جزيرة العرب - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الصراع مع اليهود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 37 )           »          الوقـف الإســلامي ودوره في الإصلاح والتغيير العهد الزنكي والأيوبي نموذجاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          أفكار للتربية السليمة للطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          لزوم جماعة المسلمين يديم الأمن والاستقرار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          منهجُ السَّلَف الصالح منهجٌ مُستمرٌّ لا يتقيَّدُ بزمَانٍ ولا ينحصِرُ بمكانٍ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 38 - عددالزوار : 1198 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 72 - عددالزوار : 16920 )           »          حوارات الآخرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 17 )           »          الخواطر (الظن الكاذب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          الإنفــاق العــام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14-09-2020, 03:02 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,025
الدولة : Egypt
افتراضي جزيرة العرب

جزيرة العرب


محمود شوقي الأيوبي





جزيرة العرب حمى باركه الله على سائر أصقاع الدنيا بما أفاض عليه من آلائه، وأسبغ عليه من نعمائه، وإن يكن ممحلاً في معظم بقاعه، عفي النبت والثمر، شحيح المذانب إلا في ما نزر من أنحائه، غير أن عرين الغضنفر لا يهاب إلا بوعورته، ولا يخشى وجه الليث إلا بعرامته، فهذه المجادب المتزاحمة بدعوص الرمال، والمفاوز المترامية الأطراف تخللها الحزون والمغاور، والكهوف والمخارم، والأوجار والأجارع، تكتنفها الأخاشب الشوس، والمنحدرات المجهضة ذات المنظر العبوس، ومن حولها الأبحر والمضايق، والخلجان والجزائر، هذه الصخرة الهائلة الجاثمة على تخوم العالم القديم، هذه وطن العرب العتاة الرؤوس، الشم الأنوف، هذه الجزيرة هي مهبط الوحي، ومهد الفضائل، هي المدرسة المقدسة التي ألقى الله - سبحانه - فيها بذرة الحياة الأولى، حتى أينعت وأثمرت، تؤتي أكلها كل حين، وقد ختم الله بها آخر بذرة من بذور الحياة؛ حيث غرستها يده الرحيمة العادلة ما بين صخور مكة المكرمة وتلاعها، حتى امتدت أفنانها مورقة فَيْنانة تدرُّ بيانع ثمرها على العالم، ولا تزال أغصانها الميثاء تتهدل وتمتد في أجواء الدنيا.

منذ 1360 عامًا هبط الوحي على أعظم رجل كونته يد القدرة الإلهية، معلم الدنيا الأكبر، وحارس كناس الحق، وحامي حمى الله، موقظ البصائر من غفلتها، ومؤجج جمرات الإيمان، ومنقذ الإنسانية من لجج الزيغ الملطخمة، وهوى الجهل المدلهمة، هو محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام.

يا صباحاه، يا صباحاه، صوت سمعه العالم يتغلغل من تلك الصخرة المقدسة، صوت انحدر من (الصفا)، وطرق أسماع قطان مكة المكرمة، فهرعوا من مخادعهم ليستطلعوا طلع الخير، وأمُّوا زرافات ووحدانًا، والكل متسائل: ما الخبر؟ ومن هو المنادي؟ حتى وقفوا متهيبين، فإذا بأشرف من وثق به أبناء نزار؛ لصدق لهجته، وعفته، وشرفه، وكان الهاتف يقول وقوله الحق:
يا معشر العرب، إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، هذه أول عبارة هتف بها محمد بن عبدالله -صلى الله عليه وسلم- على مسمع من الملأ، أول عبارة تفجرت من ذلك الثغر الأريحي الفياض، ومن هذا العرين الهائل وثب أسد الحق الجريء المهيب، وكان لوثوبه دويٌّ ولا كدوي البركان، وهدير ولا كهدير المحيط التيهور، وثب أسد الحقيقة وفي عينيه تلتهب نار البسالة والإقدام، نهض سلطان القفر، فاقتحمي يا أُسْدَ اللهِ المعاقلَ والثغور، نهض العرب وانضموا تحت راية الرسول الأعظم، وكانت معركة هائلة تشيب لها النواصي، ويهرم من فزعها الرضيع، معركة مخيفة انحسرت عن فوز الحق وخذلان الباطل، وانتصر الإسلام مؤيدًا بجند الله الأبيِّ الباسل، وتحطمت أقانيم الظلم والفساد، واندكت عروش الشرك، وذهبت ريح الطواغيت، وجاء الحق وزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقًا، وتلاشت الأحقاد من الصدور، وتحرر الخَلْق من قيود العبودية المرهقة، وحل النور الخلاب محل الظلام الدامس، وانبثقت ينابيع العلم المتشبعة بروح الإسلام تتسرب إلى رؤوس البشر، وقد أراد الله - جل شأنه - أن تسود دولة الإسلام زمنًا كان فيه كتاب الله الكريم هاديًا، وسنة رسوله مثلاً أعلى، يستقون من منهلهما العذبِ الفضائلَ، ويستمدون من كنوزهما درر المجد.

وقد تأيدت دولة الإسلام أجيالاً؛ حيث كان الحكم أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد بن عبدالله، فلما ساحت العقول في قعور الضلال نكصت دولة الإسلام القهقرى، ونكب الإسلام في آخر جماعة من جماعاته، وفي كل عشير وقبيل، نكب الإسلام وقضي عليه قضاءً كاد أن يزعزع أركانه من القلوب، وأصبح الناس في تخبُّط وضلال يسودهم جميع أدواره دين ظاهره الإسلام وباطنه الشرك والزندقة والإلحاد، والويل كل الويل واقع على أولئك الرؤساء الذين لا يهمهم من الدين إلا أن يأتوا بأشياء من أنفسهم ما أنزل الله بها من سلطان، وفقًا لأهوائهم وميولهم، ولا يعنيهم إلا السيادة الشوهاء ولو تهدم الإسلام حجرًا حجرًا، ولكن أبى الله إلا أن يظهر الحق ويزهق الباطل، والله لا يهدي كيد الخائنين.

وفي القرن الثاني عشر لهجرة الرسول الأعظم نهض شيخ الصحراء الكبير، ذلك المصلح الفذ الذي هتف هتافه الصريح، وكأني به وقد التف بعباءته الخشنة تجلله الهيبة، وتكتنف سماءه الرهبة شيخ (العيينة) الجريء، ذلك المسلم الغيور الذي شخَّص داء الإسلام، فقام يبث تعاليمه، ولا تعاليم لديه إلا تعاليم كتاب الله الكريم، ولا سنة له إلا سنة الرسول الأعظم، ولا مذهب له إلا مذهب السلف الأبرار، نهض (الشيخ محمد عبدالوهاب) رحمة الله عليه، فقام في وجوه الذين ساموا الدين خسفًا بما أتوه من أعمال يبرأ منها الإسلام، فوعظ وندد، وخطب وأرشد، وقد تحمل من ضروب الاضطهاد والإعنات أشكالاً وألوانًا، ولكن عوده صلب، ومِراسه شديد، وإيمانه متوهج قوي ثابت الأركان، وأفكاره غضة غير شاسبة، حمل الهون، وكابد الهول، وكافح الكوارث، وصرع أشباح الجهل والاستبداد في عدة مواطن.

في سبيل الله أيها المسلمون في سبيل الله؟ هلموا إلى أعلمكم دينًا، لتكونوا كما قال الله - جل شأنه -: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾ [آل عمران: 110]، تعالوا لنتحرر من قيود التقاليد العقيمة، والخرافات السخيفة، التي أوهنت قوى الإسلام سنين عدة، وحِقبًا متطاولة، هلموا وثُوبُوا إلى رشدكم، وتوبوا إلى بارئكم؛ فقد بلغ السيل الزبى، ولم يبقَ في قوس الصبر منزع، هلموا فأمامكم الفرقان ودونكم السنة!!

يا معشر المسلمين، إنكم والله إن ظللتم على ما أنتم عليه من التكاسل والتهاون في دين الله ورسوله لتذوقن زعاف الجهل ضروبًا، وحتوف الذل أنواعًا، دعوا هذه الترهات والأباطيل السوداء، وأمامكم شريعة الله السمحاء؛ ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [آل عمران: 103]، ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾ [الأنفال: 46]، فإنكم والله إن لم تستيقظوا لتنفصمن عرى جامعتكم عروة عروة، فتذلوا وترهقوا، وتكونوا من الخاسرين!!

أجل وربك يا صاح، هذا ما جاش في صدر ذلك البطل المحمدي العربي النجدي التميمي، اضطهد في (حريملة)، وطُرد من (العينية) في جمرة الصخدان والسيف على عنقه، واحتمى (بالدرعية)، فلبى دعوته الأمير المرحوم (محمد بن سعود)، ونصره رهطه وحزبه فكان من الفائزين، وكانت الوقعة الفاصلة بين أنصار الحق وأنصار الجهل، جعل الله كلمة الذين كفروا السفلى، وكلمة الله هي العليا، والله عزيز حكيم.

ومنذ 28 سنة وثب ليث الصحراء ليعيد ملك آبائه وأجداده المغتصب، وثب وفي عينيه يشع نور الإيمان الحار، وثب المجاهد في نصرة الدين والوطن، وثب البطل (عبدالعزيز)، وكان منه النصر ضربة لازب:
قرم سميذع لم جمع محمد
مستمسكًا بالحق موفور النسب

عبدالعزيز وحزبه من وائل
آباؤه الصيد الغطارفة العرب

قد عزز الدين القويم بعزمه
دكت صروح الجهل في دجن الكرب


على تلك الهضاب، وبين تلك البحور الرملية، وفي ذلك العراء وبين أولئك الضراغم أحفاد (عدنان) وقف الليث الأليث (عبدالعزيز)، ليمثل لنا دورًا جديًّا من أعرق أدوار العروبة، فلم يتلكأ ولم يتذبب، فإنه كان على بصيرة من أمره، وعلى هدى ونور، مقوله ذرب، ورأيه سديد، وأمره مطاع، وقد لبته تلك الأحزاب العربية، التي لا تلين قناتها إلا للحق، ولا تنقاد إلا لحكم العدل، لباه أبناء (معد)، فوفدوا عليه أفواجًا أفواجًا، وانضوت تحت بنوده الخضر أشراكًا أشراكًا، وفوق هذا الخميس الهياج تخفق راية الإيمان، وفي كل الأفئدة أتون الجهاد لاغب مزدخر، وفي الرؤوس حرارة وشمم، وها هو الآن يمثل لنا دور الخلفاء الراشدين في عصر أهين فيه الدين إلا في جماعات جماعات، وذل فيه الشرع إلا في أحزاب أحزاب، وفي هذا العصر عصر المروق والإلحاد قام همهام العروبة، وأسدها الفرد، وانتصب على عرش آبائه وأجداده بأبهى وأسمى مظهر من مظاهر الشجاعة الحارة المتأججة بأجيج الإيمان الديني الذي به تصان المهج وتحمى الأوطان، هذا معد بن عدنان، وحوله بحر زخار من أقيال ربيعة ومضر.

والكل مستمسك بالله متخذ
يوم الجهاد من السمحاء معتصما

يجود بالروح في نصر الشريعة لا
يبغي حطامًا سوى إرجاع ما انهدما

حما العروبة من نجد ومن يَمنٍ
وفي الحجاز شعاع فرقد نجما

جزيرة العرب عين الله تكلؤها
فلست أرضى سواها موطنًا وحمى


يا مغاوير العرب الأبية، وحماة الذمار، يا حملة السيوف والبنادق، يا أسود الحرب الضواري، يا أصحاب الأقلام وأرباب الصحف، يا أيها الشعراء والخطباء والكتاب، ويا طلاب المجد وعشاق العظمة، يا أيها العرب في مشارق الأرض ومغاربها، تعالوا لنلبي صوت الحق المنبعث من قلب الصحراء المحبوبة المؤنسة، تعالوا لنتزاحم سراعًا سراعًا في جزيرتنا العربية المقدسة، تعالوا لنتكاتف يشد بعضنا بعضًا، ونأخذ على نفوسنا العهود والمواثيق، فنقف في حرمنا العظيم ونتعاهد أمام الله، وعلى مشهد من أمم الأرض أننا سنهرق آخر نقطة من دمائنا، ونبذل آخر ذَماءٍ من نفوسنا، في سبيل نصرة الدين الحق الذي به عزنا، وسلامة أوطاننا، لنقف أمام أمم الأرض وقفة الجبابرة المصلحين، ونعيد مجدنا الذي هدمته التفرقة فجعلته جذاذًا، وقفّى علينا الخمول والجمود فتُهْنا في مَهَامهِ الجهل أفرادًا أفرادًا.

يا أبناء يعرب، إنكم وإن تكونوا في الأقطار المتنائية؛ اتجهوا نحو القبلة وعاهدوا الله على توطيد دعائم مجد وطنكم القديم، وطن العروبة المجيد، ومهد الشريعة السمحاء ومنهل الشرف، وحوطوا جزيرتكم المحبوبة بأموالكم، بأرواحكم، بدمائكم، بقلوبكم.

فوالله لئن لم تقوموا لنصرة حامي حمى جزيرتكم المحبوبة فلا وطن لكم ولا ملجأ تلجؤون إليه، وها إني أرى سيل الاستعمار الملعون يجرفكم أو كاد.

هلموا لنحقق الآمال، ونرفع رؤوسنا، ونقف أمام أمم الأرض أسيادًا وملوكًا، ونفعل كما كان أجدادنا؛ ﴿ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحج: 40]، ﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ [محمد: 7]، أو كما قال حامي الذمار الأكبر: "ونفعل فوق ما فعلوا"، وعندئذ يحق للتاريخ أن يسجلنا بين دفتيه بأحرف مشرقة خالدة، ونكون مثلاً عُليا لأبنائنا وأحفادنا جيلاً بعد جيل!

فيا أسد الله، اغضبي
ويا قروم العرب، انهضي


مجلة الإصلاح، العدد السادس عشر، محرم 1348هـ، ص24




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 58.94 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 57.17 كيلو بايت... تم توفير 1.78 كيلو بايت...بمعدل (3.02%)]