|
|
من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
منصة وعرائس (قصة)
منصة وعرائس (قصة) لطيفة عبدالرحمن العمير الآن على منصةٍ بعيدةٍ عن الحياة - وليست قريبة بالضرورة من الموت - على حافتها تحديداً، على الجرف الحادِّ منها أقف.. أمسكُ عرائس كثيرة بكفي وبكف عقلي، أثرثر معها بلسانه.. أتمتم وأستفهم وأتبصر وأحلم وأنتظر.. وأحيا كذلك وأموت ميتة صغرى! هذه المنصة تسرقني من الحياة، ولا تضعني في بطن الأرض، تجعلني أسبح في الضباب، أستقبل الحياة بكل تفاصيلها وكذلك الموت! ♦♦♦♦♦ العرائس في عقلي مشوهة، العرائس في يدي مشوهة أيضاً، منصة اللاحياة واللاموت، هذه تزاوج التشوهات لتنجب قصصاً بأبطال أصحاء.. التشوهات لا تورث! هنا كل الأشياء قابلة لمناقضة نفسها وتكملة نقص الآخر، تعرية الآخر من نفسه وتطويعه ليكون حدثاً هامشياً لا يعني شيئاً في ذاته، بيد أن المشهد دونه ناقص وسخيف! ولا يعني شيئاً أيضاً! كل الأشياء هنا عالقة في الضباب، عالقة في المنطقة الأكثر حذراً وخطراً.. في المكان الخطأ والمكان الصحيح. وكل الأصوات هنا تسبر أغوار النفس، تجتاحها كطوفان، وتسونامي الدمى والشخصيات يغزو المنصة، والمنصة عرشي؛ أعني: العرش الذي أملكه والمستباح. الآن أيضاً حان الوقت لأتحدث للضباب عن الضباب.. للعرائس عن نفسها للحياة والموت والمنصة والمقصلة ربمـا.. الآن أيضاً يجب أن تعرف الدمى أنها ليست في ظاهرها أكثر من خيوطٍ وخرق بالية وستبلى، بيد أنها حقيقة مصغرة عن الحياة كاملة، الحياة التي ليست أقل من أن تعاش بتفاصيلها، وليست أهلاً لأن تكون غاية ومستقرًّا! الحياة التي أراها في الظلام، أنا التي سرق نور عيني منذ أربعة أعوام عجاف! ♦♦♦♦♦ ... ذاك صوت "نوارة". كانت تهذي، تقول ما تفكر فيه قبل أن تكمل مشاهد عرائسها على المسرح، قبل أن يبدأ العرض، وقبل أن تنهي تفاصيله على جمهورها.. هي تعلم أن المسرح والمنصة والعرائس ليست خِرقاً بالية، تعلم جيداً أنها - ودون قصد منها - تمثل الحياة! تتكلم عن الموت، تستبيح حرمات الأسرار الخفية لعرائس عقلها! كانت في السادسة حينما وضعت قدمها الأولى على مسرح الأطفال هذا، ونشأت من بعده تحلم بأن تبقى طفلةً لا تفارق المنصة، كبرت، وكبر الحلم، تهاوى بعضه، واستقام أمر بعضه الآخر فنهض كأنما زلازل أرضها مجتمِعةً لا تعنيه. كبرَ الحلم، وبياض عينيها ما اشتعل رأسه شيباً، وما جعد وجهه! هي لا زالت.. تحكي الحكايا.. تتحسس الدمى.. تسميها.. تهذي.. تَدعو.. وتحلمُ أن ترى الحياةَ من جديد!
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |