وما هو الأدبُ؟ - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4417 - عددالزوار : 853294 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3948 - عددالزوار : 388465 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12522 - عددالزوار : 213894 )           »          أطفالنا والمواقف الدموية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          عشر همسات مع بداية العام الهجري الجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          وصية عمر بن الخطاب لجنوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          انفروا خفافاً وثقالاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          أثر الهجرة في التشريع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          مضار التدخين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها

ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15-03-2019, 07:55 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي وما هو الأدبُ؟

وما هو الأدبُ؟

صلاح عباس فقير

مقدّمة:
آداب طالب العلم، مبحثٌ اهتمّ به علماء السّلف منذ وقتٍ مبكّر، وألّفوا فيه المؤلّفات والكتب، "إمَّا على وجه العموم لكافة العلوم، أو على وجه الخصوص، كآدابِ حملة القرآن الكريم، وآداب المحدث، وآداب المفتي، وآداب القاضي، وآداب المحتسب، وهكذا"
[1]، وقد كان من ديدن العلماء السّابقين أن يلقّنوا الطلاب آداب الطّلب، يقول الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله: "وأدركت خبر آخر العقد في ذلك في بعض حلقات العلم في المسجد النبوي الشريف، إذ كان بعضُ المدرسين فيه، يدرس طلابه كتاب الزَّرنوجي (م سنة 593 هـ) رحمه الله تعالى، المسمى: "تعليم المتعلم طريق التعلم""[2].
ويبدو أنَّ حبل هذه السُّنّة الرّاسخة، قد ارتخى في حلقات العلم المعاصرة، بيدَ أنّ صدور كتاب (حلية طالب العلم) كان له دورٌ كبيرٌ في تنشيطه مجدّداً، وقد رجا الشيخ بكر أبوزيد في مقدّمة حليته "أن يكون هذا التقييدُ فاتحةَ خير في التَّنبيه على إحياء هذه المادة"
[3]، كما نبّهت على أهمّيتها بالدّرجة الأولى ضروبٌ من السلوك الدّعويّ أو العلميّ، تتنافى مع الآداب المقرّرة لدى سلف الأمّة.
ونودّ في هذا الموضوع، عبر هذه النافذة، أن نقف خاصّةً عند مفهوم الأدب، في اللغة والاصطلاح، فإنّ معرفة دلالات المفاهيم، لَمِمّا يُعين على حسن إدراكها وتطبيقها، فما هو معنى الأدب؟
معنى الأدب في اللغة:
يقول ابن فارس: "الهمزة والدال والباء، أصلٌ واحد تتفرع مسائله وترجع إليه: فالأدْب أن تجمع النّاس إلى طعامك، وهي المَأْدَبَة والمأدُبَة، والآدِبُ الداعي"، ثمّ قال: "ومن هذا القياس الأدَبُ أيضاً، لأنّه مُجمَعٌ على استحسانه"
[4].
يقول ابن القيّم: "وهذه اللفظة مؤذنةٌ بالاجتماع، فالأدب: اجتماعُ خصال الخير في العبد، ومنه المأدبة، وهي الطعام الذي يجتمع عليه الناس"
[5].
معنى الأدب في الاصطلاح:
لم يهتمّ كثيرٌ من الكاتبين في الأدب بتعريفه، بناءً على أنّ معناه بدَهيٌّ، معروفٌ لدى كافّة النّاس، ومع ذلك وجد البعضُ حاجةً لتعريفه ووصفه ورسمه، ونقف فيما يلي عند بعض الأقوال المتعلّقة بذلك:
أ*. الأدب علمٌ ينتج عنه عمل:
لنبدأ بالجرجانيّ، الّذي عرّف الأدب بعبارةٍ مختصرةٍ، قائلاً: "الأدب: عبارة عن معرفة ما يُحترز به عن جميع أنواع الخطأ"، ونلحظ أنّ هذا التعريف يقوم على أساس النّظر إلى ثمرة الأدبِ وما ينتج عنه، ويوضّحُه تعريفه لآداب البحث أنّها: "صناعةٌ نظريَّة يستفيد منها الإنسانُ كيفيَّةَ المناظرة وشرائطَها؛ صيانةً له عن الخبط في البحثِ، وإلزاماً للخصم وإفحامه"، وتعريفُه لأدب القاضي قائلاً: "هو التزامه لما ندب إليه الشرع، من بسط العدل ورفع الظلم، وترك الميل"[6].
وعند تأمّلنا في هذه العبارات التي وردت في هذه التعريفات: "معرفةُ ما"، "صناعة نظريّة"، "ما ندب إليه الشّرع" نلمسُ أنّ الأدب في أصله عبارةٌ عن علمٍ.
وعند تأمّلنا في عباراتٍ أخرى: "يُحترز به عن جميع أنواع الخطأ"، "صيانةً له عن الخبط في البحثِ"، "بسط العدل ورفع الظلم، وترك الميل"، نلمس أنّ الأدب من حيث غايته وهدفه عبارةٌ عن عمل يقوم به الإنسان.
فالأدب علمٌ ينتج عنه عمل.
ويدور في هذا المدار قولُ عبد الله بن المبارك: "قد أكثر الناسُ القولَ في الأدب، ونحن نقول: إنّه معرفة النّفس ورعوناتها، وتجنُّب تلك الرُّعونات"
[7]، فهذا التعريف يجمع بوضوحٍ بين شقّي المعرفة والتطبيق، أو العلم والعمل.
ب*. الأدب يُراعي نوع العلاقة والسّياق:
ولنقف عند أبي حامد الغزالي، الّذي ذكر في (إحياء علوم الدّين) كثيراً من الآداب، لكنّه لم يذكر أيّ تعريفٍ للأدب، ولكن نجد عنده هذه العبارة الّتي تسلّط ضوءاً كاشفاً على معنى الأدب، فيقول: "اعلم أن الإنسان إما أن يكون وحده أو مع غيره، وإذا تعذَّر عيشُ الإنسان إلا بمخالطة مَنْ هُوَ مِنْ جِنْسِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنْ تَعَلُّمِ آدَابِ الْمُخَالَطَةِ، وَكُلُّ مُخَالِطٍ فَفِي مُخَالَطَتِهِ أَدَبٌ، وَالْأَدَبُ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِ، وحقُّه على قدر رابطته التي بها وقعت المخالطة، والرابطة إِمَّا الْقَرَابَةُ وَهِيَ أَخَصُّهَا، أَوْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ وَهِيَ أَعَمُّهَا. وَيَنْطَوِي فِي مَعْنَى الْأُخُوَّةِ الصَّدَاقَةُ وَالصُّحْبَةُ، وَإِمَّا الْجِوَارُ وَإِمَّا صُحْبَةُ السَّفَرِ وَالْمَكْتَبِ والدرس، وإما الصداقة أَوِ الْأُخُوَّةِ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الرَّوَابِطِ دَرَجَاتٌ"[8].
نلحظ أنّ أبا حامدٍ بهذه العبارات، وإن لم يهتمّ برسم تعريفٍ أو حدّه، لكنّه أوصل رسالةً كاملةً متكاملةً، يتبيّن منها أنّ الأدب يرتبطُ بسياقٍ معيّن، يدعو الإنسانَ الّذي يوجد فيه إلى أن يلتزم بهذا الأدب، أو كما قال: "وَكُلُّ مُخَالِطٍ فَفِي مُخَالَطَتِهِ أَدَبٌ، وَالْأَدَبُ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِ، وحقُّه على قدر رابطته التي بها وقعت المخالطة".
نستفيد من أبي حامد، أنّ الأدب عملٌ أو سلوكٌ معيّن، يصدر عن الإنسان لدى موقفٍ معيّنٍ، ويتحدّدُ بحسب طبيعة هذا الموقف.
ت*. الآداب درجاتٌ صاعدة ونواقضها دركاتٌ هابطة:
ولنقف عند الشيخ بكر أبي زيد، إذ يقول عن الفنّ، أنّه: "مجموعةُ آداب، نواقضها مجموعة آفات، فإذا فات أدبٌ منها، اقترف المفرط آفةً من آفاته، فمُقلٌّ ومستكثر، وكما أنَّ هذه الآداب درجات صاعدة إلى السنةِ فالوجوبِ، فنواقضُها دركاتٌ هابطةٌ إلى الكراهةِ فالتَّحريمِ، ومنها ما يشملُ عمومَ الخلق من كل مكلف، ومنها ما يختصُّ به طالب العلم، ومنها ما يُدرك بضرورة الشرع، ومنها ما يُعرف بالطبع، ويدلُّ عليه عموم الشرع، من الحمل على محاسن الآداب، ومكارم الأخلاق"[9].
فنجده يربط بين (علم الأدب وعمله) في سياقٍ واحد، فالأدب "مجموعةُ آداب، نواقضها مجموعة آفات"، كما يُشير هذا التعريف إلى ما يتّصف به الأدب من التدرج صعوداً ونزولاً، ويُشير إلى عموم متعلّقه وخصوصه، ثمّ يقف بنا هذا التَّعريف على مصادر الأدب، حيث قال: "ومنها ما يُدرك بضرورة الشرع، ومنها ما يُعرف بالطبع، ويدلُّ عليه عموم الشرع".
ث*. لسان الفتى نصفُ الأدب:
ولنقف عند قول ابن القيّم: "وعلمُ الأدب: هو علم إصلاح اللسان والخطاب، وإصابة مواقعه، وتحسين ألفاظه، وصيانته عن الخطأ والخلل، وهو شعبةٌ من الأدب العام"[10].
وتعريف ابن القيّم كما هو واضحٌ، يخُصُّ مجالاً من مجالات اللّغة العربيّة، لكنّه كذلك يعتني بجانبٍ من أهمّ جوانب الأدب، على حدّ قول الشاعر الجاهليّ الحكيم زهير بن أبي سُلمى:
لسانُ الفتى نصفٌ ونصفٌ فؤادُه فلم يبقَ إلا صورةُ اللّحم والدّمِ
ومن الواضح أنّ الأدب باعتباره سلوكاً وعملاً، يقتضي أن تكون هيئة الإنسان الظاهرة مؤطّرةً بإطاره، ومن أبرز ذلك منطقُه وصوتُه.
ج*. الأدب رياضة النّفس:
ولنقف مع أبي البقاء في كلّياته، حيث يقول: "الأدب: كلُّ رياضةٍ محمودة يتَخَرَّج بهَا الْإِنْسَان فِي فَضِيلَة من الْفَضَائِل، فَإِنَّهَا يَقع عَلَيْهَا الْأَدَب"[11].
وإلى نحوِ هذا التّعريف ذهب المناوي، فقال: "الأدب: رياضة النفس ومحاسن الأخلاق، ويقع على كل رياضة محمودة يتخرج بها الانسان في فضيلة من الفضائل"
[12].
وهذا التّعريف، يُجيبنا عن السؤال: وكيف نُعوّد أنفسنا ونلزمها باتّباع السّلوك الواجب، بحسب السّياق الّذي يكون فيه الإنسان؟
فالجواب هو: بالرّياضة يتحقّق الأدب، فهذا التعريف يُسلّط الضوء على السّبب الّذي بواسطته يُصبح الخُلق الكريم عادةً لدى الإنسان، وسلوكاً عفويّاً.
فالأدب يستعينُ بالرّياضة ومراودة النفس والاجتهاد في تزكيتها، على أن يتحلّى الإنسان بالفضائل، ويتخلّى عن الرّذائل.
ح*. وسيلة تحقيق الأدب: العقلُ الصّحيح:
ونقف عند قول ا بن المقفع، في مقدمة كتابه الأدب الصغير، حيث يقول: "أمَّا بعد، فإنَّ لكل مخلوق حاجةً، ولكلِّ حاجةٍ غايةً، ولكلِّ غاية سبيلاً، والله وقَّتَ للأمور أقدارها، وهيَّأ إلى الغايات سُبلها، وسبَّب الحاجات ببلاغها (أي بالوصول إليها).
فغاية الناس وحاجاتُهم: صلاح المعاش والمعاد، والسَّبيل إلى دركها: العقل الصحيح, وأمارةُ صحة العقل: اختيار الأمور بالبَصَر
[13]، وتنفيذُ البَصَر بالعزم"[14].
ويبدو من كلام ابن المقفع، الّذي استعاض به عن تعريف الأدب، في مقدمة كتاب الأدب: أنّ الأدب غايته هي غايةُ الإنسان في معاشه ومعاده: الصّلاح والفلاح، وأنّ الوسيلة التي يُحقّق بها الإنسانُ هذه الغايةَ، هي العقل الصّحيح، وأمارة صحّته: "اختيارُ الأمور بالبَصَر، وتنفيذُ البَصَر بالعزم"!
وهذا التّعريف، يُصوّب النّظر نحو الموقف المعيّن الذي يمرُّ بالإنسان، ويقتضي منه أن يختارَ سلوكاً معيّناً يراه هو الصَّحيح، ثمّ يُنفذ هذا الاختيارَ بالعزم والتّصميم.
فكلامُ ابن المقفّع يؤكد على شِقّي المعرفة والتطبيق، أو العلم والعمل، بصورةٍ دقيقة، فالأمر لا يبدو سهلاً في كلّ الظروف، فلا بدّ من التّبصّر لاختيار السلوك الصحيح، ولا بدّ من الإرادة لإنفاذ هذا السّلوك.
خ*. الأدبُ يُستخرَج به ما في الطبيعة من الكمال:
ووقفتُنا الأخيرة، تتجدّد مع ابن القيّم مرّةً أخرى، الّذي يُعرّف الأدب بقوله:
"وحقيقةُ الأدب: استعمال الخلق الجميل، ولهذا كان الأدبُ: استخراجَ ما في الطبيعة من الكمال، من القوة إلى الفعل، فإنَّ الله سبحانه هيَّأ الإنسان لقبول الكمال بما أعطاه من الأهلية والاستعداد، التي جعلها فيه كامنةً كالنار في الزِّناد"
[15].
وهذان تعريفان، فالأول واضحُ المعنى وبسيطُه، والثّاني فيه اجتهادٌ من أجل تحديد المعنى بصورةٍ منطقيّة، وهو يستند إلى حقيقة أنّ الإنسان قد وُلد على الفطرة، وبالتالي فإنّ الأصلَ فيه أن يكون حسَن الخُلق، رَفيعَ الأدب، بصورة طبعيّة، على حدّ قول الرّسول صلّى الله عليه وسلم: "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ"، ولكن تأثير البيئة السّلبيّة يفعل فعلهُ، كما قال صلّى الله عليه وسلم: "فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ"
[16].
فبناءً على هذا التعريف نقول: الأدب هو الآلة التي يتمّ بها استخراجُ ما في الفطرة من الكمال الكامن فيها، كمونَ النّار في الزّناد، فاستخراج هذا يتمّ بقدح الزّناد، واستخراج ذاك يتمُّ بالأدب.
د*. الأدب حفظُ الحدِّ:
ويذكر ابنُ القيم تعريف أبي عبد الله الهرويّ للأدب: "الأدبُ: حفظ الحدِّ، بين الغلوِّ والجفاء، بمعرفة ضرر العدوان". قال ابن القيّم: "هذا من أحسن الحدود؛ فإنَّ الانحراف إلى أحد طرفي الغلوِّ والجفاء: هو قلة الأدب، والأدب: الوقوفُ في الوسط بين الطَّرفين، فلا يُقصر بحدود الشرع عن تمامها، ولا يتجاوز بها ما جُعلت حدوداً له، فكلاهما عدوان، والله لا يحب المعتدين، والعدوان: هو سوء الأدب، وقال بعض السلف: دين الله بين الغالي فيه والجافي عنه"[17].
وتعريف الهرويّ يضع معياراً للأدب الواجب اتّخاذه، في كلّ موقفٍ بحسبه، أنّه ينبغي أن يكون وسطاً عادلاً، لا إفراطٌ فيه ولا تفريط.
مبادئ الأدب العشرة:
يقول أبو العِرفان محمد بن علي الصبّان[18]:
إنَّ مبادِي كلِّ فنٍّ عشرةْ


الحدُّ والموضوعُ ثم الثمرةْ
ونسبةٌ وفضلُهُ والواضعْ


والاسمُ الاستمدادُ حكمُ الشارعْ
مسائلٌ والبعض ُبالبعضِ اكتفى


ومن درى الجميعَ حازَ الشرفا

بناءً على ما قرّره الصّبان وتلقّاه العلماء بالقبول، وبناءً على ما ذكرناه من التوضيحات والتعريفات المتعلّقة بمعنى الأدب، نحاول فيما يلي بيان مبادئ الأدب العشرة، باعتبار أنّ الأدب فنٌّ من الفنون، ولا نقف عند هذه المبادئ، إلا في حدود ما تقدّم من الإضاءات على معنى الأدب، فنقول:
أولاً: الحدُّ:
الأدب أصولٌ ومبادئ يتمّ تعلّمُها ورياضة النّفس عليها، من أجل الاستعانة بها على اتّخاذ السّلوك الأخلاقيّ الصَّحيح، في كلّ موقفٍ من المواقف التي تمرّ بالإنسان.
ثانياً: الموضوعُ:
موضوع الأدب هو سلوك الإنسان وتصرُّفه، من حيث تلاؤمُه مع الموقف المعيّن.
ثالثاُ: الثَّمرة:
ثمرة الأدب: استعمالُ الخُلق الجميل في كلّ موقفٍ، ولا يكون الخلق جميلاً إلا إذا كان واقعاً في محلّه.
رابعاً: النّسبة:
هو من العلوم الشرعيّة.
خامساً: الفضل:
للأدب مكانةٌ كبيرة في الدِّين، يقول ابن القيّم: "والأدب هو الدّين كله"[19].
سادساً: الواضع:
واضع هذا الفنّ: العلماء الّذين كتبوا فيه، سواء كانوا من أهل الحديث تناولوه في مصنّفاتهم، أو من الفقهاء الّذين ألحقوا شيئاً منه في خواتم كتبهم، أو من العلماء الّذين أفردوه بالتأليف، عموماً أو فيما يتعلّق بمجالٍ مخصوص.
سابعاً: الاسم:
الأدب أو التّربية الأخلاقيّة أو تربية الأخلاق.
ثامناً: الاستمداد:
من نصوص الشرع، ومن محاسن الأخلاق.
تاسعاً: حكم الشارع:
حكم تعلّم الأدب مندوبٌ، وقد يكون واجباً.
عاشراً: مسائله:
مسائله تتعلّق بمبادئ الأخلاق الكريمة، والفضائل الإنسانيّة، وكيفيّة رياضة النّفس على اختيار الخُلق المناسب، بحسب الظرف أو السّياق الذي يكون فيه الإنسان.
والله تعالى أعلم


[1] المجموعة العلمية، حلية طالب العلم، ص138.

[2] المرجع السابق.

[3] المجموعة العلمية، حلية طالب العلم، ص139.

[4] معجم مقاييس اللغة لابن فارس: 1/ 74.

[5] مدارج السالكين: 2/ 356.

[6] التعريفات: ص 15.

[7] مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين: 2/ 357.

[8] إحياء علوم الدين: 2/ 193.

[9] المجموعة العلمية، حلية طالب العلم: ص139.

[10] مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين: 2/ 356.

[11] الكليات: ص 65.

[12] التوقيف على مهمات التعاريف: ص42.

[13] وردت هذه الكلمة في الأصل هكذا (البصر)، ولكن معناها ومعنى الكلام يتّضح عند إضافة الباء.

[14] الأدب الصغير والأدب الكبير: ص 11.

[15] مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين: 2/361.

[16] صحيح البخاري (1385).

[17] مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين: 2/370.

[18] مبادئ الفنون العشرة، أبو أسامة القحطاني، ملتقى أهل الحديث:http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=96028 .

[19] مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين: 2/ 363.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 67.80 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 65.90 كيلو بايت... تم توفير 1.89 كيلو بايت...بمعدل (2.79%)]