|
|
من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
حنين إلى زمن الغول (مجموعة خواطر)
حنين إلى زمن الغول (مجموعة خواطر) محمد حسن جباري • حنين إلى زمن الغول! فقدنا الأنس، حين رحل الغول الذي كان يجمعنا! لملم جمر الموقد، كنس رماده في (الكنجة).. ثم رحل! تبعه عرف القهوة الليلية التي كانت ترشفها جدتي، ورائحة الخبز المُحمَّى، وفرقعة الحطب... بعد أن عرف أننا ما عدنا نخافه؛ فنحن جيل الضوء، والنقال، والذرَّة! يوم ماتت جدتي، أبحر الغول على لجج دموعه دون وداع! أظلم بعدها موقد الحطب، ونسج العنكبوت بيته على فيه العابس. أُخاطبه اليوم فلا يرد، أسأله فلا يجيب! يأبى أن يخلع أردية الحداد التي جلَّلته من عام الحزن؛ لأنه مثلي.. يحن إلى زمن الغول! • والهر أيضًا رحل؛ فخشونة سراويل الجينز العصرية أمسَت تؤذيه وهو يتودد متمسِّحًا بلابسها! لم يعد يعثر على رقعة تراب يواري فيها ما يَستحيي منه! فكل شيء أضحى مكشوفًا في زمن الآجرِّ والسيراميك. مُواؤه أمسى رماديًّا واهنًا، بعد أن حُرم غَداءه الفاتن من ضحكات الأطفال الوردية، وسَلبَت هذه المخلوقات الإلكترونية أرواحهم الشفيفة! ولأنه مثلي.. يحن إلى زمن الغول؛ فقد رحل. • والحمام أيضًا؛ لأنه أبى أن يسلخ عنه حلة الوفاء كابن الزمان! أنى له المكوث، وهديله الرقراق مجَّته الأذواق في عصر الجنون؟! ودَّعَته هواجرُ الأصياف وهي تنوح فراقه قيظًا. شيَّعَته الزوابع وهي تَعوي، وتصفع أحجار البيوت الصماء بأكف (التراب). لم أسأله عن السبب؛ لأنني أعرف.. وأعرف أيضًا أنه محق في ذلك. رحل؛ لأنه مثلي.. يحن إلى زمن الغول! • ماذا عني؟! هل أرحل مثلهم؟ فأنا أيضًا أحن إلى زمن الغول! أحن إلى جمر الموقد، وعرف القهوة الليلية، ورائحة الخبز المحمَّى.. ما الذي يشدني إلى هذا الواقعِ الذي فر منه الغول نفسه؟! هل نضب من عروق قلبي ماءُ الوفاء؟ أنا إنسانُ هذا الزمان.. أنا إنسان العصر، أنا قبة الحضارة وقمة التقدم.. لن أرحل.. لن أبحث عن الغول.. بعد أن أفسدتُ حياتي، لن أُفسِد حياة الغول!
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |