الرؤية الإسلامية للأدب عند عمر بن عبدالعزيز - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 187 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 117 - عددالزوار : 28432 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 175 - عددالزوار : 60058 )           »          خطورة الوسوسة.. وعلاجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          إني مهاجرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الضوابط الشرعية لعمل المرأة في المجال الطبي.. والآمال المعقودة على ذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 30 - عددالزوار : 833 )           »          صناعة الإعلام وصياغة الرأي العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          من تستشير في مشكلاتك الزوجية؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          فن إيقاظ الطفل للذهاب إلى المدرسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النقد اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-04-2021, 04:23 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي الرؤية الإسلامية للأدب عند عمر بن عبدالعزيز

الرؤية الإسلامية للأدب عند عمر بن عبدالعزيز


د. وليد قصاب




مِن أكثر خلفاء بني أمية، الذين أُثِرَتْ عنهم أقوال ومواقف، تَتَعَلَّقُ بالشِّعر والشُّعراء: عبدُالملك، ومُعَاوية، ثمَّ عمر بن عبدالعزيز، وقد تَرَكَ عمر آراء، وكانتْ له وَقَفَات مع أرباب الكلمة، تدلُّ على بصر بِفَنِّ القول، وقدرة على النَّفاذ إلى أسراره ودَقَائِقه، وتدل – وهو الأهم - على إحساس الرَّجل بِدَوْر الشِّعر، وما يمكن أن يكونَ لأربابِ البيان مِن أثر إيجابِيٍّ أو سَلْبِي.

أَتَى عمر بن عبدالعزيز في أعقاب فَتْرة ضمرت فيها الرُّؤية الإسلاميَّة للشِّعر، فَفَرَّطَتْ طائفةٌ منَ الشُّعراء في حقِّ الكلمة، وأمانة القَوْل؛ لأنَّهم لَمْ يجدوا مَن يأخذ على أَيْديهم بِحَزْم، ويكفهم عن السَّفَه والعَبَث بالقِيَم والأخلاق؛ بل وجدوا في أحيان مَن يَضْحك لِسَفَههم وعبثهم؛ بل يُكافئهم على هذا السَّفَه، وهذا العَبَث، وجاء عمر فكان طرازًا منَ النَّاس فريدًا، تَرَسَّمَ مَرَاسم الرَّاشدين، فكان بِحَقٍّ أحدَهم في القول والعلم، حتى عُدَّ خامس الخُلَفاء الرَّاشدين.

أَقْبَلَ الشُّعراء على عُمر بن عبدالعزيز عند تَوَلِّيه الخلافةَ، وهم يَظُنُّون الرجل مثل غيره، عاشق مدح وثناء، يُسْتَأْكل بالنَّفخ والإطراء، يُعْطيهم مِن مال المُسلمينَ، وإن كانوا مِمَّن لا يجوز فيه العَطَاء، فأبقاهم شهرًا، لا يأذن لهم، ثم سأل عنهم واحدًا واحدًا، وراح يذكر نماذِج مِن شِعْره، أقل ما فيها - على رَأْي السيوطي - أنَّها تُشْعر بِرِقَّة الدِّين، ثم رَخَّص لِجرير؛ لأنَّه كان أَعَفَّهم وأَتْقاهم، وقال: "إن كان ولابدَّ فهو"، وأدخله، فلمَّا مَثُل بين يديه ذَكَّره حق الكلمة قائلاً: "ويحكَ يا جريرُ، اتَّقِ الله، ولا تَقُل إلاَّ حقًّا"، وعندما أنشده جرير قصيدةً ذكر فيها ضَرَّاء مَسَّتْه، وضَرَّاء مَسَّتِ المُسلمينَ جميعًا؛ بسبب شِدَّةٍ أصابَتْهم، تَرَقْرَقَتْ عينا عمر بالدَّمع، وجَهَّزَ إلى الحجاز عيرًا تحمل الطَّعام، والكُسَى، والعطاء يبثُّ في فقرائهم، وأبى أن يعطي جريرًا على شعره من بيت مال المسلمين، وذَكَّره أنه لا حَقَّ له، فهو ليس واحدًا من فئات المسلمين، الذين تَجُوز فيهم الزَّكاة أو الصَّدقة، وأعطاه - اتِّقاء لِلِسَانه - عشرين دينارًا فضلت من عطائه، فخرج جرير - وقد لَمَس مِن عمر ما لمس مِن صِدْق وإخلاصٍ - راضيًا، وقال للشُّعراء الذين احْتَشَدوا يسألون عنِ الخبر.




وَجَدْتُ رُقَى الشَّيْطَانِ لاَ تَسْتَفِزُّهُ وَقَدْ كَانَ شَيْطَانِي مِنَ الجِنِّ رَاقيَا




واستقبل عمر منَ الشعراء مَن يعظه لا مَن يمدحه، دخل عليه خالد بن صفوان، فقال: "يا أميرَ المؤمنينَ، أتحب أن تُطْرى؟ قال: لا، قال: أَفَتُحِبُّ أن تَوعَظَ؟ قال: نعم".

وَمَثَّلَ ما تَرَكَه عمر بن عبدالعزيز منَ الآراء والمواقف النَّقديَّة التَّصَوُّرَ الإسلامي للأدب، ومُحَاولة لترسيخ الرُّؤية العقديَّة له، وراح - وهو وَلِي الأمر المسؤول - يدل أصحاب الكلمة على الطَّريق الصحيحة، ويُحَاسبهم على الجموح والانحراف، ويعلمهم كيف يكونون سُفَراء خير وإصلاح، لا أصحاب مُتَاجَرة وارْتِزَاق، وكيف يَصُونُونَ الكلمة فلا يَطْرَحُونها في مواطن السَّفَهِ والضَّلال.

وقد أَوْصَل عمر هذه الرسالة التي يُريدها مِن أصحاب الكلمة منذ تَوَلَّى خِلافة المسلمينَ، إذ صَعِد المنبر، فكان في أول خطبة خطبها قوله: "أيُّها الناس، مَن صَحبَنا فَلْيَصْحبْنا بِخَمْس، وإلاَّ فلا يقربنا: يرفع إلينا حاجة مَن لا يستطيع رَفْعها، ويعيننا على الخير بِجَهده، ويدلنا منَ الخير على ما لا نَهْتَدِي إليه، ولا يَغْتَابن عندنا الرَّعيَّة، ولا يعترض فيما لا يعنيه، فانْقَشَع عنه الشعراء والخُطَباء، وثبت الفقهاء والزُّهَّاد، وقالوا: ما يسعنا أن نفارق هذا الرجل، حتى يخالف فِعْلُه قَوْلَه".

نعم، انْقَشَع عنه شعراء السُّوء، الذينَ لا يعرفون إلاَّ المديح، والهجاء، والفخر، وأغراض الجاهليَّة الحَمْقاء؛ لأنَّه لا مكان لهم عند مِثْل هذا الخليفة الرَّاشد، وأمَّا أُولو الفَضْل منهم، وأصحاب الكلمة الخَيِّرة، الذين يُعِينُون على الحق، ويكونونَ أَدِلاء عليه، فإنَّ عَتَبة ابن عبدالعزيز مُوَطَّأة لاسْتِقبالهم؛ بل هو شديد الحفاوة بهم..

كان سابقُ البَرْبري، الشَّاعر الفَقِيه الزاهد واحدًا مِن هؤلاءِ، كان كثيرَ الدُّخول على عمر، إذ كان يُؤَدّي في مَجْلِسه حق الشِّعر، فكان يَسْتمع إليه، ويستنشده، وَيَتَأَثّر بِمَواعظه وحِكَمه حتى يسقط مغشيًّا عليه.

روى ميمون بن مهران قال: دَخَلْتُ على عمر بن عبدالعزيز يومًا، وعنده سابق البربري ينشده شعرًا، فكان مما حفظتُ:



فَكَمْ مِنْ صَحِيحٍ بَاتَ لِلْمَوْتِ آمنًا أَتَتْهُ المَنَايَا بَغْتَةً بَعْدَمَا هَجَعْ
فَلَمْ يَسْتَطِعْ إِذْ جَاءَهُ المَوْتُ بَغْتَةً فِرَارًا وَلا مِنْه بِحِيلَته امْتَنَعْ
وَلاَ يَتْرُكُ المَوْتُ الغَنِيَّ لِمَالِه وَلاَ مُعْدَمًا فِي المَالِ ذَا حَاجَةٍ يَدَعْ




فلم يزل عمر يبكي ويضطرب، حتى غشي عليه.

وإذا كان رفض عمر استقبال مَن عُرف بِقِلَّة الورع منَ الشعراء في مجالسه، إعلانًا رسميًّا عن السّخط، وضربًا منَ الرَّدْع، وتَقْليم الأظفار، فإن عمر - وَلِيّ الأمر المسؤول - لم يكتفِ بهذا الموقف وحده؛ بل مَضَى يُمَارس حق السُّلطة في حماية الكلمة، ويطارد فُلُول الجاهليَّة الشِّعريَّة، تَصَدَّى لشُعَراء الانحراف ألوانًا منَ التَّصَدِّي، وأُثِرَتْ عنه مواقف مختلفة، هاك بعضَها:

- الإرشاد والتَّذكير:

مِن ذلك مَوْقفه مِن جرير؛ فَقَد ذكرنا أنَّ عمر لم يأذن لِمَن وقف بِبابِه منَ الشعراء إلا لجرير؛ إذ وجده أقرب المُجتمعينَ إلى العِفَّة، وأبعدهم عن سَفه ومُجون، وإذا كان لابدَّ من استقبال مَن يُمَثِّل الشعراء، لأنَّهم طائفة منَ المجتمع، ولعله يحمل إليهم رسالة أمير المؤمنينَ، فَلْيَكُن جريرًا، قال عمر - رضي الله عنه -: إن كان ولابدَّ فَلْيَدْخُل جرير، وأدخله، فلمَّا مَثُل بين يديه ذَكَّره حق الكلمة قائلاً: "ويحك يا جرير، اتَّقِ الله، ولا تقل إلا حقًّا".

وأدرك جرير أنَّه أمام نَمَط آخر منَ الخلفاء، يريد شاعرًا يُذَكِّر ويَعِظ، لا شاعرًا يَمْدح وَيَتَزَلّف، وقدِ استَقْبل الشاعر رسالةَ الخليفة، فقال قصيدة يذكر فيها ضَرَّاء عامة، أصابتِ المسلمين، وبذلك مضى الشعر في طريقه السَّديدة الخَيِّرة.

- التَّهديد والوعيد:

وإذا لم يُجْدِ مع أصحاب الكلمة الزَّائفة النُّصْحُ والتَّوْجِيهُ، فإنَّ الوعيدَ خُطْوة في طريق الرَّدع، رُويَ أنَّ الفَرَزدق كانَ كثيرَ الانْتِجاع للشُّرَفاء بالمدينة، فكأنَّه يُتاجِر بالكلمة، ويستعطي بها.

إنَّ الشِّعر ها هنا يلعبُ دورًا غير كريم، وقد شكا الناس الفَرَزْدق - وكانوا في وقت خصاصة - إلى عمر، فأمره بألاَّ يَتَعَرَّضَ لهم، ثم قال له: "أَلَمْ أَتَقَدَّم إليكَ بِأَلاَّ تعَرّضَ بمدحٍ ولا هجاء، وقد أجَّلتك ثلاثًا، فإن وجدتكَ بعدها، نكلت بِكَ".

وهَدَّدَ الشاعر حميدًا الأمجي، الذي بلغه عنه شعر قالَه في الخمر، وكاد يُقيم عليه الحَدّ، لولا أنَّ الشاعر ذكر أنَّه قال ولم يَفْعلْ، فتركه بعد أن وعد ألاَّ يعودَ.

- القصاص:

وإذا لم يَرْدَعِ النصح، ولا التَّهديد، وتحول الشعر إلى مَطِيَّة شَر وإفساد، صار القصاص حقًّا لدَفْع الضر، وتَثْبيت الخير، وقد تَجَلَّى موقف عمر هذا في مُلاحقة المُجَّان من أصحاب الكلمة، ومعاقبتهم على سَفَههم، مع الأحوص، وعمر بن أبي ربيعة، كان الأحوص يُشَبِّب بِنِساء أشراف المدينة، فنُهِيَ فَلَمْ يَنْتَه، فأمرَ سليمانُ بن عبدالملك بضربه مائة، ثم نَفاه إلى "دهلك"، وظل منفيًّا إلى أيام عمر، فاستأذنه الأحوص في القُدُوم، فلمَّا أسمع شيئًا مِن شعره الماجن أنكره، فأبى رَدّه، وقال: "لا رددتُه ما كان لي سلطان".

وأمَّا عمر بن أبي ربيعة، فبلغ مِن سَفَهِه أن يَتَعَرَّضَ لنساء الحاج، ويَشُبِّب بهن، فنفاه عمر بن عبدالعزيز إلى "دهلك" كذلك.

ومنَ الواضح، من خلال هذه المواقف القليلة التي سُقْناها لعمر - رضي الله عنه - مع الشُّعراء، وأصحاب الكلمة، أنَّ الرَّجل خَطَا بالأدب خطوة كبرى في طريق الرُّؤية الإسلاميَّة، فمَثَّلَتْ مُلاَحظاته النَّظَريَّة والعَمَليَّة مُحَاوَلة جادة - من ولي الأمر الرَّاعي المسؤول - لِتَرْسيخ قدم هذه الرُّؤية، وذَوْد الزَّيغ الذي كان يَعْتَرِيها.

صدر عمر بن عبدالعزيز - الخليفة الرَّاشد - في جميع أقواله ومواقفه منَ الشِّعر والشعراء عن معيار عَقَدي مُلتزم، يرى الكلمة مسؤوليَّة وأمانة، فمضى يُحَذِّر مِن جموحها، ويدعو إلى السَّيْطرة عليها، كان يقول: "المحظوظ مَن يلجم لسانه"، وخوف مِن فتنتها، وأن تكونَ بديلاً للفعل أو تناقضه، فقال: "إنَّ للكلام فتنةً، وإن الفِعَال أولى بالمؤمن منَ القول"، وقال: "مَن لم يَعُدَّ كلامه من عمله، كَثُرَتْ ذُنُوبُه".


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 59.01 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 57.09 كيلو بايت... تم توفير 1.92 كيلو بايت...بمعدل (3.26%)]