الحديث الخامس والعشرون - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         السيول والأمطار دروس وعبر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          مضى رمضان.. فلا تبطلوا أعمالكم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          فضل علم الحديث ورجاله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          سورة العصر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          الترهيب من قطيعة الرحم من السنة النبوية المباركة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          لمحات في عقيدة الإسماعيلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          عقيدة الشيعة فيك لم تتغير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          شرح حديث: تابِعوا بينَ الحجِّ والعمرةِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          كيف تعود عزة المسلمين إليهم؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          أدومه وإن قل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15-03-2013, 10:33 PM
الصورة الرمزية ام ايمن
ام ايمن ام ايمن غير متصل
مشرفة ملتقى السيرة وعلوم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Apr 2006
مكان الإقامة: العراق / الموصل
الجنس :
المشاركات: 2,056
افتراضي الحديث الخامس والعشرون

ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئاتاعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلا هادي له، واشهد ان لااله الا اللهوان محمدا عبده ورسوله بلغ الامانة وادى الرسالة ونصح الامة وجاهد في الله حق جهاده، اللهم صلى وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدىبهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد : فإن أحسن الحديث كتاب اللهوخير الهدي هدي محمد e وإن شر ألامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكلبدعة ضلالة وكل ضلالة فيالنار.



الحديث الخامس والعشرون


عَنْ أَبي ذَرٍّ رضي الله عنه أَيضَاً أَنَّ أُنَاسَاً مِنْ أَصحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالوا للنَّبي صلى الله عليه وسلم يَارَسُولَ الله: ذَهَبَ أَهلُ الدثوربِالأُجورِ، يُصَلُّوْنَ كَمَا نُصَلِّيْ، وَيَصُوْمُوْنَ كَمَا نَصُوْمُ، وَيَتَصَدَّقُوْنَ بفُضُوْلأَمْوَالِهِمْ، قَالَ: (أَوَ لَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللهُ لَكُمْ مَا تَصَّدَّقُوْنَ؟ إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيْحَةصَدَقَة.وَكُلِّ تَكْبِيْرَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَحْمَيْدَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَهْلِيْلَةٍ صَدَقَةٌ وَأَمْربالِمَعْرُوْفٍ صَدَقَةٌ وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ وَفِيْ بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ قَالُوا: يَا رَسُوْلَ اللهِ أَيَأْتِيْ أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُوْنُ لَهُ فِيْهَا أَجْرٌ؟ قَالَ:أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فَيْ حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فَي الحَلالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ 1


هيأ الله الدنيا لبني آدم كي تكون مزرعة للآخرة ، ومجالا واسعا للتنافس على طاعة الله ، والتسابق في ميادين الخير .و كان هذا هو همّ الصحابة رضوان الله عليهم ، وتطلعهم الأسمى ، فشمّروا عن سواعد الجد ، وانطلقوا مسارعين إلى ربهم ، بقلوب قد طال شوقها إلى الجنة ، ونفوس قد تاقت إلى نعيمها الدائم ، فكان الواحد منهم إذا سمع عن عمل يقرّبه إلى الله ويدنيه من رحمته كان أول الممتثلين له ، عملا بقوله تعالى : }وفي ذلك فليتنافس المتنافسون{ .وقال تعالى}لمثل هذا فليعمل العاملـــون{ .


قال ابن القيم : ...... كما كان أصحاب رسول الله e يتنافســــون في الخير ويفرح بعضهم ببعض باشتراكهــم فيه ، بل يحض بعضهم بعضاً ، وهي نوع من المسابقــة ، وقد قال تعالى{ وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين } ( آل عمران : 133


فالحديث دليل على أن الصحابة رضي الله عنهم لشدة حرصهم على الأعمال الصالحة وقوة رغبتهم في الخير كانوا يحزنون على ما يتعذر عليهم فعله من الخير مما يقدر عليه غيرهم فكان الفقراء يحزنون على فوات الصدقة بالأموال التي يقدر عليها الأغنياء ويحزنون على التخلف عن الخروج في الجهاد لعدم القدرة على آلته وقد أخبر الله عنهم بذلك في كتابه فقال ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون التوبة.


ولما كانت الصدقة بالمال مقصورة على أغنياء المسلمين القادرين على بذله والجود به بخلاف بقية العبادات كالصلاة والصيام ونحوها مقدورة من أغلب الناس ، من هنا دخل الحزن قلوب فقراء الصحابة ، إذ فاتهم هذا المضمار من مضامير الخير ، وكلما سمعوا آية أو حديثا يحث الناس على البذل والصدقة ، ويبيّن فضلها وما أعد الله لأهلها ، حزّ ذلك في نفوسهم ، فذهبوا إلى رسول الله e شاكين له ، ولنعش معا لحظات مع هذا الموقف العظيم الذي يرويه لنا أبو ذر رضي الله عنه.



أَنَ أُنَاسَاً" هؤلاء هم الفقراء فقراء المهاجرين قالوا للنبي e "ذَهَبَ أَهلُ الدثورِ"جمع دَثْر، وهو المال الكثير أي الأموال الكثيرة "بِالأُجورِ" أي الثواب عليها، لقد حاز أصحاب الأموال والغنى كل أجر وثواب، واستأثروا بذلك دونناولم يكن قولهم هذا انطلاقا من الحسد لإخوانهم ، أو طمعا في الثراء ، ولكنه خرج مخرج الغبطة وتمني حصول الخير ، ليحوزوا المرتبة التي امتاز بها الأغنياء ، ونظير هذا قول النبي e( لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق ) متفق عليه .فليس قصدهم بذلك الحسد، ولا الاعتراض على قدر الله، لكن قصدهم لعلهم يجدون أعمالاً يستطيعونها يقومون بها تقابل ما يفعله أهل الدثور.


"يُصَلونَ كَمَا نُصَلي،وَيَصومُونَ كَمَا نَصوم، فنحن وإياهم في ذلك سواء، ولا ميزةلنا عليهم وَيَتَصَدَّقونَ بِفُضولِ أَموَالِهم" يعني أموالهم الزائدة عن كفايتهم وحاجاتهمولكنهم ويتميزون علينا، فإنهم "يتصدقون بفضول أموالهم" ولا نتصدق ولانملك نحن ما نتصدق به لندرك مرتبتهم، ونفوسنا ترغب أن نكون في مرتبتهم عند اللهتعالى، فماذا نفعل لأنه ليس عندنا شيء، فكيف يمكن أن نسبقهم أو نكون مثلهم، هذا مراد الصحابة رضي الله عنهم وليس مرادهم قطعاً الاعتراض على قدر الله عزّ وجل، ولا أن يحسدوا هؤلاء الأغنياء.


وهنا أدرك النبي e ما يدور في نفوس أصحابه من اللهفة إلى الخير ، والشوق إلى الدرجات العلى عند ربهم فعالج ذلك الموقف بكل ما آتاه الله تعالى من حكمة ، الحكمة البالغة وأبواب الخير الواسعة فيطيب خاطرهم ويلفت أنظارهم إلى أن أبواب الخير واسعة، وأن هناك من الأعمالما يساوي ثوابُه ثوابَ المتصدق، وتُدَاني مرتبةُ فاعله مرتبةَ المنفق، إن لم تزدعليها في بعض الأحيان. فبيّن لهم سعة مفهوم الصدقة ، فإنها ليست مقصورة على المال فحسب ، بل تشمل كل أنواع الخير .


فقال لهم عليه الصلاة والسلام "أَوَلَيسَ قَد جَعَلَ اللهُ لَكُم مَا تَصَّدَّقونَ بِهِ" أي تتصدقون به ثم بيّنَ لهم فقال: "إِنَ بِكُلِّ تَسبيحَةٍ صَدَقَةً" أي إذا قلت: سبحان الله فهي صدقة.


"وَبِكُلِّ تَكبيرَةٍ صَدَقَةً" إذا قال العبد الله أكبر فهذه صدقة.


"وَبِكُلِّ تَحميدَةٍ صَدَقَةً" إذا قال الحمد لله فهذه صدقة .


"وَبِكُلِّ تَهليلَةٍ صَدَقَة" إذا قال لا إله إلا الله فهي صدقة.


فإذا لم يكن لديكم فضل مال، فسبحوا الله عز وجل وكبروه واحمدوه وهللوه، ففي كل لفظمن ذلك أجر صدقة.


التكبير والتسبيح والتهليل والتحميد ، هو من الباقيات الصالحات التي ذكرها الله تعالى في قوله : { والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا } ( الكهف : 46 ) ، وقد وردت نصوص كثيرة تدل على فضل الذكر ، ففي مسند أحمد وعند الترمذي عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي e قال : ( ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم ؟ ، وخير لكم من إعطاء الذهب والورق ، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟ قالوا :بلى يا رسول الله . قال : ذكر الله عز وجل ) وعن أبو الدرداء: " لأن أقول الله أكبر مائة مرة ، أحبّ إليّ من أن أتصدق بمائة دينار " ، وفي حديث آخر يقول النبي e ( سبق المفردون . قالوا : وما المفردون يا رسول الله ؟ قال : الذاكرون الله كثيرا والذاكرات ) رواه مسلم . فذكر الله من أعظم صدقات العبد على نفسه .
وروى أحمد والترمذي: أن رسول اللهeسئل : أي العباد أفضل عند الله يوم القيامة ؟ قال: "الذاكرون الله كثيراً ".



وخرج الطبراني من حديث ابن عباس مرفوعا قال ما من صدقة أفضل من ذكر الله عز وجل . وخرج الفريابي بإسناد فيه نظر عن أبي أمامة مرفوعا ومن فاته الليل أن يكابده ويبخل بماله أن ينفقه وجبن عن العدو أن يقاتله فليكثر من سبحان الله وبحمده فإنها أحب إلى الله عز وجل من جبل ذهب أو جبل فضة ينفقه في سبيل الله عز وجل.


وعند ابن حبان ( ليس من نفس ابن آدم إلا عليها صدقة ، في كل يوم طلعت فيه الشمس ، قيل : يا رسول الله : ومن أين لنا صدقة نتصدق بها ؟ قال e إن أبواب الجنــة لكثيرة ، التسبيح والتحميد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتميط الأذى عن الطريق ، وتسمع الأصم ، وتهدي الأعمى ، وتدل المستدل على حاجته ، وتسعى بشدة ساقيك مع اللهفــان المستغيث ، وتحمل بشدة ذراعيك مع الضعيف ، فهذا كله صدقة منك على نفسك ) .


"وَأَمرٌ بِالمَعروفِ صَدَقَةٌ" إذا أمر العبد من رأه مقصراً في شيء من الطاعات فهي صدقة.


"وَنَهيٌ عَن مُنكَرٍ صَدَقَةٌ" وإذا رأى شخصاً على منكر ونهاه فهي صدقة .


الصدقة بغير المال نوعان :


أحدهما ما فيه تعدية الإحسان إلى الخلق فتكون صدقة عليهم وربما كان أفضل من الصدقة بالمال وهذا كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإنه دعوة إلى طاعة الله وكف عن معاصيه وذلك خير من النفع بالمال وهو صدقة متعدية إلى أفراد المجتمع وكذلك تعليم العلم النافع وإقراء القرآن وإزالة الأذى عن الطريق والسعي في جلب النفع للناس ودفع الأذى عنهم وكذلك الدعاء للمسلمين والاستغفار لهم . والدليل على خيرية هذه الأمة ، كما قال الله عزوجل في كتابه : {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِوَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: 110].


وباب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واسع ومفتوح، وأجر من يقوم بهذا الفرض الكفائي لا يقل عن أجر المنفق المتصدق، بل ربما يفوقه مراتب كثيرة : "كل معروف صدقة" رواهمسلم.


وهذا النوع من الصدقة واجب على كل أفراد الأمة كلٌّ بحسبه ، علاوة على أنه ضمان لسلامتها وتصحيح مسارها .


الثاني : من الصدقة التي ليست مالية ما نفعــه قاصر على فاعله ، كأنواع الذكر من التكبير والتحميد والتهليل والاستغفار

__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 15-03-2013, 10:39 PM
الصورة الرمزية ام ايمن
ام ايمن ام ايمن غير متصل
مشرفة ملتقى السيرة وعلوم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Apr 2006
مكان الإقامة: العراق / الموصل
الجنس :
المشاركات: 2,056
افتراضي رد: الحديث الخامس والعشرون

هذه الأشياء التي ذكرها النبي e وقال: إنها صدقة يستطيعها هؤلاء الفقراء، فأنتم أكثروا من التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكلها صدقات . والأغنياء قد لا يتصدقون كل يوم، وإذا تصدقوا باليوم لا يستوعبون اليوم بالصدقة ، فأنتم قادرون على هذا.

ولما قرر النبي e هذا اقتنعوا رضي الله عنهم ، لكن لما قال: "وَفي بُضعِ أَحَدِكُم صَدَقَةٌ" أي أن الرجل إذا أتى أهله فله بذلك صدقة، قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ استفهاماً وليس اعتراضاً، لكن يريدون أن يعرفوا وجه ذلك، كيف يأتي الإنسان أهله وشهوته ويقال إنك مأجور؟! أي أن الإنسان قد يستبعد هذا ولكن النبي e بيَّن لهم وجه ذلك فقال: "أَرَأيتُم لو وَضَعَها في حَرَامٍ أَكَانَ عَليهِ وِزر؟"إثم وعقاب.نعم يكون عليه وزر لو وضعها في حرام. قال e "فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَها في الحَلالِ كَانَ لَهُ أَجرٌ" فاستغنى عن الحرام فكان مأجوراً بهذا، وهذا ما يسمى عند العلماء بقياس العكس، أي إذا ثبت هذا ثبت ضده في ضده.

فقد جعل الله عز وجل للعبد أجراً وثواباً يناله كل يوم وليلة إذا أخلص النية وأحسن القصد فالذي ينفق على أهله وعياله: "ونفقة الرجل على أهلهوزوجته وعياله صدقة". رواه مسلم، و "إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله تعالى إلاأجرت عليها، حتى اللقمة ترفعها إلى فيه امرأتك" متفق عليه. أي تطعمها إياها. والذي يعاشر زوجته ويقوم بواجبه نحوها، ليعف نفسه ويكفها عن الحرام، ويحفظفرجه ويقف عند حدود الله، ويجتنب محرماته التي لو اقترفها كان عليه إثم وعقاب ،فكذلك له أجر وثواب، حتى ولو ظن أنه يُحَصِّل لذته ويُشبع شهوته، طالما أنه يُخلصالنية في ذلك، ولا يقارب إلا ما أحلّ الله تعالى له.

ومن عظيم فضل الله عز وجل على المسلم: أن عادته تنقلب بالنية إلى عبادة يؤجر عليها،ويصير فعله وتركه قربة يتقرب بها من ربه جل وعلا، فإذا تناول الطعام والشراب المباحبقصد الحفاظ على جسمه والتقوِّي على طاعة ربه، كان ذلك عبادة يثاب عليها، ولا سيماإذا قارن ذلك ذكر الله تعالى في بدء العمل وختامه، فسمى الله تعالى في البدء، وحمدهوشكره في الختام. قال النووي رحمه الله : وفي هذا دليل على أن المباحات تصير طاعات بالنيات الصادقات ، فالجماع يكون عبادة إذا نوى به قضاء حق الزوجـــة ومعاشرتها بالمعروف الذي أمر الله به ، أو طلب ولد صالح ، أو إعفاف نفسه ، أو إعفاف الزوجة ومنعهما جميعاً من النظر إلى الحرام أو الفكر فيه ، أو الهم به أو غير ذلك من المقاصد الصالحة .

وأبواب الخيركثيرة ولا تقتصر أبواب الخير والصدقات على ما ذكر في الحديث، فهناكأعمال أخرى يستطيع المسلم القيام بها ويحسب له فيها أجر الصدقة. وفي الصحيحين : "تكف شَرَّك عن الناس فإنها صدقة" وعند الترمذي: "تبسمك في وجه أخيك لك صدقة .. وإفراغك دلوك في دلو أخيك لك صدقة".

وهكذا يتسع مفهوم الصدقة ليشمل العادات التي يخلص أصحابها في نياتهم ، فهي دعوة إلى احتساب الأجر عند كل عمل ، واستحضار النية الصالحة عند ممارسة الحياة اليوميّة ، نسأل الله أن يعيننا على طاعته .

من فوائد هذا الحديث

1 - مسارعة الصحابة رضي الله عنهم وتسابقهم إلى العمل الصالح،لأن هؤلاء الذين جاؤوا يقولون للرسول e إنه ذهب أهل الدثور بالأجور لا يريدون الحسد، لكن يريدون أن يفتح لهم النبي e باباً يدركون به هذا السبق.

2- الحث على علــو الهمـــة .قال e ( إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفسافها ) رواه الطبراني .

وقال e ( لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهمــوا عليه لاستهموا ) متفق عليه

وقال e ( إذا سأل أحدكم فليكثر ، فإنما يسأل ربــه ) رواه ابن حبان .

وقال e ( إذا سألتم الله فاسألــوه الفردوس الأعلى ) رواه البخاري .

3- الحث على السؤال عما ينتفع به المسلم ويترقى به في مراتب الكمال.

4 - أن الصحابة رضي الله عنهم يستعملون أموالهم فيما فيه الخير في الدنيا والآخرة، وهو أنهم يتصدقون.

5 - أن الاعمال البدنية يشترك فيها الغني والفقير، لقولهم: "يُصَلونَ كَمَا نُصَلي،وَيَصومُونَ كَمَا نَصوم" وهو كذلك، وقد يكون أداء الفقير أفضل وأكمل من أداء الغني.

6 - استعمال الحكمة في معالجة المواقف، وإدخال البشرى على النفوس، وتطييب الخواطر حيث أن النبي e فتح للفقراء أبواباً من الخير، لقوله: "أَوَلَيسَ قَد جَعَلَ اللهُ لَكُم مَا تَصَّدَّقونَ بِهِ" وذكر الأبواب.

7- سعة فضل الله ورحمتــه حيث جعل أبواب الخير كثيرة.

8- فضيلة الأذكار المشار إليها في الحديث، وأن أجرها يساوي أجر الصدقة لمن لا يملكمالاً يتصدق به ولا سيما بعد الصلوات المفروضة.

9- تقرير المخاطب بما لا يمكنه إنكاره، لقوله: "أَوَلَيسَ قَد جَعَلَ اللهُ لَكُم مَا تَصَدَّقونَ بِهِ" لأن هذا أبلغ في إقامة الحجة عليه.

10 - أن ما ذكره النبي e من الأعمال كله صدقة، لكن هذه الصدقة منها واجب، ومنها غير واجب، ومنها متعدٍ، ومنها قاصر حسب ما سنذكره.

قال: ( إِنَّ بِكُلِّ تَسبيحَةٍ صَدَقَةً، وَبِكُلِّ تَكبيرَةٍ صَدَقَةً ، وَبِكُلِّ تَحميدَةٍ صَدَقَةً، وَبِكُلِّ تَهليلَةٍ صَدَقَةً) هذا كله قاصر ومنه واجب، ومنه غير واجب.

فالتكبير منه واجب ومنه غير واجب، فتكبير الصلوات واجب، وتكبير أذكار الصلاة بعدها مستحب، وهكذا يقال في التسبيح والتهليل.

11- أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمع المسلم.

"وَأَمرٌ بِالمَعروفِ صَدَقَةٌ، وَنَهيٌ عَن مُنكَرٍ صَدَقَةٌ" هذا من الواجب، لكن الأمر بالمعروف تارة يكون واجباً وجوب عين على من قدر عليه ولم يوجد غيره،وكذلك النهي عن المنكر، وتارة يكون واجب كفاية لمن قدر عليه ولكن هناك من يقوم مقامه، وتارة يكون مستحباً .

والأمر بالمعروف لابد فيه من شرطين:

الشرط الأول: أن يكون الآمر عالماً بأن هذا معروف، فإن كان جاهلاً فإنه لا يجوز أن يتكلم، لأنه إذا أمر بما يجهل فقد قال على الله تعالى ما لا يعلم.

الشرط الثاني:أن يعلم أن هذا المأمور قد ترك المعروف، فإن لم يعلم تركه إياه فليستفصل، ودليل ذلك أن رجلاً دخل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس، فقال له: "أصليت؟ قال: لا، قال: قم فصل ركعتين وتجوز فيهما")1)

فلم يأمره بصلاة ركعتين حتى سأله هل فعلهما أولا، فلابد أن تعلم أنه تارك لهذا المعروف.

والنهي عن المنكر كذلك لابد فيه من شروط:

الشرط الأول:أن يعلم الناهي أن هذا منكر بالدليل الشرعي،لا بالذوق ولا بالعادة ولا بالغيرة ولا بالعاطفة، وليس مجرد أن يرى أنه منكر يكون منكراً، فقد ينكر الإنسان ما كان معروفاً . الشرط الثاني: أن يعلم أن هذا المخاطب قد وقع في المنكر، فإن لم يعلم فلا يجوز أن ينهى، لأنه لو فعل لعد ذلك منه تسرعاً ولأكل الناس عرضه، بل لابد أن يعلم أن ما وقع فيه منكر، مثال ذلك:

لو رأى المسلم رجلاً في البلد يأكل ويشرب في رمضان ولنقل في المسجد الحرام، فليس له أن ينكر عليه حتى يسأله هل هو مسافر أم لا؟ لأنه قد يكون مسافراً والمسافر يجوز له أن يأكل ويشرب في رمضان، فلابد أن يعلم أن هذا المخاطب قد وقع في هذا المنكر.

الشرط الثالث: أن لا يزول المنكر إلى ما هو أعظم، فإن زال المنكر إلى ما هو أعظم كان إنكاره حراماً، لأن إنكاره يعني أننا حولناه مما هو أخف إلى ما هو أشد.

وتحت هذه المسألة أربعة أقسام:

القسم الأول:أن يزول المنكر بالكلية .

القسم الثاني:أن يخف.

القسم الثالث:أن يتحول إلى منكر مثله.

القسم الرابع:أن يتحول إلى منكر أعظم.

فإذا كان إنكار المنكر يزول فلا شك أن الإنكار واجب.

وإذا كان يخف فالإنكار واجب، لأن تخفيف المنكر أمر واجب.

وإذا كان يتحول إلى ما هو مثله فمحل نظر، هل يُرجَّح الإنكار أو لا، فقد يرجح الإنكار لأن الإنسان إذا تغيرت به الأحوال وانتقل من شيء إلى شيء ربما يكون أخف، وقد يكون الأمر بالعكس بحيث يكون بقاؤه على ما هو عليه أحسن من نقله لأنه إذا تعود التنقل انتقل إلى منكرات أخرى.

وإذا كان يتحول إلى ما هو أعظم فالإنكار حرام.

فإذا قال قائل :علل أو دلل لهذه الأقسام؟

فنقول: أما إذا كان إنكاره يقتضي زواله فوجوبه ظاهر لقول الله تعالى: (وتعاونوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ) (المائدة: الآية2) وقوله: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ )(آل عمران: الآية104) وقول النبي e "وَالَّذي نَفسي بيَده لتَأمُرنَّ بِالمَعروفِ وَتَنهَونَّ عَنِ المُنكَر وَلِتَأخُذنَّ عَلى يَدِ الظَالِمِ وَلِتَأطُرَنَّهُ عَلى الحقَِّّ أَطراً) 3) وذكر الحديث وعيداً شديداً.

أما إذا كان الإنكار يؤدي إلى تخفيفه فالتعليل أن تخفيف الشر واجب، و الأدلة السابقة دليل على هذا.

أما إذا كان يتحول إلى ما هو أنكر فإن الإنكار حرام، ودليل ذلك قول الله عزّ وجل : (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ )(الأنعام: الآية108) فنهى عن سب آلهة المشركين مع أنه أمر واجب، لأن سب آلهتهم يؤدي إلى سب من هو منزه عن كل نقص وهو الله عزّ وجل، فنحن إذا سببنا آلهتهم سببنا بحق، وهم إذا سبوا الله سبوه عدواً بغير حق.

ويذكر عن شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أنه مر مع صاحب له على قوم من التتر يشربون الخمر ويفسقون، ولم ينههم شيخ الإسلام عن هذا فقال له صاحبه: لماذا لا تنهاهم ؟ وكان - رحمه الله - ممن عرف بإنكار المنكر، فقال: لو نهيت هؤلاء لقاموا إلى بيوت الناس ونهبوها وانتهكوا أعراضهم، وهذا أعظم مما هم عليه الآن - فانظر للفقه في دين الله عزّ وجل.

12 - "وَفي بُضع أَحَدِكُم صَدَقَةٌ" هذه الصدقة قد تكون من الواجب تارة، ومن المستحب تارة.

إذا كان الإنسان يخاف على نفسه الزنى إن لم يأت أهله صار من الصدقة الواجبة، وإلا فهو من الصدقة المستحبة.

وظاهر قوله: "وَفي بُضع أَحَدِكُم صَدَقَةٌ" أن ذلك صدقة وإن كان على سبيل الشهوة لا علي سبيل الانكفاف عن الحرام، لأنه إذا كان على سبيل الانكفاف عن الحرام فالأمر واضح أنه صدقة ، لأنه يدفع الحرام بالمباح،لكن إذا كان لمجرد الشهوة فظاهر الحديث أن ذلك صدقة، وله أوجه منها:

الأول: أن الإنسان مأمور أن لا يمنع نفسه ما تشتهي إذا كان ذلك في غير معصية الله لقول النبي e "إِنَّ لِنَفسِكَ عَليكَ حَقًّا".4

والثاني:أنه إذا أتى أهله فقد أحسن إلى أهله، لأن المرأة عندها من الشهوة ما عند الرجل، فهي تشتهي الرجل كما يشتهيها، فإذا أتاها صار محسناً إليها وصار ذلك صدقة.

13 - أن الصحابة رضي الله عنهم لا يتركون شيئاً مشكلاً إلا سألوا عنه، لقولهم "أَيأتي أَحَدنَا شَهوَتَهُ وَيَكَون لَهُ فيهَا أَجر" .

وبه نعلم أن كل شيء لم يسأل عنه الصحابة مما يُظن أنه من أمور الدين فإن السؤال عنه بدعة، لأنه لو كان من دين الله لقيض الله من يسأل عنه حتى يتبين. ومن ذلك: لما حدث النبي e عن الدجال أن أول يوم من أيامه كسنة ، قالوا يا رسول الله هذا اليوم الذي كسنة يكفينا فيه صلاة واحدةـ فقال "لاَ، اقدِروا لَهُ قَدرَهُ" فكل شيء يحتاج إليه الناس في دينهم فإما أن يصدر من النبي e ابتداءً، وإما أن يُسأل عنه، ومالم يرد عن النبي e ابتداءً ولا جواباً لسؤال وهو مما يتعلق بالدين فالسؤال عنه بدعة.

14 - حسن تعليم النبي e حيث ضرب المثل الذي يقتنع به المخاطب، وهذا من حسن التعليم أن تقرب الأمور الحسيّة بالأمور العقلية، وذلك في قوله: "أَرَأيتُمْ لَو وَضَعَهَا فِي الحَرامِ أَكَانَ عَلَيْهِ وِزرٌ، فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الحَلالِ كَانَ لَهُ أَجرٌ".

15 - مشروعية القياس وترتيب الحكم إلحاقاً للأمر بما يشابهه أو يناظره , وأن القياس حجة، فقياس الموافقة كثير جداً ولا إشكال فيه بأن تقيس هذا الشيء على هذا الشيء في حكم من الأحكام يجب هذا قياساً على هذا، ويحرم هذا قياساً على هذا.

وقياس العكس صحيح أيضاً،لأن النبي صلى الله عليه وسلم قاس هذا القياس قياس عكس، يعني فإذا كانت الشهوة الحرام وزراً فالشهوة الحلال أجر، وهذا واضح.

16- أن الاكتفاء بالحلال عن الحرام يجعل الحلال قربة وصدقة لقوله: "وَفِي بُضْع أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ"

17- بيان الدليل للمتعلم، ولاسيما فيما خفي عليه، ليكون ذلك أثبت في قلبه وأدعى إلىامتثاله.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

سبحانك الله وبحمدك نشهد أن لاإله إلا أنت نستغفرك ونتوب اليك

إن أصبت فمن فضل اللهوحده

وإن أخطأت فمن نفسي ومنالشيطان
والحمد لله الذي هدانا لهذا وماكنا لنهتدي لولا أن هداناالله
والحمد لله الذي بنعمته تتمالصالحات

اللهم اجعل عملي خالصا لوجهكالكريم

ولاتجعل لأحد شيئا منه سواك



1- أخرجه مسلم- تاب: الزكاة، باب: بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف، (1006)،(53).

2- أخرجه البخاري – كتاب: بدء الجمعة، باب: من جاء والإمام يخطب صلى ركعتين خفيفتين، (931). ومسلم – كتاب: الجمعة، باب: التحية والإمام يخطب، (875)،(54)


3- أخرجه الترمذي- كتاب: تفسير القرآن، باب: ومن سورة المائدة، (3048). وابن ماجه – كتاب: الفتن، باب: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، (4006). وأبو داود- كتاب: الملاحم، باب: الأمر والنهي، (4336)

4- أخرجه البخاري – كتاب: الصوم، باب: من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع، (1968)

__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 99.60 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 97.25 كيلو بايت... تم توفير 2.35 كيلو بايت...بمعدل (2.36%)]