موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشوره - الصفحة 126 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 113 - عددالزوار : 28409 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 175 - عددالزوار : 60011 )           »          خطورة الوسوسة.. وعلاجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          إني مهاجرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          الضوابط الشرعية لعمل المرأة في المجال الطبي.. والآمال المعقودة على ذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 30 - عددالزوار : 803 )           »          صناعة الإعلام وصياغة الرأي العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          من تستشير في مشكلاتك الزوجية؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          فن إيقاظ الطفل للذهاب إلى المدرسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          خطورة الإشاعات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1251  
قديم 02-12-2013, 06:13 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

تأملات في قصة الرسل الثلاثة

(دعوة لتوحيد الصفوف)
سامي الهسنياني
[email protected]
الدعوة إلى الله تعالى يتطلب جهود مكثـفة لمواجهة الهجمات والمؤامرات التي تحاك ضد الإسلام والمسلمين تحت أسماء مزخرفة ما أنزل الله بها من سلطان، مثل مؤتمرات التنمية والسكان، ومؤتمرات تحرير المرأة، ومؤتمرات مكافحة الإرهاب و..... وناهيك عن الأفكار السياسية والنظريات التي تجعل من الإسلام العدو الأول للغرب ويجب التصدي له بكل الطرق، وخاصة أفكار هنتجتون وفوكوياما في كتابيهما صراع الحضارات ونهاية التاريخ.
الشاهد لأحوال المسلمين اليوم وخاصة الدول والحكومات يراهم مثل المستيقظ في الظلام والنائم في النور، بعيد عن الواقع مشغول بسدة الحكم وعدد السنوات التي يقضيها في الحكم، مشغول بالتصفيات الداخلية من توسعة سجون وتضييق على أهل والفكر وحرية التعبير، وإذا نودي أو لمّح إلى جمع الصفوف أو لمّ الشمل انهالت مئات التبريرات والأعذار لعرقلة ذلك، ومن ثم عدم التفكير في الموضوع مرة أخرى.
ومن خلال تأملاتنا في قصة الرسل الثلاثة رأينا كيف أنهم توحدوا في أبلاغ دعوتهم إلى أهل القرية ( فََعزّزنا) لمواجهة قوة الباطل وعنادهم، ليكون التأثير أقوى والبلاغ أبين والحجة أوضح.... فكان همهم هو التبليغ بالأسلوب الواضح المبين مهما كانت المواجهة ومهما كانت الظروف.
قال تعالى :
﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ. إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ.قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ. قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ. وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِين. قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيم .قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ﴾ يس : ( 13-19 ) .
{ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ } .
1- ما من قرية إلا ولها نذير يدعوهم إلى الله تعالى.
2- عدم ترك القرية على حالها من الكفر والشرك، لكي لا يكون لهم حجة يوم القيامة.
3- الرسل جاءوا إلى أهل القرية عامة وإلى أصحاب القرية من كبراء ورؤساء خاصة، لأن بهداهم قد يهتدي أكثرية القوم، إن لم نقل كلهم .
4- مصطلح القرية يطلق على التجمعات الكبيرة من الناس، التي تتوفر فيها وسائل العيش السعيد والتي تليق بزمانها.
5- الكبراء هم المتحكمون في شؤون وأمور القرية وهم المتسلطون فيها.
6- منع الكبراء من وصول الدعوة إلى غيرهم، والقيام بتفعيل العقبات ووضع الحواجز وإثارة الشبهات والفتن لإعراض الجماهير عن الدعوة ورجالها.
{ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا}.
1- يحتاج تبليغ الدعوة إلى جهد وتكاتف، وإلى أكثر من طريقة ووسيلة لسهولة الوصول إلى الأهداف، واختصار الوقت.
2- ( اثنين) واحد يساند الآخر، ويتعاونان في تبليغ الرسالة.
( اثنين) قد يعني تقسيم القرية، كل في طرف.
(اثنين) تفعيل وزيادة النشاط لتقليل الوقت والجهد في التبليغ.
(اثنين) واحد يذكر الآخر ويعضده لعناد أهل القرية.
( اثنين) تحمل الرسولين إعراض أهل القرية وعدم قيامهما بالرد عن أنفسهم .
{ فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ }
1- تقوية جبهة الرسل الكرام بالمساندة والمؤازرة لمواجهة عناد أهل القرية وكفرهم .
2- التأكيد على تبليغ الرسالة، لكي لا يكون لأهل القرية حجة بعد ذلك .
3- دلالة على وجود معارضة شديدة وعنيفة .
4- دلالة على أن العقاب بات وشيكا وهذا هو الإنذار الأخير لهم .
5- دعوة على توحيد الصفوف لمواجهة الباطل، ونبذ التبليغ متفرقين.
6- حرص الرسل على هداية أهل القرية ونجاتهم من النار .
7- دلالة على كثرة شبهات وتساؤلات أهل القرية .
{ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ }
بصوت واحد وبهمة عالية وحرص على هدايتهم، وليشهد القاصي والداني، والحاضر والغائب، وليخترق هذا النداء حجاب الزمان والمكان، ولتعلموا يا قوم إنا إليكم وحدكم مرسلون من فبَل الله تعالى وإنذاركم عذابه إن لم تؤمنوا بدعوتنا .
{ قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا}
1- صوت يتكرر منذ فجر التاريخ وإلى نهاية الدهر مقياس خاطئ يقيس به المعرضون عن دين الله تعالى، يخدعون به أنفسهم والآخرين، وهو معارضتهم على بشرية الرسل الكرام للهروب من الواقع والدفاع عن باطلهم، لهذا قالوا سخرية واستهزاءً ما هؤلاء إلا رسل من بني البشر ولا يجوز إلا أن يكونوا من الملائكة، وهذا عنوان ضعفهم الداخلي وانهزامهم النفسي .
2-رسل من جنسهم ومن بني قومهم يتكلمون كلامهم، يأكلون وينامون ويشربون ويتزوجون، ولو كان الرسل من غير طبيعة البشر لكان الإعراض أشد والرفض أقوى لأن الطبيعة الجسمانية تختلف.
{ وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ}
1- اعترافهم بوجود إله اسمه الرحمن، وأنه يبعث بالرسل.
2- الكذب وعدم تصديقهم بما جاء به الرسل، وتأكيدهم على الكذب في المواجهتين الأولى والثانية.
3- اعتقادهم الجازم بأن الرسل الثلاثة كاذبون، لأن كلامهم جديد على مسامعهم ولم يألفوه، ولأنه يخالف هواهم ومعتقداتهم.
{ قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ}.
- تأكيد آخر على صدق دعوتهم وصدق غايتهم، وإننا صادقون يا قوم، إن أنتم تكذبوننا فإن الله تعالى يعلم إننا لصادقون وإنا إليكم مرسلون، فما قيمة تكذيبكم فما يهمنا ما تقولون ....
{ وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِين }
1 - هذا هو واجب الرسل والدعاة فقط التبليغ بالحسنى وبكل الطرق المتاحة والوسائل الممكنة والمناسبة لذلك العصر، دعوة إلى نشر الفكر الوسطي المعتدل البعيد عن العنف والتطرف والإرهاب ويحتاج ذلك إلى أساليب واضحة لا غبش فيها ولا غموض ليكون الناس على بيّنة من تلك الدعوة، وليرفع عنهم التوجس والخوف ويصبح هم بعد ذلك مدافعين عن الفكرة والدعوة بعد أن تيقنوا أن البيان الواضح قد استقر في قلوبهم وعقولهم واطمئنوا على ذلك .
2- فقط علينا البلاغ لكي نتخلص من عذاب الله تعالى إن تهاونا وتكاسلنا، وليس لنا أن نجبركم على أن تؤمنوا بدعوتنا لأن هذا ليس من شأننا، لأن الإيمان بشيء بالإكراه ينقلب بعد زوال العامل المسبب أو حين توفر فرصة إلى الضد، لذا فالأسلوب الأحسن هو إقناع العقول وفتح مغاليق القلوب بالخطاب الجميل السلس والقوي بالأفكار والحجج.
{ قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ}
- لجأ القوم إلى الدفاع عن ضعفهم لعدم امتلاكهم القوة والبلاغة أمام الرسل الكرام إلى إلقاء اللوم والعتاب على الرسل لما أصابهم المصائب والمكاره التي حلت بهم والشؤم الذي أصابهم، معتقدين أنه لولا الرسل لما أصابهم ما أصابهم .
{ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيم }
- هنا لجأ القوم إلى أسلوب التهديد بالرجم والتعذيب إن هم لم يكفوا عن دعوتهم أو يدخلوا في ملتنا؛ لأن الصبر نفذ وضاقت الأنفس والعقول، وليثبتوا للقوم أنهم ما زالوا أقوياء إذ ليس القوة في الكلام والحوار بل في العنف والترهيب والرجم والتعذيب .
{ قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ }.
1- الرسل على علم بأن الذي أصاب القوم هو سبب كفرهم وعنادهم على الذنوب والمعاصي، فتشاؤمهم ناتج عن خلل في اعتقاداتهم وتصوراتهم والإيمان بالخرافات والشعوذات، إذ كيف يصلح أن يكون الرسل هم سبب الشؤم والتطيّر (حاشا الرسل)، ولا يقول ذلك إلا من كان على قلبه غشاوة على أذنيه وقر.
2- وشؤم القوم ناتج كما يبين الرسل هو إسرافهم في المعاصي والذنوب، حيث لا يفيد التذكير ولا الوعيد إن كنتم أهل ذلك، ألآن أمرناكم بالمعروف أصبحنا سبب الشؤم في تصوركم والله هذا لمحال فقط هذا تبرير لخداع أنفسكم ومن ثم إيذائنا كيف ما تشاءون .

الدروس والعبر
1- تدوين الذكريات والخبرات وتجارب الحياة للأجيال القادمة للاتعاظ بها والنظر فيها (واضرب لهم).
2- تبليغ الدعوة إلى كل مكان على المعمورة، وذلك بالتنظيم والتنسيق مع جماعات أخرى لتفادي العفوية والبساطة والتضارب في الدعوة.
3- يوجود دوماً من يعارض الأفكار الإصلاحية والتغيرية، وخاصة من قبل الكبراء ( أصحاب القرية) الذين لهم تأثير في أفكار وعواطف المجتمع .
4- معرفة وتشخيص أمراض المجتمع ليكون الداعية على بينة من أمره ويعرف ما يقول وما يحتاجون، وهذا يحتاج إلى تخصص وعلم ودراية.
5- دعوة إلى توحيد الصفوف وتكاتف الجماعات ذات الهدف الواحد لمواجهة الغير بالاستفادة من بعضهم البعض والابتعاد عن الخلافات التي لا تعطي نفعا إلا للمخالف على غير النهج، وهذه دعوة للجماعات الآن لمواجهة الحملة الغربية الأمريكية المعادية للإسلام باسم الحرب على الإرهاب وملاحقة حتى المعتدلين الذين ينبذون العنف والإرهاب والتطرف، وهذا يتطلب : ـ
أ‌- خطاب موحد يخاطب به الغرب والشرق يوضح فيه سماحة الإسلام، وإنزاله بأقوى ما يمكن عن طريق المحاضرات والندوات واللقاءات والمنشورات والدعايات في الصحف والكراسات وعلى شبكة الانترنيت وتسخير الجهود من مال وجنود وخبرات ووقت، وقبل ذلك التخطيط المناسب لتنفيذ ذلك في كل أنحاء العالم.
ب‌- الاستفادة من الأصوات المعتدلة في الغرب والشرق وتسخير جهودهم لخدمة الإسلام.
جـ - دعوة الجماعات المتشددة إلى نبذ العنف والتطرف واللجوء إلى الاعتدال والوسطية.
د – إصدار الفتاوى والبيانات التي تدين العنف والقتل، والتي تبين أن هذا الأسلوب لا يفيد سوى المصالح الغربية للتمادي أكثر على الإسلام وأهله باحتلال أرضهم ومواردهم، وتغيير الأنظار عن قضية المسلمين الأولى قضية فلسطين.
هـ - خير أسلوب لمواجهة الحملة الشرسة على الإسلام هو البناء الداخلي من تصحيح تصور واعتقاد، وتوجيه سلوك وأخلاق، وتربية أطفال وشباب، وتكوين أسرة ومجتمع مسلمين، وأسلمة المؤسسات والوظائف لمواجهة الفساد المستشري في جميع الهياكل .
و- دعوة الغرب مع كل ما يصدر عنهم بالحسنى والحكمة والكلمة الطيبة والابتعاد عن المواجهة لأن ذلك يفتح المجال أكثر للمقابل بأن يتمادى.
6- التنوع في خطاب الجماهير لا التركيز فقط على السلبيات بل ذكر الإيجابيات المتنوعة في المجتمع ودعوتهم لتسخيرها في خدمة الإسلام، ويجب أن يركز الخطاب على جميع فئات المجتمع وأكبر عدد من السلوكيات.
7- على الجماعة أولاً والداعية ثانياً عدم الالتفاف إلى ما يقوله الآخرون إلا بالقدر الذي يزيل الالتباس أو الغموض والابتعاد عن الخوض في السجالات والنقاشات التي تزيد الهوة.
8- على القيادة الإطلاع الدائم على أحوال دعاتها الذين يبعثون في أمور دعوية إلى أماكن بعيدة وإيجاد آليات مناسبة للتواصل.
9- الحرص الشديد على هداية الناس في كل زمان ومكان.
10- إذا اشتد إعراض الناس وعلى رأسهم الكبراء والأغنياء فليكن النداء الأخير الحسم والفصل بين المؤمنين والكافرين، حيث لا مداهنة ولا مماراة على حساب الحق.
11- قد يلاقي الداعية كلاما ً يدمي قلبه ويؤذي جوارحه (أنت كنت كذا وكذا حتى بالأمس القريب.....) استهزاء وسخرية من مقامه الآن الذي هداه الله تعالى إليه، هذا الكلام وغيره يجب أن لا يثنيه عن عزمه ورسالته.
12- وجود أناس على مر التاريخ من يعبد أصناماً أو وثناً أو هوى النفس من شهوة وشبهة أو فكرة، فيجعله إلهه الذي يعبده ويدافع عنه، ويواجه به نور الإسلام.
13- هناك من يعترف في الشدائد أو عند راحة ضمير أن السائرين على دين الله تعالى أنهم على الحق والصواب، لكن كبرياؤه أو منصبه أو ماله يمنعه من إعلان ذلك والتوبة والإنابة إلى الله تعالى.
14- الدعوة حتى وإن وجد الإعراض الشديد لعل الله يجعل النصر على يدِ فرد لا يحس به الداعية ولا يعلم به الجماعة، فقط سمع بالدعوة وآمن فكان كالقنبلة الموقوتة يصدع بدعوته في الوقت المناسب ليري الجميع صدق الرسالة (وجاء من أقصا المدينة رجل يسعى ....) .
15- التركيز الشديد على التربية الوسطية البعيدة عن الغلو والتطرف، وتربية الأفراد على فقه الموازنات والأولويات والمصالح، وأن صدور الفتاوى هو من شأن العلماء والمجامع الفقهية.
16- من أمراض المجتمع في كل زمان هو التشاؤم والتطيّر، ولعل ما من داعية إلا واجهه أحد من أقربائه يقول له: لولا أنت لكنت كذا وكذا، ومن ثم يبدأ حملة الضغوطات عليه لكسبه أو إبعاده عن دعوته. وقد يكبر هذا التشاؤم فيصبح على مستوى الجماعات والدول.
17- يود المذنبون أن يكون أكثر الناس مثلهم ليكونوا سواء لا أحد ينكر عليهم، فما بالك إذا كان أصحاب القرية من كبراء وأثرياء هم المشجعون على تصدي الإنكار وتفشي الذنوب والمعاصي لذا فأسلوبهم هو ( لِئن لم تنتهوا لنرجمنّكم....).
18- تفنن أهل اللهو واللعب في عرض وسائل إغراق المجتمع بالمعاصي والذنوب، وهدفهم في ذلك كسب مادي، ومحاربة الدعوة، وإلهاء الناس من الالتفات إلى ما يقال ويثار خلف الكواليس.
19- دائما الأنظمة الدكتاتورية تخفي انتكاساتها وتظهرها على أنها انتصارات باهرة وذلك باللعب بعواطف الجماهير، أو القيام باضطهادات داخلية، أو التلاعب بقوت الناس اليومي، ومن ثم إجبار الناس بالتغني باسم القائد الملهم.
20- من ثقافة المجتمع يعرف مدى مقدار الوعي والنضوج الفكري الذي يؤدي بالتالي اتخاذ المقاييس اللازمة لمعرفة مقدار النفع والضرر الحاصل من فكرة ما أو مشروع ما....
  #1252  
قديم 02-12-2013, 06:15 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

في إنفاق العفو.. عافية الدنيا، وسعادة الآخرة

بقلم أ.د./ ناصر أحمد سنه
كاتب وأكاديمي من مصر.
علي مدار التاريخ.. شكلت "حركة" رأس المال، وتوزيع فوائض الدخل، والجهد البشري، وأدوات الإنتاج، وصولا لـ "تنمية إقتصادية حقيقية"، و"عدالة إجتماعية" أموراً "شيبت" المعنيين من إقتصاديين وإستراتيجيين وغيرهم. أمورٌ نُـظّـر لها نظريات، وقامت عليها دول وتكتلات، وسببت تقلبات وحروباً وصراعات، فكيف وضع لها القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة، وعمل السلف الصالح حلولاً، وعالج جوانبها في كلمات معدودات، وكثير من التطبيقيات؟.
المتأمل في الواقع المعيش، والنتائج التي آلت إليها "الخطط الاقتصادية المستوردة" لتنمية العالم الإسلامي، تدل دلالات قاطعة علي أن تلك "الخطط" لم يُعد صياغتها وفق معادلة الإنسان/المجتمع المسلم الإيمانية والنفسية، والاجتماعية، والإقتصادية. مما حال دون التفاعل معها، والإستجابته لها. فهي لم تحقق الانسجام بين "الروح الذاتية" للأمة، وخصوصياتها العقدية والثقافية والإجتماعية، وبين ذلك "الهيكل المستورد"، هذا فضلا عن فساد التطبيق ذاته (1).
فتخلف ومعاناة اقتصادية تعيشها معظم مجتمعاتنا الإسلامية، ومبالغة و"إستمراء" في الاعتماد على التمويل/ الاقتراض الخارجي وصولا للوقوع في "شَرك" الديون، التي تمتص "خدمتها/ فوائدها" جل ما تحقق من مكتسبات. ثم العجز عن سدادها، فباتت التنمية مطلوبة، لا لرفع مستوى المعيشة وإنما للتمكن من "خدمة" تلك الديون. وهناك سياسات الخصخصة، وأنماط "الإحتكار، والإستغلال"، وشيوع "الغش والتدليس والفساد والإفساد"، و"تزاوج" الثروة بالسلطة، وظهور فوارق متعاظمة (مُهددة للنسيج الإجتماعي) في مستويات الدخول، وإضمحلال وإختفاء "الطبقة الوسطي"، وتنامي القطاعات الفقيرة "المُهمشة" التي تحتاج لمستوى الكفاف وليس الكفاية. كفاية و"تنمية حقيقية" لن تتحقق ذلك إلا وفق خصوصياتنا وقيمنا في "التكافل الاجتماعي" التي يحض عليها الإسلام..قرآنا وسنة. فكيف يتأتي ذلك من خلال مبدأ "إنفاق العفو" ذلك المبدأ الإسلامي الأصيل، بل المبهر والعجيب في آن معاً؟.
يقول الله تعالي:"..وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ"(البقرة:219). ويقول جل شأنه: "خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ"(الأعراف:199). "العفو" كلمة قرآنية، وردت في كتاب الله تعالى في الموضعين السابقين. وهي (لغةً): مازاد علي الحاجة من المال ونحوه، أما (العافية): فهي الصحة التامة(2).
ولقد أفاض المفسرون – رحمهم الله تعالي– في مفهوم "العفو" الوارد في هاتين الآيتين؛ فقال "الفخر الرازي" في تفسير الأولى: "وَيَسْئَلُوْنَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ، قُلِ الْعَفْوَ"، قال: اعلم أن هذا السؤال قد تقدم ذكره فأجيب عنه بذكر المصرف (يقصد قول الله تعالي: "يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ"(البقرة:215). وأعيد هنا فأجيب عنه بذكر الكمية. وكأن الناس لما رأوا الله ورسوله يحضّان على الإنفاق، ويدلان على عظيم ثوابه، سألوا عن مقدار ما كلّفوا به، هل هو كل المال أو بعضه؟ فأعلمهم الله أن "العفو" مقبول. ويضيف "الفخر الرازي":قال الواحدي رحمه الله: أصل العفو الزيادة، قال تعالى:"خُذِ الْعَفْوَ" (الأعراف:199) أي الزيادة، وقال أيضًا: "حَتَّىٰ عَفَواْ" (الأعراف:95) أي زادوا على ما كانوا عليه في العدد، قال القفال: "العفو" ما سهل، وتيسر، مما يكون فاضلاً عن الكفاية. وإذا كان "العفو" هو التيسير؛ فالغالب إنما يكون فيما يفضل عن حاجات الإنسان في نفسه وعياله، ومن تلزمه مؤنتهم (3).
ولقد بين الله تعالي في آية سورة الأعراف: ما هو المنهج القويم في معاملة الناس؛ فقال: "خذ العفو وأْمر بالعرف". قال أهل اللغة: العفو، الفضل وما أتى من غير كلفة. فالحقوق التي تستوفى من الناس وتؤخذ منهم، إما أن يجوز إدخال المساهلة والمسامحة فيها، وإما أن لايجوز. فالقسم الأول فهو المراد بقوله: "خذ العفو"، ويدخل فيه ترك التشدد في كل ما يتعلق بالحقوق المالية، ويدخل فيه أيضًا التخلق مع الناس بالخلق الطيّب، وترك الغلظة والفظاظة. أما الثاني: وهو الذي لايجوز دخول المساهلة والمسامحة فيه؛ فالحكم فيه أن يأمر بالعرف. وللمفسرين طريق آخر في تفسير هذه الآية فقالوا: "خذ العفو"، أي: ما عفا لك من أموالهم، أي ما أتوك به عفوًا فخذه، ولا تسأل عما وراء ذلك.. ثم قال: اعلم أن تخصيص قوله: "خذ العفو" بما ذكر، تقييد للمطلق من غير دليل"(4).
إذن "العفو" مقدار وكم من الإِمكانيَّات، وبيان لما كلف الله عباده إنفاقه في سبيل الله، بعد أن تساءلوا: أكل المال يجب عليهم إنفاقه أم بعضه؟، وأن "العفو" الوارد في آية سورة البقرة هو الخاص بهذا التكليف، أما "العفو" الوارد في آية سورة الأعراف فيشمل المال، وغير المال كالأخلاق.
وقال "القرطبي": العفو ما سهل، وتيسر، وفضل، ولم يشق على القلب إخراجه. فالمعنى أنفقوا ما فضل عن حوائجكم، ولم تؤذوا فيه أنفسكم؛ فتكونوا عالةً. هذا أول ما قيل في تفسير الآية، وهو قول الحسن، وقتادة، وعطاء، والسدي، والقرظي محمد بن كعب، وابن أبي ليلى وغيرهم، قالوا: العفو: ما فضل عن العيال، ونحوه، عن ابن عباس(5).
وقال "الشوكاني": العفو ما سهل، وتيسر، ولم يشق على القلب، والمعنى: أنفقوا ما فضل عن حوائجكم، ولم تجهدوا فيه أنفسكم (6). وقال "الطاهر بن عاشور": "العفو مصدر عفا يعفو، إذا زاد ونما، وهو هنا ما زاد على حاجة المرء من المال، وما فضل بعد نفقته، ونفقة عياله بمعتاد أمثاله(7).
وجاء في تفسير "المنار": ما ورد يدل على أن المراد: أي جزء من أموالهم ينفقون، وأي جزء منها يمسكون؛ ليكونوا ممتثلين لقوله تعالى: "وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ الله" (البقرة:195)، ومتحققين بقوله تعالى: "وَمِمَّا رَزَقْنَـٰـهُمْ يُنفِقُونَ" (البقرة:3)، وما في معنى ذلك من الآيات التي تنطق بأن الإِنفاق في سبيل الله من علامات الإيمان وشعبه اللازمة له، والتي تـُشعر أن على المؤمن أن ينفق كل ما يملك في سبيل الله، وقد اقتضت الحكمة بهذا الإِطلاق في أول الإسلام. وبعد استقرار الإِسلام، توجهت النفوس إلى تقييد تلك الإِطلاقات في الإِنفاق فسألوا: ماذا ينفقون؟ فأجيبوا بأن ينفقوا "العفو"، وهو الفضل والزيادة عن الحاجة. وعليه الأكثر، وقال بعضهم؛ إن العفو نقيض الجهد، أي: ينفقوا ما سهل عليهم، وتيسر لهم، مما يكون فاضلاً عن حاجتهم وحاجة من يعولون(8). وقال ابن عطية: العفو هو ما ينفقه المرء دون أن يجهد نفسه وماله، وهو مأخوذ من عفا الشيء إذا كثر؛ فالمعنى أنفقوا ما فضل عن حوائجكم، ولم تؤذوا فيه أنفسكم؛ فتكونوا عالة(9). وقال صاحب الظلال، رحمه الله: العفو الفضل والزيادة؛ فكل ما زاد على النفقة الشخصية – في غير سرف ولا مخيلة – فهو محل للإنفاق(10)
ويقول "عمر عبيد حسنه": (أسس الإسلام أمر العملية التنموية، والتكافل الاجتماعي وفق عدة مبادئ منها: العفو: وهو المسامحة، والتجاوز النفسي والمادي، مع الآخر، مع القدرة على تحصيل الحق منه، قال تعالى: "وأن تعفوا أقرب للتقوى" [البقرة:237]، والعدل: وهو أن تعطي الناس كامل حقوقهم، ولا تظلمهم، قال تعالى:" ولا يجْرمَنكم شنآن قومٍ على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى" [المائدة:8]، والإحسان: وهو عدم الاقتصار على إعطاء الناس حقوقهم، بل الإحسان إليهم في التعامل، والتنازل لهم عن بعض حقك، وهو مرحلة فوق العدل، قال تعالى: "وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا، إن الله يحب المحسنين" [البقرة:195]، والتَّقوى، وخلاصتها: أن لا يفتقدك الله حيث أمرك، ولا يجدك حيث نهاك. وهذا الالتزام يحقق الوقاية من السقوط في المعاصي الفكرية، والأثرة النفسية والمالية. والتقوى هي خير الزاد، وجماع الأمر كله، والعلامة المميزة للمجتمع الإسلامي المتكافل..مجتمع المتقين(11)، قال تعالى:"وتزوّدوا فإنّ خير الزاد التقوى. واتّقون يا أولي الألباب" [البقرة:197]، وقال جل شأنه: "قُل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث. فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تُفلحون" [المائدة:100]).
فتلك الأقوال ـ قديمها وحديثها ـ تتفق في الجملة على أن المقصود من "العفو" الوارد في قوله تعالى: "يسألونك ماذا ينفقون قل: العفو"، هو الزيادة عن الحاجات، وأنه كله محل للإِنفاق.
"العفو" و"الفضل"
وفي السنة المطهرة، نجد لفظة "الفضل"، قد جاءت شارحة لكلمة "العفو" الواردة في القرآن الكريم، وذلك في الكثير من الأحاديث الصحيحة، والتي منها قول النبي صلي الله عليه وسلم: "يا ابن آدم إنك إن تبذل الفضل خيرٌ لك، وإن تُمسكه شرٌ لك، ولا تلام على كفاف، وابدأ بمن تعول، واليد العليا خير من اليد السفلى"(12). ومنها ما رواه أبو سعيد الخدري – رضي الله تعالى عنه – قال: بينما نحن في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل على راحلة له، قال: فجعل يصرف بصره يمينًا وشمالاً؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان معه فضل ظهر؛ فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد؛ فليعد به على من لا زاد له". فذكر من أصناف المال ما ذكر؛ حتى رأينا أنه لاحق لأحد منا في فضل (13).
فالفضل الوارد في الأحاديث السابقة، هو "العفو" الوارد في القرآن الكريم، وهو محل للإِنفاق، حتى ليقول الصحابي الجليل: "رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل". فالعفو هو مازاد عن الحاجة، وكذلك الفضل.
هل يتمايز مفهوم "العفو/الفضل" عن "الفائض الاقتصادي" في الفكر الإنمائي المعاصر؟
الفائض الاقتصادي – كما يعرفه الفكر الإِنمائي المعاصر– ويمكن تقسيمه إلى فائض محتمل، أو مخطط، أو فعلي، يعني: ما يتبقى من الدخل، بعد سدّ الحاجات. وهو بهذا المعنى يتفق إجمالا من حيث تكوينه المادي، مع "العفو" من المال. لكن تبقى فكرة "العفو" ذات "شمولية" أكبر، لأنها تشمل إلى جوار "الفائض من الدخل"، "الفائض من الجهد البشري" أيضاً ولعل هذا الأخير ـ لدى معظم مجتمعاتنا الإسلاميةـ أكثر أهميةً من الأول. وفي شمولية مفهوم "العفو" عن مفهوم "الفائض الاقتصادي"، يجعل "إدارة العفو" وتوجيهه، تختلف عن إدارة وتوجيه الفائض الاقتصادي، ومن ثم فإن النظريات الاقتصادية عن توجيه الفائض الاقتصادي، ذات فائدة محدودة عند وضع السياسات الخاصة باستخدام "العفو" في تمويل التنمية وتحقيق التقدم (14).
"العفو/ الفضل"، غير مقصور علي مازاد من المال
إن مفهوم "العفو/الفضل"، غير مقصور علي مازاد من المال؛ فالآية لم تقيد "العفو" بالفائض من المال، وإن كان المفَسِّرون قد وقفوا "بالعفو" عند الفائض منه. وقد أمرت السنة المطهرة بإنفاق "العفو" من الجهد والإمكانيات البشرية، إذ أن علة تقرير إنفاق "العفو" من المال هي وجوده فائضًا عن حاجة الشخص؛ فإذا وجد فائض من الجهد البشري لدى شخص؛ فإن حكم الفائض من المال ينسحب عليه؛ فالسنة المطهرة قد أغنت عن القياس طريقًا لإثبات التكليف بإنفاق "العفو" من الجهد البشري.
فالتكليف بإنفاق "العفو/الفضل" وارد على كل من المال والجهد البشري؛ بل لعل دور "العفو" من الجهد البشري في بناء المجتمع، تمويل تنميته، أكبر من دور "العفو" في المال، وبخاصة في المجتمعات التي تمتلك قدرًا كبيرًا من العمل، وقليلاً من المال (لعل أكثر مناطق العالم الإسلامي اليوم هي من هذا الصنف). فتمويل التنمية في مثل هذه البلاد، يمكن تحقيقه بصورة أيسر إذا هي ركزت على "العفو" من الجهد البشري – الذي يملكه معظم الناس في المجتمع – ثم عضدته بـ "العفو" من المال.
لقد ظن بعض الصحابة أن "العفو" هو العفو المالي، فغبطوا الأغنياء، ورأوا أن إمكانياتهم المالية، تمكنهم من السبق إلى الخير، والتقدم على الفقراء، فقالوا: يا رسول الله، ذهب أهل الدثور بالأجور. لكنه صلى الله عليه وسلم ، صحح لهم هذا الفهم، وبين لهم المدى الواسع لـ "العفو"، وأنه موجود لدى كل إنسان بقدر ما، وأن كل مسلم، يستطيع أن يفعل الخير، وينافس أصحاب المال في السبق، باستخدام ما لديه من إمكانيات، تجعله محل رضوان الله تعالى، فالخير ليست وسيلته المال فقط، بل كل نفع للناس، أيا كانت أداته، فهو من عمل الخير، وقال لهم: "أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون به؟ إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة "(15). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "كل سلامى من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع في الشمس: تعدل بين الإثنين صدقة، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها، أو ترفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة "(16).
العفو من الجهد البشري
- المسلم مكلف بأن يبذل من فائض جهده، ومنافع بدنه، في إعانة إخوانه، وإصلاح مجتمعه، كما يجب عليه أن يبذل في هذا السبيل جانباً من فائض ماله سواء بسواء. فالأعمال الخاصة التي يمارسها الناس في حياتهم لا تستغرق - في الغالب – كل أوقاتهم، ولا تستنفد كل طاقاتهم، وإنما يبقى بعد أدائها كثير من الوقت والطاقة. والمسلم مسؤول "إنفاق/ استثمار" وقته وطاقته تلك، وفقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعن علمه ماذا عمل به، وعن ماله من أين اكتسبه، وفيم أنفقه "(17).
- إن الطاقات الفائضة من جهد الإنسان، مطلوب استخدامها، وغير مباح تعطيلها أو تبديدها، ولا يعفي مالكها من مسؤوليته، قيامه بعمله الخاص على أكمل وجه. بل هو مكلف بالبحث عن ميدان نافع ينفق فيه "العفو/ الفضل" من جهده ووقته. وهذا قد يتمثل في إعانة مادية للناس: "تعين صانعاً أو تصنع لأخرق"(18)، "تعين الرجل في دابته "(19). وقد يكون في تيسير الحياة العامة للناس: "تميط الأذى عن الطريق صدقة "(20)، "عَزل حجراً عن طريق الناس، أو شوكة أو عظماً عن طريق الناس"(21). وقد يتمثل في السعي مع إخوانه في قضاء حوائجهم، أو انخراطاً مع فئات ترعى شؤون فئات خاصة من الناس(فئات لمحو الأمية، أو استصلاح الأراضي الزراعية، أو تنمية الثروة الحيوانية الخ): "من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته "(22)، "والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه" (23)، "من خلف غازياً في أهله بخير فقد غزا" (24)، "من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة"(25). وقد يكون هذا الميدان دفاعاً عن حقوق الإنسان، بالسعي في رفع الظلم والدفاع عن المظلومين: "أي الجهاد أفضل؟ قال: كلمة حق عند سلطان جائر "(26). كما قد يكون تذكيراً بالله تعالى، ودعوة إليه بالحكمة والموعظة الحسنة، تبصيراً للناس، وإرشاداً لهم إلى ما يصلح آخرتهم ودنياهم، وقد يكون سعيًا لإثراء حياة الناس بقيم الحب والود والأخوة، وإصلاح ذات البين، وإطفاء ما يثور من نزاع بين الأفراد والجماعات: "تعدل بين الإثنين صدقة "(27)، أي تصلح بينهما بالعدل.
- قد يكون ميدان إنفاق العفو من الجهد البشري، عملاً اقتصادياً، يعود عليه بنفع مادي، كما يعود على المجتمع بسد حاجة من حاجاته، وفي الوقت نفسه، يعود على الشخص بالثواب الأخروي. ذلك أن الإسلام، يجعل كل عمل مباح، يمارس بنية صالحة، عبادة لها ثوابها في الآخرة، فوق مكاسبها المادية في الدنيا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : "ما من مسلم يغرس غرساً إلا كان ما أُكل منه له صدقة، وما سرق منه له صدقة، ولا يرزأه أحد إلا كان له صدقة "(28)، ويقول: "فلا يغرس المسلم غرساً فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا طير إلا كان له صدقة إلى يوم القيامة "(29)، يقول: "لا يغرس مسلم غرساً ولا يزرع زرعاً، فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا شيء، إلا كانت له صدقة "(30). فإنتاج الطيّبات في المجتمع الإسلامي هدف، وكل طرق استخدامها بعد إنتاجها، تعود على منتجها بثواب، حتى ما يأكله منها هو. وليس فوق ذلك حث على بذل الجهد في ممارسة الإنتاج، وتوجيه "العفو" من الجهد البشري إلى إثراء الحياة، وعافيتها.
- بقدر ما توجد وسائل وأساليب لنفع النفس والمجتمع.. توجد ميادين وسبل إنفاق "العفو" من الجهد البشري، بلا حصر. والمجتمع بحاجة لكل صاحب مقدرة/ طاقة عضلية أو فكرية أو روحية الخ، وإلى مداومة تشغيلها، وصيانتها وعدم تبديدها، فرسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما رؤى فارغاً في أهله قط، إما يخصف نعله، أو يخيط ثوبه، أو ثوباً لمسكين". وسئلت السيدة عائشة - رضي الله عنها - ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: "كان يكون في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة" (31). أما حياته صلي الله عليه وسلم بين الناس، فقد كانت كلها تربية، وتعليماً، وجهاداً، وتشريعاً، وعبادةً لله تعالى في جميع الحالات. قد علّم المسلم أن لا ينسى - وهو في غمرة العطاء الدائم - لبدنه حقه في الراحة التي تجدد نشاطه، ولا ينسى لأهله حقهم في الرعاية والعناية، ولا ينسى لزوره حقهم في الاهتمام بهم، فقد قال سلمان - رضي الله عنه - لأبي الدرداء - رضي الله عنه - وقد رآه قد شغل كل وقته بالطاعات: "إن لربك عليك حقا، وإن لنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه . فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر لك له، فقال: "صدق سلمان "(32). وعن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ألم أخبر أنك تصوم النهار، وتقوم الليل؟ قلت بلى يا رسول الله. قال: فلا تفعل، صم وأفطر، ونم وقم، فإن لجسدك عليك حقا، وإن لعينك عليك حقاًّ، وإن لزوجك عليك حقًّا (33)".
- ولما كان المسلم مطالبًا بإتقان العقل، فإن الإتقان هنا يتمثل في اللجوء إلى المنظمات التي تستطيع أن تجمع هذه الطاقات بما يجعلها أكثر إنتاجية، ومن ثم فإن توجيه الطاقات البشرية الفائضة "العفو"، يحتاج إلى إقامة تنظيمات شعبية تتولى القيام بعمل من الأعمال التي تمثل فروض الكفاية في المجتمع الإسلامي، وينضوي تحت لوائها كل من يريد ـ طبقاً لإمكانياته وخبراته ـ أن يعبد الله تعالى بالعمل الذي تتخصصت فيه هذه المنظمة، ونوع "العفو/الفضل" من الجهد الإنساني. فمثلاً: منظمة إعانة الصناع وتدريبهم، ورفع مستواهم الفني، و"إعادة تأهليهم": "تعين صانعاً، أو تصنع لأخرق"(34)، ومنظمة للعناية بالطرق وتنظيمها ونظافتها، وحماية البيئة، "تميط الأذى عن الطريق صدقة "(35)، ومنظمة لحماية القيم: "أمر بمعروف صدقة ونهي عن منكر صدقة "(36)، ومنظمة لرعاية أسر المجاهدين:"من خلف غازياً في أهله بخير فقد غزا"(37)، ومنظمة لرعاية اللاجئين والمشردين وإغاثتهم: "من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته "(38)، "والمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسلمه "(39)، ومنظمة لرعاية الطفولة وكفالة الأيتام: "أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما "(40)، ومنظمة لرعاية المرضى والمسنين والمعاقين: "ابغوني في ضعفائكم، فإنما تنصرون وترزقون بضعفائكم "(41)، ومنظمات للبحث العلمي، وتطبيقاته المختلفة: "من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار "(42)، ويقول: "من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة "(43)، ويقول:"من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله "(44)، ومنظمات للدفاع عن حقوق الإنسان، وصيانة كرامته، وضمان تمتعه بالحقوق والحريات التي قررتها الشريعة لكل مسلم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:"والله لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد الظالم، ولتأطِرنّه على الحق أطرًا، ولتقصرنّه على الحق قصراً، أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض "(45)، وعن أبي بكر الصديق رضوان الله تعالى عنه قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، أوشك الله أن يعمهم بعقاب منه "(46)، ومنظمات للإصلاح بين الناس، "إنَّما المؤمنون إخوةٌ فأصلحوا بين أخويكم )) [الحجرات:10]، ومنظمات للدعوة إلى الله تعالى: "قُل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني" [يوسف:108]، ومنظمة للرفق بالحيوان والإحسان إليه "قالوا يا رسول الله: إن لنا في البهائم أجراً، فقال: في كل كبد رطبة أجر"(47).. إلى غير ذلك من المنظمات والهيئات التي يقيمها أفراد الأمة كي يتقنوا من خلالها أداء فروض الكفاية، والتي إن لم تؤد، أَثِم كل قادر على القيام بها، وكل قادر على الدعوة إليها، والإسهام فيها، ما لم يبذل جهده في هذا السبيل.
- جاء في تفسير "المنار" تعليقاً على تفسير قول الله تعالى:"ويسألونك ماذا يُنفِقون؟ قل : العَفْو؟" [البقرة:219] "قال علماؤنا: إن جميع الفنون والصناعات، التي يحتاج إليها الناس في معايشهم، من الفروض الدينية. وإذا أهملت الأمة شيئاً منها، فلم يقم به من أفرادها من يكفيها أمر الحاجة إليه، كانت عاصية لله تعالى، مخالفة لدينه، إلا من كان عاجزاً عن دفع ضرر الحاجة، وعن الأمر به للقادر عليه، فأولئك هم المعذورون بالتقصير. وعلى هذا قام صرح مجد الإسلام عدة قرون، كان المسلمون كلما عرض لهم شيء، بسبب التوسع في العمران، يتوقف عليه حفظه، وتعميم دعوته النافعة، قاموا به حق القيام، وعدوا القيام من الدين، عملاً بمثل هذه الآية، وغيرها من الآيات، ومضوا على ذلك قروناً، كانوا فيها أبسط الأمم وأعلاها حضارة وعمراناً"(48).
إن صرح مجد الإسلام - بتعبير صاحب المنار - يمكن إقامته من جديد، من خلال انفعال النقابات بهذا التكليف، ووفائها به، حتى لا تبقى حاجة من الحاجات، أو صناعة من الصناعات، تحتاجها إقامة هذا الصرح، إلا وجد من أبناء الإسلام، من يتقدم للوفاء بها. وإن بعث هذه الروح في النقابات المهنية، لكفيل بجعلها الصورة الحديثة لأنظمة التعاون الإسلامية، للقيام بفروض الكفاية، كل في الميدان الذي يجيده، وبهذا تتحقق مصالح أعضاء النقابة، من خلال تحقق مصالح المجتمع. ومن أهم مصالح الأعضاء، خروجهم من التبعة الملقاة على عاتقهم، بوفائهم بما فرض الله عليهم، فيملكون الحجة، عندما يسألون عن عمرهم فيم أفنوه، وذلك إضافة إلى المصالح الآنية، التي تتحقق لهم كأعضاء في هذه النقابة من ناحية، وكأعضاء في مجتمع يبذل كل أعضائه، كل جهودهم، من أجل إقامة الحياة الطيبة، التي يحياها الجميع.

يتبـــــــــــــــــــــع

  #1253  
قديم 02-12-2013, 06:17 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

يتبــــــــع الموضوع السابق


في إنفاق العفو.. عافية الدنيا، وسعادة الآخرة


العفو من المال العيني
- يمتلك الناس نوعاً هامًّا من أنواع المال، يتمثل في أدوات الإنتاج الداخلة في العملية الإنتاجية، كما يتمثل في الأدوات التي يستخدمها الناس في حياتهم اليومية، وهو بصدد إشباع حاجته، مثل السلع الاستهلاكية المعمرة، ودواب الركوب، ومنزل السكني إلخ.
- هذا النوع من المال يمثل جانباً كبيراً من حجم الأموال في المجتمع، وكثيراً ما يقتنى بحدٍ يربو على الحاجة الشخصية لمن يقتنيه. بل ربما يقتنى بعضه، ولا يستخدم إلا أياما محدودة، فهو لهذا يمثل مكمناً ضخما من مكامن "العفو" عند المسلمين. والإسلام..قرآنا وسنة يقيم وزنا كبيرا لهذا النوع من العفو، ويعمل على دفع المسلمين إلى تبين حجمه لديهم، وتقديمه إلى من هو في حاجة إليه. فتجدد منافعه، ولا تتبدد طاقته، بل قد يتولد عنه دخل ما لدي المنتفع الجديد به، ويعني ذلك زيادة الإنتاج من نفس أدوات الإنتاج، وزيادة المنافع من أدوات الاستعمال اليومي وبالتالي زيادة حجم الإنتاج القومي من نفس الإمكانيات المملوكة للمجتمع.
- لقد رغب الإسلام في بذل "العفو" من أدوات الإنتاج والاستهلاك، حتي جعل منع هذا "العفو" علامة وصفة من صفات المكذبين بالدين، فقال سبحانه وتعالى: "أرأيت الذي يُكذّب بالدِّين، فذلك الذي يدعُّ اليتيم، ولا يحضُّ على طعام المِسكين فويلٌ للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يُراءون ويمنعون الماعون" [سورة الماعون]. وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن الماعون ما يتعاطاه الناس بينهم. وروي عنه أيضاً: أنه القدر، والفأس، والدلو، ونحوها، وهما قريبان، وجاء في تفسير الجلالين: الماعون كالإبرة، والفأس، والقدر والقصعة(49). ويقول ابن العربي: إن الماعون من أعان يعين، والعون: الإمداد بالقوة، والآلة، والأسباب الميسرة للأمر. ولما كان الماعون من العون، كان كل ما ذكره العلماء في تفسيره عوناً (50). وجاء في المعجم الوسيط: "الماعون اسم جامع لمنافع البيت كالقدر والفأس والقصعة، ونحو ذلك مما جرت العادة بإعارته"(51).
- وقد حفلت السنة المطهرة بالحث على الكثير من تطبيقات هذا التكليف، ومن ذلك: حث النبي صلى الله عليه وسلم الجار على عدم منع جاره إن أراد أن يعتمد على جداره بخشبة، فقال: "لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره(52). كما حث عليه الصلاة والسلام المسلم أن يعير أخاه حيواناً ذا لبن، ينتفع بلبنه سنة، ثم يرده فقال: "أربعون خصلة، أعلاها منيحة العنز، ما من عامل يعمل بخصلة منها، رجاء ثوابها، وتصديق موعودها، إلا أدخله الله بها الجنة(53)". كما قرر صلوات الله وسلامه عليه، أن أفضل الصدقات يتمثل في تقديم منافع الأدوات، وعوامل الإنتاج فقال: "أفضل الصدقات ظل فسطاط في سبيل الله، ومنيحة خادم في سبيل الله، أو طروقة فحل في سبيل الله"(54). فهذه الإرشادات، والأوامر، والتقريرات تتناول تقديم أدوات إنتاج، أو أدوات استعمال معيشي، كمصدر/ خدمة إنتاجية يحصل منه متلقيه على ما يسد حاجته، ومصدراً للنماء، ومنفعة وتوفيراً للسكنى الخ. وعندما يجعلها النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الصدقات، فإنما ذلك لأثرها الإنتاجي، وعائدها المباشر على الدخل الفردي، والقومي، وجعلها أفضل الصدقات، يمثل دعوة قوية من الشريعة الإسلامية، لجعل هذا السلوك متأصلاً في النفس المسلمة، تبغي به الجنة، كما يترتب علىه أن يكون له كبير الأثر على تمويل التنمية.
- إن "العفو" من أدوات الإنتاج، والاستعمال، قد يتمثل اليوم في أداة قديمة استبدل بها مالكها أداة جديدة، لكنها لما تزل على قدر من الصلاحية، فهي لديه "عفو" بجوار الأداة الجديدة. فيمكن تنظيم صالات عرض ـ عن طريق المؤسسات الخيرية وغيرهاـ بذلك النوع من "العفو"، وتقديمه إلى من يسد له حاجة. هذا التنظيم يمكن أن يمارس في السلع المعمرة - إنتاجية واستهلاكية - مثل السيارات والثلاجات، والغسالات، والثياب، وبخاصة ثياب المناسبات، وآلات الطباعة والنسخ، وأثاث المنازل والمكاتب، وأجهزة التلفاز، وكتب العلم، وأدوات الحرف المختلفة، إلى غير ذلك مما لا يقع تحت الحصر. والعفو في هذه الأشياء، يتمثل في عينها بالقياس إلى ما يملكه صاحبها من أدوات أفضل منها، وهو يقوم بتمليك هذه الأدوات لمن سيحصل عليها(55).
- كذلك قد يتمثل "العفو" اليوم في غرفة بالمنزل تفيض عن حاجة الأسرة فترة من الزمن، ويمكن تقديمها لمن تسد لديه حاجة من طلبة العلم، ويمكن إنشاء مكاتب ملحقة بالمؤسسات التعليمية، تتلقى رغبات أصحاب هذا النوع من "العفو"، مقرونة بمواصفات من يمكن استضافته لدى الأسرة بما يحقق مصلحة الطرفين، ويتفق وأحكام الشريعة بهذا الخصوص، وتقوم هذه المكاتب بترشيح من ترى للحصول على هذا "العفو" كي يلتقي بصاحب المنزل، ليرى رأيه. وبهذا يمكن الاستفادة من جانب كبير من "العفو"، الموجود في دور السكنى، وبه تسد حاجة الكثيرين من طلاب العلم وطالباته، الذين لا يملكون قدرة على توفير المسكن من خلال السوق، وأثر ذلك في التغلب على مشكلة الإسكان في البلاد التي تعاني منها، أثر بارز، و"العفو" هنا يقدم في شكله التقليدي، أي تمليك المنفعة مع بقاء العين مملوكة لصاحبها (56).
- كذلك قد يتمثل "العفو" اليوم في مكان فائض، بسيارة الشخص، يمكن تقديمه لمن هو في حاجة إليه، من زملاء العمل، أو سكان الحي، ويمكن للنقابة التي تجمعهم أن تنظم ذلك في الحالة الأولى، كما يمكن لإدارة مسجد الحي، أن تنظم ذلك في الحالة الثانية. وبهذا يمكن سد جانب كبير من الطلب على وسائل الانتقال. وتنظيم ذلك عن طريق النقابة أو المسجد، أمر يسير. كما قد يتمثل في قطعة أرض لا يحتاج إليها مالكها، ولا يجد من يزارعه عليها، أو يؤجرها له، فهي في هذه الحالة فضل، عليه أن يقدمها لمن يحتاج إليها، ليقوم بزراعتها، ويبذل جهده عليها، مبتغياً من فضل الله تعالى. وحث النبي صلى الله عليه وسلم على تقديم هذا النوع من أدوات الإنتاج. كما أمر عمر بن عبد العزيز عماله، بأن يقدموا الأرض التي لا تجد من يزرعها بمقابل، إلى من يستفيد منها بدون مقابل، يقول: انظر ما قبلكم من أرض الصافية فأعطوها بالمزارعة بالنصف، فإن لم تزرع فأعطوها بالثلث، فإن لم تزرع فأعطوها حتى تبلغ العشر، فإن لم يزرعها أحد (أي بمقابل) فامنحها(57). ويمكن تنظيم هذا العمل على مستوى القرية، فتوجد جهة تتولى تنظيم منح الأرض لعام أو لأكثر، لمن يحتاج إليها، وخاصة من الملاك الذين لا يعملون بالزراعة، وتمثل ممتلكاتهم من الأرض الزراعية فضلاً لديهم(58).
- إن بدائل الفأس من المحراث التقليدي والآلي، وآلات البذر والحصاد، وغير ذلك من أدوات الزراعة، تمثل ميداناً رجباً لتبادل "العفو" ، ويمكن متلقيه من ممارسة الإنتاج على مستوى التقنية العصرية، الأمر الذي يرفع متوسط الإنتاجية الزراعية في المجتمع، ومن ثم يرفع مستوى الإنتاج القومي.
- لا تزال "الإبرة" كمثال تقليدي على "العفو" ، تجد تطبيقاً لها في آلات الحياكة والخياطة، ولا تزال القصعة والقدر، تجد تطبيقا لها في أدوات المطبخ التي تعددت أنواعها، وتنوعت أغراضها، لا تزال هذه وتلك ميادين رحبة لتبادل "العفو" ، بين ربات البيوت؛ وأثر هذه الأدوات على تيسير عمل المرأة في بيتها، لا ينكر.
- تقديم "العفو" من أدوات الإنتاج في الميدان الصناعي، من المصانع التي تملك تقنية متقدمة، إلى الورش الصغيرة، التي لا تملك هذه التقنية، ولا تقوى على امتلاكها، إنه أيضا يرفع متوسط الإنتاجية في القطاع الصناعي، وينعكس على مستوى وحجم الإنتاج القومي.
- إن إقامة النقابات والتنظيمات، لا يعني إهمال الطرق المباشرة لتقديم "العفو" ، فلا يزال لتبادل "العفو" بالطريق المباشر بين مالكه ومن يحتاج إليه، مجالاته الكثيرة، والتي تمثل ميداناً واسعاً من ميادين تقديم "العفو" في الأدوات، وتطبيقاتها في حياتنا، دور ملحوظ.
تنظيم الشرع للجانب القانوني لـ "العفو" من المال العيني
- إنّ تنظيم تقديم "العفو"، إلى من يحتاجه، ليس جديدا على الفكر الإسلامي، فقد قام الفقهاء - رحمهم الله تعالى - بتنظيم الجانب القانوني لهذا النوع من التعاون على البر والتقوى، وعقدوا له كتاباً أو باباً في كل مؤلف فقهي شامل، هو "كتاب العارية"، أو "باب العارية"، ويشتمل هذا الكتاب على تقنين هذا النوع من التعاون، حيث يناقش فيه أركان عملية تقديم "العفو" من الأدوات (أركان العارية)، من معير، ومستعير، ومعار، وصيغة العقد. وفي حديثهم عن المعار/ مكمن "العفو"، أي محل العارية، ناقش الفقهاء إعارة كل أنواع أدوات الإنتاج، وأدوات الاستخدام المنزلي، بمعناها الواسع، من أرض للزراعة أو البناء، ومن دواب للحمل أو العمل، ومن سفن للنقل أو الصيد، ومن دور لسكنى وأدوات للزينة، ومن أدوات للزراعة والصناعة، وثياب وكلاب صيد. وأدوات طبخ، وتحميل خشبة فوق جدار، وطروقة الفحل، وغير ذلك مما لا يقع تحت حصر، وضابطه لديهم هو: "كل ما ينتفع به مع بقاء عينه"، قال صاحب الكافي: "وتصح (أي العارية) في كل عين ينتفع بها، مع بقاء عينها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم استعار من أبي طلحة فرسا فركبها، واستعار من صفوان بن أمية أدراعاً، وسئل عن حق الإبل فقال: إعادة دلوها وأطراق فحلها، فثبت إعارة ذلك بالخبر، وقسنا عليه سائر ما ينتفع به مع بقاء عينه".
- وقد نظم الفقهاء كل ما يتعلق بالعارية من ضمان عينها، وبيان ما يضمن، وما لا يضمن، من النقص الذي يترتب على استخدامها، وإطلاقها، وتأقيتها، وأثر ذلك على نوعية استعمالها، وحددوا من يتحمل مؤنتها إن كانت لها مؤنة، إلى غير ذلك من أحكام العارية المبسوطة في كتب الفقه.
- إن التشريعات التي تنظم استخدام العارية، والمستخلصة من كتب الفقه الإسلامي، تحدد بوضوح حقوق وواجبات كل من المستعير، والمعير، قبل الشيء المستعار، بما يجعل العلاقة واضحة لا ترتب خلافاً أو نزاعاً. والشق الثاني، من تنظيم استخدام "العفو" : فيتمثل في اكتشاف الوسائل المنظمة التي تيسر على كل من صاحب "العفو"، ومن هو في حاجة إليه، تحقيق غرضه الذي يقصده.
العفو مِنَ المال النقدي
- النقود تختلف عن غيرها من الأموال في أنها لا تشبع الحاجات بذاتها، وإنما تمثل الوسيلة إلى إشباع الحاجات بالحصول على الطيّبات. فالمرء يستخدم النقود في الحصول على المعدات والآلات والأدوات، كما يستخدمها في بناء إمكانياته البدنية وصقلها، وتنميتها، والمحافظة عليها - وقد تحدثنا عن "العفو" في هذه الإمكانيات والطاقات - وهو قبل ذلك يستخدم النقود في الحصول على ما يشبع حاجات من يعول، وتجب عليه نفقتهم. فهل بعد استخدام النقود في هذه الاستخدامات، يوجد "العفو" فيها؟ أم أنه - باعتبارها وسيلة إلى الحصول على غيرها من الثروات - يظهر العفو منها في الثروات الأخرى، التي يحصل عليها الإنسان بواسطتها؟
- الإنسان قد يشتري بنقوده ما يحتاج إليه لسد حاجاته الاستهلاكية والإنتاجية ، ثم يبقى لديه قدر منها، يصلح لشراء مختلف الإمكانيات التي تسد حاجات الناس، ويكون في غير حاجة إليه في ظروفه الآنية. . فهل من حقه أن يحتفظ بهذا القدر في شكله النقدي؟ أم يجب عليه أن ينفقه في سبيل الله تعالى؟ إن إجابة هذا السؤال، تحدد لنا إن كان في المال النقدي "عفو" أم لا؟ فإذا كان من حقه أن يحتفظ به في شكله النقدي دون استخدام، لم يكن في المال النقدي "عفو". أما إن كان لا يملك الاحتفاظ به في هذا الشكل، فيكون به "عفو".
-موقف القرآن الكريم من النقد الفائض عن شراء الحاجات الإنتاجية والاستهلاكية، يقول الله تعالى: "والذين يكنزون الذَّهب والفضّة ولا يُنفقونها في سبيل الله، فبشِّرهم بعذاب أليم، يوم يُحمى عليها في نار جهنّم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم، هذا ما كنزتم لأنفسكم، فذوقوا ما كنتم تكنزون" [التوبة:34،35]. لقد عرض لنا ابن العربي - رحمه الله تعالى - الأراء التي يوردها المفسرون في المعنّي بالكنز، وقد بلغت سبعة آراء، فهل هو المال المجموع مطلقاً؟ أم أنه المجموع من النقدين؟ أم هو المجموع منهما ما لم يكن حليا؟ أو هو المجموع منهما دفيناً؟ أم أنه المجموع منهما لم تؤد زكاته؟ أم أنه المجموع منهما لم تؤد منه الحقوق؟ أم أنه المجموع منهما ما لم ينفق ويهلك في ذات الله(59).
-المقرر أن المال النقدي لا يسمح بحجبه عن الحقوق المقررة فيه، فإن حدث ذلك اعتبرت النقود كنزاً، وحتى لا يقع المسلم تحت الوعيد الوارد في الكنز، فعليه أن يقوم بكل الحقوق الواجبة في المال من زكاة واستثمارات، وشتى فروض الكفاية الواجبة على الكافة، بنظامها المعروف في الإسلام. فإذا بقي مال نقدي لدى المسلم فوق الوفاء بهذه الحقوق، كان مالاً مطهر، لا يلام على الاحتفاظ به، ويترقب استخدامه فيما ينبغي أن يستخدم فيه.
- يكون "العفو" موجوداً في الأموال النقدية، ويؤكد ذلك نصيحة النبي صلى الله عليه وسلم لمن لديه مال يفيض عن كفايته من الإنفاق الاستهلاكي، والإنفاق الاستثماري، أن يبذله في وجوه النفع، مبيناً أن إمساك هذا الفائض شر، وإنفاقه خير، ولا شك أن المسلم مأمور بفعل الخير، منهي عن فعل الشر، لقد قال صلوات الله وسلامه عليه: " يا ابن آدم إنك إن تبذل الفضل خير لك، وإن تمسكه شر لك، ولا تلام على كفاف وابدأ بمن تعول، واليد العليا خير من اليد السفلى(60)".
- أن إمساك النقود ورصدها لأداء واجبات أمر مطلوب، حتى وإن كانت الواجبات غير حالة، ما دامت متوقعة، فقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحث على إنفاق المال أن يستثني ما يرصده المسلم لدين، قال صلى الله عليه وسلم : "ما يسرني أن عندي مثل أحد هذا ذهباً، تمضي عليه ثلاثة أيام، وعندي منه دينار، إلا شيء أرصده لدين، إلا أن أقول به في عباد الله هكذا وهكذا وهكذا، عن يمينه وعن شماله وعن خلفه(61)"، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو كان لي مثل أحد ذهباً لسرني أن لا تمر عليّ ثلاث ليال وعندي منه شيء، إلا شيء أرصده لدين"(62).
ففي هذين الحديثين تقرير جواز إمساك النقود لأداء واجب، مثل له النبي صلى الله عليه وسلم بالدين، ويقاس على ذلك كل نقود ترصد لواجب ما، مثل الإنفاق الاستهلاكي، والإنفاق الاستثماري المطلوب للمحافظة على الطاقة الإنتاجية، وتجنيب أقساط دورية لجمع مال يستخدم في الوفاء بحاجة استهلاكية أو إنتاجية، فمثل هذه الأموال مشغولة بالحق الذي ترصد له، فإمساكها غير ممنوع بل مطلوب.
- المال النقدي يعتبر أحد أهم مكامن "العفو" ، فإن المسلم مدعو إلى استخدام هذا العفو، أو تمكين غيره ممن هو في حاجة إليه من الانتفاع به. وتختلف طريقة تقديمه من حالة لأخرى، فهناك حالات يكفي فيها تقديم "العفو" من المال النقدي في صورة قرض، يسترد عندما ييسر الله تعالى للمقترض أداءه، وهناك حالات يجب فيها تقديم المال في صورة هبة أو صدقة، وهناك حالات يقدم فيها المال النقدي إسهاماً في مشروعات عامة، تفي بفرض من فروض الكفاية المطلوبة من المسلمين، وهناك حالات يقدم المال النقدي فيها لبناء مشروع استثماري بشكل مستقل، أو بالاشتراك مع الآخرين بصورة من صور المشاركة، إلى غير ذلك من صور إنفاق "العفو".
- للدولة والبنوك الإسلامية والمؤسسات الإقتصادية والاجتماعية والخيرية والنقابات المهنية والإتحادات الطلابية والأحزاب الساسية ولجان حقوق الإنسان دور كبير وهام ومؤثر في توجيه "العفو" وتوظيفة أفضل توظيف(63).
إجمالاً لموضوعٍ متشعبٍ.. هذه خطوط عامة علها تفي بالغرض من غير إيجاز مُخل، ولا إسهاب مُمل
- عرفت المجتمعات الإسلامية بدايةً نظام «إنفاق العفو» ومارسته طيلة أربعة عشر قرناً، وكان هذا النظام ـ ولا يزال بدرجةٍ ما ـ قاعدةً لبناء مؤسسات المجتمع في مختلف مجالات التكافل الاقتصادي والاجتماعي والتعليمي والصحي والخدماتي. بل لعله كان أحد "الابتكارات المؤسسية الاجتماعية" التي جسدت الشعور الفردي بالمسؤولية الجماعية، ونقلته من مستوى الاهتمام "الخاص" إلى "العام" تجاه المجتمع والدولة معاً.
- في سياق الاهتمام المتزايد بمؤسسات المجتمع المدني وفعالياته، يضحى "إنفاق العفو" من خلال مؤسساته، وإسهاماته في بناء ودعم تلك المؤسسات، أمراً ضرورياً. فضلا أنه يمكن إحياؤه، وتفعيل دوره في بناء المجتمع المسلم وفي دعم استقلاله، ونهضته، ووحدته. إن لدى جميع بلدان أمتنا إرثاً معتبراً من أموال وممتلكات عقارية ومؤسسية، ولكنّ هذا الإرث غير مرئي، وهو موضوع في دائرة الظل في أغلب الأحوال، وغير مستَغَلٍّ بالكفاءة المطلوبة لمصلحة المجتمع.
- إن مكامن "العفو" كثيرة، وحيثما يوجد المسلم، يوجد نوع من العفو، يمكن بذله في تحقيق النفع والخير للمجتمع وأفراده. . فليس "العفو" موجوداً عند الأغنياء أصحاب المال فقط، ولكنه موجود عند كل إنسان، غنيا كان أو فقيراً، فالغني لديه فضل ماله، يفعل به الخير، والفقير لديه فضل جهده، وقلبه، ولسانه، يفعل بها الخير، ويقدم منها "العفو".
- من الأهمية بمكان أن يكتشف المسلم ما لديه من إمكانيات وطاقات، وأن يستقر في نفسه واجب البذل والعطاء منها، تكليفاً يتجدد طلوع الشمس كل يوم. فمكامن "العفو" كثيرة، ويمكن إجمالها في ثلاثة مجالات:العفو من الجهد البشري.العفو من المال العيني.العفو من المال النقدي. وهي باتساعها وشمولها تحرك كل الأفراد، وتستنفر كل الطاقات، لتصب كلها في مجرى فعل الخير، وتتكاتف الإمكانيات المالية مع الإمكانيات البشرية - عقلية وعضلية ونفسية وروحية - من أجل الإسهام في بناء المجتمع المتكافل، الذي يمثل كل فرد فيه لبنة قوية في بناء متين، ويقف في موقعه سنداً لعمليات البناء والتعمير، يحاول قدر طاقته أن يكون مصدر عطاء ونفع للآخرين، قبل أن يكون جهة استفادة منهم.
-إن عجز المسلم عن أي فعل إيجابي يثري به الحياة، فإن له في الكف عن الشر باباً يلج منه إلى نفع المجتمع، ونفع نفسه: "..قلت يا رسول الله، أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل، قال: تكف شرك عن الناس، فإنها صدقة منك على نفسك"(64). ومهما يبلغ به العجز، فلا ينبغي أن يعجز عن كف شره عن المجتمع والناس، والمسلم مدفوع إلى هذا السلوك من منطلق الحرص على المصلحة الشخصية، فهو مع مثاليته الواضحة، عملي ومصلحي أيضاً، فهو يبذل للمجتمع من إمكانياته المادية، والنفسية، والروحية، والعقلية، والعضلية، ليحقق منفعته في الدنيا والآخرة، منطلقاً في ذلك من عقيدته، التي تقوم على أن ما يقدمه من نفع للمجتمع والناس، إنما يعود نفعه إليه. يقرر الله سبحانه هذه الحقيقة فيقول: "وما تُنفقوا من خيرٍ فلأَنفسكم، وما تنفقون إلاّ ابتغاء وجه الله، وما تُنفقوا من خيرٍ يُوفّ إليكم" [البقرة:272] ويقول: "مّن ذا الذي يُقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة" [البقرة:245] ويقول:مَنْ عمِل صالحاً فلنفسه" [فصلت:46]، ويقول تعالي:"وَمَنْ عمل صالحاً فلأَنفسهم يمهدون" [الروم:44].
- الأهم من وجود العفو هو القدرة على استخدامه، والاستفادة منه في تمويل التنمية الاقتصادية وهكذا نعيش في تناقض، بين توفر الفائض، وعدم القدرة على استخدامه وتوجيهه لتمويل التنمية الاقتصادية، بل ربما استخدم جانب كبير من هذا الفائض في تمويل نمو المجتمعات المتقدمة، بينما تحرم منه المجتمعات التي أنتجته، وهي في أمس الحاجة إليه.
-إن توجيه العفو إلى الإسهام في تحقيق التنمية الاقتصادية تقع على عاتق الكثير من المؤسسات القائمة في المجتمع، ابتداء من مؤسسة الدولة نفسها، كأهم مؤسسة في المجتمع، وانتهاء بالجمعية الخيرية، التي يكونها بعض الأفراد لأداء واجب من الواجبات الكفائية، مروراً بالكثير من المؤسسات التي يضمها المجتمع، مثل البنوك والنقابات المهنية، والأحزاب السياسية، والاتحادات الطلابية، إلى غير ذلك من مؤسسات وتنظيمات، تختلف عن بعضها البعض في مدى أهمية دور كل منها في توجيه العفو، لكن يبقى لكل مؤسسة منها دور تؤديه، ولا يغني فيه غيرها عنها.
خلاصة القول
إن قضية التنمية لها فلسفاتها وجوانبها المختلفة، لكنها في حقيقتها "عملية معرفية ثقافية حضارية"، تشمل مختلف أوجه النشاط المجتمعي، بما يحقق رفاهية الإنسان والمجتمعات، ويحفظ كرامتهم. وفي معاودة نهوض امتنا، واستعادة فاعليتها، ينبغي أن تُفهم وتتم وفق منهاج القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة. ووفق خصوصياتنا الإيمانية والشرعية والإجتماعية والإقتصادية الخ.
لقد أنزل الله تعالي القرآن للناس شرعة ومنهاجاً.. خطاب إلهي سليم، يحدد للناس مقاصد الدين، ويبصرهم برحلة حياتهم، وعِلة خلقهم، وسبيل قيامهم بأعباء الاستخلاف الإنساني، وكيفية تحقيقهم العبودية لله تعالي، أقتداءً برسول الله محمد صلي الله عليه وسلم، المبين عن ربه مراده ـ سبحانه تعالي ـ من الخلق، وسبل بنائهم المجتمع الإسلامي المتكافل.. المجتمع "المتعافي" الأنموذج المثير للاقتداء، المُغري بالاتباع.
فالأمة المسلمة، تمتلك قيم وطاقات روحية وعملية، وإمكانات مادية فاعلة، والتي يمكن -لو أحسن توظيفها - أن تحقق المنعة، وتـُستعاد الذات الحضارية المستلبة، وتتحقق فاعلية "الشهود"، والريادة الرسالية الحضارية، وهل عافية الدنيا الدنيا إلا تلك؟، ويبقي رجاؤنا في الله تعالي أن يتفضل علينا بسعادة الآخرة، إنه وليّ ذلك والقادر عليه.
يمكن التواصل مع الكاتب أ.د./ ناصر أحمد سنه على الإيميل التالي:
هوامش ومصادر
[1]- انظر: عمر عبيد حسنه في تقديمه لكتاب د. يوسف إبراهيم يوسف: "إنفاق العفو في الإسلام بين النظرية والتطبيق، كتاب الأمة ، العدد:36، ذو القعدة 1413 هـ، مايو 1993م. مركز البحوث والمعلومات، بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في دولة قطر. وعلي الشبكة الدولية للمعلومات، Islamweb.net.[2]- انظر: المعجم الوجيز، طبعة وزارة التربية والتعليم المصرية، 1993م، ص 425. [3]- الفخر الرازي: التفسير الكبير "مفاتيح الغيب"، دار الفكر، بيروت، 1978م، ط 2، مجلد 2، ص:221 ـ222. [4]- الفخر الرازي: م.س.، مجلد4، ص:337-338. [5]- القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، ط 2، 1952م، تحقيق أحمد عبد العليم البردوني، مجلد 3، ص:61. [6]- الشوكاني: فتح القدير، دار المعرفة بيروت، د.ت.، مجلد 1، ص:222. [7]- الطاهر بن عاشور، التحرير والتنوير، الدار التونسية للنشر، سنة 1984، ج2، ص 352. [8]- السيد محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة المصرية العامة للكتاب سنة 1973، بدون رقم، ج2، ص 268. [9]- ابن عطية، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، دار إحياء التراث، قطر، ج2، ص 239. [10]- سيد قطب، في ظلال القرآن، دار الشروق، القاهرة، ط7، مجلد1، ص 231). [11]- انظر: عمر عبيد حسنه في تقديمه لكتاب: "إنفاق العفو في الإسلامي بين النظرية والتطبيق،م.س.، :ص:18-20. [12]- رواه الإمام مسلم في صحيحه، انظر الإمام النووي، رياض الصالحين، طبعة دار إحياء التراث، قطر، ط1، سنة 1986، توزيع دار الثقافة، الدوحة، حديث رقم 550. [13]- رواه الإمام مسلم في صحيحه، انظر المرجع السابق، حديث رقم 564. [14]- د. يوسف إبراهيم يوسف: "إنفاق العفو في الإسلام م.س. [15]- رواه مسلم في صحيحه، وفي "رياض الصالحين" للإمام النووي حديث رقم 119. [16]- متفق عليه، وفي "رياض الصالحين" للإمام النووي حديث رقم:248. [17]- رواه الترمذي وقال حديث حسن، وفي رياض الصالحين للنووي، برقم 406. [18]-جزء من حديث متفق عليه، راجع رياض الصالحين للنووي، حديث رقم 117. [19]- جزء من حديث متفق عليه، راجع رياض الصالحين للنووي، حديث رقم122. [20]- جزء من حديث متفق عليه، راجع رياض الصالحين للنووي، حديث رقم248. [21]- جزء من حديث متفق عليه، راجع رياض الصالحين للنووي، حديث رقم122. [22]- جزء من حديث متفق عليه، راجع رياض الصالحين للنووي، حديث رقم244. [23]- جزء من حديث متفق عليه، راجع رياض الصالحين للنووي، حديث رقم245. [24]- جزء من حديث متفق عليه، راجع رياض الصالحين للنووي، حديث رقم177. [25]-رواه مسلم ، وانظر رياض الصالحين، حديث رقم 245. [26]-رواه النسائي بإسناد صحيح ، انظر رياض الصالحين حديث رقم 195. [27]- جزء من حديث متفق عليه، راجع رياض الصالحين للنووي، حديث رقم 248. [28]-عدة روايات لحديث رواه مسلم كلها عن أنس ، رضي الله عنه ، انظر رياض الصالحين ، حديث رقم: 135، رواه البخاري بلفظ:"ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً ، فباكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة" صحيح البخاري ، باب ما جاء في الحرث والمزارعة. [29]-نفسه. [30]-نفسه. [31]-رواه البخاري في صحيحه م.س.حديث رقم 604. [32]- رواه البخاري في صحيحه،أنظر رياض الصالحين، م.س. حديث رقم 149. [33]-متفق عليه، انظر رياض الصالحين، حديث رقم، 150. [34]-جزء من حديث صحيح، متفق عليه، وانظر رياض الصالحين، حديث رقم 117. [35]- جزء من حديث صحيح، متفق عليه، وانظر رياض الصالحين، حديث رقم248. [36]- جزء من حديث صحيح، متفق عليه، وانظر رياض الصالحين، حديث رقم119. [37]- جزء من حديث صحيح، متفق عليه، وانظر رياض الصالحين، حديث رقم119. [38]- جزء من حديث صحيح، متفق عليه، وانظر رياض الصالحين، حديث رقم244. [39]- جزء من حديث صحيح، متفق عليه، وانظر رياض الصالحين، حديث رقم233. [40]- جزء من حديث صحيح، رواه البخاري، وانظر رياض الصالحين، حديث رقم262. [41]- جزء من حديث صحيح، رواه أبو داود، وانظر رياض الصالحين، حديث رقم272. [42]- جزء من حديث صحيح، رواه أبو داود والترمذي، وانظر رياض الصالحين، حديث رقم1387. [43]- جزء من حديث صحيح، رواه مسلم، وانظر رياض الصالحين، حديث رقم245. [44]- جزء من حديث صحيح، رواه أبو داود، وانظر رياض الصالحين، حديث رقم1382. [45]- رواه أبو داود والترمذي، وقال حديث حسن، واللفظ لأبي داود، وانظر رياض الصالحين، حديث رقم196. [46]- رواه أبو داود والترمذي والنسائي بأسانيد صحيحة، المرجع السابق، حديث رقم197. [47]- متفق عليه، وانظر رياض الصالحين، حديث رقم126. [48]- الشيخ رشيد رضا: تفسير المنار،م.س.، ج 2، ص:270. [49]- تفسير الجلالين، المكتب الإسلامي ، بيروت، ط 3، 1988م، ص:823. [50]-ابن العربي: أحكام القرآن،دار الفكر العربي، بيروت، د. تز، ص:1984-1985. [51]- انظر: المعجم الوجيز، م.س.، مادة "معن". [52]-متفق عليه، وفي رياض الصالحين، برقم:307. [53]-رواه البخاري ، وفي رياض الصالحين برقم138. [54]-رواه الترمذي وقال حسن صحيح، وفي رياض الصالحين برقم:1304. [55]- د. يوسف إبراهيم يوسف: "إنفاق العفو في الإسلام،م. س.، ص:87. [56]-المرجع السابق،ص:87. [57]- يحي بن آدم ، الخراج، المطبعة السلفية، ط2 1384هـ ،ص:59. [58]- د. يوسف إبراهيم يوسف:م. س.ص:88-89. [59] - للمزيد راجع :ابن العربي،م.س.،ص 928. [60]-صحيح مسلم، وفي رياض الصالحين برقم:550. [61]-متفق عليه، وفي رياض الصالحين برقم 463. [62]-متفق عليه، في رياض الصالحين برقم،464. [63]- للمزيد من التفصيل راجع د. يوسف إبراهيم يوسف:م.س. ص: 103 وما بعدها. [64]- متفق عليه، وفي "رياض الصالحين" حديث رقم:117.
  #1254  
قديم 02-12-2013, 06:17 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

الروح وعلم الجينات الحديث

صورة لبيضة ملقحة في حالة الانقسام
{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً } [الإسراء: 85].
في ظل الدراسات الحديثه القائمة اليوم والتي يعكف العلماء عليها للتوصل حول حقيقة الكائن البشري وماهية التركيب الجزيئي له معلقين شتى الامال حول علاج الامراض المستعصيه التى أرقت عصرنا فقد إستجدت علوم جديده إختلفت الاراء حول موقف التشريعات الإلهيه والدينيه منها راجعا إلى السبب إلى الخوف من خلط الأنساب فما أن إستحدث علم الجينات والمورثات وما أن ظهرت الشفرات الوراثيه بدأ العلماء يخضون تجاربهم حول إمكانية إستخلاص خلايا جديده لربما تكون مستقبلا بدائل وحلولا للخلايا المعطوبه و لعل من أكبر الأحداث التى أثارت ضجه في العالم هي ظاهرة الاستنساخ "النعجة دولي " وكيف أن الخوف قد علا على الساحات العلمية والإجتماعيه وفي هذا المقال أحب أن أسلط الضوء عن تكوين الخلايا البشريه وأصلاها وكيف أن الروح هي سر الإبداع الإلهي لإحياء هذه الخلايا التى لا تعد من أن تكون مواد أوليه.
الخلية هي وحدة التركيب والوظيفة في الكائن الحي ويعنى بالكائن الحي هنا إشارة إلى وجود الروح فلورجعنا لمنشأ الخلية الحية من أول خلقها لبدأنا رحلتنا حيث نرجع إلى أصغر جزء من المادة ألا وهي ذرات العناصر المكونه للمواد الحية ألا وهي ذرات الكربون والهيدروجين والاوكسجين والنتروجين والمعادن الاخرى مثل الحديد والفسفور وهي أيضا المكونات الاساسيه للتربه لقوله تعالى:{ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم تنتشرون} الروم (20 ) وتعبر الذرات في هذه الحاله مفرده في الصورة الغير عضوية وما أن تتحد مع بعضها البعض بنسب مختلفه تصبح مواد عضوية جديده "نظرا لوجود ذرات الكربون" لا تقل أهميه عن تلك العناصر التى أتت منها مفرده فلوتخلينا أننا أستطعنا تجميع الذرات مع بعضها البعض بإستخدام أحدث التقنيات الحديثه مثل تقينة النانو المتناهية الصغر وكونا السكريات الخماسية الغير مؤكسده ومن ثم قمنا بتجميعها بكميات كبيره لنحصل على جزيء واحد من الدي إن إيه DNA وضعفناه حتى نصل إلى الكروموسوم الواحد ولله المثل الأعلى فهذا لا يعني بالمفهوم العلمي أننا إستطعنا تخليقه لأنه يبقى حتى الأن مجرد جزيء معقد التركيب مهما إستطاعنا الحصول علية مخبريا وحيث الكروموسومات توجد بداخل أنوية الخلايا والتى تتحد مع بعضها البعض مكونة الأنسجة التى ما تلبث أن تتخصص إلى الأعضاء مكونة الكائن الحي الكامل فإنه ينقصها مفتاح الحياة ألا وهو الروح لقولة تعالى:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً } [الإسراء: 85].
الشكل التالي يبين الجينوم البشري
وحتى علم الاستناخ وعلم الخلايا الجذعيه كلها لا يمكن نجاحها بدون وجود الروح الموكله بأمر الله تعالى وحده ولا تسطيع اليد البشريه مهما بلغ علمها التدخل في ذلك والدليل الواضح على ذلك هوأن الجنين في رحم أمه عند بدأ خلقه يكون مجرد نطفة ثم علقه ثم مضغة إلى أن تبدأ مرحله تشكيل الجنين وهنا يبعث الله بأمره ملك موكلا بهذه الروح فتدب الحياة في الجنين بعد120 يوما من تكوينه أي خلال الشهر الثالث يقول تعالى : {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين * ثم خلقنا النطفة علقة * فخلقنا العلقة مضغة * فخلقنا المضغة عظاما * فكسونا العظام لحما * ثم انشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين}المؤمنون (12- 14)
وفي كلا العلمين المستحدثين يحتاج علم الاستنساخ إلى وجود البيئه الروحيه التى ينموبها وهي بداخل رحم الام المضيفه وفي علم الخلايا الجذعيه يحتاج إما إلى خلايا الإنسان البالغ من نخاع العظم عادة أو الحبل السري فور ولادة الجنين وحفظها في بنوك خاصه. ومهما إستطاع العلماء تخصيص هذه الخلايا إلى أعضاء هامة مثل القلب أو الكلى فهي تبقى مجرد أعضاء بلا روح لا تدب بها الحياة الا بداخل كائن حي يملك روحا يقول الدكتور حسين اللبيدي مدير مستشفى وعضو هيئة الإعجاز العلمي بمكة المكرمة وعضو جمعية الإعجاز العلمي بالقاهرة وجنوب الوادي في موقع الإعجاز العلمي للفرأن والسنه "وباختصار العملية ما هي إلا وضع نطفة أمشاج مخلوقة لله وجاهزة مسبقاً في رحم مجهز لذلك ليتم بعدها تخليق الجنين بإذن الله خلقاً من بعد خلق، وكل أفعال العلماء -وهم عباد الله - تدور حول منطقة النطفة لا تتعداها وكل أفعالهم ما هي إلا عملية تؤدي إلى تصيير نطفة أمشاج في رحم مجهز لاستقبالها فهي عملية نقل أوتحويل لا خلق فيها وتدخل تحت مسمى (الجعل) " دلالة على ضرورة وجود الروح ومهما أنُكرت حقيقة الوجود ونسبت العلوم إلى الطبيعة تبقى الذات الالهيه لله الواحد القهار ولا تملك النفس البشريه منها أي شيء مهما بلغت من تقدم وتطور.
وأخيرا يبقى علماء العلوم المختلفه وخاصة الكيمياء الحيوية منهم مهما وصلومن تقدم هائلا لا ليس بيدهم إلا أن يقفوأمام عظمة الخالق في نفخ الروح وبعثها تاركين وراء ظهورهم مجال الشك بعيدين كل البعد في التدخل في مسألة الخلق التي هي من إختصاص الله وحده فتبارك الله أحسن الخالقين....
بقلم الكاتبه
نور باقادر – كيمياء حيوية – جامعة الملك عبد العزيز آل سعود
  #1255  
قديم 02-12-2013, 06:18 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

تأملات إيمانية فى سورة الشمس

.د. ســلامه عبد الهادي
أستاذ في علوم إدارة الطاقة وعميد سابق للمعهد العالي للطاقة بأسوان
القرآن الكريم هو كتاب الله ورسالته الخاتمة .. أنزله الخالق إلى الناس كافة ليخرجهم من الظلمات إلى النور ويهديهم إلى صراطه المستقيم .. فصلت آياته بعلمه الذي سخر به كل ما في الكون لطاعته و بحكمته التي أخضعت كل شيء لقوانين رحمته .. كل آية من آياته تحوى إعجازا لا يتطاول إليه أحد من خلقه على مدى العصور ... ونقف اليوم أمام أول آيات من سورة الشمس ... وفيهـا توجيه من الخالق أن ينظر الإنسان إلى آيات الله في الآفاق وفى نفسه .. آيات حددهـا الخالق في تسلسل إلهي حكيم من تدبير رب العالمين .. حيث جاء يقول الحق: والشمس وضحـاهـا، والقمر إذا تلاهـا، والنهـار إذا جلاها، والليل إذا يغشاها، والسماء وما بناها، والأرض وما طحاهـا، ونفس وما سواهـا، فألهمهـا فجورها وتقواهـا، قد أفلح من زكاها، و قد خاب من دسهـا ...
هكذا تبدأ السورة الكريمة بكلمة الشمس وسميت كذلك بالشمس، فالشمس هي النجم الذي تدور حوله وتتعلق به أرضنا في الفضاء، بخيوط تجذبهـا إليهـا، خيوط لا نراهـا ولكن نؤمن بوجودهـا، أطلق عليهـا العلماء خيوط الجاذبية ، وحاولوا أن يجدوا لها القوانين التي تحدد قيمتهـا على هذا الأساس، ولكن من الذي سن هذه القوانين وأخضع لهـا الأرض والشمس ... لا سبيل للأرض أن تظل سابحة هكذا فى الفضاء وتدور حول الشمس بهذه الدقة والاستقرار سوى التسليم بأن لهـا خالقـا قدر مقاديرهـا ودبر أمرهـا وأخضعهـا لطاعته وقوانين رحمته ... ويطلق العلماء على الشمس ومجموعة الكواكب التي تدور حولهـا ومنهـا الأرض ككوكب من كواكبهـا اسم "المجموعة الشمسية" ... وتملك الشمس وحدهـا كتلة تعادل 99.86% من كتلة المجموعة الشمسية .. ولا تتعدى أرضنا أكثر من
تملك الشمس وحدهـا كتلة تعادل 99.86% من كتلة المجموعة الشمسية
0.00003 من كتلة هذه المجموعة .. .. لهذا يأتى أول قسم بها فى هذه السورة الكريمة .. وكذلك لترتيبهـا في الخلق ، حيث يعتقد العلماء أن الكواكب التي تدور حول الشمس كانت جزئً منهـا ثم انفصلت عنهـا .. أي أن خلق الشمس جاء قبل خلق كل الكواكب بما فيهـا القمر و الأرض .. وبهذا يمكن أن نعتبر الشمس هي الأم لكل هذه الكواكب، فمنهـا جاء خلقهم عندما انفصوا عنها، ثم هي الحاضنة لهم، يدور الجميع في كنفهـا ولا تستقر حركتهم فى هذا الكون الفسيح إلا من حولهـا .. كما أثبت العلم أن هناك انطلاقاً مستمراً للطاقة من الشمس نتيجة لتفاعلات نووية تجرى بداخلهـا بصورة مستمرة ومستديمة ويتم من خلالهـا دمج نواتيذرتين من الهيدروجين لتكوين ذرة واحدة من غاز الهليوم الأقل وزنا من ذرتى الهيروجين .. ويتحول فرق هذه الكتلة إلى طاقة حرارية تصدرهـا الشمس .. فتبعث إلى من حولهـا الدفء والقدرة على الحركة .. ونجد أنه في كل ثانية تتحول ملايين الأطنان من كتلة الشمس إلى طاقة تبعثهـا الشمس باستقرار وثبات واستدامة إلى كواكبهـا ومنهم الأرض .. والضح هو البذل أو العطاء كما يعرفه علماء اللغة .. بذل تهبه وتعطيه الشمس في فترات الضحى فى كل بقعة تنيرها من بقاع الأرض على مدار اليوم الكامل .. كل بقعة لهـا حينها وتوقيتها ونهارها .. وبالقطع فإن ضحى الشمس أو تضحيتهـا تنقص من عمرهـا، وقد قدر العلماء أن عمر الشمس حوالي عشرة آلاف بليون سنة .. وأنهـا قضت نصف هذا العمر تقريباً وباقي النصف الآخر .. هكذا نجد شمسنا في ضحاها أو تضحيتهـا تمنح ما لديهـا من كتلتهـا ومحتواهـا من أجل استمرار حياة و دفء لمن تحضنهم من حولهـا، طاعة وامتثالاً لأمر خالقهـا ومدبر أمرهـا .. وما أوقات الضحى التي ننعم بهـا على الأرض سوى استنزافاً من كتلة الشمس وتكوينهـا وتعجيلاً بنهايتهـا وانتهاء عمرهـا .. هكذا جاء استكمال قسم الخالق في أول هذه السورة الكريمة بالشمس أولاً ثم بضحاها .. إنها إشارة تثير فى العقل تدبر لا ينتهي في أسرار هذا الكون .. من أوجد هذه الشمس لتحتضن أرضنا وتضحى من أجلهـا بهذا الثبات والاستقرار؟ ثم ما الذي علقهـا في هذا الكون رغم هول حجمهـا وضخامة كتلتهـا .. ثم كيف استقرت التفاعلات داخلها بالرغم من هولهـا بهذا الكمال وهذه الدقة .. من حدد لهـا هذه الكتلة وهذا الحجم وهذه المعدلات وهذه الدرجات بحيث لا تتغير ولا تتبدل على مدى الملايين من السنين والقرون والدهور ... إن فى مجرتنا أكثر من بليون نجم مثل الشمس، ولكن ليس لأي منهـا هذا الثبات والاستقرار مثل ما للشمس من ثبات واستقرار .. فأي نجم يزيد حجمه أو كتلته عما للشمس من حجم وكتلة وكثافة، يقصر عمره ولا يسمح للكواكب أن تستقر حركتها من حوله ، ولكن يضمهـا إليه وتذوب في أحشائه .. وإذا قلت هذه المقادير تتكاسل معدلاته وتتوه الكواكب من حوله .. ولكن الله خص نجمنا أو شمسنا بالمعدلات التى تستقر بهـا معدلاتها وحركات الكواكب من حولها .. إنهـا إرادة خالقهـا الذي ينبهنا إلى أن نتدبر هذا القسم الإلهي الذي يستفتح به هذه السورة المسماة باسمهـا.
ثم نأتي إلى الآية التالية .. توجيه آخر صادر من الخالق كي نتدبر آيات أخرى جاءت في كتابه كي نقرأ بهـا آيات الكون من حولنـا .. فنحن أمة اقرأ الذي كانت أول كلمة أوحى بهـا إلى رسول الله و بهـا بدأ الوحي ينزل من السماء على خاتم المرسلين .. نأتي إلى قسم الحق بظاهرة كونية أخرى تلت الشمس وتبعتهـا، حيث يقول الحق "والقمر إذا تلاهـا" .. من الثابت علمياً أن صخور القمر أقدم من صخور الأرض، لهذا فمن المحتمل أن خلق القمر قد جاء تالياً لخلق الشمس، وقبل خلق الأرض .. ولهذا جاء ترتيبه بعد الشمس وقبل الأرض في الآيات .. ثم أن القمر كرة من الصخور المعتمة غير القادرة على أن تشع نوراً من تلقاء نفسهـا .. ولكنه يستمد نوره من ضياء الشمس الساقط عليه، ولهذا يعد هذا الكوكب تابعا أو تالياً للشمس فيما يرسله إلى الأرض من نور .. وهذا ما تنص عليه الآية
من الثابت علمياً أن صخور القمر أقدم من صخور الأرض، لهذا فمن المحتمل أن خلق القمر قد جاء تالياً لخلق الشمس
فى حكمة وعلم ربانيين .. والقمر في ترتيب أفلاكه وتحوله من المحاق إلى الهلال ثم إلى البدر ثم رجوعه إلى هذه الدورات مرة كل شهر يعتمد على تداخل حركته حول الأرض مع حركتهما معاً حول الشمس .. فهو تالياً أيضاً للشمس في حركته مع الأرض من حولهـا .. ثم إن القمر بالرغم من حركته المركبة حول الأرض ومع الأرض حول الشمس إلا أنه تبعيته للشمس تبعية كاملة فهو يواجه الشمس بوجهه الثابت الذى لا يتغير على مر الأيام و الشهور و الأعوام .. لهذا فهو تابع أو تال مطيع للشمس فى نوره وحركاته واستقراره .. وهذا الوجود والظهور والنور للقمر مشروط بالتزامه فى تبعيته للشمس إتباعا كاملاً عبرت عنه الآية الكريمة بهذا اللفظ المشروط "إذا تلاها" .. هذا الشرط ندرك كنهه إذا ما علمنا أن القمر كتلة هائلة من الصخر يبلغ قطرهـا حوالي 3250 كيلومترا أى بلايين حجم أى قمر صناعى و يبعد عن الأرض مسافة 384000 كيلومترا .. أي آلاف المرات مثل بعد أى قمر صناعي .. ويعجز البشر حتى عصرنا هذا عن الاحتفاظ باستقرار حركة هذه الضآلات التي يطلقون عليها الاسم أقمارا سوى فترات قصيرة لا تزيد عن العام الواحد ... بالرغم من متابعتهـا بأجهزة التحكم وتصحيح المسارات وبما فيهـا من أجهزة إمداد للطاقة وأجهزة تصحيح المسارات، وبالرغم من سهولة حركة هذه السفن إذا قيست بحركة القمر .. حيث نرى القمر مانحا لضيائه ويتغير شكله أو تتبدل منازله كل يوم عن اليوم السابق له فى حركة منتظمة و ثابتة تتكرر كل شهر على مدى القرون و الدهور ... كيف استقرت الشمس ثم كيف استقر القمر فى مداراتهما وضيائهما ونورهمـا ... هكذا جاء هذا الإعجاز بهذا القسم لرب العالمين لعرض ظاهرتين كونيتين تدلان على حكمة خالقهما وعلم وقدرة مدبر أمرهمـا .. وهذا بأدق الكلمات وأحكم العبارات لكل ما يمكن أن تدركه عقولنـا وتستوعبه علومنا .. فتوقظ هذه العقول وتتنبه أن لهـا ربا دبر كل شيئ وقدر كل شيء بكل هذه الحكمة وهذه القدرة وهذا العلم .. رباً عزيزاًَ قديراً حكيماً رحيما أنزل على عبده الكتاب ليكون للعالمين نذيراً.
ثم تتوالى الآيات والمعجزات فيوجهنا القسم التالى لرب العالمين عن النهـار الذي يجلى ضياء الشمس وعطائها .. والنهار في أي بقعة من بقاع الأرض هو تلك الفترة التى تستمتع فيه تلك البقعة بدفء الشمس وسطوعهـا .. والتجلي هو التعاظم حيث يجعل الخالق للشمس شأناً عظيماً في ساعات النهـار عند كل بقعة سطعـت عليها بما تفيضه الشمس من ضياء يبدد الظلمات كى يمارس الناس نشاطهم و عملهم وحياتهم .. وهذا التجلي للشمس مشروط بما هيأه الخالق للشمس من أسباب حتى يكون لهـا هذا التجلي في ساعات النهـار، .. فلو جاء خلق الأرض من مواد تمتص أشعة الشمس كلهـا لمـا تجلت الشمس عند سطوعها .. فعندما نرى الرمال صفراء، يجب أن ندرك أن هذه الرمال امتصت جميع أشعة الشمس وألوان الطيف فيهـا كي تعطي الأرض هذا الدفء بما اختزنته داخلها من هذه الطاقة .. ولكنهـا تعكس لأعيننا موجات الشمس التي نراها باللون الأصفر .. وبانعكاس هذه الموجات نرى كل شيئ من حولنـا .. وكذلك .. عندما تنظر إلى البحار و تراها زرقاء، بالرغم من شفافية مياهها، فهذا لأن هذه البحار أيضا امتصت من الشمس جميع الألوان وجميع الإشعاعات الحرارية التي سقطت عليها من الشمس لتعطى الدفء لمخلوفاتهـا البحرية ونباتاتهـا المائية، ثم تعكس لنا قدراً بسيطاً من هذه الأشعة كي نرى البحار ونميز المخلوقات بداخلهـا، وهذا القدر تراه أعيننا التي صمم الخالق خلايا شبكيتهـا باللون الأزرق، فنرى البحار ونرى كل شيء حول البحار بما عكسته من أشعة وضياء للشمس .. وإذا رأيت السماء زرقاء أيضا بالرغم من شفافية الهواء، فهذا لأن هناك ذرات بعض الغازات في الهواء لهـا القدرة على امتصاص الأشعة قصيرة الطول مما ترسله الشمس خلالها من أشعة، وهي الأشعة التي تسبب اللون الأزرق فى أعيننـا .. ثم تعاود هذه الذرات إشعاعها مرة أخرى فنرى بهـا السماء زرقاء أو حمراء بحسب ما تمتصه ثم تشعه هذه الذرات ... ولو شاء الخالق أن تمتص هذه الرمال والبحار والسماء كل أشعة الشمس ولا تعكس منهـا شيئاً لرأينا صحراء قاتمة وبحار سوداء و سماءً مظلمة .. أي كوناً معتماً طوال ساعات النهـار .. أي نهاراً لا يعطى قيمة أو قدراً للشمس .. فلا تظهر هذه السيمفونية من ألوان الطيف من حولك ساعات السحر و الضحى .. لن تكون هناك هذه العظمة أو التجلي لساعات الشمس فى نهارها ..




يتبـــــــــــــــــــــع




  #1256  
قديم 02-12-2013, 06:19 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

يتبــــــــع الموضوع السابق

تأملات إيمانية فى سورة الشمس


و هناك نعمة أخرى .. فلو لم يخلق الله أعيننا بحيث ترى في المجال الذي تبعث الشمس ضياؤها من خلاله، أي الموجات الكهرومعناطيسية التي ينحصر طولهـا من 0.3 ميكرون و حتى 0.7 ميكرون، لأشرقت الشمس وغربت دون أن نشعر بهـا أو يكون لنا نهار يختلف عن الليل .. وهذا ما يحدث للعقارب والخفافيش التي قدر لها الله ألا ترى شيئاً بنور الشمس .. فالنهـار الذي يجلى الشمس و يجعل لهـا قدرا فى عيوننا جاء بتدبير إله قدير ، حدد الأطوال و خصص الصفات و صمم الأعين و دبر الانعكاسات و قدر الامتصاصات و هيأ القوانين و دبر الساعات و أحاط بالظلمات .. و لهذا أتى الحرف "إذا" قبل كلمة "جلاهـا" .. فهذا التجلي مرتبط بإرادته وحكمته ورحمته وقدرته هو لا أحد سواه الذى أتاح لهذا النهـار أن يجلى الشمس ويعظم من شأنهـا ويرفع قدر ضحاهـا وتضحيتهـا ... شمس تشع ما تراه الأعين وأسطح تعكس ما تدركه الأعين وعقل يترجم ما يصل إلى الأعين .. عبرت عنه كلمتين "إذا جلاهـا".
ثم نأتي إلى الآية التالية ويأتي فيهـا ذكر الليل أو ظلام الكون الذي يغشى شمسنا وكل شيء من حولنا .. و كما نعلم أن في السماء عددا هائلا من النجوم يزيد عن عدد الرمال فى الصحراء .. منهـا ما يزيد في حجمه عن الشمس ملايين المرات .. و لو اقتربت هذه النجوم من شمسنا لابتلعتهـا وكدرت سكون ليلهـا .. ولكن الخالق أبعد كل هذه النجوم عنا أبعاداً تصل إلى ملايين السنين، و احتفظ لسمائنا بظلامهـا .. ظلام يغلف شمسنا وأرضنا، وهذا رحمة منه وفضلاً، فلا شمس غير شمسنا في سمائنا القريبة منا .. وقد جاء الحرف "إذا" أيضا في هذه الآية مشروطاً بما قدره الله للشمس من مواقع أقصا بها عنـا باقي النجوم .. وقدر لأفلاكهـا أن تبتعد عنـا بهذه المسارات القاصية الأبعاد .. فنحن نسبح في ليل وظلام ممتد في أبعاد سحيقة قدره لهـا رب العالمين .. وهذا الظلام استطاع أن يراه الآن رواد الفضاء عندما يخرجون بسفنهم خارج مجال الأرض .. حيث يرون الظلام يغلف كل شيء فى هذا الكون من حولنا ... فهو يغلف الشمس و يغلف الأرض و يغلف القمر .. وكل ما يرونه مضيئا هو قرص الشمس سابحا فى الظلام .. ثم وجه الأرض الذى يسطع عليه ضياء الشمس و يتجلى فيه نهـارهـا .. وهذا الظلام الذي يغشى شمسنا مرتبط أيضا بأن الشمس لا يحيط بهـا هواء يعكس أشعتهـا ، وإلا لتبدد هذا الإشعاع قبل أن يصل إلينا عبر ملايين الكيلومترات التى تقطعهـا أشعة الشمس قبـل الوصول إلى الأرض .. إنهـا خصائص المادة التى تفصل بين الأرض و الشمس .. ويطلق عليهـا العلماء إسم الأثير .. ما هو هذا الأثير .. وكيف تنتقل من خلاله إشعة الشمس دون أن تتأثر بهـا وتنير الفضاء من حولهـا فلا تغشاها هذه الظلمة الموحشة لمن يرتاد السماء وينظر إليهـا .. هل هناك مادة اسمها الأثير حقاً أم هي من صنع خيال العلماء .. ولو كان لا وجود لهذه المادة .. فخلال أى شيئ يمكن أن تنتقل أشعة الشمس .. وكيف يفصل بين الأرض و السماء فراغا ضغطه صفر .. أى فراغ كامل .. وهل يستقيم مع هذا الفراغ الكامل استقرار الأرض والشمس في الكون دون أن ينضمان إلى بعضهمـا البعض .. هكذا نصل إلى أننا كلما اقتربنا من حقيقة يمكن أن تدركهـا عقولنـا آمنا أن هناك الكثير لا نستطيع أن ندركه .. عقولنا محدودة وعلومنا محددة .. فهذا الأثير الذى يفترض العلماء وجوده لا يستطيع أحد أن يتخيله .. ولهذا جاء قسم الحق بهذا الظلام الذى يغشى الشمس وسمائهـا .. ظلام أو ليل ارتبط بقدرته و قوانينه وعلمه وحكمته وأسراره التى لا ولن نعلم عنهـا شيئا .. هكذا جاء قسم الحق المرتبط بإرادته لأنه أرادهـا هكذا فى الحرف "إذا" و فى هذا القسم .. "والليل إذا يغشاهـا" ...
إن من ينظر إلى الآيات السابقة وينظر كيف وضعت كل هذه الحقائق عن ظلمة الكون التي تغشى كل شيء بما فيها الشمس ثم كيف خص الله الأرض بأن تتجلى الشمس في الجزء الذي تضح عليه أشعتهـا في ساعات النهـار، حقائق لم نعلم عنهـا شيئاً إلا بعد أن ذهب رواد الفضاء و صوروا لنا الشمس سابحة في بحر الظلام و لا يبدد هذا الظلام إلا وجه الأرض المضيء .. لقد جاء ذكرهـا بكل البساطة والإعجاز العلمي والبلاغي والموسيقى والجمالي .. إنه إعجاز خالقهـا ومدبر أمرهـا .. لا أحد سواه.
و بعد أن أقسم الحق بالشمس وضحاها وقمرها والظلمة من حولهـا، يقسم الحق بالسماء التي تعلقت فيهـا هذه الشمس بكواكبهـا وأرضهـا وقمرهـا، وتعلقت فيهـا هذه الأبراج بشموخهـا واستقرارهـا ...
ثم يقسم باستفسار رباني: ما بناهـا ؟ .. كيف استطاعت أن تحمل كل هذه الأوزان والأثقال .. كيف تم بناؤهـا لتتحمل وزن الشمس بداخلهـا والذي يصل إلى ملايين و ملايين وزن الأرض .. ثم هذه الأبراج التى تحتل داخلها أبعادا تصل إلى ملايين ملايين السنين الضوئية .. ما هى القوة وراء بنائهـا بهذا الإبداع والكمال والجمال .. ما هى الحكمة وراء حسابات تماسكهـا بهذا الجمود و الإتقان ... ما هى القدرة وراء بقائهـا كل هذه البلايين من السنين دون أن تنهـار كما تنهار المباني بعد مئة أو ألف عام .. كيف بنيت وكيف استقرت و كيف أبدعت وكيف توافقت ... أسئلة يثيرهـا الحق بهذا الاستفسار المعجز عن أسرار لا يعلمهـا أحد إلا هو .. وبالرغم من ادعاؤنا أننا فى عصر العلم .. إلا إنه لا أحد يعلم منا حقا "ما بناهـا" سوى أنهـا من أسرار الخالق الذى يعلم كيف بناهـا وما بناهـا .. لهذا يقسم الحق بهذا القسم عن حكمة و قدرة و علم و يقين بمدى عظمة هذا البناء الذى لا يعلم سره إلا هو ..
.. هذا ما كان من أمر القسم بالسماء و ما بناهـا ... ثم يأتى إلى قسم تالي .. قسم بالأرض .. هذا الكوكب الذي اختصه الرحمن باحتضان حياة الإنسان عليه .. كوكب لم يتيسر لسواه كل الأسباب والمقومات التي تقيم الحياة عليه ... وزنه وحجمه وطبيعته وكثافته وعناصره ورماله وجباله وهواؤه وماؤه وبحاره وسحبه ومحيطاته وشمسه وقمره وأفلاكه وأفلاك ما حوله وزواياه وأبعاده ودوراته ومساراته ولقد قال العلماء كي نجد الحياة على كوكب آخر فى الكون كله يجب أن تكون له نفس هذه المحددات التى ذكرتهـا ومحددات أخرى غفلت عن ذكرهـا .. لهذا يأتى قسم الحق بهذه الأرض .. ثم بهذا الاستفسار الإلهى الذي لا نعرف له سبباً .. ما طحاهـا ؟ .. و الطحو هو الدحو أو الإنتشار والانطلاق في هذا الكون حيث تدور الأرض حول نفسهـا مرة واحدة كل أربع وعشرون ساعة وحول شمسهـا مرة كل 365.25 فى دائرة يصل مسارها إلى ملايين الكيلومترات دون توقف أو انقطاع .. وكلمة أطاح بالشيء أي أطلقه
تدور الأرض حول نفسهـا مرة واحدة كل أربع وعشرون ساعة
ومن كلمة طحاهـا اشتقت آلة الطاحون التى تدور وتدور بانتظام واستقرار .. فتتوزع الأعلاف بالتساوى بين رحاهـا دون اختلاف .. وهكذا في الأرض في طحاها وانطلاقهـا ودورانها حول نفسهـا يتوزع الدفء بين جنباتهـا ويتماثل ضغط الهواء فى غلافهـا والرياح على أطرافهـا والمياه والمجالات في جوفهـا .. ولكن ما هي القوة التي تدفعهـا بحيث تستمر طوال عمرهـا فى هذا الطحو أو الدحو .. من أين جاء العلم الذى قدر هذه الأبعاد وما هو مبعث الحكمة التى قدرت هذه السرعات و الزويا و المعدلات حتى تستقر الحياة على وجه الأرض بدرجات حرارة و ضغوط و اتزان و انسجام و التزام و كمال وجمال .. كل هذا عبرت عنه الآية فى استفسار بكلمتين "ما طحاهـا" .. وفى الآية السابقة عن السماء "ما بناهـا" .. لا رد أمامنا سوى إنهـا حكمتك أيهـا الخالق العظيم وقدرتك أيهـا الرب الرحيم .. لهذا جاء قسمك بشيء لا نعلم أسراره وأنت وحدك العليم به .. ومهما حاولت النظريات وافترضت الفرضيات ، فما زال العلم عاجزاً عن أن يتطاول إلى حدودنا التي حددتهـا لعقولنا ومداركنا .. حقاً ما بناهـا وما طحاهـا .. إنهـا مقابلة وانسجام وتسلسل منطقي .. فبدون السماء وبنائهـا وامتدادهـا .. ما كان للأرض انطلقهـا و طحوهـا ..
ثم نأتى إلى القسم الأخير فى سلسلة هذه الاستفسارات.." و نفس و ما سواهـا" .. إنه قسم بالنفس البشرية.. لغز الألغاز.. ولن أخوض في النفس البشرية وأعماقهـا .. فحديثى ينصب على آيات الحق فى الآفاق .. أما فى أنفسهم .. فلهـا رجالهـا .. ولكن أحاول أن أقف أمام استفسار الحق "و ما سواهـا" .. أنه استفسار عن أسرار حار العلماء فى معرفتهـا .. هل جبلت النفس البشرية على الشر ... و ما هى النفس و كيف استوت .. الجواب واضح فى الآية التالية لقسم الحق .. "ونفس وما سواهـا، فألهمها فجورها وتقواها".. أن الله خلق الأنفس جميعا على الفطرة .. نفساً سوية .. فالنفس البشرية جسد له رغباته ونزعاته وشهواته .. ثم نفخة روحانية لا ندرى كنهها لأنهـأ من روح الله فى جميع البشر منذ أن خلق الله سبحانه و تعالى آدم أبو البشر .. تتكرر فى خلق الأجنة كما أرشدنا رسول الحق .. هكذا يضعنا الحق أيضا بهذا القسم و الآية التالية له أمام سر من الأسرار الذى لا تصل إليه علومنـا .. لكن ما هى الروح التى تسيطر على الجسد و الرغبات و الشهوات .. إنهـا من أمر ربى و لم نؤت حقا من العلم إلا قليلا .. وعرف الحق أن الفجور فى ترك النفس نهبا للجسد وشهواته ومادياته .. والتقوى في تحكم هذه الروح والفكر والعقل في ردع الشهوات والرغبات وتسييرها كما شرع الخالق لها .. ولهذا لدى كل نفس الإلهام والمقدرة على الفجور طاعة لرغبات الجسد وعلى التقوى استجابة لصوت الروح والعقل ..إنهـا الأمانة التى حملهـا الخالق للبشر وترك لهم حرية الاختيار والقرار .. فلديه النجدين .. هكذا جاء تعريف النفس وخلقهـا كما تنص عليه الآية الكريمة فى إعجاز وسهولة ويسر، و لا يقدر على هذا الوصف والسرد والتسلسل سوى خالق النفس ومدبر وجودهـا وحياتهـا واستمرارهـا على أرضه وتحت شمسه وداخل بنائه وسمائه .. أشياء لا يعلم الإنسان من أسرارهـا شيئا بل لا يدرى من أمر نفسه أو روحه شيئا سوى ما قدر الله له .. آيات جاءت فى تسلسل ربانى حكيم لا يقدر على سرده بهذه الحكمة إلا رب العالمين ، لنعلم أنا لا نعلم شيئا من أسرار أنفسنا وما حولنا.
ثم نأتى إلى جواب قسم كل الآيات السابقة .. القسم بحق الشمس ومعجزاتهـا والسماء وبنائها والأرض وانطلاقها وفي النهاية بالنفس وتسويتهـا .. يأتى الجواب محددا و موضحا و مبينا أين طريق الفلاح وأين طريق الخيبة .. يأتى هذا النص الرباني الواضح أنه أفلح و فاز بالخير وظفر بالهداية ونجا من الشقاء كل إنسان طهر نفسه من السوء و سما بهـا عن الشر واتبع الحق وبعد عن الباطل وأخلص لمن دبر له أمر الشمس و الأرض والسماء والقمر ومنحه هذه النفخة الروحانية فاستجاب لصوت العقل و سار فى طريق الطاعة و الرحمة .. وأنه قد خاب وخسر نفسه وأوقعهـا في المهالك و أوردهـا غضب الخالق كل من انتقص من أمر روحه وأخفاهـا أو دسهـا ودسسهـا في رغبات جسده أو ألغى عقله وراء شطحاته و سخر نفسه للشر و ارتكاب المعاصى ومخالفة أوامر الله أو ترك الخير فى طاعة الخالق.
.. إنه جواب محدد وصريح وكامل ... والدليل أن هذا النص الربانى هو جواب هذا القسم أنه أعطى المثال على تنفيذ هذا الجواب والسنة والدستور والوعد والوعيد في قصة ثمود ... قتقص الآيات التالية كيف جاءت سنته فى عقاب ثمود التى حادت عن أمر ربهـا وكيف كانت الخيبة لمن أخضعوا أنفسهم للشهوات والحيود عن أمر ربهم ... وهذا عندما اتبعت ثمود أشقيائها وطغاتهـا وتركت نداء العقل من نبيها .. فكان العقاب أن استأصلهم الله من الأرض و دمدمها عليهم وأزالهم من الوجود انتظارا لسوء العاقبة فى الآخرة وعذابهـا .. قصة قوم عرفهـم العرب وأهل الكتاب يمرون على مساكنهم .. قصة حية بينهم كدليل واضح على سنن الله التى لا تتبدل ولا تتغير .. وقد جاء عن زيد بن أرقم أن رسول الله كان يقول هذا الدعاء عند سماع هذه الآيات "اللهم أنى أعوذ بك من العجز والكسل والهرم والجبن والبخل وعذاب القبر .. اللهم آت نفوسنا تقواها و زكهـا أنت خير من زكاهـا أنت وليهـا و مولاهـا .. اللهم إنى أعوذ بك من قلب لا يخشع و من نفس لا تشبع و علم لا ينفع و دعوة لا يستجاب لهـا .. اللهم آمين و صلى اللهم على حبيبك و رسولك .. و نسألكم الدعاء.
يمكن المراسلة على البريد التالي:
المصادر:
مصدر الصور من موقع : http://en.wikipedia.org
  #1257  
قديم 02-12-2013, 06:21 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

تأملات إيمانية فى سورة النازعات


بقلم الدكتور سلامة عبد الهادي محمد
أستاذ في علوم إدارة الطاقة وعميد سابق للمعهد العالي للطاقة بأسوان
القرآن... كتاب عظيم فصلت آياته من لدن حكيم عليم لتخاطب كل البشر فى كل العصور على اختلاف حضاراتاهم و ثقافاتهم و علومهم بالبراهين العلمية و العقلانية و المنطقية كي تؤكد بما يبصرونه و يدركونه و يعلمونه أن الله سبحانه و تعالى هو الخالق الحق لكل شيء فى هذا الكون... و أنه هو الله الذي لا إله إلا هو.. بناهـا، هذه التأملات أمام سبع آيات من سورة النازعات، حيث نتدبر فيهـا بعض من فيض العلم الرباني و الهدى الإلهي الجلي فى كل كلمة و كل حرف منها، حيث يقول الحق فى الآيات من الآية 27 و حتى الآية 32 (ءأنتم أشد خلقا أم السماء.. بناهـا، رفع سمكهـا .. فسواهـا، و أغطش ليلهـا... وأخرج ضحاهـا، والأرض بعد ذلك.. دحاهـا، أخرج منها ماءهـا... ومرعـاهـا، والجبـال أرساهـا، متاعا لكم... ولأنعامكم ) هكذا تدحض هذه الآيات بأبلغ الكلمات والعبارات وبأدق الأدلة العلمية والعقلانية حجج من ينكرون قدرة الله الحق على إعادة نشأة الإنسان، هؤلاء الذين يجادلون بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير... فيعقد الحق مقارنة بين إنشاء هذا المخلوق الضعيف أو شدة نشأته مع نشأة هذا الكون المتسع الفسيح.
تبدأ الآيات بسؤال يوجهه الخالق إلى من ينكرون قدرة الخالق على نشأتهم مرة أخرى، باستفهام يثير الفكر ويختبر المعلومة ويطرح المشكلة فى الإطار الذي لا مرد له ولا قدرة على إنكاره... ثم يأتي بالمعلومة الصادقة والمنطق العلمي والعقلاني الحق ليدحض كل حجج الكافرين والمتبجحين و المنكرين... إن من ينكرون قدرة الخالق على بعث أجسادهم مرة أخرى يستحقون أن ينظر إلى كيانهم كمنشأ مـادي فقط و لا ينظر إلى كيانهم الآدمي الذي أكرمه الله... فلهذا تعقد الآيات مقارنة بين القدرة المطلوبة لإعادة هذا المنشأ الآدمي بشدته المحدودة، والقدرة التي أنشأت وسخرت هذا الكون الفسيح كي يحيا ويستمتع فيه الإنسان... هذا الكون بسمائه وأرضه و ليله و نهـاره وجباله وأنهـاره وسهوله ومراعيه... فجاالسماء.استفسار المنطقي والبلاغي فى كل كلمة بل كل حرف: ءأنتم أشد خلقـا... أم السماء ... هذه السماء فى امتدادها اللانهائي الذي تعجز أبصارنا وعقولنـا عن تخيل امتدادهـا... هذه السماء فى انتظامهـا و بروجهـا ونجومهـا و حاراتهـا ... هذه السماء فى جمالهـا و بهـائهـا... هل قارنا حجم الأرض التي نحيا عليهـا بحجم الشمس إلى نراها على هيئة كرة لا يزيد قطرها عن ¼ متر ... إن حجمهـا الحقيقي قدر حجم الأرض أكثر من مليون مرة.... هل تخيلنـا أن حجم الأرض قياسا لحجم السماء التي نبصرها حولنا يعادل حجم حبة رمل واحدة بالنسبة لحجم صحراء إفريقيا بأكملهـا... هذه الأرض التي يحيا عليهـا كل هؤلاء البشر ببحارها ومحيطاتها و جبالها وقاراتهـا مجرد حبة رمل فى صحراء كبرى قياسا بحجم الأرض بالنسبة للسماء... من أشد خلقـا وأكبر حجمـا و أعظم بنيانا... ثم يضع الخالق أمامنا هذه الحقيقة القاطعة، إن هذه السماء التي نراها أشد خلقـا هو وحده الذي وضع لبناتهـا و نظم بنيانهـا بأمره بكلمة واحدة واضحة .بنـا... حتى لا تتيه العقول ولا تنحرف الأفكـار فى نظريات... يعلن الحق أنه هو الذي خلقهـا من العدم و وزع لبناتهـا فى الكون بكل الدقة والانتظام فجاء بنيانها شديداً متراصاً بانتظام لا يتغير و لا يتبدل... بناهـا.نظريات العلمية فإن هذا الكون قد ابتدأ محدوداً للغـاية ثم جاءت إرادة خالق قدير وضعت لبناته الأساسية بهذا الأمر البين... بناهـا ... ثم أخذ هذا البنيان يتمدد ويتوسع ليملأ هذا الامتداد اللانهائي... وتسمى هذه النظرية بتمدد الكون... ولا تجد هذه النظرية العلمية مفراً من الاعتراف أن هذا التمدد تم بيد وإرادة خالق واحد لأنه جاء موحداً بنفس اللبنات و القوانين والذرات والعناصر والمركبات.. خامات واحدة نشأت منهـا جميع النجوم... مجرات متشابهة وحارات متكررة وقوانين ثابتة ونماذج مقلدة... وهكذا صاغ الله هذه الحقيقة بوضوح كامل و دقة فائقة... جاءت بقول الحق... رفع سمكهـا... أي أن الله هو الذي زاد ومد ورفع سمك هذه السماء أو عرضهـا بقدرته و حكمته و أمره... وعلى قدر علومنا فإن هذا الامتداد قد جاء من توسع المدارات والمجرات والحارات فى هذا الكون الفسيح... وكي يحتفظ هذا التمدد الكوني بثباته واستقراره، فلابد أن تتزن وتتساوى قوى الجذب والتنافر أو الطرد والشد بين مكوناته من نجوم وكواكب ومجموعات ومجرات وأبراج، كي تصير حركة الأفلاك فى السماء إلى ما صارت إليه من انتظام دون إخلال... ومن ينظر إلى الحسابات الفلكية التي تقوم بهـا الشهور والفصول والمدارات، فيجد أنهـا جميعاً تعتمد على استقرار و ثبات هذه الأفلاك ، لا بد وأن يشعر أن هناك ميزاناً إلهيـاً قد ساوى بين هذه القوى وأحكم إخضاعهـا للقوانين التي سنهـا فاستوت على ما حدد لهـا من أفلاك والتزمت على ما يسر لهـا من مسارات وما هديت إليه من مجريات ... فصار للسمـاء هذا الكمال و الاتزان... فسواهـا.اء القرآن بما يقر ما ذهبت إليه فطرتنا وعلومنا واعترافنا بوجود هذا الميزان الإلهي فى كل أرجـاء هذه السماء بهذا القول الفصل.. فسواهـا ... نعم، لم يحفظ لسمائنا هذا الاستقرار والكمال بالرغم من اتساعها و امتدادها إلا أن الخالق غمرها برحمته و حكمته و قدرته... .. فسواهـا... فسواهـا.يحفظ لسمائنا هذه الأمن فى أرجـائهـا والاستواء فى أركانهـا بالرغم من لانهائيتها إلا أن الله غمرهـا بعدله وسننه ولطفه... فسواهـا ... و الآن... ءأنتم أشد خلقـا ؟
ننتقل الآن إلى ما اكتشفه العلم الحديث من حقيقة هذه النجوم الصغيرة التي نراها مساءً في السماوات الصافية، حيث تبين أنهـا شموس يصل حجم البعض منهـا إلى ملايين المرات ضعف حجم شمسنا التي تنير كل بقعة فى أرضنـا أوقات سطوعهـا عليهـا منذ ساعات الضحى إلى ساعات الغروب... لو تخيلنا اقتراب أي نجم من هذه النجوم العملاقة من أرضناًَ ، لمـا نعمنـا بليل نسكن فيه و راحة ننعم بهـا عندما يرخى الليل بسدوله ... و لو اقتربت أي من هذه النجوم منا لاحترقت الأرض بقمرهـا بل بشمسهـا المحدودة فى حجمهـا و شكلهـا... إن الأبعـاد التي تبعد بهـا أقرب هذه النجوم عن أرضنا و عن شمسنا تقدر بملايين السنين الضوئية... و السنة الضوئية هي المسافة التي يقطعهـا الضوء فى سنة كاملة بسرعته التي تبلغ 33.000 كم فى الثانية الواحدة ... أي أن أقرب هذه النجوم إلينـا قد بعثت إلينا بأشعتهـا وضوئـهـا منذ عدة ملايين من هذه السنين لبعدهـا عنا هذه المسافات، لهذا لا نشعر بطغيان هذا الضوء والإشعاع على هدوء و استقرار وظلام ليلنـا، و لا تشارك شمسنـا فى الدفء القاصر عليهـا والذي تبعثه إلينا فى ساعات سطوعهـا.... من الذي أبعد عن الأرض التي نحيا عليهـا هذه البلايين من النجوم العملاقة فى السماء كل هذه المسافات و الأبعاد حتى لا تبدد ظلمة ليلنــا... من يكون سوى خالق واحد أراد لهذه الأرض الحياة و الوجود و الاستقرار فى ليل تنعم به بالهدوء و السكينة... لقد أعلن الخالق عن هذا الفضـل كما عبرت عنه الآية التالية حيث يقول الحق بكلمات محددة تصف بكل الدقة فضل رب العالمين... أغطش ليلهـا... أي أظلم ليلهـا وغطى وأغطش كل ما يمكن أن يبدد هذه الظلمة... كما نضع الستائر فوق النوافذ لتحول وصول الضوء إلى أعيننا... كذلك أبعد الله عن الأرض النجوم الأخرى لتحول وصول ضوئهـا الكاسح إلينا وكي لا تبدد ظلمة ليلنـا، و حتى تكون لنا سماءً خاصة بنـا ننعم فيهـا بسكوننا و هدوءنا و نومنا.
هكذا بقدرة الله وحكمته وعظمته و لطفه ومحبته ومودته أبعد عنا هذه النجوم أو الشموس الأخرى بأشعتهـا و ضيائهـا و لم يبقى لنـا غير شمسا أو منبعا واحدا للدفء والطاقة والضياء... مصدر واحد أخرجه الله من هذه البلايين من الشموس التي أبعدهـا... أخرجه و أوجده لنا الخالق كي ننعم بالضياء ساعات الضحى... منبع واحد لا يبعد عن أرضنا سوى دقائق ضوئية معدودة وليست ملايين من السنوات الضوئية كتلك النجوم التي أغطش الخالق عنا لهيبهـا وأقصاهـا عنا برحمته... منبع واحد محدود يحترق من أجلنـا ويتحول جزء من كتلته إلى طاقة تبعث دفء و ضياء ينير الأرض... إن التفاعل الذي يحدث فى الشمس كي تخرج منهـا الطاقة المطلوبة للأرض يسمى بالاندماج النووي، حيث تندمج ذرتي الهيدروجين، و هو الغاز الذي يمثل كتلة الشمس، و تتحولا إلى ذرة جديدة بكتلة تقل عن الكتلة الأصلية لذريتي الهيدروجين، و يحترق هذا الفرق فى الكتلة أو يتحول إلى طاقة تخرجهـا الشمس بقدر محدد لو زاد لاحترقت الأرض و لو نقص لتجمدت الأرض، إن هذا النوع من الاندماج النووي الذي يحدث فى الشمس وتحترق أثناءه ملايين الأطنان فى كل لحظة، يعجز البشر حتى يومنا هذا عن محاكاته و لو لدمج أقل عدد من الجرامات من الهيدروجين، حيث أن كم الانفجار الذي يحدث عند تحويل هذه الجرامات إلى طاقة، أضخم من أن يسيطر عليهـا البشر فى أي مفاعل مهما بلغ تقدمهم العلمي، و كل ما تمكنوا منه هو استخدام هذه الطاقة فى التدمير عند إلقـاء قنبلة هيدروجينية... و الآن من الذي اختار للأرض وأخرج لهـا هذا النجم دون سائر النجوم الأخرى و سيطر على تفاعلاته و تحكم فى درجات حرارته و مقدراته حتى يخرج لنـا منه ما يضحى به من أجل بقاء الأرض بهذا الثبات أو المعدلات الثابتة التي تحتاجهـا من هذا الاحتراق و التي لا تتغير و لا تتبدل... شمس يتوافق ما تبعثه لنا من طاقة مع ما تحتاجه الأرض وأهلهـا و زرعهـا و بحارهـا و سهولهـا.. بل تتوافق أطوال موجات ما تبعثه لنـا مع قدرة عيوننا على رؤية ضحاهـا و نورهـا فنرى بهذا الضياء ما يبدد ظلمة الكون الذي يغلف سماءنا فى ساعات النهار... فبدونهـا لن ترى الأرض نورا فى نهـارهـا أو دفء فى جوهـا.... لقد رأى العلمـاء أن بقاء استقرار الأرض و حياتهـا التي تقدر بملايين السنوات ما كانت لتستمر لو أن لنـا شمسا تختلف عن شمسنا هذه فى الحجم أو الكتلة أو المعدلات أو الأبعاد... فهناك نجوم أكبر من الشمس تنهـار بمعدل أسرع من الشمس و كذلك أقل فتتمدد بدون حدود... و درجة الحرارة فى باطن الشمس تصل إلى 16 مليون درجة مئوية، و لو زادت هذه الدرجة بمليون أخرى لتضاعفت كمية الطاقة الصادرة منهـا أربعة مرات و هذا يكفى لأن يحرق الأرض
درجة الحرارة فى باطن الشمس تصل إلى 16 مليون درجة مئوية، و لو زادت هذه الدرجة بمليون أخرى لتضاعفت كمية الطاقة الصادرة منهـا أربعة مرات و هذا يكفى لأن يحرق الأرض
أيضا أربعة مرات.. و العكس صحيح إذا قلت هذه الدرجة... إن نصيب أرضنـا من هذه الطاقة التي تخرج من الشمس كل لحظة لا يعادل أكثر من 1 على عشرة أمامهـا عشرة أصفار على الأقل.. و بالرغم من هذا فإن تأثرهـا بهذه المعدلات يفوق كل خيال... من وراء هذا الانضباط و التحكم و الحكمة و العلم و الإيداع... إن الخالق يضع أمامنا أسرار هذا الكون العظيم فى خياراته و أقداره و مقدراته بعلم إلهي و كلمات بالغة الكمال و الجمال، حكمة لا يستطيع أن يصل إلى أعماقها إلا هو... فهو وحده الذي يعلم تأويلهـا الحق... و لكن عندمـا تحتـار العقول و تتيه الأبصـار تجد الرد كاملا فى خاتم كتبه.. نص نقصر عن أن نلم بمحتواه ولكنه يضع الرد على ما يجيش فى رؤوسنـا وقلوبنـا... فيقول الحق أنه هو الذي... أخرج ضحاهـا... و هذا استكمالا للشطر الأول من الآية الذي يذكر فيه أنه هو الذي ... أغطش ليلهـا... و الآن ألا يستطيع الخالق الذي يخرج من الشمس هذا القدر الهائل من الطاقة ليغمر سمائنا بهذا الضياء أن يخرجنـا و يعيد نشأة البشر من الأرض... هل يستطيع المنكرون أن يجدوا ردا على هذا الاستفسار... ءأنتم أشد خلقـا ؟؟؟ أم السماء و خلقهـا و ما فيهـا
ثم تسترسل الآيات فى تسلسل منطقي و منهج رباني لتسرد علينا الكثير من أسرار هذا الكون و مراحل خلقه... فبعد أن خلق الله لبنات السماء وبناهـا ثم قدر لهـا هذا التمدد والتوسع... ثم أنعم على الأرض بشمس واحدة تضحى بما يخرجه الحق منهـا و أبعد عنهـا باقي الشموس التي يمكن أن تعكر ظلمة ليلهـا...تأتى الآيات إلى خلق الأرض نفسهـا... و لا أتطاول و ادعى أن العلم هو الذي أثبت أن هذه هي مراحل الخلق، فالقرآن هو المرجع الحق و كل ما عداه يجب أن يستشهد به... و لكن النظريات العلمية وجدت حقا أن السموات أقدم من الأرض و أن شمسنا نجم حديث السن بالنسبة لباقي النجوم التي نراهـا فى السماء... و أن خلق أرضنـا جاء بعد خلق الشمس كما توحي به تسلسل هذه الآيات ... حيث وجد العلماء أن أرضنـا هي كوكب انفصل عن الشمس و يدور حولهـا وحول نفسه وقد تجمدت قشرتهـا الخارجية بفعل برودة الكون... و لكي نقرب من خيالنا الأبعاد التي تفصل بين الأرض و الشمس فى دورانهـا حول الشمس.. فلو مثلنـا الشمس بكرة كبيرة قطرهـا مترا، فإن الأرض سوف تكون كرة صغيرة أو كما نسميهـا بعاميتنا بلية صغيرة لا يزيد قطرهـا عن 0.9 سم أو 9 مم ... و تدور هذه الكرة الصغيرة حول الشمس فى دائرة نصف قطرهـا 120 مترا كل 365.25 يوما و تدور حول نفسهـا كل 24 ساعة ... لو تخيلنـا أي خلل فى الأبعاد أو الأزمنة لانتهت الحياة على الأرض... فلو أن هذه المسافة بين الأرض و الشمس زادت أو قلت بأقل النسب... فستزداد قدر الطاقة الساقطة من الشمس على الأرض أو تقل... و لتبخرت المياه كلهـا من الأرض أو تجمدت، و لتوقفت مناحي الحياة عليهـا... و كذلك دورة الأرض حول نفسهـا 24 ساعة لا تزيد و لا تنقص بأقل القليل على مدى الأيام و الفصول و السنوات و القرون، بالرغم من أن هذه الكرة الأرضية منبعجة و غير منتظمة الشكل... و لو حدثت أي زيادة أو نقصـان فى ساعات الليل و النهـار و بأقل النسب لاحترقت الأرض أيضا أو تجمدت.. و كذلك دورة الأرض حول االاستقرار، تستغرق كما ذكرنا 365.25 يوما بكل الانضباط و الاستقرار، و فى دورانهـا يميل محور دورانهـا حول نفسهـا بالنسبة لمستوى دورانهـا حول الشمس بزاوية قدرهـا 23.5 درجة لا تزيد أو تقل، و لو اختلف زمن دورات الأرض أو زواياهـا لاختلت فصول السنة و المناخ و خريطة الرياح و السحاب و لاضطربت كل مناحي الحياة على
وجد العلماء أن أرضنـا هي كوكب انفصل عن الشمس و يدور حولهـا وحول نفسه


يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــع




  #1258  
قديم 10-12-2013, 08:20 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

يتبـــــع الموضوع السابق
تأملات إيمانية فى سورة النازعات



الأرض... ما زال العلم يقف عاجزا عن تحليل أسباب و مقومات ثبات كل هذه الأبعاد و الأزمنة و الزوايا الدورات... فالطبيعة لا يمكن أن تكون لديهـا كل هذه الدقة و القدرة و العلم و الحكمة و الحسابات و التقديرات و الإبداع و الكمال و الجمال فى ضبط ساعات اليوم و الفصول و السنوات... و حتى لا تتيه عقولنا نرى الخالق يخاطبنا بالقول الفصل أنه هو بحكمته و قدرته وراء كل هذا... فتأتى الآية التالية بكل هذه المعاني فى نص معجز، حيث يقول الحق.. و الأرض بعد ذلك دحـاهـا.. إن كلمة دحـاهـا التي احتواهـا هذا النص القرآني أو احتوتهـا هذه الآية تقدم الرد الكامل على ما سبق بل تقدم أيضا رسالة كاملة عمـا اكتشفته علومنا الحديثة فى خلق الأرض... فقد اعتقد العلماء فى الماضي أن الأرض كروية و لهذا سميت بالكرة الأرضية... ثم تبين للعلمـاء قصور نظرتهم و نظرياتهم عندما تمكنوا من قياس قطري الأرض عند خط الاستواء و عند القطبين و وجدوا اختلافهما البين... لهذا أعلنوا أن الأرض بيضاوية الشكل و ليست كروية... و هكذا تنص الآية الكريمة فى كلمة دحاهـا... أي صورهـا على شكل دحيـة أو بيضة... كما وجدوا أن هذه الكلمة كما عبرت عن شكل الأرض، فإنهـا تعبر أيضـا عن حركة الأرض فى دحوهـا حول نفسهـا و حول الشمس، كي يتعاقب الليل و النهـار و تتعاقب فصول السنة... حيث تبدو الأرض لمن يراهـا من مكان بعيد أن الخالق قد دفعهـا فى السماء لتدور حول نفسها و فى مسار بيضاوي حول الشمس و جعلهـا فى حركتهـا تتدحرج كما تتدحرج البيضة إذا دحيت على الأرض... أو كمثل حركة الجعران عندما يدحيه أحد فيأخذ فى الدوران حول نفسه و فى دوائر ملتفة حول بعضهـا... فالدحو شكل و حركة و كما أن الدحية فى دحوهـا تراها تدور حول محور غير عمودي على مستوى دورانها.. نجد أيضا أن محور دوران لأرض حول نفسهـا يميل كما ذكرنا حول مستوى دائرة دورانهـا حول الشمس بزاوية ثابتة لا تتبدل و لا تتغير كي تتعاقب الفصول فى ثبات و تنتظم حركة الرياح و السحب و الأمطار كما ذكرنا... هكذا ينبأنا الحق أن ما نراه من انتظام الليل و النهـار و انتظام الفصول و انتظام الحرارة و الضياء جاء بالقدرة الإلهية كما تنبأنا هذه الآية.. و الأرض بعد ذلك دحـاهـا... قدرة يمكن رؤيتهـا فى كل لحظة و ساعة و صباح و نهار و مساء و يوم و شهر و فصل و سنة و ضوء و ظلام و سكون و حركة فى هذا الكون البديع... و الآن هل نجد حقا إجابة لهذا الاستفسار... ءأنتم أشد خلقـا ؟؟؟
ثم تتعاقب الآيات فى تسلسل منطقي كي تشير إلى أن قدرة الله التي أخرجت لنـا من الشمس ما تحتاجه الأرض من ضياء و طاقة، أخرجت لنـا من الأرض ما تحتاجه الحياة عليهـا... المـاء و المرعى... فيقول الحق استكمالا للآية السابقة عن الأرض.. أخرج منهـا ماءهـا و مرعاهـا... من كان يدرى أن المـاء لا يأتي من خـارج الأرض و لكن من داخلهـا... لم يكتشف العلم هذه الحقيقة إلا فى عصرنـا الحديث... لقد أودع الخالق فى الأرض مخزونا ثابتا و هائلا من المياه المالحة فى البحار و المحيطات التي تغطى 60 % من سطح الأرض... إن هذه المياه بما تحتويه من نسبة حددهـا الخالق من الأملاح يمكن أن تحتفظ بنضارتهـا و نقاوتهـا مهمـا طالت فترة تخزينهـا دون حركة.. و هذا على عكس المياه العذبة التي تتعطن إذا خزنت دون حركة أياما قليلة... فأملاح مياه البحـار لا تسمح للطفيليات و البكتيريا و الجراثيم أن تعبث بهـا، كما تتحلل بملوحتهـا أي أجسام ميتة فلا تفسد و تتلوث كما يحدث فى مياه الأنهـار... إنهـا حكمة الله فى حفظ هذا المخزون الهائل من المياه المالحة كي تستمر الحياة على الأرض ما شاء الخالق لهـا فى الاستمرار... ثم قدر الله للشمس بأن تبعث من حرارتهـا و أشعتهـا و ضحاهـا ما يكفى لبخر قدر معلوم من هذه المياه المالحة بما يكفى الحياة على الأرض فيتجمع هذا البخار على هيئة سحب من قطرات الماء العذب الذي يسقطه الخالق أينما يشاء و وقتما يشاء على هيئة أمطار تملأ الأنهـار و العيون و الآبار بالماء العذب المطلوب لقدر معلوم من الحياة و الأحياء... هكذا نجد أن الله حفظ لنا معينا لا ينضب و مخزونا لا ينتهي و يتجدد دائما مع طلعة كل شمس كي يخرج لنا منه هذا القدر المطلوب من ماء الحياة... إن انضباط مقادير الطاقة التي تبعثهـا الشمس مع مساحة سطح المياه التي تمتص هذه الطاقة من الشمس مع مقادير الماء التي تحتاجهـا الأرض مع طرق تخزين الماء الذي يخرج منهـا ثم يعود إليهـا بالصورة التي تحتاجهـا الحياة على الأرض لا بد و أن تكون من صنع إله واحد عظيم حكيم عليم قدير بديع السموات و الأرض... خاطبنا بأعظم عبارات و أدق الكلمات وأحكم النصوص عن آياته فى خلقه كي لا يكون لنا حجة يوم القيامة.. هل هناك نصا أبلغ من هذا... أخرج منهـا ماءهـا و مرعاهـا.... أن الخالق هو الذي أعد لهذا الخروج أسبابه ومقوماته... أو هل يتصور أبلهـا أن هناك طبيعة بهذا العقل والرشاد بدون إله واحد أحد وقدرة فائقة خططت و أملحت وخزنت وأخرجت... ثم نستكمل تدبر قول الحق فى الآية الكريمة التي تذكر إخراج المرعى تاليا لإخراج الماء... فالمـاء سبباً فى خروج المرعى أو النبات الذي تحيا عليه أنعامنا و نحيا نحن به و لا حياة على الأرض من دونه... فهو الذي يدخل فى صنع الغذاء الذي به ننمو و نتحرك و نحيا... و إذا تدبرنا كيف أخرج الخالق لنـا المرعى من هذه الأرض فسنجد أنه كما احتفظ لنا بمخزون من الماء احتفظ لنا أيضا فى الأرض بمخزون هائل من العناصر الأولية و من المعادن و الأملاح التي لا تنضب و تتجدد دائما فى دورات محكمة التدبير و الحساب... كي تمد النبات بما يحتاجه لصناعة الغذاء لكل الأحياء على الأرض... كما أن فى طبقة الهواء الذي يحيط بالكرة الأرضية غاز النيتروجين ويمثل أيضا عنصرا رئيسيا فى تكوين غذاء النبات ويصل إلى النبات من خلال مياه الأمطار التي تذيبه بداخلهـا عند سقوطهـا من السمـاء... و تستكمل العناصر التي تشكلمرعاهـا أثناء عملية التمثيل الضوئي كي يعد لنـا النبات الطاقة المطلوبة لحركتنا بما يختزنه من ضحاها أي من طاقة الشمس أثناء هذه العملية
و إذا تدبرنا كيف أخرج الخالق لنـا المرعى من هذه الأرض فسنجد أنه كما احتفظ لنا بمخزون من الماء احتفظ لنا أيضا فى الأرض بمخزون هائل من العناصر الأولية و من المعادن و الأملاح التي لا تنضب
الأساسية لحياة جميع الأحياء على الأرض بما فيهم الإنسان بل و النبات أيضـا... فلن تقوم بالحركة أو بذل أي مجهود بدون مصدر للطاقة، و هذا لمصدر يأتي من الطاقة التي يختزنهـا النبات من الشمس وتحترق داخل أجسام المخلوقات الحية بمساعدة أكسيجين الهواء... هل هناك أبلغ من قول الحق بهذه الكلمات و النصوص البديعة والتي تعبر عن هذه الحكمة البديعة فى هذا الكون البديع و التي لا بد أن تكون صنعت و كتبت بيد خالق هو بديع السموات و الأرض... فكانت آياته المقروءة فى هذا الكون و هذا القرآن أبدع دليل على إبداعه و كمال صنعه و حكمته و قرآنه... و الآن أليس الله الذي أخرج هذه الطاقة من الشمس و أخرج منهـا هذا الماء و المرعى بهذا القدر و الانضباط بقادر على أن يخرج منهـا الإنسان و يعيد بناء هذا المنشأ الآدمي المحدود جدا جدا مرة أخرى... هل نجد ردا آخر على قوله سبحانه و تعالى... ءأنتم أشد خلقـا ؟؟؟
ثم نأتي بعد ذلك إلى الآية التالية فى ترتيب هذه الآيات و أيضا فى ترتيب خلق هذا الكون... بداية من بناء السماء حتى دحي الأرض ثم أودع الخالق فيهـا ما يبقى الحياة على وجههـا حتى تقوم الساعة من ماء و مرعى... تأتى الآية التالية حيث تضع أمام أبصارنا سراً آخر من أسرار هذا الكون الممتد بحكمته... فيقول الحق فى الآية التالية والجبالأرسـاهـا ... إن الجبال أتى خلقهـا الله بهذا الشموخ و الارتفاع لهـا جذورا تمتد فى الأرض بقدر ارتفاعهـا عشرات المرات فتشكل مع الجبال أوتادا تتماسك عندهـا و بهـا القشرة الأرضية المغلفة للأرض عند بعد ثابت عن مركز الأرض... عند هذا البعد الذي أرسى به الخالق هذه الجبال على سطح الكرة الأرضية يتساوى جذب الأرض للقشرة الأرضية التي تحفظ للجبال رسوهـا مع قوة الطرد المركزي المؤثرة عليهـا نتيجة دوران الأرض حول نفسهـا.. فلا تهبط هذه القشرة أو الجبال الراسية عند هذا البعد تحت تأثير جذب الأرض لهـا و لا ترتفع تحت تأثير قوة الطرد المركزي... و لو تخيلنـا أن زاد بعد الجبال عن مركز الكرة الأرضية بمقدار 200 ميل فقط، و هو بعد أقل من 1 % من نصف قطر الكرة الأرضية، لاختل توازن القشرة الأرضية نتيجة طغيان قوة الطرد المركزي على قوة جذب الأرض... و لتغير و تمددت الأرض عاما بعد عام حتى تفنى الحياة من عليهـا... ثم لتغيرت نسبتا غازي الأكسيجين و النيتروجين لاختلاف كثافتيهما و اعتمادهما على قدر جاذبية كل منهما عند هذا الارتفاع... و لاختلفت أيضا ظروف الهواء الذي نحيا عليه من ضغط و درجة حرارة بما لا يناسب ضغط الدم الذي يندفع فى عروقنا و فى أجسام كل الأحياء من نبات و حيوان و لاختلفت كذلك درجة الحرارة التي تناسب أجسامنا و أجسام كل المخلوقات الحية على الأرض... ثم لاختلفت قدرة جذب الأرض لمـا عليهـا من مخلوقات و مياه و سحب و أنهـار... فما استطعنا أن نسير بأنفسنا و دوابنا و عرباتنا بهذا القدر من الحرية و الانطلاق، حيث ستكون حركتنا فى قفزات كمثل حركة رواد الفضاء فوق القمر... و ستتطاير المياه من البحـار و تدور فى حلقات حول الأرض كما تدور المياه فى حلقات فوق بعض الكواكب الأقل جذبا... ستكون حياة بلا سيطرة أو تحكم فى شيء بل بلا حياة أصلا لفقد كل المقومات المناسبة للحياة ... و كي لا أطيل و أكرر ما سيحدث لو هبطت الجبال عن هذا البعد بنفس النسبة السابقة، ما ذا سيحدث فى الأرض.. و لكن القارئ يتفق معي أن هذه الآية الكريمة التي ينبأنا فيهـا الخالق إن إرسـاء الجبال عند هذا البعد و عند هذا السطح جاء بحكمته و قدرته و تقديره و لطفه كي يتوافق هذا الرسو بهذه الأوتاد مع كل المخلوقات التي أراد الله لهـا أن تستمتع بنعمة الحياة عليهـا و التي تتناسب مع أجسادهـا و ضغوطها و حرارتهـا و خلقهـا... و جاءت كلمة رسو الجبال على الأبعاد الآمنة لتقوم الحياة الآمنة على سطح الأرض مرادفا لرسو السفن على الشواطئ الآمنة كي ينعم الراسين بنعمة الأمن و الأمان على هذه الشواطئ...
ثم تأتى الآية الأخيرة فى سلسلة الآيات التي نقف أمامهـا لينبأنا الخالق أنه سبحانه و تعالى أعد بناء هذا السماء التي أغطش ليلهـا و أخرج ضحاهـا ثم أعد هذه الأرض التي أحكم خلقهـا و حركتهـا و أودع فيهـا أرزاقهـا من ماء و مرعى، ثم أرسى الحياة عليـها بكل عظمة و اقتدار بأدق الموازين و أحكم المقاييس، كل هذا جاء نعمة و فضلا للإنسان كي ينعم بنعمة الحياة هو و من يساعده من النعم الأخرى أو الأنعام على الأرض بحياة مستقرة و مستدامة و كريمة... أي فضل هذا و أي عظمة و أي كرم هذا من إله كريم ذو فضل عظيم.. عبرت عن فضله هذه الآية الكريمة بهذه الكلمات العظيمة.. متاعا لكم و لأنعامكم... أي أن كل هذا التوافق و الانسجام الذي انضبطت به أبعاد السماء و الشمس و الأرض و حركاتهم و نبضاتهم مع نبضات الإنسان و أبعاده و حركاته و متطلباته من طاقة و ماء و غذاء و هواء و جاذبية و ضغط و درجة حرارة و نوم و يقظة و نشاط و استقرار و ثبات و نعم أو أنعام لا تحصى جاء بتدبير رب كل شيء متاعا لنا... هل يتأتى هذا إلا من خالق واحد كريم يملك بين يديه مقادير و أقدار كل شيء... هل هناك من يدعى أن الله القادر على كل هذا الخلق و التدبير لا يقدر أن يعيد خلق هذا الجسد الضئيل و ينشأه مرة أخرى... أو هل هناك من يدعى القدرة على صياغة كل ما احتوت عليه هذه الآيات من أسرار و علوم لم نستطع فى هذه السطور المعدودة أن نحيط سوى بالقدر اليسير منها بما تعيه علوم غير متخصص فى كل أوجه الإعجاز التي احتوت عليهـا هذه الآيات.. إعجاز بلاغي و أدبي و موسيقى... إعجاز فى بساطتهـا و دقتهـا و ترتيبهـا و احتوائهـا و كلماتها و حروفهـا بما لا و لن يأتيه الباطل من بعيد أو قريب... سوالآن.عصرنا هذا الذي ندعى أنه عصر العلم أو حتى تقوم الساعة... و الآن .. فبأي حديث بعده يؤمنون... صدق الله العظيم
يمكن المراسلة على البريد التالي:
  #1259  
قديم 10-12-2013, 08:22 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

تأملات في سورة الأنبياء

د. ســلامه عبد الهادي
أستاذ في علوم إدارة الطاقة وعميد سابق للمعهد العالي للطاقة بأسوان
قال الله تعالىأَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ)[سورة الأنبياء:30].
القرآن الكريم نور يهدى إلى الله و إلى طريقه... و لكل آية من آيـات القرآن إشعـاع خـاص بها ... منه مـا يهدي إلى صـراط الله المستقيم و سعـادة الدارين و الاطمئنـان بهمـا..

و منـه مـا يلقي على آيــات الله فى الكون فـيـتـعمق فى أسـرارهـا بحكمة خـالقهـا، يعي منهـا المتدبر بحسـب علمه و تخـصـصـه، ليهتدي بهـا إلى عظمـة الخـالق الذي وسع كل شيء رحمـة و علمـا... وعندمـا يعجز العلم عن الوصول إلى تفسير كيف بدأ الخلق و من هو القائم عليه حتى يستمر ويسير بهذا النظام الثابت والواحد فى كل شيء و كيف ينتهي... نجد فى آيـات القرآن الرد التـام و الكـامل و التي هي بمثابة إعلان من الله أنه هو الخالق و الحي القيوم والقائم على كل هذا... ودليل و برهان على حقائق مطلقة يدركها العربي و الأعجمي تنتهي إلى الإيمان بعظمة الله و قدرته... يأتي هذا البرهان بالقول الذي يعجز عن أن يأتي بمثله من فى الأرض جميعـا و لو اجتمعوا له... وما نتطرق إليه فى هذا المقال وجه واحد من أوجه الإعجاز فى هذه الآيات... و هو الإعجاز الذي يراه مهندس تطبيقي... ولكن هناك الإعجاز الأدبي والبلاغي و الجمالي والتضافرى والتركيبي والعلمي وأوجه أخرى يراهـا كل إنسان بحسب معارفه وتخصصه فى كل آية و كلمة و حرف من هذه الآيات... دليلا على صدق هذه الرسالة... خاتمة رسالات الله إلى خلقه و التي تتناسب مع هذا العصر و علومه.
و لنـنظر إلى آيات نـقرأهـا فى القرآن الكريم أو نراهـا فى هذا الكون البديع و نختص فى هذا المقال بآيات جاءت متعاقبة فى سورة الأنبياء حيث يقول الحق :
(أو لم ير الذين كفـروا أن السماوات والأرض كـانتـا رتقـا فـفـتقـنـاهمـا و جـعلنـا من المـاء كل شيء حي أفلا يـؤمنـون، وجعلنـا فى الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنـا فيهـا فـجـاجـا سبـلا لعلهم يهتدون، وجعلنـا السمـاء سـقفـا محفـوظـا وهم عن آيــاتهـا معرضون وهو الذي جعل الليل و النهار والشمس والقمر كل فى فلك يسبحون) الأنبيـاء (30 ـ 33 ).
ثم ننظر لمتابعة نفس الموضوع إلى آيـة جـاءت فى نهـاية نـفس السورة لتعـبر عمـا يحدث للسماء فى يـوم القـيـامة حيث يقول الحق(يوم نطوى السماء كطي السجل للكتب، كما بدأنا أول خلق نعيده، وعدا عليـنا، إنـا كنـا فـاعلين)[سورة الأنبياء:104].
تخـاطب هذه الآيـات الكـافـرون بوحدانية الله وقدرته فى كل زمـان، فتعرض عليهم بأقوى الأسـانيد العلمية و الأدلة المـرئية مـا يـؤيد دعوته إلى كل الأنبياء و إلى خـاتم المرسلين أنه لا إله إلا الله... أو لمالآيــات بقول الحق... أو لم يـر ... دليلا على أن من له الرؤية السليمـة سـوف يصل إلى هذه الحقـائق.
و قد أقـر جمهور علمـاء الطبيعـة أن خلق هذا الكـون جـاء من مـادة واحدة ملأت الكون فى بدايته... وأن هذه المـادة المنتـشرة التي ملأت الكون فى بـداية خلقـه جـاءت جميعهـا من أصل واحــد ومن نبت واحد بحيث تـشابهـت في كل أركـان هذا الكون.. فقد رأوا نفس الذرات والعنـاصـر والمركبات فى كل أركان الأرض بل وعلى سطح القمـر وفى المريخ والشمـس والكواكب الأخرى..و فى النجوم و المجـرات جميعهـا.. فالمعـادن التي على الأرض هي نفس المعـادن التي وجدتهـا مركبات الفضـاء فوق سطح القمـر والمـريخ... والغـازات التي تكون الشمس وتحيط بهـا هي نفـس الغـازات التي نجدهـا فى معـاملنـا على الأرض.. وجميع الكواكب تخضع فى حركتهـا إلى نفس القوانين التي تخضع لهـا الأرض.. وجميع النجوم تخضع فى تفـاعلاتهـا إلى نفس القوانين التي تخضع لهـا الشمس ولهـا نفس مكونـاتهـا.. لهذا وضع العلمـاء نـظريـاتهم عن بداية هذا الكون أن المـادة التي جـاء منهـا خلق الكون كـانت جميعهـا مجتمعـة فى حـالة إنضغـاط لإنهائي قبل ولادة الكون...ثم وقع على قدر تخيلهم حدث بدأ و انتهى فى لحظة واحدة و نشأ عنه انـتـشار هذه المادة فى الكون كله و أسموا هذا الحدث " الانفجـار الكبير "... ثم تحولت مـادة الكون بعـد هذا الانفجـار إلى إشـعـاع مـلأ الكون كله... ثم تحول الإشعاع بفعل بـرودة الكون إلى ذرات تمـاثلت جميعهـا فى تكوينهـا و أشكـالهـا... ثم تجمعت الذرات فى نظـام واحد إلى نـجـوم ثم كواكب تـابعة للنجوم... وتجمعت النجوم فى مجـرات و حـارات.. أي تشـابهت النجوم و الكواكب والمجـرات منذ بداية الكون و اتزنت وانتظمت بجميع مكونـاتهـا على حد قولهم بفعل انفجـار كبير لم يستغرق سـوى لحظـة واحدة.
لقد أصـابت النظـرية فى أن مــادة الكون كما رآها هؤلاء نشأت جميعهـا من أصـل واحد ومن مـصـدر واحــد لأن نـسيج الكون كـله متـشـابه فى كـل شيء... ولكن إنكـار يـد الخـالق الذي دبــر أن يأتي هذا الكون من منشـأ واحد ثم إرجـاع هذه النـشـأة إلى انفجـار كبـير جاء فى لحظة وحدة يمثل تعـامي عن الحـقـائق... فمـا ينـشـأ عن انفجـار كبير هو الدمـار و ليس عمـارة الكون بهذا النظـام الكامل والوحدة الرائـعــة... هو الفوضى وليس اتـزان النجوم فى مجراتهـا والكواكب فى أفـلاكهـا منذ اللحظة الأولى... هو الاختلاف و ليس تـشـابه الكون فى كل أركـانه و أنحـائه
كيف يكون هذا الكمـال والاتزان والتمـاثل نتيجة لانفجار عشوائي... ثم مـا الذي أحدث انفجـار هذه المـادة وفى هذا الوقت القصير بحيث تملأ مـادته الكون كله على اتـســاعه بهذه الدقة المتنـاهية و التماثل التام فينـشـأ عنه كـون متسع يـتسم بالكمـال والجمـال و الوحدة و الاتـزان منذ لحظـته الأولى... إن العلم المجرد من الإيمان يقف عـاجزا عن الرد عن هذه الاستفسارات... و لا يستطيع أحدا أن يملك الرد على كل هذه الاستفـسـارات سوى خـالق هذا الكون الذي أنـشأه و شــهد نـشــأتـه... خـالق لم يرضى أن يترك النـاس فى حـيرة و شـك عندمـا يدركون مـا فى هذا الكون من تمـاثل أو تشابه جاء منذ بدايته دون أن يجدوا لهذا تفسـيراً.... فـأرسل كتـاباً يهدى به إلى الحق و الحقيقة وإلى صـراط الله المـستقيم... فجـاءت هذه الآية بالرد الحق على كل مـا رآه العلمـاء وحاولوا أن يـجدوا له سبـبـاً...( أو لم يـر الذين كفـروا أن السماوات و الأرض كـانتـا رتقـاً ففـتقـنـاهمـا )... أي أن وراء هذا الكمـال والوحدة والاتـزان حالقا قديراً.. جعل ولادة هذا الكون من نسيج واحد أو رتق واحد، ثم فصل أو فتق هذا الرتق الذي كان يجمع السماوات والأرض فى حيز محدود من نسيج واحد إلى خيوط تـشابهت جميعهـا فى أشكـالهـا و خـامـاتها... فجـاء هذا الفتق بحكمته و علمه إلى هذه الأفلاك والأجسام والنجوم والكواكب والمجرات والحارات التي تشابهت جميعا فى تكوينها وقوانينهـا وطاعتهـا و خاماتها و نسيجها وذراتها و عناصرها وتسبيحها... لهذا جـاء التوحيد والتمـاثل والاتزان والإبداع فى كل أرجـاء الكون.. ... هكذا جـاءت كلمتـا( الرتق و الفتق ) بكل المعاني التي عبرت عن كل مـا وجده و حـار فى تفسيره العلمـاء و ليرد على من ينكروا أن وراء نظم هذا الكون وانتظامه بالمنطق والتفسير و العلم والحكمة خـالق قدير وعظيم... و هل يـتأتى إحكام هاتان الكلمتـان لأحد سوى خـالق السماوات و الأرض... خـالق الرتق و محدث الفتق....إنهـا حكمة لا تتأتى لأحــد غيره.. وهذا هو الرد المعجز على كل من ينكر فضله وآياته فى عمـارة هذا الكون و فى كتابه.
لقد كان الكون عبارة عن كتلة واحدة مجتمعة وحدث انفجار هائل لا يمكن تصوره كان على أثره خلق الكواكب والحيوانات والإنسان وهذا نفس الكلام الذي حدثنا عنه الله في قرآنه قبل أكثر من 1400 سنة
ثم تأتى الآية التـالية بدليل آخــر أمـام الكـافرين بوحدانية خـالق هذا الكون و الحياة، فكمـا خلق الله الكون من نسيج واحد جـاء فتقه و نشره بقدرته فصـار لهذا الكون اتسـاعه و إبداعه، جعل من الماء كل شيء حي فيقول الحق وجعلنـا من المـاء كل شيء حي.. من ينظر إلى هذه النجوم العملاقة يجد أنهـا جـاءت من أحد عنصري المــاء و هو الهيدروجين ثم نجد نتيجة مـا يحدث فى هذه النجوم من تفاعلات أثنـاء حياة النجم أو عند انقباضه يتحول النجم إلى مجموعة من العناصر الأخرى التي لهـا ذرات عمـلاقة...
هناك من يدعى أن بعض هذه الذرات العملاقة قد كونت بالصدفة الأحمـاض النووية والأمينية العملاقة ثم اشتركت هذه الأحمـاض بالصدفة أيضـا فى تكوين أول خلية جـاءت إلى الأرض، ثم دبت بهذه الصدفة الحياة فى تلك الخلية دون أن يعرفوا مــادة الحياة أو يقولوا مـا هي عناصر الحياة التي دبت فى الخلية بحيث ينشأ منهـا كل هذا الخلق، إن العقل البشرى يوقن أن مـا يحويه عنصري المـاء ( ذرتي الهيدروجين و الأكسيجين ) من إلكترونات و بروتونات و نيوترونات وجسيمات نووية و ذرية أخرى لا نعلم منهـا إلا القليل يمكن أن يتراص ويأتلف ليكون كل العنـاصر التي تراصت وترتبت لتكوين تلك الأحمـاض الامينية و النووية... و لكن هذا الترتيب والتنسيق لهذه المكونات والذرات لا يمكن أن يتأتى إلا بـإعجـاز خالق مبدع... فالأحمـاض النووية وهي تشكل وحدة بنـاء نواة الخلية التي تتمركز بداخل الخلية وتراقب عملهـا، لها عدد من الذرات الداخلة فى تركيبهـا يصل إلى ملايين الذرات بترتيـبـات محددة، ونواة الخلية التي لها هذا التركيب هي المسئولة عن متابعة قيام الخلية بوظـائفهـا وانقسامها وتعاملهـا مع المحيط الخارجي وتعاونهـا مع باقي الخلايـا المحيطة بهـا فى الجسم البشرى أو جسم أي كائن حي... وجميع الخلايا الحية على الأرض سواء كانت نباتية أو حيوانية تتمـاثل جميعهـا فى هذا الترتيب، و لو اختل هذا الترتيب بأي درجة مهمـا كانت ضآلتهـا لانهـار بناء الخلية و لمـا كانت لهـا القدرة على القيام بوظـائفهـا المتعددة... إذا كيف تقوم الصدفة بهذا الترتيب المعجز لهذه الذرات و بهذا النظام المبهر لجزيئاتها العملاقة لكي تؤدى كل هذه الوظائف... إن هذا التفسير الذي افترضه العلماء لإنكار يد الخـالق لوحد االذى دبر هذا التركيبي الثابت شيء بعيد عن كل عقل و كل منطق... و كذلك الأحماض الامينيه التي تشكل جسم الخلية وهي المسئولة عن تنفيذ مـا تحدده لهـا النواة من مهــام و القيام به على أتم وجه.... وللأحمـاض الامينية أيضا جزيئـات عملاقة تتكون من ملايين الذرات التي لهـا ترتيب خـاص و مبهـر و لو اختلفت فى ترتيب أي منهـا مـا كان لها أن تؤدى مـا لهـا من مهـام...وكل الخلايا الحية قد جـاءت بهذا التركيب ومن هذه الأحمـاض وكلهـا جميعـاً جـاءت من نفس مكونات المـاء كمـا أثبتت علومنـا... و لكن حكمة الخـالق جعلت كل خلية تختلف عمـا تؤديه أي خلية أخرى بحسب موقعهـا فى نبات أو حيوان أو حشرة أو طير أو فى أمعـاء أو فى سـاق وبحسب ما تختزنه نواتهـا من أسرار... ويطلق العلماء على مادة الخلية الحية اسم البروتوبلازم... و عنصري المـاء والماء نفسه هو المكون الرئيسي لهذه المادة كما جاء فى هذه الآية بهذا النص المعجز... فـإذا جف المـاء فى الخلية توقفت حياة هذه الخلية.
و إذا نظرنـا إلي الحب الذي يلقى فى الأرض بدون المـاء فلن تكتب له الحـياة أو الحركة، فـإذا ارتوت الأرض فإن هذه الحبوب تعود و تدب فيهـا الحياة والنمـاء والحركة والاخضرار بما تحصل عليه من المـاء، فنـجدهـا بهذا المـاء قادرة على أن تذيب ما فى الأرض من عنـاصر وأملاح فتمتص من الأرض مـا تمتصه لتكون به أحمـاضـا نووية و أمينية ينشأ بهـا خـلايـا أخرى، و تستمر الخلايـا فى التكاثر ويستمر النبات فى النمو و النمـاء... مـا هو سـر هذا المـاء الذي لا تستقيم الحياة يدونه، فمن هذا المـاء جاء خلق كل خلية... وبدون هذا الماء لن تكون للنبات حياة، وبدون النبات لن تكون للإنسان أو الحيوان أو أي شيء آخـر حـياة، و كل المخلوقات تسير على هذه السنة الثابتة.
هكذا تبلغنـا هذه الآية الكريمة أن كل النجوم و الكواكب و المجرات و مـا يملأ الكون من جـاء من نسيج واحد تفتق بأيدي خـالق واحد فكـان هذا التماثل والوحدة، و جـاء خلق كل الأحـياء على الأرض من مـاء واحد وبيد خـالق واحد فكان هذا التماثل و الوحدة، ألا يدل هذا على وحدانية خـالق هذا الرتق وهذا الماء الذي جعلهمـا من أسراره... إن العلم قد وصل إلى وحدة نسيج هذا الكون... ثم عجز عن تفسير سـر هذه الوحدة فلجئوا إلى نظرية الانفجـار الكبير... و لو نظر هؤلاء العلمـاء إلى هذا الإعلان الذي جـاء منذ أربعة عشر قرنـا فى خـاتم رسـالات رب السماوات و الأرض لسلموا من هذا الـخـلط... ثم أن العلم وصل إلى أن المـاء هو مـادة الحياة. و لكن العلمـاء عجزوا عن معرفة كيف يمكن لهذا الجزيء الذي تتكون منه الماء هو من ذريتين صغيرتين أن يتحول إلى هذه الجزيئـات العملاقة التي تتكون منهـا الأحماض الامينية و النووية و البروتوبلازم و مكونات الخلية الحية، ثم كيف تتحول هذه الجمادات إلى شيء حي يتحرك و يتنفس و يتكاثر و يتكامل مع الخلايا الأخرى... لو كانت الصدفة هي المسئولة عن هذه الترتيبات و هذا أبعد شيء عن العقل، فمـا هي مادة الحياة... الرد هو التسليم بقول الحق أنه هو الذي جعل من المـاء مـا وهبه الحياة فأصبح حي...و قد جـاء إعلانه لخلقه عمـا حـاروا فى تفسيره بهذا النص المعجـز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه أو من خلفه... ... إنهـا قدرة الخـالق على كل شيء و إعجـازه فى كل شيء.. فمـا للكـافرين لا يؤمنون... و لهذه جـاء قول الحق بعد هذه الإثبـاتات... أفلا يــؤمـنـون.. نحن نؤمن و نسلم بخالقنا.. فـأمامنـا هذا الإعجـاز الذي فتح الله إليه قلوبنـا و أزال من عليهـا هذا الوقر الذي يصيب قلوب و آذان و أبصـار الكافرين... و ندعو الله لهم بالهداية إلى هذا النور الذي أرسله سبحـانه ليكون لنـا نورا يهدى إلى الحق و إلى صراط الله المستقيم.
لقد اختص الخـالق هذه الأرض بـرحمته حتى تحتضن الحياة والأحياء عليهـا، والآيـات التـالية تذكرنـا بهذه الرحمـة الإلهية، و لكي نتعرف على مظــاهر هذه لرحمة لا بد لنـا من إطلالة قصيرة على الكواكب الأخرى فى مجمـوعتنـا الشمسية كي نرى لم عجزت هذه الكواكب عن احتضـان أي نوع من أنواع الحياة عليهـا.
نبدأ بعطــارد، وهو أصغـر كوكب يدور حول الشمس و أقربهـا إليهـا، و كتلته أصغـر من كتلة الأرض و لهذا تقل قدرته على جذب الأشـيـاء إلى أقل من ربع الجـاذبية الأرضية ممـا يفقده القدرة على الاحتفـاظ بغلاف جوى مثل الغلاف الجوى للأرض، يحميه من القصف المباشر للنيازك، و لهذا نجد سطح هذا الكوكب مغطى بالبثور و الفوهات نتيجة الـصدام المباشر مع النيازك، كمـا تلعب مكونـات هذا الكوكب دورا أســاسيا فى سـرعة دورانه حول نفسه حيث أصـابته بالبطء الشديد فيصل اليوم فى عطـارد إلي 60 يومـا من أيـام الأرض، و لهذا ترتفع درجة حرارة سطحه المضيء إلى 400 درجة مئوية... و نتيجة هذا الارتفاع فى درجات الحرارة لا يوجد أثـر للمـاء على هذا الكوكب و كذلك أي أثر لحياة بجيولوجية من أي نوع، و من المشاهد أن هذا الكوكب غير متزن حيث أن سطحه غير مستقر و يهبط بصورة مستمرة مـمـا جعل التجـاعيد تغطى وجهه، و بالتالي فإنـه غير ممهـد لقيـام الحياة عليه بأي صورة.
ثم إذا انتقلنـا إلى كوكب الزهـرة، وهو كوكب من كواكب المجموعة الشمسية و يـساوى الأرض فى الكتلة و الحجم.. ولهذا نجد أن له جـاذبية تعادل جـاذبية الأرض مـمـا مكنته من الاحتفاظ بغـلاف جـوى... و لكننـا نجد أن سماء هذا الكوكب الذي احتفظ بهـا قد امتلأت بغـاز ثاني أكسيد الكربون مع سحب من حـامض الكبريتيك... و غـاز ثاني أكسيد لكربون غـاز ثـقيل و له قدرة عـالية على امتصـاص أشعة الشمس ممـا جعل جو هذا الكوكب جحيمـا لا يطـاق كمـا أن سحبه تسقط أمطـارا حمضية حولت سطح هذا الكوكب إلى كيان هش لا يحتمل السير عليه... ويصل طول اليوم الواحد فى الزهرة إلى 243 من أيـام الأرض نتيجة لاختلاف أبعاده و بعده عن الشمس، مما جعل درجة حرارة الوجه المضيء تصل إلى 450 درجة و الضغط الجوى فيه يصل إلى 90 ضعف الضغط لجوى على الأرض... و هكذا نجد هذا الكوكب بأرضه و سمـائه غير قـادرين على الاحتفاظ بالمـاء و من ثم بأي حياة بيولوجيه على سطحه.


يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــع


  #1260  
قديم 10-12-2013, 08:24 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

يتبــــع الموضوع السابق


تأملات في سورة الأنبياء


ثم إذا نظرنـا إلى المريخ و هو أقرب كوكب إلى الأرض، فنجد أنه يدور حول نفسه مرة واحدة كل 24 سـاعة مثل الأرض، و لكن الغلاف الجوى الذي يحيط بالمريخ يتكون أسـاسـا من غـاز ثاني أكسيد الكربون عند ضغط منخفض جدا، و لأن المريخ أبعد عن الشمس من الأرض فنجد أن درجة الحرارة على سطحه تصل إلى الصفر فى أيام الصيف الشديد و تهبط إلى 123 درجة مئوية تحت الصفر فى أيام الشتاء.. و نتيجة لهذا الانخفاض فى درجات الحرارة على سطح المريخ، نجد أن المـاء المتجمع عليه فى حـالة جليد دائم، و لعـل هذا هو السبب فى اختفـاء أي أثـر للحياة على سطح المريخ.
و قد فشلت جميع الرحلات التي ذهبت إلى المريخ أو إلى أي كواكب أخرى من كواكب المجموعة الشمسية فى العثور على أي أثر للحياة على هذه الكواكب، فقد اختص خـالق الأرض بأسباب لم يهبها أو يهيئها سوى للأرض بحيث تكون لديهـا هذه القدرة على احتضان الحياة عليهـا، و هذا مـا تبينه الآيــات التالية، و نبدأ أولا بهذه للآية الكريمة: و جعلنـا فى الأرض رواسي أن تميد بهم فقد أرسى الخـالق فى هذه الأرض الكتلة و المكونات التي تنضبط بها قدرة الأرض على جذب الأشياء فوقهـا فتنضبط عليهـا حركة البشر و جميع المخلوقات فلا تميد بهم و لا تنهـار من تحتهم، و كذلك أدى استقرار القشـرة الأرضية إلى استقرار الغلاف الجوى و ضغطه الثابت و استقرار المـاء فى البحـار و الأنهـار و كذلك استقرت على الأرض حياة البشر، و جعل الخالق بهذه الرواسي مـا يرسى للأرض فلكـا ثـابتا حول الشمس و حول نفسهـا لا تحيد عنهما، بحيث تتزن سـرعـتهـا و بعدهـا عن الشمس فتنضبط عليهـا درجـات الحرارة و اتـزان حرارتهـا المفقودة أثناء الليل مع مـا تكتسبه من حرارة أثناء النهـار، وكذلك جعل للأرض بهذه الرواسي مجالا مغناطيسيا يحدد ميلا لمحور الأرض مع محور دورانها حول الشمس، فكـان للأرض بهذا الميل فصولا محددة كل عـام و مسارات للسحاب و الرياح و خرائط للأمطـار، ممـا أتاح للبشر الحياة المستقرة عليهـا.
إن من يتدبر هذه الكلمـات أن تميد بهم و التي تدل على أن الخـالق قد ضبط كتلة الأرض أو مـا أودعه الخـالق فى الأرض من رواسي بحيث لا تميد بهم فلا تتقلص القشرة الأرضية تحت أقدامهم كمـا يحدث فى عطـارد، و لا يطيرون من فوقهـا كما يحدث على القمر و لا يلتصقون بهـا كمـا يحدث فى المريخ، و تحفظ لهم غلافـا جويـا حاميا بالضغط المناسب، و تحقق لهم درجة الحرارة المناسبة لهم بحيث مكنهم من الحياة عليهـا، وقد تحددت بهذه الرواسي و تكوينهـا الذي لا يعلمـه إلا الله البعد المناسب عن الشمس و الميل المطلوب مع محور الشمس و السرعة المطلوبة حول الشمس و حول نفسهـا فلا يكون للأرض انحرافـات عن المعدلات المطلوبة لحياة الأحياء عليهـا، و مـا ذا يحدث لو لم تكن لهـا هذه الرواسي و مـادت الأرض عن فلكهـا و مسـارهـا حول الشمس بأدنى انحراف فزاد مثلا بعدهـا عن الشمس بأدنى مقدار، ستتجمد المياه والحياة كلهـا على الأرض لأن الطاقة الساقطة عليهـا تتغير بتغير مربع بعدهـا عن الشمـس، ومـاذا يحدث لو اقتربت بـقدر يسير من الشمس لا يتعدى مثلا 1 % من بعدهـا الحالي ، سيصل متوسط درجـات الحرارة على الأرض إلى مـا يزيد عن درجـة غليان المـاء ، أي عن 100 درجة مئوية وهذا الحد كـافيـا لتحول كل مياه البحار و المحيطات والأنهـار إلى بخـار أو سحب و تتوقف الحياة على الأرض ، وسيتغير أطوال الفصول ومقدار أيام لسنة الشمسية ممـا يؤدى إلى هلاك كل مـا نقوم بزراعته و نـتغذى عليه نحن و كل الأحياء ، و مـاذا يحدث أيضـا لو لم تكن فى الأرض رواسي بهذا القدر المحكم فتبـاطأت سرعة الأرض حول نفسهـا فيتكرر لنـا مـا يحدث على كوكب الزهرة ، فتزيد درجة حرارة الوجه المضيء و تفقد البحار ميـاهها على هذا الوجه ، و تتجمد المياه فى البحـار على الوجه المعتم و تتوقف الحياة عليه ، و كذلك يلتصق الأحياء على الأرض كمـا يحدث على هذا الكوكب ، و بنفس هذه التأثيرات لو زادت سرعة دوران الأرض حول محورهـا ، فـينخفض متوسط درجـات الحرارة على الوجهين و نطير من على سطح لأرض كمـا يحدث فى القمـر ، و لا يبقى لنا غلاف جوى مثل عطارد ، هكذا جـاءت حكمة الخـالق و علمـه فى تحديد الرواسي التي يتحدد بهـا كل شيء فترسو حياتنـا و نرسو على هذا الكوكب الذي أعده الخـالق ليحتضننـا عليه بكل الرحمة ، فكانت للأرض هذه الرواسي حتى لا تميد بنـا كما جاء فى قول الحق و جعلنـا فى الأرض رواسي أن تميد بـهم إن الحرف أن جـاء إعلانـا بأن الخـالق أحكم كل شيء فى هذا الكون فدبر رواسي الأرض بهذا التقدير الحكيم و بهذا العلم الدقيق حتى يكون للأرض مـا لهـا من استقرار و رسو دون أي انحراف أو تجـاوز فتكون مرسى لهذا الكائن الذي مهد خالفه كل شيء من أجله .
ثم تستكمل الآية الكريمة فى فضل الله علينـا فى هذه الأرض التي يسرهـا لنـا بقوله سبحانه و جعلنـا فيهــا فجــاجــا سـبلا إن من يذهب إلى القمـر و لا يجد عليه سـوى فوهـات أو على عطـارد فلا يجد عليه سـوى التجـاعيد أو إلى الزهرة فلا يجد إلا تربة هـشة لا يستطيع السير عليهـا، سيستشعر نعمـة الله علينـا فى هذه الفجـاج التي يسرهـا الله لنـا على الأرض كي نحيـا و نسير عليهـا و تيسـر لنـا سـبل الزراعة و التجـارة و الصنـاعة و الترحـال و الانتقال بسهولة و يسـر، فقد امتدت القشرة الأرضية فى تمـاسـك و صـلابة و استواء و امتداد... فاتسعت رقعتهـا للغـابـات و الوديان و الطرق و الأنهـار و البحـار القرى و المدن و كل مـا يبغيه البشر من سبل لحياتهم و متاعهم و رزقهم و أنعامهم و عرباتهم و طـائراتهم ، لقد يسـر الله هذه الفجـاج ليهتدوا إلى سبل الرزق و الحياة و التعارف ثم يهتدون إلى خـالقهم و مانحهم هذه النعم و موفر لهم هذه الأرض بانبسـاطهـا و امتدادهـا و طرقهـا ، و هكذا كان ختام هذه الآية بهذه الكلمـات لعلهم يهتدون... أليس فى هذه السبل و الفجاج هداية إلى معرفة فضل الله علينا و هداية إلى الحياة على الأرض و الانتفاع بخبراتها.
ثم تأتى الآية التـالية لتذكرنـا بفضل الخـالق فى أن يخصنا بسمـاء تحفظنـا من فوقنـا برحمته، فنرى فضل الله فى خلقهـا لنـا بهذه الكيفية من يستعرض الكواكب من حولنـا فلا يرى لها سمـاءا حافظة و محفوظة مثل سماء الأرض، فبها غـلاف جـوى يحمينـا من أشعة الشمس الضـارة، فيسمح هذا الغلاف بمرور مـا ينـفـعـنـا من هذه الأشعة و يحتجز مــا يضرنـا بطبقة تسمى طبقة الأوزون، ثم اختص هذا الغلاف بنسبة عـالية من غازي الأكسيجين و النيتروجين، و كلاهمـا لا يمتصـان أشعة الشمس فتنفذ الأشعة النافعة من خلالهمـا لتصل أشعة الشمس إلى النبات ليختزن الطـاقة اللازمة له و لمن حوله، ثم أن وجود هذه النسبة من الأكسيجين فى الهواء الجوى تحرق أي نيازك قبل أن تصل إلى الأرض فلا ترى هذه الفوهـات و البثور على أرضهـا مثل باقي الكوكب التي لم يخصها الله برحمته، و فى الهواء نسبة ضئيلة من غـاز ثاني أكـسيد الكربون القـادر على امتصاص أشعة الشمس لا تتعدى جزء من الواحد بالمـائة كي يتغذى عليها النبات، و لكن لو زادت لحدث لنـا مثل ما يحدث على كوكب الزهرة الذي يـسـتحيل الحياة عليه، و قد حفظه الخالق لنا بهذا الثبات حتى نتمكن من الحياة على الأرض إلى أن يشـاء الله، ثم نجد أن غـاز الأكسيجين يؤدى أدوارا عديدة أخرى فى حياتنـا حيث يحترق به الغذاء فى أجسامنـا و النار من حولنا، و كذلك غـاز النيتروجين و مـا يؤديه فى حياة النبات الذي يتغذى عليه
كل هذه الأدوار تؤديهـا سمـاءً حفظهـا الخالق لنـا و حفظنـا بهـا كسقف يمنع عنـا أن يصيبنـا من فوقنـا مـا يصيب كواكب أخرى حولنــا و يتيح لنـا الحياة عليهـا دون أن نحترق أو نختنق ، هل جـاءت سماء أرضنـا كمـا قال خـالقهـا سقفـا محفوظا بكل هذه الخصوصيات و الآيـات بدون تدبير أو تنظيم أو تقدير خـالق عـزيز عليم ... كيف نعرض عن كل هذه الآيـات و لا نتدبرها حق التدبر... هكذا يعاتبنـا الخـالق بقوله سبحانه و هم عن آيـاتهـا معرضون فالسمـاء كلهـا آيـات على عظمة خـالقهـا و رحمته و عزته و علمه.. علينـا أن نتدبر بهـا بهذا الاستدلال المعجز الذي أرسله الخـالق إلينا فى خـاتم كتبه.. و هل يستطيع بشرا أن يضع لفظـا جـامعـا يصف هذه السمـاء و مـا تؤديه من أدوار فى حياتنـا كسقف حـافظ و محفوظ لنـا و لأرضنـا بأبدع و أروع من هذه الكلمـات... إنهـا كلمـات جاءت حقا من خالق الأرض و السمـاء.
ثم تأتى الآية التالية التي تذكرنـا بـفضل الله و آيـاته فى هذه الأشياء التي من حولنـا.. فى الليل و النهـار.. الشمس و القمــر... كيف انتظمـت و توافقت مع حياتنا و خلقنا و عملنا و راحتنا و دورات حياتنا و أعمـارنـا و انتظم بهم كل شيء من حولنا.. الحياة المستقرة و العمل نهارا و النوم ليلا ومـا يناسب أجسامنا من درجـات الحرارة و ضغط الهواء.. نحن لا نستطيع أن نحيا على كوكب الزهرة الذي يصل طول اليوم فيه إلى 243 مثيله على الأرض فتصل درجة الحرارة على سطحه إلى مئات الدرجات .. إنه لا يتوافق مع حياتنـا و مع تكويننـا و مع خلقنـا... فمن سخر كل هذه الأشياء لنـا... من سخر كل هذا التوافق و الانسجام بيننا و بين كل هذه الأفلاك... من دبر للأرض و خلقهـا تدور حول نفسهـا بهذه السرعة الثابتة أمام الشمس ليأتي الليل و النهـار منسجمـا مع بعد الأرض عن الشمس و راحة الإنسان و حرارته و حياته و سعيه... من سخر الأرض تدور حول الشمس بهذا الخضوع و هذا الثبات فيأتي هذا التعاقب للفصول بهذا الإبداع و الالتزام فى كل أنحاء الأرض ومع مـائهـا و هوائهـا و رمـالهـا و سحابهـا و كل شيء عليـهـا... من سخر للقمر دورته حول الأرض و أمام الشمس فيأتي هلالا و بدرا و تتعاقب أشكاله بهذا الإبداع و الانسجام مع كل مـا خلق الله على الأرض... أنهم جميعـا يسبحون لخـالقهم بهذا الالتزام و هذه الطـاعة المتنـاهية و المتمثلة فى هذا الانسجام الشامل و الكـامل.
لقد أعلن العلمـاء أنه حتى نرى كوكبـا آخر يمكن أن تقوم حياة عليه فى هذا الكون فيجب أن تكون له كتلة مثل كتلة الأرض و حجمـا مثل حجم الأرض و قمرا مثل قمر الأرض و له زاوية ميل و سرعة دوران حول نفسه و حول شمسه مثل مـا للأرض و أن تكون له شمسا مثل شمسنا عمرا و حجما و كتلة و إشعاعا و أبعادا و ثباتـا.. وأن يكون لهم جميعا نفس الأفلاك و الظروف و المقادير... و هذايسبح كل شئ بنفس هذه التسبيحات و فى نفس هذه الأفلاك.. و هذا مـا تنص عليه هذه الآية فى نهايتهـا كل في فلك يسبحون .. فإنهـا سبـاحة وتسبيح بعلم خـالق عزيز وعليم وقدير ومقدر لكل شيء بحكمته.. فهـل لنا أن نسبح معهم.
الشكل التالي يبين كواكب المجموعة الشمسية بحسب بعدها عن الشمس
كمـا رأينـا أن يد الخـالق هي التي بدأت هذا لكون، و كيف أيقن العلمـاء بهـا بعد أن تداعت نظرياتهم فى الانفجـار الكبير و اعترفوا أن من ينظـر إلى الكون يشعـر أن هناك يد خـالق واحد نسقت كل هذا الكون فجـاء كله وحدة واحدة أوله مثل آخره، و أعلن الخـالق عن أن يده هي اليد العليـا فى هذا الكون المنتظم فى خاتم كتبه بآيات يعجز البشـر عن أن يأتــوا بمثلهــا، و لكن نرى أن هؤلاء العلمـاء يتخبطون مرة ثانية و هم يحـاولون أن يعرفوا كيف ينتهي هذا الكون دون اللجوء إلى الله... فقد أثبتت نظـريـاتهم بأنه أي الكون يتمدد و يتسع دائمـا.. و قد أشـار الحق فى خـاتم كتبه إلى هذه الحقيقة الجـامعة بقوله سبحـانه و السمـاء بنينـاهـا بأيد و إنــا لموسعون ( الآية 47 من سورة الذاريات ) ... هكذا تفسر الآية أن هذا التوحد و التماثل و التشابه فى بناء هذا الكون قد جـاء لأن يدا واحدة كان لهـا مـطلق الخلق و التشكيل فيه.. يدا تعلن عن نفسهـا و لا أحد غيرها يتطـاول أن يدعى سوى هذا... و تأتى هذه الآية أيضـا لنـقـر بالحقيقة الأخرى التي اكتشفهـا العلمـاء أن إرادته وحده هي التي جعلت هذا الكون يتسع و يتمدد دائمـا، و يتم هذا التوسع بنفس الانتظام و على نفس السنة منذ أن بدأ خلق المكان و الزمـان منذ أن شـاء الله فتق الرتق الأول حتى يومنـا هذا... و يأتي سـؤال آخــر من العلم و العلمــاء... إلى متى يستمر فتق هذا الرتق الذي بدأ منه الخلق فى التمدد و التوسع... إذا كان هذا الرتق محدودا فهو لن يستمـر فى التمدد و التوسع إلى الأبد.. و لكن سوف تأتى لحظـة معينة بحسب نظريات العلماء سيبلغ فيها المكان و الزمان نهايتهما... و سوف تـعود المـادة التي ملأت هذا الكون فتتجمع مرة أخرى و يتساقط الكون فى حدث أطلقوا عليه اسم الانسحاق العظيم و هو اسم مرادف للاسم الذي أطلقوه على بداية الكون بالانفجار العظيم... حيث سينسحق هذا الكون كمـا تسحق النجوم التي ملأت الكون عن آخره فتتحول إلى ثقوب سوداء.
و يبقى السؤال الذي لا رد له إلا الإيمان بخالق هذا الكون وباعثه.. متى تأتى هذه اللحظة.. و مـاذا يحدث بعدهـا.. و هل ستكون هناك دورة جديدة يتجدد فيهـا المكان و الزمان مرة أخرى... و من له اليد العليا فى تحديد هذه اللحظة.. هل هي المـادة ذاتهـا التي تقوم بهذا الحدث من تلقـاء نفسهـا ودون أي إرادة أعلى.
إنـنـا و نحن نواجه أقوال العلمـاء و هم يذكرون هذا الحديث نشعر بأنـنـا أمام افتراضات عقلانية و غير قادرة على إقامة الدليل على شيء محدد فلم يرى أحد كيف بدأ الخلق و كيف ستكون نهايته...و لكننا سنحاول بالقدر الذي أتاحه الله لنـا من العلم و هذا النور الذي بين أيدنـا أن نتدبر فى خلق الله... فالكون له بداية كمـا أثبت العلم و العلمـاء و أقـر الخـالق هذه الحقيقة فى قرآنه .. و كل شيء له بداية بهذا الإبداع و الانسجام و الانتظام لا بد أن له مبدأ.. و هذا مـا أقره الخـالق و أعلن أنه هو المبدأ فى قرآنه.. وكل شيء له بداية أيضـا فإن لـه نهـاية.. وهذا مـا أثبته العلمـاء أيضـا بنظريتاهم و أسـانيدهم... و لكن لن يستطيع أن يصف تلك اللحظـات الأخيرة لهذا الكون سوى خـالق الكون و مسيره.. فهو مبدأ الكون و العالم و المقدر و القادر و العالم بنهـايته وكيف ينهيه.. هو الموجود من قبل و من بعد و له اليد فى كل شيء... و لكننا نوقن بما يسره الله لنا من علمه أنه لا بد أن يعود هذا الكون مرة أخرى بشكل لا يـعلمه إلا خـالقه و مبدؤه... و كل مـا توصلنـا إليه هو محض فروض بنيت على المنطق العلمي و مـا اكتشفه العلمـاء من توسع الكون بالقياسات العلمية و عبرت عنهـا كلمـات شــاذة مثل الانفجار العظيم و الانسحاق العظيم لا يستطيع أحد إدراكها أو يتخيل حدوثهـا لو كان له ذرة من العقل و المنطق و البصيرة، و لكن معرفة هذا لن تتأتى دون الإيمان بالله خالق الكون و مبدعه و القائم على أمره و القادر عليه.
تعالوا نترك الآن أقوال العلمـاء و نقف أمام قول الحق فى نهاية نفس السورة التي عبرت فى أولهـا عن بداية الخلق، حيث تحدثنـا عن يوم القيامة، اليوم الذي قدره الخالق لنهـاية حياتنـا الأرضية و بداية حياة أخرى لا يعلمهـا إلا هو: يوم نطوى السماء كطي السجل للكتاب، كما بدأنا أول خلق نعيده، وعدا علينـا إنـا كنـا فـاعلين أي أن السمـاء كانت مطوية فى هذا الرتق الذي عبرت عنه الآيات الأولى فى السـورة، ثم إذا جـاء أمره فى نهـاية الحياة الدنيـا سوف تعود و تطوى بقدرته مرة أخرى... لتعود سيرتهـا الأولى.. ثم مـا ذا يكون بعد ذلك هذا علمــه وحده.
هكذا يكون تعبير الخالق عن خلقه.. كلمـات ذات معنى يفهمهـا المرء دون صخب أو تعب أو ضجر أو ملل.. فليس انسحاق عظيم.. و لكن طي بيد الخالق الذي فتق أو أفرد صفحـات هـذه المادة التي ملأت الكون برحمته و علمه و فضله...و انسحاق مادة الكون لا يدل على انقباض المكان... و لكن الطي يحوى انحسار المكان و الزمان و الكون كله... و الانسحاق معناه التحول إلى العدم.. و لكن الطي معناه إعـادة الشيء إلى أصله و بدايته... و الانسحاق معناه الغوغائية و أللانتظام ... ولكن الطي معناه الحكمة و الـتمهل و النظام... والانسحاق معناه أن المادة هي المسيطرة و تنسحق وقتمـا تشاء... ولكن الطي يبيد الخالق الذي جـاءت البداية بيديه و كما بدأ أول خلق يعيده كما تذكر الآيات...والانسحاق معناه اللاعودة أو النهاية لكل شيء... و لكن الطى معناه نهـاية مرحلة و بداية أخرى... هل يستطيع عـالم مهمـا بلغ علمـه أن يأتي بكل هذه المعاني فى كلمـات محدودة أوعت كل شيء.. و هل يستطيع عـالم أن يقرر هذه الحقائق بهذه القدرة و الطلاقة و البيان.. إننـا حقـا أمام أنوار الحق تضيء لنـا الحقائق التي تخرجنا من الظالمات إلى النور.. ظلمـات المـادية التي تصور المـادة على أن لهـا القدرة على أن تنفجر وقتمـا تشاء و تنسحق وقتمـا تشـاء.. و تصورنـا ألعوبة فى يد مـادة بلا عقل أو تفكير فتقوم بنفسهـا بانفجـار كبير فتنشأ كونـا متسعـا و متوسعـا منتظما و منسقا، أو تنتهي و تتحول بدون مقدمـات من تلقاء نفسهـا بانسحاق عظيم فينتهي الكون كله بمكانه و زمانه.. هل يقبل العقل مـا يقوله المـاديون بهذه المسميات المادية الغير متعقله أم يقبل هذه الآيات من خالق السماء و الأرض... (يوم نطوى السماء كطي السجل للكتاب كمـا بدأنـا أول خلق نعيده وعدا علينـا إنـا كنـا فاعلين)... صدق الله العظيم
لقد أثبت العلم أن من كانوا ينادون بأن المـادة هي أصل كل شيء بدعوى قـانون بقـاء المـادة قد وقعوا فى وهم شديد.. فالمـادة ليست بـاقية كما أعتقد هؤلاء بعد إثبات أن المـادة تتحول إلى طـاقة و الطـاقة أيضـا ليست باقية كمـا ظن الناس قديمـا.. فهي تهبط من الدرجة الأعلى إلى الأدنى و لا تعود مرة أخرى... و هكذا أتضح أن المـادة لهـا نهـاية و أن المـادية وهم فى وهم.. و لهذا انهـارت المـادية فى العـالم أسـسـا و تطبيقـا و فلسفة.. و انهـارت معهـا الشيوعية و كل أدع يائها ... وأعلن أهلهـا أنهـا كانت أسوأ مـا عرفته البشرية من نظريات أو فلسفات ... فليس للمـادة من إرادة.. و لكن إرادة الخالق هي التي فتقت المـادة فى البداية لتنتشر فى الكون الآخذ فى التوسع و تطـويهـا فى النهـاية لتعود كمـا أراد لهـا خـالقهـا، و لا مناص لنـا من لاعتراف بقدرته و العودة إليه فى تفسير كيف بدء الخلق ثم كيف ينتهي.. فلم نشهد و لم يشهد أحد على الأرض هذه اللحظة، حيث يقول الحق ما أشهدتهم خلق السماوات و الأرض و لا خلق أنفسهم ( الكهف 51 ) لهذا فلا بد لنـا أيضـا من الاعتراف أنه بعد نهـاية الكون فسوف ينبعث مرة أخرى ليعود كمـا يريد له خالقه و ومبدؤه ثم معيده.. و لهذا نجد أن هذه المعاني قد جاءت فى كتاب الله العزيز عدة مرات ( الله الذي يبدأ الخلق ثم يعيده ) [الروم 11 ]، (أو لم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير) [العنكبوت: 19] لنفطن إلى هذه الحقيقة التي لم نراها عند بدء الخلق أو لا نعرفهـا لأن الكون لم ينتهي بعد ... و لكن الخالق يضعهـا أمـامنـا حتى لا نضل ونشقى... فبأي حديث بعده يؤمنون صدق الله العظيم
مكن المراسلة على البريد التالي:
موضوع مغلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 78 ( الأعضاء 0 والزوار 78)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 244.93 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 239.08 كيلو بايت... تم توفير 5.85 كيلو بايت...بمعدل (2.39%)]