شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله - الصفحة 30 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الصراع مع اليهود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 37 )           »          الوقـف الإســلامي ودوره في الإصلاح والتغيير العهد الزنكي والأيوبي نموذجاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          أفكار للتربية السليمة للطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          لزوم جماعة المسلمين يديم الأمن والاستقرار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          منهجُ السَّلَف الصالح منهجٌ مُستمرٌّ لا يتقيَّدُ بزمَانٍ ولا ينحصِرُ بمكانٍ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 38 - عددالزوار : 1197 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 72 - عددالزوار : 16919 )           »          حوارات الآخرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 17 )           »          الخواطر (الظن الكاذب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          الإنفــاق العــام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #291  
قديم 21-09-2021, 09:41 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,025
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب التطبيق)
(201)


- (باب تبريد الحصى للسجود عليه) إلى (باب كيف يخر للسجود)
لقد دلت سنة النبي صلى الله عليه وسلم على أن يكبر المصلي مع كل خفض ورفع، ومن ذلك التكبير للسجود، كما بينت كيفية الهوي للسجود وأنه يكون عن قيام.
تبريد الحصى للسجود عليه

شرح حديث جابر: (كنا نصلي مع رسول الله الظهر فآخذ قبضة من حصى في كفي أبرده... فإذا سجدت وضعته لجبهتي)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب تبريد الحصى للسجود عليه.أخبرنا قتيبة حدثنا عباد عن محمد بن عمرو عن سعيد بن الحارث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: (كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر فآخذ قبضة من حصى في كفي أبرده، ثم أحوله في كفي الآخر، فإذا سجدت وضعته لجبهتي)].
يقول النسائي رحمه الله: باب تبريد الحصى للسجود عليه، المقصود من هذه الترجمة واضح من اللفظ، أخذ الحصى من الأرض ثم وضعه في الكف، من كف إلى كف، ثم وضعه مكان السجود تحت مكان الجبهة؛ ليسجد عليه؛ وذلك في شدة الحر، وصلاتهم في الشمس، ومن المعلوم أن هذا عند عدم وجود ما يحول بين الإنسان وبين الأرض من فراش، أو مثله مما يحول بين وجه الإنسان وبين حرارة الرمضاء التي تحصل نتيجة لحرارة الشمس، فإذا كان هناك ما يفترش، ويوضع تحت الإنسان وهو يصلي عليه في الشمس، فإن هذا هو الأولى؛ لأنه لا يكون معه عمل في الصلاة، أو لا يحتاج إلى عمل في الصلاة، وهذه الحالة التي ترجم لها المصنف هي لا شك أنه عند عدم وجود ما يغني عنه من فراش، وقد أورد النسائي حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما أنه قال:
[(كنا نصلي مع رسول الله عليه الصلاة والسلام، فآخذ قبضةً من حصى في كفي فأحوله إلى الكف الآخر -أبرده- فإذا سجدت وضعته لجبهتي..)].
قوله: [(فإذا سجدت)]، يعني: أردت السجود، [(وضعته لجبهتي)]، حتى يسجد الإنسان ويطمئن في السجود، ولا يتشاغل بالحرارة التي تكون على وجهه من شدة حرارة الرمضاء، فإذا كان المصلى بارداً، ولم يكن شديد الحرارة، فإنه يتمكن الإنسان من السجود، بخلاف ما إذا كان حاراً، فإن شدة الحرارة تلجئه لئلا يطيل السجود، وألا يتمكن كثيرا في السجود، وإن كان سيؤدي ما هو واجب عليه، إلا أن الاطمئنان وإطالة السجود لا تتأتى مع وجود الحرارة، وفي هذا الحديث دليل على أن مثل هذا العمل يعتبر من العمل اليسير الذي يحتاج إليه في الصلاة، أي: أن ذلك سائغ وجائز، وهو أخذ الكف من الحصى، ثم تحويله إلى الكف الأخرى ليبرد، ولتذهب حرارته، أو تخف حرارته ليسجد عليه الإنسان، ويضع جبهته عليه، فلا يكون هناك ما يشغله عن الاطمئنان في السجود وإطالته.
تراجم رجال إسناد حديث جابر: (كنا نصلي مع رسول الله الظهر فآخذ قبضة من حصى في كفي أبرده... فإذا سجدت وضعته لجبهتي)
قوله: [أخبرنا قتيبة].وهو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، ثبت، وبغلان: قرية من قرى بلخ، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عباد].
وهو عباد بن عباد المهلبي، نسبة إلى جده المهلب بن أبي صفرة، وهو ثقة، ربما وهم، وقد أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن عمرو].
هو محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي، صدوق، له أوهام، وقد خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن الحارث].
هو سعيد بن الحارث المدني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن جابر بن عبد الله].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري، صحابي ابن صحابي، أبوه استشهد يوم أحد، فهو صحابي ابن صحابي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، بل هو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من أصحابه الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، وهم الذين جمعهم السيوطي في الألفية بقوله:
والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر
وأنس والبحر كالخدري وجابر وزوجة النبي
فـجابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما أحد السبعة المعروفين بكثرة رواية الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، من أصحابه الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
التكبير للسجود


شرح حديث مطرف بن عبد الله: (صليت أنا وعمران بن حصين خلف علي بن أبي طالب فكان إذا سجد كبر...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب التكبير للسجود.أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي حدثنا حماد عن غيلان بن جرير عن مطرف قال: (صليت أنا وعمران بن حصين رضي الله عنه خلف علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فكان إذا سجد كبر، وإذا رفع رأسه من السجود كبر، وإذا نهض من الركعتين كبر، فلما قضى صلاته أخذ عمران بيدي فقال: لقد ذكرني هذا، قال كلمة يعني: صلاة محمد صلى الله عليه وسلم)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي التكبير للسجود، أي: أن الكلمة أو الذكر الذي يقال عند الانتقال إلى السجود من القيام بعد الركوع إنما هو التكبير، فيقول: الله أكبر، عندما يخر الإنسان للسجود من قيامه بعد الركوع، أن يقول: الله أكبر، فالترجمة معقودة للتكبير عند السجود أو التكبير للسجود، يعني: إذا خر ساجداً يكبر، وقد أورد حديث عمران بن حصين أنه صلى خلف علي بن أبي طالب رضي الله عنه فكبر حين سجد، وكبر حين قام من سجوده، وكبر حين قام من الاثنتين، وكان مطرف بن عبد الله بن الشخير صلى هو وعمران بن حصين خلف علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، ولما فرغ أخذ عمران بيد مطرف وقال: [(لقد ذكرني هذا صلاة محمد صلى الله عليه وسلم)].
محل الشاهد من الحديث: أن عمران بن حصين لما صلى خلف علي رضي الله عنه، وكان يكبر عند الخفض والرفع قال: [(لقد ذكرني هذا صلاة محمد صلى الله عليه وسلم)]، فالحديث مرفوع، الذي رفعه هو عمران بن حصين، وعلي بن أبي طالب يصلي هذه الصلاة التي تشبه صلاة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، فكونه مرفوعاً هو من كلام عمران بن حصين، أو الذي رفعه هو عمران بن حصين، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه صلاته موافقة ومشابهة لصلاة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فالذي رفع الحديث هو عمران بن حصين، والذي رفعه تلك الصلاة التي صلاها علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فـمطرف يروي عن عمران بن حصين، أن الصلاة التي صلاها علي بن أبي طالب هذه تذكر بصلاة الرسول عليه الصلاة والسلام، والذي أخبر بأن صلاته تشبه صلاة الرسول، أو تذكر بصلاة الرسول صلى الله عليه وسلم هو عمران بن حصين.
إذاً: الحديث من رواية مطرف بن عبد الله عن عمران بن حصين يقول عن صلاة علي رضي الله عنه التي صفتها كذا وكذا: أنها تذكره بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلو لم يأت ذكر ذلك من عمران لم يكن في الحديث شيء يضيف ذلك إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما هو فعل علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وأرضاه، ومن المعلوم أن الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، يقتدون في صلواتهم وفي أفعالهم بالرسول الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، لكن رفع هذا الفعل إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام جاء بقول عمران بن حصين الذي يقول: إن هذا الفعل الذي فعله علي يذكر بصلاة الرسول صلى الله عليه وسلم، والمقصود من ذلك: أن الانتقالات يكون فيها التكبير، ما عدا القيام من الركوع فإنه يقال: سمع الله لمن حمده عند القيام من الركوع، وما عدا ذلك ففي كل انتقال من ركن إلى ركن، ومن هيئة إلى هيئة، ومن عمل إلى عمل في الصلاة، إنما يكون بلفظ التكبير عند كل خفض ورفع، ففي هذا إثبات التكبير في الانتقال من فعل إلى فعل في الصلاة، ولا يستثنى من ذلك إلا عند القيام من الركوع فيقال: سمع الله لمن حمده، ولا يقال: الله أكبر.
تراجم رجال إسناد حديث مطرف بن عبد الله: (صليت أنا وعمران بن حصين خلف علي بن أبي طالب فكان إذا سجد كبر...)
قوله: [أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي].هو يحيى بن حبيب بن عربي البصري، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا حماد].
وهو ابن زيد بن درهم البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
و حماد هنا غير منسوب، لكنه جاء مبيناً في تحفة الأشراف عند المزي وقال: إنه حماد بن زيد، وحديثه كما ذكرت أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن غيلان بن جرير].
وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مطرف].
هو مطرف بن عبد الله بن الشخير، وهو ثقة، عابد، فاضل، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمران].
هو عمران بن حصين الأنصاري رضي الله تعالى عنه، وهو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أما علي بن أبي طالب الذي صلى الصلاة التي تشبه صلاة رسول الله عليه الصلاة والسلام، والتي قال عنها عمران بن حصين: لقد ذكرني هذا صلاة محمد صلى الله عليه وسلم، فهو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزوج ابنته فاطمة، وأبو الحسنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وفضائله جمة، ومناقبه كثيرة، رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
هذا الحديث من مسند عمران، هو الذي قال: إن هذه الصلاة تشبه صلاة محمد عليه الصلاة والسلام.
ثم ما فعله عمران مع مطرف حيث قال: (أخذ بيدي) هذا فيه الضبط، أو يدل على الضبط والإتقان لما يتحمله الراوي؛ لأن كون الراوي يتحمل الحديث من المحدث، ويتذكر الهيئة التي كان فعلها معه المحدث عند تحديثه بالحديث، هذه تدل على ضبطه وإتقانه، ثم أيضاً هذا الفعل من عمران بن حصين مع أخذه بيده، يريد من ذلك أن يتنبه، وأن يتقن ذلك الشيء الذي يحدثه به، فهو دال على ضبط الراوي الذي هو مطرف، وعلى فعل المروي عنه ما فيه تمكن الراوي من الأخذ عنه.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #292  
قديم 21-09-2021, 09:41 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,025
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح حديث: (كان رسول الله يكبر في كل خفض ورفع ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا معاذ ويحيى حدثنا زهير حدثني أبو إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة والأسود عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في كل خفض ورفع، ويسلم عن يمينه وعن يساره، وكان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما يفعلانه)].أورد النسائي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه قال: [(إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يكبر عند كل خفض ورفع)]، وذلك في غالب الأفعال وليس كلها؛ لأن الرفع من الركوع مستثنى بلا شك؛ لأنه يقال عنده: سمع الله لمن حمده، وهو رفع، ومع ذلك لا يقول عنده: الله أكبر، وإنما يقول: سمع الله لمن حمده، فهذا مما استثني، إذاً: فقوله: [(كل خفض ورفع)]، المراد به الغالب، وهذا من جنس الحديث الذي يقول: (إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن)، فإن هذا إنما هذا في الغالب، بدليل أنه جاء في التفصيل أن (حي على الصلاة) (حي على الفلاح) يقال عندهما: لا حول ولا قوة إلا بالله، ولا يقال عندهما: حي على الصلاة، حي على الفلاح، فقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن)، المراد من ذلك فيما عدا الحيعلتين: حي على الصلاة حي على الفلاح، فإنه يقال عندهما: لا حول ولا قوة إلا بالله، وكذلك هنا عند كل خفض ورفع يكبر، ويستثنى من ذلك القيام من الركوع فإنه يقال: سمع الله لمن حمده، إذاً: فقوله: [(كل خفض ورفع)]، المراد به الغالب، وليس المراد به الإطلاق.
وقال: [(وكان يسلم عن يمينه وعن شماله)]، يسلم تسليمتين للخروج من الصلاة عن يمينه وعن شماله، [وكان أبو بكر وعمر يفعلانه] أي: يفعلان مثل هذا الفعل الذي يحكيه عبد الله بن مسعود عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن الخليفتين الراشدين أبا بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما يفعلان هذا الفعل الذي هو التكبير عند كل خفض ورفع، وأنهما يسلمان عن اليمين تسليمة، وعن الشمال تسليمة.
تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله يكبر في كل خفض ورفع ...)
قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].وهو الفلاس، المحدث، الناقد، الثقة، وكما ذكرت كثيراً عندما يأتي ذكره في كتب الرجال في بيان الجرح والتعديل يقال: قال الفلاس كذا، وثقه الفلاس، وعابه الفلاس، قال فيه الفلاس كذا، المراد به عمرو بن علي هذا، وهو ثقة، محدث، ناقد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا معاذ ويحيى].
هو معاذ بن معاذ العنبري البصري، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[و يحيى].
هو ابن سعيد القطان، الذي يروي عن زهير، الذي جاء هنا هو يحيى وغير منسوب، وقد روى عن زهير: يحيى بن سعيد القطان ويحيى بن آدم، وقد جاء عند النسائي في بعض المواضع من هذا الحديث تسميته وأنه يحيى بن آدم، لكن المزي في تحفة الأشراف في هذا الموضع ذكر أنه من رواية معاذ بن معاذ ويحيى بن سعيد، وفي الموضع الذي سيأتي فيما بعد ذكر أنه من رواية يحيى بن آدم، فكل من يحيى بن آدم ويحيى بن سعيد القطان قد روى عن زهير بن معاوية، وهنا جاء مهملاً غير منسوب، ويحتمل أنه يحيى بن آدم، ويحتمل أنه يحيى بن سعيد القطان، وقد قال المزي في تحفة الأشراف: إنه في هذا الموضع عن معاذ بن معاذ ويحيى بن سعيد عن زهير، وذكر هناك أن الذي رواه يحيى بن آدم، وهنا يحيى بن سعيد القطان المحدث، الناقد، الثقة، الثبت، المعروف كلامه في الرجال، والذي كلامه في الرجال كثير، والذي وصفه الذهبي في كتابه من يعتمد قوله في الجرح والتعديل هو وعبد الرحمن بن مهدي، وهما بصريان: إذا اتفقا على جرح شخص، قال: فإنه لا يكاد يندمل جرحه، يعني بذلك أنهما أصابا الهدف، وأنهما أصابا في قولهما في وصفهما الرجل فيما وصفاه به من الجرح، وحديث يحيى بن سعيد القطان أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا زهير].
هو زهير بن معاوية أبو خيثمة الجعفي الكوفي، وهو ثقة، ثبت، إلا أن سماعه من أبي إسحاق السبيعي بآخره، يعني: أنه بعدما اختلط، أبو إسحاق ، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو يروي هنا عن أبي إسحاق، الذي في روايته عنه شيء؛ لكونه روى عنه بعد الاختلاط، لكن كما هو معلوم الحديث له شواهد من جهة أن الرسول صلى الله عليه وسلم المعروف عنه في ركوعه وسجوده أنه يكبر عند كل خفض ورفع، إلا ما كان من القيام من الركوع فإنه يقول: سمع الله لمن حمده، وأما كونه سمع منه بأخره الذي هو زهير بن معاوية لا يؤثر ذلك؛ لأن إثبات الإتيان بالتكبير عند الخفض والرفع ما جاء من طريقة فقط، بل جاء من طرق أخرى ومن وجوه مختلفة، فلا يؤثر سماعه عنه في الآخر.
[حدثني أبو إسحاق السبيعي].
هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي الكوفي، سبيع نسبة، وهي جزء من همدان، أو هم بعض من همدان، فهمدان نسب عامة، وسبيع نسبة خاصة، وكلها نسبة نسب، والكوفي هو من أهل الكوفة، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الرحمن بن الأسود].
هو ابن يزيد بن قيس النخعي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن علقمة والأسود].
يروي عن أبيه الأسود، وعن علقمة بن قيس النخعي، وكل منهما ثقة، وكل منهما مخضرم، وهما صاحبا ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، وحديثهما عند أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن مسعود].
رضي الله تعالى عنه، الهذلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد علماء الصحابة وفقهائهم رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهو ليس من العبادلة الأربعة المشهورين من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، والذين هم من صغار الصحابة، فهو ليس من صغارهم بل هو من كبارهم، وكانت وفاته قبلهم بمدة طويلة، حيث توفي سنة اثنتين وثلاثين من الهجرة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، والعبادلة الأربعة هم: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عباس، وفي الصحابة غيرهم ممن يسمى عبد الله كثير، منهم: عبد الله بن مسعود هذا، ومنهم: عبد الله بن أبي بكر، ومنهم: عبد الله بن قيس أبو موسى الأشعري، وعدد كبير من الصحابة يسمون عبد الله، لكن اشتهر منهم أربعة بلقب العبادلة الأربعة، وهم من صغار الصحابة، وهم صحابة أبناء صحابة.
كيف يخر للسجود

شرح حديث حكيم بن حزام: (بايعت رسول الله أن لا أخر إلا قائماً)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [كيف يخر للسجود.أخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا خالد عن شعبة عن أبي بشر: سمعت يوسف وهو ابن ماهك يحدث عن حكيم رضي الله عنه قال: (بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أخر إلا قائماً)].
أورد النسائي هنا: كيف يخر للسجود، والمراد: من هذه الترجمة الهيئة التي يكون عليها عندما يسجد فأورد تحتها حديث حكيم بن حزام رضي الله تعالى عنه أنه قال: [(بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أخر إلا قائماً)]، وليس فيه التنصيص على السجود، لكن اختلف العلماء في بيان المراد به، فمنهم من فهمه على أنه الخرور للسجود، يخر: يعني يهوي للسجود من قيام، والمراد من ذلك أنه عندما يرفع رأسه من الركوع ويطمئن في قيامه، ثم يخر من ذلك القيام، لا يخر من الركوع، أي: لا يخر بكونه لا يعتدل قائماً، بمعنى أن يرفع رأسه ثم يهوي، وإنما يستقيم ويعتدل ويستقر ويتمكن في قيامه، ثم بعد ذلك يخر للسجود، فهذا اللفظ دليل يدل على القيام بعد الركوع، وعلى أن المصلي يستوي قائماً ليخر من تلك الهيئة إلى السجود، لا يخر من الركوع، ولا يرفع رأسه ثم يرجع إلى السجود دون أن يستقيم قائماً، ودون أن يعتدل قائماً.
ففسر بعض العلماء هذا الحديث الذي لم يذكر فيه لفظ السجود بأن المراد منه السجود، [(ألا أخر إلا قائماً)]، أي: ألا يخر إلى السجود إلا قائماً، من حال القيام، لا من حال ركوع ولا من حال هيئة تكون بعد الركوع لا يستقر فيها للقيام، مثل ما يفعله بعض المستعجلين في الصلاة الذين ينقرونها نقرا، بحيث يرفع رأسه من الركوع ثم يهوي قبل أن يعتدل قائماً، فإن هذا الحديث يدل على خلاف هذا الفعل، والأحاديث كثيرة تدل على لزوم الاعتدال في القيام، ومنها حديث المسيء في صلاته الذي قال صلى الله عليه وسلم فيه: (اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً)، وكذلك ما جاء عن أنس رضي الله تعالى عنه أنه قال: (إن النبي صلى الله عليه وسلم يرفع من الركوع فيطيل القيام حتى أقول في نفسي: قد نسي)، معناه: أنه يطيل القيام بعد الركوع، تلك الأحاديث صريحة وواضحة في الاعتدال، وهذا الحديث يدل أيضاً على الاعتدال؛ لأن قوله: [(ألا أخر إلا قائماً)]، يدل على أن المراد به السجود، معناه: أنه يكون قائماً منتصباً بعد الركوع، وهذا هو الذي فهمه المصنف، ولهذا أورده تحت هذه الترجمة: كيف يخر للسجود، أنه يخر من حالة القيام، لا يخر من حالة الركوع، ولا من هيئة بعد الركوع لا يكون فيها استقرار في القيام، كما يحصل من الذين ينقرون الصلاة، فإنه لا بد من الاعتدال، ولا بد للإنسان أن يستقر قائماً بعد الركوع.
ومن العلماء من قال: إن المراد به ألا يموت إلا على الإسلام، [(ألا أخر إلا قائماً)]، يعني: أنه لا يموت إلا مسلماً، ويقول: إن هذا مثل قوله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )[آل عمران:102]، أن المراد بذلك أن الإنسان يداوم على الإسلام، ويثبت على الإسلام، حتى إذا وافاه الأجل يوافيه وهو على حالة طيبة، أي: يوافيه وهو مسلم، فيقول بعض العلماء: أن المراد منه ألا يموت إلا مسلماً، معناه: أنه يلتزم بالإسلام، ويثبت ويبقى عليه حتى يموت على الإسلام.
وأيضاً: مثل قوله عليه الصلاة والسلام في صحيح مسلم ضمن حديث طويل: (من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه)، يعني: فقوله: (من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر)، معناه: أنه يثبت على الإيمان حتى يموت عليه، الإنسان لا يعلم متى يموت، لا يعلم نهاية حياته حتى يكون فيها على حالة طيبة، وأن يصلح وأن يغير ما كان عليه من حالة سيئة إلى حالة حسنة، الآجال أخفاها الله عز وجل، فلا يعلم الإنسان متى يموت، قد يموت الإنسان بعد لحظة، وقد يموت بعد ساعة، وقد يموت بعد يوم، وقد يموت بعد سنة، وقد يموت بعد عشر سنين، وقد يموت بعد أربعين سنة أو أكثر، الآجال الله تعالى أخفاها على الناس، ولكن من لازم التقوى، ولازم طاعة الله وطاعة رسوله، وداوم على ذلك، فإنه إذا مات يموت وهو على حالة حسنة، ولهذا جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل)، ويقولون: قليل تداوم عليه خير من كثير تنقطع عنه؛ لأن المداومة على الشيء ولو كان قليلاً يكون كثيراً، ثم أيضاً فيه ملازمة الطاعة، بخلاف الإنسان الذي ينشط ويكسل، ينشط في بعض الأيام ويكسل في بعض الأيام، فإنه قد يوافيه الأجل وهو في حالة كسل وفي حالة خمول، لا يختم له بخاتمة طيبة على حالة حسنة، لكن الإنسان إذا داوم على الطاعة ولازمها، فإنه إذا جاءه الموت يأتيه وهو على حالة طيبة.
إذاً: بعض العلماء قال: إن معنى قوله: [(بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أخر إلا قائماً)]، أنه لا يموت إلا مسلماً، وألا يموت إلا على الإيمان، ومعنى ذلك أنه يلازم التقوى حتى يموت عليها، فيكون مثل قوله: (وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )[آل عمران:102]، ومثل قوله صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه) أي: أن يعامل الناس بمثل ما يحب أن يعاملوه به، يداوم على الطاعة حتى يموت عليها، ويخالق الناس بخلق حسن، يحب لهم ما يحب لنفسه، ويعاملهم بمثل ما يحب أن يعاملوه هم به، فلا يكون شأنه أن يريد أن يعامل معاملة طيبة وهو لا يعامل الناس معاملة طيبة، فيكون مثل من قال فيهم الرسول عليه الصلاة والسلام: (إن الله ينهاكم عن ثلاثة: عن وأد البنات، وعقوق الأمهات، ومنع وهات)، فمنع وهات، معناه أنه يريد لنفسه ولا يريد أن يعطي الغير حقه، ولا يحب أن يفوت عليه حقه، فيكون من جنس المطففين الذي قال الله عنهم: (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ )[المطففين:1-3]. فهم يريدون الحقوق التي لهم، ولا يؤدون الحقوق التي عليهم، لا يعاملون الناس بمثل ما يحبون أن يعاملوا به هم، بل الأمر كما قال عليه الصلاة والسلام: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، (وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه).
تراجم رجال إسناد حديث حكيم بن حزام: (بايعت رسول الله أن لا أخر إلا قائماً)
قوله: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود]. هو أبو مسعود البصري، وهو ثقة، أخرج له النسائي وحده، وهو ممن وافقت كنيته اسم أبيه، وهذا نوع من أنواع علوم الحديث، فائدة معرفته: ألا يظن التصحيف فيما إذا ذكر بالكنية بدل النسبة؛ لأن النسبة مطابقة للكنية، والكنية مطابقة للنسبة، فإذا قيل: إسماعيل بن مسعود أو إسماعيل أبو مسعود كله صواب؛ لأنه هو إسماعيل بن مسعود، وهو إسماعيل أبو مسعود، إن جاء إسماعيل بن مسعود فهذا نسبه، وإن جاء إسماعيل أبو مسعود فهذه كنيته، لكن من لا يعرف أن أبا مسعود كنية لـإسماعيل بن مسعود، يظن أن (ابن) تصحفت إلى (أبو)، لكن من يعرف أن الكنية مطابقة لاسم الأب يعلم أنه لا تصحيف، وأن الكل صواب.
[حدثنا خالد].
وهو ابن الحارث البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن شعبة].
هو ابن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهو من الألقاب الرفيعة التي لم يظفر بها إلا النادر القليل من المحدثين، مثل شعبة هذا، وسفيان الثوري، وإسحاق بن راهويه، والبخاري، والدارقطني، وعدد من المحدثين وصفوا بهذا الوصف. وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي بشر].
وهو جعفر بن إياس بن أبي وحشية، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[سمعت يوسف وهو ابن ماهك يحدث].
هو يوسف بن ماهك المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حكيم].
وهو حكيم بن حزام بن خويلد الأسدي، ابن أخي خديجة أم المؤمنين؛ لأنها خديجة بنت خويلد، وهذا حكيم بن حزام بن خويلد، وهو صحابي مشهور من مسلمة الفتح، وقيل: إن عمره مائة وعشرون سنة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #293  
قديم 21-09-2021, 09:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,025
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب التطبيق)
(202)

- باب رفع اليدين للسجود - باب ترك رفع اليدين عند السجود
جاءت السنة برفع اليدين في الصلاة، وأنها ترفع عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، والاعتدال منه، وأحياناً عند السجود والرفع منه، وأنه يترك أحياناً عند السجود والرفع منه.
رفع اليدين للسجود

شرح حديث مالك بن الحويرث في رفع اليدين للسجود
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب رفع اليدين للسجود. أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا ابن أبي عدي عن شعبة عن قتادة عن نصر بن عاصم عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه: (أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه في صلاته، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع، وإذا سجد، وإذا رفع رأسه من السجود، حتى يحاذي بهما فروع أذنيه)].
يقول النسائي رحمه الله: باب رفع اليدين للسجود، ومراده بهذه الترجمة: أن الإنسان عندما يسجد فإنه يرفع يديه عند إرادة السجود، وعلى هذا فيكون عندما يكبر الإنسان للسجود يرفع يديه، فمثلما كان يرفع يديه عند الركوع والرفع منه وعند تكبيرة الإحرام، كذلك أيضاً عند السجود، وهذه الترجمة معقودة لهذا، وقد أورد فيه حديث مالك بن الحويرث رضي الله تعالى عنه: [أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآه رفع يديه حين دخل في صلاته؛ أي: عند تكبيرة الإحرام- وفي بعض الروايات: (حين دخل في صلاته)- وعند الركوع، وعند الرفع منه، وكذلك عند السجود، وعند القيام من السجود].
وأورد النسائي هذا الحديث عن قتادة عن نصر بن عاصم يرويه عن مالك بن الحويرث فثلاثة ذكر النسائي الأسانيد إليهم: عن شعبة، وعن سعيد بن أبي عروبة، وعن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وتلتقي أسانيدهم عند قتادة عن نصر بن عاصم عن مالك بن الحويرث رضي الله تعالى عنه: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في هذه المواطن، ومنها ما ترجم له المصنف؛ وهو عند السجود فإنه يرفع يديه.
وقد ذهب إلى هذا بعض العلماء وقالوا: أنه يرفع يديه أحياناً؛ لأنه جاء في بعض الأحاديث عن عبد الله بن عمر أنه كان لا يفعل ذلك في السجود، بل كان يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام والركوع والرفع منه فقط، وكان لا يفعل ذلك في سجوده، قالوا: فيكون ما جاء عن مالك بن الحويرث محمولاً على بعض الأحوال، وعلى بعض الأحيان، وما جاء عن عبد الله بن عمر محمولاً على بعضها، وأنه لم يره يفعل ذلك الفعل الذي هو رفع اليدين عند التكبير للسجود، فمن العلماء من أخذ بما جاء في حديث مالك بن الحويرث، واعتبر ذلك حديثاً دالاً على صحة الرفع في هذا الموطن، ومن العلماء من قال: إن ما جاء في حديث مالك بن الحويرث من ذكر رفع اليدين عند السجود، وعند الرفع منه، قال: إن هذا -وإن جاء بطريق صحيح- إلا أنه يعتبر شاذاً؛ لأنه جاء من طرق عمن روى عن قتادة، أنهم يروون ذلك من طريق قتادة عن نصر بن عاصم عن مالك بن الحويرث، وليس فيه ذكر رفع اليدين عند السجود، وعند الرفع منه، وإنما اقتصروا على المواطن الثلاثة؛ التي هي: عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه.
ومن العلماء من زاد على ذلك عند القيام من التشهد الأول؛ لأن هذا ثبت في صحيح البخاري عن عبد الله بن عمر، وكذلك جاء من حديث أبي حميد الساعدي رضي الله تعالى عنهما، أي: عند القيام من التشهد الأول، فتكون المواضع على هذا أربعة؛ عند تكبيرة الإحرام، والركوع، والرفع منه، والقيام من التشهد الأول، والمواطن الثلاثة الأول ثابتة في الصحيحين، والقيام من التشهد الأول ثابت في صحيح البخاري من حديث عبد الله بن عمر، وأيضاً ثابت في غير الصحيح من حديث أبي حميد الساعدي، أنه كان يرفع يديه عند القيام من التشهد الأول، بالإضافة إلى المواطن الثلاثة التي في تكبيرة الإحرام، والركوع، والرفع منه، ويقولون: إن الذين رووا هذا الحديث -مقتصرين على المواطن الثلاثة- أكثر من هؤلاء الذين رووا ذكر السجود والرفع منه، وأنهم أكثر وأحفظ، فيكون رواية ما جاء في سنن النسائي وفي غيره من هذا الحديث من رواية قتادة عن نصر بن عاصم عن مالك بن الحويرث، يكون من قبيل الشاذ.
والذين يقولون بالأخذ بما جاء في الحديث، قالوا: إنها زيادة ثقة، وزيادة الثقة هي بمثابة الحديث المستقل، وروى حديثاً مستقلاً من هذه الطريق، فإنه يعتمد عليها، فكذلك ما جاء عنهم من الزيادة، أو عن الثقة من الزيادة على ما رواه غيره، فيكون من حفظ حجة على من لم يحفظ، ولو كان ذلك الحافظ وجد من هو أحفظ منه، أو من هو أكثر منه عدداً، فتعتبر تلك من زيادة الثقة، والأظهر أنه بناء على ما جاء في هذا الحديث، أنه ترفع الأيدي في بعض الأحيان وليس دائماً؛ لأن الإسناد صحيح، وفيه زيادة ثقة، فتعتبر ويعول عليها، لكن كما ذكرت: المواطن الثلاثة الأولى الموجودة في الصحيحين، والموطن الرابع الذي هو عند القيام من التشهد الأول ثابت في صحيح البخاري، وأما عند السجود وعند الرفع منه فهذا عند النسائي وعند أبي داود وعند غيرهما.
تراجم رجال إسناد حديث مالك بن الحويرث في رفع اليدين للسجود
قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى].هو الملقب بـالزمن البصري، وكنيته أبو موسى، مشهور بكنيته، ومشهور بلقبه، ومشهور بنسبته، فيأتي ذكره في الرجال فيقال: محمد بن المثنى، ويقال: أبو موسى، ويقال: الزمن، يعني: روى عنه الزمن، أو روى عنه أبو موسى، أو روى عنه محمد بن المثنى، فهو مشتهر بنسبته وكنيته ولقبه، ومحمد بن المثنى البصري أخرج له أصحاب الكتب الستة مباشرة وبدون واسطة، فهو شيخ لأصحاب الكتب الستة جميعاً، كلهم رووا عنه مباشرة وبدون واسطة، ويعتبر هو من صغار شيوخ البخاري، وقد كانت وفاته سنة اثنتين وخمسين ومائتين، قبل وفاة البخاري بأربع سنوات، ويشاركه في كونه شيخ لأصحاب الكتب الستة، وكونه من صغار شيوخ البخاري: محمد بن بشار بندار ويعقوب بن إبراهيم الدورقي؛ لأن هؤلاء الثلاثة ماتوا قبل البخاري بأربع سنوات، وكل منهم شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عن هؤلاء الثلاثة مباشرة وبدون واسطة.
ومحمد بن المثنى العنزي هذا الملقب بالزمن، والمكنى بـأبي موسى، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة، وهو شيخ لهم جميعاً.
يتفق مع محمد بن بشار في أمور كثيرة، كما اتفق معه في سنة الوفاة، اتفق معه في سنة الولادة، واتفق معه أيضاً بكونهما من أهل البصرة، واتفقا أيضاً في الشيوخ والتلاميذ؛ ولهذا قال الحافظ ابن حجر عنهما: إنهما كانا كفرسي رهان، ما واحد يسبق الثاني من شدة تساويهما وتماثلهما.
[حدثنا ابن أبي عدي].
هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن شعبة].
هو ابن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة].
هو ابن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن نصر بن عاصم الليثي].
ثقة، أخرج له البخاري في رفع اليدين، ومسلم، وأبي داود، والنسائي، وابن ماجه .
[عن مالك].
هو مالك بن الحويرث الليثي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث مالك بن الحويرث في رفع اليدين للسجود من طريق ثانية
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الأعلى حدثنا سعيد عن قتادة عن نصر بن عاصم عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه أنه: (رأى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه فذكر مثله)].ذكر النسائي هنا حديث مالك بن الحويرث من طريق أخرى إلى قتادة، وهي من رواية شيخه أيضاً محمد بن المثنى، إلا أنها من طريق أخرى؛ عن محمد بن المثنى رواها من طريق آخر غير الطريق الأولى؛ لأنه هناك روى عن محمد بن أبي عدي، وهنا روى عن عبد الأعلى البصري، فشيخ النسائي في الطريقين واحد، إلا أن شيوخ شيخه اشترطوا، فلم يكن روايته عن شيخ واحد، وإنما هي عن أكثر من شيخ؛ لأن شيخه محمد بن المثنى عن ابن أبي عدي في الطريق الأولى، وهنا شيخه عبد الأعلى بن عبد الأعلى البصري، فـمحمد بن المثنى هو شيخه في الطريقين.
تراجم رجال إسناد حديث مالك بن الحويرث في رفع اليدين للسجود من طريق ثانية
قوله: [حدثنا عبد الأعلى].هو ابن عبد الأعلى البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سعيد].
هو سعيد بن أبي عروبة ثقة، حافظ، كثير التدليس، وهو من أثبت الناس في قتادة، وهو هنا يروي عن قتادة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة] إلى نهاية الإسناد.
قتادة ونصر بن عاصم ومالك، هم الذين مر ذكرهم في الإسناد السابق.
فذكر مثله، يعني: ذكر أوله ثم قال: فذكر مثله؛ يعني: لم يكرر المتن، ولم يأت بالمتن كاملاً، وإنما ذكر أوله ثم قال: فذكر مثله، يعني: أن المتن مثل المتن السابق تماماً؛ لأن قوله: (مثله) تعني المماثلة في اللفظ والمعنى، اللفظ والمعنى واحد، فهو بدل أن يأتي باللفظ مكرراً اقتصر على قوله: (فذكر مثله) يعني: معناه أن هذا المتن الذي لم يسقه مطابق ومماثل للمتن الذي ساقه قبله، إذاً: المتنان لفظهما واحد، والإسناد مختلف، ولكن الشيخ أيضاً واحد، وملتقى عند قتادة، وقتادة ومن فوقه أيضاً متفق، لكن الاختلاف في من دون قتادة، ويتحدان في النهاية عند محمد بن المثنى الذي هو شيخ النسائي في هذا الحديث من طريقيه.
حديث مالك بن الحويرث في رفع اليدين للسجود من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن نصر بن عاصم عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه: (أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل في الصلاة، فذكر نحوه، وزاد فيه: وإذا ركع فعل مثل ذلك، وإذا رفع رأسه من الركوع فعل مثل ذلك، وإذا رفع رأسه من السجود فعل مثل ذلك)].هنا أورد النسائي حديث مالك بن الحويرث من طريق أخرى، وهي أيضاً تلتقي عند قتادة، ولما ذكر أوله أن نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل في الصلاة، فذكر نحوه، وهنا عبر إذا دخل في الصلاة، وهناك قال: إذا رفع يديه في صلاته، وهنا يقول: إذا دخل في الصلاة رفع يديه، قال: فذكر نحوه، وكلمة (نحوه) تختلف عن مثله؛ لأن (نحوه) تعني أن هناك فرق في الألفاظ، وإن كان المعنى متقارب وقريب منه، إلا أن اللفظ يختلف، فالفرق بين (مثله) و(نحوه): أن (مثله) يكون المتن الذي لم يذكر مماثلاً للمتن المذكور، وأما كلمة (نحوه) إذا جاءت فإن المتن يكون قريباً منه وليس مطابقاً له، وهذا هو الفرق بين مثل ونحو، مثل تعني المماثلة، ونحو تعني المقاربة والمشابهة، وليست المطابقة والمماثلة.
وزاد فيه: [أنه إذا ركع فعل مثل ذلك، وإذا رفع رأسه من الركوع فعل مثل ذلك، وإذا رفع رأسه من السجود فعل مثل ذلك]، فهذا فيه إثبات رفع اليدين عند الرفع من السجود، والذي تقدم أنه إذا سجد، فالرواية السابقة فيها ذكر الرفع عند السجود، وهذه فيها زيادة، وهي رفع اليدين عند الرفع من السجود.
إذاً هو كما قال: [ذكر نحوه]، لكن فيه اختلاف في اللفظ؛ لأنه قال: [وإذا رفع رأسه من السجود فعل مثل ذلك، وإذا رفع من الركوع فعل مثل ذلك]، ففيه اختلاف في الألفاظ، وإن كان المعنى يتفق.
قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى].
هو شيخه في الطريقين السابقين، وهو شيخه في هذه الطريق الثالثة، يعني كل الطرق الثلاث من طريق شيخه محمد بن المثنى الملقب بـالزمن المكنى بـأبي موسى، وقد مر ذكره.
[حدثنا معاذ بن هشام].
هو معاذ بن هشام الدستوائي، وهو صدوق، ربما وهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثني أبي].
هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وعلى هذا النسائي يروي الحديث بطرقه الثلاث عن شيخه محمد بن المثنى، ثم يكون الاختلاف في الشيوخ، ثم تلتقي الطرق عند قتادة بن دعامة، وبين النسائي وبين قتادة في كل منهما اثنين، فالطريق الأولى ابن أبي عدي وشعبة، والطريق الثانية عبد الأعلى وسعيد بن أبي عروبة، والطريق الثالثة معاذ وأبيه، إذاً: الثلاث الطرق كلها متساوية من حيث العلو بين شيخ النسائي محمد بن المثنى وبين قتادة ففي كل من الطرق الثلاث شخصان.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #294  
قديم 21-09-2021, 09:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,025
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

ترك رفع اليدين عند السجود


شرح حديث: (كان رسول الله يرفع يديه ... وكان لا يفعل ذلك في السجود)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ترك رفع اليدين عند السجود. أخبرنا محمد بن عبيد الكوفي المحاربي حدثنا ابن المبارك عن معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، وإذا ركع، وإذا رفع، وكان لا يفعل ذلك في السجود)].
هنا أورد النسائي هذه الترجمة؛ وهي: ترك رفع اليدين في السجود، فبعدما أتى بالترجمة الدالة على الرفع أتى بعدها بالترجمة الدالة على الترك، وأن المقصود من ذلك: أنه أحياناً يترك ذلك، أو جاء الترك. ويحمل على ما جاء من الإثبات، وعلى ما جاء من الترك، على أن الفعل يكون أحياناً، والترك يكون أحياناً، وقد أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما: [أن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا كبر افتتح الصلاة، وإذا رفع رأسه من الركوع، وكان لا يفعل ذلك في السجود].
فقوله: [وكان لا يفعل ذلك في السجود] هذا هو الدال على الترك، أو هذا هو الدال على الترجمة، فيكون التوفيق بين ما جاء من الإثبات وما جاء من النفي: بأنه يفعل في بعض الأحيان.
تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله يرفع يديه ... وكان لا يفعل ذلك في السجود)
قوله: [أخبرنا محمد بن عبيد المحاربي الكوفي]. صدوق، أخرج له أبو داود، والترمذي، والنسائي، وما خرج له الشيخان، ولا ابن ماجه .
[حدثنا ابن المبارك].
هو عبد الله بن المبارك المروزي، قال عنه الحافظ في التقريب: ثقة، ثبت، فقيه، جواد، مجاهد، جمعت فيه خصال الخير، قال فيه ست كلمات؛ قال: ثقة، ثبت، فقيه، عالم، جواد، مجاهد، ثم قال عقب هذا: جمعت فيه خصال الخير. وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وكانت وفاته سنة مائة وإحدى وثمانين.
[عن معمر].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري، نزيل اليمن، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ عبد الرزاق بن همام الذي يروي عنه كثيراً، وروى من طريقه صحيفة همام بن المنبه المشتملة على مائة وأربعين حديثاً تقريباً، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، فهو من أهل البصرة، ونزل اليمن، وأخذ عنه عبد الرزاق بن همام، وأكثر من الرواية عنه.
[عن الزهري].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، يلتقي نسبه مع نسب الرسول صلى الله عليه وسلم بـكلاب، وقصي، وزهرة ابنا كلاب، فالتقاء نسبه مع نسب الرسول صلى الله عليه وسلم بـكلاب؛ لأن زهرة أخو قصي، وهما ابنا كلاب، والزهري نسبة إلى زهرة بن كلاب، ويقال له: ابن شهاب نسبة إلى جد جده الذي هو شهاب؛ لأنه محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، فينسب إلى جده شهاب، وينسب إلى جده زهرة بن كلاب، وهو إمام ثقة، فقيه، مكثر من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو من صغار التابعين، وقد لقي صغار الصحابة مثل أنس بن مالك، وروى عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن سالم].
هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وسالم ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين على أحد الأقوال في السابع؛ لأن الفقهاء في المدينة في عصر التابعين المذكورين بهذا اللقب سبعة، ستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، والسابع مختلف فيه على ثلاثة أقوال، فالستة هم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وعروة بن الزبير بن العوام، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وسعيد بن المسيب، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسليمان بن يسار، والسابع فيه ثلاثة أقوال: قيل: سالم بن عبد الله الذي معنا في الإسناد، وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.
وسالم يروي عن أبيه [عبد الله بن عمر بن الخطاب] رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وهم: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عباس، أُطلق عليهم لقب العبادلة الأربعة؛ لأنهم من صغار الصحابة، وقد عاشوا وأدركهم الكثير من التابعين الذين لم يدركوا من تقدمت وفاته من العبادلة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس منهم عبد الله بن مسعود الذي تقدم وفاته؛ لأنه توفي سنة اثنتين وثلاثين، وأما الأربعة الذين اشتهروا بهذا اللقب فهم من صغار الصحابة، وعبد الله بن مسعود من كبار الصحابة، وأيضاً عبد الله بن عمر أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أصحابه الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
الأسئلة

مدى دخول الجلوس بعد الفجر في النهي عن التحلق يوم الجمعة
السؤال: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن التحلق قبل الجمعة، هل يدخل في النهي من يجعل له درساً بعد الفجر من يوم الجمعة؟ الجواب: ما أدري عن ثبوت الحديث، ولا علم لي به، لكن الذي يبدو أن درس يوم الجمعة بعد الفجر لو ثبت الحديث لا يدخل؛ لأن النهي في الوقت الذي يكون الناس فيه في انتظار الصلاة، وكان أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام إذا جاءوا يوم الجمعة صلوا ما أمكنهم أن يصلوا، ثم جلسوا ولا يقومون إلا للصلاة، وما جاء أنهم يتحلقون، فيكون التحلق يوم الجمعة -إذا ثبت- ليس في هذا الوقت الذي هو بعيد عن وقت صلاة الجمعة.
مدى حجية قول الصحابي في المسائل الاعتقادية
السؤال: هل قول الصحابي في المسائل الاعتقادية حجة؟ وهل هناك دليل على اتباعهم في فهم الكتاب والسنة؟ الجواب: من المعلوم أن الصحابي إذا كان ليس معروفاً بالأخذ عن الإسرائيليات، وأتى بأمر لا مجال للرأي فيه، ولا مجال للاجتهاد فيه، فإنه يعتبر مرفوعاً إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، ويكون له حكم الرفع؛ لأن المرفوع إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام نوعان: مرفوع تصريحاً، ومرفوع حكماً؛ فالمرفوع تصريحاً أن يقول الصحابي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، أو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا، أو رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل كذا، أو نهى رسول الله عن كذا، أو أمر رسول الله بكذا، فإن هذا مرفوعاً تصريحاً إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام.
أما المرفوع حكماً فهو أن يفعل الصحابي أو يقول قولاً لا مجال للرأي فيه، وليس معروفاً بالأخذ عن الإسرائيليات، فإنه يكون على هذا له حكم الرفع، فإذا ثبت عن الصحابي شيء لم يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه يعتبر حجة، ويكون مرفوعاً حكماً، فليس من قول الصحابي يعتبر بل يعتبر مضافاً إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام.
الدليل على اتباع فهم الصحابة للكتاب والسنة
السؤال: هل هناك دليل على اتباع الصحابة في فهم الكتاب والسنة؟الجواب: لا شك؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم هم أفهم من غيرهم فيما يتعلق بالتفسير، ولهذا أحسن التفسير وأفضل التفسير تفسير القرآن بالقرآن، وتفسيره بالسنة، ثم تفسيره بأقوال الصحابة؛ لأنهم هم الذين حضروا التنزيل، وشاهدوا الرسول صلى الله عليه وسلم، وهم أعرف من غيرهم وأعلم من غيرهم.
كتاب التسهيل في علوم التنزيل للكلبي
السؤال: فضيلة الشيخ! حفظك الله، ما رأيكم في كتاب التسهيل في علوم التنزيل هذا التفسير لـأحمد بن عبد الله الكلبي، حيث أنه يرد على الجبرية، والقدرية، والمعتزلة، والأشاعرة، ولكن يقول: إن الإيمان ينافي العمل؟الجواب: لا أعرف شيئاً عن الكتاب.
كيفية التسبيح بعد الفريضة
السؤال: ما هي كيفية التسبيح بعد صلاة الفرض، هل يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، حتى تبلغ كل واحدة ثلاثة وثلاثين، أو يقول: سبحان الله وحدها حتى تصل إلى ثلاثة وثلاثين؟ الجواب: الأمر في ذلك واسع، إن قال: سبحان الله حتى أكمل ثلاثاً وثلاثين، وقال: والحمد لله حتى أكمل ثلاثاً وثلاثين، وقال: الله أكبر حتى أكمل ثلاثاً وثلاثين، أو جمعها بأن قال: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، فعد ثلاثاً وثلاثين، كل ذلك صحيح، وكله يدل عليه اللفظ، وكما قلت: الأمر في ذلك واسع، إن قال هذا أو قال هذا، كل ذلك صحيح، وكل ذلك تسبيح وتحميد وتكبير لهذا المقدار الذي هو ثلاث وثلاثون، أتى بها مجتمعة، أو أتى بها متفرقة لا بأس بذلك.
حكم إسبال الثياب والسدل في الصلاة
السؤال: ما هو حكم الإسبال للثوب وغيره؟ الجواب: الإسبال كما هو معلوم سواءً كان للثوب، أو للسراويل، أو للإزار، أو للمشلح، أو لأي شيء يلبسه الإنسان، فإنه لا يجوز له أن ينزل عن الكعبين، بل الحد هو الكعبان، يكون فوقهما بقليل، ولا ينزل عنهما؛ لأن نزول الثوب الذي يلبسه الإنسان عن الكعبين إسبال، (ما أسفل من الكعبين فهو في النار)، كما جاء ذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
ثم أيضاً بالإضافة إلى الوقوع في المحظور، فيه أيضاً تعريض للثياب للوسخ، وهذا هو الذي أرشد إليه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه لما كان في مرض موته، وكان الناس يزورونه بعدما طعنه المجوسي الطعنة التي نال الشهادة بها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بأنه شهيد، وسأل الله عز وجل أن يرزقه شهادةً في سبيله، وأن يجعل وفاته في بلاد رسوله صلى الله عليه وسلم، فتحقق له ذلك، فإنه لما حصل له هذا الذي حصل، كان الناس يعودونه، وكان ممن عاده شاب أثنى عليه وقال: هنيئاً لك يا أمير المؤمنين! صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسنت صحبته، ثم ذكر مؤازرته لـأبي بكر، ثم توليه الخلافة، وأنه قام فيها خير قيام، ثم أثنى عليه، ثم إنه قال له لما أدبر، قال: وددت أن يكون ذلك لا علي ولا لي، ولما أدبر وإذا ثوبه يمس الأرض، فقال: ردوا علي الغلام، فرجع، فقال له: يا ابن أخي! ارفع ثوبك فإنه أتقى لربك، وأبقى لثوبك، فأرشده إلى فائدة يعني دنيوية، وهي كون ثوبه يبقى ولا يتعرض للتلف والوسخ، وأرشده إلى فائدة يحصل أجرها وثوابها في الدنيا والآخرة، وهي تقوى الله عز وجل، قال: إنه أتقى لربك، وأبقى لثوبك.
ثم بعض الناس قد يقول بل من الناس من يقول عندما يكون ثوبه نازلاً عن الكعبين، يقول: أنا ما أجره خيلاء، يعتذر لإبقاء هذا الأمر المنكر على ما هو عليه، بأنه لا يفعله خيلاء، لا شك أن من يفعله خيلاء وقصده الخيلاء، هذا جمع بين خصلتين ذميمتين، جمع أمرين منكرين، لكن من أسبل إزاره، وهو لا يفعله خيلاء، لكنه في فعله مخالفة للسنة، فإنه ارتكب محظوراً، وعرض نفسه للعقوبة، ولا شك أن بعض الشر أهون من بعض، ولكن كلها شر، كل فيه شر، ولكن بعض الشر أهون من بعض، من جر خيلاء أسوأ ممن جره ولكن لم يقع في قلبه الكبر والخيلاء، فكل منهما شر، وكل منهما فيه مخالفة للسنة، وكل منهما فيه تعرض للعقوبة، ولكن بعض الشر أهون من بعض.
وأما الإسبال بالنسبة لليدين، فالرسول صلى الله عليه وسلم المعروف عنه أنه كمه إلى الرسغ، وهو الحد الفاصل بين الكف والذراع؛ المفصل الذي بين الكف والذراع، هذا هو الرسغ، وكان كم رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك، أنا لا أذكر شيئاً فيما يتعلق بالإسبال به، لكن الذي أعرفه هو ما يتعلق بالنسبة للثوب، وأما هذا ما أعرف فيه، لكن أعرف فيه أن كم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرسغ.
لعل السائل يقصد السدل في الصلاة، سدل اليدين في الصلاة؟ وليس الإسبال.
هذا خلاف السنة، السنة التي ثبتت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه كان يضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة، هذه السنة الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، والسدل الذي هو إرسال اليدين، وعدم قبض اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة، الذي هو قبل الركوع، هذا هو المعروف، وأما بعد الركوع ففيه خلاف بين أهل العلم، وكذلك أيضاً قبل الركوع، لكن السنة ثابتة في القبض وليس في الإرسال؛ لأن الإرسال ما نعلم شيئاً ثبت فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل الثابت هو القبض وليس الإرسال بالنسبة لليدين.
اليد اليمنى على اليسرى توضع على الصدر، وتكون اليد اليمنى جمعت بين الكف والرسغ والساعد.
وثبت عن عدد من الصحابة وضع اليد اليمنى على اليسرى.
حكم شراء السلعة من الشخص الذي باعها إليه
السؤال: هل يجوز شراء السلعة من الشخص الذي باعها إليه؟ الجواب: إذا كانت نقداً ما فيه بأس يشتريها، إذا كان باعها نقداً بأي ثمن ثم اشتراها ممن باعها عليه لا بأس، وأما إذا كان باعها نسيئة إلى أجل بثمن مؤجل، فإنه لا يشتريها بائعها بأقل من ثمنها؛ لأن هذه هي العينة؛ لأن السلعة عادت إلى صاحبها وبقيت ذمة المدين مشغولة، ولكن لو باعها بأكثر من ثمنها حاضراً، أو تغيرت، حصل فيها تغير يجعل قيمتها تنخفض، فإنه لا بأس بذلك، أو باعها على غيره، لا بأس بذلك، على غير من اشتراه منه، ولو بأقل قبل أن يمضي عليها، هذه يسمونها مسألة العينة.
حكم أخذ العربون
السؤال: ما حكم أخذ العربون على السلعة؟ وهل يرد العربون لصاحب السلعة إذا صرف الراغب فيها النظر عنها؟ الجواب: ما أدري، لا أدري، طبعاً هو وضع شيء يتوثق لا بأس، يمكن في التوثق، لكن ما مصير الذي يقال له: العربون، هل يملكه الإنسان أو ما يملكه؟ لا أدري.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #295  
قديم 21-09-2021, 09:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,025
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب التطبيق)
(203)


- باب أول ما يصل إلى الأرض من الإنسان في سجوده - باب وضع اليدين مع الوجه في السجود

جاءت السنة المطهرة بالنهي عن التشبه بالحيوانات لا سيما في أفعال الصلاة، ومن ذلك كيفية الهوي إلى السجود، حيث ندبت إلى تقديم اليدين على الرجلين حتى يخالف المصلي في نزوله بروك البعير، كما أمرت المسلم أن يضع يديه مع وجهه في السجود على الأرض.
أول ما يصل إلى الأرض من الإنسان في سجوده

‏ شرح حديث وائل بن حجر: (رأيت رسول الله إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب أول ما يصل إلى الأرض من الإنسان في سجوده.أخبرنا الحسين بن عيسى القومسي البسطامي حدثنا يزيد وهو ابن هارون أخبرنا شريك عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر رضي الله عنه أنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه)].
قال النسائي: باب أول ما يصل إلى الأرض من الإنسان في سجوده؛ أي: عندما يهوي إلى السجود من القيام بعد الركوع، فما الذي يصل إلى الأرض أولاً، هل تصل يداه قبل ركبتيه، أو ركبتاه قبل يديه؟ هذا هو المقصود من هذه الترجمة، وقد أطلق الترجمة، وهي محتملة وشاملة لتقدم اليدين على الرجلين، ولتقدم الرجلين على اليدين؛ لأنها مطلقة، لم يبوب لتقديم الرجلين على اليدين، ولا العكس الذي هو تقديم اليدين على الرجلين، وإنما أتى بترجمة واسعة تشمل ما ورد في ذلك من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والأحاديث التي وردت في هذا هي حديث وائل بن حجر، وفيه: أنه يقدم ركبتيه قبل يديه، وحديث أبي هريرة، وفيه: أنه يقدم يديه قبل ركبتيه.
أما حديث وائل بن حجر فإنه قال: [رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه]. أي: أنه إذا كان قائماً فأول ما يصل إلى الأرض الأسفل الذي يليه، فتصل إلى الأرض الركبتان أولاً، ثم اليدان ثانياً، ثم الوجه ثالثاً، وإذا رفع يرفع وجهه ثم يديه ثم ركبتيه، فعند السجود تكون الأسافل تسبق الأعالي، وعند القيام تسبق الأعالي الأسافل، هذا هو الذي يقتضيه حديث وائل بن حجر رضي الله تعالى عنه، وقد تكلم فيه العلماء، فمنهم من أثبت حديثه، ومنهم من تكلم فيه، وسبب الكلام هو أحد الرواة الذي هو شريك بن عبد الله القاضي النخعي، الذي هو صدوق يخطئ، وقد اختلط لما ولي القضاء، فمن العلماء من حسن هذا الحديث، واعتبره ثابتاً، وعليه أكثر أهل العلم كما قال ذلك الترمذي: العمل عليه عند أكثر أهل العلم؛ يعني: أنهم يقدمون الركبتين ثم اليدين.
تراجم رجال إسناد حديث وائل بن حجر: (رأيت رسول الله إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه ...)
قوله: [أخبرنا الحسين بن عيسى القومسي البسطامي]. صدوق، أخرج له البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[حدثنا يزيد وهو ابن هارون].
هو ابن هارون الواسطي، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
وقوله: [وهو ابن هارون]، هذه إضافة ممن دون تلميذه الحسين بن عيسى؛ أي: من النسائي أو ممن دونه، فهم الذين أتوا بهذه الإضافة، وأتوا بكلمة (هو) أو (وهو) للإشارة إلى أنها ليست من التلميذ، وأن التلميذ اقتصر على كلمة يزيد، ولم يضف إليها شيئاً، وقد عرفنا فيما مضى أن من دون النسائي يكون له إضافات من هذا القبيل، ويتضح ذلك بذكر الإضافة إلى شيوخ النسائي، مثل ما مر بنا قريباً: أخبرنا عمرو بن منصور، يعني: النسائي؛ لأن الذي قال: يعني النسائي هو من دون النسائي، ويزيد بن هارون حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا شريك].
هو شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي، قال عنه الحافظ في التقريب: صدوق يخطئ كثيراً، واختلط لما ولي القضاء.
تغير حفظه لما ولي القضاء، وكان شديداً على أهل البدع، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عاصم بن كليب].
هو عاصم بن كليب بن شهاب الجرمي الكوفي، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، يعني مثل شريك بن عبد الله القاضي.
[عن أبيه].
كليب بن شهاب، وهو صدوق، أخرج له البخاري في رفع اليدين، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن وائل بن حجر].
هو وائل بن حجر الحضرمي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صحابي مشهور، وحديثه عند البخاري في جزء القراءة، وعند مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
شرح حديث: (يعمد أحدكم في صلاته فيبرك كما يبرك الجمل)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة حدثنا عبد الله بن نافع عن محمد بن عبد الله بن حسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يعمد أحدكم في صلاته فيبرك كما يبرك الجمل)].هنا أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [يعمد]، والمراد به: أنه استفهام إنكار، ليس فيه الهمزة، وقد يأتي الاستفهام بدون الهمزة؛ لأنها تأتي وتحذف، فالمقصود هنا الإنكار.
قوله: [(يعمد أحدكم في صلاته فيبرك كما يبرك الجمل)] هذا لفظ مطلق، أي: لم يبين فيه بروك الجمل؛ ما قال: إنه يقدم يديه، ولا قال: إنه يقدم ركبتيه، والذين قالوا: بأنه يقدم ركبتيه -كما جاء في حديث وائل بن حجر- يقولون: إن هذا شأن الجمل أنه يقدم يديه ثم رجليه، وكونه يقدم ركبتيه ثم يديه هذا يخالف هيئة الجمل أو هيئة بروك الجمل؛ لأن كلامهم في بروك الجمل منهم من قال: إن بروك الجمل أنه يقدم اليدين قبل الرجلين؛ لأن البعير له يدان وله رجلان، فيقدم يديه أولاً، ثم بعد ذلك ينزل على رجليه، فقالوا: إن الحديث لا يدل على ما جاء في الحديث الآخر الذي هو حديث أبي هريرة الذي فيه: (وليضع يديه قبل ركبتيه)، وإنما هو مطلق، واستدلوا من كلام أهل اللغة على أن البعير أنه يقدم يديه قبل ركبتيه، ومخالفة البعير إنما هي بما جاء في حديث وائل بن حجر: أنه يقدم الركبتين قبل اليدين؛ أي: أنه يخالف هيئة البعير في النزول وفي القيام؛ لأن البعير عندما ينزل يقدم يديه ثم رجليه، وعندما يقوم يرفع رجليه ثم يديه، والذي جاء في حديث وائل بن حجر يخالف هذه الهيئة عند النزول وعند القيام، وهو عند النزول يقدم الركبتين ولا يقدم اليدين، بخلاف الجمل، وعند القيام يرفع المصلي اليدين ثم يرفع الركبتين، والجمل يرفع الرجلين أولاً ثم يرفع اليدين، وجاء حديث وائل بن حجر على خلاف هذه الهيئات، قالوا: فالحديث لا يدل على تقديم اليدين على الركبتين، وإنما هو مطلق وغير معين، وفيه التقديم والتأخير.
وحديث أبي هريرة من الطريقة الثانية التي بها الدراوردي، فيها أنه أضاف إلى كونه (لا يبرك كما يبرك البعير، قال: وليضع يديه قبل ركبتيه)، وبعض العلماء صححوا هذا الحديث وقالوا: إن الإنسان أول ما يبدأ يقدم اليدين، ولا يقدم الركبتين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه)، معناه أنه يكون بذلك مخالفاً هيئة البعير إذا قدم يديه قبل ركبتيه، ويقولون: إن بعض أهل اللغة، يقولون: إن ركبة البعير في يديه، ومن المعلوم أن البعير يداه فيها ركبتان، ورجلاه كذلك فيها ركبتان، كل من يديه ورجليه فيها ركبتان، ومن المعلوم أن يدي البعير يقال أن فيها ركبتين، وقد جاء في الحديث: (ساخت يد فرسه في الأرض حتى بلغت الركبتين)، قصة سراقة بن جعشم في قصة الهجرة، وأنه لما قالت قريش: من يأتي بمحمد أو من يذهب إليه ويحضره لهم، أن له كذا وكذا، فتفرقوا يبحثون عنه ليحصلوا الجائزة، وكان سراقة بن جعشم هو الذي اتجه إلى جهة المدينة فأدركه، فلما أقبل على الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان قريباً منه، غاصت يدا فرسه بالأرض حتى بلغت الركبتين، فعلم بأن هذا من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال له: ادع الله أن يخلصني ولك علي ألا أخبر أحداً، فدعا له وخرجت يدا فرسه ورجع، فكان إذا لقيه أحد قال: هذه الطريق كفيتكم إياها، وما قال: ليس فيها أحد، قوله: أنا كفيتكم إياها، هو كلام مطلق فيه إجمال، لكن هم يفهمون منه أن ليس فيها أحد، وهو ما قال: أن ما فيها أحد، ولكن قال: أنا كفيتكم هذه الجهة.
الحاصل أن الحديث فيه ذكر اليدين في الركبتين، لكن كما هو معلوم اليدان والرجلان، قالوا: إن اليدين والرجلين جاء في هذا الحديث أنه: (لا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه)،والذين قالوا: بتقديم الركبتين على اليدين، قالوا: إن هذا غير مطابق لهيئة البعير التي جاءت عن أهل اللغة، والهيئة المعروفة المشاهدة المعاينة أن البعير يقدم يديه قبل رجليه، والمصلي يقدم رجليه قبل يديه، إذاً هذا فيه مخالفة لهيئة البعير، قالوا: فالحديث فيه قلب؛ لأن آخره يخالف أوله، وهو أن طريقة تقديم اليدين على الركبتين تخالف هيئة البعير التي يقدم فيها اليدين على الركبتين، وممن قال بهذا ابن القيم قال: إن هذا مما انقلب على بعض الرواة، وحصل فيه انقلاب، وفيه تقديم وتأخير، لكن من حيث اليدين والركبتين، لا شك أن البعير في يديه ركبتان، وفي رجليه ركبتان، لكن بالنسبة لتقديم اليدين على الرجلين، والرجلين على اليدين؛ لأنه فيه مقدم وفيه مؤخر، فالبعير فيه مقدم وهو اليدان، ومؤخر وهو الرجلان، والمصلي كما جاء في حديث وائل بن حجر، وكما يقول أصحاب هذا القول: من أنه لا يبرك كما يبرك البعير، أنه خلاف هذه التي جاءت في حديث وائل بن حجر، قالوا: فآخر حديث أبي هريرة يخالف أوله من حيث الهيئة، لكن الذين صححوه وقالوا: إن آخره لا يخالف أوله، قالوا: إن البعير يداه على الأرض، فهو عندما يبرك يقدم ركبتيه، لكن الركبتين اللذين في الرجلين أو الركبتين اللذين في اليدين هؤلاء يقولون: الركبتين اللذين في اليدين هي هيئة البعير، فتقديم المصلي ركبتيه على يديه معناه: أنه يوافق هيئة البعير الذي يقدم ركبتيه التي في يديه، فالخلاف بينهم فيما يقدمه المصلي وما يؤخره، والمطلوب مخالفة ما يفعله البعير في نزوله وقيامه، والحديث الذي ليس فيه تقديم اليدين على الركبتين مطلق، وهو محتمل لأن يكون كما جاء في حديث وائل بن حجر على أن حديث أبي هريرة الثاني فيه قلب، ومحتمل أن يكون موافقاً لما جاء في حديث أبي هريرة من أن البعير يقدم ركبتيه التي في يديه، لكن قوله: يقدم ركبتيه قبل يديه، يعني: إذا نظر إلى المعاكسة بين اليدين والركبتين ما يستقيم إلا إذا قيل: إن تقديم اليدين على الرجلين، أو تقديم الرجلين على اليدين، هذا هو الذي فيه تقديم وتأخير، أما على حديث أبي هريرة -الذي قيل: إن فيه قلب- فإنه لا يتضح فيه المقدم والمؤخر؛ يضع يديه قبل ركبتيه، البعير هيئته أنه يقدم ركبتيه التي في يديه، لكن ما فيه شيء مقدم ومؤخر على هذا المعنى؛ لأنه معناه فيه شيء مقدم وهو تقديم الركبتين التي في اليدين، فصار فيه إشكال من حيث فهم المعنى.
وهل حديث أبي هريرة فيه قلب أو ليس فيه قلب؟ والذين صححوه قالوا: ليس فيه قلب، وأن هذه الهيئة هي الهيئة الصحيحة، وأن البعير يقدم ركبتيه التي في يديه، والحديث جاء فيه الأمر بتقديم اليدين على الركبتين، فيكون حديث أبي هريرة يقتضي أن المصلي يقدم يديه قبل ركبتيه. والذين تكلموا في حديث أبي هريرة أعلوه من حيث المتن بالاضطراب بالقلب أو احتمال القلب، ومن جهة السند بـعبد العزيز بن محمد الدراوردي؛ خرج له أصحاب الكتب الستة، وفيه كلام من جهة روايته إذا روى من كتابه، وإذا روى من حفظه أو من كتب غيره، فقالوا: إن فيه تفصيل، ومنهم من ضعفه مطلقاً، ومنهم من وثقه مطلقاً، ومنهم من فصل، والقول بالتفصيل يتوقف على معرفة هل الحديث مما حدث فيه من كتابه، أو أنه من غير كتابه؟ فيكون الأمر محتملاً، وعلى هذا فيكون حديث أبي هريرة من حيث الإسناد فيه احتمال، وحديث وائل بن حجر أيضاً فيه احتمال، فمنهم من قدم حديث شريك، ومنهم من قدم حديث عبد العزيز بن محمد الدراوردي، وحصل الخلاف بين العلماء على هذين القولين، وأكثر أهل العلم على القول الأول.
وهناك قول ثالث: أنه يقدم اليدين أو يقدم الركبتين؛ إن قدم هذا أو قدم هذا، وممن قال بهذا السندي المعلق صاحب الحاشية، فقال: إن النهي محمول على التنزيه، وأن الفعل الذي هو تقديم الركبتين على اليدين يدل على أن ذلك سائغ، وما جاء من النهي فإنه يكون محمولاً على التنزيه.
فإذاً: للعلماء في ذلك ثلاثة أقوال: منهم من يقول: تقدم عند النزول الركبتان ثم اليدان كما جاء في حديث وائل بن حجر، ومنهم يقول: تقدم اليدان ثم الركبتان كما جاء في حديث أبي هريرة، ومنهم من يقول: إنه يقدم هذا أو هذا، ويكون ما جاء في تقديم الركبتين على اليدين يدل على الجواز، وما جاء في النهي في أنه لا يبرك كما يبرك البعير يدل على أن النهي للتنزيه.
وعلى كل فإن الأمر فيه عدم وضوح؛ لأن الأقوال تضاربت في تصحيح هذا، وفي تضعيف هذا، وفي الكلام في هذا، وفي الكلام في هذا، والكلام في حديث أبي وائل هو من جهة رواية شريك، وذاك من جهة رواية عبد العزيز بن محمد الدراوردي، وما يحتمله المتن من القلب، وأيضاً ما فيه المخالفة من حيث الرجلين واليدين، وأن البعير يقدم يديه قبل رجليه، والمصلي يقدم رجليه قبل يديه وهكذا، فالأمر في ذلك مشكل، ومن اتضح له ثبوت حديث أبي هريرة فعليه أن يعمل به، ومن اتضح له ثبوت حديث وائل بن حجر فعليه أن يعمل به، ومن توقف أو قال: إن النهي مبني على التنزيه فإنه يسوغ هذا، ويسوغ هذا، لكن الذي ينبغي أن يلاحظ أنه عندما ينزل الإنسان في صلاته، إذا قدم ركبتيه فإنه لا يماثل البعير في الهيئة التي هي كونه يصير لركبتيه صوت، بحيث ينزل إليها بقوة مثل ما يفعل البعير، والبعير إذا برك على ركبتيه يخرج له صوت من نزوله؛ لأنه يثني ركبته ثم ينزل عليها ويكون جسمه كله معتمد على الركبتين، ويخرج لها صوت، فتكون هذه الهيئة كون الإنسان ينزل على يديه أو ينزل على ركبتيه، ويكون له صوت، هذه الهيئة لا ينبغي أن تفعل، وإنما ينزل الإنسان شيئاً فشيئاً حتى إذا قرب من الأرض، إما أن يقدم ركبتيه، أو يقدم يديه، ولا يطلع لما يصل إلى الأرض منه صوت كما يحصل بالنسبة للبعير، وأنا في الحقيقة رأيت كلام أهل العلم المصححين والمضعفين والمجيبين عن هذا، والمجيبين عن هذا، وقد أُلف في ذلك بعض الرسائل الخاصة في تقديم اليدين أو تقديم الركبتين، وكلها ترجع إلى قضية عبد العزيز بن محمد الدراوردي وشريك بن عبد الله القاضي.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #296  
قديم 21-09-2021, 09:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,025
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث: (يعمد أحدكم في صلاته فيبرك كما يبرك الجمل)
قوله: [أخبرنا قتيبة].هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبد الله بن نافع].
هو الصائغ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن محمد بن عبد الله بن الحسن].
هو محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، الملقب النفس الزكية، وقال عنه الحافظ: إنه ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والترمذي، والنسائي.
ومن العلماء من تكلم في محمد بن عبد الله بن الحسن، تكلم في روايته عن أبي الزناد. وتردد في سماعه منه، وقد ذكر هذا عن البخاري رحمة الله عليه، هل سمع منه أو لم يسمع؟
[عن أبي الزناد].
هو عبد الله بن ذكوان، كنيته أبو عبد الرحمن، واشتهر بلقب أبي الزناد، وهي لقب على لفظ الكنية، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[الأعرج].
هو عبد الرحمن بن هرمز المدني، لقبه الأعرج، وهو ثقة، ثبت، عالم، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. وهو مدني مثل أبي الزناد، ومشهور بلقبه، يأتي ذكره باللقب كثيراً، ويأتي ذكره بالاسم والنسبة أيضاً كثيراً.
[عن أبي هريرة رضي الله عنه].
هو عبد الرحمن بن صخر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة على الإطلاق حديثاً رضي الله عنه وأرضاه.
حديث: (إذا سجد أحدكم فليضع يديه قبل ركبتيه ...) وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا هارون بن محمد بن بكار بن بلال من كتابه حدثنا مروان بن محمد حدثنا عبد العزيز بن محمد حدثنا محمد بن عبد الله بن الحسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا سجد أحدكم فليضع يديه قبل ركبتيه، ولا يبرك بروك البعير)].هنا أورد النسائي حديث أبي هريرة: [(إذا سجد أحدكم فليضع يديه قبل ركبتيه، ولا يبرك كما يبرك البعير)]، وتقدم الكلام عليه في حديث أبي هريرة المتقدم، ومع حديث وائل بن حجر.
قوله: [أخبرنا هارون بن محمد بن بكار بن بلال من كتابه].
صدوق، أخرج له أبو داود، والنسائي، وقوله: [من كتابه]، يعني أنه حدثهم من كتابه، وليس من حفظه.
[حدثنا مروان بن محمد].
هو الطاطري الدمشقي، وهو ثقة، روى له الجماعة سوى البخاري.
و هارون بن محمد شيخ النسائي دمشقي، وهذا أيضاً دمشقي.
ومروان بن محمد الدمشقي روى له مسلم في الصحيح، ولم يرو له في المقدمة، والرمز بميم قاف هو للمقدمة، يعني: مقدمة الصحيح، ومن المعلوم أنه لا يعني أن الشخص إذا كان مسلم روى له في المقدمة أنه يكون فيه كلام، فقد يكون فيه كلام، وقد يكون من الثقات الأثبات، فإن الحميدي شيخ البخاري الذي روى عنه البخاري في أول صحيحه، فإن مسلماً روى له في المقدمة، ما روى له في الصحيح، فلا يؤثر ذلك، وكما أن بعض الثقات ما روى لهم أصحاب الكتب الستة؛ مثل أبي عبيد القاسم بن سلام، وذلك لا يؤثر فيهم، ومثل إسحاق بن راهويه ما روى له ابن ماجه ، روى له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه، ليس معنى ذلك أن ما يراد في المقدمة يكون أنزل، لكن جرى الذين ألفوا في رجال الكتب الستة على أن يميزوا من ذكر في المقدمة، ومن ذكر في الصحيح، بأن يرمزوا لما جاء في الصحيح بميم، وما جاء في المقدمة بميم وقاف.
[حدثنا عبد العزيز بن محمد].
هو عبد العزيز بن محمد الدراوردي تكلم فيه العلماء من حيث توثيقه وتجريحه والتوسط في ذلك، فمن العلماء من جرحه مطلقاً، ومنهم من وثقه مطلقاً، ومنهم فصل بأنه إذا حدث من كتابه فيعتبر، وإذا لم يحدث من كتابه فإنه يتوقف فيه، وهذا الراوي في هذا الإسناد هو الذي تكلم في حديث أبي هريرة من أجله، وكذلك أيضاً تكلم في محمد بن عبد الله بن الحسن البخاري، فالكلام فيه إنما هو من أجل هذا، ومن أجل عبد العزيز بن محمد، ولكن عبد العزيز بن محمد هو الذي في الحقيقة محل الكلام في هذا الحديث، وقد خرج له أصحاب الكتب الستة.
يقول عنه ابن حجر: صدوق، وفي تهذيب الكمال يقول المزي : روى له البخاري مقروناً بغيره، أي: أنه ما روى له استقلالاً.
وكما هو معلوم جرت العادة أن الراوي إذا روي له في الصحيح ولو كان مقروناً، فإنه غالباً لا يذكرون كونه مقروناً، وإنما يكتفون بذكر أنه روى له في الأصول، وإن كان روى له مقروناً، لكن كما هو معلوم الذي فيه كلام إما يتجنب ما تكلم فيه، أو يكون مقروناً بغيره، والعمدة قد يكون على ذلك الغير، لكن في التقريب قال: صدوق، أخرج له الجماعة، صحيح الكتاب إذا حدث من كتابه.
وعبد العزيز بن محمد بن عبيد الدراوردي أبو محمد الجهني مولاه المدني صدوق، محدث لغيره، فيتقن، قال النسائي: حديثه عن عبيد الله أنه يخطئ إذا حدث من كتب غيره، لكن إذا حدث من كتبه يعتمد، فالكلام فيه من هذه الناحية.
[حدثنا محمد بن عبد الله] إلى آخر الإسناد.
هو: محمد بن عبد الله بن حسن النفس الزكية، وأبو الزناد والأعرج، وأبو هريرة تقدم ذكرهم.
وضع اليدين مع الوجه في السجود


شرح حديث: (إن اليدين تسجدان كما يسجد الوجه فإذا وضع أحدكم وجهه فليضع يديه ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب وضع اليدين مع الوجه في السجود.أخبرنا زياد بن أيوب دلويه حدثنا ابن علية حدثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر رفعه، قال: (إن اليدين تسجدان كما يسجد الوجه، فإذا وضع أحدكم وجهه فليضع يديه، وإذا رفعه فليرفعهما)].
هنا أورد النسائي: وضع اليدين مع الوجه في السجود، ويريد من هذه الترجمة: أن السجود يكون على الوجه وعلى اليدين، وأنه عند السجود تقدم اليدان.
قوله: [فإذا وضع أحدكم وجهه فليضع يديه].
يعني بذلك: أن السجود لا يكون على الوجه فقط، وأن تعفير الوجه بالتراب هو السجود، بل أيضاً اليدان كذلك، فلا يرفع يديه، وإنما عليه أن يبسطهما ويضعهما على الأرض، والسجود يكون على سبعة أعضاء؛ وهي: الوجه، واليدان، والركبتان، وأطراف القدمين، فليست مهمة الساجد عندما يسجد أن يسجد بوجهه فقط، بل يسجد بيديه مع وجهه.
والذين قالوا في حديث وائل بن حجر -كما ذكرت سابقاً-: إن الأسافل أولاً، ثم تنتهي بالأعالي، وعند الرفع يرتفع الأعالي وينتهى بالأسافل، فعلى هذا تقدم الركبتان، ثم اليدان، ثم الوجه، وعلى الرفع، يرفع الوجه ثم اليدان، ثم الركبتان، فإذا وضع وجهه فليضع يديه.
تراجم رجال إسناد حديث: (إن اليدين تسجدان كما يسجد الوجه فإذا وضع أحدكم وجهه فليضع يديه ...)
قوله: [أخبرنا زياد بن أيوب].
هو زياد بن أيوب دلويه، هذا لقب لقب به، وهو ثقة، حافظ، أخرج له البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، ما خرج له مسلم، ولا ابن ماجه ، وكان أحمد يلقبه شعبة الصغير؛ لحفظه؛ لأن شعبة معروف بالحفظ.
[حدثنا ابن علية].
هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أيوب].
هو ابن أبي تميمة السختياني وهو ثقة، ثبت، حجة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن نافع].
هو مولى ابن عمر، وهو ثقة، ثبت، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر].
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وهم الذين جمعهم السيوطي بقوله:
والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر
وأنس والبحر كالخدري وجابر وزوجة النبي
الأسئلة

فضل الصلاة في روضة النبي صلى الله عليه وسلم
السؤال: هل ورد في فضل الصلاة في الروضة شيء من الأحاديث؟الجواب: ورد في فضل الروضة في هذا المسجد المبارك ما جاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة)، فهذا يدل على فضلها، وعلى تميزها على غيرها، لكن هذا التميز لا يكون في الفرائض؛ لأنها تكون في الصفوف الأول التي أمامها، وكذلك في الصفوف التي في ميامن الصفوف بحذائها، فإن ذلك أفضل منها، وأما بالنسبة للنوافل، فإن لها ميزة وفضل؛ لهذا الحديث: (ما بين بيتي ومنبري روضةٌ من رياض الجنة).
وقت صلاة الضحى
السؤال: ما هو وقت صلاة الضحى؟ الجواب: صلاة الضحى من انتهاء وقت الكراهة -الذي هو ارتفاع الشمس قيد رمح- إلى الزوال، هذا كله وقت لصلاة الضحى.
من سبق السندي بالقول بالتخيير في تقديم اليدين على الركبتين أو العكس عند الهوي للسجود السؤال: هل سبق السندي أحد من السلف في قوله: إن المصلي مخير في تقديم اليدين على الركبتين أو العكس؟ الجواب: أي نعم. السندي قال: بأن النهي محمول على كراهة التنزيه، وأن حديث وائل بن حجر بتقديم الركبتين يدل على الجواز، والمسألة فيها خلاف، ما أتذكر الذي قال، لكنه قبل السندي أظن أن شيخ الإسلام ابن تيمية ذكر الأقوال الثلاثة، ومعلوم أن السندي من القرن الثاني عشر، والخلاف قديم.
درجة الأحاديث والآثار الواردة في مقدمة صحيح مسلم
السؤال: ما هي درجة الأحاديث والآثار التي ذكرها مسلم رحمه الله في مقدمة صحيحه؟ وهل هي بمنزلة ما أخرجه في صحيحه؟الجواب: لا، ليس كل ما في المقدمة هو مثل ما في الصحيح، المقدمة فيها آثار عن العلماء في التصحيح والتضعيف، والتجريح والكلام في الرجال وما إلى ذلك؛ لأن المشهور عن العلماء أنهم يقولون: إن أول من ألف في نصائح الحديث هو ابن خلاد الرامهرمزي صاحب المحدث الفاصل بين الراوي والواعي، الذي توفي سنة ثلاثمائة وستين من الهجرة، ومن العلماء من يقول: إنه مسبوق على الكتابة في المصطلح، وممن سبقه إلى ذلك مسلم في المقدمة، وكذلك الترمذي في آخر السنن، وجماعة من العلماء كتبوا، لكن كونه على سبيل الاستقلال، وتأليف كتاب مستقل خاص بالمصطلح، المشهور أنه ابن خلاد، لكن التأليف ضمناً ليس استقلالاً، سبق إليه ابن خلاد، وهي مشتملة على كلام كثير في علم المصطلح، وفي التجريح والتضعيف، وفي بعض الكلام في بعض المسائل في المصطلح؛ مثل الإرسال والمرسل والاحتجاج في المرسل وما إلى ذلك، وليست هي أحاديث، لكن فيها أحاديث صحيحة، لكن لا أدري هل كل الأحاديث التي فيها كذلك أو لا؟ لا أقول: أن كل ما يكون فيها صحيحة، لا أدري.
حكم من نسي البسملة عند الذبح
السؤال: كنت مع أحد الإخوة في البرية، وصاد لنا صيداً، ولكنه لم يذكر التسمية عند الذبح، هل تسقط التسمية سهواً؟ الجواب: نعم، إذا سها عن الإتيان بالتسمية فإن الذبيحة تحل ولا تحرم.
حكم لعب الورق
السؤال: ما هو حكم لعب الورق الذي يسمى بالباصرة؟الجواب: لعب الورق هو من اللهو، ومن شغل الوقت في غير طائل، واشتغالاً عما لا ينفع، ومن المعلوم أن الإنسان عليه أن يشغل وقته فيما يعود عليه بالخير، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (نعمتان مغبونٌ فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ)، فهل هذا الذي يشتغل في الورق، هو مغبون في وقته أو أنه رابح في وقته؟ أبداً ليس برابح، هو مغبون بلا شك.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #297  
قديم 21-09-2021, 09:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,025
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب التطبيق)
(204)


- (باب على كم السجود) إلى (باب السجود على الركبتين)
أوضحت الشريعة أن السجود لا بد أن يكون على سبعة أعضاء وهي: الوجه مع الأنف، واليدان، والركبتان، والقدمان، وأن هذا القدر هو الذي أمر الله به نبيه صلى الله عليه وسلم في سجوده، كما نهي عن كف الثوب والشعر في الصلاة.
على كم يسجد

شرح حديث: (أمر النبي أن يسجد على سبعة أعضاء...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب على كم السجود.أخبرنا قتيبة حدثنا حماد عن عمرو عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (أمر النبي صلى الله عليه وسلم، أن يسجد على سبعة أعضاء، ولا يكف شعره ولا ثيابه)].
يقول النسائي رحمه الله: باب على كم السجود، يعني: على كم عضو من الأعضاء، هذا هو المقصود بهذه الترجمة، يعني: بيان الأعضاء التي يكون عليها السجود، عندما يسجد المصلي، والمراد من ذلك: أنه يسجد على سبعة أعضاء، هي الوجه، واليدان، والركبتان، وأطراف القدمين.
والمقصود من الترجمة: بيان أعضاء السجود كم عددها، والجواب: أنها سبعة كما جاء في الأحاديث التي أوردها المصنف.
وقد أورد النسائي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، قال: [(أمر النبي صلى الله عليه وسلم، أن يسجد على سبعة أعضاء، ولا يكف شعراً ولا ثوباً)].
قوله: [(ولا يكف شعره ولا ثيابه)]. يعني: أمر النبي صلى الله عليه وسلم، أن يسجد على سبعة أعضاء، وإذا جاء: أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الآمر له هو الله عز وجل، إذا قيل عن النبي صلى الله عليه وسلم: أمر بكذا، أو قال النبي صلى الله عليه وسلم: أمرنا بكذا، أو أمرت بكذا، فإن المراد بذلك أن الآمر له هو الله عز وجل، وأما الصحابي إذا قال: أمرنا بكذا، ونهينا عن كذا، فالذي أمر ونهى رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومن المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم، مبلغ عن الله، كما قال عز وجل: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ) [النجم:3-4]، فالسنة هي وحي أوحاه الله عز وجل على رسوله، ولكن ذلك الوحي يختلف عن الوحي المقروء الذي هو القرآن المتعبد بتلاوته، والذي يقرأ به في الصلاة، فالكل من الله عز وجل، إلا أن الوحي وحيان: وحي متلو متعبد بتلاوته وقراءته في الصلاة، ومتعبد بالعمل به، ووحي متعبد بالعمل به، والقيام بما جاء فيه، وما اشتمل عليه من الأمر والنهي، وفي امتثال الأوامر، وفي اجتناب النواهي، وتصدق الأخبار، وتكون عبادة الله عز وجل طبقاً لما في القرآن، وما في السنة المطهرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله: [(أمر النبي صلى الله عليه وسلم، أن يسجد على سبعة أعضاء، ولا يكف شعراً ولا ثوباً)]، ولا يكف شعره ولا ثيابه، يعني: أنه لا يكف شعر رأسه، بأن يرفعه، وإنما يتركه ويرسله حتى يحصل نصيبه من السجود؛ لأن الشعر إذا بقي غير مدفوع إلى الآخر، فإنه يسجد منه ما كان في المقدمة، ويكون له نصيب من السجود، بخلاف ما إذا كان مدفوعاً، وقد أخر عن وضعه الطبيعي، فإنه لا يحصل له ذلك السجود.
وأما كف الثياب، فالمقصود منها: أنه لا يرفع ثيابه عندما يريد أن يسجد، يعني لا يرفع ثوبه في الصلاة، وإنما يتركها كما هي، وينزل ويصلي على ثيابه دون أن يرفعها، فتكون ركبتاه إما على الأرض، أو رفعها حتى لو لم تصل إلى حد الركبة، وإنما يترك ثيابه كما هي، فلا يرفعها في صلاته ويكفها، وإنما يتركها.
ومن المعلوم أنه قد قيل: أن من حكمة ذلك: أنه قد يكون المقصود بكفها ألا تباشر الأرض فيحصل لها توسخ، إذا كانت الأرض فيها شيء مما قد يؤثر في الثياب، فجاء الأمر بإبقائها وعدم كفها، فالشعر لا يكف، وإنما يترك كما هو، والثياب أيضاً لا تكف، لا يرفعها الإنسان في صلاته، وعند سجوده أو ركوعه، وإنما يتركها كما هي.
تراجم رجال إسناد حديث: (أمر النبي أن يسجد على سبعة أعضاء...)
قوله: [قتيبة]. وهو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، ثبت، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا حماد].
وهو ابن زيد، فإنه قد سبق أنه إذا جاء مهملاً غير منسوب حماد، فإنه يحمل على أنه ابن زيد وليس ابن سلمة؛ لأن حماد بن زيد هو الذي روى عنه قتيبة، ولم يرو قتيبة عن حماد بن سلمة كما جاء ذلك في تهذيب الكمال للمزي، فإنه ما ذكر من شيوخ قتيبة: حماد بن سلمة، وإنما ذكر حماد بن زيد فقط، فالمراد به حماد بن زيد بن درهم، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو].
هو عمرو بن دينار المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن طاوس].
وهو طاوس بن كيسان اليماني، وهو ثقة، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تفسير ذلك


شرح حديث: (إذا سجد العبد سجد منه سبعة آراب ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [تفسير ذلك.أخبرنا قتيبة حدثنا بكر عن ابن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن عامر بن سعد عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا سجد العبد سجد منه سبعة آراب: وجهه وكفاه وركبتاه وقدماه)].
أورد النسائي تفسير ذلك، أي: الأعضاء؛ لأن الباب الذي مضى باب على كم السجود، يعني: على كم عضو. وذكر أنه على سبعة أعضاء، قوله: [(أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد على سبعة أعضاء)]، لكن ما ذكر هذه السبعة الأعضاء في ذلك الحديث، فأورد بعدها هذا الباب تفسير ذلك، أي: تفسير الأعضاء السبعة، ما هي الأعضاء السبعة التي يكون عليها السجود. تفسير ذلك، يعني: توضيح هذه الأعضاء التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم، أن يسجد عليها، فأتى بحديث العباس بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا سجد العبد سجد منه سبعة آراب).
قوله: [(وجهه وكفاه وركبتاه وقدماه)].
هذا بيان للسبعة الآراب التي هي الأعضاء: وجهه، وكفاه، وركبتاه، وقدماه، أي: الأعضاء السبعة المجملة في الحديث المتقدم، والمفسرة في هذا الحديث، والمراد بالوجه الجبهة والأنف، ليس الأنف فقط، ولا الجبهة فقط، وإنما مجموع الاثنين الذي هو الجبهة والأنف.
تراجم رجال إسناد حديث: (إذا سجد العبد سجد منه سبعة آراب ...)
قوله: [أخبرنا قتيبة]. وقد مر ذكره.
[حدثنا بكر].
وهو ابن مضر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، إلا ابن ماجه .
[عن ابن الهاد].
وهو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي، وهو ثقة، مكثر من رواية الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن إبراهيم].
هو محمد بن إبراهيم بن الحارث البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عامر بن سعد].
هو عامر بن سعد بن أبي وقاص، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن العباس بن عبد المطلب].
عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد أعمامه الأربعة الذين أدركوا الإسلام، واثنان منهم وفقا للدخول في الإسلام، واثنان خذلا فلم يدخلا في الإسلام، والموفقان هما العباس، وحمزة، والمخذولان هما أبو لهب، وأبو طالب، وقد ذكر الحافظ ابن حجر في الفتح، قال: ومن عجيب الاتفاق أن أسماء، الذين وفقوا للإسلام تناسب أسماء المسلمين، والذين خذلوا أسماؤهم ليست من أسماء المسلمين؛ لأن فيهم واحد اسمه عبد العزى، والثاني أظنه عبد مناف، كل منهما عبد لغير الله، وهما مشهوران بكنيتيهما.
فـحمزة استشهد يوم أحد، وأما العباس فقد عاش بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي أظهر فضله ومنزلته الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأنه لما حصل في الناس جدب، وكان الناس من عادتهم إذا حصل جدب جاءوا للرسول صلى الله عليه وسلم، وطلبوا منه أن يدعو لهم بأن ينزل الله عليهم الغيث، فيتوسلون بدعاء رسول الله عليه الصلاة والسلام، فلما حصل في زمن عمر الجدب، جمعهم وأمر بهم للاستسقاء، وطلب من العباس أن يدعو، وقال: اللهم إنا كنا إذا أجدبنا توسلنا إليك بنبينا فتسقنا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، قم يا عباس فادع الله، اختار عمر رضي الله عنه العباس؛ لإظهار فضله لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال: نتوسل إليك بعم نبينا، يعني: بدعائه، ما قال: نتوسل إليك بـالعباس، وإنما قال: قم يا عباس فادع الله، وليس ذلك لأنه أفضل من غيره، بل إن من أقارب الرسول صلى الله عليه وسلم، من هو أفضل منه، وهو علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أفضل من العباس؛ لأن الخلفاء الراشدين أفضل من سائر الصحابة ومنهم العباس، وإنما قدمه وطلب منه أن يقوم ويدعو، ولكنه توسل بدعائه، لكبر سنه، لكونه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، والعباس حديثه عند أصحاب الكتب الستة، رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
السجود على الجبين

شرح حديث أبي سعيد الخدري: (بصرت عيناي رسول الله على جبينه وأنفه أثر الماء والطين ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [السجود على الجبين.أخبرنا محمد بن سلمة والحارث بن مسكين قراءةً عليه وأنا أسمع واللفظ له عن ابن القاسم حدثني مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: (بصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وسلم، على جبينه وأنفه أثر الماء والطين من صبح ليلة إحدى وعشرين. ) مختصر].
أورد النسائي السجود على الجبين، والمراد به الجبهة، يعني: ما قرب من العينين، يقال له: الجبين، وأورد حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، ومن المعلوم أن سجود الوجه يكون على شيئين: على الجبهة، وعلى الأنف معاً، لا يقتصر على واحد منهما، بل يجمع بينهما الإنسان في سجوده، جبهته وأنفه.
قوله[(من صبيحة ليلة إحدى وعشرين ) مختصر].
يعني: من رمضان، ثم قال: مختصر، يعني: الحديث مختصر، الحديث هو طويل، وهو من أحاديث ليلة القدر، والرسول صلى الله عليه وسلم، أري ليلة القدر، وأنه يسجد في صبيحتها بماء وطين، فلما أصبحوا ليلة إحدى وعشرين، وهي أول ليلة من العشر، نزل المطر من السماء، وخر السقف حتى صار الماء في مصلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، فلما صلى وإذا أصحابه يرون على وجهه، وعلى جبينه وأنفه أثر الماء والطين، فعلموا أنها ليلة القدر، يعني: ليلة إحدى وعشرين، وقد جاء أحاديث ليلة القدر وأنها أخفيت، فلم يعلم تعيينها، وهي في داخل العشر لا تخرج عنها، وإنما أخفيت ليجتهد الناس في العبادة في هذه الأيام كلها؛ ليحصلوا وليوافوا ليلة القدر، وقد جاءت أحاديث: (التمسوا ليلة القدر لسابعة تبقى أو خامسة تبقى)، ومن المعلوم أن ليلة واحد وعشرين ليست من السبع الباقيات، ولا من الخمس الباقيات، وقد جاء في هذا الحديث أنها وقعت في تلك السنة في ليلة إحدى وعشرين، وهذا يفهم منه أنها متنقلة، وأنها لا تكون مستقرة في ليلة واحدة دائماً من العشر، بل تتنقل؛ لأن الأحاديث جاءت في التماسها في السبع الأواخر، في الخمس الأواخر، وأرجاها ليلة سبع وعشرين، وإن كان لا يقطع بها في ليلة معينة.
والمقصود من الحديث: كونه رؤي على جبينه وأنفه أثر الماء والطين، معناه أنه سجد على ذلك، فعلق الماء والطين في وجهه، أو في جبينه وأنفه؛ لأن ذلك حصل في حال سجوده.
إذاً: السجود يكون على الجبين والأنف جميعاً، وليس على واحد منهما دون الآخر، والحديث مختصر، وقد أشار إليه في الآخر أنه قال: مختصر؛ لأن المقصود منه ذكر كون على جبينه وأنفه أثر الماء والطين.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #298  
قديم 21-09-2021, 09:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,025
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث أبي سعيد الخدري: (بصرت عيناي رسول الله على جبينه وأنفه أثر الماء والطين ...)
قوله: [أخبرنا محمد بن سلمة].هو محمد بن سلمة المرادي المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي.
[والحارث بن مسكين].
المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، قراءة عليه وأنا أسمع واللفظ له، وهذه طريقة النسائي أنه إذا كان في شيوخه الحارث بن مسكين، يذكره في الآخر ويقول: قراءة عليه وأنا أسمع واللفظ له، يعني: أن اللفظ لفظ شيخه الثاني الذي هو الحارث بن مسكين الذي يجعله في الآخر، ثم يرجع الضمير إليه فيقول: واللفظ له، يعني: اللفظ ليس لـمحمد بن سلمة المرادي، وإنما هو للحارث بن مسكين، وقد ذكرت أن من رجال النسائي محمد بن سلمة اثنان: واحد في طبقة شيوخ النسائي، وواحد في طبقة شيوخ شيوخه، فإذا جاء النسائي يروي عنه بواسطة، فالمراد به محمد بن سلمة الباهلي البصري، وإذا جاء محمد بن سلمة يروي عنه النسائي مباشرة، فالمراد به المرادي المصري، وهو شيخه الأول هنا، والشيخ الثاني الحارث بن مسكين.
[عن ابن القاسم].
وهو عبد الرحمن بن القاسم المصري، صاحب الإمام مالك، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي.
[عن مالك].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن يزيد بن عبد الله].
وهو ابن الهاد، وقد مر ذكره قريباً.
[عن محمد بن إبراهيم].
هو محمد بن إبراهيم بن الحارث، أيضاً وقد مر ذكره.
[عن أبي سلمة].
وهو ابن عبد الرحمن بن عوف المدني، أحد الفقهاء السبعة في المدينة على أحد الأقوال في السابع منهم؛ لأن السابع من الفقهاء السبعة اختلفوا فيه على ثلاثة أقوال: قيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سعيد الخدري].
وهو سعد بن مالك بن سنان الخدري، مشهور بنسبته وكنيته، كنيته أبو سعيد، ونسبته الخدري، وهو أنصاري من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
السجود


شرح حديث: (أمرت أن أسجد على سبعة ...) وذكر الأنف منها
قال المصنف رحمه الله تعالى: [السجود على الأنف.أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح ويونس بن عبد الأعلى والحارث بن مسكين قراءةً عليه وأنا أسمع واللفظ له، عن ابن وهب عن ابن جريج عن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أمرت أن أسجد على سبعة، لا أكف الشعر ولا الثياب: الجبهة والأنف، واليدين، والركبتين، والقدمين)].
أورد النسائي السجود على الأنف، وأورد فيه حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما المتقدم من طريق أخرى، عن طاوس، عن ابن عباس، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(أمرت أن أسجد على سبعة أعضاء، ولا أكف شعراً ولا ثوباً)].
الجبهة والأنف واليدين والركبتين والقدمين، والمقصود بالجبهة والأنف، إنهما شيء واحد؛ لأنه يراد بهما الوجه، لكن هنا المقصود من الحديث: ذكر الأنف، وأن الأنف يسجد عليه، لكن ليس هو عضواً مستقلاً؛ لأنه لو كان مستقلاً، كانت ثمانية وهي سبعة، إذاً: المعتبر في ذلك أن الذي يسجد عليه من الوجه شيئان، وهما: الجبهة والأنف، وهما شيء واحد، إلا أن السجود يكون عليهما جميعاً، لا يكون على واحد منهما.
أمرت أن أسجد على سبعة أعضاء، ثم جاء بين المجمل والتفسير بهذه الجملة الاعتراضية التي هي: لا أكف شعراً ولا ثوباً، ثم قال: الجبهة والأنف، يعني: ترجع إلى سبعة، لكن توسط بين التفسير والمفسر هذه الجملة التي هي: لا يكف شعراً ولا ثوباً.
تراجم رجال إسناد حديث: (أمرت أن أسجد على سبعة ...) وذكر الأنف منها
قوله: [أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح].هو أحمد بن عمرو بن السرح أبو الطاهر المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه .
والشيخ الثاني [يونس بن عبد الأعلى].
المصري أيضاً، وهو ثقة، أخرج له مسلم، والنسائي، وابن ماجه .
و[الحارث بن مسكين].
وقد مر ذكره، قراءةً عليه وأنا أسمع واللفظ له، يعني ذكر ثلاثة من شيوخه، وأخر الحارث بن مسكين وقال: قراءةً عليه وأنا أسمع واللفظ له.
[عن ابن وهب].
وهو عبد الله بن وهب المصري، ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن جريج].
وهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، فقيه، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن طاوس].
هو عبد الله بن طاوس بن كيسان، وهو ثقة، فاضل، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه عن ابن عباس].
وقد مر ذكرهما.
السجود على اليدين

شرح حديث: (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم ...) وذكر اليدين منها

قال المصنف رحمه الله تعالى: [السجود على اليدين.
أخبرنا عمرو بن منصور النسائي حدثنا المعلى بن أسد حدثنا وهيب عن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة، وأشار بيده على الأنف، واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي السجود على اليدين، وهما من أعضاء السجود السبعة، وأورد فيه حديث ابن عباس من طريق أخرى، من طريق عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(أمرت أن أسجد على سبعة أعظم)].
قوله: [(على الجبهة وأشار بيده على الأنف)]. أي: أن الجبهة والأنف شيء واحد؛ لأنه سجود على الوجه.
قوله: [(واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين)]. والمقصود منه ذكر اليدين؛ لأن الترجمة لليدين. وأطراف القدمين تكون أصابعها متوجهة إلى القبلة كما جاء في حديث أبي حميد الساعدي.
تراجم رجال إسناد حديث: (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم ...) وذكر اليدين منها قوله: [أخبرنا عمرو بن منصور النسائي].ثقة، ثبت، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا المعلى بن أسد].
المعلى بن أسد العمي، وهو أخو بهز بن أسد، وهو ثقة، أخرج حديثه الجماعة إلا أبا داود، فإنه لم يخرج له في السنن، وإنما خرج له في كتاب القدر.
[حدثنا وهيب].
هو وهيب بن خالد، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس].
وقد مر ذكرهم.
السجود على الركبتين

شرح حديث: (أمر النبي أن يسجد على سبع ...) وذكر الركبتين منها
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب السجود على الركبتين. أخبرنا محمد بن منصور المكي وعبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الزهري قالا: حدثنا سفيان عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (أمر النبي صلى الله عليه وسلم، أن يسجد على سبع، ونهي أن يكفت الشعر والثياب، على يديه وركبتيه وأطراف أصابعه، قال سفيان: قال لنا ابن طاوس: ووضع يديه على جبهته وأمرها على أنفه)، قال: هذا واحد واللفظ لـمحمد].
ترجم النسائي السجود على الركبتين، وأورد فيه حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم، أمر أن يسجد على سبع، ونهي أن يكفت شعراً وثوباً، والمراد به الكف، يعني: كونه يكفه، ثم قال: على الجبهة، أي: فسر السبعة، فقال فيها: أمر أن يسجد على سبع على كذا وكذا، يعني: تفسير قوله: [(على يديه، وركبتيه، وأطراف أصابعه)].
قوله: [(قال سفيان: قال لنا ابن طاوس: ووضع يديه على جبهته وأمرها على أنفه وقال: هذه واحد)]، يعني: أنها عضو واحد الجبهة والأنف، ليس اثنين؛ لأن الحديث سبعة، وذكر الجبهة والأنف، لكنه أشار إلى أنها شيء واحد؛ لأنها كلها تتعلق بالوجه؛ ولهذا وضع يده على جبهته وأمرها على أنفه، وقال: هذه واحد، إذاً: العدد سبعة، وليس ثمانية، فلا ينافي المعدود العدد؛ لأن الجبهة والأنف هما شيء واحد وليس شيئين؛ ولهذا قال: هما واحد، ثم قال: وهذا لفظ محمد، يعني: شيخه الأول؛ لأنه ذكر الحديث عن شيخيه وهما:
محمد بن منصور المكي، وعبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الزهري، قال: واللفظ لـمحمد، يعني: لشيخه الأول منهما.
تراجم رجال إسناد حديث: (أمر النبي أن يسجد على سبع ...) وذكر الركبتين منها
قوله: [أخبرنا محمد بن منصور المكي]. هو الجواز الذي يأتي ذكره كثيراً، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده. وهو يروي عن سفيان، وهو ابن عيينة،
[وعبد الله بن محمد].
هو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة الزهري، وهو صدوق، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا سفيان].
وهو ابن عيينة المكي، وهو ثقة، ثبت، حجة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس].
وقد مر ذكرهم في الأسانيد الماضية.
الأسئلة

أرجى الليالي في حصول ليلة القدر
السؤال: ذكرتم أنه وردت أحاديث كثيرة في ليلة القدر، وذكرتم أن أرجحها ليلة سبع وعشرين، فما وجه هذا الترجيح؟الشيخ: أنا ما قلت: أرجحها، أقول: أرجاها قالوا: أرجاها، يعني: أرجى ما تطلب في تلك الليلة، لكن ما يجزم بأنها في تلك الليلة؛ لأن الليالي عشر كلها يبحث عن ليلة القدر فيها، لكن ليلة سبع وعشرين هي الأرجى، وليس الأرجح.
حكم كم الثوب وتشميره في الصلاة
السؤال: هل كم الثوب أو تشميره، وكذلك السروال يعتبر من كف الثوب؟الجواب: هو الذي يبدو؛ لأنه كون الإنسان يرفعه عن أن يمس الأرض، سواءً كان سراويل أو غيره، المهم أن الإنسان لا يشتغل برفع شيء عندما يريد أن يركع أو يسجد، وإنما يترك ثيابه كما هي.
هل الغترة في السدل مثل الشعر؟
السؤال: هل تقاس الغترة على الشعر في عدم جعلها على الرأس أو الظهر حتى تسجد مع المصلين؟ الجواب: أما مسألة الغترة فليست مثل الشعر، لأن الشعر من أجزاء الإنسان، وأما الغترة والعمامة وكونها تصير مثلاً مطوية على الرأس، أو متروكة على وضعها، الأمر فيها واسع.
الفرق بين ما رواه مسلم في صحيحه وبين ما رواه في مقدمة الصحيح
السؤال: ما هي الثمرة العلمية المقتطفة من خلال تفريق أئمة الجرح والتعديل لما رواه مسلم في صحيحه، ولما رواه في مقدمة الصحيح؟ الجواب: ما أعرف شيئاً في هذا، إلا أن مقدمة الصحيح لم يعتبرها العلماء مثل الصحيح، ولهذا رمزوا لرجالها برموز تخصهم، وهي أيضاً تتعلق بعلم مصطلح الحديث، ويتعلق بالرجال ومناقشة ما يتعلق بشرط اللقاء وعدم اللقاء، فلا يقال: إنها كلها مثل الصحيح، وأما الصحيح فهو أحاديث متصلة، يعني: على شرطه.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #299  
قديم 21-09-2021, 09:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,025
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب التطبيق)
(205)

- (باب السجود على القدمين) إلى (باب النهي عن بسط الذراعين في السجود)
جاء الشرع الحكيم ببيان صفة السجود في الصلاة، وأنه يكون على سبعة أعضاء، وتكون اليدان في وضعهما على سمت الأذنين عند الوجه، كما أن الرجلين تكونان متجهتين للقبلة مفتوحة الأصابع، وأن السنة في السجود المجافاة بين الذراعين حتى لا يتشبه المصلي بالكلب في بسط ذراعيه.
السجود على القدمين

حديث: (إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب ...) وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب السجود على القدمين. أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم عن شعيب عن الليث أخبرنا ابن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن عباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب: وجهه، وكفاه، وركبتاه، وقدماه)].
يقول النسائي رحمه الله: باب السجود على القدمين، وقد مر في الأحاديث الماضية الأبواب المتعددة المتعلقة بالسجود على الأنف، والجبهة، وعلى الركبتين، وعلى اليدين، وهذه الترجمة تتعلق بالسجود على القدمين، فقد أورد فيه حديث العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال: (إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد، سجد منه وجهه ويداه وركبتاه وقدماه)، ومحل الشاهد من ذلك الكلمة الأخيرة وهي قوله: (وقدماه)؛ لأنها هي الدالة على ما ترجم له المصنف من السجود على القدمين.
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم].
ثقة، أخرج له النسائي وحده.
[عن شعيب].
وهو ابن الليث بن سعد المصري، وهو ثقة، نبيل، فقيه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا ابن الهاد].
وهو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي، وهو ثقة، مكثر من الرواية، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن إبراهيم بن الحارث].
هو محمد بن إبراهيم بن الحارث البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عامر بن سعد بن أبي وقاص].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن العباس بن عبد المطلب].
عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
نصب القدمين في السجود

شرح حديث عائشة: (فانتهيت إليه وهو ساجد وقدماه منصوبتان ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب نصب القدمين في السجود.أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبيدة حدثنا عبيد الله بن عمر عن محمد بن يحيى بن حبان عن الأعرج عن أبي هريرة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فانتهيت إليه وهو ساجد، وقدماه منصوبتان، وهو يقول: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك)].
أورد النسائي رحمه الله هذه الترجمة وهي: نصب القدمين في السجود، يعني عندما يسجد الإنسان ينصب قدميه، وطريقة ذلك أنه يجعل أصابعها متجهة إلى القبلة، ويسجد عليها، فهو ينصبها، لا يضعها وضعاً، ولا يجعلها على ظهورها، وإنما يجعلها منتصبة قائمة، ويجعل بطون أصابعها متجهة إلى القبلة كما جاء في حديث أبي حميد الساعدي، لكن هذه الترجمة معقودة لنصب القدمين في السجود، وأنه ينصبهما بحيث تكونان قائمتين، ولا يضعهما معترضتين، ولا على ظهورهما، وإنما ينصبهما نصباً.
وقد أورد النسائي فيه حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: [(فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتهيت إليه، وإذا هو ساجد، وقدماه منصوبتان -وهذا هو محل الشاهد هو قولها قدماه منصوبتان، وهو يقول في سجوده: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك، لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك)]، وهذا حديث عظيم، دعاء من جوامع الأدعية، وقد مر الحديث فيما مضى، ومن أحسن من شرح هذا الحديث ابن القيم في كتابه شفاء العليل، فإنه عقد فيه ثلاثين باباً تتعلق بالقضاء والقدر، وهو الباب السادس والعشرون ، وهذا الحديث من أدلة القضاء والقدر؛ لأن كل شيء بقضاء الله وقدره، الذي يطلبه وهو المعافاة، والذي يخشاه وهو العقوبة، فكل شيء مقدر، كل شيء بقضاء الله وقدره. شرحه وبين ما اشتمل عليه من إثبات القدر، والحكم والأسرار التي اشتمل عليها هذا الحديث، وأنه يستعاذ بصفات الله من صفات الله، وبأفعاله من أفعاله، وقد مر ذكر الحديث فيما مضى في أبواب سابقة من هذا الكتاب.
تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (... فانتهيت إليه وهو ساجد وقدماه منصوبتان ...)
قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم]. هو ابن مخلد، المشهور بـابن راهويه الحنظلي المروزي، وهو ثقة ثبت، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وقد أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه، فإنه لم يخرج له شيئاً.
قوله: [أخبرنا عبيدة].
في بعض النسخ عندنا عبيدة بدل عبدة، وهو خطأ ، والصواب هو: عبدة بن سليمان الكوفي، وهذا هو الموجود في تحفة الأشراف وهو عبدة بن سليمان الكوفي، وهو ثقة ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبيد الله بن عمر].
وهو ابن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري المصغر، أي: الذي يقال له: عبيد الله، ويقال: المصغر تمييزاً له عن أخيه المكبر الذي هو عبد الله؛ لأن عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر المصغر ثقة ثبت، والمكبر ضعيف، وعبيد الله بن عمر هو أخو هذا الذي يقال له: المكبر، وأما المصغر الذي معنا وهو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عمر بن الخطاب، فهو ثقة ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن يحيى بن حبان].
هو المدني، وهو ثقة ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الأعرج].
هو عبد الرحمن بن هرمز، والأعرج لقبه، وهو مشهور بلقبه، ومشهور باسمه، يأتي ذكره كثيراً باللقب، ويأتي ذكره كثيراً بالاسم والنسب، وهو ثقة ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر الصحابة على الإطلاق حديثاً عنه عليه الصلاة والسلام، ورضي الله تعالى عن أبي هريرة وعن الصحابة أجمعين.
[عن عائشة].
هي أم المؤمنين، الصديقة بنت الصديق التي أنزل الله تعالى براءتها مما رميت به من الإفك في آيات تتلى من سورة النور، وهي التي حفظت الكثير من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي من أوعية العلم وأوعية السنة، ولا سيما الأحاديث التي تتعلق بأعمال الرجل مع أهل بيته، فإنها حفظت السنن الكثيرة في ذلك وفي غيره، وهي الصحابية الوحيدة التي كثر حديثها كثرة لا يدانيها امرأة من النساء الصحابيات، ولا يقاربها، بل هي مكثرة جداً، وهي واحدة من السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن المعروفين بالكثرة في الحديث سبعة، ستة رجال وامرأة واحدة، والمرأة الواحدة هي عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها.
فتح أصابع الرجلين في السجود

شرح حديث: (كان النبي إذا هوى إلى الأرض ساجداً ... وفتح أصابع رجليه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب فتح أصابع الرجلين في السجود.أخبرنا محمد بن بشار حدثنا
يحيى بن سعيد حدثنا عبد الحميد بن جعفر حدثني محمد بن عطاء عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه أنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أهوى إلى الأرض ساجداً جافى عضديه عن إبطيه، وفتح أصابع رجليه) مختصر].
أورد النسائي فتح أصابع القدمين في السجود، يعني: تليينها لتنتمي وتتجه أطراف أصابعها إلى القبلة، وقد جاء مبيناً ذلك في حديث أبي حميد عند البخاري: (أنه إذا سجد استقبل بأصابع رجليه القبلة)، فالترجمة معقودة لبيان الهيئة التي تكون عليها الأصابع، وهي أنها تلين وتثنى حتى تتجه أطراف الأصابع إلى القبلة في السجود، وإذاً فالسنة هي هذه الهيئة، ليست الهيئة أن توضع الأصابع على الأرض، ووجوهها متجهة إلى الخلف، ولا أن توضع ظهور القدمين على الأرض، ولا أن توضع القدمان معترضتين، سواء كان يميناً أو شمالاً، وإنما تكون منصوبتين كما جاء في الحديث المتقدم، وأصابعها على هذه الهيئة، التي هي كون الأصابع مستقبلاً بها القبلة، وهذا الحديث حديث أبي حميد مختصر، يعني: جاء به مختصراً، وإلا فإنه مطول عند البخاري وعند غيره في مواضع، يعني أنه مطول يشتمل على عدة أعمال من أعمال الصلاة، فيما يتعلق بالركوع، وبالسجود، وبأعمال أخرى في الصلاة، لكنه أتى ببعضه، أو بطرف منه في هذا الموضع؛ للاستدلال به على ما ترجم له.
تراجم رجال إسناد حديث: (كان النبي إذا هوى إلى الأرض ساجداً... وفتح أصابع رجليه)
قوله: [أخبرنا محمد بن بشار].وهو الملقب بندار البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل رووا عنه مباشرة وبدون واسطة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة، وهو من صغار شيوخ البخاري، توفي سنة اثنتين وخمسين ومائتين، أي: قبل وفاة البخاري بأربع سنوات، وقد شاركه في الوفاة بهذه السنة، وكونهم من صغار شيوخ البخاري : محمد بن المثنى، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي.
[حدثنا يحيى بن سعيد].
هو يحيى بن سعيد القطان البصري ، المحدث، الناقد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبد الحميد بن جعفر].
صدوق، ربما وهم، وأخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثني محمد بن عطاء].
وهو محمد بن عمرو بن عطاء، منسوب إلى جده، واسم أبيه عمرو، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي حميد الساعدي].
هو أبو حميد الساعدي، وهو صحابي مشهور، اسمه المنذر بن سعد بن المنذر، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
مكان اليدين من السجود
شرح حديث: (... فكانت يداه من أذنيه على الموضع الذي استقبل بهما الصلاة)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب مكان اليدين من السجود.أخبرنا أحمد بن ناصح حدثنا ابن إدريس سمعت عاصم بن كليب يذكر عن أبيه عن وائل بن حجر رضي الله عنه أنه قال: (قدمت المدينة فقلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكبر ورفع يديه حتى رأيت إبهاميه قريباً من أذنيه، فلما أراد أن يركع كبر ورفع يديه، ثم رفع رأسه فقال: سمع الله لمن حمده، ثم كبر وسجد، فكانت يداه من أذنيه على الموضع الذي استقبل بهما الصلاة)].
أورد النسائي رحمه الله: موضع اليدين في السجود، يعني موضع وضع اليدين في الأرض في حال السجود، أين توضع، يعني على الهيئة التي تكون فيها عند التكبير، أنها عند المناكب والأذنين، فتكون مماثلة للهيئة التي تكون عند رفع اليدين عند التكبير.
وقد أورد النسائي في هذا حديث وائل بن حجر الحضرمي رضي الله تعالى عنه: أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرآه رفع يديه حين دخل في الصلاة حتى قربت إبهاماه من أذنيه، ثم إنه كبر وركع، ورفع وقال: سمع الله لمن حمده، ولما سجد وضع يديه مثل هيئتهما عند الرفع في الصلاة، يعني: عندما يدخل في الصلاة ويقول: الله أكبر، موضعهما من الأرض في السجود، مثل هذه الهيئة التي تكون عند رفع اليدين في التكبير، فهذا هو موضعها، عند منكبيه قريبة من أذنيه.
تراجم رجال إسناد حديث: (... فكانت يداه من أذنيه على الموضع الذي استقبل بهما الصلاة)
قوله: [أخبرنا أحمد بن ناصح ]. صدوق، أخرج له النسائي وحده.
[حدثنا ابن إدريس].
وهو عبد الله بن إدريس الأودي الكوفي، وهو ثقة ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[سمعت عاصم بن كليب].
هو عاصم بن كليب بن شهاب الجرمي الكوفي، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبيه].
وهو كليب بن شهاب، وهو صدوق، أخرج له البخاري في رفع اليدين، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن وائل بن حجر].
وهو وائل بن حجر الحضرمي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند البخاري في جزء القراءة، وعند مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
على كل فقضية الرفع لأنه ليس بلازم أنه يذكر في الكتب الأخرى غير الكتب الستة التي هي الصحيحين والسنن الأربعة، وإنما إذا كان له غيرها يمكن أن يكتفى بواحد، يمكن أن يكتفى هنا مرموزاً بالقراءة.
فالمهم أنه ما خرج له في الصحيح، وإنما خرج له في غيره، فلا يذكر غالباً الكتب الأخرى، وإنما غالباً الرموز تأتي لواحد من الكتب، لا تستوعب الكتب الأخرى، ولكن المهم أن يعرف أنه ما خرج له في الصحيح، ولكن خرج له في غيره.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #300  
قديم 21-09-2021, 09:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,025
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

النهي عن بسط الذراعين في السجود
شرح حديث: (لا يفترش أحدكم ذراعيه في السجود افتراش الكلاب) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب النهي عن بسط الذراعين في السجودأخبرنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا يزيد وهو ابن هارون، حدثنا أبو العلاء واسمه أيوب بن أبي مسكين، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يفترش أحدكم ذراعيه في السجود افتراش الكلب)].
أورد النسائي رحمه الله في هذه الترجمة وهي: باب النهي عن بسط الذراعين في السجود، والمقصود من هذه الترجمة أن الإنسان عندما يسجد يضع يديه على الأرض، ويعتمد عليهما، ويجافي عضديه عن جنبيه، ولا يفرشهما في الأرض، أي: الذراعين، فإن هذه الهيئة تشبه هيئة الكلب، عندما يفرش ذراعيه على الأرض، فكون الإنسان يضع ذراعيه على الأرض ويفرشهما، هذا جاء النهي عنه؛ لأن هذه تدل على الكسل، وعلى الخمول، وعلى كون الإنسان لا يمكن أعضاءه من السجود، والأعضاء هي سبعة، كل منهما يمكن من السجود، فإذا كان بسطهما يكون بذلك اعتمد على ساعديه، ولم يعتمد على يديه اللتين هما عضوان من أعضاء السجود، فيكن الاعتماد عليهما وليس على الذراعين عندما يحصل الافتراش، ذلك الافتراش الذي يشبه افتراش الكلب، فقد نهى عن ذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام، والذي أرشد إليه وفعله أنه يضع يديه على الأرض، ويجافي بين عضديه عن جنبيه.
تراجم رجال إسناد حديث: (لا يفترش أحدكم ذراعيه في السجود افتراش الكلاب)
قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، وقد مر ذكره قريباً.
[حدثنا يزيد وهو ابن هارون].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وكلمة [هو ابن هارون]، هذه ليست من إسحاق بن راهويه، وإنما هي من النسائي أو من دون النسائي.
[حدثنا أبو العلاء واسمه أيوب بن أبي مسكين].
صدوق له أوهام، أخرج له أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن قتادة].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس رضي الله عنه].
وهو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
عندما كنا في حديث وائل بن حجر، وحديث أبي هريرة في قضية تقديم اليدين على الركبتين، أو الركبتين على اليدين عند السجود، وذكر السندي أن كلاً منهما جائز، وأن النهي يكون محمولاً على التنزيه، والفعل يدل على الجواز، وسأل أحد الطلبة: هل قبل السندي أحد قال بهذا القول؟ وقلت: أنه ذكره بعض العلماء وأظن أن شيخ الإسلام ابن تيمية قاله، وقد اتضح بأن شيخ الإسلام ابن تيمية قال ذلك في مجموع الفتاوى في الجزء الثاني والعشرين صفحة أربعمائة وتسع وأربعين قال: لا خلاف بين العلماء في جواز الفعلين، وإنما الخلاف بينهما في أيهما أفضل، فمن العلماء من قال: بتقديم اليدين، ومنهم من قال: بتقديم الركبتين؛ لأنه قال: إنه باتفاق العلماء أن ذلك جائز.
الأسئلة

الفرق بين الحديث المستفيض والمشهور
السؤال: ما هي صيغة الحديث المستفيض؟ وما الفرق بينه وبين المشهور؟الجواب: المستفيض قيل: إنه مرادف للمشهور، وقيل: بينهما فرق، لكن لا أذكر ذلك الفرق، لكن الأحاديث هي أربعة: غريب، وعزيز، ومشهور، ومتواتر، فما لم يتواتر وزاد عن الاثنين يقال له: مشهور.
الفرق بين قول: (أخرج له البخاري ومسلم والأربعة)، وقول: (أخرج له الستة)
السؤال: ما الفرق بين قولك: أخرج له البخاري، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، وبين قولك: أخرج له أصحاب الكتب الستة؟الجواب: لا فرق، فقول: أخرج له البخاري، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، وأخرج له أصحاب الكتب الستة، سواء. لا فرق بين الكلامين، مؤداهما واحد.
توضيح معنى قول: (أخرج له البخاري تعليقاً)
السؤال: ما معنى قولك: أخرج له البخاري تعليقاً؟الجواب: يعني أخرج له تعليقاً، يعني في الصحيح؛ لأن البخاري في صحيحه يذكر فيه أحاديث مسندة، وأحاديث يذكرها معلقة، والمعلق: هو الذي ما كان الحذف فيه من أوله ولو إلى آخر الإسناد، وقد يكون المحذوف شيخه، وقد يكون المحذوف شيخه وشيخ شيخه، وقد يكون المحذوف ثلاثة، وقد يكون الإسناد كله محذوف، ويقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا هو المعلق، وقيل له: معلق؛ لأنه نازل من فوق وأسفله قد فقد أو نزع، فصار كالمعلق لم يصل إلى الأرض، يعني متدلياً، ولهذا ألف الحافظ ابن حجر كتاباً سماه (تغليق التعليق)، يعني هذا الفضاء الذي هو موجود من تحت، أغلقه بذكر الأسانيد التي تصل إلى هذا التعليق، أو التي تتصل بالإسناد الموجود الذي ذكره البخاري معلقاً، أتى بالأسانيد التي يكون بها موصولاً، ويغلق بها ذلك الفراغ الذي كان موجوداً من الأسفل في الإسناد، وذلك بالأسانيد التي يريدها.
أسماء الله الحسنى وحصرها في عدد معين
السؤال: هل أسماء الله محصورة في عدد معين؟ الجواب: ليست أسماء الله محصورة في عدد معين؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال في الحديثاللهم إني أسألك بكل اسمٍ هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك)، فإن قوله: (أو استأثرت به في علم الغيب عندك)، هذا يدل على أن من الأسماء ما لا سبيل إلى الوصول إليه، وهذا يدل على أنها غير محصورة، وأن ما وصل إلينا، أو ما جاءنا، أو دل عليه النصوص من الكتاب والسنة، لا نستطيع أن نقول: أنها هي كل أسماء الله؛ لأن هذا الحديث يدل أن من الأسماء ما استأثر الله تعالى به عنده، وأما ما جاء في حديث: (إن لله تسعة وتسعون اسماً، مائةً إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة)، فليس دليلاً على الحصر، وإنما يدل على أن من أسماء الله عز وجل هذه الأسماء، من شأنها أن من أحصاها دخل الجنة، وليس دليلاً على الحصر؛ لأنه لو جاء اللفظ: إن أسماء الله تسعة وتسعون، كان ذلك حصراً، لكن هنا قال عليه السلام: (إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة)، يعني: لله تسعة وتسعون اسماً من أحصاها دخل الجنة، يعني: وله غيرها، فهو مثل لو قال إنسان: عندي مبلغ ألف ريال، أعددته لهذا العمل، فلا يقتضي ألا يكون عنده ريالات أخرى يعني غير هذه الأشياء التي ذكرها، فهذا الحديث هو من هذا القبيل.
الحكمة من تهديد الله لبني إسرائيل بالجبل مع قدرته على هدايتهم
السؤال: قال الله تعالى: ( وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ )[الأعراف:171]، لماذا هدد الله بني إسرائيل بالجبل مع أنه قادر على هدايتهم بدون تهديدهم بالجبل؟الجواب: كما هو معلوم أن الله تعالى قادر على كل شيء، حتى الكفار الذين شرع الجهاد لجهادهم، ودعوتهم، والعمل على إخراجهم من الظلمات إلى النور، الله قادر على أن يهديهم، والله عز وجل لو شاء هداية الخلق كلهم لهداهم، لكنه شاء أن يكون الناس فريقين، فهذا هو الذي شاء الله تعالى أن يكون وكان، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن والله تعالى قادر على غير الذي كان لو أراده، فكونه يحصل أمور يحصل بها تهديد، أو يحصل كذا، فهذه أمور قدرها الله تعالى وشاءها وحصلت، والله تعالى إذا قدر شيئاً وشاءه كان، وكما ذكرت: الله تعالى سبق قضاؤه وقدره أن يكون الناس فريقين، ولو شاء الله أن يكون الناس كلهم مهتدين لفعل، كما قال: ( وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ )[السجدة:13]،
هذا هو الذي قدر، ولو شاء الله تعالى خلاف ذلك لوقع ذلك الذي شاءه خلافه، لكن الأمر كما هو موجود في عقيدة المسلمين: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.
كيفية الجمع بين طلب العلم والدعوة إلى الله تعالى
السؤال: كيف نجمع بين طلب العلم والدعوة إلى الله سبحانه وتعالى؛ لأن هناك من يرى أن طلب العلم بهذا الشكل تعطيل للدعوة إلى الله؟الجواب: أبداً، يمكن للإنسان أن يجمع بين العلم والدعوة. وطلب العلم لا يعطل الدعوة، بل الدعوة تحتاج إلى علم؛ لأن الدعوة إذا لم تكن مبنية على علم، غالباً يترتب عليها مضرة؛ لأنه قد يدعو إلى ما ينهى عنه، فإذا كان جاهلاً لا يعرف قد يدعو إلى ما لا يدعى له، إلى ما يحذر منه، يعني هذا شأن الجاهل، فالدعوة تحتاج إلى علم، والإنسان يتعلم ثم يدعو، ويمكن أن يجمع بين الدعوة والعلم، بمعنى أنه في المكان الذي يتعلم فيه، أيضاً يدعو فيه، يعني يحرص على الدعوة والتوجيه والإرشاد، وإن لم يترك طلب العلم ويذهب للدعوة، وإنما يجمع بينهما.
حكم كفت الثياب وتشميرها قبل الصلاة
السؤال: هل يجوز أن يثني الرجل أو يشمر كم ثوبه، أو سراويله قبل الدخول في الصلاة، ثم يدخل بهيئته هذه في الصلاة؟ الجواب: لا، المطلوب أنه في الصلاة تكون ثيابه مرسلة على هيئة كاملة، هذه هي الهيئة المطلوبة؛ لأن المقصود من ذلك أن يسجد شعره وتسجد ثيابه، ولا يرفعها ويكفها حتى لا تنال الأرض، فيصير لها شيء من التوسخ، ولا يكون ذلك قبل الصلاة، ولا في أثناء الصلاة.
حكم الصلاة على النبي عليه السلام في صلاة الجنازة وكيفيتها
السؤال: ما حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الجنازة، هل يقول: اللهم صل على سيدنا؟الجواب: الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، التي علمها أصحابه وهي: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد)، وغيرها من الألفاظ التي علم أصحابه إياها، يأتي بها الناس كما علمهم رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ لأنه لو كان يريد منهم أن يأتوا بهذه الهيئة، وبهذه الصفة، على لفظ أزيد من هذا لبينه رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو قد قال عن نفسه: (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر)، فإذاً: الألفاظ التي علم الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه إياها يتقيدون بها.
كيفية قضاء تكبيرات الجنازة لمن فاته بعضها
السؤال: من فاتته تكبيرات صلاة الجنازة كيف يقضيها؟ الجواب: يقضيها كما يقضي الصلاة، (ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا)، وفي صلاة الجنازة كذلك، يعني هذا الحديث يدل على صلاة الجنازة، لكن إذا سلم الإمام، فإنه يأتي بالتكبيرات، ويدعو بينها دعاء قصيراً، كأن يقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه. ويسلم؛ لأن الجنازة ترفع ولا يبقى أمامه أحد يصلي عليه حتى يطيل، وإنما يأتي بأعداد التكبيرات التي فاتته، ويدعو دعاءً قصيراً بينها، كـ(اللهم اغفر له، اللهم ارحمه).
وجه الإنكار على ملقي السلام على رسول الله من خارج المسجد النبوي
السؤال: ما وجه الإنكار على من يسلم على الرسول صلى الله عليه وسلم عند قبره، ولكن من خارج المسجد؟الجواب: من المعلوم أن سلام الزيارة إنما يكون عند أقرب مكان يمكن أن يحصل من الإنسان وهو زائر للقبر، وذلك في مكان المواجهة، سلام الزيارة يكون عند المواجهة، وأما الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي في كل مكان، والملائكة تبلغ ذلك، وهذه الهيئة ما كانت معروفة، لا في حياته ولا بعد وفاته، يعني كون الواحد يسلم على الرسول ولو من مكان واحد، لما كان صلى الله عليه وسلم حياً بين أصحابه، لما كان موجوداً بين أصحابه قبل أن يتوفاه الله، كأن يكون في حجرته أو يكون في المسجد، ما كان أحد يقف من خارج المسجد ويستقبل المسجد، أو يستقبل حجرة الرسول التي هو فيها، ويسلم عليه، ما كانوا يفعلون هذا، وإنما كان الواحد يمشي حتى يصل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ويقول: السلام عليك يا رسول الله، يسلم على الرسول إذا وصل إليه، أما بعد وفاته فكذلك، سلام الزيارة يكون عند قبره، وفي مكان المواجهة يعني يستقبل القبر ويستدبر القبلة، وأما الصلاة والسلام عليه، فيكون في حياته وبعد وفاته، والإنسان يصلي ويسلم عليه في كل مكان، والملائكة تبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حكم دعاء الله بلغة العجم
السؤال: هل يجوز للأعجمي أن يدعو الله بأسمائه بالأعجمية؟ الجواب: الأعجمي يدعو الله عز وجل بلسانه أو بلغته، لكن إذا عرف أسماء الله عز وجل باللغة العربية، وعرف معانيها، فإنه يدعو بها، ولكن إذا لم يستطع، فإنه يدعو بلغته الدعاء الذي لا يكون فيه محظور.
الفرق بين صفتي المجيء والإتيان
السؤال: ما الفرق بين صفتي المجيء والإتيان؟ الجواب: لا أعلم بينهما فرقاً، يعني: يأتي الله، يجيء الله، ما بينهما فرق، أتى الله يعني الإتيان الذي هو المجيء، لكن الإتيان الذي يأتي أحياناً، مثل قوله تعالى: (فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ )[النحل:26]، يعني: الله تعالى قضى عليها، وليس معنى ذلك أنه جاء مثل كونه يجيء يوم القيامة لفصل القضاء بين عباده، وينزل إلى السماء الدنيا، والإتيان غير الإتيان، فالمجيء والإتيان يعني يأتي الله لفصل القضاء، يجيء الله لفصل القضاء، ( وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا )[الفجر:22]، يعني: كلها بمعنى واحد.
الفرق بين صفتي القعود والجلوس
السؤال: ما الفرق بين صفتي القعود والجلوس؟ الجواب: الجلوس والقعود في فعل الناس، فإنهما مترادفتان، الجالس والقاعد بمعنى واحد، جلس وقعد مثل قام ووقف، فهما مترادفتان، وأما في حق الله عز وجل فلم يثبت وصفه بالقعود ولا بالجلوس، أي: أنه ما يقال: أن من صفاته كذا؛ لأنها ما وردت، ولا يقال: أنه ليس من صفاته كذا؛ لأنها ما جاء نفيها، فالذي جاء إثباته يثبت، والذي جاء نفيه ينفى، والذي لم يذكر يسكت عنه، مع الإقرار بأن الله متصف بكل كمال، ومنزه عن كل نقص.
موقف الإمام عند صلاته على الجنازة
السؤال: أين يقف الإمام في صلاة الجنازة عند صلاته على الرجل والمرأة؟الجواب: إذا كانت الجنازة رجلاً مفرداً ليس معه امرأة، فإن الإمام يقف عند رأسه، وإذا كانت امرأة وحدها يقف عند صدرها، وإذا كان رجل وامرأة مع بعض، فإنه يجعل رأس الرجل محاذياً لوسط المرأة، ويقف الإمام محاذياً لرأس الرجل ووسط المرأة، يعني لا يكونا متساويين في الصف في وضعهما أمام الإمام، وإنما يكون الإمام محاذياً ومسامتاً لرأس الرجل ووسط المرأة، بحيث تكون المرأة متقدمة على الرجل، فيكون رأس الرجل محاذياً لوسطها، والرجل يكون أقرب إلى الإمام، والمرأة تكون وراءه، ويكون كهيئته لو كان كل واحد منهما على حدة، عند وسط المرأة ورأس الرجل.
حكم الدعاء بعد صلاة الفريضة
السؤال: ما حكم الدعاء بعد صلاة الفريضة؟ الجواب: بعد صلاة الفريضة الذي ورد هو الذكر، ولكنه ورد الدعاء أيضاً، ومن الدعاء: أستغفر الله، أستغفر الله، التي أول ما يحصل بعد السلام؛ لأن (أستغفر الله) دعاء، يعني: أطلب من الله المغفرة، وأما الذكر: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، وغير ذلك مما ورد فهذا ذكر، وكذلك جاء في حديث: (أن يقول دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)، وهذه تقال قبل السلام وبعده؛ لأن دبر الصلاة يكون قبل السلام، ويكون بعد السلام، ودبر الشيء آخره، أو ما يلي آخره، أي: يطلق على الاثنين، يطلق الدبر على آخر الشيء، وعلى ما يلي آخر الشيء، وآخر الشيء في الصلاة هو التشهد الذي قبل السلام، وما يلي السلام الذي هو آخر الصلاة ما يكون بعده، وقد جاء في بعض الأحاديث لفظ (الدبر) يراد به ما بعد الصلاة، وحديث: (تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وتقولون تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له)، فإن هذا بعد السلام ليس قبل السلام، وقد أطلق عليه أنه دبر الصلاة.
الحوالة عن طريق البنوك الربوية
السؤال: أريد تحويل مبلغ ما إضافة إلى رصيدي في مصرف إسلامي بمصر عن طريق بنك ربوي، حيث التحويل إلى هذا المصرف مباشرة من هنا عن طريق ذلك البنك، فما هو الحكم؟الجواب: إذا كان ما وجد بنك لا يتعامل بالربا، فيتعامل مع البنك الذي يتعامل بالربا بأن يرسل عن طريقه الشيء، ما في بأس، التعامل معه إذا لم يوجد غيره، لكن لا يتعامل بالربا، يعني هو يتعامل بغير الربا، والتحويل مثل ما يحول مع غيره يحول عنده، إذا لم يجد غيره، أما إذا وجد غيره مما لا يتعامل بالربا، فالتعامل معه أولى، وإذا لم يوجد السليم من الربا يمكن أن يتعامل مع البنك الربوي، لكن على وجه لا ربا فيه.
التساوي في الأحكام في الفريضة والنافلة
السؤال: هل كل ما جاز في الفريضة جاز في النافلة في الصلاة من التسبيح بالآيات إلى آخره؟الجواب: الأصل أن الفرائض والنوافل سواء، إلا إذا جاء شيء يميز بعضهما عن الآخر، وفيما يتعلق بالتسبيح والتعوذ هو جاء بالنسبة للنوافل، ما جاء بالنسبة للفرائض؛ لأنه مع كثرة صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم بأصحابه الفرائض، ما نقلوا عنه ذلك، وإنما نقلوا عنه هذا في النافلة.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 342.48 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 336.53 كيلو بايت... تم توفير 5.95 كيلو بايت...بمعدل (1.74%)]