تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله - الصفحة 23 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11910 - عددالزوار : 190826 )           »          فتاوى رمضانية ***متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 554 - عددالزوار : 92676 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 114 - عددالزوار : 56885 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 78 - عددالزوار : 26178 )           »          شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 33 - عددالزوار : 724 )           »          الدين والحياة الدكتور أحمد النقيب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 57 )           »          فبهداهم اقتده الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 56 )           »          يسن لمن شتم قوله: إني صائم وتأخير سحور وتعجيل فطر على رطب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 24 )           »          رمضان مدرسة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          أمور قد تخفى على بعض الناس في الصيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #221  
قديم 16-07-2019, 02:53 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,566
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله

تفسير: ( ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ..)

تفسير القرآن الكريم











الآية: ﴿ وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾.



السورة ورقم الآية: سورة البقرة (221).



♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ ﴾ نزلت في أبي مرثد الغنويِّ كانت له خليلةٌ مشركةٌ فلمَّا أسلم سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيحلُّ له أن يتزوَّج بها؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية والمشركات ها هنا عامَّة في كلِّ من كفرت بالنبي صلى الله عليه وسلم حرَّم الله تعالى بهذه الآية نكاحهنَّ ثمَّ استثنى الحرائر الكتابيات بالآية التي في المائدة فبقي نكاح الأَمَة الكتابية على التَّحريم ﴿ ولأَمةٌ مؤمنةٌ ﴾ نزلت في عبد الله بن رواحة كانت له أَمَةٌ مؤمنةٌ فأعتقها وتزوَّجها فطعن عليه ناسٌ وعرضوا عليه حُرَّةً مشركةً فنزلت هذه الآية وقوله: ﴿ ولو أعجبتكم ﴾ المشركة بمالها وجمالها ﴿ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا ﴾ لا يجوز تزويج المسلمة من المشرك بحالٍ ﴿ أولئك ﴾ أَي: المشركون ﴿ يدعون إلى النَّار ﴾ أَي: الأعمال الموجبة للنَّار ﴿ وَاللَّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ والمغفرة ﴾ أَيْ: العمل الموجب للجنَّة والمغفرة ﴿ بإذنه ﴾ بأمره يعني: إنَّه بأوامره يدعوكم.







تفسير البغوي "معالم التنزيل": قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ ﴾، سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ: أن أبا مَرْثَدُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيُّ- وقال مقاتل: هو أبو مرثد الغنوي، وقال عطاء: أبو مرثد كناز بن الحصين، وكان شجاعا- بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَكَّةَ لِيُخْرِجَ مِنْهَا نَاسًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ سِرًّا، فَلَمَّا قَدِمَهَا سَمِعَتْ بِهِ امْرَأَةٌ مُشْرِكَةٌ يُقَالُ لَهَا عِنَاقُ، وَكَانَتْ خَلِيلَتَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَتَتْهُ وَقَالَتْ: يَا أَبَا مَرْثَدٍ أَلَا تَخْلُو، فقال لَهَا: وَيْحَكِ يَا عَنَاقُ إِنَّ الْإِسْلَامَ قَدْ حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ ذلك، فقالت: فَهَلْ لَكَ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِي؟ قَالَ: نَعَمْ وَلَكِنْ أَرْجِعُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْتَأْمِرُهُ، فَقَالَتْ: أَبِي تَتَبَرَّمُ؟ ثُمَّ اسْتَغَاثَتْ عَلَيْهِ فَضَرَبُوهُ ضَرْبًا شَدِيدًا ثُمَّ خَلَّوْا سَبِيلَهُ، فَلَمَّا قَضَى حَاجَتَهُ بِمَكَّةَ وَانْصَرَفَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَهُ بِالَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَأَمْرِ عَنَاقَ وَمَا لَقِيَ بسببها، فقال: يا رسول الله أتحل لِي أَنْ أَتَزَوَّجَهَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ ﴾، وَقِيلَ: الْآيَةُ مَنْسُوخَةٌ فِي حق الكتابيات لقوله تَعَالَى: ﴿ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ﴾ [المائدة: 5]، وبخبر رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم وبإجماع الأمة، روى الحسن عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: «نتزوج نساء أهل الكتاب ولا يتزوجون نساءنا»، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ أَطْلَقْتُمُ اسْمَ الشرك على من لم يُنْكِرُ إِلَّا نُبُوَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ فَارِسٍ: لِأَنَّ مَنْ يَقُولُ الْقُرْآنُ كَلَامُ غَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ مَعَ اللَّهِ غَيْرَهُ، وَقَالَ قَتَادَةُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: أَرَادَ بِالْمُشْرِكَاتِ الْوَثَنِيَّاتِ، فَإِنَّ عُثْمَانَ تَزَوَّجَ نَائِلَةَ بِنْتَ فُرَافِصَةَ وَكَانَتْ نَصْرَانِيَّةً فَأَسْلَمَتْ تَحْتَهُ، وَتَزَوَّجَ طَلْحَةُ بن عبيد اللَّهِ نَصْرَانِيَّةً، وَتَزَوَّجَ حُذَيْفَةُ يَهُودِيَّةً، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمْرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: خَلِّ سَبِيلَهَا، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَتَزْعُمُ أَنَّهَا حَرَامٌ؟ فَقَالَ: لَا أَزْعُمُ أَنَّهَا حَرَامٌ وَلَكِنِّي أَخَافُ أن تتعاطوا المومسات منهن، ﴿ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ﴾: بِجِمَالِهَا وَمَالِهَا، نَزَلَتْ فِي خَنْسَاءَ وَلِيدَةٍ سَوْدَاءَ كَانَتْ لِحُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، قَالَ حُذَيْفَةُ: يَا خَنْسَاءُ قَدْ ذُكِرْتِ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى عَلَى سَوَادِكِ وَدَمَامَتِكِ فأعتقها وتزوّجها، وقال السُّدِّيُّ: نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ كَانَتْ لَهُ أَمَةٌ سَوْدَاءَ فَغَضِبَ عَلَيْهَا وَلَطَمَهَا، ثُمَّ فَزِعَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم فأخبره بِذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَا هِيَ يَا عبد الله»؟ فقال: هِيَ تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ وَتَصُومُ رَمَضَانَ وَتُحْسِنُ الْوُضُوءَ وَتُصَلِّي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم: «هَذِهِ مُؤْمِنَةٌ»، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيًّا لَأُعْتِقَنَّهَا ولأتزوجنّها، ففعل فَطَعَنَ عَلَيْهِ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَقَالُوا: أَتَنْكِحُ أَمَةً؟ وَعَرَضُوا عَلَيْهِ حُرَّةً مُشْرِكَةً، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هذه الآية: ﴿ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا ﴾، هَذَا إِجْمَاعٌ: لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمَةِ أَنْ تَنْكِحَ الْمُشْرِكَ، ﴿ وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولئِكَ ﴾، يَعْنِي: الْمُشْرِكِينَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ، أَيْ: إِلَى الْأَعْمَالِ الْمُوجِبَةِ للنار، وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ، أَيْ: بقضائه وقدره وَإِرَادَتِهِ، وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ، أَيْ: أَوَامِرَهُ وَنَوَاهِيهِ، لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ، يَتَّعِظُونَ.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #222  
قديم 16-07-2019, 02:54 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,566
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله

تفسير: (ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ..)

تفسير القرآن الكريم

الآية: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾.
السورة ورقم الآية: سورة البقرة (222).
♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ ويسألونك عن المحيض ﴾ (ذكر المفسرون أنَّ العرب كانت إذا حاضت المرأة لم يؤاكلوها ولم يشاربوها ولم يَسَّاكَنُوا معها في بيت كفعل المجوس) فسأل أبو الدحداح رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله كيف نصنع بالنِّساء إذا حضن؟ فنزلت هذه الآية والمحيض: الحيض ﴿ قل هو أذىً ﴾ أَيْ: قذرٌ ودمٌ ﴿ فاعتزلوا النساء في المحيض ﴾ أَيْ: مجامعتهنَّ إذا حضن ﴿ ولا تقربوهنَّ ﴾ أَيْ: ولا تجامعوهنَّ ﴿ حتى يَطَّهَّرْنَ ﴾ أي: يغتسلن ومَنْ قرأ ﴿ يَطْهُرْنَ ﴾ بالتَّخفيف أَيْ: ينقطع عنهنَّ الدم أي: توجد طهارة وهي الغسل ﴿ فإذا تطهَّرن ﴾ اغتسلن ﴿ فأتوهنَّ ﴾ أَيْ: جامعوهنَّ ﴿ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ﴾ بتجنُّبه في الحيض - وهو الفرج - ﴿ إنَّ الله يحب التوابين ﴾ من الذُّنوب و﴿ المتطهرين ﴾ بالماء من الأحداث والجنابات.
تفسير البغوي "معالم التنزيل": قوله تعالى: ﴿ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ﴾، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْقَاشَانِيُّ أَنَا أَبُو عُمَرَ الْقَاسِمُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْهَاشِمِيُّ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أحمد بن عمر اللُّؤْلُؤِيُّ أَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ السِّجِسْتَانِيُّ، أَنَا مُوسَى بن إسماعيل أنا حماد هو ابن سَلَمَةَ أَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ الْيَهُودَ كَانَتْ إِذَا حَاضَتْ مِنْهُمُ الْمَرْأَةُ أَخْرَجُوهَا مِنَ الْبَيْتِ، وَلَمْ يُؤَاكِلُوهَا وَلَمْ يُشَارِبُوهَا، وَلَمْ يُجَامِعُوهَا فِي الْبَيْتِ، فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تعالى: ﴿ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ ﴾ الْآيَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «جَامِعُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ وَاصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا النِّكَاحَ»، فقالت اليهود: وما يُرِيدُ هَذَا الرَّجُلَ أَنْ يَدَعَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِنَا إِلَّا خَالَفَنَا فِيهِ، فَجَاءَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَعَبَّادُ بْنُ بشير إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْيَهُودَ تَقُولُ كَذَا وَكَذَا، أَفَلَا نَنْكِحُهُنَّ فِي الْمَحِيضِ فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ الله صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، حَتَّى ظَنَنَّا أَنْ قَدْ وَجَدَ عَلَيْهِمَا فَخَرَجَا فَاسْتَقْبَلَتْهُمَا هَدِيَّةٌ مِنْ لَبَنٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَعَثَ في آثارهما فسقاهما فعرفنا أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ عَلَيْهِمَا، قَوْلُهُ تعالى: ﴿ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ﴾، أَيْ: عَنِ الْحَيْضِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ حَاضَتِ الْمَرْأَةُ تَحِيضُ حَيْضًا وَمَحِيضًا، كَالسَّيْرِ وَالْمَسِيرِ، وَأَصْلُ الْحَيْضِ الِانْفِجَارُ وَالسَّيَلَانُ، وَقَوْلُهُ: ﴿ قُلْ هُوَ أَذىً ﴾، أَيْ: قَذَرٌ، وَالْأَذَى كُلُّ مَا يُكْرَهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، ﴿ فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ ﴾، أراد بالاعتزال ترك الوطء لهن، وَلا تَقْرَبُوهُنَّ، أَيْ: لَا تُجَامِعُوهُنَّ، أما الملامسة والمضاجعة معها فجائز، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يوسف أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَنَا قَبِيصَةُ، أَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، كلانا جنب، وكان يأمرني فأتّزر فَيُبَاشِرَنِي وَأَنَا حَائِضٌ، وَكَانَ يُخْرِجُ رَأْسَهُ إِلَيَّ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فَأَغْسِلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ، أَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أبي سلمة حدثته: أن أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: حِضْتُ وَأَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَمِيلَةِ، فَانْسَلَلْتُ فخرجت منها، فأخذت ثياب حيضتي فَلَبِسْتُهَا، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَفِسْتِ»؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَدَعَانِي فَأَدْخَلَنِي مَعَهُ الخميلة، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَنِيفِيُّ أَنَا أَبُو الْحَارِثِ طَاهِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّاهِرِيُّ أنا أبو مُحَمَّدُ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَلِيمٍ، أَنَا أَبُو الْمُوَجِّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، أَنَا صَدَقَةُ أَنَا وَكِيعٌ أَنَا مِسْعَرٌ وَسُفْيَانُ عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كنت أشرب وأنا حائض وأناوله لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعٍ فِي وَأَتَعَرَّقُ الْعَرَقَ فَيَتَنَاوَلُهُ فَيَضَعُ فَاهُ فِي مَوْضِعِ فِي، فَوَطْءُ الْحَائِضِ حَرَامٌ وَمَنْ فَعَلَهُ يَعْصِي اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَيُعَزِّرُهُ الْإِمَامُ إِنْ عَلِمَ مِنْهُ ذَلِكَ، وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ، فَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إِلَى أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَيَتُوبُ إِلَيْهِ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ، مِنْهُمْ قَتَادَةُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ، لِمَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ أَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ فِي رَجُلٍ جَامَعَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، قَالَ: «إِنْ كَانَ الدَّمُ عَبِيطًا فَلْيَتَصَدَّقْ بِدِينَارٍ، وَإِنْ كَانَ صُفْرَةً فَنِصْفُ دِينَارٍ»، وَيُرْوَى هَذَا موقوفا على ابْنِ عَبَّاسٍ، وَيَمْنَعُ الْحَيْضُ جَوَازَ الصَّلَاةِ وَوُجُوبَهَا، وَيَمْنَعُ جَوَازَ الصَّوْمِ وَلَا يَمْنَعُ وُجُوبَهُ، حَتَّى إِذَا طَهُرَتْ يَجِبُ عَلَيْهَا قَضَاءُ الصَّوْمِ ولا يجب عليها، قَضَاءُ الصَّلَاةِ، وَكَذَلِكَ النُّفَسَاءُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الضَّبِّيُّ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجِرَاحِيُّ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَحْبُوبِيُّ، أَنَا أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ أَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ أَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ عُبَيْدَةَ بن معتّب الضبي أبو عبد الكريم عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنَّا نَحِيضُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ نَطْهُرُ فَيَأْمُرُنَا بِقَضَاءِ الصِّيَامِ وَلَا يَأْمُرُنَا بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْحَائِضِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَلَا الِاعْتِكَافُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا مَسُّ الْمُصْحَفِ وَلَا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ، وَلَا يَجُوزُ لِلزَّوْجِ غِشْيَانُهَا، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَا الْقَاسِمُ بْنُ جَعْفَرٍ أَنَا أَبُو عَلِيٍّ اللُّؤْلُؤِيُّ أَنَا أَبُو داود أنا مسدد أَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ أَنَا أَفْلَتُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ: حَدَّثَتْنِي جَسْرَةُ بِنْتُ دَجَاجَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوُجُوهُ بُيُوتِ أَصْحَابِهِ شَارِعَةٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: «وَجِّهُوا هَذِهِ الْبُيُوتَ عَنِ الْمَسْجِدِ فَإِنِّي لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٍ»، قَوْلُهُ تَعَالَى: حَتَّى يَطْهُرْنَ، قَرَأَ عَاصِمٌ بِرِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ وَحَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ بتشديد الطاء والهاء، يعني يَغْتَسِلْنَ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِسُكُونِ الطَّاءِ وضم الهاء مخففا، وَمَعْنَاهُ: حَتَّى يَطْهُرْنَ مِنَ الْحَيْضِ ولينقطع دَمُهُنَّ، فَإِذا تَطَهَّرْنَ، يَعْنِي: اغْتَسَلْنَ، فَأْتُوهُنَّ، أَيْ: فَجَامِعُوهُنَّ، مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ، أَيْ: مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ أَنْ تَعْتَزِلُوهُنَّ مِنْهُ وَهُوَ الْفَرْجُ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَعِكْرِمَةُ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: طَئُوهُنَّ فِي الْفَرْجِ وَلَا تَعْدُوهُ إِلَى غَيْرِهِ، أَيِ: اتَّقُوا الْأَدْبَارَ، وَقِيلَ: مِنْ حيث بمعنى فِي حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ تَعَالَى وهو الفرج كقوله عزّ وجلّ: ﴿ إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ﴾ [الْجُمُعَةِ: 9]، أَيْ: فِي يَوْمِ الجمعة، وقيل: فأتوهن من الْوَجْهَ الَّذِي أَمَرَكُمُ اللَّهُ أَنْ تأتوهن فيه وَهُوَ الطُّهْرُ، وَقَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: مِنْ قِبَلِ الْحَلَالِ دُونَ الْفُجُورِ، وَقِيلَ: لَا تَأْتُوهُنَّ صَائِمَاتٍ وَلَا مُعْتَكِفَاتٍ وَلَا مُحْرِمَاتٍ، وَأْتُوهُنَّ وَغِشْيَانُهُنَّ لَكُمْ حَلَالٌ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ تَحْرِيمُ شَيْءٍ مِمَّا مَنَعَهُ الْحَيْضُ بِانْقِطَاعِ الدَّمِ مَا لَمْ تَغْتَسِلْ أَوْ تَتَيَمَّمْ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ إِلَّا تَحْرِيمُ الصَّوْمِ، فَإِنَّ الْحَائِضَ إِذَا انْقَطَعَ دَمُهَا بِاللَّيْلِ وَنَوَتِ الصَّوْمَ فَوَقْعَ غُسْلُهَا بِالنَّهَارِ صَحَّ صَوْمُهَا، وَالطَّلَاقُ فِي حَالِ الْحَيْضِ يَكُونُ بِدْعِيًّا وَإِذَا طَلَّقَهَا بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ قَبْلَ الْغُسْلِ لَا يَكُونُ بِدْعِيًّا، وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا انْقَطَعَ دَمُهَا لِأَكْثَرِ الحيض وهي عنده عَشَرَةِ أَيَّامٍ يَجُوزُ لِلزَّوْجِ غِشْيَانُهَا قبل الغسل، وقال مجاهد وطاوس: إذا غسلت فرجها يَجُوزُ لِلزَّوْجِ غِشْيَانُهَا قَبْلَ الْغُسْلِ. وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى التَّحْرِيمِ مَا لَمْ تَغْتَسِلْ أَوْ تَتَيَمَّمْ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَّقَ جَوَازَ وَطْئِهَا بِشَرْطَيْنِ: بانقطاع الدم والغسل، حَتَّى يَطْهُرْنَ، يَعْنِي: مِنَ الْحَيْضِ، فَإِذا تَطَهَّرْنَ، يَعْنِي: اغْتَسَلْنَ فَأْتُوهُنَّ، وَمَنْ قَرَأَ يَطَّهَّرْنَ بِالتَّشْدِيدِ فَالْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ الْغُسْلُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ﴾ [الْمَائِدَةِ: 6]، أي: اغتسلوا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قَبْلَ الْغُسْلِ لَا يَحِلُّ الْوَطْءُ، قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾، قَالَ عَطَاءٌ وَمُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَالْكَلْبِيُّ: يُحِبُّ التَّوَّابِينَ مِنَ الذُّنُوبِ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ بِالْمَاءِ مِنَ الْأَحْدَاثِ وَالنَّجَاسَاتِ، وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: يُحِبُّ التَّوَّابِينَ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْمُتَطَهِّرِينَ مِنَ الشِّرْكِ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: التَّوَّابِينَ مِنَ الشِّرْكِ وَالْمُتَطَهِّرِينَ مِنَ الذُّنُوبِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: التَّوَّابِينَ مِنَ الذُّنُوبِ لَا يَعُودُونَ فِيهَا وَالْمُتَطَهِّرِينَ مِنْهَا لَمْ يُصِيبُوهَا، وَالتَّوَّابُ الَّذِي كُلَّمَا أَذْنَبَ تَابَ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً ﴾ [الإسراء: 25].



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #223  
قديم 16-07-2019, 02:54 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,566
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله

تفسير: (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم....)

تفسير القرآن الكريم









الآية: ﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾.

السورة ورقم الآية: سورة البقرة (223).

♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ نساؤكم حرثٌ لكم ﴾ أَيْ: مزرع ومنب للولد ﴿ فأتوا حرثكم أنى شئتم ﴾ أَيْ: كيف شئتم ومن أين شئتم بعد أن يكون في صِمام واحدٍ فنزلت هذه الآية تكذيباً لليهود وذلك أنَّ المسلمين قالوا: إِنَّا نأتي النِّساء باركاتٍ وقائماتٍ ومستلقياتٍ ومن بين أيديهم ومن خلفهنَّ بعد أن يكون المأتي واحداً فقالت اليهود: ما أنتم إلاَّ أمثال البهائم لكنَّا نأتيهنَّ على هيئةٍ واحدةٍ وإنَّا لنجد في التَّوراة أنَّ كلَّ إِتيانٍ يؤتى النِّساء غير الاستلقاء دنسٌ عند الله فأكذب الله تعالى اليهود ﴿ وقدموا لأنفسكم ﴾ أَي: العمل لله بما يحبُّ ويرضى ﴿ واتقوا الله ﴾فيما حدَّ لكم من الجماع وأمرِ الحائض ﴿ واعلموا أنكم ملاقوه ﴾ أَيْ: راجعون إليه ﴿ وبشر المؤمنين ﴾ الذين خافوه وحذروا معصيته.


تفسير البغوي "معالم التنزيل": قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ﴾، «242» أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الشُّرَيْحِيُّ، أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بن الْمُنَادِي أَنَا يُونُسُ، أَنَا يَعْقُوبُ القمّي عن جعفر بن أبي الْمُغِيرَةِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عن ابن عباس: جَاءَ عُمَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ، قَالَ: «وَمَا الَّذِي أَهْلَكَكَ»؟ قَالَ: حَوَّلْتُ رَحْلِي الْبَارِحَةَ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شيئا، فأوحى اللَّهُ إِلَيْهِ: ﴿ نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ﴾، يَقُولُ: «أَدْبِرْ وَأَقْبِلْ وَاتَّقِ الدُّبُرَ وَالْحَيْضَةَ»، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحِيرِيُّ، أَنَا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ أَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُنِيبٍ، أَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كَانَتِ الْيَهُودُ تَقُولُ فِي الَّذِي يَأْتِي امْرَأَتَهُ مِنْ دُبُرِهَا فِي قُبُلِهَا إِنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ أَحْوَلَ، فَنَزَلَتْ ﴿ نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ، ﴾ وَرَوَى مُجَاهِدٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ مِنْ شَأْنِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَأْتُوا النِّسَاءَ إِلَّا عَلَى حَرْفٍ، وَذَلِكَ أَسْتَرُ مَا تَكُونُ الْمَرْأَةُ، وَكَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنَ الْأَنْصَارِ قَدْ أَخَذُوا بِذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِمْ، وَكَانَ هَذَا الحي مِنْ قُرَيْشٍ يَتَلَذَّذُونَ مِنْهُنَّ مُقْبِلَاتٍ وَمُدْبِرَاتٍ وَمُسْتَلْقِيَاتٍ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَةَ تَزَوَّجَ رَجُلٌ مِنْهُمُ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ فَذَهَبَ يَصْنَعُ بِهَا ذَلِكَ، فَأَنْكَرَتْ عَلَيْهِ وَقَالَتْ: إِنَّا كُنَّا نُؤْتَى عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ شِئْتَ فَاصْنَعْ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَاجْتَنِبْنِي، حَتَّى سَرَى أَمْرُهُمَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ﴾ الْآيَةَ، يَعْنِي: مَوْضِعَ الْوَلَدِ، فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ مُقْبِلَاتٍ وَمُدْبِرَاتٍ وَمُسْتَلْقِيَاتٍ، وأَنَّى حَرْفُ اسْتِفْهَامٍ يَكُونُ سُؤَالًا عَنِ الْحَالِ وَالْمَحَلِّ، مَعْنَاهُ: كَيْفَ شِئْتُمْ وَحَيْثُ شِئْتُمْ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ فِي صِمَامٍ وَاحِدٍ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ أَنَّى شِئْتُمْ: إِنَّمَا هُوَ الْفَرْجُ، وَمِثْلُهُ عَنِ الْحَسَنِ، وَقِيلَ: ﴿ حَرْثٌ لَكُمْ ﴾، أَيْ: مَزْرَعٌ لَكُمْ وَمَنْبَتٌ لِلْوَلَدِ بِمَنْزِلَةِ الْأَرْضِ الَّتِي تُزْرَعُ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْأَدْبَارِ، لِأَنَّ مَحَلَّ الْحَرْثِ وَالزَّرْعِ هُوَ الْقُبُلُ لَا الدُّبُرُ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: هَذَا فِي الْعَزْلِ، يَعْنِي: إِنْ شِئْتُمْ، فَاعْزِلُوا وَإِنْ شِئْتُمْ فَلَا تَعْزِلُوا، وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ الْعَزْلِ فَقَالَ: حَرْثُكَ إِنْ شِئْتَ فَأَعْطِشْ وَإِنْ شِئْتَ فَارْوِ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: تُسْتَأْمَرُ الْحُرَّةُ فِي الْعَزْلِ وَلَا تُسْتَأْمَرُ الْجَارِيَةُ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَكَرِهَ جَمَاعَةٌ الْعَزْلَ، وَقَالُوا: هُوَ الْوَأْدُ الْخَفِيُّ، وَرَوَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كُنْتُ أَمْسِكُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ الْمُصْحَفَ فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ ﴿ نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ﴾، فَقَالَ: أَتَدْرِي فِيمَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، وَيُحْكَى عَنْ مَالِكٍ إِبَاحَةُ ذَلِكَ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ أَصْحَابُهُ، وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ لَقِيَ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا عمر ما حدثت بحديث نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَرَى بَأْسًا بِإِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ؟ فَقَالَ: كَذَبَ الْعَبْدُ وَأَخْطَأَ إِنَّمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: يُؤْتَوْنَ فِي فُرُوجِهِنَّ مِنْ أَدْبَارِهِنَّ. وَالدَّلِيلُ عَلَى تَحْرِيمِ الْأَدْبَارِ مَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْخَطِيبِ، أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلَّالُ أَخْبَرَنَا أبو العباس الْأَصَمُّ، أَنَا الرَّبِيعُ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ أنا عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شافع، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ بْنِ السَّائِبِ عَنْ عَمْرِو بْنِ أُحَيْحَةَ بْنِ الْجُلَاحِ، عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فِي أَيِّ الْخُرْمَتَيْنِ، أَوْ فِي أَيِّ الْخَرَزَتَيْنِ أَوْ فِي الْخُصْفَتَيْنِ أَمِنَ دُبُرِهَا فِي قُبُلِهَا فنعم، أم مِنْ دُبُرِهَا فِي دُبُرِهَا فَلَا، فإن الله لا يستحيي مِنَ الْحَقِّ، لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ».

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الشُّرَيْحِيُّ أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ، أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ أَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ النَّهَاوَنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْحَضْرَمِيُّ أَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ أَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امرأة فِي دُبُرِهَا».

قَوْلُهُ تَعَالَى:﴿ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ ﴾، قَالَ عَطَاءٌ: التَّسْمِيَةُ عِنْدَ الْجِمَاعِ، قَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ ﴾ يَعْنِي: إِذَا أَتَى أَهْلَهُ فَلْيَدْعُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يوسف أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم: «لو أن أحدهم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَإِنَّهُ إِنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ في ذلك لم يضرّه الشيطان أَبَدًا»، وَقِيلَ: قَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ، يَعْنِي: طَلَبَ الْوَلَدِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْخَرَقِيُّ أَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّيْسَفُونِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجَوْهَرِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُشْمِيهَنِيُّ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ حَجَرٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنِ جَعْفَرٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ أَوْ عِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ»، وَقِيلَ: هُوَ التَّزَوُّجُ بِالْعَفَافِ لِيَكُونَ الْوَلَدُ صالحًا، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَنَا مُسَدَّدٌ أَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أبي هريرة عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ»، وَقِيلَ: لمعنى الْآيَةِ تَقْدِيمُ الْأَفْرَاطِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ السَّرَخْسِيُّ أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنَا أَبُو مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَمُوتُ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ فَتَمَسُّهُ النَّارُ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ»، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ وَالسُّدِّيُّ: وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ، يَعْنِي: الْخَيْرَ وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ بِدَلِيلِ سِيَاقِ الْآيَةِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ: صَائِرُونَ إِلَيْهِ فيجزيكم بأعمالكم، وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #224  
قديم 16-07-2019, 02:54 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,566
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله

تفسير: (ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم....)
تفسير القرآن الكريم











الآية: ﴿ وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾.

السورة ورقم الآية: سورة البقرة (224).

♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ ولا تجعلوا الله عرضةٌ لأيمانكم ﴾ أَيْ: لا تجعلوا اليمين بالله سبحانه علَّةً مانعةً من البرِّ والتَّقوى من حيث تتعمَّدون اليمين لتعتلُّوا بها نزلت في عبد الله بن رواحة حلف أن لا يُكلِّم ختنه ولا يدخل بينه وبين خصم له وجعل يقول: قد حلفتُ أَنْ لا أفعل فلا يحلُّ لي وقوله ﴿ أن تبروا ﴾ أَي: في أَنْ لا تبرُّوا أو لدفع أن تبرُّوا ويجوز أن يكون قوله: ﴿ أن تبروا ﴾ ابتداءً وخبره محذوف على تقدير: أن تبرُّوا وتتقوا وتصلحوا بين النَّاس أولى أَي: البرُّ والتُّقى أولى ﴿ والله سميع عليمٌ ﴾ يسمع أيمانكم ويعلم ما تقصدون بها.

تفسير البغوي "معالم التنزيل": قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ ﴾، نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَتَنِهِ على أخيه بَشِيرِ بْنِ النُّعْمَانِ الْأَنْصَارِيِّ شَيْءٌ، فَحَلَفَ عَبْدُ اللَّهِ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَيْهِ وَلَا يُكَلِّمَهُ وَلَا يُصْلِحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصْمِهِ، وَإِذَا قِيلَ لَهُ فِيهِ، قَالَ: قَدْ حَلَفْتُ بِاللَّهِ أَنْ لَا أَفْعَلَ فَلَا يَحِلُّ لِي إِلَّا أَنْ أبر في يميني، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ، وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ حِينَ حَلَفَ أَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَى مِسْطَحٍ حِينَ خَاضَ فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ، وَالْعُرْضَةُ أَصْلُهَا الشِّدَّةُ وَالْقُوَّةُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلدَّابَّةِ الَّتِي تُتَّخَذُ لِلسَّفَرِ: عُرْضَةٌ لِقُوَّتِهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ قِيلَ لِكُلِّ مَا يَصْلُحُ لِشَيْءٍ: هُوَ عُرْضَةٌ لَهُ، حَتَّى قَالُوا لِلْمَرْأَةِ: هِيَ عُرْضَةُ النِّكَاحِ إِذَا صَلَحَتْ لَهُ، والعرضة كل ما يعرض فَيَمْنَعُ عَنِ الشَّيْءِ، وَمَعْنَى الْآيَةِ: لَا تَجْعَلُوا الْحَلِفَ بِاللَّهِ سَبَبًا مانعا لكم عن الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، يُدْعَى أَحَدُكُمْ إِلَى صِلَةِ رَحِمٍ أَوْ بِرٍّ، فَيَقُولُ: حَلَفْتُ بِاللَّهِ أَنْ لَا أَفْعَلَهُ فَيَعْتَلُّ بِيَمِينِهِ فِي تَرْكِ الْبِرِّ، أَنْ تَبَرُّوا، مَعْنَاهُ: أَنْ لَا تَبِرُّوا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا ﴾ [النِّسَاءِ: 176]، أَيْ: لِئَلَّا تَضِلُّوا، وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ السَّرَخْسِيُّ أَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنَا أَبُو مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ حَلَفَ بِيَمِينٍ فَرَأَى خَيْرًا مِنْهَا فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ، وليفعل الذي هو خير».


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #225  
قديم 16-07-2019, 02:55 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,566
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله

تفسير: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم .... )
تفسير القرآن الكريم




الآية: ﴿ لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴾.
السورة ورقم الآية: سورة البقرة (225).
♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ﴾ أَيْ: ما يسبق به اللِّسان من غير عقدٍ ولا قصدٍ ويكون كالصِّلة للكلام وهو مِثلُ قول القائل: لا والله وبلى واللَّهِ وقيل: لغو اليمين: اليمينُ المكفَّرة سمِّيت لغواً لأنَّ الكفَّارة تُسقط الإِثم منه ﴿ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ﴾ أَيْ: عزمتم وقصدتم وعلى القول الثاني في لغو اليمين معناه: ولكن يؤاخذكم بعزمكم على ألا تبرُّوا وتعتلُّوا في ذلك بأيمانكم بأنَّكم حلفتم ﴿ والله غفورٌ حليم ﴾ يؤخِّر العقوبة عن الكفَّار والعُصاة.
تفسير البغوي "معالم التنزيل": قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ لَا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ ﴾، اللغو كل ساقط مُطْرَحٍ مِنَ الْكَلَامِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ، وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي اللَّغْوِ فِي الْيَمِينِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ، فَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ مَا يَسْبِقُ إِلَى اللِّسَانِ عَلَى عَجَلَةٍ لِصِلَةِ الْكَلَامِ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ وَقَصْدٍ، كَقَوْلِ الْقَائِلِ: لَا وَاللَّهِ وَبَلَى وَاللَّهِ وَكَلَّا وَاللَّهِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنِ أَحْمَدَ الْخَلَّالُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَنَا الرَّبِيعُ أَنَا الشَّافِعِيُّ أَنَا مالك عن هشام عن عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: لَغْوُ الْيَمِينِ قَوْلُ الْإِنْسَانِ: لَا وَاللَّهِ وَبَلَى وَاللَّهِ، وَرَفَعَهُ بَعْضُهُمْ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّعْبِيُّ وَعِكْرِمَةُ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَيُرْوَى عَنْ عَائِشَةَ أَيْمَانُ اللَّغْوِ: مَا كَانَتْ فِي الْهَزْلِ وَالْمِرَاءِ وَالْخُصُومَةِ، وَالْحَدِيثِ الَّذِي لَا يَعْقِدُ عَلَيْهِ الْقَلْبُ، وَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ أن يحلف على شَيْءٍ يَرَى أَنَّهُ صَادِقٌ فِيهِ، ثُمَّ يَتَبَيَّنُ لَهُ خِلَافُ ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَالزُّهْرِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَقَتَادَةَ وَمَكْحُولٍ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وقالوا: لا كفارة فيه ولا إثم، وقال علي: هو اليمين في الغضب، وبه قال طاوس وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هُوَ الْيَمِينُ فِي الْمَعْصِيَةِ لَا يُؤَاخِذُهُ اللَّهُ بِالْحِنْثِ فِيهَا، بَلْ يَحْنَثُ وَيُكَفِّرُ، وَقَالَ مَسْرُوقٌ: لَيْسَ عَلَيْهِ كفارة، أنكفّر خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ؟ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ فِي الرجل يحلف على المعصية: كفارتها أَنْ يَتُوبَ مِنْهَا، وَكُلُّ يَمِينٍ لَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَفِيَ بِهَا فَلَيْسَ فِيهَا كَفَّارَةٌ، وَلَوْ أَمَرْتُهُ بِالْكَفَّارَةِ لَأَمَرْتُهُ أَنْ يُتِمَّ عَلَى قَوْلِهِ، وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: هُوَ دُعَاءُ الرَّجُلِ عَلَى نفسه، كقول الإنسان: أَعْمَى اللَّهُ بَصَرِي إِنْ لَمْ أفعل كذا، أَخْرَجَنِي اللَّهُ مِنْ مَالِي إِنْ لم أنك هذا، فهذا كله لغو لا يؤاخذ الله به، ولو آخذهم لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعُقُوبَةَ، ﴿ وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ ﴾ [يُونُسَ: 11]، وَقَالَ: ﴿ وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ ﴾ [الْإِسْرَاءِ: 11]، قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ﴾، أَيْ: عَزَمْتُمْ وَقَصَدْتُمْ إِلَى الْيَمِينِ، وَكَسَبَ الْقَلْبُ: العقد والنية، وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْيَمِينَ لَا تَنْعَقِدُ إِلَّا بِاللَّهِ أَوْ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ أَوْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ، فَالْيَمِينُ بِاللَّهِ أَنْ يَقُولَ: وَالَّذِي أَعْبُدُهُ وَالَّذِي أُصَلِّي لَهُ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَالْيَمِينُ بأسمائه كقوله: والله والرحمن والرحيم ونحوه، واليمين بصفاته كقوله: وكبرياء الله وَعِزَّةِ اللَّهِ وَعَظَمَةِ اللَّهِ وَجَلَالِ الله وقدرة الله ونحوهما، فَإِذَا حَلَفَ بِشَيْءٍ مِنْهَا عَلَى أمر في المستقبل، فحنث تجب عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِذَا حَلَفَ عَلَى أَمْرٍ مَاضٍ أَنَّهُ كَانَ وَلَمْ يَكُنْ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقَدْ كَانَ إِنْ كَانَ عَالِمًا بِهِ حَالَةَ مَا حَلَفَ به، فَهُوَ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ، وَتَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ عَالِمًا كَانَ أَوْ جَاهِلًا، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ.
ولا يجب عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَقَالُوا: إِنْ كَانَ عَالِمًا فَهُوَ كَبِيرَةٌ وَلَا كَفَّارَةَ لَهَا كَمَا فِي سَائِرِ الْكَبَائِرِ، وَإِنْ كان جاهلاً فهو اليمين اللَّغْوِ عِنْدَهُمْ، وَمَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ الله تعالى مثلاً، مِثْلَ أَنْ قَالَ: وَالْكَعْبَةِ وَبَيْتِ اللَّهِ وَنَبِيِّ اللَّهِ، أَوْ حَلَفَ بِأَبِيهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ يمينا ولا تجب به الْكَفَّارَةُ إِذَا حَلَفَ وَهُوَ يَمِينٌ مَكْرُوهَةٌ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ مَعْصِيَةً، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ السَّرَخْسِيُّ أَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ أنا أبو إسحاق الْهَاشِمِيُّ، أَنَا أَبُو مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهُوَ يَسِيرُ فِي رَكْبٍ وَهُوَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ ليصمت».



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #226  
قديم 16-07-2019, 02:55 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,566
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله

تفسير: (للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم)

تفسير القرآن الكريم


الآية: ﴿ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾.
السورة ورقم الآية: سورة البقرة (226).
♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ للذين يؤلون من نسائهم ﴾ أَيْ: يحلفون أن لا يطؤوهنَّ ﴿ تربص أربعة أشهر ﴾ جعل الله تعالى الأجل في ذلك أربعة أشهر فإذا مضت هذه المدَّة فإمَّا أن يُطلِّق أو يطأ فإن أباهما جميعاً طلَّق عليه الحاكم ﴿ فإن فاؤوا ﴾ رجعوا عمَّا حلفوا عليه أَيْ: بالجماع ﴿ فإنَّ الله غفورٌ رحيم ﴾ يغفر له ما قد فعل (ولزمته كفَّارة اليمين).
تفسير البغوي "معالم التنزيل": قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ﴾، يُؤْلُونَ أَيْ: يَحْلِفُونَ، وَالْأَلْيَةُ: الْيَمِينُ، وَالْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ الْيَمِينُ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ الْمَرْأَةِ، قَالَ قَتَادَةُ: كَانَ الْإِيلَاءُ طَلَاقًا لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: كَانَ ذَلِكَ مِنْ ضِرَارِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، كَانَ الرَّجُلُ لَا يُحِبُّ امْرَأَتَهُ وَلَا يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا غَيْرُهُ، فَيَحْلِفُ أَنْ لَا يَقْرَبَهَا أَبَدًا فَيَتْرُكُهَا لَا أيّما ولا ذات بعل، كانوا عَلَيْهِ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ، فَضَرَبَ اللَّهُ لَهُ أَجَلًا فِي الْإِسْلَامِ، وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ، فَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إِلَى أَنَّهُ إِنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَقْرَبَ زَوْجَتَهُ أَبَدًا أَوْ سَمَّى مُدَّةً أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ يَكُونُ مُولِيًا، فَلَا يتعرض له قَبْلَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَبَعْدَ مُضِيِّهَا يُوقَفُ وَيُؤْمَرُ بِالْفَيْءِ أَوْ بِالطَّلَاقِ بَعْدَ مُطَالَبَةِ الْمَرْأَةِ، وَالْفَيْءُ: هُوَ الرُّجُوعُ عَمَّا قَالَهُ بِالْوَطْءِ إِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يقدر فالقول، فإن لم يف وَلَمْ يُطَلِّقْ طَلَّقَ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ وَاحِدَةً، وَذَهَبَ إِلَى الْوُقُوفِ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ: عُمْرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وَابْنُ عُمَرَ، قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ: أَدْرَكْتُ بِضْعَةَ عَشَرَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلّم كلهم يقولون بِوَقْفِ الْمُولِي، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَمُجَاهِدٌ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ، وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ تَقَعُ عَلَيْهَا طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالزُّهْرِيُّ: تَقَعُ طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ، وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَطَأَهَا أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَا يَكُونُ مُولِيًا بَلْ هُوَ حَالِفٌ، فَإِذَا وَطِئَهَا قَبْلَ مُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ تَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ، وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَطَأَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لَا يَكُونُ مُولِيًا عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِالْوَقْفِ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الْمُدَّةِ شَرْطٌ لِلْوَقْفِ وَثُبُوتِ الْمُطَالَبَةِ بِالْفَيْءِ أَوِ الطَّلَاقِ، وَقَدْ مَضَتِ الْمُدَّةُ، وَعِنْدَ مَنْ لَا يَقُولُ بِالْوَقْفِ يَكُونُ مُولِيًا وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، وَمُدَّةُ الْإِيلَاءِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فِي حَقِّ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ جَمِيعًا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، لِأَنَّهَا ضُرِبَتْ لِمَعْنًى يَرْجِعُ إِلَى الطَّبْعِ، وَهُوَ قِلَّةُ صَبْرِ الْمَرْأَةِ عَنِ الزَّوْجِ، فيستوي فيه الحر والعبد. وَعِنْدَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَتَنَصَّفُ مُدَّةُ الْعُنَّةِ بِالرِّقِّ غَيْرَ أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ تَتَنَصَّفُ بِرِقِّ الْمَرْأَةِ، وَعِنْدَ مَالِكٍ بِرِقِّ الزَّوْجِ، كَمَا قالا في الطلاق. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ﴾، أَيِ: انْتِظَارُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَالتَّرَبُّصُ: التثبّت والتوقّف، فَإِنْ فاؤُوا: رَجَعُوا عَنِ الْيَمِينِ بِالْوَطْءِ، فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وَإِذَا وَطِئَ خَرَجَ عَنِ الْإِيلَاءِ، وَتَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَالَ الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَقَتَادَةُ: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَعَدَ بِالْمَغْفِرَةِ، فَقَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وَذَلِكَ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ فِي إِسْقَاطِ الْعُقُوبَةِ لَا فِي الْكَفَّارَةِ، وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إِنْ قَرَّبْتُكِ فَعَبْدِي حُرٌّ أو ضربتك فأنت طالق، أَوْ لِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ أَوْ صَوْمٌ أَوْ صَلَاةٌ، فَهُوَ مُولٍ لِأَنَّ الْمُولِيَ مَنْ يَلْزَمُهُ أَمْرٌ بِالْوَطْءِ وَيُوقَفُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ، فَإِنْ فَاءَ يَقَعُ الطَّلَاقُ أَوِ الْعِتْقُ الْمُعَلَّقُ بِهِ، وَإِنِ التزم في الذمة يلزمه كَفَّارَةُ الْيَمِينِ فِي قَوْلٍ، وَفِي قَوْلٍ: يَلْزَمُهُ مَا الْتُزِمَ فِي ذمّته من الإعتاق أو الصلاة أو الصوم.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #227  
قديم 16-07-2019, 02:55 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,566
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله

تفسير: (وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم)

تفسير القرآن الكريم


الآية: ﴿ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾.

السورة ورقم الآية: سورة البقرة (227).
♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ وإن عزموا الطلاق ﴾ أَيْ: طلَّقوا ولم يفيؤوا بالوطء ﴿ فإنَّ الله سميع ﴾ لما يقوله ﴿ عليمٌ ﴾ بما يفعله.
تفسير البغوي "معالم التنزيل": ﴿ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ ﴾، أَيْ: حَقَّقُوهُ بالإيقاع، ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ ﴾: لقولهم، عَلِيمٌ: بِنِيَّاتِهِمْ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا لَا تُطَلَّقُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ مَا لَمْ يُطَلِّقْهَا زَوْجُهَا، لِأَنَّهُ شَرَطَ فِيهِ الْعَزْمَ، وَقَالَ: ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَقْتَضِي مَسْمُوعًا، وَالْقَوْلُ هُوَ الَّذِي يُسْمَعُ.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #228  
قديم 16-07-2019, 02:56 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,566
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله

تفسير: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ... )

تفسير القرآن الكريم


الآية: ﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾.
السورة ورقم الآية: سورة البقرة (228).
♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ والمطلقات ﴾ أَيْ: المُخلَّيات من حبال الأزواج يعني: البالغات المدخول بهنَّ غير الحوامل لأنَّ في الآية بيان عدتهنَّ ﴿ يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ﴾ أَيْ: ثلاثة أطهار يعني: ينتظرون انقضاء مدة ثلاثة أطهارٍ حتى تمرَّ عليهن ثلاثة أطهارٍ وقيل: ثلاث حيضٍ ﴿ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ الله في أرحامهنَّ ﴾ يعني: الولد ليبطلن حقَّ الزوج من الرَّجعة ﴿ إن كنَّ يؤمنَّ بالله واليوم الآخر ﴾ وهذا تغليظٌ عليهنَّ في إِظهار ذلك ﴿ وبعولتهن ﴾ أَيْ: أزواجهنَّ ﴿ أحقُّ بردهنَّ ﴾ بمراجعتهنَّ ﴿ في ذلك ﴾ في الأجل الذي أُمرْنَ أن يتربصن فيه ﴿ إن أرادوا إصلاحاً ﴾ لا إضراراً ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ أَيْ: للنِّساء على الرَّجال مثلُ الذي للرِّجال عليهنَّ من الحقِّ بالمعروف أَيْ: بما أمر الله من حقِّ الرَّجل على المرأة ﴿ وللرجال عليهن درجة ﴾ يعني: بما ساقوا من المهر وأنفقوا من المال ﴿ والله عزيز حكيم ﴾ يأمر كما أراد ويمتحن كما أحبَّ.
تفسير البغوي "معالم التنزيل": قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَالْمُطَلَّقاتُ ﴾، أَيِ: الْمُخَلَّيَاتُ مِنْ حِبَالِ أَزْوَاجِهِنَّ، ﴿ يَتَرَبَّصْنَ ﴾: يَنْتَظِرْنَ، ﴿ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ﴾، فَلَا يَتَزَوَّجْنَ، وَالْقُرُوءُ: جَمْعُ قَرْءٍ مِثْلُ فَرْعٍ، وَجَمْعُهُ الْقَلِيلُ: أَقْرُؤٌ، وَالْجَمْعُ الْكَثِيرُ: أَقْرَاءٌ، وَاخْتَلَفَ أهل العلم في القرء فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهَا الْحَيْضُ، وَهُوَ قَوْلُ عُمْرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال للمستحاضة: «دعي الصلاة أيام أقرائك»، وَإِنَّمَا تَدَعُ الْمَرْأَةُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ حَيْضِهَا، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهَا الْأَطْهَارُ، وَهُوَ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ، وَهُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ وَالزُّهْرِيِّ، وَبِهِ قَالَ رَبِيعَةُ وَمَالِكٌ والشافعي، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ»، فَأَخْبَرَ أَنَّ زَمَانَ الْعِدَّةِ هُوَ الطُّهْرُ. وَمِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
فَفِي كُلِّ عَامٍ أَنْتَ جَاشِمُ غَزْوَة
تَشُدُّ لِأَقْصَاهَا عَزِيمَ عَزَائِكَا

مُوَرِّثَةٍ مَالًا وَفِي الْحَيِّ رِفْعَة
لِمَا ضَاعَ فِيهَا مِنْ قُرُوءِ نِسَائِكَا


وَأَرَادَ بِهِ أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ إِلَى الْغَزْوِ وَلَمْ يَغْشَ نِسَاءَهُ فَتَضِيعُ أَقْرَاؤُهُنَّ، وَإِنَّمَا تُضَيَّعُ بِالسَّفَرِ زَمَانَ الطهر، لا زمان الحيض، وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ إِذَا شَرَعَتْ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَجْعَلُهَا أَطْهَارًا وَتَحْسِبُ بَقِيَّةَ الطُّهْرِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الطَّلَاقُ قَرْءًا، قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: إِذَا طَعَنَتِ الْمُطَلَّقَةُ فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ وَبَرِئَ مِنْهَا، وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْأَقْرَاءَ هِيَ الْحَيْضُ يَقُولُ لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا مَا لَمْ تَطْهُرْ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ مِنْ حَيْثُ أَنَّ اسْمَ الْقُرْءِ يَقَعُ عَلَى الطُّهْرِ وَالْحَيْضِ جَمِيعًا، يُقَالُ: أَقْرَأَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا حَاضَتْ، وَأَقْرَأَتْ إِذَا طَهُرَتْ فَهِيَ مَقْرِئٌ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَصْلِهِ، فَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ: هُوَ الْوَقْتُ لِمَجِيءِ الشَّيْءِ وَذَهَابِهِ، يُقَالُ: رَجَعَ فُلَانٌ لِقُرْئِهِ وَلِقَارِئِهِ، أَيْ: لِوَقْتِهِ الَّذِي يَرْجِعُ فِيهِ، وَهَذَا قَارِئُ الرِّيَاحِ، أَيْ: وَقْتُ هُبُوبِهَا، قَالَ مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ الْهُذَلِيُّ:
كَرِهْتُ العقر عقر بني سليل *** إِذَا هَبَّتْ لِقَارِئِهَا الرِّيَاحُ
أَيْ: لِوَقْتِهَا، وَالْقَرْءُ يَصْلُحُ لِلْوَجْهَيْنِ لِأَنَّ الْحَيْضَ يَأْتِي لِوَقْتٍ، وَالطُّهْرُ مِثْلُهُ، وقيل: هو من القراء، وَهُوَ الْحَبْسُ وَالْجَمْعُ، تَقُولُ الْعَرَبُ: مَا قَرَأَتِ النَّاقَةَ سَلًّا قَطُّ، أَيْ: لَمْ تَضُمَّ رَحِمُهَا عَلَى وَلَدٍ، وَمِنْهُ قَرَيْتُ الْمَاءَ فِي الْمِقْرَاةِ وَهِيَ الْحَوْضُ، أَيْ: جَمَعْتُهُ بِتَرْكِ هَمْزِهَا، فَالْقَرْءُ هَاهُنَا احْتِبَاسُ الدَّمِ وَاجْتِمَاعُهُ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ التَّرْجِيحُ فِيهِ لِلطُّهْرِ، لِأَنَّهُ يَحْبِسُ الدَّمَ وَيَجْمَعُهُ، وَالْحَيْضُ يُرْخِيهِ وَيُرْسِلُهُ، وَجُمْلَةُ الْحُكْمِ فِي الْعِدَدِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا كَانَتْ حَامِلًا فَعِدَّتُهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ سَوَاءٌ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِالْمَوْتِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ﴾ [الطَّلَاقِ: 4]، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا نَظَرَ إِنْ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بِمَوْتِ الزَّوْجِ، فَعَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ بِأَرْبَعَةِ أشهر وعشرا، سَوَاءٌ مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ وَسَوَاءٌ كَانَتِ الْمَرْأَةُ مِمَّنْ تَحِيضُ أَوْ لَا تَحِيضُ لقول الله عزّ وجلّ: ﴿ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ﴾[الْبَقَرَةِ: 234]، وَإِنْ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بالطلاق في الحياة نظر فإن كانت قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَا عِدَّةَ عليها لقول اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها ﴾ [الْأَحْزَابِ: 49]، وَإِنْ كَانَ بعد الدخول بها نظر إن كانت المرأة لَمْ تَحِضْ قَطُّ أَوْ بَلَغَتْ فِي الْكِبَرِ سِنَّ الْآيِسَاتِ فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ﴾ [الطَّلَاقِ: 4]، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ فَعِدَّتُهَا ثلاثة أقرؤ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ﴾، وَقَوْلُهُ: ﴿ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ﴾ لَفْظُهُ خَبَرٌ وَمَعْنَاهُ أَمْرٌ، وَعِدَّةُ الْأَمَةِ إِنْ كَانَتْ حَامِلًا بِوَضْعِ الْحَمْلِ كَالْحُرَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ حَائِلًا فَفِي الْوَفَاةِ عِدَّتُهَا شَهْرَانِ وَخَمْسُ أيام، وَفِي الطَّلَاقِ إِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ فَعِدَّتُهَا قَرْءَانِ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ فَشَهْرٌ وَنِصْفٌ، وقيل: شهران كالقرءين فِي حَقِّ مَنْ تَحِيضُ، قَالَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنه: ينكح العبد اثنتين ويطلق تطليقتين، وَتَعْتَدُّ الْأَمَةُ بِحَيْضَتَيْنِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَحِيضُ فَشَهْرَيْنِ أَوْ شَهْرًا ونصفا، قوله عَزَّ وَجَلَّ:﴿ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ ﴾، قَالَ عِكْرِمَةُ: يَعْنِي الْحَيْضَ وَهُوَ أَنْ يُرِيدَ الرَّجُلَ مراجعتها، فتقول: قد حضت الثلاثة، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ: يَعْنِي الْحَمْلَ، وَمَعْنَى الْآيَةِ: لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ كِتْمَانُ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي رَحِمِهَا مِنَ الْحَيْضِ وَالْحَمْلِ لِتُبْطِلَ حَقَّ الزَّوْجِ مِنَ الرَّجْعَةِ وَالْوَلَدِ. ﴿ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾، مَعْنَاهُ: أَنَّ هَذَا مِنْ فِعْلِ الْمُؤْمِنَاتِ، وَإِنْ كَانَتِ الْمُؤْمِنَةُ وَالْكَافِرَةُ فِي هَذَا الْحُكْمِ سَوَاءً كَمَا تَقُولُ: أَدِّ حَقِّي إِنْ كُنْتَ مُؤْمِنًا، يَعْنِي: أَدَاءَ الْحُقُوقِ مِنْ فِعْلِ الْمُؤْمِنِينَ، ﴿ وَبُعُولَتُهُنَّ ﴾، يعني: أزواجهنّ جمع بعل، كالفحول جَمْعُ فَحْلٍ، سُمِّيَ الزَّوْجُ بَعْلًا لقيامه بأمر زَوْجَتِهِ، وَأَصْلُ الْبَعْلِ السَّيِّدُ وَالْمَالِكُ، أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ: أَوْلَى بِرَجْعَتِهِنَّ إِلَيْهِمْ، فِي ذلِكَ، أي: في حال العدة، ﴿ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً ﴾، أَيْ: إِنْ أَرَادُوا بِالرَّجْعَةِ الصَّلَاحَ وَحَسُنَ الْعِشْرَةِ لَا الْإِضْرَارَ، كَمَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ الرَّجُلُ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ، فَإِذَا قَرُبَ انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا رَاجَعَهَا، ثُمَّ تَرَكَهَا مدة ثم طَلَّقَهَا، يَقْصِدُ بِذَلِكَ تَطْوِيلَ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا، ﴿ وَلَهُنَّ ﴾، أَيْ: لِلنِّسَاءِ عَلَى الْأَزْوَاجِ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ لِلْأَزْوَاجِ بِالْمَعْرُوفِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي مَعْنَاهُ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَتَزَيَّنَ لِامْرَأَتِي كَمَا تُحِبُّ امْرَأَتِي أَنْ تَتَزَيَّنَ لِي لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ طَرَفَةَ السِّجْزِيُّ، أَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، أَنَا أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ أَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَنَا حَمَّادٌ أَنَا أَبُو قَزَعَةَ سُوِيْدُ بْنُ حُجَيْرٍ الْبَاهِلِيُّ، عَنِ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: «أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ وَأَنْ تَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، وَلَا تَضْرِبَ الْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحَ، وَلَا تَهْجُرَ إِلَّا فِي الْبَيْتِ»، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ الْجُرْجَانِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْجُلُودِيُّ أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ، أَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ أَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَدَنِيُّ، حدثنا جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلّم، فسرد لي قِصَّةَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ إِلَى أَنْ ذَكَرَ خُطْبَتَهُ يَوْمَ عَرَفَةَ، قَالَ: «فاتقوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كِتَابُ اللَّهِ، وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ، فَقَالَ بِأُصْبُعِهِ السَّبَّابَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ اللَّهُمَّ اشْهَدْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ»، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، أَنَا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنَا يَعْلَى بْنُ عَبَيْدٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَكْمَلَ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِكُمْ»، قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بِمَا سَاقَ إِلَيْهَا مِنَ الْمَهْرِ وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا مِنَ الْمَالِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: بِالْجِهَادِ، وَقِيلَ: بِالْعَقْلِ، وَقِيلَ: بِالشَّهَادَةِ، وَقِيلَ: بِالْمِيرَاثِ، وَقِيلَ: بِالدِّيَةِ، وَقِيلَ: بِالطَّلَاقِ، لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِ الرِّجَالِ، وَقِيلَ: بِالرَّجْعَةِ، وَقَالَ سُفْيَانُ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: بِالْإِمَارَةِ، وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ، مَعْنَاهُ: فَضِيلَةٌ فِي الْحَقِّ، وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ، أخبرنا عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الصَّيْرَفِيُّ، أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بن عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْبَرْتِيُّ، أَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ أَنَا سُفْيَانُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ: أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ خَرَجَ فِي غَزَاةٍ بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا، ثُمَّ رَجَعَ فَرَأَى رِجَالًا يَسْجُدُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ أَمَرْتُ أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ، لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا».
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #229  
قديم 16-07-2019, 02:57 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,566
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله

تفسير: (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ... )

تفسير القرآن الكريم


الآية: ﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾.

السورة ورقم الآية: سورة البقرة (229).
♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ الطلاق مرتان ﴾ كان طلاقُ الجاهلية غير محصورٍ بعددٍ فحصر الله الطلاق بثلاثٍ فذكر في هذه الآية طلقتين وذكر الثَّالثة في الآية الأخرى وهي قوله: ﴿ فَإِنْ طَلَّقَهَا فلا تحلُّ له من بعد ﴾ الآية وقيل: المعنى في الآية: الطَّلاق الذي يُملك فيه الرَّجعة مرَّتان ﴿ فإمساك بمعروف ﴾ يعني: إذا راجعها بعد الطَّلقتين فعليه إمساكٌ بما أمر الله تعالى ﴿ أو تسريحٌ بإحسان ﴾ وهو أَنْ يتركها حتى تَبِينَ بانقضاء العِدَّة ولا يراجعها ضراراً ﴿ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا ﴾ لا يجوز للزَّوج أن يأخذ من امرأته شيئاً ممَّا أعطاها من المهر ليطلِّقها إلاَّ في الخُلع وهو قوله ﴿ إِلا أَنْ يخافا ﴾ أي: يعلما ﴿ أن لا يُقيما حدود الله ﴾ والمعنى: إنَّ المرأة إذا خافت أن تعصي الله في أمر زوجها بُغضاً له وخاف الزَّوج إذا لم تطعه امرأته أن يعتدي عليها حلَّ له أن يأخذ الفدية منها إذا دعت إلى ذلك ﴿ فإنْ خفتم ﴾ أيُّها الولاة والحكَّام ﴿ أن لا يقيما حدود الله ﴾ يعني: الزَّوجين ﴿ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ﴾ المرأة لا جُناح عليها فيما أعطته ولا على الرَّجل فيما أخذ ﴿ تلك حدود الله ﴾ يعني: ما حدَّه من شرائع الدِّين.
تفسير البغوي "معالم التنزيل": قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ الطَّلاقُ مَرَّتانِ ﴾، رُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: كان الناس في ابتداء الإسلام يُطَلِّقُونَ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ وَلَا عِدَدٍ، وَكَانَ الرَّجُلُ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ، فَإِذَا قَارَبَتِ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا رَاجَعَهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا كَذَلِكَ، ثُمَّ رَاجَعَهَا، يقصد بذلك مُضَارَّتَهَا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿ الطَّلاقُ مَرَّتانِ ﴾، يَعْنِي: الطَّلَاقَ الَّذِي يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ عَقِيبَهُ مَرَّتَانِ، فَإِذَا طَلَّقَ ثَلَاثًا فَلَا تَحِلُّ لَهُ إِلَّا بَعْدَ نِكَاحِ زَوْجِ آخَرَ، قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ ﴾، قِيلَ: أَرَادَ بِالْإِمْسَاكِ الرَّجْعَةَ بَعْدَ الثَّانِيَةِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ الْإِمْسَاكُ بَعْدَ الرَّجْعَةِ، يَعْنِي: إِذَا رَاجَعَهَا بَعْدَ الطلقة الثَّانِيَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُمْسِكَهَا بِالْمَعْرُوفِ، وَالْمَعْرُوفُ كُلُّ مَا يُعْرَفُ فِي الشرع من أداء الحقوق في النِّكَاحِ وَحُسْنِ الصُّحْبَةِ، أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ، هو أَنْ يَتْرُكَهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، وَقِيلَ: الطَّلْقَةُ الثَّالِثَةُ، قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ ﴾، وَصَرِيحُ اللَّفْظِ الَّذِي يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ ثَلَاثَةٌ: الطَّلَاقُ وَالْفِرَاقُ وَالسَّرَاحُ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: الصَّرِيحُ هُوَ لَفْظُ الطَّلَاقِ فَحَسْبُ، وَجُمْلَةُ الْحُكْمِ فِيهِ: أَنَّ الْحُرَّ إِذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا يجوز له أن يراجعها بِغَيْرِ رِضَاهَا مَا دَامَتْ فِي العدّة، فإن لَمْ يُرَاجِعْهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا، أَوْ خَالَعَهَا، فَلَا تَحِلُّ لَهُ إِلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ بِإِذْنِهَا وَإِذْنِ وَلِيِّهَا، فَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَلَا تحلّ له حتى تَنْكِحْ زَوْجًا غَيْرَهُ، وَأَمَّا الْعَبْدُ إِذَا كَانَتْ تَحْتَهُ امْرَأَةٌ فَطَلَّقَهَا طَلْقَتَيْنِ فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ إِلَّا بَعْدَ نِكَاحِ زَوْجِ آخَرَ، وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا إِذَا كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ رَقِيقًا فَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إِلَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ عَدَدُ الطَّلَاقِ بِالزَّوْجِ، فَالْحُرُّ يَمْلِكُ عَلَى زوجته الأمة ثلاث تطليقات، وَالْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ عَلَى زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ إِلَّا طَلْقَتَيْنِ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الطَّلَاقُ بِالرِّجَالِ، وَالْعِدَّةُ بِالنِّسَاءِ، يَعْنِي يُعْتَبَرُ فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ في حَالُ الرَّجُلِ، وَفِي قَدْرِ الْعِدَّةِ حَالُ الْمَرْأَةِ، وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْمَرْأَةِ فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ، فَيَمْلِكُ الْعَبْدُ عَلَى زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ ثَلَاثَ تطليقات، وَلَا يَمْلِكُ الْحُرُّ عَلَى زَوْجَتِهِ الأمة إلا تطليقتين، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً ﴾: أعطيتموهنّ شيئا من الْمُهُورَ وَغَيْرَهَا، ثُمَّ اسْتَثْنَى الْخُلْعَ، فَقَالَ: إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ: نَزَلَتْ فِي جَمِيلَةَ بِنْتِ عَبْدِ الله بن أُبي، ويقال: في حَبِيبَةَ بِنْتِ سَهْلٍ، كَانَتْ تَحْتَ ثابت بن قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَكَانَتْ تَبْغَضُهُ وَهُوَ يُحِبُّهَا فَكَانَ بَيْنَهُمَا كَلَامٌ فَأَتَتْ أَبَاهَا فَشَكَتْ إِلَيْهِ زَوْجَهَا، وَقَالَتْ لَهُ: إِنَّهُ يُسِيءُ إِلَيَّ ويضربني، فَقَالَ لَهَا: ارْجِعِي إِلَى زَوْجِكِ فَإِنِّي أَكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ لَا تَزَالَ رَافِعَةً يَدَيْهَا تَشْكُو زَوْجَهَا، قَالَ: فَرَجَعَتْ إِلَيْهِ الثَّانِيَةَ وَبِهَا أثر الضرب، فقال: ارْجِعِي إِلَى زَوْجِكِ فَلَمَّا رَأَتْ أَنَّ أَبَاهَا لَا يَشْكِيهَا أَتَتْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَكَتْ إِلَيْهِ زَوْجَهَا وَأَرَتْهُ آثَارًا بِهَا مِنْ ضَرْبِهِ، وَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا أَنَا وَلَا هُوَ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ثابت بن قيس فَقَالَ: «مَا لَكَ وَلِأَهْلِكَ»؟ فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيًّا مَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهَا غَيْرَكَ، فَقَالَ لَهَا: «مَا تَقُولِينَ»؟ فَكَرِهَتْ أَنْ تَكْذِبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سَأَلَهَا، فَقَالَتْ: صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَكِنْ قَدْ خَشِيتُ أَنْ يُهْلِكَنِي، فَأَخْرِجْنِي مِنْهُ، وَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كُنْتُ لِأُحَدِّثَكَ حَدِيثًا يُنْزِلُ اللَّهُ عَلَيْكَ خلافه فهو من أكرم الناس حبًّا لِزَوْجَتِهِ، وَلَكِنِّي أَبْغَضُهُ، فَلَا أَنَا ولا هو، قال ثابت: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي قَدْ أعطيتها حديقة فقل لها فَلْتَرُدَّهَا عَلَيَّ وَأُخَلِّي سَبِيلَهَا، فَقَالَ لَهَا: «تَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ وَتَمْلِكِينَ أَمْرَكِ»؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا ثَابِتُ خُذْ مِنْهَا مَا أَعْطَيْتَهَا، وَخَلِّ سَبِيلَهَا»، فَفَعَلَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَنَا مُحَمَّدُ بن إسماعيل أنا أزهر بْنُ جَمِيلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ أَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا:
أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ»؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقْبَلِ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً»، قَوْلُهُ تَعَالَى: إِلَّا أَنْ يَخافا، أي: يعلما (أن لا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ)، قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَحَمْزَةُ وَيَعْقُوبُ إِلَّا أَنْ يَخافا بِضَمِّ الْيَاءِ، أَيْ: يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهُمَا، يَعْنِي: يَعْلَمُ الْقَاضِي وَالْوَلِيُّ ذَلِكَ مِنَ الزَّوْجَيْنِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ ﴾، فَجَعَلَ الْخَوْفَ لِغَيْرِ الزَّوْجَيْنِ، وَلَمْ يَقُلْ: فَإِنْ خَافَا، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ يَخافا بِفَتْحِ الْيَاءِ، أَيْ: يَعْلَمُ الزَّوْجَانِ من أنفسهما أن لا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ، تَخَافُ الْمَرْأَةُ أَنْ تَعْصِيَ اللَّهَ فِي أَمْرِ زَوْجِهَا، وَيَخَافُ الزَّوْجُ إِذَا لَمْ تُطِعْهُ امْرَأَتُهُ أَنْ يَعْتَدِيَ عَلَيْهَا فَنَهَى اللَّهُ الرَّجُلَ أَنْ يَأْخُذَ مِنِ امْرَأَتِهِ شَيْئًا مِمَّا آتَاهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ النُّشُوزُ مِنْ قِبَلِهَا، فَقَالَتْ: لَا أُطِيعُ لَكَ أَمْرًا وَلَا أَطَأُ لَكَ مَضْجَعًا ونحو ذلك، قال الله تَعَالَى: ﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ﴾، أَيْ: فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ الْمَرْأَةَ نَفْسَهَا مِنْهُ، قَالَ الْفَرَّاءُ: أَرَادَ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِما الزَّوْجَ دُونَ الْمَرْأَةِ، فَذَكَرَهُمَا جَمِيعًا لِاقْتِرَانِهِمَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ نَسِيا حُوتَهُما ﴾[الْكَهْفِ: 61]، وَإِنَّمَا النَّاسِي فَتَى مُوسَى دُونَ مُوسَى، وَقِيلَ: أَرَادَ أَنَّهُ لَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا، لَا جُنَاحَ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي النُّشُوزِ إِذَا خَشِيَتِ الْهَلَاكَ وَالْمَعْصِيَةَ، وَلَا فيما افتدت به وأعطت من الْمَالَ لِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ مِنْ إِتْلَافِ المال بغير حق، ولا عَلَى الزَّوْجِ فِيمَا أَخَذَ مِنْهَا مِنَ الْمَالِ إِذَا أَعْطَتْهُ طَائِعَةً، وَذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أن الخلع جائز على أَكْثَرِ مِمَّا أَعْطَاهَا، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَا يَجُوزُ بِأَكْثَرِ مِمَّا أَعْطَاهَا مِنَ الْمَهْرِ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: لَا يَأْخُذُ مِنْهَا جَمِيعَ ما أعطاها بل يترك لها شيئًا، ويجوز الخلع في غَيْرِ حَالِ النُّشُوزِ، غَيْرَ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ قَطْعِ الْوَصْلَةِ بِلَا سَبَبٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الشُّرَيْحِيُّ أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ، أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ فَنَجْوَيْهِ الدِّينَوَرِيُّ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُسْتَمْلِي أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ شَاكِرِ بْنِ أحمد بن جناب، أَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ أَنَا عبيد اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ الْوَصَّافِيُّ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنِ ابْنِ عمر قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَبْغَضِ الْحَلَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الطَّلَاقُ، ولا أحب إليه من العتق، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الشُّرَيْحِيُّ أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ أَخْبَرَنِي ابْنُ فنجويه، أنا ابن أبي شيبة مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شيبة، أنا أبي أنا أبو أُسَامَةُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ، عَنْ ثَوْبَانَ يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ»، وَقَالَ طَاوُسٌ: الْخُلْعُ يَخْتَصُّ بِحَالَةِ خَوْفِ النُّشُوزِ لِظَاهِرِ الآية، والآية خرجت على وفق العادة في أَنَّ الْخُلْعَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي حَالِ خَوْفِ النُّشُوزِ غَالِبًا، وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ فَقَبِلَتْ وَقَعَتِ الْبَيْنُونَةُ، وَانْتُقِصَ بِهِ الْعَدَدُ، وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْخُلْعِ، فَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إِلَى أَنَّهُ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ ينتقص بها عَدَدُ الطَّلَاقِ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَطَاءٌ وَالْحَسَنُ وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَهُوَ أَظْهَرُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ فَسْخٌ لَا يُنْتَقَصُ بِهِ عَدَدُ الطَّلَاقِ، وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَبِهِ قَالَ عِكْرِمَةُ وَطَاوُسٌ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ الطَّلَاقَ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ الْخُلْعَ، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ الطَّلْقَةَ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: ﴿ فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ﴾ [البقرة: 230]، وَلَوْ كَانَ الْخُلْعُ طَلَاقًا لَكَانَ الطلاق أربعا، ومن قال بالقول الأول جَعَلَ الطَّلْقَةَ الثَّالِثَةَ: أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ﴾، أَيْ: هَذِهِ أَوَامِرُ اللَّهِ ونواهيه، وحدود الله ما مَنَعَ الشَّرْعُ مِنَ الْمُجَاوَزَةِ عَنْهُ، فَلا تَعْتَدُوها، فَلَا تُجَاوِزُوهَا، ﴿ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #230  
قديم 16-07-2019, 02:58 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,566
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله

تفسير: (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره ... )

تفسير القرآن الكريم


الآية: ﴿ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾.
السورة ورقم الآية: سورة البقرة (230).
♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ فإن طلقها ﴾ يعني: الزوج المُطلِّق اثنتين ﴿ فلا تحلُّ له ﴾ المطلَّقة ثلاثاً ﴿ من بعد ﴾ أَيْ: من بعد التَّطليقة الثَّالثة ﴿ حتى تنكح زوجاً غيره ﴾ غير المُطلِّق (ويجامعها) ﴿ فإن طلقها ﴾ أَيْ: الزَّوج الثَّاني ﴿ فلا جناح عليهما أن يتراجعا ﴾ بنكاحٍ جديدٍ ﴿ إن ظنا ﴾ أَيْ: علما وأيقنا ﴿ أَنْ يقيما حدود الله ﴾ ما بيَّن الله من حقِّ أحدهما على الآخر.
تفسير البغوي "معالم التنزيل": قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَإِنْ طَلَّقَها ﴾، يَعْنِي: الطَّلْقَةَ الثَّالِثَةَ، ﴿ فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ ﴾، أَيْ: مِنْ بَعْدِ الطَّلْقَةِ الثَّالِثَةِ، ﴿ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ﴾، أَيْ: غَيْرَ الْمُطَلِّقِ فَيُجَامِعُهَا، وَالنِّكَاحُ يَتَنَاوَلُ الْوَطْءَ وَالْعَقْدَ جَمِيعًا، نَزَلَتْ فِي تَمِيمَةَ، وَقِيلَ: فِي عَائِشَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَتِيكٍ الْقُرَظِيِّ، كَانَتْ تَحْتَ ابْنِ عَمِّهَا رِفَاعَةَ بْنِ وَهْبِ بْنِ عَتِيكٍ الْقُرَظِيِّ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَطِيبُ، أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنِ أَحْمَدَ الْخَلَّالُ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ أَنَا الرَّبِيعُ أَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهُ سَمِعَهَا تَقُولُ: جَاءَتِ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنِّي كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلَاقِي وَتَزَوَّجْتُ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: «أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟» قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: «لَا، حَتَّى يَذُوقَ عسيلتك وتذوقي عسيلته»، وَرُوِيَ أَنَّهَا لَبِثَتْ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنَّ زَوْجِي قَدْ مَسَّنِي، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَذَبْتِ بِقَوْلِكِ الْأَوَّلِ فَلَنْ نُصَدِّقَكِ فِي الْآخَرِ»، فَلَبِثَتْ حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَتْ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَتْ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْجِعُ إِلَى زَوْجِي الْأَوَّلِ فَإِنَّ زَوْجِي الْآخَرَ قَدْ مَسَّنِي وَطَلَّقَنِي، فَقَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ: قَدْ شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَتَيْتِهِ وَقَالَ لَكِ مَا قَالَ، فَلَا تَرْجِعِي إِلَيْهِ، فَلَمَّا قُبِضَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَتَتْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَتْ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لا ترجعي إليه لَئِنْ رَجَعْتِ إِلَيْهِ لَأَرْجُمَنَّكِ، قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا ﴾، يَعْنِي: فَإِنْ طلّقها الزوج الثاني بعد ما جَامَعَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا، يَعْنِي: عَلَى الْمَرْأَةِ وَعَلَى الزَّوْجِ الْأَوَّلِ أَنْ يَتَرَاجَعَا، يَعْنِي: بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ، إِنْ ظَنَّا، أَيْ: عَلِمَا، وَقِيلَ: رَجَوَا، لِأَنَّ أَحَدًا لَا يَعْلَمُ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، ﴿ أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ ﴾، أَيْ: يَكُونُ بَيْنَهُمَا الصَّلَاحُ وَحُسْنُ الصُّحْبَةِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَعْنَاهُ إِنْ عَلِمَا أن نكاحهما على غير دلسة، وَأَرَادَ بِالدُّلْسَةِ: التَّحْلِيلَ، وَهُوَ مَذْهَبُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ، قَالُوا: إِذَا تَزَوَّجَتِ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا زَوْجًا آخَرَ لِيُحَلِّلَهَا لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ النِّكَاحَ فَاسِدٌ، وَذَهَبَ جماعة إلى أنه إذا لم يشترط فِي النِّكَاحِ مَعَ الثَّانِي أَنَّهُ يُفَارِقُهَا، فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ وَيَحْصُلُ بِهِ التَّحْلِيلُ، وَلَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا غَيْرَ أَنَّهُ يُكْرَهُ إِذَا كَانَ فِي عَزْمِهَا ذَلِكَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَرَجِ الْمُظَفَّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التَّمِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ حَمْزَةُ بْنُ يُوسُفَ السَّهْمِيُّ أَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ، أَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْفَرَجِ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بن خالد الحراني، أنا عُبِيْدُ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ هُوَ الْجَزَرِيُّ، عَنْ أَبِي وَاصِلٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قال: «لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلُ لَهُ»، وَقَالَ نَافِعٌ: أَتَى رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا، فَانْطَلَقَ أَخٌ له من غير مؤامرة، فَتَزَوَّجَهَا لِيَحِلَّهَا لِلْأَوَّلِ، فَقَالَ: لَا إِلَّا نِكَاحَ رَغْبَةٍ، كُنَّا نَعُدُّ هَذَا سِفَاحًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلُ لَهُ، وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ، يَعْنِي: يَعْلَمُونَ مَا أَمَرَهُمُ الله تعالى به.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 216.77 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 210.72 كيلو بايت... تم توفير 6.06 كيلو بايت...بمعدل (2.79%)]