|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
شرح حديث: ذهب أهل الدثور بالأجور
شرح حديث: ذهب أهل الدثور بالأجور عبدالعال بن سعد الرشيدي عن أبي ذر رضي الله عنه: أن ناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، ذهب أهل الدثور بالأجور، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم، قال: ((أوَليس قد جعل الله لكم ما تصدقون؟ إن لكم بكل تسبيحةٍ صدقةً، وكل تكبيرةٍ صدقةً، وكل تحميدةٍ صدقةً، وكل تهليلةٍ صدقةً، وأمرٍ بالمعروف صدقةً، ونهيٍ عن منكرٍ صدقةً، وفي بُضْعِ أحدكم صدقةً))، قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجرٌ؟ قال: ((أرأيتم لو وضعها في حرامٍ، أكان عليه وزرٌ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجرٌ))؛ رواه مسلم. منزلة الحديث: ◙ هذا الحديث حديث عظيم، ونفعه عميم؛ إذ يبين أن الطاعات في الإسلام ليست قاصرة على بعض المناسك، بل تشمل كل خير[1]. ◙ قال ابن دقيق العيد رحمه الله: وفي هذا الحديث فضيلة التسبيح وسائر الأذكار، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإحضار النية في المباحات، وإنما تصير طاعات بالنيات الصادقات[2]. ◙ قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله: وهو حديث عظيم؛ لاشتماله على قواعد نفيسة من قواعد الدين[3]. غريب الحديث: ◙ أن ناسًا: هم فقراء المهاجرين. ◙ الدثور: جمع دثر، وهو المال الكثير. ◙ بُضْع: البُضْع: الجِماع، أو الفَرْج نفسُه. ◙ شهوته: لذته. ◙ وزر: إثم وعقاب. شرح الحديث: ((أن ناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم)): هم فقراء المهاجرين، كما بينه في رواية البخاري، من حديث أبي هريرة. ((قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، ذهب أهل الدثور بالأجور))؛ أي: سار ومضى أصحاب الأموال الكثيرة بالأجور الزائدة على أجورنا. ((يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم))؛ أي: بأموالهم الفاضلة عن كفايتهم، وقيدوا بذلك بيانًا لفضل الصدقة؛ فإنها بغير الفاضل عن الكفاية مكروهة، بل قد تحرم؛ لحديث: ((كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يعول))، ولفظ البخاري في الدعوات: ((وأنفقوا من فضول أموالهم، وليس لنا أموال))[4]، ولمسلم في الصلاة: ((ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق))، وقولهم ذلك ليس حسدًا، بل هو غبطة وتحسر على ما فاتهم من ثواب الصدقات، وعتق الرقاب، والمبرات التي لا يقدرون عليها؛ لشدة حرصهم على الأعمال الصالحة، وقوة رغبتهم في فعل الخير. ((قال)) لهم جوابًا وتطمينًا لخاطرهم، ((أوليس))؛ أي: لا تقولوا ذلك؛ فإنه ((قد جعل الله)) تعالى ((لكم ما تَصَدقون))؛ أي: تتصدقون به؛ ((إن لكم بكل تسبيحةٍ))؛ أي: قول: سبحان الله، ((صدقةً، وكل تكبيرةٍ))؛ أي: قول: الله أكبر ((صدقةً، وكل تحميدةٍ))؛ أي: قول: الحمد لله ((صدقةً، وكل تهليلةٍ))؛ أي: قول: لا إله إلا الله ((صدقةً))؛ أي: كأجر الصدقة. ((وأمرٍ بالمعروف صدقةً))؛ أي: إذا أمر شخصًا أن يفعل طاعة فهذه صدقة. ((ونهيٍ عن منكرٍ صدقةً))؛ أي: إذا نهى شخصًا عن منكر فإن ذلك صدقة. ((وفي بُضْعِ أحدكم صدقةً)) وهو بضم الباء، ويطلق على الجماع وعلى الفَرْج نفسه، وكلاهما يصح إرادته ها هنا، وأن المباحات تصير بالنيات طاعات، فالجماع يكون عبادة إذا نوى الإنسان قضاء حق الزوجة ومعاشرتها بالمعروف، أو طلب ولد صالح، أو عفاف نفسه أو زوجته، أو غيره من المقاصد الصالحة. ((قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجرٌ؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرامٍ، أكان عليه وزرٌ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجرٌ)) قال النووي رحمه الله: اعلم أن شهوة الجماع أحبها الأنبياء والصالحون، قالوا: لِما فيها من المصالح الدينية والدنيوية؛ من غض البصر، وكسر الشهوة عن الزنا، وحصول النسل الذي تتم به عمارة الدنيا، وتكثر الأمة إلى يوم القيامة، قالوا: وسائر الشهوات يقسي تعاطيها القلب إلا هذه؛ فإنها ترقق القلب[5]؛ اهـ. قال ابن دقيق العيد رحمه الله: وفيه جواز القياس، وهو مذهب العلماء، ولم يخالف فيه إلا أهل الظاهر[6]؛ اهـ. الفوائد من الحديث: 1- حرص الصحابة رضي الله عنهم على السبق إلى الخيرات. 2- الصدقة لا تختص بالمال، بل ربما تكون بغيره أفضل؛ كالذِّكر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 3- فضل التسبيح والتكبير والتحميد والتهليل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 4- الحث على إحضار النية في الأمور المباحة، وأن الأمر المباح يصبح طاعة بالنية الصادقة؛ كجماع الرجل أهلَه. 5- جواز القياس في الأحكام الشرعية، وهو من مصادر التشريع، والقياس المذموم هو الذي يتعارض مع النص؛ لأنه لا اجتهاد مع النص. [1] الجواهر اللؤلؤية شرح الأربعين النووية (149) الإلمام (427). [2] شرح الأربعين النووية لابن دقيق العيد (77). [3] فتح المبين (183). [4] البخاري (6329). [5] شرح الأربعين النووية للنووي (64). [6] شرح الأربعين النووية لابن دقيق العيد (78)، شرح مسلم للنووي (7/ 81 ح 1007).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |