الولاء الصادق للإسلام - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         همسة في آذان الشباب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          من آداب الدعاء... إثبـــات الحمـــد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          واحة الفرقان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 13 - عددالزوار : 3015 )           »          الاستعمار وأساليبه في تمكين الاستشراق الحلقة الرابعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 17 - عددالزوار : 609 )           »          قواعد عقاب الطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 46 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 55 - عددالزوار : 15810 )           »          توجيهات منهجية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          القاعدة الأوفى في الأسماء الحسنى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-10-2019, 08:59 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,333
الدولة : Egypt
افتراضي الولاء الصادق للإسلام

الولاء الصادق للإسلام




الشيخ إبراهيم المشهداني


إن الحمد لله، نحمدُه ونستغفره ونستعينه ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسنا ومن سيئاتِ أعمالنا، من يهْدِ اللهُ فلا مضِلَّ له ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أنْ لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له، نصر عبد واعز جنده وهزم الأحزاب وحده، لا شيء قبله ولا بعده، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه الرحمة المهداة والنعمة المسداة، أرسله بين يدي الساعة هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، بلّغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصحَ الأمّةَ، وجاهد في الله حق جهاده مخلصا له الدين، حتى أتاه من ربه اليقين، فصلواتُ ربي وأزكي تسليماته عليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وعلى أصحابه ومن دعا بدعوته خصوصا منهم خلفائه من بعده، ووزرائه في عهده أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعلى أزواج النبي الطاهرات أمهات المؤمنين، وعلى المهاجرين والأنصار، والتابعين الأخيار، وعلى أئمة المؤمنين المجتهدين في الدين، وعلى من أحبهم إلى يوم الدين أما بعد: فانَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

اللهم أنت أحق من ذكر، وأحق من عبد، وانصر من ابتغي، وارأف من ملك، وأجود من سئل، وأوسع من أعطى، أنت الملك لا شريك لك، والفرد الذي لا ند لك وكل شيء هالك إلا وجهك، اللهم إني أبرأ من الثقة إلا بك، ومن الأمل إلا فيك، ومن التوكل إلا عليك، ومن الرضا إلا فيك، ومن الطلب إلا منك، ومن الصبر إلا بك، ومن الذل إلا لك، ومن الرجاء إلا فيك، ومن الرهبة إلا إليك:
أيها المسلمون: أشهدكم أني أحبكم في الله فاتقوا الله وسارعوا إلى مغفرته ورضاه:
أيها السلمون الأحباب: إن تاريخ الأمة الإسلامية نور يرشد الناس إلى الهدى والرشاد والحق، وقد كان الأوائل رضوان الله عليهم يقدرون نعمة الإيمان التي أرشدهم إليها الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى ﴿ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 122]، وقدروا تربية المصطفى عليه الصلاة والسلام وأهمية سنته الشريفة قولا وفعلا، (وأدركوا أنهم لم يكونوا خلافة جنس ورسل شعب أو وطن يسعون لرفاهيته ومصلحته، ويؤمنون بفضله وشرفه على جميع الشعوب والأوطان، ولم يخرجوا ليؤسسوا إمبراطورية عربية يرتعون ويتنعمون في ظلها، ويشمخون ويتكبرون تحت حمايتها، ويخرجون من حكم الروم والفرس إلى حكم العرب، لا هذا ولا ذاك إنما قاموا ليخرجوا الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده كما صرخ بها بدويا على آذان الدهر، تلميذ من تلاميذ الإسلام رباهم محمد - صلى الله عليه وسلم - ذاك هو ربعي بن عامر يقول في مجلس طاغوت من طواغيت الفرس يزدجرد اسمعوا ماذا قال: (الله ابتعثنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام)، فالناس عندهم سواء كلهم لآدم وآدم من تراب، لم يبخلوا بما عندهم في دين وعلم وتهذيب على أحد، ولم يراعوا في الحكم والإمارة والفضل نسبا ولونا ووطنا بل كانوا سحابة خير انتظمت البلاد، وعمت العباد وغوادي ومزنة أثنى عليها السهل والوعر[1]).

أيها المسلمون:
لا بد لي في هذه العجالة أن أذكركم بمواقف مضيئة مشرقة من سيرة عظمائنا الصحابة الأجلاء الذين رفعوا راية الإسلام خفاقة، وضربوا أروع الأمثلة في الولاء لله ورسوله، ومن ذلك موقف كعب بن مالك وهلال ومرارة بن الربيع رضي الله عنهم أجمعين حيث قاطعوهم وهجروهم لتخلفهم عن غزوة تبوك، فانظر إلى هذه المقاطعة لثلاثة من صحابة رسول الله يصلون خلف النبي في مسجد أسس على التقوى لقد هجرهم حتى في التحية الإسلامية، فهل يا ترى من المسلمين اليوم من يتبرأ من الذين يحاذون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا، إن موقف الصحابي الجليل كعب بن مالك وصاحبيه؛ وذلك لما هجره الصحابة وهجرته زوجته وذهب إلى بيت أهلها فجأة آمر عجيب وخطير في آن واحد، ثم يقول كعب بن مالك (بينما أنا أمشي في سوق المدينة إذا نبطي من نبط أهل الشام ممن قدم بالطعام لبيعه بالمدينة يقول: من يدلني على كعب بن مالك، فطفق الناس يشيرون له إليّ حتى جاءني، فدفع إليّ كتابًا من ملك غسان، وكنت كاتبًا فقرأته، فإذا فيه: أما بعد فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هوان، ولا مضيعة، فالحق بنا نواسك.

فقلت حين قرأتها: وهذه أيضًا من البلاء، فتيممت بها التنور فسجرتها)، نعم لقد صدق كعب بن مالك (وهذا أيضًا من البلاء)، أجل إنه بلاء عظيم، ولقد كان ولاء كعب رغم ما هو فيه من شدة وهجر، ومن دواعي الإغواء والإغراء، وكان براءته من ملك غسان واضحًا في حرْقه كتاب الملك، فانظر إلى هذه العظمة، وهذا الصدق في الولاء والحب لله ورسوله والمسلمين، والبعد عن كل ما يصرف عن ذلك من متاع الدنيا ووجاهتها التي لا تساوي عند الله جناح بعوضة!

تأملوا معي أيها الأحباب إلى صنيع كعب بن مالك، فهو يدل على إيمان صادق، واتصال وثيق ومحبة لله ورسوله، وإلا فمن صار إلى هذه الحال من الهجر قد يضعف إيمانه، لا سيما مع العرض المغري من الملك، فأين نحن أمام مغريات الدنيا ومباهجها؟! وأين نحن من الولاء الصادق لدين الله وتعاليم رسوله؟!

إن بعض المسلمين ضعيف في ولائه، فربما أحب ما يبغضه الله ورسوله من المعاصي والمحرمات، ومن نصحه ونهاه بالحكمة والموعظة الحسنه، زاده ذلك تماديًا فيما هو فيه، أو يبغض ما يحبه الله ورسوله من الأعمال الصالحات والحسنات، ومن يأمره ويحثه على الخير أبغضه وابتعد عنه، والواجب علينا محبة ما يحبه الله ورسوله، وبُغض ما يبغضه الله ورسوله.

وهذا موقف آخر من مواقف الولاء الصادق، إنه الصحابي الجليل عبدالله بن حذافة السهمي وموقفه من ملك الروم؛ حيث أغراه حتى يشاطره ملكه، فرفض وهدده بالقتل والخوف، فأبى أن يتنصر، وكذلك موقف عبدالله بن عبدالله بن أبيّ في منعه أباه أن يدخل المدينة إلا بإذن رسول الله؛ ﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [المجادلة: 22].

أيها المسلمون، وصورة مشرقة من سِيَر عظمائنا وحبهم وتفانيهم في سبيل الله، واستبسالهم وتحملهم أعباء الدين والرسالة؛ حيث اجتمع رهط من قريش فيهم أبو سفيان بن حرب، فقال أبو سفيان حين قدم زيد بن الدثنة ليقتله: أنشدك الله يا زيد، أتحب أن محمدًا عندنا الآن في مكانك نضرب عنقه وأنك في أهلك؟ قال زيد: والله ما أحب أن محمدًا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه، وأني جالس في أهلي، فقال: أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحدًا يحب أحدًا كحب أصحاب محمد محمدًا، ثم قتلوا زيدًا - رضي الله عنه.

هذا هو الولاء الصادق الذي بناه الإسلام عقيدة راسخة رسوخ الجبال الشم؛ حيث ربى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه الكرام عليه تلك التربية الصارمة التي أنشأت جيلاً مثاليًّا، جعلتهم يتحملون ما لا يطاق في سبيل نشر الإسلام في المعمورة، وروى الإمام أحمد وغيره أن أنس بن النضر - رضي الله عنه - غاب عن قتال بدر، فقال: غيبت عن أول قتال قاتله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المشركين! لئن أشهدني الله قتالًا للمشركين، ليرين الله ما أصنع، فلما كان يوم أحد، انكشف المسلمون، فقال: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء - يعني أصحابه - وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء - يعني المشركين - ثم تقدم، فلقيه سعد بن معاذ دون أُحد، فقال: أنا معك، قال سعد: فلم أستطع أن أصنع ما صنع، قال فوُجِد فيه بضع وثمانون ضربة سيف، وطعنة رمح، ورمية سهم، فكانوا يقولون فيه وفي أصحابه نزل قوله تعالى: ﴿ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ﴾ [الأحزاب: 23].

أيها الإخوة الكرام، لقد كان سلفنا الصالح يعتزون بدينهم، فلم تخدعهم المظاهر الجوفاء، والاعتبارات التي تسيطر على أذهان الناس اليوم، وأصدق مثال قصة ربعي بن عامر حين قابل طاغوتًا من طواغيت الكفر، فقد كان الفرس مدججين بالسلاح وعليهم التيجان والثياب المنسوجة بالذهب، ووضعوا البُسط والنمارق في مجلس قائدهم، وله سرير من ذهب، فأقبل ربعي يسير على فرس له زباء (كثير الشعر) قصير، معه سيف غمده لفافة ثوب خلق، ورمح وجحفة (ترس) وقوس، فلما غشي الملك وانتهى إليه وإلى أدنى البُسط، قيل له: انزل فحملها على البساط، فلما استوت عليه نزل عنها، وربطها بوسادتين، فشقهما ثم أدخل الحبل فيهما، فلم يستطيعوا أن ينهوه، فقالوا: ضع سلاحك، فقال: إني لم آتكم فأضع سلاحي بأمركم، أنتم دعوتموني، فإن أبيتم أن آتيكم كما أريد رجعت، فأخبروا رستم، فقال: ائذنوا له، هل هو إلا رجل واحد، فأقبل يتوكأ على رمحه وزجه نصل يقارب الخطو ويزج النمارق والبسط، فما ترك لهم نمرقة ولا بساطًا إلا أفسده وتركه منهتكًا مخرقًا، فلما دنا من رستم، تعلق به الحرس وجلس على الأرض، وركز رمحه بالبسط، فقالوا: ما حملك على هذا؟ قال: إنا لا نستحب القعود على زينتكم هذه، ولما سأله رستم عن سبب مجيء المسلمين إلى الفرس، فقال لهم: الله ابتعثنا والله جاء بنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه، فمن قبل منا ذلك، قبلنا ذلك منه، ورجعنا عنه وتركناه وأرضه يليها دوننا، ومن أبى قاتلناه أبدًا حتى نفضي إلى موعود الله، قال: وما موعود الله؟ قال: الجنة لمن مات على قتال من أبى، والظفر لمن بقي، فقال رستم: قد سمعت مقالتكم، فهل لكم أن تؤخروا هذا الأمر حتى ننظر فيه وتنظروا، قال: نعم، كم أحب إليكم أيومًا أو يومين، قال: لا، بل حتى نكاتب أهل رأينا ورؤساء قومنا، وأراد مقاربته ومدافعته، فقال: إن مما سن لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعمل به أئمتنا، ألا نمكن الأعداء من آذاننا، ولا نؤجلهم عند اللقاء أكثر من ثلاث، فنحن مترددون عنكم ثلاثًا، فانظر في أمرك وأمرهم، واختر واحدة من ثلاث بعد الأجل: اختر الإسلام وندَعك وأرضك، أو الجزاء فنقبل ونكف عنك، وإن كنت عن نصرنا غنيًّا تركناك منه، وإن كنت إليه محتاجًا منعناك، أو المنابذة في اليوم الرابع، ولسنا نبدؤك فيما بيننا وبين اليوم الرابع، إلا أن تبدأنا، أنا كفيل لك بذلك على أصحابي وعلى جميع من ترى، قال: أسيدهم أنت؟ قال: لا، ولكن المسلمين كالجسد بعضهم من بعض يجير أدناهم على أعلاهم.

نريد من المسلمين اليوم أن يتأملوا سيرة هؤلاء الرجال، وأن يتخذوهم قدوة ونبراسًا يضيء لهم الطريق، وأن يربوا أجيالهم على هذه المعاني والقيم النبيلة، لا أن يربوهم على التقاليد الغربية، والعادات المستوردة من الخارج، إذا أرادت أمتنا أن يكتب لها العز والنصر، وأن ينطبق عليها وصف الخيرية، فعليها أن تقتدي بحملة الدين الأوائل في أخلاقهم وأفعالهم، وولائهم وجهادهم، بهذا المسلك لا غيره تتقدم أمتنا، وتسعد وتحرز الفوز والسبق؛ ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110].

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، وطوبى لمن وجد في صحيفته استغفارًا كثيرًا، وصلاة على الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم.

الخطبة الثانية
أيها المسلمون، إن الولاء والبراء من أعظم معاني التوحيد، وهو جزء من كلمة الإخلاص، فإن معناها البراءة من كل ما يعبد من دون الله، وهو من أوثق عرى الإيمان؛ يقول الله تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [التوبة: 71]، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ وَأَبْغَضَ لِلَّهِ وَأَعْطَى لِلَّهِ وَمَنَعَ لِلَّهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الإِيمَانَ)).

إن مما يوضح صورة الولاء في نفوس أولئك الأخيار قوله - عليه الصلاة والسلام - في غزوة تبوك: "‏إن بالمدينة لرجالًا ما سرتم مسيرًا، ولا قطعتم واديًا، إلا كانوا معكم، حبسهم المرض‏"‏، وفى رواية‏: ‏"‏إلا شاركوكم في الأجر‏".

‏ فانظر إلى هذا الولاء والمناصرة، حتى ممن حبسهم العذر، فهم مع إخوانه بالدعاء والمتابعة، أما اليوم فيرى المغرورون والمبهورون والمنهزمون أن الكفار خصوم شرفاء، بل يرونهم أصدقاء أوفياءَ، ولكن الذي يجب على المسلمين اليوم أن يفهموه هو الاقتداء بسيرة سيد الأنبياء وصحبه الميامين - رضوان الله عنهم أجمعين - في قضية الولاء والبراء من باب أخص الأمر المطلوب فيهم، وليس لهم أن يلتفتوا إلى أبواق وأصوات تقول لهم: إن هذا رجعية ورجوع إلى الوراء وتقهقر، بل إن سبيل النجاح والفوز والصلاح هو العزم على تحقيق معاني العقيدة الصحيحة علمًا وعملاً، وفقهًا، والصبر على تبعاتها؛ ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 139].


[1] بعض ما جاء في الخطبة مستقى من كتاب (ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين)، وقد تم نشر ثلاث خطب من خطب الشيخ على شبكة الإنترنت وعلى اليوتيوب بعنوان: من هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والثانية بعنوان: حسن الظن بالله، والثالثة عن الآداب الإسلامية والأخلاق المرعية.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 62.05 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 60.16 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (3.04%)]