الشباب والفراغ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         معارج البيان القرآني ـــــــــــــ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 7817 )           »          انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 33 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 859299 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 393630 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215863 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 74 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 59 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-12-2020, 04:31 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,062
الدولة : Egypt
افتراضي الشباب والفراغ

الشباب والفراغ
عابد بن عبد الله الثبيتي

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم أنبيائه ورسله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:
فالفراغ مشكلة كثير من الشباب في عالمنا الإسلامي وغيره، كم من صالح فسد بسببه، وكم من جادٍ متفوق تدنى مستواه بسببه، وكم من بارٍ بوالديه تبدل بره بهما عقوقاً، يوم سعى خلف الفراغ ليملأه بما يسليه وينفس عنه …
لهذا ولغيره أصبح جديراً بنا الحديث عنه ومحاولة علاجه، وسيكون الحديث حول العناصر التالية:
تعريف الشباب.
أهمية الشباب ومنزلته في الدين.
من مشاكل الشباب: الفراغ.
إحصائيات وأرقام.
أعراض الفراغ.
أسباب الفراغ.
علاج الفراغ.
أولاً: تعريف الشباب:
قال -تعالى-: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ).
الشباب هم عصب الحياة وقوامها، ولا تقوم أمة إلا بشبابها، ولا يكون لأمة من الأمم هيبة إلاّ بقدر ما في شبابهم من كفاآت وطاقات.
فمن هم الشباب، وما أهمية هذه المرحلة من العمر في الإسلام؟
ذكر الثعالبي فقال: الشباب جمع شاب، وهو ما بين الثلاثين والأربعين.
وما بكت العرب على شيء كما بكت على الشباب، حتى قال قائلهم:
ألا ليت الشباب يعود يوماً *** فأخبره بما فعل المشيب
وأمّا في الاصطلاح: فالشباب هو: قوة بين ضعفين، ضعف الطفولة، وضعف الشيخوخة.
وحقيقته، كما قال بعض العلماء: أن الشباب ليس في قدرة الجسد ولا في قوة الشهوة، وإنما الشباب في صلابة العزيمة وحماسة الروح.
ثانياً: منزلة مرحلة الشباب وأهميتها في الدين:
لقد أولى الكتاب العزيز للشباب عناية واهتماماً خاصاً، فهو يعظم فيهم التضحية، ويضرب بهم المثل في الثبات على الدين والدعوة إليه.
فلقد امتدح الله أصحاب الكهف على حداثة سنّهم بأنهم اتبعوا الحق، وتعاهدوا على الثبات عليه، ونصرته، فكانت النتيجة أن زادهم الله هدىً على هداهم وثباتاً على ثباتهم.
(إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِربّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً * وَرَبطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً).
وهذا غلام الأخدود يجعله الله سبباً في إيمان أهل بلدة بكاملها مع حداثة سنه.
وأما السنة فقد كثرت فيها الأحاديث التي يوصي النبي -عليه الصلاة والسلام- فيها بالشباب، ويوصي بالاستفادة من زمن الشباب.
وهل كان أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا شباباً.
فهذا أبو بكر الصديق أسلم يوم أسلم وعمره سبعة وثلاثون سنة، وعمر يوم أسلم في الواحدة والثلاثين وأسلم عثمان وهو في الخامسة والثلاثين وأمّا علي فأسلم وهو في الثامنة عشرة من عمره.
وأمّا اعتماد النبي -عليه الصلاة والسلام- على الشباب فظاهر؛ فأول سرية بعثها النبي -عليه السلام- في الإسلام كانت بعيد الهجرة يقودها عبد الله بن جحش، وهو من الشباب، وآخر جيش جهزه قبل موته غازياً في سبيل الله جيش أسامة بن زيد وكان عمره دون العشرين سنة.
وليعلم أن زمن الشباب لا يدوم، وأيامه لا تبقى، ولهذا دعا النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى اغتنامه فقال في الحديث الصحيح: ((اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وغناك قبل فقرك، وحياتك قبل موتك)).
ومن العجيب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر في هذا الحديث أمرين متلازمين، فقال: ((شبابك قبل هرمك، وفراغك قبل شغلك)) وهما القضيتان اللتان نتحدث عنهما في هذه المحاضرة.
وقد بيّن النبي -عليه الصلاة والسلام-، أن الصحة في البدن والفراغ من الأشغال والأعمال من النعم التي يسديها الله على من يشاء من خلقه، إلا أنهم لا يحسنون شكرها ولا القيام بحقها فقال: ((نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ)).
إنه من يتأمل هذا الحديث يلمس ولابد أن الفراغ نعمة، فإذا لم يستفد منه فإنه يصير نقمة، ويكون من أعظم المشاكل التي تواجه الشباب ولبيان ذلك استمع إلى العنصر الثالث.
ثالثاً: إحصائيات وأرقام:
اقرأ أخي هذه الإحصائية التي تستوقف العاقل فيتأمل ويقول: لولا الفراغ، وسوء استخدام الفراغ لما حصل كل هذا.
بلغ متوسط عدد الساعات التي يقضيها الشباب ما بين سن الثامنة عشرة والثانية والأربعين في تقليب صفحات الإنترنت أربع ساعات يومياً، بمعنى 1440 ساعة في السنة بمعنى أنه يقضي 60 يوماً متواصلة في مشاهدة صفحات الإنترنت في العام.
كما أكدت دراسة أجراها إبراهيم قنديل في كتابه: "الأوقات الحرة لدى الشباب السعودي" أن الشباب السعودي يقضي 70% من أوقات فراغهم في الأنشطة الرياضية.
ثم يأتي بعدها مشاهدة التلفاز بمعدل 42% ثم زيارة الأقارب بنسبة 32%.
وقد يقول أحدكم وماذا في هذه الإحصائية أمشاهدة الإنترنت حرام؟ أم لعب الكرة والنشاط الرياضي حرام؟ أم مشاهدة التلفاز أيضاً حرام؟
ولست هنا في مقام إطلاق الحكم على شيء من ذلك، ولكن هل خلق هذا المسكين ليقضي سدس عمره في تقليب صفحات الإنترنت، أم أن الله خلقه ليقضي وقته في اللعب، أو مشاهدة التلفاز وغيره؟
ومن جهة أخرى إذا كانت أوقات فراغنا تذهب لهذه الأمور، ويضاف إليها ما يقضيه الواحد منا في النوم، فكم بقي بالله من الوقت ليستفاد منه في طاعة الله لينجو بها من النار...
قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه)).
رابعاً: أعراض مشكلة الفراغ:
قد يتردد الإنسان في نفسه هل هو مِمن يعاني من مشكلة الفراغ، أم أنه من المستثمرين لأوقاتهم؟
وقد يكون الواحد منا يظن أنه مستفيد من وقته كل الاستفادة. مع أنه في الحقيقة مغبون مفرط.
ولهذا فإن كل مشكلة لها أعراض، إن وجدت دلت على وجودها، وإن انتفت دل ذلك على السلامة منها.
وأول هذه الأعراض:
شعور الإنسان بالملل "الطفش" قد يقضي الإنسان وقتاً طويلاً وهو ينتقل من مكان إلى مكان، وينظر هنا وهناك، وهو يرغب في طرد شيء من الملل والسآمة التي تملّكت نفسه وأحكمت قبضتها على قلبه، فيسعى لطرد هذا الملل بالتنقل من شارع إلى شارع، ومن مكان إلى آخر ومن منتزه إلى منتزه غيره ولكن دون فائدة.
فهذا عَرَض واضح وظاهر، يدل على أن مشكلة الفراغ مستفحلة.
العرض الثاني:
عدم الانضباط في أوقات النوم والاستيقاظ فينام من بعد الدوام إلى ما بعد الغروب، ثم يقوم ليله إلى قبيل الفجر، ثم ينام فلعله يدرك دوامه في اليوم التالي، أو لا يأتيه إلا متأخراً.
العرض الثالث:
يحاول الإنسان أن يدفع ما يشعر به من الفراغ، وأن يقطع عليه ذلك الوقت، بكثرة الكلام والمسامرة مع الأصحاب والخلان، فمن جلسة مع صديق إلى وقفة مع آخر، إلى مكالمة مع ثالث، يقضي الساعات الطوال في الحديث والكلام متناسياً قول النبي -عليه السلام-: ((إن الله كره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال)).
العرض الرابع:
دنو الاهتمامات وبساطتها وانعدام الطموح.
فالمصاب بمشكلة الفراغ، يصاب بضعف في الاهتمامات وانعدام من الطموح؛ لأنه لا يريد أن يقضي شيئاً من وقته في أمر يتعبه، وإنما يريد شيئاً يتناسب مع ما هو مصاب به، فيهتم بما يزيد من فراغه. فلو سألته عن هدفه في الحياة، لقال: لاعب، لأن اللعب يحسنه كل أحد، أما الأمور المهمة فلا ينالها إلاّ أفذاذ الناس وأقوياؤهم.
العرض الخامس:
التكدّس في المقاهي والملاهي:
بل حدا الفراغ بالشباب إلى الذهاب للمقاهي في أوقات الدوام الصباحي، وإليك هذه الإحصائية الميدانية: حيث أجريت دراسة على طلاب مدينة الرياض فوجد أن 418 طالبا من طلاب مدينة الرياض، يذهبون أثناء الدراسة الصباحية إلى المقاهي ويدخنون الشيشة.
خامساً: أسباب هذه المشكلة:
إن الذي ينظر في هذا الفراغ العارم الذي طغى على شريحة كبيرة من الشباب يتساءل عن سبب هذه المشكلة أو قل أسباب هذه المشكلة.
فمن أسبابها: انعدام القدوة الحقيقية، والناس لابد لهم من قدوات ليتأسوا بهم، ويسيروا على طريقهم، ولكن وللأسف في هذا الزمان المتأخر أصبح القدوة مفقوداً، فاتخذ الناس لهم قدوات ليسوا من أصحاب الهمم العالية، ولا هم من أهل الإنتاج والتأثير في الحياة، وإنما قدوات هذا الزمان شريحة لا تستحق هذا الشرف من ذوي الاهتمامات الوضيعة بل ممن يزين المعصية في نفوس الشباب.
مع أن لنا في ديننا القدوة الحية لكل زمان (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ.. ).
وهذه سير صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاهدة على أروع المثُل لمن أراد أن يتأسى ويقتدي.

ولكن للأسف نحن أمة لا تعرف عن تاريخها وعزها ومجدها إلاّ القليل.
صح عند النسائي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((كل لهو باطل، غير تأديب الرجل فرسه، وملاعبته أهله، ورميه سهمه)).
ومن الأسباب أيضاً: الغفلة عن أهمية الوقت، وأنه كلما زادت غفلة الإنسان عن وقته، زاد إسرافه وتبذيره لأوقات فراغه فيما لا ينفع.
يقول الحسن البصري: "يا ابن آدم ما أنت إلا أيام فإن ذهب يومك ذهب بعضك".
إنا لنفرح بالأيام نقطعها *** وكل يوم مضى يدني من الأجل
وقال أيضاً: إن من علامة إعراض الله عن العبد أن يجعل شغله فيما لا يعنيه، خذلاناً من الله - عز وجل -.
ومن الأسباب أيضاً: الجليس المفرّط الذي يقطع أوقاته شذر مذر، فتنتقل العدوى من السقيم إلى الصحيح فيسقم، فيكونان في هدر الأوقات سواء.
كل هذا مع غياب الناصح الأمين فلا ناصح في البيت ولا في الشارع، ولا في المدرسة، إلا ما رحم الله، وقليل ما هم.
ومن الأسباب أيضاً:
الفشل الدراسي: فالفاشل دراسياً شعر أنه لن ينفع في ميدان المكافحة والاجتهاد فأراد أن يثبت لنفسه العاجزة، ولغيره من الجهلة أنه ناجح فامتهن اللعب، واتخذ تقطيع الأوقات صنعة، ليكبر في عين نفسه؛ لأن الشعور بالفشل قاتل.
ومنها أيضاً.. التفكك الأسري. فلا الأب يهتم بالأبناء، ولا الأم تراقب التصرفات، كلٌ مشغول في اهتماماته ومشاغله، والضحية أن يكثر عندنا البطالون وتتفاقم المشكلة، ويدب الفساد في المجتمع، لغفلة الناس عن الاستفادة من أوقاتهم فيما ينفعهم في الدنيا والآخرة.
قال عمر بن الخطاب: لا يعجبني الرجل يعيش سبهللاً لا في عمل دنيا ولا في عمل آخرة.
سادساً: العلاج:
ما أنزل الله داءً إلاّ أنزل له دواء، كما قال النبي - عليه الصلاة والسلام -، وهنا لابد من ذكر علاج هذه المشكلة التي تَبَيّن لنا خطرها على الأفراد، والجماعات. وعلاجُها بإذن الله يكون بالنقاط التالية:
أولاً: تطبيق الأعراض السابق ذكرها على النفس، فإن وجدت هذه الأعراض تَبَيّن يقيناً أن مشكلة الفراغ موجودة، وهنا لابد من الصدق مع النفس والصراحة معها، لأن الشعور بوجود المشكلة والخوف من تفاقمها نقطة البداية للعلاج.
ثانياً: استشعار أن الدنيا مزرعة الآخرة، فكما تزرع اليوم تحصد غداً، فالزرع الطيب ينبت بإذن الله ثمراً طيباً، والذي لا يزرع في وقت البذار، تأوه نادماً يوم الحصاد.
قال طيفور البسطامي: إن الليل والنهار رأس مال المؤمن، ربحها الجنة، وخسرانها النار.
وقال ابن مسعود -رضي الله عنه- وهو يبين شدة ندمه، على أيام انقضت ولم يقضها في الطاعة: "ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت فيه شمسه، نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي".
هذا قول ابن مسعود الصحابي الجليل والعالم الزاهد، فما قول المفرطين أمثالنا!.
إن الليالي للأنام مناهل *** تطوى وتنشر دونها الأعمار
فقصارهن مع الهموم طويلة *** وطوالهن مع السرور قصار
ثالثاً: مصاحبة الجادين الحريصين على أوقاتهم، فإن القرين بالمقارن يقتدي، فإذا وضعت نفسك بين ثلّة مؤمنة تحافظ على أيامها ولياليها، وجدت نفسك في يوم من الأيام مثلهم.
ولهذا قال الله -تعالى- لنبيه وهو يأمره بأن يضع نفسه مع أهل الإيمان والتقوى: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً).
قال ابن سعدي -رحمه الله-: (فرطاً) أي: ضائعة معطلة. ودلت الآية على أن الذي ينبغي أن يطاع ويكون إماماً للناس، من امتلأ قلبه بمحبة الله، وفاض ذلك على لسانه، فلَهَجَ بذكر الله، واتّبع مراضي ربه، فقدمها على هواه، فحفظ بذلك ما حفظ من وقته، وصلحت أحواله، واستقامت أفعاله.
رابعاً: عرض المشكلة على خبير بعلاجها من الدعاة والمربين، فربما يعجز الإنسان أن يتغلب على المشكلة إذا كان منفرداً، ولكن إذا كان معه من يوجهه ويساعده، كان ذلك قوة له، فإن الشيطان من الواحد قريب وهو من الاثنين أبعد.
وكما قيل:
ولابد من شكوى إلى ذي قرابة *** يواسيك أو يسليك أو يتوجع
خامساً: ملء أوقات الفراغ بالأعمال الصالحة، كالصلوات الخمس في المساجد فهي مما ينظم وقت الإنسان، ويكسبه الأجر العظيم، كما قال النبي -عليه السلام-: ((وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط)).
وقد جاء في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: ((ورجل قلبه معلق بالمساجد)) والمعنى: أنه ما يخرج من المسجد إلاّ ويفكر في العودة إليه، فهو يقضي وقته بين الجلوس في المسجد وانتظار وقت الصلاة ليعود إلى المسجد.
ومنها: حفظ كتاب الله ومدارسته، فإنه الكتاب الذي لا تنقضي عجائبه ولا يخلق بكثرة الرد.
ومنها: حضور المجالس المباركة وحلق العلم، والأنشطة الشبابية في المخيمات والمكتبات والمدارس. فكل ذلك معين بإذن الله على حفظ الأوقات.
سادساً: تعلم بعض المهارات، كإتقان علوم الحاسب الآلي، وكيفية إعداد البرامج المفيدة، والعروض الشيقة. فكم من مهارة يجهلها الإنسان لو حرص على تعلمها لفاق إخوانه وبز أقرانه.
سابعاً: الدعاء: ولم أؤخر هذا العلاج النافع لعدم فائدته وأهميته، ولكن كل الجهود إذا لم يصاحبها العون والتوفيق من الله فهي خاسرة ضائعة.
إذا لم يكن عون من الله للفتى *** فأول ما يجني عليه اجتهاده
فادع الله مخلصاً من قلبك، واسأله أن يوفقك لاغتنام ساعات عمرك فيما يرضيه …
وفي الختام: أسأل الله -تعالى- أن يجعلني وإياكم ممن استفادوا من أعمارهم وأوقاتهم فيما يحبه ويرضاه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



 

[حجم الصفحة الأصلي: 64.05 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 61.71 كيلو بايت... تم توفير 2.34 كيلو بايت...بمعدل (3.66%)]