سَبُّ الدَّهْرِ كُفْرٌ أَكْبَرُ مُطْلَقًا - الصفحة 3 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         معارج البيان القرآني ـــــــــــــ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 7824 )           »          انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 51 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 859468 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 393841 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215972 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 82 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 62 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 63 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #21  
قديم 26-11-2011, 10:17 AM
أبو موسى الموحد أبو موسى الموحد غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
مكان الإقامة: أرض الله الواسعة
الجنس :
المشاركات: 20
افتراضي رد: سَبُّ الدَّهْرِ كُفْرٌ أَكْبَرُ مُطْلَقًا

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: لقد قرأت ردك يا (هدي الصحابة)، فمما ذكرتَه: بعض الأدلة على أن أقوالا مثل (هذه الأيام نحسات) ليست بسب للدهر، ولقد قلتُ أني لا أخالفه. ومما ذكرتَه أيضا: ما يحتاج إلى شيء من التوضيح لأنه قد يُفهم منه ما ليس بحق، وما يحتاج إلى شيء من التصحيح لما فيه من مجانبة الحق بل الكفر والله المستعان، فأسأله تعالى أن يهديني وإياك اللهم آمين.


ولقد قرأتُ ردك أيضا يا أبا الشيماء، ورأيتُ أنك لم تجب عن دليل واحد من الأدلة التي نبّهتك بها، وأنك ما زلت مصرا على القول بأن من يعبد غير الله فقد يكون مسلما معذورا، فلم تؤمن بقول النبي صلى الله عليه وسلم: عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسَةٍ، عَلَى أَنْ يُوَحَّدَ اللهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَالْحَجِّ»،فَقَالَ رَجُلٌ: الْحَجُّ، وَصِيَامُ رَمَضَانَ، قَالَ: «لَا، صِيَامُ رَمَضَانَ، وَالْحَجُّ» هَكَذَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (صحيح مسلم)


فأسأل الله تعالى أن يهديك، اللهم آمين. وسأجيب عما قلته يا (هدي الصحابة) أولا، ثم سأجيب عما قلته يا أبا الشيماء ثانيا إن شاء الله.


قلت: قال تعالى :
( ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول والله يكتب ما يبيتون فأعرض عنهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا ( 81 ) أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ( 82 ) وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا ( 83 ) )


قال الله عز وجل :


( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر )


أقول: يدل قول الله تعالى (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر)على وجوب الرجوع إلى كتابه تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم عند التنازع. وبالتالي فلا يدل قوله تعالى (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) على أنه يحل لأحد أن يتعامى عما أنزله تعالى لقول أحد من الناس. فما نقلته من أقوال العلماء – وغيرِهم – مما كان موافقا للدليل فهو حق، وما لم يكن موافقا له فهو باطل، وليست أقوالُهم بحجة.


قلت: أخي الفاضل إعلم رحمك الله تعالى أنه يجب أن لا نخلط بين مسألة و أخرى حتى لا تضيع الفائدة من هذا النقاش فدعنا في مسألة حكم سب دهر أولا هل حكمه الكفر مطلقا أم أن الأمر فيه تفصيل إلى أن نصل لمسألة كلمة التوحيد .


أقول: وهل خلطتُ بين مسألة وأخرى؟ فلقد نسبني غيرُك إليه، وقد جاوبته في هذا الموضوع. وأنت لم تصرح بأنك تنسبني إليه، فإن لم تقصد إلا أن تطلب مني أن لا أخلط بين مسألة وأخرى – في المستقبل - فقد قبلتُه، وإن قصدتَ الإيماء إلى أني قد فعلته فإني لا أقبل الدعوى التي لا يدعمها دليل.


وقلتَ ناقلا عن صالح بن عبد العزيز السعودي: شرح كتاب التوحيد - باب من سب الدهر، فقد آذى الله
باب من سب الدهر، فقد آذى الله
باب: من سب الدهر، فقد آذى الله، وقول الله -تعالى-: ﴿وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ﴾(1)في الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: « قال الله -تعالى-: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر، وأنا الدهر أقلب الليل والنهار »(2)وفي رواية « لا تسبوا الدهر، فإن الله هو الدهر »(3) .
باب: من سب الدهر، فقد آذى الله.الدهر: هو الزمان اليوم والليلة، أسابيع الأشهر، السنون، العقود، هذا هو الدهر، وهذه الأزمنة مفعولة، مفعول بها لا فاعلة، فهي لا تفعل شيئا، وإنما هي مسخرة يسخرها الله -جل جلاله- وكل يعلم أن السنين لا تأتي بشيء، وإنما الذي يفعل هو الله -جل وعلا- في هذه الأزمنة؛ ولهذا صار سب هذه السنين سبا لمن تصرف فيها، وهو الله -جل جلاله- لهذا عقد هذا الباب بما يبين أن سب الدهر ينافي كمال التوحيد، وأن سب الدهر يعود على الله -جل وعلا- بالإيذاء؛ لأنه سب لمن تصرف في هذا الدهر.


أقول: ينافي سب الدهر أصل التوحيد. وهو يقول أنه ينافي كماله...وهذا يدل على أنه لا يكفر من يسب الدهر، مع أنه قد أقر بما يلزمه بتكفيره ولا بد. وقد قال في نفس الكتاب (ص 90): وما يضاد التوحيد منه: ما يضاد أصله، وهو الشرك الأكبر الذي إذا أتى به المكلف فإنه ينقض توحيده، ويكون مشركا شركا أكبر مخرجا من الملة، فمثل هذا يقال فيه: أنه قد أتى بما ينافي التوحيد، أو ينافي أصل التوحيد.
والثاني: ما ينافي كمال التوحيد الواجب، وهو: ما كان حاصلا من جهة الشرك الأصغر، فإنه ينافي كماله الواجب اهـ


وسبحان الله رب العالمين. يقول أولا أن سب الدهر سبٌّ يعود على الله تعالى بالإيذاء، ثم لا يكفر من يؤذي الله تعالى.


ثم قال: وليس من مسبة الدهر وصف السنين بالشدة، ولا وصف اليوم بالسواد، ولا وصف الأشهر بالنحس، ونحو ذلك؛ لأن هذا مقيد، وهذا جاء في القرآن في نحو قوله -جل وعلا-: ﴿فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ ﴾(4) "في أيام نحسات" وصف الله -جل وعلا- الأيام بأنها نحسات.
فالمقصود في أيام نحسات عليهم، فوصف الأيام بالنحس؛ لأنه جرى عليهم فيها ما فيه نحس عليهم، ونحو ذلك قوله -جل وعلا- في سورة القمر ﴿فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ ﴾(5)يوم نحس، أو يقول: يوم أسود، أو سنة سوداء، هذا ليس من سب الدهر؛ لأن المقصود بهذا الوصف ما حصل فيها كان من صفته كذا وكذا على هذا المتكلم


أقول: ليس هذا سبا للدهر أصلا، فلا حجة فيه لمن قال (قد يسب المرء الدهرَ ثم لا يكفر). وقد تحدثت عنه قبل هذا – في هذا الموضوع -فلا أزيد عليه.


قال: وأما سبه أن ينسب الفعل إليه، فيسب الدهر لأجل أنه فعل به ما يسوءه، فهذا هو الذي يكون أذية لله، جل وعلا.


أقول: من قال أن سابّ الدهر لا يكفر إلا إذا سب الدهر من أجل أنه فعل به ما يسوؤه فقد زاد على الحديث ما ليس فيه، فقد علا على النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا عينُ الكفر.


ثم قال: قوله هنا: « وأنا الدهر »(7)لا يعني: أن الدهر من أسماء الله -جل وعلا- ولكنه رتبه على ما قبله، فقال يسب الدهر، وأنا الدهر؛ لأن حقيقة الأمر أن الدهر لا يملك شيئا، ولا يفعل شيئا، فسب الدهر سب لله؛ لأن الدهر يفعل الله -جل وعلا- فيه، الزمان ظرف للأفعال، وليس مستقلا؛ فلهذا لا يفعل، ولا يحرم، ولا يعطي، ولا يكرم، ولا يهلك، وإنما الذي يفعل هذه الأشياء مالك الملك، المتفرد بالملكوت وتدبير الأمر الذي يجير، ولا يجار عليه.
إذا فقوله: « وأنا الدهر »(7)هذا فيه نفي نسبة الأشياء إلى الدهر، وأن هذه الأشياء تنسب إلى الله -جل وعلا- فيرجع مسبة الدهر إلى مسبة الله -جل وعلا-؛ لأن الدهر لا ملك له، والله هو الفاعل قال: "أقلب الليل والنهار" والليل والنهار هما الدهر، فالله -جل وعلا- هو الذي يقلبهما، فليس لهما من الأمر شيء. نعم.


أقول: لقد قال مرة أخرى أن هذه المسبة راجعة على الله تعالى، ولكنه لا يكفر الساب، مع إقراره بأن سبّه يعود على الله تعالى. فتعظيمُ الله تعالى ليس من أصل الدين عنده، فمن لم يعظم الله تعالى قد يكون مسلما عنده مستسلما له منقادا له.


ثم نقلتَ ما قاله ابن تيمية في الصارم المسلول مما يبين حكم بعض الأقوال التي ليست في ذاتها سبًّا أصلا. ونقلتَ أيضا ما تحسبه أنت قولَ ابن تيمية، وإن خالف ما كان – رحمه الله تعالى – عليه من تقرير التوحيد وإبطال الشرك والكفر. ولقد بينتُ في مشاركاتي السابقة دليلا على أن موضعا من مواضع أحد كتبه محرف والله المستعان، لما تحدثت عن الرجل الذي أوصى أهله بحرقه بعد موته...
  #22  
قديم 26-11-2011, 10:20 AM
أبو موسى الموحد أبو موسى الموحد غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
مكان الإقامة: أرض الله الواسعة
الجنس :
المشاركات: 20
افتراضي رد: سَبُّ الدَّهْرِ كُفْرٌ أَكْبَرُ مُطْلَقًا

قلت: الصارم المسلول على شاتم الرسول

-
صلى الله عليه وسلم-
لشيخ الإسلام أحمد بن عبدالحليم ابن تيمية


و يظهر الحكم في المسألة بأن يرتب هذا السب ثلاث مراتب :
المرتبة الأولى : أن من شأن الرب بما يتدين به ليس فيه سب لدين الإسلام إلا أنه سب عند الله تعالى مثل قول النصارى في عيسى و نحو ذلك فقد قال تعالى فيما يرويه عنه رسوله : [ شتمني ابن آدم و ما ينبغي له ذلك ] ثم قال : [ أو ما شتمه إياي فقوله إني اتخذت ولدا الأحد الصمد الذي لم ألد و لم أولد ] فهذا القسم حكمه حكم سائر أنواع الكفر سميت شتما أو لم تسم و قد ذكرنا الخلاف في انتقاض العهد مثل هذا و إذا قيل بانتقاض العهد به فسقوط القتل عنه بالإسلام متوجه و هو في الجملة قول الجمهور


أقول: نقلُك لكلامه هذا هو حجة على نفسك، لما فيه من الدليل على أن المرء إذا تكلم بما هو سبٌّ لله تعالى فإنه قد سبه، وإن لم يشعر بذلك، وسترى ذلك لاحقا إن شاء الله. وبالجملة فقد ذكر ابن تيمية في هذا الموضع دليلا على أن السب يكون سبا وإن لم يشعر الساب بذلك، وهو إخبار الله تعالى بأن من قال أن له ولدا فقد شتمه. والشتم هو السب. فمن قال أن له ولدا فقد سبه، وإن لم يشعر بذلك. وساب الدهر – أيضا – يسب الله تعالى، بدليل أن الله تعالى قد قال أن ابن آدم يؤذيه، فهو سابّ لله تعالى وإن لم يشعر بذلك.


قلتَ ناقلا عن ابن تيمية:السب الذي ذكرنا حكمه من المسلم هو : الكلام الذي يقصد به الانتقاص و الاستخفاف و هو ما يفهم منه السب في عقول الناس على اختلاف اعتقاداتهم كالعن و التقبيح و نحوه و هو الذي دل عليه قوله تعالى : { و لا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسيبوا الله عدوا بغير علم } [ الأنعام : 108 ]


أقول: هل تظن أن تعريف ابن تيمية للسب بأنه (الكلام الذي يقصد به الانتقاص والاستخفاف، وهو ما يفهم منه السب في عقول الناس على اختلاف اعتقاداتهم كاللعن والتقبيح ونحوه)دليلا شرعيا على عذر من يسب الدهر بشرط أن لا يقصد به انتقاص الله – تعالى الله علوا كبيرا – ولا الاستخفاف به؟ فإن قلتَ أنه ليس دليلا شرعيا فلتعلم أن تعريفه صحيح إذا كان تعميما وبيانا لحكم أغلب الحالات، لا كلها، أي: بيانا لحكم أغلب الحالات، مع وجود بعض الاستنثاءات التي لا تدخل فيه.ومن أقوى الأدلة على أنه ليس تعريفا شاملا لجميع الأحوال، ثم على أن ابن تيمية لم يُرِد أن يجعله تعريفا لها كلها، وإن أراد أن يجعله تعريفا لأغلبها، أنه قد ذكّرنا بأن من قال أن لله تعالى ولدا فقد شتمه.


فإذا أمعنت النظر في تعريفه للسب بأنه (الكلام الذي يقصد به الانتقاص والاستخفاف، وهو ما يفهم منه السب في عقول الناس على اختلاف اعتقاداتهم كاللعن والتقبيح ونحوه) لوجدت أن قول النصارى – وغيرهم ممن ادعى أن لله ولدا – ليس كلاما يقصد به الانتقاص والاستخفاف، وإن كان في الحقيقة كذلك.وإنما يقصدون به التعظيم والإجلال، لاعتقادهم بأن لله ولدا مكرما، وإن لم يصيبوا من التعظيم والإجلال شيئا قليلا. وبأنهم يقولون أن أحلامهم – أي عقولهم – تأمرهم بهذا، فلا يعقلون أنهم قد ضلوا ضلالا بعيدا. والحمد لله على نعمة الإسلام.

ثم قلت ناقلا لما تحسبه قول ابن تيمية:
فإن سب موصوفا بوصف أو مسمى باسم و ذلك يقع على الله سبحانه أو بعض رسله خصوصا أو عموما لكن قد ظهر أنه لم يقصد ذلك : إما لاعتقاده أن الوصف أو الاسم لا يقع عليه أو لأنه و إن كان يعتقد وقوعه عليه لكن ظهر أنه لم يرده لكون الاسم في الغالب لا يقصد به ذلك بل غيره فهذا القول و شبهه حرام في الجملة يستتاب صاحبه منه إن لم يعلم أنه حرام و يعزر مع العلم تعزيزا بليغا لكن لا يكفر بذلك و لا يقتل إن كان يخاف عليه الكفر


مثال الأول : أن يسب الدهر الذي فرق بينه و بين الأحبة أو الزمان الذي أحوجه إلى الناس أو الوقت الذي أبلاه بمعاشرة من ينكد عليه و نحو ذلك مما يكثر الناس قوله نظما و نثرا فإنه إنما يقصد أن يسب من يفعل ذلك به ثم إنه يعتقد أو يقول إن فاعل ذلك هو الدهر الذي هو الزمان فيسبه و فاعل ذلك إنما هو الله سبحانه فيقع السب عليه من حيث لم يعتمده المرء و إلى هذا أشار النبي صلى الله عليه و سلم بقوله : [ لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر بيده الأمر ]
و قوله فيما يروبه عن ربه تبارك و تعالى يقول : [ يا ابن آدم تسب الدهر و أنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل و النهار ]فقد نهى رسول الله عليه الصلاة و السلام عن هذا القول و حرمه و لم يذكر كفرا و لا قتلا و القول المحرم يقتضي التعزيز و التنكيل




أقول: ليس هذا بحق، بل هو كفر، وإني لأحذرك من أن تظلم ابن تيمية من بعد أن قبضه الله تعالى، وإن لم تشعر به. ولقد بينتُ - ولله الحمد كله - أن ساب الدهر كافر لأن من يؤذي الله تعالى كافر، فهل عندك دليل على أن من يؤذي الله تعالى فقد يكون مسلما مع أنه يؤذي ربه؟؟ ثم ليس بصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر كفرا لما قال (لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر بيده الأمر)، فإنه قد ذكر الكفر - ذكرًا معنويا لا لفظيا - في هذا الحديث.


فلقد قال لهم فيه أنهم إذا سبوا الدهر فقد سبوا الله. ثم إنه ليثبت – بأدلة أخرى – أن من سب الله تعالى فهو كافر، ولقد أوردت واحدا منها – على الأقل – في معرض الكلام عن حكم ساب الدهر. ولقد نقلت لك – ولغيرك – قول ابن القيم في أن ساب الدهر ليس بمسلم، سواء اعتقد أن الدهر شريك لله تعالى، أم لم يعتقده.


قلتَ ناقلا عن ابن تيمية: و مثال الثاني : أن يسب مسمى بلاسم عام يندرج فيه الأنبياء و غيرهم لكن يظهر أنه لم يقصد الأنبياء من ذلك العام مثل ما نقل الكرماني قال : سألت أحمد قلت :رجل افترى على رجل فقال : يا ابن كذا و كذا إلى آدم و حواء فعظم ذلك جدا و قال : نسأل الله العافية لقد أتى هذا عظيما و سئل عن الحد فيه فقال : لم يبلغني في هذا شيء و ذهب إلى حد واحد و ذكر هذا أبو بكر عبد العزيز أيضا فلم يجعل أحمد رضي الله عنه بهذا القول كافرا مع أن هذا اللفظ يدخل فيه نوح و إدريس و شئت و غيرهم من النبيين لأن الرجل لم يدخل آدم و حواء في عمومه و إنما جعلها غاية و حدا لمن قذفه و إلا لو كان من المقذوفين تعين قتله بلا ريب و مثل هذا العموم في مثل هذا الحال لا يكاد يقصد به صاحبه من يدخل فيه من الأنبياء فعظم الإمام أحمد ذلك لأن أحسن أحواله أن يكون قد قذف خلقا من المؤمنين و لم يوجب إلا حدا و حدا لأن الحد هنا ثبت للحي ابتداء على أصله و هو واحد و هذا قول أكثر المالكية في مثل ذلك


أقول: وهل تفهم كلامه المنقول وعذْرَ من تكلم بهذا الكلام، أم تقلده فلا تفهم لماذا قد يُعذر من يتكلم به؟ فالمتكلم به قد يكون معذورا بسبب وجود مانعين اثنين من التكفير.


أولهما يرجع إلى معنى حرف (إلى).


قال الجوهري في آخر الصحاح: (إلى) : حرفٌ خافضٌ، وهو مُنْتَهَى لابتداء الغاية، تقول: خرجت من الكوفة إلى مكة، وجائزٌ أن تكون دخْلتَها [أي: مكة]وجائزٌ أن تكون بَلغْتَها ولم تدخلْه؛لأنَّ النهاية تشتمل أوّلَ الحدّ وآخره اهـ


ومن قال (يا ابن كذا وكذا إلى آدم وحواء) فإنه يكفر بأن يُدخِل آدم عليه السلام وحواء في جملة المشتومين. وأما إذا أراد أن يجعلهما غايةً وأن لا يدخلهما في جملتهم فإنه لا يُعد شاتما لهما.


والمانع الثاني يرجع إلى عدم تصوره التام للشتيمة التي نطق بها.


فإذا قال (يا ابن كذا وكذا إلى آدم وحواء) فإنه لا يفكر في أن نوحا عليه السلام وغيره من النبيين عليهم السلام هم من أبنائهما. ولا شك في أنه قد علم أنهم من أبنائهما إذ القرآن مشحون بذكرهم...ولكنه لا يفكر في هذا عندما يتكلم به. وأما إذا تصور أنها تؤدي إلى شتم نوح عليه السلام وغيره من النبيين فهو كافر والعياذ بالله.


قلت لما تظنه كلامه ولم تتبين لك خطورته بعد: و قال سحنون و أصبغ و غيرهما في رجل قال له غريمة: صلى الله على النبي محمد فقال له الطالب: لا صلى الله على من صلى عليه قال سحنون : ليس هو كمن شتم رسول الله صلى الله عليه و سلم أو شتم الملائكة الذين يصلون عليه إذا كان على ما وصف من الغضب لأنه إنما شتم الناس و قال أصبغ و غيره : لا يقتل إنما شتم الناس


أقول: الصواب (غريمه) بالهاء، وهكذا أجده في الصارم المسلول عندي، لا (غريمة) بالتاء المربوطة. والغريم هو الذي عليه دَين.


ويحتمل قوله (لا صلى الله على من صلى عليه) معنيين. فالمعنى الأول هو (لا صلى الله على من صلى – أي اللهُ تعالى – عليه). فإذا قصده فقد كفر لأنه سأل الله تعالى أن لا يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا شقاقٌ له ظاهرٌ. والرجاء أنه لم يقصد هذا المعنى.


والمعنى الثاني هو: لا صلى الله على من صلى عليه، أي لا صلى الله على من صلى على النبي، صلى الله عليه وسلم. فإذا كان غضبان فإنه قد لا يخطر بباله إلا أن هذا الرجل الذي يراه أمامه صلى على النبي، صلى الله عليه وسلم، فيسأل الله تعالى أن لا يصلي على هذا الرجل عقوبةً له لأنه لم يكن يقضي دَينه بعد.


وهو لا يتذكر قول الله تعالى إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ.ولا يتذكر أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم: فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا(رواه مسلم). فهذا الحديث دالٌّ على أن من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم صلاةً صلى الله عليه بها عشرا. ومن عرف هذا الحديث وتذكره ثم سأل الله تعالى أن لا يصلي على من يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم فلقد سأل الله تعالى أمرا يعتقد بأنه لن يفعله أبدا. وهو يعلم أن الله تعالى إن لم يصلِّ على من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم لكان مُخلفا لوعده تعالى، والله لا يخلف الميعاد، فإذا سأل الله تعالى أن يخلف وعده فلا شك في كفره.


والذي قال (لا صلى الله على من صلى عليه) بعد أن قال غريمه (صلى الله عليه وسلم) فإنه – إن شاء الله – لم يخطر بباله إلا أن الذي عليه دَينٌ صلى على النبي صلى الله عليه وسلم. فهذا عذْرُه، على ما بينته آنفا. ولقد أشار إلى هذا المعنى سحنون لما قال ( ليس هو كمن شتم رسول الله صلى الله عليه و سلم أو شتم الملائكة الذين يصلون عليه إذا كان على ما وصف من الغضب لأنه إنما شتم الناس).
  #23  
قديم 26-11-2011, 10:22 AM
أبو موسى الموحد أبو موسى الموحد غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
مكان الإقامة: أرض الله الواسعة
الجنس :
المشاركات: 20
افتراضي رد: سَبُّ الدَّهْرِ كُفْرٌ أَكْبَرُ مُطْلَقًا

قلتَ ناقلا عنه: وكذلك قال ابن أبي زيد فيمن قال : [ لعن الله العرب و لعن الله بني إسرائيل و لعن الله بني آدم و ذكر أنه لم يرد الأنبياء و إنما أراد الظالمين منهم : إن عليه الأدب بقدر اجتهاد السلطان ]


أقول: المانع من الوقوع في الكفر هنا هو التعميم وإرادته أكثر الناس لا كلهم. ولقد قال الله تعالى: إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ (66) (الحج)


ولو قال (لعن الله بني إسرائيل بلا استثناء) لكان كافرا إذا تذكر في هذه اللحظة أن يوسف عليه السلام وغيره من الأنبياء عليهم السلام هم من بني إسرائيل.


* * *




وأما ما نقلته عن ابن باز فليس فيه ما لم أجب عنه لما تكلمت عما نقلته عن غيره، ففيما قد سلف غُنية عن التكرار.


قلت: ولنا هنا أربع وقفات أساسية نبين فيها ماهو سب الدهر المنهي عنه، مستشهدا بأقوال أهل العلم بعد توضيح فكرتها.

الوقفة الأولى:
سؤال نطرح على انفسنا لماذا جاء النهي منه صلى الله عليه وسلم عن هذا الأمر؟والجواب:لأن سب الدهر كان من عادات العرب فإذا أصابهم مكروه أو أمر سوء سبوا الدهر وذموه لأن العرب كانوا ينسبون ما كان يصيبهم من المصائب والكوارث إلى الدهر، فنهينا عن ذلك لأن الله سبحانه وتعالى هو مصرف الأمور وهو مقلب الليل والنهار، وما الدهر إلا ظرف لوقوع الحوادث فيه، وقد ورد في هذا كلام من كبار العلماء أذكر منهم أمثلة:

أقول: العبرة بعموم اللفظ لا خصوص السبب، فالحديث يشمل هؤلاء وغيرَهم، فهو يشمل كل من يسب الدهر لأن النبي صلى الله عليه وسلم عمّ ولم يخصّ لما قال لا تسبوا الدهر.


قلت: قال النووي في شرح مسلم: ((قال العلماء: وهو مجاز وسببه أن العرب كان شأنها أن تسب الدهر عند النوازل والحوادث والمصائب النازلة بها من موت أو هرم أو تلف مال أو غير ذلك فيقولون يا خيبة الدهر ونحو هذا من ألفاظ سب الدهر فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر" أي لا تسبوا فاعل النوازل فإنكم إذا سببتم فاعلها وقع السب على الله تعالى لأنه هو فاعلها ومنزلها. وأما الدهر الذي هو الزمان فلا فعل له بل هو مخلوق من جملة خلق الله تعالى، ومعنى "فإن الله هو الدهر" أي فاعل النوازل والحوادث وخالق الكائنات والله أعلم.انتهى))


أقول: هذا صحيح، وهو يبين أن من يسب الدهر فقد وقع سبُّه على الله تعالى.


قلت: قال الشافعي في تأويل هذا الحديث: ((والله أعلم إن العرب كان من شأنهم أن تذم الدهر وتسبه عند المصائب التي تنزل بهم من موت أو هرم أو تلف أو غير ذلك ...))
وقال البغوي ـ رحمه الله تعالى ـ في بيان معناه: ((إن العرب كان من شأنها ذم الدهر وسبه عند النوازل؛ لأنهم كانوا ينسبون إليه ما يصيبهم من المصائب والمكاره، فيقولون: أصابتهم قوارع الدهر، وأبادهم الدهر، فإذا أضافوا إلى الدهر ما نالهم من الشدائد سبوا فاعلها، فكان مرجع سبها إلى الله عز وجل إذ هو الفاعل في الحقيقة للأمور التي يصفونها، فنهوا عن سب الدهر " انتهى باختصار.))

أقول: صحيح، ولا حجة فيه لمن قال أن ساب الدهر لا يكفر.


قلت: الوقفة الثانية:قد يوهم نص الحديث بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (فإن الله هو الدهر) بأن الدهر هو احد اسماء الله تعالى أو أن الله تعالى هو نفسه الدهر، وهذا الفهم آت من اعتماد هؤلاء على عقولهم وحسب، وعدم النظر في اقوال العلماء بالامر، وطبعا كلا الفهمين خاطأ ومردود، وينبغي أن يعلم أن الدهر ليس من أسماء الله سبحانه وتعالى على الصحيح من أقوال أهل العلم.

أقول: ليس الدهر من أسماء الله تعالى.


قلت: الوقفة الثالثة:
الله سبحانه وتعالى هو مقلب الليل والنهار، وهو مقدر الأفعال، لذلك فمن يسب الزمان قاصدا الزمان بذاته فهو واحد من اثنين.
الصنف الأول: شخص عاقل يفهم معنى الزمان، وانه مجرد ظرف تتقلب فيه الأفعال والأحوال التي قدرها الله تعالى، وبالتالي عند سبه للزمن إنما هو حقيقة يعترض على مايجري فيها ومعترض على فاعلها وهو الله تعالى وهذا منهي عنه بلا خلاف.
الصنف الثاني: من يلقبون انفسهم الدهريون او رجل مجنون يسير على سيرهم، ويعتقد ان الدهر او الزمن هو المتصرف بالأفعال، وبسبهم للزمن انما يسبون المتصرف الحقيقي، وهؤلاء خارجون عن الملا بلا خلاف، وكفرهم بواح.


أقول: تقول أن الصنف الأول هو رجل عاقل يفهم معنى الزمان، وأنه في الحقيقة اعترض على الله تعالى، وأن ذلك منهي عنه بلا خلاف. فأسألك هل الاعتراض على الله تعالى منهي عنه ولكنه دون الكفر الأكبر عندك، أم هو من الكفر الأكبر الذي نهى الله تعالى عنه؟


قلت: وقال في هاذين المعنيين العديد من العلماء ايضا انقل لكم منهم:

وقال الإمام الخطابي في بيان المراد في قوله (أنا الدهر) معناه. "أنا صاحب الدهر ومدبر الأمور التي تنسبوها إلى الدهر فمن سب الدهر من أجل أنه فاعل هذه الأمور عاد سبه إلى ربه الذي هو فاعلها وإنما الدهر زمان جعل ظرفاً لواقع الأمور وكانت عادتهم إذا أصابهم مكروه أضافوه إلى الدهر فقالوا بؤساً للدهر وتباً للدهر". فتح الباري (10 / 196 ).

وعلى هذا يفهم الحديث ((يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر)) ـ بشكل صريح في النهي عن سب الدهر مطلقاً، سواء اعتقد أن الدهر هو الفاعل أو لم يعتقد ذلك.

أقول: شرح الخطابي لهذا الحديث القدسي هو مما يوضح كفر من يسب الدهر، لو كنت تعلم.


قلت:
وذكر ابن القيم ـ رحمه الله ـ أن سب الدهر فيه ثلاث مفاسد:
أحدها: سبه ممن ليس أهلاً للسب، فإن الدهر خلق مسخر من خلق الله منقاد لأمره متذلل لتسخيره فسابه أولى بالذم والسب منه.
الثانية: أن سبه متضمنا للشرك، فإنه سبه لظنه أنه يضر وينفع.
الثالثة: أن السب منهم وقع على من فعل هذه الأفعال .


أقول: ولقد نقلتُ قوله في أن من يسب الدهر لا يكون مسلما وإن اعتقد أن الله تعالى واحد في ملكه سبحانه وتعالى.


قلت:
ويضاف الرابعة : أن السب فيه اعتراض على قدر الله الكوني؛ لأنه لا يكون إلا ما يريده سبحانه وتعالى.


أقول: أسألك هل الاعتراض على قدر الله كفر أكبر عندك، أم فيه تفضيل؟؟
  #24  
قديم 26-11-2011, 10:26 AM
أبو موسى الموحد أبو موسى الموحد غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
مكان الإقامة: أرض الله الواسعة
الجنس :
المشاركات: 20
افتراضي رد: سَبُّ الدَّهْرِ كُفْرٌ أَكْبَرُ مُطْلَقًا

قلت:
الوقفة الرابعة:
ماهو حكم من يلوم الزمن ولكن ليس لذات الزمن او للمتصرف فيه وهو الله تعالى، وإنما يلوم افعاله هو كعبد ويعتقد انه كان قادر ان يختار افعال غير هذه الأفعال كونه عبد مخير محاسب على افعاله، فيقول مثلا كان الأمس كئيب او تعيس، ولايقصد ان الزمن هو التعيس ولا ان الله تعالى اجرى افعال تعيسة ابدا، وإنما يقصد بكلامه انه هو كعبد قام بمجموعة من السلوكيات في الأمس ختمت له بيوم كان تعيسا بكل المقايس، ولو احسن الاختيار وضبط سلوكياته بشكل قويم كان بإمكانه الحصول على يوم أفضل، وإنما يصف اليوم الذي مر بأنه يوم تعيس كمن يصف اليوم ويقول كان يوما حارا او مشمسا أو أيام نحسات أويوم عصيب ونحوها...وهذا الكلام يقوله من قاله منتقدا نفسه ليحسن من غده.


أقول: أيعتقد أنه كان قادرا على أن يختار غير هذه الأفعال؟ فلا شك في أن الله تعالى قد خلق كل شيء فقدره تقديرا. ولا شك أيضا في أنه تعالى لا يجبرنا على الإيمان ولا على الكفر.ثم إننا لا نستطيع أن نفعل غيرَ ما قدره تعالى، وإنما نقدر على ما يُقدِرنا عليه، وأما فعْل ما لم يُقدرنا عليه فإننا لنعجز عنه كلَّ العجز.


وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَقُولُ: يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ فَلَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ فَإِنِّي أَنَا الدَّهْرُ، أُقَلِّبُ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ، فَإِذَا شِئْتُ قَبَضْتُهُمَا(صحيح مسلم)


فهذا الحديث نصٌّ على أن قول (يا خيبة الدهر) هو سب للدهر، وهو يدل على أنه سبٌّ في نفسه لأن الله تعالى إنما علّق الإيذاء على نفس القول لا غيره. ثم أيُّ فرق عندك بين (يا خيبة الدهر) وبين (تبّا للدهر) أو (تعسًا للدهر)؟


قلت: أمثال هؤلاء لايمكن ان نقول لهم انكم أسأتم أو خرجتم عن الملا او نتهمهم بالكفر او اي شيء من هذا القبيل، وأقصى مايكن توجيهه لهم نصيحة رقيقة بحسن اختيار الألفاظ عند الكلام لان الكلام بهذا الأسلوب، قد تحوم حوله الشبهات ويفهم بشكل خاطئ، وتكلم بهذه المعاني ايضا العديد من العلماء انقل منهم كلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى.


أقول: هذه – للأسف – دعوى مجردة مخالفة لدين الإسلام.


قلت: سئل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ عن حكم سب الدهر :
فأجاب قائلا:
سب الدهر ينقسم إلى ثلاثة أقسام .القسم الأول : أن يقصد الخبر المحض دون اللوم: فهذا جائز مثل أن يقول " تعبنا من شدة حر هذا اليوم أو برده " وما أشبه ذلك لأن الأعمال بالنيات واللفظ صالح لمجرد الخبر.
القسم الثاني : أن يسب الدهر على أنه هو الفاعل كأن يقصد بسبه الدهر أن الدهر هو الذي يقلِّب الأمور إلى الخير أو الشر : فهذا شرك أكبر لأنه اعتقد أن مع الله خالقا حيث نسب الحوادث إلى غير الله .
القسم الثالث : أن يسب الدهر ويعتقد أن الفاعل هو الله ولكن يسبه لأجل هذه الأمور المكروهة: فهذا محرم لأنه مناف للصبر الواجب وليس بكفر؛ لأنه ما سب الله مباشرة، ولو سب الله مباشرة لكان كافراً . ابن عثيمين "فتاوى العقيدة " (1 / 197).

أقول: قال ابن عثيمين أن سب الدهر ينقسم إلى ثلاثة أقسام، ثم يقول أن القسم الأول من أقسام سب الدهر هو ما يقصد به الخبر المحض. وليس قول (تعبنا من شدة حرارة هذا اليوم أو برده) بكفر، ولكن الكفر أن يجعله قسما من أقسام سب الدهر ثم يقول أنه غير مكفر.فالقول نفسه غير مكفر، ولكن ادعاء أن من يسب الدهر فقد لا يكفر فهو من الكفر الأكبر والعياذ بالله. وأما التفرقة بين من (يسب الله تعالى مباشرة) وبين من (يسب الله ولكنه لم يسبه مباشرة) فلا دليل عليها.


قلت: والخلاصة لا بد من التفريق بين:
1-
وصف الدهر على ما يجري فيه من أحداث فيوصف بها كقوله تعالى :"هَـذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ " وقوله تعالى: " فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ " وقوله تعالى : " فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ"، وقوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : "سنوات خداعات"

2-
وبين سب الدهر باعتبار إضافة ما يجري من الأحداث له على أنها الفاعلة كقوله تعالى : ﴿وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَايُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ﴾، أو إعتراضا على الفاعل الحقيقي وهو الله سبحانه وتعالى.

أقول: قال الله تعالى: وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ (77) (هود)


ولكنك تقول أن (هذا يوم عصيب) هو قول الله تعالى، ولم تقل أنه قول لوط عليه السلام. فهل ترى أنه يمكن أن تنسب الأقوال التي حكاها الله تعالى في كتابه عن غيره إليه سبحانه وتعالى؟ والقرآن هو كلام الله تعالى، ولكنه يجب أن نفرق بين ما قاله هو سبحانه وتعالى، وبين ما قاله غيره ولكن الله تعالى أخبرنا به.وقال الله تعالى: وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) (لقمان)


وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}شَقَّ ذَلِكَ عَلَى المُسْلِمِينَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّنَا لاَ يَظْلِمُ نَفْسَهُ؟ قَالَ: «لَيْسَ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ الشِّرْكُ أَلَمْ تَسْمَعُوا مَا قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ» (صحيح البخاري)




فلم يقل النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى قال (يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)، وإنما قال أنه قول لقمان. ومن قال أن (يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ)هو قول الله تعالى، لا ما حكاه تعالى عن غيره، فقد أبطل وحدانيته، إذْ قال أن الله تعالى خاطب مخلوقا بأنه ابنه. وأما من قال أن الله تعالى حكاه عن لقمان فهذا نص القرآن.


فإن أشكل هذا الأمر عليك بعض الإشكال فلعله يتّضح لك بعد أن تعيد قراءة هذه الفقرات. ثم لو أنك حكيت قول من ينكر وجود الله – والعياذ به تعالى – فقلتَ (قال فلان: لم يخلق العالم أحد) ثم قال لك غيرك (لقد قلتَ أنت أنه لم يخلق العالم أحد)، فهل هو محق أم مبطل؟ فإن قلت أنه محق – ولن تقوله إن شاء الله – فقد سوّغت له أن يقوّلك ما لم تقُلْ، فإن هناك فرقا عظيما بين أن تحكي قول من ينكر وجود الله بأن تقول (قال فلان)، وبين أن تقول أنت (لم يخلق العالم أحد) والعياذ بالله. وإن قلت أنه مبطل فلقد أقررت بأن من حكى قولا بأن يقول (قال فلان) فأن هذا القول المحكيّ يُنسب إلى الذي تكلم به دون غيره.


وأما رواية (سنوات خداعات) – إن صحت – فلا حجة فيها لمن يعذر من يسب الدهر، وإنما تدل على أن وصف السنوات بأنها خداعات ليس سبا للدهر في نفسه. وقد قال الله تعالى: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142) (النساء)




ولا يستلزم الخداع الكذب.
ـــــــــــــــــــــــــــــ


والآن سأجيب عما قلته إن شاء الله يا أبا الشيماء.


قلت:أخي الكريم...الموحد
أعلم علم اليقين أن ردك واستدلالاتك هذفها وقطب رحاها هو التوحيد
واعلم اني لا أخالفك فيما ذكرت لأنه ما تفضلت به وفصلته ليس هو جوهر حوارنا.


أقول: كل ما كتبتُه فإنما كان جوابا عما قلته أنت، من إدخال من يشرك بالله شركا أكبر في دين الإسلام، وغيره.


قلت: فنحن إن شاء الله تعالى نناقش مسألة العذر بالجهل وقد فسرت مرادي مستدلا بما حدث في عهد الرسول الكريم.
لكن لما قرأت مقالك وأعدت قرائته ، علمت سبب خلافنا
أقول وبالله التوفيق.


أقول: لم تجب عن أكثر ما قلته، ولم تتراجع عما قلته سابقا اتّباعا للدليل، ولم تأتِ بما هو أصح منه.


قلت: العذر بالجهل.
المتأخرون يعذرون بالجهل في مسائل التوحيد مطلقا ، ولافرق عندهم بين المسائل الظاهرة والخفية ، ولابين الجاهل القادر على التعلم والجاهل العاجز عنه ، ولابين الجاهل العاجز عن التعلم وهو راغب فيه ، و العاجز عن التعلم المعرض عنه


أقول: ومن هؤلاء المتأخرون الذين تعنيهم، أمسلمون هم أم كفار؟ وأنا أسألك هذا السؤال، مع أنك قد صرحت في آخر مشاركتك بأن هؤلاء المتأخرين مسلمون عندك، لأنك تقول أنك تستدل بهم. ولكني أسألك عنهم حتى تتبين الأمور بإذن الله.


فإن قلت أنهم مسلمون فلقد قلت أن من يعذر كل من يخالف التوحيد فهو مسلم موحد، فليس للدخول في الإسلام – على هذا القول – حدٌّ أدنى، فيدخل – على هذا القول – كل من ينطق بالشهادتين في الإسلام وإن لم يفهم من معناها من شيء.ومن قال هذا أو شك في كفره فلم يؤمن بصحة دعوة الأنبياء عليهم السلام. وإن كان هؤلاء المتأخرين كفارا فماذا نستفيد مِن ذكْرهم في هذا الموضع؟

قلت: وأما المتقدّمون فالمسائل المكفرة التي تتعلّق بأفعال المكلفين عندهم نوعان
النوع الأول : مسائل ظاهرة ، كالشرك الأكبر بجميع أنواعه ومن أظهرها دعاء غير الله ومثله سب الله تعالى أو الإستهزاء بدينه ، والمسائل المعلومة من الدين بالضرورة كوجوب الصلوات الحمس والزكاة والصيام والحج وتحريم الفواحش كالزنا والخمر .
فمن وقع في شئ من هذه الأمور فإنه عندهم كافر بعينه كفرا أكبر ويحكم عليه بناء على ظاهر حاله وهو الكفر .
ولايعذرون أحدا وقع في شئ من هذه المكفرات بالجهل إلا في ثلاث حالات
الحالة الأولى : من نشأ في بادية بعيدة عن دار الإسلام .
الحالة الثانية : من نشأ في دار كفر لاتبلغ الدعوة مثله فيها .
الحالة الثالثة : من كان حديث عهد بالإسلام-
وهذه الحالة الأخيرة أنت تخالفني فيها.


أقول: من نشأ ببادية بعيدة عن دار الإسلام – ولم تقم عليه الحجة – وكان مسلما موحدا فلا يكفر بأن يجهل وجوب الصلوات الخمس مثلا، لأن الخبر بها لم يبلغه، وهو يوحد الله ولا يشرك به شيئا. وكذلك إذا نشأ في دار الكفر إن لم يبلغه الخبر بها... مع أن الحجة في وجوب الصلوات الخمس قد قامت على الأروبيين والأمريكان وغيرهم اليوم، فلو أن أحدا منهم نطق بالشهادتين ولكنه شك في وجوبها لكان كافرا لإعراضه عن دين الله تعالى، فإنه لولا إعراضه عنه لعلم بوجوبها.


وأما قولك أني أخالفك فيمن كان حديث عهد بالإسلام فوقع في شيء من هذه المكفرات فإني لا أقول بكفر من كان حديث عهد به وجهل وجوب الصلوات الخمس مثلا إذا كان ممن لم يقم عليه الحجة. فإنه إن لم يسمع قط بشيء من الأخبار الدالة على وجوب الصلاة وكان مسلما موحدا فإنه لم يكفر بهذه الأخبار الدالة عليه، وأيضا فإنه لم يرتكب كفر الإعراض عن دين الله. ولكن هذا لا يكاد يقع اليوم إن شاء الله، لأن من سمع بالتوحيد فقد سمع بالصلوات الخمس وتحريم الخمر والخنزير إلخ. وأما من عبد غير الله فإنه لم يدخل في الإسلام بعد، ولقد ذكرت لك الأدلة على هذا ثم أصررت – والله المستعان – على ما أنت عليه.
  #25  
قديم 26-11-2011, 10:27 AM
أبو موسى الموحد أبو موسى الموحد غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
مكان الإقامة: أرض الله الواسعة
الجنس :
المشاركات: 20
افتراضي رد: سَبُّ الدَّهْرِ كُفْرٌ أَكْبَرُ مُطْلَقًا

وإنما أسألك الآن عن دليل واحد منها إن شاء الله. فعَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسَةٍ، عَلَى أَنْ يُوَحَّدَ اللهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَالْحَجِّ» ، فَقَالَ رَجُلٌ: الْحَجُّ، وَصِيَامُ رَمَضَانَ، قَالَ: «لَا، صِيَامُ رَمَضَانَ، وَالْحَجُّ» هَكَذَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (صحيح مسلم)


فأسألك هل الركن الأول من أركان الإسلام الخمسة عندك هو توحيد الله تعالى، أم لا؟ فإن قلت أن التوحيد هو الركن الأول فهل تقول لمن يعبد غير الله أنه محقق للتوحيد أم لا؟ وهل الشرك ضد التوحيد ونقيضه أم قد يجتمع الشرك الأكبر والتوحيد في قلب واحد؟ ولقد قال الله تعالى:مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ (الأحزاب:4)


فإن عدلتَ عن الإجابة عن هذا الحديث مرة أخرى كما قد عدلت عنها أول مرة فهذا فعْل من ظهرت عليه الحجة ولكنه لا يريد قبولها ولا الاعتراف به.


قلت: النوع الثاني : مسائل خفيّة : كإنكار بعض الصفات التي وقع فيها النزاع بين أهل السنة وغيرهم –بخلاف الصفات التي هي من لوازم الربوبية كمطلق القدرة والعلم فهذه من المسائل الظاهرة .
وكمسائل الفروع غير المشتهرة علما عند العامة ، وليست من المعلوم من الدين بالضرورة وكالمسائل التي تقع فيها الفرق المخالفة للسنة في القدر والإيمان وغيرها مما يخفى مأخذه .
فمن وقع في أفعال الكفر التي يخفى كونها كفرا في حالات مخصوصة فإنه يعذر بجهله ولايطلق عليه اسم الكفر بمجرد وقوعه فيها مالم يكن قادرا على التعلم مفرطا فيه فإنه يكفر ، وهو الذي يسمّى " كفر الإعراض "


أقول: لم تبين لي ما هي الصفات التي تقول أن منكرها لا يكفر. ولو قلت أن من قال (ليس لله يد) لا يكفر، فإنه لا يكفر إلا بعد إقامة الحجة عليه. وهناك صفات أخرى يظن بعض الناس أن منكرها لا يكفر، وإن كان الحق أن منكرها لم يدخل في الإسلام أصلا. وأما كمال قدرة الله وعلمه فمن الربوبية، وأنت لم تجب – ولو بشطر كلمة – عما قلته رادًّا على ما ادعيته في حديث الرجل الذي أوصى أهله بأن يحرقوه بعد موته. فإن أجبت عنه الآن فالمطلوب هو التوصل إلى الحق واتّباعه، وإنما يكون هذا بقبول الأدلة الصحيحة.


وأما القدر فالأدلة عليه ظاهرة لا تخفى على من قرأ القرآن. ثم من لم يؤمن بالقدر فإنه لم يؤمن بربوبية الله. ولقد جمع الله تعالى بين الخلق والتقدير. فقال تعالى: تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴿1 الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ﴿2(الفرقان)


وقال الإمام أحمد في العقيدة (ص 114): إن الله تعالى أعدل العادلين وإنه لا يلحقه جور ولا يجوز أن يوصف به عز عن ذلك وتعالى علوا كبيرا وأنه متى كان في ملكه ما لا يريده بطلت الربوبية وذلك مثل أن يكون في ملكه ما لا يعلمه تعالى الله علوا كبيرا


وقال ابن أبي العز في شرح العقيدة الطحاوية (160/2): قوله: ( وذلك من عقد الإيمان وأصول المعرفة والاعتراف بتوحيد الله تعالى وربوبيته ، كما قال تعالى في كتابه: { وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا }.وقال تعالى: { وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا }
- إلى أن قال - وقوله: " والاعتراف بتوحيد الله وربوبيته " ، أي لا يتم التوحيد والاعتراف بالربوبية إلا بالإيمان بصفاته تعالى ، فإن من زعم خالقا غير الله فقد أشرك ، فكيف بمن يزعم أن كل أحد يخلق فعله ؟ !اهـ


وقال تعالى: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴿1 الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ﴿2 وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى ﴿3 وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى ﴿4 فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى ﴿5(الأعلى)


وقال ابن تيمية في الكيلانية (ص 4): وبين الأئمة أن من جعل شيئا من المحدثات كأفعال العباد وغيرها ليس مخلوقا لله فهو مثل من أنكر خلق الله لغير ذلك من المحدثات كالسماء والأرض؛فإن الله رب العالمين ومالك الملك وخالق كل شيء فليس شيء من العالمين خارجا عن ربوبيته ولا شيء من الملك خارجا عن ملكه ولا شيء من المحدثات خارجا عن خلقه قال تعالى: { اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} { لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}وقال تعالى: { أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}وقال تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} { ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} { لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ }


وقال تعالى: { ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ}وقال تعالى: { الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا}وقال تعالى: { إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}وقال تعالى: { أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} { وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} { وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ} { وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} { أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ}


ولهذا كان أهل السنة والجماعة والحديث هم المتبعين كتاب الله المعتقدين لموجب هذه النصوص حيث جعلوا كل محدث من الأعيان والصفات والأفعال المباشرة والمتولدة وكل حركة طبعية أو إرادية أو قَسْريّة فإن الله خالق كل ذلك جميعه وربه ومالكه ومليكه ووكيل عليه وإنه سبحانه على كل شيء قدير وبكل شيء عليم فآمنوا بعلمه المحيط وقدرته الكاملة ومشيئته الشاملة وربوبيته التامة اهـ


وإن قلتَ من بعده أن من لم يؤمن بالقدر فقد يكون مسلما معذورا فسأنتظر جوابك عما قدّمته لك إن شاء الله. فإن كان استدلالك مبنيا على ما في القرآن والسنة وكان مما لا يمكن معارضته ونقضه بالأدلة على أن من لم يؤمن بأن الله هو ربه فليس بمسلم فاستدلالك – إذن – صحيح. وإن كان مبنيا على غيره فلقد أقمتُ بعض الأدلة على أن من لم يؤمن بالقدر فلم يؤمن بالربوبية، ثم لم تبين بطلانها بيانا صحيحا.


ولم تخبرني بما تعنيه بمسائل الإيمان التي وقع فيها التنازع بين أهل السنة وغيرهم، فسأنتظر جوابك عنه أولا إن شاء الله. وليس هذا استخبارا عن (ما هي المسائل التي خالف فيها بعض المبتدعة أهل السنة)، وإنما هو سؤال عما تعنيه فحسب.


قلت: التحذير من التكفير
المتأخرون طردوا أصلهم في عدم التفريق بين المسائل الظاهرة والخفية ، فنهوا عن تكفير الأعيان مطلقا واستشنعوه عل كل حال
وفرقوا بين الوصف والعين مطلقا ، فأطلقوا الكفر على الفعل ونهوا عن تكفير الفاعل بعينه مطلقا .
أما المتقدمون فلما تقررعندهم من الفرق بين المسائل الظاهرة والخفية فإنهم يعملون النصوص الدالة على خطر التكفير ووجوب التحذير منه = في المسائل الخفية التي يلتبس حال المكلف فيها،ويصفون الفعل فيها بالكفر ويتوقفون عن الفاعل ، وقد شددوا في تكفيره بعينه أعظم تشديد وحذروا أشد تحذير.


أقول: أما المتأخرون فقد سألتك عنهم آنفا. وأما المتقدمون فلا شك في أنهم حذروا من تكفير المسلمين، ولكن من الناس من يضع أقوالهم في غير محلها. ولا شك – أيضا – في أنهم عملوا بالنص على خطر الكفر وارتكابه، فلم يجترؤوا على إدخال المشركين في دين الإسلام، لأنهم علموا أنهم - إن فعلوه - فلقد نقضوا شهادتهم وانسلخوا عن الإسلام.


قلت: ضابط إقامة الحجة
المتاخرون يشترطون لقيام الحجة =تمام الفهم لها واندفاع كل شبهة عن من وقع في الكفر ، ويشترطون هذا في جميع المسائل .
أما المتقدمون : فيفرقون بين المسائل الظاهرة وغيرها .
فقيام الحجة في المسائل الظاهرة تكون عندهم ب( بلوغ القرآن ) فمن بلغه أو سمع به فقد قامت عليه الحجة كما قال تعالى {لأنذركم به ومن بلغ }.


أقول: من اشترط تمام فهم الحجة وقال أن من خالف الحق فلن يكفر أبدا إلا أن يعلم أنه يخالفه فيجحد بآيات الله فقد كفر. ولقد قال الله تعالى: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179) (الأعراف)


وقال تعالى: قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (19) (الأنعام)


فلقد أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بأن يقول (اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ). فـ (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) هو مما أمره الله تعالى بأن يقوله، والقول فيه هو كالقول فيما حكاه الله تعالى عن غيره، ولقد تقدّم ذكْره في الجواب عما قاله (هدي الصحابة).


قلت: " قصد الكفر "
المقصود ب" قصد الكفر " هنا هو : أن يفعل المكلف الكفر معتقدا أنه كفر ناويا الوقوع في الكفر .
المتأخرون اشترطوا قصد الكفر بهذا المعنى لتكفير المعيّن وجعلوا عدم قصد الكفر مانعا من تكفير الأعيان مطلقا .


أقول: لم ينزل الله تعالى به من سلطان. فهناك أصل الدين هو توحيد الله تعالى، ومن لم يأتِ به فإنه لم يأتِ بالركن الأول، وإن كان جاهلا. وهناك أمور أخرى قد يُعذر فيها من خالف الحق. فمن كان مصليا ولكنه قال أن ترك الصلاة كفر أصغر – وهو يعزم على أن يصليها ولا يتركها – فلا يكفر إذا كان متأولا تأويلا يُعذر به.


وأما من علم بوجوب الصلاة فتركها فهو كافر، وإن ظن أن تركها كفر أصغر، لا أكبر، فلقد أقدم على أن يعصي الله تعالى عمدا، فعلم بالتحريم ولكنه لم يعلم بالعقوبة، فأقدم على الكفر الأكبر ولكنه لا يعلم.


ومن قال أنه لا يكفر إلا إذا علم أن تركها كفر أكبر فلقد اختلق مانعا زائدا من التكفير لا حقيقة له. فمن لم ينوِ الفعل المكفر أصلا فلا يكفر، وأما من نوى الفعل المكفر ولكنه لم ينوِ أن يصير به كافرا فإنه لا ينفعه. وقال ابن تيمية في الصارم المسلول (ص 177): وبالجملة فمن قال أو فعلما هو كفر كفر بذلك وإن لم يقصد أن يكون كافرا إذ لا يقصد الكفر أحد إلا ما شاء الله.اهـ




قلت: أما المتقدمون فالحكم عندهم مبني على الظاهر لا القصد.
فمن وقع في شئ من المكفرات " الظاهرة " فهو كافر بعينه عندهم وإن لم يعلموا قصده بل وإن لم يكن قصده الخروج من الملة ، ولكن قصد الوقوع في الفعل .
وعليه وبناء على ما سلف ذكره أعتقد أنك تستدل بالمتقدمين وأستدل بالمتأخرين..
وكل جانب يعتقد أنه على حق استنادا إلى فقهه وسد باب الدريعة ودرء المفسدة...
والله أعلى و أعلم


أقول: لا أستدل بالمتقدمين، ولكني أستدل بما يصلح دليلا. وسأنتظر جوابك عما قدّمت لك من الأدلة إن شاء الله، وأسأل الله أن يهديني وإياك ومن كان يبحث عن الحق، اللهم آمين.


تم والحمد لله رب العالمين.
  #26  
قديم 27-11-2011, 08:23 PM
الصورة الرمزية أبو الشيماء
أبو الشيماء أبو الشيماء غير متصل
مراقب الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
مكان الإقامة: أينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 6,415
الدولة : Morocco
افتراضي رد: سَبُّ الدَّهْرِ كُفْرٌ أَكْبَرُ مُطْلَقًا

الحمد لله وحده والصلاة و السلام على خير الأنام وعلى آله وأصحابه الكرام.
أما بعد.

قولك.
اقتباس:
فأسألك هل الركن الأول من أركان الإسلام الخمسة عندك هو توحيد الله تعالى، أم لا؟ فإن قلت أن التوحيد هو الركن الأول فهل تقول لمن يعبد غير الله أنه محقق للتوحيد أم لا؟ وهل الشرك ضد التوحيد ونقيضه أم قد يجتمع الشرك الأكبر والتوحيد في قلب واحد؟ ولقد قال الله تعالى:مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ (الأحزاب:4)



سبحان الله تسألني عن الفطرة وكل الأنبياء و الرسل جاؤوا لتحقيق التوحيد

يا أخي الكريم أنت لا تريد أن تفهم ما اقوله

أو تتجاهله كما تجاهلت الأحاديث النبوية

قلنا بأن الجاهل بأمر فرعي في الدين يؤدي إلى الكفر لا يكفر حتى تقام عليه الحجة

لماذا لم يكفر الرسول أصحابه في الأحاديث السالفة؟؟

لماذا بين لهم ألأمور؟؟؟؟
- هناك فرق بين من سب الله صراحة وجهاراً فهذا يكفر ولا يعذر بجهله، لأنه أمر تشمئز منه النفوس حتى نفوس اليهود والنصارى، وبين من سب الدهر - مثلاً - أو الزمن، فإنه لا يكفر حتى تقام عليه الحجة، فتبين له أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن سب الدهر كما في الحديث: (لا تسبوا الدهر فإن الدهر هو الله) [21]، لأن نوائبه إنما كتبها الله، فالمعترض عليه الساب له ساب لله معترض على أقداره، فإن أصر بعد وضوح البيان؛ يكفر، لأن هذا التفصيل لا يعرف إلا عن طريق الحجة الرسالية.

فاجلب لتيسير بكل ذي شطط = فليس في الدين الحنيف من شطط
وما استطعت افعل من المأمور = واجتنب الكل من المحظور
و الشرع لا يلزم قبل العلم = دليله فعل المسيء فافتهم
---------
اقتباس:


فإن عدلتَ عن الإجابة عن هذا الحديث مرة أخرى كما قد عدلت عنها أول مرة فهذا فعْل من ظهرت عليه الحجة ولكنه لا يريد قبولها ولا الاعتراف به.
تتهمني بأني لا أقبل الحجة التي سردتها،سبحان الله ألم أقل لك أني أوافقك في ما ذكرت

وأخالفك في تكفير من وقع في مسألة خفية

أحين أوافقك أكون على صواب

وبما أنك لا تستدل بالمتقدمين و لا بالمتأخرين بل بمايصلح دليلا فماهو قياسك أن دليلك صالحا؟؟؟
علما...
وحجة التكليف خذها أربعه = قرآننا وسنة مثبته
من بعدها إجماع هذي الأمه = والرابع القياس فافهمنه
اقتباس:
***

وأما من عبد غير الله فإنه لم يدخل في الإسلام بعد، ولقد ذكرت لك الأدلة على هذا ثم أصررت – والله المستعان – على ما أنت عليه
عبادة الله تعالى بديهية عقلية وموروثة فطرية وحقيقة علمية
ومن عبد غير الله تعالى فهو مشرك والمسألة ليس فيها خلاف إلا في دقائق خفية مثل


قصة الذي قال لأهله حرقوني .


لقد ذكرت لك الأدلة ثم مازلت مصرا على تجاهلها..

لن أقول لك الله المستعان على ما أنت عليه لأني أحسبك على خير والله حسيبك ولكن هي مقولة فيها نظر...

فأعدها نظرات منك صادقة ولا تخلط بين من في شحمه ورم.....
والله المستعان..
في حفظ الله

__________________
الحمد لله الذي أمـر بالجهاد دفاعـاً عن الدين، وحرمة المسلمين، وجعله ذروة السنام، وأعظـم الإسلام، ورفعـةً لأمّـة خيـرِ الأنـام.
والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد ، وعلى آلـه ، وصحبه أجمعيـن ، لاسيما أمّهـات المؤمنين ، والخلفاء الراشدين،الصديق الأعظم والفاروق الأفخم وذي النورين وأبو السبطين...رضي الله عنهم أجمعين.


  #27  
قديم 28-11-2011, 09:54 AM
أبو موسى الموحد أبو موسى الموحد غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
مكان الإقامة: أرض الله الواسعة
الجنس :
المشاركات: 20
افتراضي رد: سَبُّ الدَّهْرِ كُفْرٌ أَكْبَرُ مُطْلَقًا

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: قال الله تعالى: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68) وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70) وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74) وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (75) (الزمر)


قلت:سبحان الله تسألني عن الفطرة وكل الأنبياء و الرسل جاؤوا لتحقيق التوحيد


يا أخي الكريم أنت لا تريد أن تفهم ما اقوله


أو تتجاهله كما تجاهلت الأحاديث النبوية


أقول: إنما سألتك عن التوحيد لأنك تقول أن من يعبد غير الله فقد يكون مسلما معذورا.

فلقد قلتَ
: وأما المتقدّمون فالمسائل المكفرة التي تتعلّق بأفعال المكلفين عندهم نوعان النوع الأول : مسائل ظاهرة ، كالشرك الأكبر بجميع أنواعه ومن أظهرها دعاء غير الله ومثله سب الله تعالى أو الإستهزاء بدينه ، والمسائل المعلومة من الدين بالضرورة كوجوب الصلوات الحمس والزكاة والصيام والحج وتحريم الفواحش كالزنا والخمر .
فمن وقع في شئ من هذه الأمور فإنه عندهم كافر بعينه كفرا أكبر ويحكم عليه بناء على ظاهر حاله وهو الكفر .
ولايعذرون أحدا وقع في شئ من هذه المكفرات بالجهل إلا في ثلاث حالات
الحالة الأولى : من نشأ في بادية بعيدة عن دار الإسلام .
الحالة الثانية : من نشأ في دار كفر لاتبلغ الدعوة مثله فيها .
الحالة الثالثة : من كان حديث عهد بالإسلام-
وهذه الحالة الأخيرة أنت تخالفني فيها.


فهذا نص كلامك الدال على أن من يشرك بالله شركا أكبر فهو مسلم معذور بالجهل عندك إذا كان حديث عهد بالإسلام. وأما قولك (أنت لا تريد أن تفهم ما اقوله أو تتجاهله)فليس بحق. فإن كنتُ لا أفهم ما تقوله لما استطعت أن أجيب عما قلته. فإذا ثبت أني فهمته وأني أجبت عما قلته من غير حيدةٍ عن الجواب فلا وجه لدعوى التجاهل. وأما الأحاديث النبوية فإني لا أتجاهلها ولم أتجاهلها، ولكني أجبت عن كل ما استدللتَ به مما وضعتَه في غير موضعه وبينت لك أنه لا يدل على صحة قولك.


قلت: قلنا بأن الجاهل بأمر فرعي في الدين يؤدي إلى الكفر لا يكفر حتى تقام عليه الحجة


لماذا لم يكفر الرسول أصحابه في الأحاديث السالفة؟؟


لماذا بين لهم ألأمور؟؟؟؟


أقول: لم تكتفِ بأن تقول أن الجاهل بفرع من فروع الدين الذي يؤدّي جهلُه إلى الكفر فلا يكفر إلا بعد إقامة الحجة عليه...ولكنك أثبتَّ إسلام من يشرك بالله شركا أكبر إذا كان حديث عهد بالإسلام. والأحاديث التي استدللتَ بها ثلاثة، مع أنك ذكرت أكثر من رواية واحدة للحديث الناهي عن سب الدهر.


فأما النهي عن سب الدهر فليس فيه أصلا أن أحدا من الصحابة رضي الله عنهم سب الدهر. ثم لو قلتَ أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل أن من يسب الدهر فهو كافر، قلتُ: لقد ذكر الكفرَ ذكرا معنويا لا لفظيا، كما بينته – ولله الحمد – في جوابي عن قول (هدي الصحابة).




وأما حديث ذات أنواط فإنما تسألني عما قد أجبت عنه.


الجزء الأول




الجزء الثاني




وأما حديث الموصي أهلَه بأن يحرقوه بعد موته فليس فيه أن أحدا من الصحابة رضي الله عنهم قال أن من أنكر قدرة الله التامة أو شك فيها فقد يُعذر بجهله.


قلت: - هناك فرق بين من سب الله صراحة وجهاراً فهذا يكفر ولا يعذر بجهله، لأنه أمر تشمئز منه النفوس حتى نفوس اليهود والنصارى، وبين من سب الدهر - مثلاً - أو الزمن، فإنه لا يكفر حتى تقام عليه الحجة، فتبين له أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن سب الدهر كما في الحديث: (لا تسبوا الدهر فإن الدهر هو الله) [21]، لأن نوائبه إنما كتبها الله، فالمعترض عليه الساب له ساب لله معترض على أقداره، فإن أصر بعد وضوح البيان؛ يكفر، لأن هذا التفصيل لا يعرف إلا عن طريق الحجة الرسالية.


أقول: من يسب الدهر فإما أن يعتقد أن الدهر نفسه يدبّر الأمر، فهذا من الإشراك في الربوبية. وإما أن يعتقد أن الدهر لا فعْل له وأن الأمر بيد الله. فإذا اعتقد أن الدهر لا فعْل له فقد اعتقد أنه إذا سب الدهر فقد سب فعلا من أفعال الله تعالى. وكل مسلم يفهم من الشهادة نفسها أن الاعتراض على الله تعالى ينافي تعظيمه. ولقد رددت عليكما مرارا في هذا الموضوع، ولكنك لا تكاد تعرف أن من يسب الدهر فلا عذر له حتى تؤمن بأن كل من يعبد غير الله فليس بمسلم، حتى لو وقع في شرك متعلق بإحدى المسائل التي تسميها أنت بالمسائل الخفية.


فإنك تقول أن الذي أوصى أهله بحرقه بعد موته أنكر قدرة الله وأنه أراد أن يحرق حتى يمنع الله تعالى من أن تكون له قدرة على أن يعيده ، وأنه كان – مع ذلك – مسلما معذورا، فقد قلتَ أن من يعتقد أن النار تكون أقوى من الله تعالى فيه فلا يكفر إلا بعد إقامة الحجة عليه وأنه مسلم معذور. ومن اعتقد هذا فإنه عن الإيمان بأن من يسب الدهر فقد سب الله تعالى فيكفر ولا يعذر أبعد، فتحتاج إلى الإيمان بالأصل الأصيل، وإلا فلن تقدر على الإيمان بما هو مبنيٌّ عليه.
  #28  
قديم 28-11-2011, 09:55 AM
أبو موسى الموحد أبو موسى الموحد غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
مكان الإقامة: أرض الله الواسعة
الجنس :
المشاركات: 20
افتراضي رد: سَبُّ الدَّهْرِ كُفْرٌ أَكْبَرُ مُطْلَقًا

قلت: فاجلب لتيسير بكل ذي شطط = فليس في الدين الحنيف من شطط
وما استطعت افعل من المأمور = واجتنب الكل من المحظور
و الشرع لا يلزم قبل العلم = دليله فعل المسيء فافتهم

أقول: ليست هذه البيوت بدليل شرعي. وإن ظننت أن المراد بالمسيء هو الذي لم يعمل خيرا قط إلا التوحيد وأوصى أهله بأن يحرقوه بعد موته فقد ذكّرتك بأن لفظ (قَدَرَ) له ثلاثة معانٍ في اللغة، وإنّ استدلالك به على ما يوجب إبطال التوحيد فإنما هو من باب الاستدلال بالمحتمل. ولقد اتفق جميع الفقهاء على أنه لا يسع أحدا أن يستدل بآية أو حديث حتى يتبين له المراد. ولقد نقلت لك بعض الأقوال في هذه المسألة لما تحدثت عن حديث ذات أنواط. وإن ظننتَ أن المسيء هو الموصي فهذه غفلة، فإن المقصود بالمسيء غالبا هو المسيء في صلاته الذي قال له النبي صلى الله عليه وسلم (ارجع فصلّ فإنك لم تصلِّ).


فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ المَسْجِدَ، فَدَخَلَ رَجُلٌ، فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم فَرَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ السَّلاَمَ، فَقَالَ: «ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» ، فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» ثَلاَثًا، فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، فَمَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ، فَعَلِّمْنِي، قَالَ: «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ، فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا» (صحيح البخاري)


وقال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى (21/2): فَهَذَا الْمُسِيءُ الْجَاهِلُ إذَا عَلِمَ بِوُجُوبِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ فَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الطُّمَأْنِينَةُ حِينَئِذٍ، وَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ، فَلِهَذَا أَمَرَهُ بِالطُّمَأْنِينَةِ فِي صَلَاةِ تِلْكَ الْوَقْتِ، دُونَ مَا قَبْلَهَا. اهـ


فيقول أن الشرائع لا تلزم إلا بعد بلوغها. ومنه أيضا أن من كان مسلما موحدا ولكن الخبر بوجوب الصلاة لم يبلغه قط فإنه غير آثم. وأما من لم يوقن بأن الله تعالى واحد في ملكه فإنه لم يدخل في الإسلام أصلا، لأنه لم يعرف معنى الإسلام بعد، إذ الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا كما قاله الذي هو خير مني ومنك، وهو النبي صلى الله عليه وسلم.


قلت: تتهمني بأني لا أقبل الحجة التي سردتها،سبحان الله ألم أقل لك أني أوافقك في ما ذكرت


أقول: أنا لا أنكر أنك قد ترى أنك توافقني عليه...ولكنك إذا قلت أن من يعبد غير الله فهو مشرك عموما ولكنه قد يكون مسلما إذا كان جاهلا حديثَ عهد بالإسلام فإنك لم توافقني على أصل ما قلتُه وهو: الإسلام والشرك ضدان لا يجتمعان.


قلت: وأخالفك في تكفير من وقع في مسألة خفية


أحين أوافقك أكون على صواب


وبما أنك لا تستدل بالمتقدمين و لا بالمتأخرين بل بمايصلح دليلا فماهو قياسك أن دليلك صالحا؟؟؟
علما...
وحجة التكليف خذها أربعه = قرآننا وسنة مثبتهمن بعدها إجماع هذي الأمه = والرابع القياس فافهمنه


أقول: وهل العلم بأن النار لن تُعجز اللهَ تعالى عن بعْث من يشاء من المسائل الخفية، أم هو من المسائل الظاهرة؟؟ وإذا نظرتَ إلى استدلالي وجدتَ أني لم أقِسْ أصلا، وإنما استدللت بعموم النصوص المبينة للتوحيد ولله الحمد. ولقد اتفق المسلمون كلهم على أن الاستدلال الصحيح بعموم النص فإنه لا يحل لأحد أن يرده، فإن قلتَ أن كافٍ فلما سألتني عن القياس؟ وإن قلت أنه لا يكفي لأنه ناقص وأنه لن يكتمل حتى يؤيّد بالقياس فقد أبطلتَ حجيّة النصوص وهذا خروجٌ عن العبودية.


قلت: عبادة الله تعالى بديهية عقلية وموروثة فطرية وحقيقة علمية
ومن عبد غير الله تعالى فهو مشرك والمسألة ليس فيها خلاف إلا في دقائق خفية مثل
قصة الذي قال لأهله حرقوني .
لقد ذكرت لك الأدلة ثم مازلت مصرا على تجاهلها..

أقول
: بل لم تذكر دليلا واحدا على أن من اعتقد أن النار أقوى من الله تعالى – أو شك فيه – فإنه مسلم معذور. ولو كانت النار تمنع الله تعالى من أن يكون له قدرة على يعيد من حُرّق لكانت أقوى منه، تعالى الله علوا كبيرا.ولقد ذكرتك بأن لفظ (قَدَرَ) محتمل، وأقمت الدليل – ولله الحمد – على أن الكلام الذي تنسبه إلى ابن تيمية هو موضوع مكذوب عليه مختلق فلا حقيقة له، فلقد تقوّل من حرّف كتابه عليه الأقاويل الثِّقال فزعم أنه قال أن لفظ (قدر) بمعنى (ضيّق) لا أصل له في اللغة، وهذا جهل فاضحٌ بأصول اللغة منفيٌّ عن ابن تيمية وعمن دونه، وكفرٌ بقول الله تعالى: وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16) (الفجر)

ونقلت لك أقوال المفسرين في هذه الآية، ومنهم تلميذه ابن القيم المصرِّح بأن المراد بـ
(فقدر عليه رزقه) في هذه الآية هو (فضيّق عليه رزقه).
قلت: لن أقول لك الله المستعان على ما أنت عليه لأني أحسبك على خير والله حسيبك ولكن هي مقولة فيها نظر...
فأعدها نظرات منك صادقة ولا تخلط بين من في شحمه ورم.....
والله المستعان..
في حفظ الله



أقول: الله المستعان على ما تقوله. وإني لأستغرب ممن يستدل بما ليس في محله ثم يصحَّح ثم يصرّ. ولقد ادّعت أني تجاهلت حديث الموصي أهلَه بحرقه بعد موته. ولا سبيل إلى الجمع بين التجاهل والإجابة عما فيه.


وقد قلت لك من قبل: ولقد أُلّفتْ رسالة واسعة في أن من لم يؤمن بكمال قدرة الله تعالى وعلمه فإنه لم يوحد الله تعالى، مع إقامة البراهين الجليّة عليه ثم ذكر أقوال العلماء فيه، وفي الدفاع عن العلماء الذين افترى عليهم المبطلون، وفي بيان أنهم حرفوا كتبهم صدّا عن سبيل الله وإبطالا للتوحيد، وأن العلماء بُرآء من أكاذيبهم. وهي تجيب عن اعتراضات الذين قالوا أن الموصي كان مسلما موحدا مع أنه لم يؤمن بربوبية الله تعالى التي منها كمال قدرته.


فاقتصرت على أن أقول أن هذه الرسالة قد أُلّفتْ. والآن قلتَ لي أني تجاهلت الحديث، فلم أجد بدا مِن دفع هذه الدعوى إذْ لا حقيقة لها. ولستُ ممن يحب أن يمدح نفسه، ولكني مضطر إلى التنبئة بما تندفع به دعواك اندفاعا تاما بإذن الله. وقد قال الله تعالى: وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ(59) (يوسف)


ولم يقل يوسف عليه السلام ما قاله إلا لأن الحاجة داعت إليه، ولا لن أقول ما سأقوله لك الآن إن شاء الله إلا لأنها تدعو إليه. فالذي كتب هذه الرسالة التي ذكرتها يومئذ فإنما هو العبد الذي تحاوره الآن والذي يرجو رحمة الله ويخاف عذابه. فإذا كتبت في حديث الموصي وما يتعلق به رسالةً لها أكثر من أربعين صفحة فإني لأرجو أن أكون من أبعد الناس عن تجاهل الحديث، والحمد لله وحده. فإن شاء الله ثم شئتَ أرسلها إليك.


وهذا هو جوابي السابق عن حديث الموصي، الذي سميته تجاهلا، فإذا عرضته على من لا يقلد أحدا تقليدا أعمى فلا يقلدك ولا يقلدني والعياذ بالله فإنه لا سبيل له إلى موافقتك على القول بالتجاهل.


الجزء الأول (يبدأ في آخر المشاركة)




الجزء الثاني




الجزء الثالث


  #29  
قديم 29-11-2011, 10:22 AM
الصورة الرمزية أم اسراء
أم اسراء أم اسراء غير متصل
قلم فضي
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
مكان الإقامة: اينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 3,066
افتراضي رد: سَبُّ الدَّهْرِ كُفْرٌ أَكْبَرُ مُطْلَقًا

لا إله إلا الله
__________________

مهما يطول ظلام الليل ويشتد لابد من أن يعقبه فجرا .

التعديل الأخير تم بواسطة أم اسراء ; 29-11-2011 الساعة 11:13 AM. سبب آخر: مشاركة مكررة
  #30  
قديم 29-11-2011, 10:24 AM
الصورة الرمزية أم اسراء
أم اسراء أم اسراء غير متصل
قلم فضي
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
مكان الإقامة: اينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 3,066
افتراضي رد: سَبُّ الدَّهْرِ كُفْرٌ أَكْبَرُ مُطْلَقًا

بسم الله الرحمن الرحيم

عن قصة ذات أنواط وقصة قوم موسى عندما قالوا (إجعل لنا ألها كما لهم ألهة )

ذكر فى كتاب عقيدة الموحدين للشيخ عبد الله بن السعدى صفحة ( 102) نقول :

إن بنى اسرائيل لم يفعلوا ذلك وكذلك الذين سألوا النبى صلى الله عليه وسلم لم يفعلوا ولا خلاف فى أن بنى اسرائيل لم يفعلوا ذلك ولو فعلوا ذلك لكفروا .
وكذلك لاخلاف فى أن الذين نهاهم النبى صلى الله عليه وسلم لو لم يطيعوه واتخذوا ذات انواط بعد نهيه لكفروا .
وهذا هو المطلوب .

ولكن هذه القصة تفيد ان المسلم بل العالم قد يقع فى انواع من الشرك لا يدرى عنها فتفيد التعلم والتحرز .

وتفيد أيضا أن المسلم إذا تكلم بكلام كفر وهو لايدرى فنبه على ذلك فتاب من ساعته أنه لايكفر كما فعل بنو إسرائيل والذين سألوا النبى صلى الله عليه وسلم .

وتفيد أيضا أنه لو لم يكفر فإنه يغلظ عليه الكلام تغليظا شديدا كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم .إنتهى

ويقول الله عزوجل (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً) .

وأما حديث اسامة فكل من يحارب لاإله إلا الله يعرف معناها . ولكن العبرة بما بعد النطق بها وليس بما قبلها . ورسولنا الذى قال لأسامة أقتلته بعد أن قال لاإله إلا الله هو نفسه القائل فى الخوارج ( أينما لقيتموهم فأقتلوهم لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد ) مع علمهم وكثرة عبادتهم .

أما يتعلق بالجهل، فيُقال: الجهل أيضًا ليس واحدًا، بل الجهل على نوعين:
النوع الأول: جهل مكتسب، أوصل الإنسان إليه إعراضُهُ، فلا يتعلم، ولا يرفع رأسًا بأحكام الله، ولا يكترث بكلام الله ولا بكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم- ولا يلتفت مطلقًا إلى ما أوجب الله عليه. قالوا: فهذا الجهل المكتسب لا يعذر الإنسان به.

النوع الثاني -وهو الذي فيه الكلام: وهو الجهل الذي لا حيلة للجاهل في دفعه، فهو في بيئة ليس فيها علماء الحق والسنة، وليس عنده قدرة على التعلم، كأن يكون عاميًّا، أو ليس عنده قدرة للوصول إلى علماء السنة في غير بيئته.
قالوا: جهل هذا غير جهل السابق؛ لأن هذا الجاهل قد يعجز عن أن يصل إلى الحق، وقد يظن أن ما في بيئته هو الصواب، بينما الأول -الذي جهله مكتسب- يجد الوسيلة للتعلم، ويجد علماء الحق، ولو اتصل بجواله دون أن يسافر، ودون أن يرحل، ودون أن يذهب لتعلم بالهاتف، لكنه يجهل مثل هذه الأمور. قالوا: فجهل هذا لا يمكن أن يكون مثل جهل الآخر.
من كتاب كشف الشبهات .

ومن نواقض الاسلام الاعراض عن دين الله تعالى، لايتعلمه ولايعمل به

والدليل قوله تعالى:
( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ )

فهل من ينبه ويتوب مثل من يعرض سيان عنده حلال أو حرام ؟؟؟


أسأل الله أن يوفقنا لما يحب ويرضى من القول والعمل وأن يهدينا إلى سواء السبيل .
__________________

مهما يطول ظلام الليل ويشتد لابد من أن يعقبه فجرا .
موضوع مغلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



 

[حجم الصفحة الأصلي: 296.95 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 290.53 كيلو بايت... تم توفير 6.42 كيلو بايت...بمعدل (2.16%)]