قلم من عاج! - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12495 - عددالزوار : 213317 )           »          أطفالنا والمواقف الدموية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          عشر همسات مع بداية العام الهجري الجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          وصية عمر بن الخطاب لجنوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          انفروا خفافاً وثقالاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          أثر الهجرة في التشريع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          مضار التدخين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          متعة الإجازة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          التقوى وأركانها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-06-2021, 03:32 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,873
الدولة : Egypt
افتراضي قلم من عاج!

قلم من عاج!
محمد حسن جباري



(قصة قصيرة مستمدة من واقعة حقيقية)


الشهر السادس يوشك أن يديرَ وجهَه كليًّا عنها، في الوقت الذي لا تَزال تعرض نفسَها - على رفوف المكتبات - من خلال طَلْعتها التي جلَّلَتها أوشحةٌ من الغبار، ووَنيم الذُّباب.

مرَّت عليها مدَّة طويلة لم تأْنَس خلالها بلمْسَة من قارئ، تُبدِّد شبُّورة العار التي جلَّلَتها أمام زميلاتها.

حتى لطخاتُ الماكياج التي تَفنَّن الرسَّام في تزويقها على غلافها الصَّقيل لم تفلِح في خِداع القارئين، الذين كانوا - زيادة على الإعراض عنها - يُحذِّرون غيرَهم من الأغرار مغبَّة اقتنائها.

أمَّا هو، فقد تهرَّأ على مكتبه العتيق، يقضم أظفارَه، ويقلب بصرًا زائغًا في كومةٍ من الأوراق يسمِّيها رواية!

كان يشد خصلات من شعره مرَّةً بعد أخرى؛ حين يتكرَّر عجزه عن إيجاد إجابات مقنِعة للفشل الذَّريع الذي منيَت به روايتُه الأخيرة.

المبرِّرات الكثيرة التي كان يسوقها لفَشل رواياته السابقة لم تَعُد مجدية.
لا يمكن أن يَفتقر إلى التجربة الأدبيَّة؛ فقد كتب عددًا لا بأس به من الرِّوايات!
لا يمكن أن يكون السبب نقص الاطِّلاع، وقد قرأ آلافَ الأعمال لأشهر الرُّوائيِّين العالميين!

الحروف والكلمات تتحوَّل بين يديه إلى عجينة طريَّة، تَستسلم لبراعة أناملِه العبقريَّة في طواعية تامَّة، وتبتسم في رضًى عن أشكال مبهِرة من العبارات الرَّائقة.. فلا يمكن أن يؤتى من قِبَل اللُّغة أو الأسلوب!

في روايته الأخيرة. أربى على ذلك كله؛ أحد عشر قلمًا قضى نحْبه، بعد أن سفك أحبارَهم إلى آخر علالة على أزْيد من أربعمائة صفحة! حلب عليها عصارةَ فِكره إلى آخر رَمق!

كانت صفحاتها تعجُّ بصراخ الثكالى، وأنَّات المعدمين، تصفر فيها رياح المساغب، وتَنبعث من طيَّاتها روائح عطنة من أكوام المزابِل التي تَفتح ذراعيها القذرتين لمخلوقات رماديَّة على مائدة من العَفن، ساقهم إليها جشَع كُتَل متصلِّبة من اللَّحم تسمَّى بشرًا!

سيول من القيح والصَّديد تنزُّ من وجوه أوراقها المَجْدورة بخروق عميقة، يتهادى من بؤرها دخانٌ ساخِن، يعبق برائحة البارود.

كان لوصف الأثواب الرثَّة، والوجوه المغبرَّة، والنظرات الذَّابلة، والبطون الضَّامرة - القدَحُ المعلَّى في الرِّواية.
غير أنَّه لم ينسَ أن يرطب هذا الجوَّ اللاهب بعلالة من حبٍّ، يَستميل بها قِطاعًا آخر من الرومانسيين الحالِمين.

كانت عصافير الأماني تزقزِق فوق رأسه المتورِّم أثناء كتابتها، فلو قُدِّر لـ"تشيخوف"، أو "تولستوي"، أو "هوجو"، أن يعيش أيٌّ منهم ضِعف عمره ما زاد على مِثل ما كتب!

رنَّات هاتفه ذكَّرَته بالموعد الذي ضرَبه مع صديقه النَّاقد الأدبي؛ ليتباحث معه أسباب الكارثة.
إنَّه أول خروج له بعد عودته من المهجر؛ حيث قضى سنوات أربع في دراسة الأدَب.
لشدَّ ما كان يتمنَّى أن يعود إلى بلده مكللًا بهالة من الشُّهرة؛ كتمثال من الذَّهب يزري بريقه بطينة أهل بلده.

انزلَق من سيارته الفخمة، وهو يسدُّ مناخره بأصبعيه؛ تأفُّفًا من ذرَّات الغبار التي أثارَتها عجلات سيارته عند ركْنها، عدَّل وضع ربطة عنقه، نفَض حلَّته بأطراف أنامله، وقلَّب في الأرجاء بصرَه من خلف نظَّارته المعتمة، باحثًا عن صاحبه.

كان اللقاء ليكون حاراً أكثر؛ لولا البرودة التي نضحت من عيني صاحبنا الروائي، وشفتيه.

نفد صبره:
ما السبب؟.
أشار الناقد إلى مكان اللقاء.

تفضل من هنا، لقد حجزت لنا مقعدين.
طنين الذباب، ومظهر الجالسين، والبقع المتناثرة من القهوة والشاي على الطاولات المهترئة.. كل ذلك حدَّد نوعية المقهى.

مطَّ شفتيه اشمئزازًا. ثم قال:
لا بد من تغيير المكان.
نظر إليه صاحبه مستفهمًا.

لا يناسبني أن أجلس في مكان من الدرجة الأخيرة! (أجابه من جانب فيه، وإحدى يديه في جيب البنطلون)!

بابتسامة باهتة، أجابه:
قلم تشيخوف كان من دم، لا من عاج، يا أستاذ!


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 56.58 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 54.68 كيلو بايت... تم توفير 1.90 كيلو بايت...بمعدل (3.35%)]