|
ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() التفكُّر نورة سليمان عبدالله ما معنى كلمة تفكُّر؟ قال ابن القيم: "تحديق القلب إلى جهة المطلوب التماسًا له"، وقال ابن عثيمين: "التفكر هو أن الإنسان يُعمِل فكره في الأمر حتى يصل فيه إلى نتيجة"، وقال القرطبي في تفسير قولـه تعالى: ﴿ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [آل عمران: 191] التفكر في قدرة الله تعالى ومخلوقاته والعِبر الذي بثَّ؛ ليكون ذلك أزيد في بصائرهم: وفي كل شيء له آية ![]() تدل على أنه واحد ![]() ![]() ![]() وقال الفضيل: "التفكر مرآة تُريك حسناتك وسيئاتك". وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: "تفكُّر ساعة خير من قيام ليلة"، وقال وهب بن منبه: "ما طالت فكرة امرئ قط إلا فهِم، وما فهم إلا علِم، وما علم إلا عمِل". وقال عمر بن عبدالعزيز: "الفكرة في نعم الله من أفضل العبادة". ما فائدة التفكر؟ قال ابن القيم: "الفكر مبدأ الإرادة والطلب في الزهد والترك، والحب والبغض، وأنفع الفكرِ الفكرُ في مصالح المعاد، وفي طرق اجتلابها، وفي دفع مفاسد المعاد، وفي طرق اجتنابها". ثم إن إعمال العقل والتفكر في مخلوقات الله عظيمها ودقيقها، يثبت الإيمان في القلب، ويغرس اليقين داخله، فلا يؤثر فيه الشبهات، ولا تغيره تقلبات الحياة بين شدة ورخاء. ومن فوائد التفكر تكثير العلم واستجلاب المعرفة؛ لأنه إذا اجتمع في القلب، اجتمعت المعلومات الأساسية، وازدوجت على ترتيب مخصوص أثمرت معرفة أخرى، فالمعرفة نتاج المعرفة. كيف أُحقق التفكر؟ النبي صلى الله عليه وسلم علمنا التفكر لما قام من الليل ينظر في السماء ويقرأ، فقراءة الآيات من سورة آل عمران في الليل سُنة قبل صلاة الليل، وهذه من السنن المهجورة، إذا قام من النوم يمسح النوم عن عينيه؛ كما ورد في السنة ثم يقرأ: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 190]، في البخاري عن ابن عباس: ((بعد أن قرأ الآية صلى الله عليه وسلم، ثم قام فتوضأ، واستنَّ فصلى ركعتين، ثم خرج فصلى الصبح))؛ فلذلك على أحد القولين قراءتها قبل الخروج لصلاة الصبح وقبل الوضوء وقبل سنة الفجر، والقول الآخر قبل قيام الليل. وكذلك – مثلًا - التفكر في النفس يشمل التفكر في عيوبها، واكتشاف الأخطاء؛ وبالتالي الامتناع عن الوقوع فيما وقع فيه سابقًا من الأخطاء، ويجتهد في تحصيل ما يستر به عيوب نفسه. وفي تفسير قوله تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ﴾ [الروم: 8]؛ قال الشيخ السعدي: "ليستدلوا بها على المقصود منها، ودلَّ هذا على أن التفكر عبادة من صفات أولياء الله العارفين، فإذا تفكروا عرفوا أن الله لم يخلقها عبثًا؛ فيقولون: ﴿ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ ﴾ [آل عمران: 191]؛ يعني: نزَّهناك عن كل ما لا يليق بك". والتفكر من أفضل العبادات؛ قال ابن عباس: "ركعتان مقتصدتان في تفكُّر خير من قيام ليلة بلا قلب". وقال عمر بن عبدالعزيز: "الفكرة في نعم الله عز وجل من أفضل العبادات". وعن محمد بن كعب القرظي: "لَأَن أقرأ في ليلتي حتى أصبح بإذا زلزلت والقارعة، لا أزيد عليهما وأتردد فيهما، وأتفكر، أحب إليَّ من أن أهذَّ القرآن ليلتي هذًّا أو أنثره نثرًا". فهذه العبادة تحتاج إلى خلوة وتركيز، حتى تصل بعد ذلك إلى مغاليق يفتح الله بها عليك، تزيد إيمانك، وتثبتك على الدين. فالإنسان عليه أن يُديم التفكر ويُطيله؛ لأنه يوصل إلى مرضاة الله، وانشراح الصدر، وسَكينة القلب، ويُورِث الخوف والخشية من الله، ويورث العلم والحكمة والبصيرة، ويُحيي القلوب. نسأل الله أن يجعلنا من الذين يتفكرون، ومن الذين يعقلون، ومن الذين يتدبرون، وأن يجعلنا ممن يتأملون في آياته ومخلوقاته بما يصلح حالنا. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |