المسلسلات تأكل الثواب من الصائم كما تأكل النار الحطب

[ابوالوليد المسلم]

أساتذة الشريعة وإعلاميون لـ الفرقان»: المسلسلات تأكل الثواب من الصائم كما تأكل النار الحطب

شهر رمضان المبارك من أهم الشهور الهجرية من الناحية الدينية كونه شهر الصيام والقيام للمسلمين كما يعقبه عيد الفطر لكنه أصبح في السنوات الأخيرة من أهم الشهور من الناحية الإعلامية لشركات الإنتاج الفني والقنوات التلفزيونية الفضائية، وأكد إعلاميون ودعاه أن هناك من يريد أن يحرم المسلمين من اللذة والحلاوة التي يجدها المسلم مع صيامه.

وقد أكد أساتذة فى كلية الشريعة وإعلاميون في تصريحات متفرقة لمجلة الفرقان أنه مع الأسف فإن نسبة البرامج الدينية الرمضانية أقل من 10٪ من مجموع المواد التي تعرضها أي فضائية خلال 24 ساعة وطيلة الشهر الفضيل، ما يعني عدم اهتمام الفضائيات بهذا الشهر وعدم تعظيمه وإعطائه حقه بما يستحق، والنسبة لا تشمل الفضائيات الإسلامية المتخصصة
وقالوا: إن رمضان شهر فضيل لا يجوز أن يقترن بمثل هذه الأمور ولاسيما البرامج التي تفتن الشباب والفتيات، مشيرين إلى أن الاقبال المتزايد على مشاهدة تلك الأشياء في رمضان خصوصاً يسهم بشكل كبير في الكسل وقسوة القلب والبعد عن أوامر الله تعالى.
فى البداية أوصى أستاذ الشريعة في جامعة الكويت الدكتور علي الكندري المسلمين بتقوى الله عز وجل سرا وجهرا والاغتباط بشهر رمضان المبارك شهر الصيام والقيام والقرآن، مشيرا إلى أن هذا الشهر الكريم فرصة سانحة للتزود للدار الآخرة بالأعمال الصالحة، حاثا على الاجتهاد بالأعمال الصالحة، ولافتا النظر إلى المقاصد الحقيقية للصيام المتمثلة في تهذيب النفوس وتزكيتها وتقويم جنوحها وتحقيق التقوى.
وقال الكندري: ما أن يبزغ هلال شهر رمضان حتى لا تنفك كثير من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة عن تقديم رصيدها الإعلامي الذي جمعته خلال عام كامل منذ أن انصرم شهر رمضان السابق، وهكذا في كل الأعوام فحالة الإعداد والتجهيز والتحضير والتصوير والتقديم لأناس متخصصين في عرض المسلسلات والأفلام والمهرجانات تجري على قدم وساق لشهر رمضان القادم.
ودعا الكندري القائمين على وسائل الإعلام كافة أن يتقوا الله سبحانه ويحسنوا استقبال هذا الشهر الكريم بالصوم عن كل ما يخدش روحانيته وبهاءه، وأن يكفوا عن التسابق المحموم في بث ما لا يليق بمكانته وحرمته، مبينا أن هناك قطاع طرق يجلسون على الطرقات التي توصلنا لله عز وجل في شهر رمضان المبارك أعدوا العدة وأكثروا الباطل الذي له أول وليس له آخر، وأقصد بها بعض وسائل الإعلام.
وأكد الكندري أن بعض وسائل الإعلام وبعض القنوات الفضائية أعدت لرمضان ما لم يعده المسلم الصادق لنفسه للإقبال على الله، مشيرا إلى أن هذه القنوات أعدت مادة ضخمة وكبيرة ومتنوعة لكي تستطيع الناس أن تعيش أجواء رمضان التي يفهمونها هم.
وتابع الكندري: حتى في شوارعنا نجد الإعلانات والدعايات على مدى الساعة في قنواتهم لأفلام ومسلسلات ومن يسمونهم نجوما يستعدون لكي يقطعوا الطريق بين المسلمين وبين الله لكي يحرموهم من لذة المناجاة والإقبال والدعاء لله عز وجل ويصعبوا عليهم قراءة القرآن ليجدوا صعوبة في الذهاب إلى صلاة التراويح وقيام الليل.
وأشار الكندري إلى أن هناك من يريد أن يحرم المسلمين من اللذة والحلاوة التي يجدها المسلم مع صيامه، مشيرا إلى أن هؤلاء يفسدون كل الأجواء الإيمانية والروحانية التي يخشع لها قلب المسلم من مسلسل إلى مسلسل من الثانية ظهرا وحتى الفجر.
وأكد الداعية الإسلامي الشيخ الدكتور ناظم المسباح على ضرورة استقبال شهر رمضان المبارك باغتنام أيامه والفوز بلياليه وعدم التفريط فيها؛ فهي لا تتكرر الا كل عام، والله أعلم بالآجال وهل نستقبله العام القادم أم لا، مبيناً أهمية الأقدام على فعل الصالحات وترك المنكرات والإقلاع فورا عن كل الأمور غير الجائزة أو المحرمة التي تؤثر سلبا على علاقة المسلم بربه، مناشداً عموم المسلمين الإقبال على الطاعة للاستعانة على ترك العادات السيئة التي اعتاد بعض الناس عليها في رمضان منذ سنوات طويلة مثل متابعة الأفلام والمسلسلات الهابطة المسماة بالمسلسلات الرمضانية.
وأضاف المسباح أن رمضان شهر فضيل لا يجوز أن يقترن بمثل هذه الأمور ولاسيما البرامج التي تفتن الشباب والفتيات، مشيراً إلى أن الإقبال المتزايد على مشاهدة تلك الأشياء في رمضان خصوصاً يسهم بشكل كبير في الكسل وقسوة القلب والبعد عن أوامر الله تعالى، لافتاً إلى أن السلف الصالح رضوان الله عليهم كانوا اذا دخل عليهم رمضان تركوا الدنيا وراء ظهورهم وأقبلوا على القرآن الكريم تلاوةً وتدبراً والمحافظة على الصلاة والقيام.
وجدد المسباح مطالبته لكافة المسؤولين وخصوصاً القائمين على وسائل الإعلام أن يتقوا الله عز وجل فيما يُعرض على قنواتهم وصفحاتهم طوال السنة بشكل عام وفي شهر رمضان بشكل خاص وألا يعرضوا عبر وسائلهم الإعلامية ما لا يجوز عرضه من الإعلانات والمسلسلات والأفلام والبرامج التي تحتوي على المخالفات الشرعية وتخدش الأجواء الروحية للشهر الفضيل، مؤكداً أن الربح له وسائل شرعية أكثر بكثير من عرض ما لا يجوز عبر الوسائل الإعلامية في رمضان وغيره، ومطالباً الدعاة والأئمة والخطباء أن يكثفوا جهودهم المباركة في توعية المواطنين والوافدين بهدي النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح في رمضان.
فيما قال عميد كلية الشريعة الأسبق بجامعة الكويت الدكتور محمد الطبطبائي في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر): المسلسلات الرمضانية لا تخلو غالبا من المخالفات الشرعية، سواء تشبه الرجال بالنساء، أم التبرج، وذلك من شأنه أن يخدش الصيام وينقص أجر الصائم.
وعن سؤال حول مشاهدة المسلسلات في رمضان رد الشيخ عثمان الخميس في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) قائلا: لا يجوز للمسلم أن يشاهد المسلسلات التي فيها معاص كالمتبرجات وغيرها وكذا مسلسل عمر وغيره.
قال رئيس قسم الإعلام في كلية الآداب بجامعة الكويت الدكتور مناور الراجحي: إن ظاهرة تكدس البرامج الإعلامية ليست أمرا جديدا، وما يحدث من تركيز مكثف خلال شهر رمضان على إنتاج أعداد هائلة من المسلسلات والبرامج تقابله ندرة في بقية شهور السنة التي تعيش فيها القنوات على عملية إعادة بثها مرارا وتكرارا.
وأوضح الراجحي أن القنوات الفضائية تعتمد على نسب إقبال جمهور المشاهدين على برامجها وموادها الإعلامية لتحقيق أعلى زيادة في عدد المشاهدين والمتابعين وهو ما يمكن حصره من خلال الشريط المتحرك من جهة والاتصال المباشر عبر المشاركة في البرامج سواء برامج الفوازير أم المسابقات أم البرامج الدينية أم حتى عبر المداخلات، وبين أنه كلما كانت المسلسلات أو البرامج المقدمة تجمع كبار النجوم والممثلين المعروفين، ونصوصها قوية ومكتوبة جيدا، عُدت القناة أنها تضمن النجاح عبر الإعلانات والمشاهدين.
وأوضح أنه من الطبيعي أن يقضي معظم الصائمين ساعات أكثر من أوقاتهم أمام التلفاز في شهر رمضان المبارك بسبب طبيعة الشهر، حيث تقل حركة الصائين نهارا فيفضلون الجلوس في البيت وقتا أطول كما يسهرون حتى وقت السحور ما يعني زيادة في ساعات المشاهدة بينما تنخفض نسبة المشاهدة في الأشهر العادية إلى معدلاتها الطبيعية.
وأوضح الراجحي أن بعض الفضائيات لم تعكس أهمية رمضان في نفوس المسلمين في تجاهل واضح لقدسية رمضان واستغلاله لأهداف تجارية هابطة.
وأضاف الراجحي أنه مع الأسف فإن نسبة البرامج الدينية الرمضانية أقل من 10٪ من مجموع المواد التي تعرضها أي فضائية خلال 24 ساعة وطيلة الشهر الفضيل، ما يعني عدم اهتمام الفضائيات بهذا الشهر وعدم تعظيمه وإعطائه حقه بما يستحق، والنسبة لا تشمل الفضائيات الدينية المتخصصة.
ودعا أصحاب الفضائيات الخليجية إلى بذل المزيد من التركيز على عظمة وقدسية شهر رمضان وأن يتم تعميق الثقافة والتراث الخليجي العربي الإسلامي والقيم الأسرية النبيلة في المسلسلات بعيدا عن التعميم وتضخيم الحالات الفردية.
وقال أستاذ الصحافة والإعلام بجامعة الكويت الدكتور خالد القحص: إن القنوات الفضائية تعتمد على ما يسمى بمعدلات المشاهدة أو نسب المشاهدة، فكلما ازداد عدد المشاهدين لقناة فضائية فهذا يعني زيادة الإعلانات التي تدر الأرباح.
وأوضح الدكتور القحص أن المشاهدين العرب والمسلمين بحسب ما تشير إليه الدراسات في هذا الشأن يقضون ساعات أكثر أمام التلفاز في شهر رمضان بسبب طبيعة الشهر؛ حيث يصومون فيجلسون في البيت وقتا أطول كما أنهم يسهرون لوجبة السحور ما يعني زيادة في ساعات المشاهدة، بينما في الشهور العادية تنخفض نسبة المشاهدة إلى معدلاتها الطبيعية.
ودعا وسائل الإعلام إلى أن تتقي الله عز وجل فيما تبث خلال هذا الشهر المبارك، مؤكدا على أن بعض البرامج والمسلسلات فيها الغث والسمين وعلينا أن نجعل لهذا الشهر حرمته.
وفي فتوى لسماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز عن قضاء بعض الصائمين معظم نهار رمضان في مشاهدة الأفلام والمسلسلات من الفيديو والتلفاز ولعب الورق، قال الشيخ ابن باز: إن الواجب على الصائمين وغيرهم من المسلمين أن يتقوا الله سبحانه فيما يأتون ويذرون في جميع الأوقات، وأن يحذروا ما حرم الله عليهم من مشاهدة الأفلام الخليعة التي يظهر فيها ما حرم الله، من الصور العارية وشبه العارية، ومن المقالات المنكرة، وهكذا ما يظهر في التلفاز مما يخالف شرع الله، من الصور والأغاني وآلات اللهو والدعوات المضللة.
وأضاف: يجب على كل مسلم صائماً كان أو غيره أن يحذر اللعب بآلات اللهو، من الورق وغيرها من آلات اللهو؛ لما في ذلك من مشاهدة المنكر وفعل المنكر، ولما في ذلك أيضاً من التسبب في قسوة القلوب ومرضها واستخفافها بشرع الله والتثاقل عما أوجب الله، من الصلاة في الجماعة أو غير ذلك من ترك الواجبات والوقوع في كثير من المحرمات، والله سبحانه يقول: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}، ويقول سبحانه في سورة الفرقان في صفة عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً}، والزور يشمل جميع أنواع المنكر، ومعنى «لا يشهدون»: لا يحضرون، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف» رواه البخاري في صحيحه، معلقاً مجزوماً به. والمراد بالحر – بالحاء المكسورة المهملة والراء المهملة –: الفرج الحرام. والمراد بالمعازف: الغناء وآلات اللهو، ولأن الله سبحانه حرم على المسلمين وسائل الوقوع في المحرمات. ولاشك أن مشاهدة الأفلام المنكرة وما يعرض في التلفاز من المنكرات من وسائل الوقوع فيها، أو التساهل في عدم إنكارها.



اعداد: سامح أبوالحسن