رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله - الصفحة 31 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4435 - عددالزوار : 870536 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3966 - عددالزوار : 402827 )           »          على طريق النصر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 73 )           »          تربية الأبناء الواجب والتحديات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 74 )           »          احفظ لسانك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 76 )           »          الأثيم في الاحتفال بشم النسيم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 63 )           »          الصلاة والاهتمام بها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »          الإسراف خطره وصوره (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 67 )           »          شرح النووي لحديث ابن الزبير: كنت أنا وعمر بن أبي سلمة يوم الخندق مع النسوة في أطم حسا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 66 )           »          شرح الننوي لحديث: لكل نبي حواري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > رمضانيات
التسجيل التعليمـــات التقويم

رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #301  
قديم 24-04-2022, 02:54 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,680
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

الحث على إغتنام العشر الاواخر



لقد خص الله تعالى العشر الأواخر من رمضان بمزايا لا توجد في غيرها، وبعطايا لا سبيل في سواها لتحصيلها، وقد خصها النبي صلى الله عليه وسلم بأعمال لم يكن يفعلها في غيرها.. فمن ذلك:

أولا: كثرة الاجتهاد:

فكان صلى الله عليه وسلم يجتهد بالعمل فيها أكثر من غيرها، تقول عائشة رضي الله عنها: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره" رواه مسلم
وكان يحيي فيها الليل كله بأنواع العبادة من صلاة وذكر وقراءة قرآن، تقول عائشة رضي الله عنها: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجَدَّ وشدَّ المئزر" رواه مسلم
ثانيا: اغتنام جميع الوقت.
ثالثا الاعتكاف:
ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده".
والاعتكاف معناه شرعاً: "المقام في المسجد من شخص مخصوص على صفة مخصوصة".
والأصل أنه عزوف عن الدنيا وانقطاع للعبادة وتخلية للنفس عن التشاغل بغير الطاعات والقربات، فلا ينبغي أن يشتغل بشيء يفوت عليه قصده.
رابعا: تحري ليلة القدر
وقد أخفى الله عز وجل علم تعييين يومها عن العباد، ليكثروا من العبادة، ويجتهدوا في العمل، فيظهر من كان جاداً في طلبها حريصاً عليها، ومن كان عاجزاً مفرطاً، فإن من حرص على شيء جد في طلبه، وهان عليه ما يلقاه من تعب في سبيل الوصول إليه.
هذه الليلة العظيمة يُستحب تحريها في العشر الأواخر من رمضان، وهي في الأوتار أرجى وآكد، فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، ليلة القدر في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى)، وهي في السبع الأواخر أرجى من غيرها، ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أُروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر) رواه البخاري.
ثم هي في ليلة سبع وعشرين أرجى ما تكون، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليلة القدر ليلة سبع وعشرين) رواه أبو داود.
فعلى الراغبين في تحصيل هذه الليلة المباركة الاجتهاد في هذه الليالي والأيام، وأن يتعرَّضوا لنفحات الرب الكريم المنان، عسى أن تصيبكم نفحة من نفحاته لا يشقى العبد بعدها أبداً.

وإذا كان دعاء ليلة القدر مقبولا مسموعا مستجابا فعلى العبد أن يكثر من الدعاء والتضرع وسؤال خير الدنيا والآخرة، وقد سألت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: "يا رسول الله، أرأيتَ إن وافقتُ ليلة القدر، ما أقول فيها؟" قال: (قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني) رواه أحمد.

فاستدركوا في آخر شهركم ما فاتكم من أوله، وأحسنوا خاتمته فإنما الأعمال بالخواتيم، ومن أحسن فيما بقي غفر له ما قد مضى، ومن أساء فيما بقي أخذ بما مضى وما بقي. وأروا الله من أنفسكم الجد في تحري الخير في هذا الثلث الأخير، واغتنموا ما فيه من الخير الوفير، وتعرضوا لنفحات الغفور الحليم.
اللهم بلغنا برحمتك رضاك، وبلغنا ليلة القدر، واجعلنا فيها من عتقائك من النار.
منقول

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #302  
قديم 25-04-2022, 10:49 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,680
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

السلوكيات الخاطئة التي يقع فيها الصائم



ظهرت بعض السلوكيات الخاطئة التي يمارسها البعض أثناء الصوم، وهي من العادات السيئة التي ينبغي للمسلم التخلص منها، ومن تلك السلوكيات الخاطئة:


كثرة النوم:
يجب على المسلم عدم إضاعة الوقت في النوم، سواء أثناء وقت الصوم أو غيره، لان الوقت هو رأس مال المسلم، ومضمار سباقه، وكنزه الثمين الذي ينبغي ألا يضيعَ منه، كما لا ينبغي أن يفوته فيما لا ينفعه، ولا يعود عليه بفائدة، ككثرة النوم في نهار الصائم، ففي النوم في النهار تضيع للفرائض المكتوبة، أو تأخريها عن وقتها، وفوات كثير من الطاعات والأوقات الفاضلة، فتضيع معها لذة الصيام، واستشعار حكمة مشروعيته، فيقضي المرء يومه دون أن يعيش حقيقة الصيام، ولا يدخل أثره إلى قلبه، فيجب على المسلم أن يقضي نهار صومه في قراءة القرآن، والتسبيح، وكثرة الذكر، والاستغفار، ومطالعة ما يفيده من الكتب النافعة، والعلوم المفيدة.

إضاعة الجماعة:
يجب على المسلم عدم إضاعة الجماعة، فهي من السلوكيات الخاطئة التي يقع فيها بعض الصائمين في أثناء الصوم، فإضاعة الجماعة لعذر الكسل أو النوم، أو الاشتغال بما لا يجدي نفعاً، وليعلم مضيع الجماعات أنه بذلك يضيع عليه الصلاة في أفضل بقاع الأرض وهي المساجد، وأن عظم الأجر مع كثرة الخُطا إلى المساجد، وأن الملائكة تدعو له وهو ما زال في انتظار الصلاة، ويصلون على الصف الأول في الجماعة، وأن الشياطين لا تستحوذ عليه، وأن من خرج إلى المسجد فهو ضامن على الله إن عاش رزق وكفي، وإن مات دخل الجنة.

كثرة الأكل:
يجب على المسلم عدم الإكثار من أكل الطعام لقوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31]، وقال تعالى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} [الإسراء: 26- 27]. أصبح الصوم في أذهان كثير من الناس مقترناً بكثرة الأكل، وإنما افترضه الله على المسلمين ليضيقوا على الشهوة مساربها، ويضيعوا على النفس الأمارة مآربها.

السهر:
إن وقت المسلم وقت ثمين جدًّا، سواء أثناء وقت الصوم أو غيره، ولا مجال فيه للمسلم الجاد أن يقضيه في اللهو والسهر الفارغ الطويل، وفي السهر بالليل تضيع الفرائض بالنهار، أو تتأخر عن وقتها، أو يقل فيها الخشوع، ويفوّت المسلم على نفسه وقت البكور وما فيه من خير، وتضيع لذة الصيام، والشعور بالحكمة من مشروعيته من مجاهدة النفس، والشعور بالجوع، وتذكّر الفقراء والمحتاجين، وتذكر نعمة الله عليه بالطعام والشراب التي يتمتع بها طيلة العام، ثم تحجب عنه في هذه الأيام القليلة. وقال ابن مفلح: واعلم أن الزمان أشرف من أن يضيع منه لحظة، فكم يضيع الآدمي من ساعات، يفوته فيها الثواب الجزيل، وهذه الأيام مثل المزرعة، وكأنه قد قيل للإنسان: كلما بذرت حبةً أخرجنا لك ألفاً، هل يجوز للعاقل أن يتوقف عن البذر أو يتوانى؟ (الآداب الشرعية لابن مفلح (4/ 128).

الانشغال في إعداد الأطعمة:
يجب على المسلم عدم الانشغال في إعداد الأطعمة لإن الانشغال في إعداد أنواع الأطعمة المختلفة يضيع الوقت لدى الصائم، فالصوم ليس أكل وشرب، وانغماس في إعداد الأطعمة، وإنما هو عبادة وطاعة، وقرب من الله تعالى، فعلينا تفريغ أكبر قدر من الوقت للعبادة، وقراءة القرآن، وذكر الله عز وجل، والدعاء وغير ذلك، وهذا يخالف سر الصيام، وهو التخفف من المطعومات، لكن بعض الناس يحسب الفطور والغداء والعشاء، ثم يقضيه مرة واحدة، فيهيئ حتى تصبح بعض البيوت كأن فيها حرائق، يبدؤون بعد صلاة الظهر، هذا للإفطار، وبعضهم يبدأ من وقت الضحى؛ ليكون كمن أهدى بدنة في الساعة الأولى، فتجد البيت في حالة استنفار وطوارئ، ثم تُعرض الموائد، وهذا فيه ما فيه من: إشغال النفس عن مطلوبها وهو الله عز وجل، والتبذير والإسراف، وإرهاق أهل البيت، حيث يقضون معظم وقتهم في الطبخ بعيداً عن قراءة القرآن، والتسبيح، والاستغفار.

إضاعة الأوقات بسماع البرامج والألعاب:
يجب على المسلم عدم إضاعة الأوقات بسماع البرامج والألعاب أثناء الصوم، فوقت الصوم يجب ان يكون مخصص للعبادة والذكر والصلاة والدعاء، نجد بعض الصائمين من يلعب ألعاباً أقل أحكامها الكراهة، مثل لعب الكرة، وكذلك ألعاب يزعمون أنها مسلّية تضيّع الوقت، وتفني الساعات في غير منفعة.

تأخير الإفطار بلا عذر:
يجب على المسلم عدم تأخير الإفطار بلا عذر، فنجد بعض الصائمين يؤخرون الإفطار ومخالفين بذلك كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن كثير رحمه الله: وقوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] (يقتضي الإفطار عند غُرُوب الشمس حكماً شرعياً، عن أبي الدرداء رضي الله عنه رفعه قال: ثلاث من أخلاق النبوة: تعجيل الإفطار، وتأخير السحور، ووضع اليمين على الشمال في الصلاة (رواه الطبراني كما في (مجمع الزوائد) للهيثمي (2/ 108). وعن سهل بن سعد رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر» (قال الهيثمي: (رواه الطبراني في الكبير مرفوعا وموقوفا على أبي الدرداء والموقوف صحيح والمرفوع في رجاله من لم أجد من ترجمه)، وحسنه السيوطي في الجامع الصغير) (3443)، وصححه الألباني في (صحيح الجامع) (3038).

الفطر مع عدم التيقُّن من الغروب:
يجب على المسلم عدم الفطر مع عدم التيقُّن من الغروب، فنجد بعض الصائمين يتعجل الإفطار دون التيقن من غروب الشمس، مخالفين بذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان، فأخذا بضبعي فأتيا بي جبلاً وعراً، فقالا لي: اصعد، فقلت: إني لا أطيقه، فقالا: إنا سنسهله لك، فصعدت، حتى إذا كنت في سواء الجبل، إذا أنا بأصوات شديدة، فقلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذا عويّ أهل النار، ثم انطلق بي، فإذا أنا بقومٍ معلقين بعراقيبهم مشققة أشداقهم، تسيل أشداقهم دماً قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلة صومهم» (رواه النسائي في (السنن الكبرى) (2 /246) (3286)، وابن خزيمة (3 /237) (1986)، وابن حبان (16 /536) (7491) قال ابن حزم رحمه الله: من أكل شاكًّا في غروب الشمس أو شرب فهو عاصٍ لله تعالى، مفسدٌ لصومه (المحلى لابن حزم (6 /230)، وقال ابن القيم رحمه الله: إذا شك الصائم في غروب الشمس لم يجزله الفطر، ولو أكل أفطر( بدائع الفوائد لابن القيم (4 /384).

تعجيل السحور:
يجب على المسلم عدم تعجيل السحور، فنجد بعض الصائمين يتعجل في السحور، دون النظر إلى سنية تأخيره، مخالفين بذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أبي الدرداء رضي الله عنه رفعه قال: «ثلاث من أخلاق النبوة: تعجيل الإفطار، وتأخير السحور...» (رواه الطبراني كما في (مجمع الزوائد) للهيثمي (2/ 108)، وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه، قال: تسحرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قام إلى الصلاة. قلت: كم كان بين الآذان والسحور؟ قال: قدر خمسين آية (رواه البخاري (1921)، ومسلم (1097). وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: كنت أتسحر في أهلي، ثم تكون سرعتي أن أدرك السجود مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (رواه البخاري 1920)، فتأخير السحور هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي تعجيله مخالفة صريحة له.
__________________________________________________ _

الكاتب: د. محمود فتوح محمد سعدات









__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #303  
قديم 25-04-2022, 10:52 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,680
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

استغلال الوقت في رمضان



إن الحمد لله، نحمَده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهدِه الله فهو المهتدِ، ومَن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
فإن مِن نِعم الله علينا الكثيرة: نِعمةَ الوقت والفراغ، التي هي أغلى وأثمن من الذهب والفضة، لمن أجاد استثمارها والانتفاع بها، والوقت هو حياة المسلم، ورأس مالِه في الدنيا على الحقيقة، فمن ضيَّع وقته فكأنما ضيع عمره، ومن قتَل وقته بما يضر أو لا ينفع فهو القاتل لنفسه حقيقة، ولِشرف الوقت أقسم الله تعالى به، بل سمى به بعض السور في كتابه؛ كالضحى، والليل، والفجر، والعصر.

روى البخاريُّ رحمه الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «نعمتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ مِن الناس: الصحةُ والفراغ» [1].

قال ابن الجوزي في شرح هذا الحديث: (قد يكون الإنسان صحيحًا ولا يكون متفرغًا؛ لشُغله بالمعاش، وقد يكون مستغنيًا ولا يكون صحيحًا، فإذا اجتمعا فغلَب عليه الكسلُ عن الطاعة فهو المغبون، وتمام ذلك أن الدنيا مزرعةُ الآخرة، وفيها التجارة التي يظهر ربحُها في الآخرة؛ فمَن استعمَل فراغَه وصحته في طاعة الله فهو المغبوط، ومَن استعملهما في معصية الله فهو المغبونُ؛ لأن الفراغ يعقُبُه الشُّغل، والصحة يعقُبُها السقم، ولو لم يكن إلا الهَرَم لكفى؛ كما قيل:
يسرُّ الفتى طولُ السلامة والبَقا *** فكيف ترى طولَ السلامةِ يفعَلُ
يردُّ الفتى بعد اعتدال وصحَّــة *** ينوءُ إذا رام القيامَ ويُحــمَـــــلُ

إخواني الصائمين، ليسأَلِ المسلمُ نفسه في كل يوم مِن هذا الشهر: ماذا قدَّم لنفسه مِن أعمال؟ وبماذا استغل أوقاتَه في هذا الشهر؟ هل قضاها بالطاعة والأعمال الصالحة؟ أو قضاها باللهو واللعب، والغفلة عما خُلِق له؟ أو عما جُعل له هذا الشهرُ الكريم مِن خيرٍ وبركة وطاعة؟ حقًّا، إنها ظاهرةٌ غريبة وعجيبة أن يكون أقوام في هذا الشهر يبحثون في كيفية تضييعه بأنواع اللهو واللعِب، والسهر وإضاعة الوقت، والعبَث في لياليه، ليبقى نهارَه نائمًا ليستعدَّ لليلة أخرى من اللهو واللعب، أهكذا شكرُ النعم؟! أهكذا استغلال شهر الطاعة والتوبة؟!

كم تتألَّم نفسك ويتقطع قلبك على ما تراه مِن كثير من المسلمين شبابًا أو نساءً أو رجالًا وهم يقضون الساعات والسهرات الأيام الكثيرة في شهر الخير والبركة، وليس في عمل صالح يقربهم إلى الله، وإنما في غفلة وإعراض عما جعَل اللهُ له لياليَ هذا الشهرِ الكريم!

حقًّا، إنها الغفلة، والإعراضُ عن النفحات الإلهية والرحمات الربانية في شهر الرحمة والمغفرة والرضوان؛ قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه: 124 - 126].

أخي الصائم، أختي الصائمة: احرِصْ على ما تبقى مِن هذا الشهر الكريم؛ باستغلال أيامه ولياليه، وعُدَّ الساعاتِ له كيما تستثمرَ فيه كل لحظة؛ فإن لله فيه نفحاتٍ ورحماتٍ، وما تدري لعل الله أن ينظرَ إليك فيها فيقول لك بعدها: اصنَعْ ما شئتَ؛ فإني قد غفرتُ لك، عن أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعًا: «افعلوا الخير دهرَكم، وتعرَّضوا لنفحاتِ رحمة الله؛ فإن لله عز وجل نفحاتٍ مِن رحمته، يُصيب بها مَن يشاء مِن عباده» [2].

أخي الحبيب، ألا تحبُّ أن تبلغ منازل الشهداء، أو تتقدم على درجة المجاهدين؟! ولا أظنك إلا كذلك، فاستمِعْ إلى هذه القصة التي يحكيها لنا أبو سلمة بنُ عبدالرحمن بن عوف، عن طلحة بن عبيدالله رضي الله عنه، قال: إن رجُلينِ مِن بَلِيٍّ قدِما على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان إسلامهما جميعًا، فكان أحدهما أشدَّ اجتهادًا من الآخر، فغزَا المجتهدُ منهما فاستُشهد، ثم مكث الآخرُ بعده سنةً، ثم توفي، قال طلحة: فرأيتُ في المنام بينا أنا عند باب الجنة إذا أنا بهما، فخرج خارجٌ من الجنة فأذِن للذي توفي الآخِرَ منهما، ثم خرج، فأذِن للذي استُشهد، ثم رجع إليَّ فقال: ارجع؛ فإنك لم يأنِ لك بعدُ، فأصبح طلحةُ يحدث به الناس، فعجبوا لذلك، فبلغ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وحدَّثوه الحديث، فقال: «مِن أيِّ ذلك تعجبون» ؟))، فقالوا: يا رسول الله، هذا كان أشدَّ الرجلين اجتهادًا، ثم استُشهد، ودخل هذا الآخر الجنة قبله؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أليس قد مكَث هذا بعده سنةً» ؟!، قالوا: بلى، قال: «وأدرك رمضان فصام وصلى كذا وكذا مِن سجدة في السنة» ؟!))، قالوا: بلى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فما بينهما أبعدُ مما بين السماءِ والأرض» [3].

أخي الصائمُ، إن للأعمال الصالحة في هذا الشهر الكريم متعةً ولذةً ربما ليست في غيره مِن الأوقات، ومِن هذه الأعمال: الاعتمار، فإذا أدَّاها المسلم على الوجه المطلوب كانت سببًا في مغفرةِ ذنوبه وحطِّ سيئاته؛ فعن أبي هريرةَ رضي الله عنه: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «العُمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما» [4]، وحث - عليه الصلاة والسلام - أمَّتَه على الإكثارِ منها، فقال: «تابِعوا بين الحجِّ والعمرة؛ فإن المتابعةَ بينهما تَنفي الفقرَ والذنوب، كما يَنفي الكِيرُ خبَثَ الحديدِ والذهبِ والفضة» [5]؛ (رواه ابن خزيمة في صحيحه).

والعمرةُ في شهر رمضان لها مزيَّةٌ خاصة؛ فإن ثوابها وأجرها أعظم من الثواب والأجر في غيره؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما رجَع النبي صلى الله عليه وسلم من حجته، قال لأم سنان الأنصارية: «ما منعك أن تحجي معنا»؟، قالت: كان لنا ناضحٌ فركبه أبو فلان وابنه، لزوجها وابنها، وترك ناضحًا ننضح عليه، قال حبيبٌ: قالت: أبو فلان - تعني زوجها - حج على أحدهما، والآخر يسقي أرضنا، قال: «فإذا كان رمضانُ، فاعتمري فيه؛ فإن عمرةً في رمضان حجةٌ» - وفي رواية - تقضي حجةً، أو حجةً معي))[6].

اللهم بارك لنا في أوقاتنا وأعمارنا، وتقبَّلْ منا صيامنا وسائر أعمالنا، وبلغنا منازل الشهداء، وأدخِلْنا الجنة مع الأبرار.
والحمد لله رب العالمين
وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمَّد وعلى آلِه وأصحابِه أجمعين

[1] البخاري: 6412.
[2] الطبراني في الكبير: 1/ 250، البيهقي في الشعب: 1083، أبو نعيم في الحلية: 1/ 221، وصححه الألباني في الصحيحة: 1890.
[3] أحمد: 1403، وابن ماجه: 3925، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه.
[4] البخاري: 1773، ومسلم: 1349.
[5] أحمد: 3669، والترمذي: 810، والنسائي: 2630، وصححه ابن خزيمة: 2512، وابن حبان: 3693، والألباني في الصحيحة: 1200.
[6] البخاري: 1782، ومسلم: 1256.

_____________________________________________
الكاتب: محمد بن محمود الصالح السيلاوي










__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #304  
قديم 26-04-2022, 01:29 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,680
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

قيام الليل في رمضان



إن قيام الليل هو شرَف المؤمن؛ حيث تنزل أمين السماء جبريل على أمين الأرض محمدٍ صلى الله عليه وسلم، فقال: «يا محمد، اعمَل ما شئت فإنك مجزيٌّ عليه، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعِزه استغناؤه عن الناس»؛ (حسنه الألباني).

وقيام رمضان شرف على شرف، وذلك لشرف الزمان مع شرف العمل، وهو دأب الصالحين العابدين، فمُقل ومُستكثر، وحول صلاة القيام وعظيم أجرها، أهمس لك أخي الكريم بخمس عشرة همسة، لعلها تكون موقظة لي ولك إلى مزيد من الخير والحرص.

الهمسة الأولى: إن كان قيام الليل عمل فاضل وصالح في كل زمان، وهو في شهر رمضان أعظم أجرًا وأكثر تقربًا؛ حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه»؛ (رواه البخاري).

ففي الحديث عملٌ وشرطٌ ونتيجة، فالعمل هو قيام رمضان، والشرط هو (إيمانًا واحتسابًا)، بحيث يكون العمل خالصًا لله تعالى وموافقًا للشرع، والنتيجة مغفرة ما تقدم من الذنوب، فما أيسر العمل وأعظم الأجر لمن وفَّقه الله تعالى إليه.

الهمسة الثانية: إن شرعية قيام رمضان بدأت حين قام النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه بعض الليالي، ثم ترك ذلك إشفاقًا عليهم من أن تُفرض عليهم، ولما تُوفي النبي صلى الله عليه وسلم، أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه أُبَي بن كعب وتميمًا الداري أن يقوما بالناس في شهر رمضان، فقيامه سنة مُتبعة.

الهمسة الثالثة: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من قام مع الإمام حتى ينصرف، كُتب له قيام ليلة»؛ (رواه مسلم).
فهذا عمل يسير وثواب عظيم، فلربما ساعة ونحوُها تقومها مع الإمام حتى ينتهي من صلاته، يُكتب لك أجر الليل كله وكأنك راكع أو ساجد، فاحرِص ألا تنصرف من الصلاة حتى ينتهي الإمام؛ ليُكتب لك ذلك الفضل العظيم، وقد يُذكرك الشيطان لبعض شؤونك، فاصبر على صلاتك فهو خير كله، وسيتيسر أمرك بعد ذلك بإذن الله تبارك وتعالى.

الهمسة الرابعة: كن حريصًا على حضور القلب في صلاتك متدبرًا ما يقرؤه إمامك، وما يلفظه لسانك، فإن ذلك الحضور هو لُبُّ الصلاة وروحها، فجاهِد نفسك، فهو يحتاج إلى جهاد ومجاهدة.

الهمسة الخامسة: إن أمكن أن تقرأ تفسير ما سيقرؤه إمامك، فهذا خير عظيم؛ لتجمع بين العلم والعمل، ولو كانت القراءة مُجملة، وأيضًا في المختصرات؛ مثل كتاب: (زبدة التفسير) للشيخ الأشقر ونحوه، فهي طريقة جرَّبها الكثير وهي ناجحة ورائعة لمن جرَّبها، ولها أثر كبير على سلوك الإنسان، ويكون هذا برنامجًا له في رمضان، فيكون قرأ تفسير القرآن كله في شهر رمضان، فهذا مُخرَج جميل لهذا الشهر المبارك.

الهمسة السادسة: حال قراءة إمامك، اسأل عند آية الوعد، واستعِذ عند آية الوعيد عند سكتات الإمام، وكذلك حال قراءتك لنفسك داخل القيام أو خارجه، واجعل ذلك سجيةً لك، فما تعلم متى تكون الاستجابة.

الهمسة السابعة: خلال العشرين الأُوَل من الشهر، اجعل لك نصيبًا من آخر الليل تناجي به ربك وتسأله وتستغفره، فهي لحظات عظيمة تَطرَب النفس لذةً بها، كيف لا وهي تناجي خالقها وفاطرها ومن بيده الأمر كله، كيف لا وهذا العمل هو من سبب نجاتها بإذن الله تعالى.

فيا أخي الكريم، اجعل لك ولأسرتك من هذا نصيبًا ولو كان يسيرًا، فما أجمل أن يكون أهل البيت صغارًا وكبارًا في ذلك الوقت قيامًا وركوعًا وسجودًا داعين ومبتهلين، إن في هذا حياة القلوب وثباتها على دين الله تبارك وتعالى.

الهمسة الثامنة: سلْ نفسك: أين أنت من ثلث الليل الآخر، فإن الناس يتفاوتون في عزمهم واهتماماتهم، فقد يكون البعض مستثمرًا لهذا الوقت الفاضل الجليل بأعمال تُقربه إلى الله تعالى من صلاة ودعاء واستغفار، ونحو ذلك؛ لأن هذا الوقت هو لهذه الأعمال الصالحة، مؤجلًا الأعمال الأخرى لوقتها الذي هو لها، في نهاره أو في أول الليل ونحو ذلك، وقد يكون البعض ضيَّع تلك اللحظات الجوهرية الذهبية الغالية بأحاديث جانبية أو تصفُّحٍ لوسائل تواصل، وما أشبه ذلك، علمًا بأنه يستطيع تأجيل ذلك إلى وقت مفضول، لكنه لم يُوفق كما وُفق الأول، فمن أي الفريقين أنت؟ إنك في ثلث الليل الآخر تُنادى: هل من داعٍ فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ فأين الصنف الثاني من هذه النداءات، ولكنه التوفيق والحرمان، أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياك من الموفقين.

الهمسة التاسعة: احذر أن تقيدك خطاياك عن قيام الليل، فإن الذنوب قيود لصاحبها، فالانشغال قيد، والتسويف قيد، والتساهل قيد، وضَعفُ العزيمة قيد، وهكذا تتابع القيود على بعض الناس فلا يبرح أن قام الناس وهو لم يقُم، فاحذر تلك القيود واطلب ما يطلبه الحريصون، فالجميع بحاجة ماسة وضرورة.

الهمسة العاشرة: إن اللذة التي يجدها القائم بين يدي الله تعالى - خصوصًا في ثلث الليل الآخر - هي لذة عظيمة لا يُعادلها لذة من ملذات الدنيا، كيف لا وهي لقاء برب العالمين؟ كيف لا وهي مناجاة ودعاء من بيده مقاليد الأمور؟
حقًّا إنها لذة تصغُر وتتحطم عندها جميع الملذات، يعرف مَن تذوَّقها ذلك، فلنكن نحن جميعًا كذلك!

الهمسة الحادية عشرة: كيف كانت بيوت السلف في رمضان وغيره في ليلها ونهارها؟ إنه يُسمع لهم آثارٌ في التلاوة والعبادة، ويظهر ذلك على سلوكهم وأخلاقهم وورعهم وزهدهم ووجوههم؛ حيث إنهم تواصوا على ذلك، وما زالت بيوتٌ في زماننا ولله الحمد شبيهةً بذلك؛ حيث نزل عليهم توفيق الله تبارك وتعالى، ورزَقهم من حيث لم يحتسبوا، فابذل الأسباب في اللحاق بهم، فإن المجال مُتاح والأسباب قد تتهيَّأ إذا صدق الإنسان في عزيمته، فإن الله تعالى يُعينه ويُسدده!

الهمسة الثانية عشرة: على الوالدين الكريمين تشجيع الأولاد جميعًا على القيام وتحفيزهم ببيان الأجور لهم، وصُحبتهم إلى المساجد، وتربيتهم على صلاة النافلة في البيت، فإن هذا خيرٌ عظيم لهم جميعًا، مع الدعاء لهم بذلك، ومع الأحاديث الثنائية معهم حِيال القيام، فإنهم بذلك ينشؤون نشأة صالحة تكون سياجًا لهم عن كثير من الشرور!

الهمسة الثالثة عشرة: حاول واعزم أنك بعد رمضان ستستمر على شيء من قيام الليل، سواء في أوله أو وسطه أو آخره، فاجعل شهر رمضان انطلاقةً لك، فإن عمل الحسنة بعد الحسنة من علامات القبول؛ قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى} [محمد: 17]، وحيث إنك صليتَ إحدى عشرة ركعة طوال الشهر، وزدتَ ما كتب الله لك في العشر الأخيرة، فهذه توجد عندك العزيمة على الاستمرار في شيء من قيام الليل، فهو دأب الصالحين، وأرجو أن نكون جميعًا منهم.

الهمسة الرابعة عشرة: هل تعلم ماذا تفعل عشر دقائق قبل الفجر؟ إن فيها خيرًا كثيرًا، فيها الدعاء في ساعة الإجابة، وفيها ركعتان في ظُلمة الليل، وفيها الاستغفار، فتكون من المستغفرين بالأسحار، وغيرها كثير، وأحب العمل إلى الله تعالى أدومه وإن قلَّ، ولعل هذا القليل يكثُر مع مزاولته، فإن الحسنة تَجُر الحسنة الأخرى!

الهمسة الخامسة عشرة: يُشرع في صلاة الليل الجهر في القراءة ما لم يؤذِ أحدًا، ويكون جهرُه منشطًا له وطاردًا للسآمة والملل والمشقة، وداعيًا للتدبر والتأمل، وله أن يُراوح بين الجهر والإسرار حسب ما يكون مُلائمًا لقلبه.

وأخيرًا: إن قيام الليل من الأعمال الصالحة التي تحتاج إلى دُربة، ولكنه يسهُل مع التدريج والعمل، فحاول اللحاق بركب الصالحين، فهم ينادونك بقولهم: اركب معنا، فإن قيام الليل من دأبهم، فكن أحدهم.


وفَّقنا الله إلى كل خيرٍ، وزادنا جميعًا من فضله ورحمته، وإلى حلقة أخرى، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
منقول










__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #305  
قديم 26-04-2022, 01:32 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,680
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

صلاة الفجر في المسجد (من دروس رمضان وأحكام الصيام)


أحمد علوان



الثمرات العشر لصلاة الفجر

1- النور التام يوم القيامة:

عن بريدة الأسلمي، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بشِّر المشَّائين في الظُّلَم إلى المساجد، بالنور التام يوم القيامة» [1].


2- ركعتا الفجر خير من الدنيا:

عن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ركعتا الفجر خيرٌ من الدنيا وما فيها» [2]، يعني سنة الفجر، فإذا كانت ركعتا الفجر خيرًا من الدنيا وما فيها، فكيف بصلاة الفجر؟!


3- شهادة الملائكة:

قال تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «تجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر وصلاة العصر، قال: فيجتمعون في صلاة الفجر، قال: فتصعد ملائكة الليل، وتثبُتُ ملائكة النهار، قال: ويجتمعون في صلاة العصر، قال: فيصعد ملائكة النهار، وتثبت ملائكة الليل، قال: فيسألهم ربهم: كيف تركتم عبادي؟ قال: فيقولون: أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون» [3].


4- دخول الجنة والنجاة من النار:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لن يلِجَ النار أحدٌ صلى قبل طلوع الشمس، وقبل غروبها» - يعني الفجر والعصر[4]، وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم «مَن صلى البَرْدَيْنِ دخل الجنة» [5].


5- أجر قيام الليل:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى العشاء في جماعةٍ فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعةٍ فكأنما صلى الليل كله» [6].

6- دعاء الملائكة:

عن عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَن صلى الفجر ثم جلس في مصلاه، صلَّتْ عليه الملائكة، وصلاتهم عليه: اللهم اغفِرْ له، اللهم ارحَمْه» [7].


7- في ذمة الله وحِفظه:

عن جندب بن عبدالله رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى الصبح فهو في ذمة الله، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيءٍ فيدركه فيكبه في نار جهنم» [8].


8- أجر حجة وعمرة:

عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن صلى الغداة - (الفجر) - في جماعةٍ، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجةٍ وعمرةٍ تامةٍ تامةٍ تامةٍ» [9].


9- البراءة من النفاق:

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أثقل صلاةٍ على المنافقين صلاة العِشاء، وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا، ولقد هممت أن آمر بالصلاة، فتقام، ثم آمر رجلًا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجالٍ معهم حزمٌ من حطبٍ إلى قومٍ لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار» [10].


10- رؤية الله يوم القيامة:

عنجرير بن عبدالله، قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فنظر إلى القمر ليلةً - يعني البدر - فقال: «إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم ألا تُغلَبوا على صلاةٍ قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، فافعلوا» ، ثم قرأ: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: 39][11]...


وإذا أردتَ أن تصبح طيب النفس نشيطًا، فعليك بصلاة الفجر؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «يعقِدُ الشيطان على قافية رأس أحدكم ثلاث عُقَدٍ إذا نام، بكل عقدةٍ يضرب عليك ليلًا طويلًا، فإذا استيقظ فذكر الله انحلت عقدةٌ، وإذا توضأ انحلت عنه عقدتان، فإذا صلى انحلت العُقَد، فأصبح نشيطًا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان» [12].

أخي الصائم، لا تنسَ صلاة الضحى بعد شروق الشمس بقدر رمح - أي ما يعدل (20) دقيقة - فهي سنَّة مؤكدة عن رسول الله..

وجاء في فضل صلاة الضحى: عن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقةٌ؛ فكل تسبيحةٍ صدقةٌ، وكل تحميدةٍ صدقةٌ، وكل تهليلةٍ صدقةٌ، وكل تكبيرةٍ صدقةٌ، وأمرٌ بالمعروف صدقةٌ، ونهيٌ عن المنكر صدقةٌ، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى» [13].

وهي وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة، حين قال: «أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ لا أدعهن في سفرٍ ولا حضرٍ: ركعتي الضحى، وصوم ثلاثة أيامٍ من الشهر، وألا أنام إلا على وترٍ» [14].

وإن زدتَ في عدد الركعات، فهو خيرٌ لك: عن نعيم بن همارٍ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يقول الله عز وجل: يا بن آدم، لا تعجزني من أربع ركعاتٍ في أول نهارك، أَكْفِكَ آخرَه» [15].

أقلها وأكثرها:
المتفق عليه أن أقل عدد لصلاة الضحى: ركعتان، أما أكثرها: فيرى المالكية والحنابلة أن أكثر صلاة الضحى ثمان ركعات، ويرى الحنفية والشافعية وأحمد - في رواية عنه - أن أكثرها اثنتا عشرة ركعة، ويسلم من ركعتين[16]، ثم الراحة قليلًا قبل ذهابك إلى العمل؛ حتى تستطيع أن تواصل يومك.

وصية عملية:
ما أجملَ أن تمكث في المسجد بعد صلاة الفجر، فتملأ هذا الوقت بالأذكار والاستغفار، وتلاوة القرآن، حتى تطلع الشمس، فهذا يعدِل حجةً وعمرة.

[1] أبو داود 561، والترمذي 223، وقال الألباني: صحيح.
[2] مسلم 725.
[3] مسند أحمد 9151، وإسناده صحيح.
[4] مسلم 634.
[5] متفق عليه.
[6] مسلم 656.
[7] مسند أحمد 125، وإسناده حسن.
[8] مسلم 657.
[9] الترمذي 586، وحسنه الألباني.
[10] مسلم 651.
[11] البخاري 554 ومسلم 633.
[12] متفق عليه.
[13] مسلم 720.
[14] أبو داود 1432، وصححه الأرناؤوط.

[15] أبو داود 1289، وقال الأرناؤوط: صحيح.
[16] انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية، ج27، ص225، 226 باختصار، الصادرة عن: "وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية" بالكويت، دار الصفوة - مصر، ط1/ من 1404 - 1427ه.









__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #306  
قديم 27-04-2022, 12:07 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,680
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

فرغ وقتا للدعاء في رمضان واغتنم أوقات الإجابة



يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ثلاثةٌ لا تُردُّ دعوتُهم: الإمامُ العادلُ، والصَّائمُ حتَّى يُفطر، ودعوةُ المظلُوم؛ تُحملُ على الغمام، وتُفتحُ لها أبوابُ السَّموات، ويقُولُ الرَّبُّ عزَّ وجلَّ: وعزَّتي، لأنصُرنَّك ولو بعد حينٍ»؛ (رواه أحمد، وقال مخرجوه: إسناده صحيح) .

وعند الترمذي: ((والصَّائمُ حين يُفطرُ)).

وللأسف، تجد كثيرًا من الناس مشغولين عن تفريغ وقتٍ للدُّعاء طوال نهار الصيام، لا يفكِّر أن يجلس وقتًا ولو قصيرًا يدعو الله تعالى ويطلب منه ما يريد.

ومن الصائمين أيضًا مَن ينشغل عند الفطر بالطعام، وترتيبِ الطعام...، ونسينا كذا، ونقص كذا، وأحضروا الماء...، وتجد حركةً وجلبَة في البيت...، أحدهم يذهب هنا وآخر يذهب هناك، وينسى الجميع أن يدعوا الله...، وينسى الأب أن يجمع أولاده للدعاء!

وهذه من الفرص العظيمة التي يغفل عنها الناس.

وقد كان بعض الصالحين يخصِّصون لرمضان دعوات، يلِحُّون عليها طيلة شهر رمضان، في السجدات وأدبار الصلوات، وقبل الإفطار وعند الإفطار، وفي الأسحار.


يقول أحدهم: فوالله الذي لا إله إلا هو، لا يأتي رمضان القادِم إلاَّ وقد أعطانا الله جميعَ حاجاتنا!
_____________________________________________
الكاتب: عبدالله سليمان السكرمي










__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #307  
قديم 27-04-2022, 12:17 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,680
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

العشر الأواخر: الليالي الفاضلة


أحمد قوشتي عبد الرحيم



ما أحوج العبد في هذه الليالي الفاضلة للإكثار من سؤال ربه العون على الطاعة ، والإحسان فيها ، وتيسير السبل إليها ، وقبولها {إياك نعبد وإياك نستعين}
« اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك»
وما أحوجه أيضا للاستعاذة بالله من الصوارف والموانع التي تصرفه عن الطاعة في تلك الأوقات المباركة ، ومن أعظم تلك الصوارف : العجز والكسل والاشتغال بما لا يفيد .
«اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل»
وللغزالي كلمة موجعة في هذا الصدد حيث قال:

" فإن الله سبحانه إذا أحب عبدا استعمله في الأوقات الفاضلة بفواضل الأعمال ، وإذا مقته استعمله في الأوقات الفاضلة بسيء الأعمال ، ليكون ذلك أوجع في عقابه وأشد لمقته ، لحرمانه بركة الوقت وانتهاكه حرمة الوقت" الإحياء 1 / 188 .









__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #308  
قديم 27-04-2022, 12:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,680
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

العودة للتهجد بعد التراويح



• هل ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يفيد بأن الجماعة يعودون لما يسمى صلاة التهجد بعد صلاة التراويح؟ وإن وجد فما هو النص؟


• وهل ثبت عن أحد من الخلفاء الراشدين الذين أمرنا بالاقتداء بسنتهم فعل ذلك؟

• ومتى بدأ العمل بهذه الصلاة؟

• وهل يصح اليوم أن يعبد الله بما لم يكن يُعبد به يومئذ؟

• وما حكم هذه الصلاة المستحدثة في رأي بعض الناس؟ أهي سنة أم بدعة؟


أفيدونا مشكورين بالدليل.


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فالسؤال فيه خمس فقرات:
الفقرة الأولى: حكم العود للتهجد بعد التراويح، جائز ولا حرج فيه والأفضل أن يكون بعد نوم لقوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: 79] ولايسمى تهجداً إلا بعد نوم، ولم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقوم من أول الليل ثم يعود بهذه الصفة، لكن هذا لا يعني المنع منه، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - قد أذن في قيام الليل مطلقاً ورغب فيه ولم يحدد له وقتاً معيناً لا يجوز تعديه، ولا عدداً معيناً لا يجوز تجاوزه، والله عز وجل يقول {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17] فالليل كله وقت للصلاة، وعن أنس مرفوعاً: ليصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليقعد. متفق عليه، وهذا حديث صريح في الجواز، فإذا صلى المرء جزءاً من الليل ثم نام قليلاً ليرتاح وينشط جسده وخاصة في العشر الأواخر فلا بأٍس بذلك، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحي الليل في العشر الأواخر. متفق عليه.
أي يستغرق الليل كله كما قال النووي وغيره، وغاية ما في الأمر أن هؤلاء الذين يعودون عجزوا عن إحياء الليل كله، فقالوا نحيي ما نقدر عليه فنقوم جزءاً من أوله وندرك فضل آخره، وهذا لا حرج فيه فهو فعل لبعض الخير وترك لما عجز عنه أو ضعف عنه مما لا يجب في الأصل.

وقد كان الصحابة - رضي الله عنهم - يحيون الليل كله في رمضان كما ثبت بسند صحيح فيما رواه الإمام مالك عن محمد بن يوسف عن السائب بن يزيد أنه قال أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب وتميما الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة قال وقد كان القارئ يقرأ بالمئين حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر. ومع البعد عن عصر النبوة والقرون الفاضلة ضعف الناس عن هذا فقاموا بعض الليل وحرصوا على إدارك آخره لأنه وقت ساعة الاستجابة كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة، وهذا جائز ولا يتصور فيه خلاف بين أحد من العلماء.

وصلاة التروايح قد بدأت في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث صلى بهم ليالي ثم ترك الصلاة بهم خشية أن تفرض عليهم، وصلى في بيته، ثم أحيا هذه السنة عمر مرة أخرى وجعل عليهم أبي بن كعب، ولو منعنا من مثل هذه الصورة للزم أنه لايجوز لمن صلى مع أبي أن يخرج من الصلاة ثم يعود قبل الفجر ليدرك معه ما بقي من الصلاة، وهذا ظاهر البطلان.

والخلاصة أن هذا جائز ولاحرج فيه وليس بدعة بل صاحبه مأجور غير مأزور لما سبق من الأدلة الصريحة الصحيحة.


والله أعلم.
__________________________________________
الكاتب:أ. د. عبدالله بن مبارك آل سيف









__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #309  
قديم 27-04-2022, 07:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,680
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

أزف الرحيل!


محمد بن سعد آل زعير



دَنا الرحيلُ فقُوِّضِت الخِيامُ ونُقِضَ الغَزْلُ ولم يعد ذاك المنزلُ إلا أطلالاً دَارِسات ونُؤْياً مُتَثَلِّمِات([1])وأثافيًّا([2])قد تباعد بعضها كأن لم يُوقَد عليها نار ومَرَابِضُ الدوابِّ قد عَفتْها السَوَافِي([3])والأمطار.
هكذا كانت كأنها لم يلتقِ فيها خِلٌّ بِخِلِّه ولم يُصاف حبيبٌ مُحبَّهُ ولم تُودِّعْ والدة وَليدَها ولم تحتضِنْهُ بحرارة عند قدومه من الغُربة.
هكذا أقفرَت([4]) من كل شئ فأصبحت كأنها لم يشدُ بها شادٍ ولم يُغَرِّدْ فيها يَمامٌ.
بِوَجْزةَ أطلالٌ تَعفَّتْ رُسُومُها وَأقفرَتْ بعدَ الأنيسِ قَدِيمُها* * * * *
يا دارُ أمسَى دارِساً رَسْمُها وَحْشاً قفاراً ما بِها آهِـلُقَـدْ جَرَّتْ الرِّيحُ بها ذَيْلَها واستـنَّ في أطلالِها الوَابلُ([5])لقد أَزِفَ الرحيلُ ، نعم إنه يُلمِلمُ مَتَاعَهُ يُقلِّبُ أوراقه ليُرتِّبها حَسب الأهم، والأيدي تمتد إليه باستعطاف أن ابقَ وتَريَّث! فَنِعْمَ الضيف أنت وَنِعْمَ القَرينُ أنتَ، وَنِعْمَ الصاحِبُ الوفيُّ أنتَ!
فيكَ تنزَّلُ الرَّحماتُ، وفيك يَلطُفُ الباري بعباده، إن أيَّامَك لَجِدُّ غالية، نَسماتُها كالسّلسبيل على القلب عَذْباً، ودقائقها بالخير ملأى.
ما إن تَفلُتُ يدُهُ من يد واحد إلا تَلقَّفها آخر، يسترحمُه بأدب، أن ابقَ وتريَّثْ..فَنِعْمَ الضيف أنت…وَنِعْمَ الصاحِبُ الوفيُّ أنتَ… وهكذا من يَد شَخصٍ إلى آخر، ولكنه كالطود شامخاً، لا يجيب!!
تَرمُقُهُ النظرات ومِلءُ جُفونها العَبرات، تَلحَظُهُ العيون وهي تهمي الدمع الجُمان، تنظر إليه وهو يحزم حقائبه، ويُرتِّبُ دفاتره، وربما كانت هذه آخر حقيبة يَقْفِلها.
إنه قد عزم على الرحيل، وشمَّر للنهوض ليودِّع الأهل والمحبين، إنها ساعة في ظني لحزينة، بل مُفجعةٌ مؤلمةٌ، وليس أشدّ على النفس من الفراق والوداع.
كـأن سِناناً فارسيا أصابني على كَبِدي بَلْ لَوعةُ البينِ أوجعُ([6])******
إلى الله أشكو من فِراقك لوعةً طُويت لها مِنِّي الضُلوع على جَمْرِ ([7])إنه لا يلتفت على استِعطافِ مسكين، ولا ينظر إلى مُقَلِ المُحب وقد شابَها الدمع الهَتون.
نعم لقد رحل وبقي المحبُّون والأهلونَ وغيرهم ولكن ماذا استفدنا من هذا الضيف الكريم؟
مِنْ شُعاعِهِ الوَّهاج، مِنْ مائِهِ الثَّجَّاجِ، مِنْ نبعِ حُبِّه الصافي الرَّقْراقِ، مِنْ كريم خِلالِه التي تَشُقُّ على العَادّ.
نَعمْ رحل وفي العين دمعةٌ، وفي القلب حُزن، وفي النفس جَوَى وحُرقةٌ…
نَعمْ أَزِفَ الرَّحِيلُ…بل رحل الضيف العزيز، وتركنا بلا ليلة مباركة تُسمى ليلة القدر، الليلة العظيمة التي مَنْ وُفِّق لها غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه، حَسبه شرفاً ويكفيه فخراً من ذاق طعمها!
تركنا ورحل بأيامه حُلوةِ المذاق، من صومٍ ولذة عبادة، وتعويدٍ للنفس على الصبر والمشقة، وعلى البذل والعطاء، ذهب بلياليه العِذاب، مناجاة وذكرا للرحمن، وتلاوة للكتاب تشرح الصدر بالإيمان، فَمُحِبُّوه كثير، وأخِلاؤه جَمعٌ غفير…إنهم ﴿‌كَانُوا ‌قَلِيلًا ‌مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾ [الذاريات: 17]
لقد أقَضَّ مَضْجَعَهُم نارٌ تلظَّى، فلم يعد لجنوبهم خلود للنوم أو تلذُّذٌ بالفراش الناعم، اشتاقت نفوسهم إلى خير عظيم وَعَدَهم الله إياه، إنها جنة عرضها السموات والأرض، إن من صفاتهم في لياليه الغالية﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الذاريات: 18]. لقد لازمَ ذكرَ الله لسانُهم، والقيامُ والتهجُدُ أجسامَهم حتى تَكلَّلَتْ الأقدام، وتوجعتْ المفاصل والعِظام.
وذاك في ذات الإلـهِ وإنْ يشَأ يُبارك على أوصالِ شِلوٍ مُمَزَّعِ([8])حتى إذا حانَ السَّحر، وأوشَكَ الصبح أن يَتَنفَّسَ، اغتنموا ما تبقى بالاستغفار، ليختموا عملهم بتوبة، سبحان الله هؤلاء الطائعون يختمون عباداتهم بالاستغفار، فكيف بمن يختم ليلته ويومه وشهره وسنته بلا استغفار ولا توبة؟!!
إنهم ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ [السجدة: 16]كأنهم على حَسَكِ السَّعْدَان([9]) يتقلبون يميناً وشمالاً، فلا يروقُ لهم نوم ولا هَجْعَة، فينهضون يَصُفُّون بين يدي الله﴿يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [السجدة: 16] خوفاً من ناره وطمعاً في رحمته وجنته، فماذا كان جزاؤهم؟ استمع إلى قوله تعالى بعدها: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [السجدة: 17].
إني ألحَظُهم يُعزِّي بعضهم بعضاً، ويُواسي الأخ أخاه على فراقه…
إنه قد رحل وتركهم فلا تجد فيهم إلا مُكبًّا على وجهه يبكي، وآخر يُكَتِّمُ الحسرات المؤلمات، وآخر لا يستطيع الكِتمان فتندُّ العين بالدمع جهراً… لماذا يا ترى؟ ألأِنّه رحَل؟…أم ماذا؟…إنهم يؤمنون بسنة الله وقضائه في هذه الحياة…
﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (٢٦) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 26-27]
ولكن حُرقَتُهُم ولوعَتُهم وأساهُم والجوى الذي خيَّم عليهم مع فراقه هو: هل كانوا فيه من الفائزين؟ هل كانوا فيه من المقبولين؟ هل كانوا فيه ممَّن صامه وقامه ووُفِّق لليلة القدر إيماناً واحتساباً فَغُفِرَ له ما تقدم من ذنبه؟؟ أم كانوا غير ذلك؟؟
هل هم ممن سَيُدعون غدا يوم الحساب ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ﴾ [الزمر: 73]؟؟!!([10])
([1]) النؤي: الحاجز حول الخيمة لئلا يدخلها المطر، المتثلم: المتهدم من جميع جوانبه.

([2]) الأثافي: هي الأحجار التي توضع عليها القدر، ومنه قولهم: رماه الله بثالثة الأثافي. قال ثعلب: أي رماه الله بالجبل، أي بداهية مثل الجبل، والمعنى: أنهم إذا لم يجدوا ثالثة الأثافي أسندوا قدورهم إلى الجبل.

([3]) عفا: محا، وعفت الرياح الآثار إذا مَحَتْهَا ودَرَسَتْهَا، السوافي: الرياح.

([4]) أقفرت: خَلَت.

([5]) الأبيات الثلاثة لعمر بن أبي ربيعة.

([6]) ذو الرَّمة.

([7]) أبو فراس الحمداني.

([8]) خبيب بن عدي (رضي الله عنه) عندما صلبته قريش تريد قتله.

([9]) حسك السعدان: نبات له ثمرة خَشْنَة تَعْلَق بأصواف الغنم، وهو الشوك.

([10]) كانت هذه الخاطرة لتسع خَلَوْنَ وعشرين من الشهر المبارك، لعام ألف وأربعمائة واثنين وعشرين من الهجرة الشريفة، على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #310  
قديم 28-04-2022, 10:24 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,680
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

ليلة القدر ومواسم المغفرة المستترة



لما اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى أن يكون الطريق إلى جنانه ورضوانه محفوفا بمكاره الأنفس ومجاهدة شهواتها، فتح لهم المواسم التي ينثر عليهم فيها فضائل إنعامه، والنفحات التي يغنم من التحف بنسماتها عاقبة دهره وأيامه، وجعل مواسم بذل المغفرة هذه على ضربين اثنين:

الضرب الأول: مواسم معروفة محددة بعلامات ثابتة، معَلًّمة بأمارات كونية يدركها الناس على اختلاف مضاربهم وتنوع مشاربهم، وذلك مثل الثلث الأخير من كل ليلة الذي ينزل فيه الله – تعالى في عظمته – إلى عباده فيقول: هل من سائل فأعطيه؟ هل من داع فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ ومثل شهر رمضان المبارك الذي جعله الله شهر سياحة دينية لهذه الأمة من كل عام يرفع به درجات المتقربين إليه ويحرر فيه الرقاب بتحريمها على النار، ومثل يوم عرفة والعشر الأول من شهر ذي الحجة.

الضرب الثاني: مواسم أخفاها الله تعالى في ما حولها من الشعائر والأزمنة واللحظات لئلا تفوز بها إلا الهمم العالية التي تخلص في طلب المغفرة من ربها، لا تألو في ذلك جهدا ولا تدخر سببا، وتتسنم طرق النجاة على وعورتها، ولا تتكل أو تتواكل في ذلك لعلمها بغلاء السلعة التي تطلب، وذلك مثل: الصلاة الوسطى التي نوَّه الله بفضلها وضرورة المحافظة عليها بأمرين اثنين جاءا متتابعين في سياق واحد؛ قال تعالى: { {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} } [البقرة: 238]؛ فالصلاة الوسطى هذه فسرت بخمس أقوال، تدور مع الصلوات الخمس، ليستفاد من ذلك أن الأجر المترتب على المحافظة عليها لا يحصل عليه يقينا إلا من واظب على الصلوات الخمس جميعها، ومثل ساعة الجمعة التي لا يوافقُها عبدٌ مؤمنٌ يسأل اللهَ شيئًا إلا أعطاه إيَّاه، ومثل ليلة القدر التي جعل الله أجر العبادة فيها أفضل من ثواب العبادة لمدة 83 سنة وثلاثة أشهر، وهو ما يقترب من أعلى رصيد من سني عمر يمكن أن يصله إنسان هذه الأزمان

قال المناوي: وفيوض مواهب الإنعام هذه تبدو لوامعها من فتحات أبواب خزائن الكرم والمنن في بعض أوقات من مدد الرحمة، فمن تعرض لها بجمع همة وحضور قلب حصل له منها دفعة واحدة ما يزيد على هذه النعم الدائرة في الأزمنة الطويلة على طول الأعمار، فإن خزائن الثواب بمقدار على طريق الجزاء وخزائن المنن النفحة منها تفرق فما تعطي على جزاء له مقدار ووقت معلوم، ووقت النفحة غير معلوم بل مبهم في الأزمنة والساعات، وإنما غيب علمها لنداوم على الطلب بالسؤال المتداول، كما في ليلة القدر وساعة الجمعة فقصد أن نكون متعرضين لها في كل وقت قياما وقعودا وعلى جنوبنا وفي وقت التصرف في أشغال الدنيا، فإن المداوم يوشك أن يوافق الوقت الذي تفتح فيه الخزائن فيظفر بسعادة الأبد.

وإذا ما ركزنا قليلا على ليلة القدر فسنجد أن هذه الليلة الفرد التي هي خير من عبادة عابد بلغ المائة عام وهو مستغرق للعمر في عبادة الله – على اعتبار أن البلوغ أدركه في سن السابع عشرة – لا شك أن هذه الليلة فرصة نادرة بل هي فرصة العمر بحق تفتح شراع المغفرة ممتدا إلى منتهاه لكل المذنبين والمقصرين ليعودو إلى الله، ويعوضوا بها ما ضيعوا من سني العمر ولحظاته، ولا غرو أن يخفي الله هذه الليلة بين الليالي لتكون حصرا على المجدين، فالدر مخزون في لب الأصداف في أعماق البحار، ولذا لن يظفر بها إلا من التمسها في جميع أوقاتها، احتياطاً واستظهاراً، وطلبا لها في جميع مظانها، ولعل ذلك هو سر الحكمة في إخفائها ليحصل الاجتهاد في التماسها في العشر الأخيرة كلها، ولينشط المسلم ببذل الجهد في العبادة والدعاء والذكر بخلاف ما لو عينت لها ليلة لاقتُصِر عليها وحسب وعطلت بقية الليالي.

وقد درس العلامة الحافظ ابن حجر العسقلاني النصوص والأقوال الواردة عن السلف في تحديد ليلة القدر دراسة مستفيضة قال في خلاصتها: "وقد اختلف العلماء في ليلة القدر اختلافا كثيرا وتحصل لنا من مذاهبهم في ذلك أكثر من أربعين قولا، كما وقع لنا نظير ذلك في ساعة الجمعة، وقد اشتركتا في إخفاء كل منهما ليقع الجد في طلبهما"، ثم سرد ستا وأربعين قولا ووجها في تحديد موعد ليلة القدر في كلام نفيس مليء بالاستدلالات والترجيحات والاعتراضات المطروحة على كل قول، ونسبته إلى من قال به من السلف والصحابة مع عزو جميع ذلك إلى مصادره وأسانيده، وهذا البحث القيم الذي استغرق من الحافظ ابن حجر أكثر من 15 صفحة في موسوعته الضخمة في شرح صحيح البخاري اختزل فيه خلاصة الأقوال المتعلقة بتحديد هذه الليلة بالقول: وأرجح الأقوال كلها أنها في وتر من العشر الأخيرة وأنها تنتقل كما يفهم من الأحاديث، وأرجاها أوتار العشر وأرجى أوتار العشر - عند الشافعية - ليلة إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين، وأرجاها عند الجمهور ليلة سبع وعشرين.

وأيا ما كان الحق في هذه الأقوال فإنه من الثابت عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أنه قال يوما لأصحابه رضوان الله عليهم: «خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعت وعسى أن يكون خيرا لكم فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة»، (أخرجه أحمد في المسند، والبخاري في صحيحه)، فهذا النص صريح في أن النبي صلى الله عليه وسلم أنسيها فلم يكن يعلم تحديد موضعها من بين ليال العشر الأواخر، أحرى من دونه من الصحابة والتابعين فالصالحين ومن دونهم، وفيه أيضا التصريح بأن سترها ورفعها خير لنا، كذلك فإن المتأمل في النصوص الواردة في هذا السياق يجد أنها وإن ورد في بعضها حصر ليلة القدر في النصف من السبع الأواخر، أو في أوتار العشر الأواخر أو في السبع الأواخر أو في العشر الأواخر فإن نفس رواة هذه الأحاديث أثبتوا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشد المئزر ويحي الليل ويوقظ الأهل في العشر الأواخر كلها لا يفرق بين آحادها وأزواجها في الاجتهاد في العبادة، بل كان يرغب في قيام رمضان كله وينوه بعظيم الأجر لمن فعل

فديدن المسلم المتأسي بنبيه صلى الله عليه وسلم أن يجتهد في العبادة ويكثر من الطاعة في كل وقت وحين، وأن يجعلها هِجِّيراه وخصوصاً في شهر رمضان ويتأكد ذلك في العشر الأخيرة منه، فها هو النبي صلى الله عليه وسلم الذي غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، يقوم ويعتكف ويشد المئزر رجاء أن يدرك ليلة القدر؛ فكان – صلوات ربي وسلامه عليه - في بادئ الأمر يعتكف العشر الأوائل من أجلها، ثم اعتكف العشر الوسطى، ثم أتي فقيل له: إنها أمامه؛ أي في العشر الأواخر، فأقل ما يصح في حقنا ونحن المقصرون المذنبون أن نجعل العشر كلها ليلة القدر وإن استطعت فرمضان كله أو العام كله، هذا هو الأفضل من أجل أن نحتاط لإدراك فضل هذه الليلة العظيم؛ إذ إنها صفقة رابحة في كل الأحوال، وهذا ما يفسر أقوال سلفنا الصالح، فقد جاء عن الإمام مالك بن أنس وابن المبارك أنهما قالا: تحروا ليلة القدر في العشر كلها وترها وشفعها، وقد كان عبد الله بن مسعود يقول: من يقم الحول يصب ليلة القدر.
منقول











__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 152.65 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 146.77 كيلو بايت... تم توفير 5.88 كيلو بايت...بمعدل (3.85%)]