الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الاكتفاء بسماع أذكار الصباح والمساء عند قولها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الفرق بين صلاة التراويح وصلاة القيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          قراءة القرآن بصوت مرتفع في المسجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          الفرصة الأخيرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          ترزقوا وتنصروا وتجبروا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          لا سمَرَ إلَّا لِمُصَلٍّ ، أوْ مُسافِرٍ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          على أبواب العشر الأواخر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          رمضان شهر الإقبال على مجالس العلم والعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          التغيير الشامل في رمضان .. هل هو ممكن؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          تاريخ غزوة بدر .. الميلاد الثاني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى حراس الفضيلة

ملتقى حراس الفضيلة قسم يهتم ببناء القيم والفضيلة بمجتمعنا الاسلامي بين الشباب المسلم , معاً لإزالة الصدأ عن القلوب ولننعم بعيشة هنية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-02-2019, 03:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة

الحكمـة ضالـة المؤمن (1)

د.وليد خالد الربيع



فالحكمة هي إصابة الحق بالعلم والعقل، وهي العلوم النافعة والعقول المسددة وإصابة الصواب في الأقوال والأفعال، وهي معرفة الحق والعمل به، قال بعضهم: الحكمة كل كلمة وعظتك أو زجرتك أو دعتك إلى مكرمة أو نهتك عن قبيحة.
قال الشيخ ابن سعدي: «الحكمة جمال العلم وآلة العمل، وأقرب الوسائل لحصول المقاصد، الحكمة تهون الصعاب، وبها تندفع العوائق، كم ندم عجول طائش وكم أدرك المطلوب متأن رفيق، لا تساس الولايات الكبار ولا الصغار بمثل الحكم، ولا تختل إلا باختلال طريقها.
الحكيم إذا لم يدرك جميع المطلوب تنازل إلى بعضه، وإذا لم يحصل له ما قصده من الخير قنع باندفاع الشر، وإذا لم يندفع كل الشر دفع بعضه وخففه، وإذا لم يكن الصعب الشديد وأمكنه تلطيفه لطفه، يسابر الأمور والأحوال فينتهز فرصها ويأتي الأمور مع كل باب ووسيلة، لا يمل السعي ولا يدركه الضجر والسآمة، قد تلقى الأمور بصدر منشرح وقلب ثابت يقلبها بفكره على كل وجه، ويستعين برأي أهل الخبرة من الناصحين على ما يريده، لا تستفزه البدوات وأوائل الأمور حتى ينفذ فكره إلى باطنها، ولا تغره الظواهر حتى يتغلغل في مطاويها وعواقبها، ومع كثرة تفكيره وتقليبه الأمور من جميع وجوهها ومشاورته عند التوقف والاشتباه لابد أن ينكشف له ما كان خافيا ويتضح له ما كان مشتبها.»اهـ
وقد أثنى الله عز وجل على صاحب الحكمة فقال: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا} وفي البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه قال: «ضمني النبي [ إلى صدره وقال: «اللهم علمه الحكمة» قال البخاري: «والحكمة الإصابة في غير النبوة».
وتطلق الحكمة في القرآن على معان منها الموعظة كما قال عز وجلحكمة بالغة فما تغني النذر} ، وتطلق على السنة كما قال عز وجل: {واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة}، وتطلق على الفهم كما قال عز وجل: {ولقد آتينا لقمان الحكمة}، وتطلق على النبوة كما قال تعالى: {وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب}، وتطلق على اللطف واللين كما قال عز وجل: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة}.
وفي الحديث قال [: «لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق، وآخر آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها» متفق عليه، قال النووي: «معناه: يعمل بها ويعلمها احتسابا، والحكمة: كل ما منع من الجهل وزجر عن القبيح».
وأما حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله [:»الكلمة الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها « أخرجه الترمذي وابن ماجه فهو حديث لا يصح، قال عنه الشيخ الألباني: ضعيف جدا. وقد ضعفه غير واحد من علماء الحديث.
ونقل عن بعض الصحابة الكرام الحث على التماس الحكم والمواعظ والآداب من حيث خرجت والإفادة منها ما دامت صوابا ولا تقتضي باطلا شرعا ولا عقلا ولا عرفا، ففي (جامع بيان العلم وفضله) لابن عبد البر عن علي رضي الله عنه أنه قال: «العلم ضالة المؤمن فخذوه ولو من أيدي المشركين، ولا يأنف أحدكم أن يأخذ الحكمة ممن سمعها منه»، وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: «خذوا الحكمة ممن سمعتموها؛ فإنه قد يقول الحكمة غير الحكيم، وتكون الرمية من غير رام»، وعند البيهقي في المدخل عن عكرمة: «خذ الحكمة ممن سمعت؛ فإن الرجل يتكلم بالحكمة وليس بحكيم فيكون كالرمية خرجت من غير رام «وعنده أيضا عن سعيد بن أبي بردة قال: «كان يقال: الحكمة ضالة المؤمن، يأخذها حيث وجدها»، وعن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: كان يقال: «العلم ضالة المؤمن يغدو في طلبها، فإن أصاب منها شيئا حواه حتى يضم إليه غيره».
ومعنى: «الحكمة ضالة المؤمن» قال النووي: «أي لا يزال يتطلبها كما يتطلب الرجل ضالته»، وقال المناوي:» «الكلمة الحكمة ضالة المؤمن» أي مطلوبه فلا يزال يطلبها كما يتطلب الرجل ضالته «فحيث وجدها فهو أحق بها»؛ أي بالعمل بها واتباعها كما أن صاحب الضالة لا ينظر إلى خسة من وجدها عنده».
وقال بعضهم: الجوهرة النفيسة لا يشينها سخافة غائصها ودناءة بائعها.
وعن الإمام مالك أنه بلغه أن لقمان الحكيم أوصى ابنه فقال: «يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك؛ فإن الله يحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الأرض الميتة بوابل السماء».
من هذا المنطلق تأتي هذه المقالات الموجزة في بيان بعض الحكم التي وردت في كلام الله تعالى ورسوله الكريم [ وما نقل عن بعض الحكماء من باب التناصح والتذاكر، وقد قال عبد الرحمن الحبلي: «ليس هدية أفضل من كلمة حكمة تهديها لأخيك»، أسأل الله عز وجل أن ينفع بها، وبالله التوفيق.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-02-2019, 11:27 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة

الحكمـة ضالـة المؤمن (2)
ومن يتوكل على الله فهو حسبه


د.وليد خالد الربيع

القرآن الكريم كلام الله عز وجل مليء بالحكم والأحكام، والفوائد والمواعظ، والقصص والأخبار، فهو منبع كل خير ومصدر كل فضيلة، وقد تنوعت أساليبه العربية البليغة في بيان تلك النفائس وصياغة أعظم المفاهيم بأسلوب رائع وجيز الألفاظ غزير المعاني، ومن الحكم القرآنية قوله عز وجل: {ومن يتوكل على الله فهو حسبه} الذي يدل على قوة الإيمان بالله تعالى وشدة الثقة به عز وجل.
قال الشيخ ابن السعدي: «{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} أي: في أمر دينه ودنياه، بأن يعتمد على الله في جلب ما ينفعه ودفع ما يضره، ويثق به في تسهيل ذلك {فَهُوَ حَسْبُهُ} أي: كافيه الأمر الذي توكل عليه به، وإذا كان الأمر في كفالة الغني القوي العزيز الرحيم، فهو أقرب إلى العبد من كل شيء، ولكن ربما أن الحكمة الإلهية اقتضت تأخيره إلى الوقت المناسب له ؛ فلهذا قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ} أي: لا بد من نفوذ قضائه وقدره، ولكنه {قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} أي: وقتًا ومقدارًا، لا يتعداه ولا يقصر عنه. قال الجرجاني: «التوكل هو الثقة بما عند الله، واليأس مما في أيدي الناس»، وقال ابن رجب: «التوكل هو صدق اعتماد القلب على الله عز وجل في استجلاب المصالح ودفع المضار في أمور الدنيا والآخرة، وكِلَة الأمور كلها إليه، وتحقيق الإيمان بأنه لا يعطي ولا يمنع ولا يضر ولا ينفع سواه». والتوكل على الله من أعظم واجبات التوحيد والإيمان، قال الله تعالى: {وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين}، وبحسب قوة توكل العبد على الله يقوى إيمانه، ويتم توحيده، فعن ابْن عَبَّاس أَنَّهُ رَكِبَ خَلْف رَسُول اللَّه [ يَوْمًا فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه [: « يَا غُلام إِنِّي مُعَلِّمُك كَلِمَات: احْفَظْ اللَّه يَحْفَظْك، احْفَظْ اللَّه تَجِدهُ تُجَاهك وَإِذَا سَأَلْت فَاسْأَلْ اللَّه، وَإِذَا اِسْتَعَنْت فَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّة لَوِ اِجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَنْفَعُوك لَمْ يَنْفَعُوك إِلَّا بِشَيْءٍ كَتَبَهُ اللَّهُ لَك وَلَوِ اِجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوك لَمْ يَضُرُّوك إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّه عَلَيْك رُفِعَتِ الْأَقْلَام وَجَفَّتِ الصُّحُف». وعَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّه [:» مَنْ نَزَلَت بِهِ فاقة - أي حَاجَة شديدة فَأَنْزَلَهَا بِالنَّاسِ - أي عرضها عليهم وطلب منهم إزالتها - لم تسد فاقته، وَمَنْ أَنْزَلَهَا بِاَللَّهِ - أي اعتمد على ربه - فيوشك الله أي يسرع له بِرِزْقٍ عَاجِل أَوْ بِمَوْتٍ آجِلٍ»أخرجه أبو داود والترمذي. وصدق التوكل وحسن الثقة بالله عز وجل لا يمنع من طلب الرزق والحرص على الغنى الحلال الذي يعين الإنسان على طاعة ربه وحفظ كرامته والاستغناء عن الناس؛ فقد قال [:«لأن يأخذ أحدكم حبله ثم يأتي الجبل فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها فيستغني بها، خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه»، وقال أيضا:«ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يديه. قال: وكان داود لا يأكل الا من عمل يديه».وأخرج البيهقي بإسناده عن أبي بكر الصديق قال: «دينك لمعادك، ودرهمك لمعاشك، ولا خير في امرئ بلا درهم». وقال الفضيل بن عياض لابن المبارك: «أنت تأمرنا بالزهد والتقلل والبلغة، ونراك تأتي بالبضائع من بلاد خراسان الى البلد الحرام كيف ذا وأنت بخلاف ذا ؟ فقال ابن المبارك: يا أبا علي أنا أفعل ذا لأصون بها وجهي، وأكرم بها عرضي، وأستعين بها على طاعة ربي، لا أرى لله حقا إلا سارعت إليه حتى أقوم به، فقال له الفضيل: يا بن المبارك ما أحسن ذا إن تم ذا». ولهذا قال الإمام أحمد: «ينبغي للناس كلهم أن يتوكلوا على الله عز وجل، ولكن يعودون أنفسهم بالكسب، فمن قال بخلاف هذا القول، فهو قول إنسان أحمق «، وقال أيضا: «الاستغناء عن الناس بطلب العمل أعجب إلينا من الجلوس وانتظار ما في أيدي الناس». فما أعظمها من حكمة قرآنية تحمل المسلم على الثقة بالله بقلبه مع كمال السعي ببدنه وفكره ليحقق أعلى مراتب الإيمان والتوحيد، وبالله التوفيق.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 12-02-2019, 12:50 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة


الحكمـة ضالـة المؤمن (3)
إيـاك وكـل أمـر يعتـذر منـه

د.وليد خالد الربيع









السنة النبوية المطهرة مصدر من مصادر التشريع الإسلامي، فهي كل ما صدر عن رسول الله [ من أقوال وأفعال وتقريرات يستمد منها العقائد والأخلاق وأحكام الأفعال والأقوال، وقد أوتي [ جوامع الكلم واختصرت له المعاني الجليلة في الألفاظ القليلة، فاشتمل كلامه [ على أنوار النبوة الجامعة للمعاني الرفيعة والمفاهيم السديدة والحكم البليغة والفوائد العديدة؛ ولهذا اجتهد العلماء في استنباط تلك الكنوز النفيسة واستخراج تلك الجواهر الثمينة من كلام رسول الله [، وتقريبها لأيدي المحبين الصادقين من علماء وعباد ودعاة وأصناف المتبعين لهديه [ المستنين بسنته المقتفين لأثره.
ومن جملة الحكم الواردة في السنة المطهرة ما رواه أنس رضي الله عنه أن النبي [ قال: «إياك وكل أمر يعتذر منه» أخرجه الحاكم وهو حديث حسن (صحيح الجامع 2671)، وعن ابن عمر أن النبي [ قال: «صلّ صلاة مودع كأنك تراه، فإن كنت لا تراه فإنه يراك، وايأس مما في أيدي الناس تعش غنيا، وإياك وما يعتذر منه» (ص.ج3776).
قال المناوي:» أي احذر أن تتكلم بما يحتاج أن تعتذر عنه، وأنه لا ينبغي الدخول في مواضع التهم، ومن ملك نفسه خاف من مواضع التهم أكثر من خوفه من وجود الألم».
وعن عبد الملك بن عمير قال: أوصى رجل ابنه فقال: « يا بني ! أظهر اليأس مما في أيدي الناس فإنه غني، وإياك وطلب الحاجات فإنه فقر حاضر، وإياك وما يعتذر منه بالقول، وإذا صليت فصل صلاة مودع لا ترى أنك تعود، وإن استطعت أن تكون اليوم خيرا منك أمس وغدا خيرا منك اليوم فافعل».
الاعتذار خلق جميل يدل على تواضع الإنسان وإنصافه من نفسه حيث عرف خطأه وعمل على إصلاح ما أفسده، فهو كما قال المناوي:«أن يتحرى الإنسان ما يمحو أثر ذنبه »، فصاحب الخلق الرفيع يراعي مشاعر الآخرين ويهتم بأحوالهم ومكانتهم، فإذا صدر منه شيء قد يسيء إليهم أو يؤذيهم بادر إلى الاعتذار ممن وقع الخطأ في حقه، وطلب العفو منه أو بين له مقصوده فيما صدر منه حتى لا يساء فهمه أو يعامل بنقيض قصده؛ فبذلك تستدام الأخوة الإيمانية ويغلق باب المشاحنات والخصومات وما يتبع ذلك من إفساد وإضرار وتفرق وعداء.
والأكمل من الاعتذار هو ألا يقع الإنسان فيما يوجب الاعتذار أصلا، فيحفظ لسانه وجوارحه عن الإساءة إلى الناس ابتداء، ويحرص على التزام الاستقامة في القول والعمل، مع الله عز وجل ومع الناس ومع كل من له حق عليه، ويراعي أن يكون دائما متنبها لشعور الآخرين دون مبالغة، متخليا عن الأنانية والفردية التي تحكم سلوك بعض الناس فتجعلهم يعيشون في دنياهم الخاصة بهم متناسين وجود الآخرين الذي لهم حقوق ومشاعر أيضا تحتاج إلى عناية ورعاية واهتمام ومراعاة، فقد نهانا الله عز وجل عن إيذاء المؤمنين فقال عز وجل: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا} وقال [: «يا معشر من قد أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين»، وكما يحب الإنسان أن يهتم الناس بحقوقه ومشاعره فعليه أيضا أن يقوم بذلك, قال [:» لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه «وبالمقابل أن يكره لأخيه ما يكره لنفسه، وبالله التوفيق.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 13-02-2019, 05:22 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة

الحكمـة ضالـة المؤمن (4)
يُعرف العاقل من عمله لا من ثوبه


د.وليد خالد الربيع


من الأمثلة والحكم المنقولة عن بعض الشعوب قولهم: «يُعرف العاقل من عمله لا من ثوبه »، وهذا المعنى صحيح كما دلت عليه النصوص الشرعية.
فالعقل هو ما يكون به التفكير والاستدلال، ويطلق على ما يحصل به إدراك الأشياء على حقيقتها بالجملة، ومن آثار العقل تمييز بين الخير والشر، والحق والباطل، والحسن والقبح، ونحو ذلك، كما قال ابن القيم: «نور العقل يضيء في ليل الهوى، فتلوح جادة الصواب، فيتلمح البصير في ذلك النور عواقب الأمور».
فإذا كانت أقوال الإنسان وأفعاله وتدبيراته تابعة للحكمة، موافقة للصواب، غير متقدمة على أوانها ولا متأخرة، ولا فيها زيادة على عما ينبغي ولا نقص، فبتحقيق هذا يُعرف كمال عقل الإنسان ورزانته ودرايته كما قرر ذلك الشيخ ابن سعدي. وقد اختل هذا المعيار لدى بعض الناس، فأصبح الحكم على الأشخاص عندهم بناء على مظاهرهم وزينتهم ومرافقهم التي يستعملونها كالمراكب والمساكن والمكاتب ونحو ذلك مما لا يدل على عقل الإنسان ولا على شخصيته في الواقع. فالأدلة الشرعية توجه الأنظار إلى معيار التفاضل الحقيقي، وميزان الكمال الإنساني، وهو ما يقوم في القلوب من عقائد، وما يستقر في النفوس من أخلاق، وما يصدر عن الإنسان من أقوال وأفعال وأحوال موافقة للشرع والعقل السليم. قال عز وجل: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} قال ابن كثير: «أي إنما تتفاضلون عند الله تعالى بالتقوى لا بالأحساب»، وقد وردت الأحاديث بذلك، فعن أبي هريرة قال: سئل رسول الله [ أي الناس أكرم؟ قال: «أكرمهم عند الله أتقاهم» أخرجه البخاري.
وقال عز وجل: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون}، وقال تعالى: {فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله} وقال عز وجل: {ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب}، فانظر كيف جعل الإيمان بمعناه الشامل، والعمل الصالح بأنواعه المتعددة سبيلا لدخول الجنان والقرب من الرحمن.
وفي المقابل تجد النصوص الشرعية توجه العقول والأبصار إلى عدم الاغترار بالمظاهر الخارجية؛ لأنها ليست ميزانا دقيقا ولا معيارا صادقا لحقيقة الأشياء والأشخاص، قال عز وجل: {لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد، متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد} قال ابن سعدي: «لا ينبغي للإنسان أن يغتر بحالة الإنسان الدنيوية، ويظن أن إعطاء الله إياه في الدنيا دليل على محبته له، وأنه على الحق، بل الواجب على العبد أن يعتبر الناس بالحق، وينظر إلى الحقائق الشرعية، ويزن بها الناس، ولا يزن الحق بالناس، كما عليه من لا علم له ولا عقل له».
وقال عز وجل: {فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا} قال ابن سعدي: «أي لا تغتر بما أعطاهم الله في الدنيا من الأموال والأولاد، فليس ذلك لكرامتهم عليه، وإنما ذلك إهانة منه لهم، فيتعبون في تحصيلها، ويخافون من زوالها، ولا يتهنأون بها».

وقال عز وجل عن المنافقين {وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم} قال ابن سعدي: «فأجسامهم وأقوالهم معجبة، ولكن ليس وراء ذلك من الأخلاق الفاضلة والهدي الصالح شيء ولهذا قال: {كأنهم خشب مسندة} لا منفعة فيها، ولا ينال منها إلا الضرر المحض».

وقد قرر رسول الله [ تلك القاعدة الذهبية والمعيار الدقيق بقوله: «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» رواه مسلم، قال القرطبي: «أي لا يثيبكم عليها ولا يقربكم بها، ذلك كما قال تعالى: {وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى} ثم قال: {إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون}، ويستفاد من هذا الحديث فوائد:
- إحداها: صرف الهمة إلى الاعتناء بأحوال القلب وصفاته، بتحقيق علومه وتصحيح مقاصده، وتطهيره عن مذموم الصفات.
- الثانية: أن الاعتناء بإصلاح القلب وبصفاته مقدم على الأعمال بالجوارح، فتخصيص القلب بالذكر مقدم على الأعمال إنما كان لأن أعمال القلوب هي المصححة لسائر الأعمال. - الثالثة: لما كانت القلوب هي المصححة للأعمال الظاهرة، وأعمال القلب غيب عنا، فلا يقطع بمغيب أحد لما يرى عليه من صور أعمال الطاعة أو المخالفة، فلعل من يحافظ على الأعمال الظاهرة يعلم الله تعالى من قلبه وصفا مذموما لا تصح معه تلك الأعمال، ولعل من رأينا منه تفريطا أو معصية يعلم الله من قلبه وصفا محمودا يغفر له بسببه، فالأعمال أمارات ظنية لا أدلة قطعية، ويترتب عليها عدم الغلو في تعظيم من رأينا عليه أفعالا صالحة، وعدم الاحتقار لمسلم رأينا عليه أفعالا سيئة، بل تحتقر وتذم تلك الحالة السيئة، لا تلك الذات المسيئة، فتدبر هذا فإنه نظر دقيق.
والخلاصة: إن المظهر الحسن والترجل والتطيب من الأمور المشروعة, ومن زينة الحياة, لكنها ليست الأصل, ليست هي المقياس في الحكم على الناس كما ثبت في صحيح مسلم عن النبي[: «رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره»، قال النووي: «وهذا لعظم منزلته عند الله تعالى، وإن كان حقيرا عند الناس».
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 15-02-2019, 05:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة

الحكمـة ضالـة المؤمن (5) ولا تـمـنن تستـكـثر




د.وليد خالد الربيع






القرآن الكريم زاخر بالحكم الجليلة والمواعظ البليغة التي ترتقي بالعقول وتزكي النفوس وتهذب السلوك ليسمو المسلم إلى أعلى درجات الإنسانية وأرفع منازل العبودية.


ومن الحكم القرآنية قوله عز وجل: {وَلاَ تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ}، وقد وقف المفسرون مع هذه الآية طويلا لاستنباط ما فيها من المعاني والآداب، ولابد من بيان معاني ألفاظها أولا:

أما المنّ، ففي اللغة لها معان عدة منها:

الأول: القطع والانقطاع، يقال: مننت الحبل: قطعته، ومنه قوله عز وجل: {لهم أجر غير ممنون} أي غير مقطوع ولا منقوص، ومنه سمي الموت بالمنون لأنه ينقص العدد ويقطع المدد. الثاني: اصطناع الخير، يقال: منّ عليه إذا أحسن إليه وأنعم وصنع صنعا جميلا، وتطلق (المنة) على النعمة الثقيلة، قال الراغب الأصفهاني: «ويقال ذلك على وجهين:

- أحدهما: أن يكون ذلك بالفعل، فيقال: مـنّ فلان على فلان، إذا أثقله بالنعمة، وعلى ذلك قوله عز وجل: {لقد منّ الله على المؤمنين}، {كذلك كنتم من قبل فمنّ الله عليكم}، {يمنّ على من يشاء}، وذلك على الحقيقة لا يكون إلا لله تعالى.

- الثاني: أن يكون ذلك بالقول، وذلك مستقبح فيما بين الناس إلا عند كفران النعمة، ولقبح ذلك قيل: «المنـّة تهدم الصنيعة»، ولحسن ذكرها عند الكفران قيل: «إذا كفرت النعمة حسنت المنـّة»، وقوله تعالى: {يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمنّ عليكم أن هداكم للإيمان} فالمنـّة منهم بالقول، ومنة الله عليهم بالفعل، وهو هدايته إياهم»، المن بالقول: تذكير المنعِم المنعَم عليه بإنعامه.

وأما الاستكثار: فهو عدّ الشيء كثيرا، وأيضا يقال: استكثر من الشيء إذا رغب في الكثير منه.

وقد ذكر الطاهر بن عاشور مناسبة عطف {ولا تمنن تستكثر} على الأمر بهجر الرجز أن المن في العطية كثير من خلق أهل الشرك، فلما أمره الله بهجر الرجز نهاه عن أخلاق أهل الرجز نهيا يقتضي الأمر بالصدقة والإكثار منها بطريق الكناية فكأنه قال: تصدق وأكثر من الصدقة ولا تمنن، أي: لا تعد ما أعطيته كثيرا فتمسك عن الازدياد فيه، أو تتطرق إليك ندامة على ما أعطيت.

وللمفسرين في هذه الآية أقوال كثيرة:

منها قول ابن عباس: لا تعط عطية تلتمس بها أفضل منها، قال الضحاك: هذا حرمه الله على رسول الله [ لأنه مأمور بأشرف الآداب وأجل الأخلاق وأباحه لأمته، وهو اختيار القرطبي؛ لأنه يقال: مننت فلانا كذا أي أعطيته، ويقال للعطية المنة، فكأنه أمر بأن تكون عطاياه لله لا لارتقاب ثواب من الخلق عليها، فإن الانتظار تعلق بالأطماع، وقد قال الله تعالى له: {ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى} وذلك جائز لسائر الخلق لأنه من متاع الدنيا، وطلب الكسب والتكاثر بها.

ومنها قول مجاهد : لا تضعف أن تستكثر من الخير، من قولك حبل منين إذا كان ضعيفا، ودليله قراءة ابن مسعود {ولا تمنن تستكثر من الخير}.

ومنها قول مجاهد والربيع: لا تعظم عملك في عينك أن تستكثر من الخير، فإنه مما أنعم الله عليك، قال ابن كيسان: لا تستكثر عملك فتراه من نفسك، إنما عملك منة من الله عليك إذ جعل الله لك سبيلا إلى عبادته، قال الحسن: لا تمنن على الله بعملك فتستكثره، وهو اختيار الطبري ; لِأَنَّ ذَلِكَ فِي سِيَاق آيَات تَقَدَّمَ فِيهِنَّ أَمْر اللَّه نَبِيّه [ بِالْجِدِّ فِي الدُّعَاء إِلَيْهِ , وَالصَّبْر عَلَى مَا يَلْقَى مِنَ الْأَذَى فِيهِ.

والخلاصة أنه ينبغي للمسلم أن ينكر ذاته، ولا يستكثر عمله، ويستقل جهده، فيعلم أن كل خير فمن الله وحده، بالتوفيق إليه ابتداء، والإعانة عليه أثناءه، والمن عليه بالقبول انتهاء، فيحمد الله على اختياره واصطفائه، ويستعين به على القيام بعبوديته، ويدعوه راجيا أن يقبل عمله ولا يضيع سعيه، فهذا باب التوفيق وصراط السعداء.

قال ابن القيم:» طوبى لمن أنصف ربه، فأقر له بالجهل في علمه، والآفات في عمله، والعيوب في نفسه، والتفريط في حقه، والظلم في معاملته، فإن آخذه بذنوبه رأى عدله، وإن لم يؤاخذه بها رأى فضله، وإن عمل حسنة رآها من منته وصدقته عليه، وإن قبلها فمنة وصدقة ثانية، وإن ردها فلكون مثلها لا يصلح أن يواجه به، وإن عمل سيئة رآها من تخليه عنه، وخذلانه له، وإمساك عصمته عنه، وذلك من عدله فيه، فيرى في ذلك فقره إلى ربه، وظلمه في نفسه، فإن غفرها له فبمحض إحسانه وجوده وكرمه.


ونكتة المسألة وسرها: أنه لا يرى ربه إلا محسنا، ولا يرى نفسه إلا مسيئا أو مفرطا أو مقصرا، يرى كل ما يسره من فضل ربه عليه وإحسانه إليه، وكل ما يسوؤه من ذنوبه وعدل الله فيه». أهـ
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 19-02-2019, 05:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة



الحكمـة ضالـة المؤمن (6) إنَّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ مَا يَقْتُلُ حَبَطاً أوْ يُلِمُ



د.وليد خالد الربيع





في السُّنة المطهرة من الحكم البليغة والأمثال الحكيمة ما يعد مصدرا لكثير من المعاني النفيسة والمفاهيم الرفيعة، ومن ذلك قوله [: «إنَّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ مَا يَقْتُلُ حَبَطاً أوْ يُلِمُ»، وقد ‏عدّ ابن دريد وهو من علماء اللغة هذه العبارة من كلام النبي [ من الكلام المفرد الوجيز الذي لم يسبق [ إلى معناه، وكل من وقع شيء منه في كلامه فإنما أخذه منه.


وقبل الدخول في معنى الحديث ومقاصده لابد من بيان معاني ألفاظه:

الربيع: هو النهر الصغير، والْحَبَطُ ‏:‏ انتفاخُ البطن، وهو أن تأكل الإبلُ الذُّرَقَ فتنتفخ بطونها إذا أكثرت منه يقال حبطت الدابة تحبط حبطا إذا أصابت مرعى طيبا فأمعنت في الأكل حتى تنتفخ فتموت، وقوله ‏»‏أو يلم‏»‏ والإلمام‏:‏ النزول ُ، والإلمام‏:‏ القرب، والمعنى يقتل أو يَقْرُبُ من القتل.

أما معنى الحديث فقد قال النووي:» ومعناه: أن نبات الربيع وخضره يقتل حبطا بالتخمة لكثرة الأكل، أو يقارب القتل إلا إذا اقتصر منه على اليسير الذي تدعو إليه الحاجة وتحصل به الكفاية المقتصدة فإنه لا يضر، وهكذا المال هو كنبات الربيع مستحسن تطلبه النفوس وتميل إليه، فمنهم من يستكثر منه ويستغرق فيه غير صارف له في وجوهه، فهذا يهلكه أو يقارب إهلاكه، ومنهم من يقتصد فيه فلا يأخذ إلا يسيرا، وإن أخذ كثيرا فرقه في وجوهه كما تثلطه الدابة فهذا لا يضره.

فهذا الحديث قاله [ في صفة الدنيا والحّث على قلة الأخذ منها‏، ولكي يفهم فهما شاملا لابد من الوقوف على سبب وروده، فقد روى الشيخان عن أبي سعيد الخدري أن النبي [ قال: ‏«‏إني أخَافُ عليكم بعدي ما يُفْتَح عليكم من زَهْرة الدنيا وزينتها ‏»‏ فقال رجل ‏:‏ أوَ يأتِي الخيرُ بالشرِّ يا رسول اللّه‏؟‏ فقال [ ‏: «‏إنَّهُ لا يأتي الخيرُ بالشر، وإن مما يُنْبِتُ الربيعُ ما يقتل حَبَطا أو يلم، إلا آكلة الْخَضِرِ فإنها أكلَتْ حتى إذا امْتَلأَتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشَّمْسِ فَثَلطَتْ وَبَالَتْ ثم رَتَعَتْ‏»‏.‏

قال‏ العلماء:‏ وفي هذا الحديث مثلان‏:‏ أحدهما: للمُفْرِطِ في جمع الدنيا وفي منعها من حقها، والآخر للمقتصد في أخْذِها والانتفاع بها، فأمّا قولُه: «‏وإن مما ينبت الربيعُ ما يقتل حَبَطاً أو يُلمُّ‏»‏ فهو مثل المُفْرِط الذي يأخذها بغير حق، وذلك أن الربيعَ يُنْبِتُ أحْرَار العُشْب فتستكثر منها الماشية حتى تنتفخَ بطونُها إذا جاوزَتْ حدَّ الاحتمال، فتنشق أمعاؤها وتهلك، كذلك الذي يجمع الدنيا من غير حِلِّها ويمنع ذا الحق حقَّه يهلك في الآخرة بدخوله النار‏.‏

وأما مَثَلُ المقتصد فقوله [: ‏«‏إلا آكلة الْخَضِر‏»‏ بما وصفها به، وذلك أن الْخَضِرَ ليست من أحرار البقول التي يُنْبتها الربيع، ولكنها من الْجَنْبَة التي ترعاها المواشي بعد هَيْج البقول، فضرب [ آكلةَ الخضِر من المواشي مثلاً لمن يقتصد في أخذ الدنيا وجَمْعها، ولا يَحْمله الحرصُ على أخذها بغير حقها، فهو ينجو من وَبَالها كما نَجَتْ آكلةُ الخضِر، ألا تراه قال [:‏ «فإنها إذا أصابَتْ من الْخَضِرِ استقبلت عينَ الشمس فَثَلَطَتْ وبالت‏»‏ أراد أنها إذا شبعت منها بَرَكَتْ مستقبلةَ الشمس تستمرىء بذلك ما أكَلَتْ وتجترُّ وتَثْلِط، فإذا ثَلَطته فقد زال عنها الْحَبَط، ‏وإنما تَحْبَطُ الماشيةُ لأنها لا تثلِطُ ولا تبول‏، ‏ فهذا المثل يضرب في النهي عن الإفراط‏.‏

قال ابن حجر: «ويؤخذ منه أن الرزق ولو كثر فهو من جملة الخير، إنما يعرض له الشر بعارض البخل به عمن يستحقه، والإسراف في إنفاقه فيما لم يشرع، وأن كل شيء قضى الله أن يكون خيرا فلا يكون شرا وبالعكس، ولكن يخشى على من رزق الخير أن يعرض له في تصرفه فيه ما يجلب له الشر».

وفيه أن المكتسب للمال من غير حله لا يبارك له فيه لتشبيهه بالذي يأكل ولا يشبع، وفيه ذم الإسراف وكثرة الأكل والنهم فيه، وأن اكتساب المال من غير حله، وكذا إمساكه عن إخراج الحق منه سبب لمحقه فيصير غير مبارك كما قال تعالى: {يمحق الله الربا ويربي الصدقات}، وقال [:» إن هذا المال خضر حلو، فمن أخذه بحقه بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، واليد العليا خير من اليد السفلى « متفق عليه.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 24-02-2019, 12:59 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة

الحكمـة ضالـة المؤمن (7) الحق كالزيت يطفو دائما



د.وليد خالد الربيع





الناظر في أدبيات الأمم وثقافات الشعوب يجد أقوالا وأمثالا وجيزة الألفاظ عميقة المعاني، تدل على حكمة ورشد، وتوافق المبادئ الإسلامية والمعاني الشرعية التي وردت في القرآن الكريم والسنة المطهرة ولا تخالفها، ومن ذلك المثل القائل: «إن الحق كالزيت يطفو دائما»، أي أن الحق دائما يعلو على ما سواه.

فالحق نقيض الباطل، يقال: حق الأمر أي وجب وثبت وصار حقا، فالحق هو الثابت الواجب والصحيح ، ويقابل الحق (الباطل) وهو ما لا ثبات له عند الفحص والتمييز، يقال بطل الشيء: فسد وسقط حكمه.

والحق له إطلاقات ؛ فالحق من أسماء الله الحسنى قال عز وجل: {يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين}، ومعنى هذا الاسم: أن الله عز وجل هو الحق في ذاته وأسمائه وصفاته، فهو واجب الوجود، كامل الصفات والنعوت، وجوده من لوازم ذاته، ولا وجود لشيء إلا به.

كما أن الإسلام هو دين الحق قال تعالى: {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون} قال ابن سعدي: «فكان ما بعث الله به محمدا [ مشتملا على بيان الحق من الباطل في أسماء الله وأوصافه وأفعاله وفي أحكامه وأخباره والأمر بكل مصلحة نافعة للقلوب والأرواح والأبدان، من إخلاص الدين لله وحده ومحبة الله وحده وعبادته، والأمر بمكارم الأخلاق ومحاسن الشيم والأعمال الصالحة والآداب النافعة، والنهي عن كل ما يضاد ذلك ويناقضه من الأخلاق والأعمال السيئة المضرة للقلوب والأبدان والدنيا والآخرة ».

كما يطلق الحق على القول أو الفعل الموافق للصواب والحكمة كما في قوله تعالى: {هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق}.

وحيث إن الحق والباطل ضدان، والضدان لا يجتمعان، صار التدافع بينهما أمرا لازما وحتميا؛ لأن ثبات أحدهما يقتضي زوال الآخر أو إضعافه، ولهذا تعذر وجودهما معا دون غلبة أحدهما على الآخر.

وقد بين الله عز وجل أن للباطل قوة تحميه وتدافع عنه كما قال تعالى: {إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون}، وقرر تبارك وتعالى أن قوة الكفر والضلال لا تفتر حتى تزيل الحق وأتباعه من أرض الواقع كما قال عز وجل: {يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون}، وبشرنا الله تعالى بأنه ينصر الحق وأهله فقال: {بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق} وقال: {ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته ولو كره المجرمون}، وقال النبي [: «الإسلام يعلو ولا يعلى عليه» رواه البيهقي، وحسنه الشيخ الألباني في الإرواء، فهذا المثل المذكور موافق لما قررته الأدلة الشرعية والقواعد الدينية، وهو كلمة حكيمة تبشر أصحاب الحق بالرفعة والتمكين في الدنيا والآخرة بإذن الله.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 02-03-2019, 09:47 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة

الحكمـة ضالـة المؤمن (8) إنما شفاء العيّ السؤال



د.وليد خالد الربيع




من الحكم النبوية النفيسة، والتوجيهات الدينية العميقة ما جاء في حديث أبي داود عن جابر قال: خرجنا في سفر فأصاب رجلا منا حجر فشجه في رأسه ثم احتلم، فسأل أصحابه:هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات، فلما قدمنا على رسول الله[ أخبر بذلك فقال: «قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذ لم يعلموا، فإنما شفاء العي السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر أو يعصب على جرحه ثم يمسح عليه ويغسل سائر جسده».

قوله: العي بكسر العين هو التحير في الكلام، وأيضا العي: الجهل، فمعنى هذه العبارة الحكيمة كما قال شراح الحديث: «أي لِمَ لَمْ يسألوا حين لم يعلموا؛ لأن شفاء الجهل السؤال»، فهذا الحديث يدل على أمور كثيرة من الفوائد الفقهية والسلوكية منها:

- الأول: خطورة الجهل وعظيم ضرره على المسلمين أفرادا ومجتمعات.

الجهل ـ وهو عدم العلم ـ عموما، والجهل بأحكام الشريعة على وجه الخصوص من الأمور المذمومة التي لها آثار خطيرة على الأفراد والمجتمعات، وقد جاءت نصوص كثيرة في ذم الجهل والتحذير من آثاره، منها قوله تعالى: {وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير} قال ابن القيم: «إن الله تعالى وصف أهل النار بالجهل، وأخبر بأنه سد عليهم طريق العلم، ثم ذكر الآية وقال: «فأخبروا أنهم كانوا لا يسمعون ولا يعقلون، والسمع والعقل هما أصل العلم وبهما ينال».

وقال جل شأنه: {ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون} قال ابن القيم: «فأخبر سبحانه أنهم لم يحصل لهم علم من جهة من جهات العلم الثلاث وهي العقل والسمع والبصر، فقد وصف سبحانه أهل الشقاء بعدم العلم، وشبههم بالأنعام تارة، وتارة بالحمار الذي يحمل الأسفار، وتارة جعلهم أضل من الأنعام، وتارة جعلهم شر الدواب عنده، وتارة جعلهم أمواتا غير أحياء، وتارة أخبر بأنهم في ظلمات الجهل والضلال، وتارة أخبر بأن على قلوبهم أكنة وفي آذانهم وقرا وعلى أبصارهم غشاوة، وهذا كله يدل على قبح الجهل وذم أهله وبغضه لهم، كما أنه يحب أهل العلم ويمدحهم ويثني عليهم ».

ومن النصوص قوله تعالى: «إن بين يدي الساعة أياما يرفع فيها العلم، وينزل فيها الجهل، ويكثر فيها الهرج - الهرج: القتل» متفق عليه، وقال ابن مسعود: «قراؤكم وعلماؤكم يذهبون، ويتخذ الناس رؤوسا جهالا يقيسون الأمور برأيهم»، وقال أبوالدرداء: «ما لي أرى علماءكم يذهبون، وجهالكم لا يتعلمون، تعلموا قبل أن يرفع العلم، فإن رفع العلم ذهاب العلماء».

قال ابن القيم:» الجهل نوعان: جهل علم ومعرفة، وجهل عمل وغي، وكلاهما له ظلمة ووحشة في القلب، وكما أن العلم يوجب نورا وأنسا، فضده يوجب ظلمة ويوقع وحشة، وقد سمى الله تعالى العلم الذي بعث به رسوله نورا وهدى وحياة، وسمى ضده ظلمة وموتا وضلالا، قال تعالى: {الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات}، وقال تعالى: {أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها}.

- الثاني: أهمية السؤال لتحصيل العلم والخروج من الجهل:

مما يستفاد من هذا الحديث ما قاله ابن القيم: «جعل النبي [ الجهل داء، وجعل دواءه سؤال العلماء»، فالجهل من أخطر الأمراض القلبية التي لها آثار خطيرة تظهر في دين الشخص وسلوكه؛ لذا كان العلم سبيلا متعينا لرفع الجهل كما قال الإمام أحمد: «الناس إلى العلم أحوج منهم إلى الطعام والشراب؛ لأن الرجل يحتاج إلى الطعام والشراب في اليوم مرة أو مرتين، وحاجته إلى العلم بعدد أنفاسه»، وطلب العلم له سبل شتى منها سؤال أهل العلم المؤهلين، وهنا ننبه إلى أمور ضرورية منها:

- أولا: لابد من سؤال المؤهلين علميا للإجابة:

يظن بعض الناس أن كل من انتسب إلى الدين بصفة ما ـ كإطلاق لحيته أو تقصير ثوبه أو محافظته على العبادة ـ أنه أهل للسؤال عن الأمور الشرعية، وهو قادر على الإجابة عنها، وهذا أمر غير صحيح، لأن الأجوبة الدينية هي بيان شرع الله تعالى وإخبار عن أحكامه، فلابد أن يكون الشخص عالما بما يقول، مستندا إلى حجة شرعية في ذلك، فالله تبارك وتعالى يأمر بسؤال أهل الاختصاص فقال: {وما أرْسلْنا مِنْ قبْلِك إِلا رِجالا نُوحِي إِليْهِمْ فاسْألُوا أهْل الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تعْلمُون}.

ومن أجاب بغير علم يخشى عليه الوقوع في الكذب على الله تعالى، وذلك من أخطر الأمور، قال: تعالى {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون}، وقال رسول الله[: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا» متفق عليه، قال النووي: «معناه: أنه يموت حملته ـ أي العلم ـ ويتخذ الناس جهالا يحكمون بجهالاتهم، فيَضِلون ويُضِلون»، وقال الشاطبي:« ودل هذا الحديث على أنه لا يؤتى الناس قط من قبل العلماء، وإنما يؤتون من قبل أنه إذا مات علماؤهم أفتى من ليس بعالم، فتؤتى الناس من قبله»، قال عمر:«من سوده قومه على فقه كان حياة له ولهم، ومن سوده قومه على غير فقه كان هلاكا له ولهم».

- ثانياً: لابد من حسن السؤال وحسن الإنصات للجواب:

يقوم بعض السائلين بعرض أسئلتهم بطريقة غامضة أو مملة أو منفرة فلا يحصل على الجواب المناسب، كما أن بعض السائلين لا يحسن الاستماع للجواب ولا يفهم ما يجاب به عن سؤاله، فتفوته الفائدة من هاتين الجهتين، قال ابن القيم: «للعلم ست مراتب: أولاها: حسن السؤال، الثانية: حسن الإنصات والاستماع، الثالثة: حسن الفهم، الرابعة: الحفظ، الخامسة: التعليم، السادسة: وهي ثمرته وهي العمل به ومراعاة حدوده، فمن الناس من يحرمه لعدم سؤاله، إما لأنه لا يسأل بحال، أو يسأل عن شيء وغيره أهم منه، كمن يسأل عن فضوله التي لا يضر جهله بها، ويدع ما لا غنى له عن معرفته، وهذه حال كثير من جهال المتعلمين، ومن الناس من يحرمه لسوء إنصاته، فيكون الكلام والمماراة آثر عنده وأحب إليه من الإنصات، وهذه آفة كامنة في كثير من النفوس الطالبة للعلم، وهي تمنعهم علما كثيرا ولو كانوا حسني الفهم».

والخلاصة أن قول النبي [: «إنما شفاء العي السؤال» حكمة بالغة ترشد إلى معان جليلة جديرة بالتأمل والعمل، وعلى المسلم أن يتخذها نبراسا له في شؤونه الدينية والدنيوية.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 12-03-2019, 06:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة

الحكمـة ضالـة المؤمن (9)السنابلة الفارغـة تشمخ برأسها عالياً

د.وليد خالد الربيع


من الآفات الاجتماعية الخطيرة، والمظاهر السلوكية المقيتة، ما يقوم به بعض الناس من استكبار وتعاظم ؛ فتجده مزهوا بنفسه، يختال في مشيته تيها، يجر أذياله كبرا، قد استطال عجبا، ونأى بجانبه تعاظما، ينظر إلى غيره شزرا، وهي حالة بغيضة تستجلب كراهية الناس ومقتهم، فإذا كان المتكبر خاليا من أسباب الكبر كالغنى والحسب والنسب والعلم ـ مع أن ذلك لا يسوغ الكبرـ كان الاستكبار أقبح وأبشع وأفظع.
وسبب الكبر جهل الإنسان بنفسه وبربه، ولهذا فإن من الأقوال الحكيمة قولهم: (السنابلة الفارغة تشمخ برأسها عاليا)، فالسنابل التي حملت الحب تميل برؤوسها تواضعا لثقل ما تحمل، أما السنابل التي خلت من الحب ولم تنوء بحمل شيء فإنها ترتفع عاليا، وكذلك فإن من عرف حقيقة نفسه في بدايتها ونهايتها ومصيرها، وعرف آفاتها وأمراضها، وعرف ربه بأسمائه الحسنى وصفاته العليا وفضله وإحسانه، تواضع وتطأطأ، وتجافى عن مقاعد الكبر، ونأى عن مذاهب العجب، أما الجاهل فإنه لخفة عقله ونقص علمه وضعف تمييزه يتعالى ويتعاظم ويتكبر كالسنبلة الخالية.والكبر آفة خطيرة، ومرض عضال، يستجلب كل خلق ذميم، ويفوت كل خلق محمود. قال ابن حجر:«الكبر الحالة لتي يختص بها الإنسان من إعجابه بنفسه، وذلك أن يرى نفسه أكبر من غيره، وأعظم ذلك أن يتكبر على ربه بأن يمتنع من قبول الحق والإذعان له بالتوحيد والطاعة». ويكفي الكبر والمستكبرين ذما أن الله تعالى وصف في كثير من الآيات المعرضين عن دينه المعارضين لرسله (بالاستكبار) كما قال عز وجل: (قال الملأ الذين استكبروا من قومه}، وقال سبحانه: {سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق}، وقال عز وجل: {إنه لا يحب المستكبرين}، وآيات كثيرة في ذم الكبر والمستكبرين. وأما الأحاديث فكثيرة، منها حديث ابن مسعود أن النبي [ قال:« لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر» قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة»، قال: «إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس» أخرجه مسلم، قال النووي: «غمط الناس: معناه احتقارهم، أما بطر الحق فهو دفعه وإنكاره ترفعا وتجبرا» إلى أن قال: «هذا الحديث ورد في سياق النهي عن الكبر المعروف وهو الارتفاع على الناس واحتقارهم ودفع الحق». وعن حارثة بن وهب أنه سمع النبي [ قال: «ألا أخبركم بأهل الجنة ؟» قالوا: بلى، قال:«كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره»، ثم قال:«ألا أخبركم بأهل النار؟» قالوا:بلى، قال: «كل عتل جواظ مستكبر» متفق عليه قال النووي:« متضعف معناه: متواضع متذلل خامل واضع من نفسه، قال القاضي:وقد يكون الضعف هنا: رقة القلوب ولينها وإخباتها للإيمان، والمراد أن أغلب أهل الجنة هؤلاء، كما أن معظم أهل النار القسم الآخر، وليس المراد الاستيعاب في الطرفين» ، والعتل: الجافي الفظ الغليظ شديد الخصومة، والجواظ فهو الجموع المنوع وقيل: كثير اللحم المختال في مشيته، والمستكبر: فهو صاحب الكبر. وحديث البخاري أن النبي [ قال: « بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه، مرجل جمته ـ الجمة هي مجتمع الشعر إذا تدلى من الرأس إلى المنكبين ـ إذ خسف الله به، فهو يتجلجل ـ أي ينزل في الأرض مضطربا متدافعا ـ إلى يوم القيامة». وعن ابن عمرو أن النبي [ قال:«كلوا وتصدقوا وألبسوا في غير إسراف ولا مخيلة» أخرجه النسائي وحسنه الألباني، قال العلماء: « هذا الحديث جامع لفضائل تدبير الإنسان نفسه، وفيه تدبير مصالح النفس والجسد في الدنيا والآخرة، فإن السرف في كل شيء يضر بالجسد، ويضر بالمعيشة فيؤدي إلى الإتلاف، ويضر بالنفس إذ كانت تابعة للجسد في أكثر الأحوال، والمخيلة تضر بالنفس حيث تكسبها العجب، وتضر بالآخرة حيث تكسبها الإثم، وبالدنيا حيث تكسب المقت من الناس». ومما يتناول الصورة التي ذكرت في المقال ما جاء عن أبي هريرة أن رسول الله[ قال: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر» أخرجه مسلم، وفي رواية النسائي التي صححها الألباني: «أربعة يبغضهم الله عز وجل: البياع الحلاف، والفقير المختال، والشيخ الزاني، والإمام الجائر»، قال القاضي عياض مبينا سبب الوعيد المذكور في الحديث: «سببه أن كل واحد منهم التزم المعصية المذكورة مع بعدها منه، وعدم ضرورته إليها، وضعف دواعيها عنده، وإن كان لا يعذر أحد بذنب « إلى أن قال:«وكذلك العائل الفقير قد عدم المال، وإنما سبب الفخر والخيلاء والتكبر والارتفاع على القرناء (الثروة في الدنيا ) لكونه ظاهرا فيها، وحاجات أهلها إليه، فإذا لم يكن عنده أسبابها فلماذا يستكبر ويحتقر غيره؟ فلم يبق فعله وفعل الشيخ الزاني والإمام الكاذب إلا لضرب من الاستخفاف بحق الله تعالى والله أعلم». قال بعض العلماء: «التواضع في الخلق كلهم حسن، وفي الأغنياء أحسن، والكبر في الخلق كلهم قبيح، وفي الفقراء أقبح «. قال أبوعلي الجوزجاني:« النفس معجونة بالكبر والحرص والحسد، فمن أراد الله تعالى هلاكه منع منه - أي لم يوفقه -التواضع والنصيحة والقناعة، وإذا أراد الله تعالى به خيرا لطف به في ذلك، فإذا هاجت في نفسه نار الكبر أدركها التواضع من نصرة الله تعالى، وإذا هاجت نار الحسد في نفسه أدركتها النصيحة مع توفيق الله عز وجل، وإذا هاجت في نفسه نار الحرص أدركتها القناعة مع عون الله عز وجل».قال مالك بن دينار: «إذا طلب العبد العلم ليعمل به كسره - أي ألزمه التواضع - وإذا طلبه لغير العمل زاده فخرا ». فعلى المسلم أن يكون متواضع النفس، خافض الجناح، دمث الطباع، رضي الأخلاق، لين الجانب، أسلس من الماء، وألين من العهن، يستعين على ذلك بسؤال الله تعالى والاستعانة به وصدق اللجوء إليه، مع أخذ نفسه بالمجاهدة والدربة، والله الموفق لكل خير.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 19-03-2019, 08:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة

الحكمـة ضالـة المؤمن (10) أليــس الصبـح بقـريب


د.وليد خالد الربيع



ختم الله عز وجل قصة لوط عليه السلام مع قومه في سورة هود بقوله تعالى: {قَالُواْ يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُواْ إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ}.
قال الطاهر بن عاشور :» وجملة {إن موعدهم الصبح} مستأنفة ابتدائية قطعت عن التي قبلها اهتماما وتهويلا، والموعد: وقت الوعد. والوعد أعم من الوعيد فيطلق على تعيين الشر في المستقبل، والمراد بالموعد هنا موعد العذاب الذي علمه لوط عليه السلام إما بوحي سابق، وإما بقرينة الحال، وإما بإخبار من الملائكة في ذلك المقام طوته الآية هنا إيجازا، وبهذه الاعتبارات صح تعريف الوعد بالإضافة إلى ضميرهم.
وجملة {أليس الصبح بقريب} استئناف بياني صدر من الملائكة جوابا عن سؤال يجيش في نفسه من استبطاء نزول العذاب، والاستفهام تقريري؛ ولذلك يقع في مثله التقرير على النفي إرخاء للعنان مع المخاطب المقرر ليعرف خطأه. وإنما قالوا ذلك في أول الليل»اهـ.
فهاتان الجملتان ختمت بهما القصة الكريمة لتكونا منطلقا لكل من وقع في ضيق أو كرب أو شدة، فطال عليه الليل، وضاقت عليه الأرض برحبها، فضعف احتماله، ونفر صبره، فتراه حائر الطرف، ذاهب القلب، قد تساقطت نفسه حسرة، وكادت تزهق روحه من الهلع، وأوشك أن يقضى عليه من الغم، فتاتي مثل هذه المبشرات من الله عز وجل في كتابه الكريم وسنته نبيه [ لتفرج الهموم، وتهون الكروب، وتنفخ في النفوس الآمال، وتذكر بأن أشدّ ساعات الليل حلكةً هي تلك التي تسبق الفجر.
فمن أعظم البشائر القرآنية قوله عز وجل: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} قال الشيخ ابن سعدي : «بشارة عظيمة، أنه كلما وجد عسر وصعوبة، فإن اليسر يقارنه ويصاحبه، حتى لو دخل العسر جحر ضب لدخل عليه اليسر فأخرجه.
وتعريف «العسر» في الآيتين ما يدل على أنه واحد، وتنكير «اليسر» يدل على تكراره، فلن يغلب عسر يسرين، وفي تعريفه بالألف واللام الدالة على الاستغراق والعموم يدل على أن كل عسر ـ وإن بلغ من الصعوبة ما بلغ ـ فإنه في آخره التيسير ملازم له.»اهـ.
وفي الموطأ أن أبا عبيدة بن الجراح كتب إلى عمر بن الخطاب يذكر له جموعا من الروم وما يتخوف منهم فكتب إليه عمر:» أما بعد فإنه مهما ينزل بعبد مؤمن من منزل شدة يجعل الله بعده فرجا وإنه لن يغلب عسر يسرين». وروي عن ابن عباس: «يقول الله تعالى:خلقت عسرا واحدا وخلقت يسرين ولن يغلب عسر يسرين».
ومن المبشرات القرآنية قوله عز وجل: {سيجعل الله بعد عسر يسرا}، قال الطاهر بن عاشور : «وهذا الكلام خبر مستعمل في بعث الترجي وطرح اليأس عن المعسر من ذوي العيال، ومعناه: عسى أن يجعل الله بعد عسركم يسرا لكم فإن الله يجعل بعد عسر يسرا. «اهـ.
وفي السنة المطهرة أيضا مبشرات وأسباب لتفريج الكربات منها حسن الظن بالله والتوكل عليه، فعن ابن مسعود قال : قال رسول الله [ : «من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته، ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله، فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل» أخرجه الترمذي وصححه الألباني.
وقال [ :»جف القلم بما هو كائن، فلو أنّ الخلق كلهم جميعًا أرادوا أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله لك لم يقدروا عليه، وإن أرادوا أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا عليه، واعلم أن في الصبر على ما تكره خيرًا كثيرًا، وأن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا» خرّجه الترمذي.
ومن ذلك الدعاء والتوجه إلى الله وحده، كما قالت أسماء بنت عميس: إن رسول الله [ قال لي: «ألا أعلمك كلمات تقولينها عند الكرب أو في الكرب؟ الله ربي لا أشرك به شيئًا» خرجه أبو داود وصححه الألباني.
وكان رسول الله [ يقول عند الكرب:»لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش العظيم» متفق عليه. وقال [: «دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، أصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت» خرجه أبو داود وحسنه الألباني.
قال أنس : كان رسول الله [ إذا كربه أمر يقول: «يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث» أخرجه الإمام الترمذي.
ويقول ابن مسعود: إن رسول الله [ قال: «ما أصاب أحدا قطٌ هم ولا حزنٌ فقال: اللهم إني عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيّ حكمك، عدل فيّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو علمته أحدا من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي، إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله به فرحًا، فقيل: يا رسول الله ألا نتعلمها؟ قال: بلى، ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها» خرجه الإمام أحمد في مسنده وقال شاكر: «إسناده صحيح».
فقرب الفرج ودنو الأمل سنة من الله تحمل البشرى لكل مسلم، قال مالك بن دينار قبل موته : «ما أقرب النعم من البؤس، يعقبان ويوشكان زوالا « أي لا شيء يدوم، فالنعم والبؤس مؤقتان ومتعاقبان.
وقال ابن رجب: «ومن لطائف أسرار اقتران الفرج بالكرب، واليسر بالعسر، أن الكرب إذا اشتد وعظم وتناهى، وحصل للعبد اليأس من كشفه من جهة المخلوقين، تعلق قلبه بالله وحده، وهذا هو حقيقة التوكل على الله، وهو من أكبر الأسباب التي تطلب بها الحوائج؛ فإن الله تعالى يكفي من توكل عليه، كما قال تعالى: {ومن يتوكل على الله فهو حسبه}» اهـ
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 147.17 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 141.10 كيلو بايت... تم توفير 6.07 كيلو بايت...بمعدل (4.12%)]