|
|
من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
قصة نظرة
قصة نظرة محمد صادق عبدالعال دَمعاتها التي ذرَفَتها عيناها، ونظَراتها لمن حولَها بيأسٍ وقُنوط أوحَتَا إليَّ بأن أُصبح أو أن أتحوَّل لذلكم (الرجل العنكبوت) في قفزاته وشطحاته، وإتيانه باللامعقول؛ كي أمحوَ دمعاتها السَّخينة، وأبدِّلها بنظيراتها الباردة التي تُثلج حرَّ القلوب؛ فصنَعتُ على إثْر تلك الحالة عداوةً بيني وبين ذلك اللِّص الذي انقضَّ على حقيبتها السوداء، وسلَبَها إياها، ثم فَّر بين سوادٍ من الناس الذين لا تتعدَّى نظراتهم مستوى حاجاتهم؛ فإنَّ حرَّ النَّجم قد أجبر أعناقهم على النظر دومًا لأسفل، وإن صنائعَ أهل الحيل قد علَّمَتهم أن يَحكموا على المجموع! وبعزيمةٍ ومَضَاء مني صرتُ إيَّاه، فانطلقتُ عَدْوًا بغير بغْي خلف ذلكم اللص حتى ظفَرتُ به وأوجعتُه ضربًا، لولا دفعُ النَّاس لي: ماذا فعَل؟ لم أرُدَّ، وإنما اكتفيتُ بإرسال عيونهم في رحلة خاطفة لتلك البائسة التي لم تجد ملجأً لها من بَعد ربِّها سوى يَمين الطريق تاركةً للآخر روحَ المغامرة. رجعتُ إليها بنفس قوة ذلك الرجل العنكبوت، تلَكَّأتُ كالذي يريد (حُلْوانًا) لما قدَّم؛ فقد كانت الحقيبة خفيفةً للغاية، فتكهَّنتُ بأن بها أوراقًا هامة لعقار أو دار، أو ما خفَّ وغلا! فَتحَت الحقيبة وأدارَت أطرافها الجافة يَمنةً ويَسرة تبحث لي عما يسرُّني؛ فما عثَرَت إلا على ما يُعينها على الركوب؛ زهيد المواصلات، فَضربتُ على كفِّها: أمي، لا عليكِ، كلُّنا لك. ابتسمَت، ثم كانت المفاجأة حين أخرجَت صورة لفتًى بدا في العشرين أو يُناهز، وكانت الصورة قديمة إبَّان (الأبيض والأسود) الممنوعَين من الصَّرف الآن؛ وراحَت تضمُّها لصدرها على غير استحياء مني، فعلمتُ أنه مِن محارمها؛ أمطرَت حينها السماءُ على رأسي وَحْدي مطرَ الصيف؛ تمنيتُ لو تُصيب رؤوسَ الْمُشاة جَميعًا؛ فيُبصرون ما أبصَرْت؛ تمنيتُ لو أظَلُّ على هيئة ذلكم الرَّجل العنكبوت؛ فلا تطَأ قدَماي واقِعَنا الأليم، أو أن أثأَر للمغلوبِ عليهم والمساكين؛ استهوَتْني الفكرة، صرتُ مِن يومها ذلك الرجلَ العنكبوت.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |