينهما هي مادة هذه الرواية وبناؤها" .


كان ذاك هو الموجز الذي اختاره مؤلف الرواية بعناية، ووجَّهه للقارئ قبل أن يباشر قراءتها، أما التفاصيل التي لابد منها للدخول إلى عالم الرواية؛ فهاكم خلال هذه الأسطر القليلة:

بدايةً؛ يبدو أن الأمير الكاتب مولع بأمور عدَّة؛ منها: الفلسفة، والخوض في أعماق النفس البشرية لاكتشاف مكنوناتها، والتعمُّق في التاريخ، وقراءة سطوره بعناية، ومحاولة إسقاطه على الحاضر، كما أنه قارئ – بدرجة الامتياز - للعلاقات الإنسانية بين بني البشر، بما فيها من حبٍّ، وعشقٍ، وكرهٍ، وطمعٍ، وجشعٍ؛ فيضفي من خلال قراءته تحليلاً عميقاً لمآسي المجتمع الذي نعيش به.

الرواية تتنقل بالقارئ بين قرنين من الزمان؛ البداية الأولى مطلع القرن العشرين، أما النهاية فهي في مطلع القرن الحادي والعشرين، ففي بداية القرن الأول، وفي عام 1900م بدأ أمر الكنز، ثم كان ما كان من ضياعه، بدأ أمر الكنز بمدِّ خطوط السكك الحديدية إلى الحجاز، وهو المشروع الضخم الذي ودَّت السلطات العثمانية الآيلة للسقوط لو تأخر سقوطها عقوداً من الزمن حتى يتثنى لها استكماله، ذلك المشروع الذي كان سيكون - ولا شك - مفخرةً للسلطان عبد الحميد وللعثمانيين.


أما الكنز المادي الذي تناولته الرواية، وجعلته محور القصة، فهو كنزٌ مجهول، مصدر العلم الوحيد به هو ما كان يتردد على ألسنة الناس من أن الأتراك العثمانيين دفنوا كنوزاً كثيرةً في بلاد العرب، كانت مرسلة لآخر مواقعهم في المدينة المنورة؛ للدفاع عن مدينة الرسول الكريم.

استطاع الكاتب أن يجعل من هذه المقولات الشعبية، والأساطير - التي صدَّقها كثير من الناس - مادةً مثيرةً لروايته؛ فالعامة ظنوا - وما زالوا يظنون

- أن الأتراك دفنوا كنوزاً كثيرةً في البلاد التي كانت خاضعة لهم، ولاسيما في الطريق الحديدي بين الشام والمدينة المنورة.

تتألف الرواية من ثمانية فصول، تبدأ بالفصل الأول، الذي حمل عنوان "نهايات"، وتنتهي بالفصل الثامن الذي حمل عنوان "لاشيء". وهذه الفصول الثمانية موزعةٌ بالتناوب بين الماضي والحاضر؛ فالفصول (الأول، والثالث، والخامس، والسابع): تحدثت عن أبطال الرواية في القرن الماضي، أما الفصول (الثاني، والرابع، والسادس، والثامن): تحدثت عن أبطال الرواية في القرن الواحد والعشرين، ولكن ما الرابط بينهما؟

حقيقةً؛ يدهشك الروائي وهو يتنقَّل بين الفصول المفردة والمزدوجة، ولا رابط بينها إلا الكنز؛ ففصول القرن الماضي - المفردة -: تتحدث عن الكنز العثماني، ومصيره في أرض العرب، والخرائط التي كانت بحوزة رجلين اثنين، أخفياها في وقت عصيب عن أعين الأعداء والطامعين، بطرقٍ ذكيةٍ لا تخطر على بال، أما فصول القرن الحالي: فتتحدث عن هؤلاء الذين اهتموا بهذا الكنز، الذي أصبح مطمع كل باحثٍ عن ثراء سريع.

يعقد الأمير الكاتب بين السطور موازنةً إنسانيةً بين الذين بنوا دولتهم ودافعوا عنها بكل ما يملكون من قوة، وبين رجال العولمة في القرن الحالي، الذين لا همَّ لهم إلا العثور على هذا الكنز.


ففي الفصل الأول: يتحدث عن كبير مهندسي السكك الحديدية بالحجاز، ويعبر فيه عن حلمه الذي تحقق أخيراً بالانتهاء من مد السكك الحديدية إلى المدينة المنورة، من خلال رسالة رقيقة، أرسلتها له زوجه فاطمة خاتون المقيمة بدمشق، وهي الرسالة التي رجته ألا يفتحها إلا عندما يقترب من مدينة الرسول – صلى الله عليه وسلم - وها هو يقرأ رسالتها، لينبئنا عن فرحه بانتهاء مشروعه العظيم، ولكن لا تتم فرحته؛ لأن عُرْبان الثورة العربية هجموا على القطار، فطارت الرسالة، وطارت معها وثائقُ عديدةٌ تهم الدولة العثمانية.


ينتقل الأمير في الفصل الثاني - وتحت عنوان: "خرائط يوم الثلج" - إلى القرن الحادي والعشرين، وينتقل مسرح الأحداث إلى عَمَّان، ولكن ما العلاقة بين الكنز التركي الضائع منذ مئة عام وبين عَمَّان؟!

يتركنا الأمير في الفصل الأول حيارى من مصير الكنز التركي؛ ليبحث معنا في هذا الفصل عن أسرار النفس البشرية المجبولة على الطمع، والتي تصبو للثراء الواسع السريع بأي وسيلة، إذ يلتقي (مهند السعدي) بصديقه القديم (تحسين الفواز) السياسي الأردني السابق، ورجل الأعمال الحالي، بناءً على طلب الأخير المُلِحّ، ولكن ما الغاية من اللقاء؟


قال تحسين الفواز: "أنا أعرف مكاناً في غرب بلادكم، فيه كنوزٌ من السبائك الذهبية، والتي تقدر بمليارات الريالات، هل لديك الرغبة في اقتسامها مع أخيك الجالس أمامك؟ الأمر لن يكلفنا سوى أجهزة كشف عن المعادن النفيسة، وفي أعماق قريبة من الأرض...".

هذه هي الرسالة التي حرص تحسين على إيصالها لصديقه القديم مهند، ولكن ما الذي يجعل تحسين متحمساً للبحث عن الكنز التركي المفقود؟ لقد وصلت ليديه خارطة المكان الذي دُفن فيه الذهب! يقول تحسين الفواز:

"أنا أملك في هذه اللحظات أماكن إخفاء السبائك الذهبية العثمانية، وكيفية الوصول إليها.. وبشكل دقيق وعجيب!!".

طلب مهند من صديقه أن يعفيه من مواصلة الحديث، وأن يأذن له بالانصراف، وبالفعل؛ انصرف حائراً من طلب صديقه القديم، وكان ردَّه القاطع - قبل أن يفترقا - النفيُ الخارجي المخادع، بيد أنَّ كلام تحسين ترك أثرًا في نفسه، التي حدثته في اكتشاف مغامرة جديدة، حتى لو كانت من الأساطير الشعبية التي انتشرت بين الناس.


أما الفصل الثالث - وهو أطول فصول الرواية؛ إذ يقع في (87) صفحة – فقد جاء تحت عنوان: "حكايات الحب والحرب"، يعود فيه الروائي زهاء تسعين عاماً للوراء؛ ليؤرِّخ لنا حِقْبةً تاريخيةً مهمةً وقعت فيها المدينة المنورة تحت سيطرة عُرْبان الثورة العربية، وما تخللها من مآسٍ، ودموعٍ، وبكاءٍ، وحبٍّ. أما المآسي: فبطلها الأول القائد (فخري باشا)، الذي رفض - على مدى سنتين تقريباً - تسليم المدينة المنورة، برغم الحصار والجوع والمحن، وأما بطلها الثاني: فهو الذي أضاع - أو أخفى - رسالة الكنز، إنه (مختار باشا)، كبير مهندسي الدولة العثمانية، الذي اقترن ببطلة ثالثة في هذا الفصل؛ إنها (ناجية) ذات الشخصية المؤثرة الساحرة، عاش معها المهندس أياماً حلوةً، شاركهما فيها طفلان جميلان هما "عبدالحميد وفايزة"، بالرغم من المأساتين الكبيرتين: مأساة الوطن الممزق، ومأساة حبيبته الأولى التي تركها في دمشق ممزقة القلب مع طفليه الصغيرين، طالبةً الطلاق.


يستعرض الأمير في هذا الفصل بشيء من التفصيل المعارك التي أدت إلى وقوع المدينة تحت سيطرة الثوار، وما رافقها من موت ودمار، وانتشار الأمراض، وتهجير الأسر المدنية إلى حيث الغربة والشتات، ولم ينسَ الكاتب في خضمِّ هذه المأساة عرضَ صورٍ مشرقةٍ، عن دفاع القائد، ومهندس الدولة العثمانية، والجنود البواسل عن مدينة الرسول الكريم، ولم ينسَ مأساة بطله مختار بك، هذا الذي فقد حبيبه أمام عينيه بقذيفة من سلاح مدفعية العرب الضاربين حصاراً على المدينة، لملم ما تبقى من جثة ابنه برباطة جأشٍ، واتجه بها نحو حبيبته ناجية، التي تركها منذ الصباح على غير ما يرام بسبب حمى الأنفلونزا، التي داهمتها منذ مدة بسبب الحصار الجائر، وما إن اقترب من البيت حتى سمع عويل النساء؛ فظنَّ أن الخبر قد وصل، ولكن لابد للمأساة أن تكتمل... لقد علم أن الصراخ والعويل على الفقيدة ناجية!! وتنتهي مأساة هذا الفصل بدخول القوات العربية المدينةَ، وإلقاء القبض على الرجلين، وإرسال فخري باشا إلى يَنْبُع ليُسَلَّم إلى الإنجليز، أما مختار باشا؛ فقد أرسل مخفوراً إلى دمشق، ولكنهما قبل أن يستسلما حرقا الوثائق السرية؛ إلا وثيقتين، أدخل كلُّ واحدٍ منهما إحداهما في فتحة صغيرة داخل كمرٍ لفَّ وسطَيْهما.


وحمل الفصل الرابع من الرواية اسم: "محرضات البوسفور"، وفيه يرجع الأمير بنا إلى عصرنا الحاضر، وبالتحديد إلى 4/5/ 2005، في فندق قصر كنمبسكي بإستانبول، وفيه يلتقي مهند السعدي مع الباحث عن الكنز تحسين الفواز، ولكن هذه المرة يضاف للمباحثات تركيان، وسعوديان، وسوريٌّ، ويعترف تحسين أنه نقَّب عن الكنز بمساعدة أناسٍ آخرين بعد إعراض مهند عن مساعدته، لكنه يعترف أنه لم يجد شيئا؛ لأن الخريطة التي أطلع مهند عليها قبل أربع سنوات كانت مزورة، بيد أنه عثر على الخارطة الحقيقية، ويأمل من مهند ألا يخيِّب ظنَّه هذه المرة، وينتهي هذا الفصل بموافقة مهند بعد إلحاحٍ من صديقه تحسين. "تذكَّر يا مهند أنني قدمت لك حينها ملخصاً تاريخياً عن قصة هذا الكنز، وأظهرت لك خرائط ووثائق تثبت أن الحديث عنه لم يكن أسطورة، ولا خزعبلات تاريخية، كما استشعرت ذلك من ملامحك وتصرفاتك بعد آخر جملة قلتها لك حول الموجز التاريخي لذاك الكنز الذي لا يقدر بثمن، للأسف؛ لم تدعني يا صديقي حينها أكمل لك رؤيتي في كيفية اختبار حقيقة معلومات الكنز التاريخية".



أما الفصل الخامس فقد جاء تحت مسمَّى: "فقد"؛ فهو فصل مأساة مختار بك، الذي وجد نفسه في دمشق مع ما تبقى له من زوجه الثانية "ناجية"، يبحث في حاراتها القديمة - مع صغيرته فايزة - بين باب شرقي وباب توما عن زوجته القديمة وابنَيْه شفيق وسعيد، وذلك في الأيام الأولى من عام 1919م.

يقرع الباب، لا مجيب، يخبره أحد الجيران أن فاطمة خاتون وابنَيْها قد انتقلا إلى بيت التاجر الدمشقي المعروف "الحاج سميح" بعد اقترانه بها!! وربما ذهبوا لإستانبول.
آه... يالهول الخبر المزعج، لقد هزه الخبر، لكنه سرعان ما تمالك أعصابه؛ فقد كان متوقعاً أن تطلب الزوجة الطلاق بعد أن هجرها منغمساً في دنياه الجديدة، ولكن أشد ما آلمه تجاهل الابنين للأب، وما يمثله لهما ولغيرهما.

يبحث كبير المهندسين وابنته عن خانٍ نظيفٍ ليقيما به ثلاثة أيام قبل انتقالهما لإستانبول، وهناك في الخان أبقى مختار بك صغيرته في الغرفة، ونزع ثيابه وكوَّمها فوق طربوشه، وذهب ليستحم، وعاد بعد عشر دقائق ليجد ابنته في حالة يرثى لها: "بابا، سرقوا الكَمَر فقط...".


أما الفصل السادس - "بين النخب" -: فوقع في 14/ 12/ 2005م على شاطئ فندق الجميرة في إمارة دبي، بين مجموعة من عملاء بنك فرنسي عالمي؛ رجال أعمال، أصحاب محطات فضائية، مطربين، رؤساء تحرير، بعض علماء الصحوة، تناقضات أثارت تفكير مهند السعدي الذي انضم إلى أول حلقة من المحتفلين، وهنا يبحث مهند عن كنزه الحقيقي، في قراءته لوجوه هؤلاء الضيوف المحتفى بهم، فها هو ينتقل من طاولة لأخرى، ليكشف حجم المأساة التي يعاني منها المجتمع من هؤلاء الذين وصفهم بـ"ديناصورات الموظفين الخليجيين السابقين الأثرياء"، قرأ في وجوههم عدة قضايا فلسفية واجتماعية، واستخلص من حديثهم تناقضات عجيبة كالتي جمعتهم، تتطرق لقضية الإرهاب الديني، الجهاد الأفغاني، الوطنية، أسلمة البنوك، أهل المغنى وثرائهم، الديكتاتورية الصحفية، الأسهم - وما أدراك ما الأسهم - الزواج بين الصحافة والمال، وغير ذلك من الأمور التي تهم المجتمع.


في هذا الجو المفعم بالمتناقضات التقى مهند مع الشيخ السعودي بندر السعد - الصديق الجديد لتحسين الفواز - وفريق البحث عن الكنز، وبعد حديث طويل بين الشيخ بندر ومهند، بحث الفريق عن حقيقة خرائط الكنز، وانتهى الاجتماع بأن يبدأ الحفر في أواخر شهر شباط/ فبراير عام 2006م، مع توفير الأجواء السرية لهذه المهمة البالغة الحساسية.


جاء الفصل السابع تحت عنوان: "في بلاد الأفغان"، يتركنا الأمير الروائي في فصله السابق على موعد لبدء الحفر، وينتقل في هذا الفصل إلى عام 1925م، حيث السفارة التركية في كابول، في موعد غير متوقع بين بطلَي الرواية الأصليَّيْن؛ فخري باشا وكبير مهندسيه مختار بك.

ففخري باشا: عيَّنه الأتراك نظير خدماته الجليلة سفيراً لهم في كابول، أما مختار: فقد أوفده أتاتورك لتلك البلاد؛ لمساعدة أهلها في بناء الجسور والبنية التحتية فيها، إنه لقاءٌ حارٌّ.

يتحدث الصديقان عن أَسْرهما وإطلاق سراحهما، وعن موقفهما من الخلافة الإسلامية، والقومية التركية، لقد أصبح فخري باشا - محب دولة الخلافة وسلاطينها - صاحب لقب "تورك كان"، ومعنى هذا الاسم: الدم التركي، هل يعقل هذا؟! طبعاً لا؛ ففخري باشا الذي أفنى عمره في سبيل الإسلام ودولة الخلافة، لا يمكن أن يتحوَّل للنقيض، لقد أراد فخري أن يموِّه على دعوته بلقبٍ قوميٍّ لا يخطر على بال القيادة السياسية؛ حتى لا يكتشفوه!!.

ولكن سرعان ما قرأ أتاتورك أفكاره، فأحب أن يتخلص منه بما يناسب خدماته الجليلة، فجعله سفيراً لتركيا في أقصى البلاد!!.

وتتابع الرواية قصة مختار منذ خروجه المؤلم من دمشق في اتجاه إستانبول، حيث ولدَاْه شفيق وسعيد، وزوجته السابقة وزوجها الحالي، وأشياء أخرى، كان أهمها إرساله إلى هذه البلاد - بلاد الأفغان - من قِبَل أتاتورك الذي لم يكن تكريماً له بقدر ما كان محواً لذاكرة الشعب التركي من رموز الخلافة العثمانية، وحرسها القديم، لقد كان هؤلاء أحسن حظّاً من آل عثمان الذين طردوا من البلاد، لا لشيء إلا لأنهم سلالة أسرةٍ حكمت العالم الإسلامي قروناً عديدة.

ويتابع الصديقان القديمان حديثهما المفعم بالحسرة، والسياسة، والدين، ولم ينس مختار أن يحدِّث فخري عن قصة الحزام الذي فُقد في دمشق: "مجانين أغبياء! لم يعرفوا أن إلهاماً قال لي: إنك مراقب يا مختار، وستُهاجَم لا محالة، ولهذا خبأت وثيقة مرشد الذهب في طربوشي، لقد ذهب جهدهم هباءً يا باشا، طربوشي الثمين الآن في حِرْزٍ مكين، في بيت العائلة بأزمير...". وهنا يعترف فخري باشا بأنه دفن النسخة الحقيقية من خارطة الكنز من مكان قريب من الجهة الجنوبية لسور مقبرة البقيع، وأما ما وجده السجَّانون في سجن "سلفاوتورة" الإيطالي فليس إلا وثيقةً مزورةً!!.

يتركنا الأمير سيف الإسلام بن سعود من لقاء الصديقين وهو يقربنا من فهم الخرائط التي حازها الطامعون حديثاً، لينتقل بنا إلى الفصل الأخير الذي أطلق عليه اسم "لا شيء".

لا شيء، وقبلها لا شيء من اجتماع فندق دبي، ولا شيء مفيد للأمة من هؤلاء الذين يظنون أنهم أهل الحَلِّ والعَقْد والنُّخَب والصَّفْوَة في الخليج، ولا شيء في اجتماعاتهم يفيد الأمة والبشرية، سوى زيادة أموالهم ونفوذهم.


أحداث الفصل الثامن الأخير - "لا شيء" - وقعت في 27/2/2006م، بالمدينة المنورة، وهو بالفعل (لا شيء)، فلا شيء حصل عليه المغامرون!! لقد حفروا بشكل مموه ما بين شارع "سالم مولى أبي حذيفة" و"سليك بن مسحل" القريب من محطة السكك الحديدية، واستمر العمل الجاد من الصباح الباكر إلى ظهر اليوم نفسه، حسب خارطة مختار بك، وفي اليوم التالي بدأ الحفر حسب الخارطة المسروقة من الباشا بمالطا، ولكنَّ الخيبة كانت كبيرة، لأن النتيجة كانت "لا شيء"، توقف الحفر... وهنا توقف الأمير سيف الإسلام - أيضاً - عن الكلام المباح، ليعلن لقرائه أنه "لا شيء".




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 65.63 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 63.74 كيلو بايت... تم توفير 1.89 كيلو بايت...بمعدل (2.88%)]