فقه الصيام وأحكامه لشهر الصيام يوميا في رمضان - الصفحة 3 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         من تناول مفطرا عامدا ذاكرا للصوم فسد لا ناسيا أو مكرها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          فقه الصيام وأحكامه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          حال السلف في شهر رمضان المبارك (pdf) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          أخي الصائم.. تذكر (pdf) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          علاقة القرآن بشهر رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          ماهية الاعتصام بالله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          فوائد مختصرة منتقاة من المجلد الأول من الشرح الممتع على زاد المستقنع للعلامة العثيمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          سحر صلاة العشاء في رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          من أقوال السلف في السفر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #21  
قديم 26-05-2019, 07:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,371
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام وأحكامه لشهر الصيام يوميا في رمضان



فقه الصيام وأحكامه
أخطاء في رمضان

أخطاء في قراءة القرآن

(21)

القرآن الكريم كتاب الله المنـزل على سيد المرسلين، يستمد عظمته من عظمة المتكلم به، ومن مكانة المنزَّل عليه وهو محمد صلى الله عليه وسلم، فلما كان القرآن بهذه العظمة لزم على من يقرأه أن يكون معظِّماً له في هيئته وحاله. ومعلوم أن الإقبال على قراءة القرآن يزداد في رمضان، بل إن بعض الناس لا يقرأ القرآن إلا في رمضان، وقد يقع بعض قارئي القرآن بأخطاء تتنافى مع آداب تلاوة القرآن، ومن هذه الأخطاء ما يلي:

أولاً: ظنُّ بعض الناس أن ختم القرآن مقصود لذاته، فيسرع في قراءة القرآن بهدف إكمال أكبر عدد من الأجزاء والسور، دون مراعاة التدبر وأحكام التلاوة والترتيل، مع أن المقصود من قراءة القرآن إنما هو التدبر والوقوف عند معاني الآيات، وتحريك القلب بها، وقد قال رجل لابن مسعود رضي الله عنه: إني أقرأ المفصل في ركعة واحدة، فقال له ابن مسعود: "أهذًّا كهذِّ الشعر؟! إن أقواماً يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع في القلب، فرسخ فيه نفع" رواه مسلم.

ثانياً: التفريط من بعض الناس في ختم القرآن خلال شهر رمضان، فربما مرَّ عليه الشهر دون أن يختم فيه القرآن مرة واحدة، وهذا بلا شك من التفريط في شهر القرآن، وهذا النوع مقابل للصنف الأول.


ثالثاً: اجتماع بعض الناس على قراءة القرآن بطريقة معينة فيما يعرف بعادة "المساهر"، حيث يستأجرون قارئاً لهم، يقرأ عليهم من كتاب الله، ويجلس الناس من بعد صلاة التراويح إلى السحور في أحد البيوت، ويرفعون أصواتهم بعد قراءة القارئ لكل آية مرددين بعض عبارات الاستحسان والإعجاب، وهذا الاجتماع بهذه الطريقة بجانب كونه غير مأثور عن السلف، فإن فيه كذلك رفعاً للأصوات وتشويشاً ينافي الأدب مع كلام الله، ويفوت الخشوع والتدبر، ولأن يقرأ الإنسان وحده بتدبر وخشوع خير له من الاجتماع على الصياح الذي يفوت عليه ذلك.

رابعاً: رفع الصوت بالتلاوة في المسجد بحيث يشوش على المصلين، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: اعتكف
رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر وقال: (ألا إن كلّكم مناجٍ ربَّه، فلا يؤذينّ بعضكم بعضاً، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة، أو قال: في الصّلاة) رواه أبو داود.


خامساً: ومن الأمور التي قد يتساهل فيها بعض من يجتمعون للتلاوة وتدارس القرآن، الضحك واللغط، وقطع القراءة للانشغال بأحاديث جانبية، والذي ينبغي الاستماع والإنصات، وتجنب كل ما يشغل ويقطع عن التّلاوة.

سادساً: عدم الالتزام بآداب التّلاوة من طهارة، وسواك، واستعاذة، وتحسين صوت، وغيرها من آداب التّلاوة المعروفة التي ينبغي أن يكون القارئ منها على بيّنة من أمره، وهو يتلو كلام الله جلّ وعلا.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #22  
قديم 28-05-2019, 12:00 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,371
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام وأحكامه لشهر الصيام يوميا في رمضان


فقه الصيام وأحكامه
أخطاء في رمضان

أخطاء في أداء العمرة

(22)

العمرة في رمضان لها مزية على غيرها من الشهور، فقد خصت بمزيد الفضل وزيادة الأجر، يقول عليه الصلاة والسلام: (عمرة في رمضان تقضي حجة معي) رواه البخاري ومسلم، ولذا يتنافس كثير من المسلمين لأداء العمرة في هذا الشهر أكثر من غيره، وربما أداها بعضهم دون علم بأحكامها، وما يجوز فيها وما لا يجوز، فتقع منه الأخطاء والمخالفات التي يحسن التنبيه عليها، فمن هذه الأخطاء:

أولاً: أخطاء في الإحرام

1- تجاوز الميقات دون إحرام، والواجب على من قصد مكة للحج أو العمرة أن يحرم من الميقات الذي
يمر به، ولا يتجاوزه دون إحرام.

2- الاعتقاد بأن الإحرام هو ارتداء ملابس الإحرام التي هي الرداء والإزار، وهذا غير صحيح، بل لا بد
للإحرام من نية الدخول في النسك.

3- اعتقاد أن أداء ركعتين قبل الإحرام شرط لصحة الإحرام، والصواب أنهما سنة، وليستا شرطاً لصحة
الإحرام.


4- وضع الطِّيب على الرداء أو الإزار قبل الإحرام، والسنة وضع الطِّيب على البدن قبل الإحرام، أما
ملابس الإحرام فلا يطيِّبها، وإذا طيبها لم يلبسها حتى يغسلها أو يغَيِّرها.

5- اعتقاد أن الغسل أو الوضوء عند الإحرام واجب، وإنما هو مستحب، فلو أحرم من غير وضوء ولا
غسل، فإحرامه صحيح.

6- الجهل بمواقيت الإحرام التي حددها الشرع، وعدم مراعاة تلك المواقيت وخاصة من الحجاج القادمين
عن طريق الجو؛ لأن الواجب على الحاج أو المعتمر أن يُحرم من الميقات أو ما يُحاذيه، فإن اشتبه عليه الأمر أحرم قبل الميقات احتياطاً، ولا يجاوز الميقات دون إحرام كما سبق.

7- كشف المحرم كتفه الأيمن دائماً من حين إحرامه من الميقات، وهو ما يسمى بـ"الاضطباع" وهو خلاف السنة، وإنما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في طواف القدوم وطواف العمرة، فإذا انتهى
المحرم من طوافه أعاد رداءه على كتفيه في بقية المناسك.


8- التحرج من تغيير لباس الإحرام أو غسله مع أنه لا حرج في ذلك.


9- اعتقاد أن كل ما كان مخيطاً لا يجوز لبسه، فيتحرج البعض من لبس الساعة أو النعلين، أو الحزام ونحو ذلك، بينما المراد بالمخيط ما خِيط أو نُسِج على قدر البدن، كالسراويل والثياب.

10- اعتقاد أن المرأة الحائض لا يجوز لها الإحرام، وأن لها أن تتجاوز الميقات دون إحرام، والصحيح أن الحيض والنفاس لا يمنعان المرأة من الإحرام، فيجب عليها أن تحرم، ولكنها لا تطوف بالبيت حتى
تطهر.

11- اعتقاد بعض النساء أن للإحرام ثياباً خاصة، والصحيح أن المرأة يجوز لها أن تُحرم بثيابها
المعتادة، لكنها تجتنب لبس النقاب والقفازين.


12- الدخول في النسك، ثم تركه دون إتمامه، والله تعالى يقول: {وأتموا الحج والعمرة لله}
(البقرة:196)، فمن أحرم بالحج أو العمرة، فليس له الرجوع عن نسكه حتى يتمه.

ثانياً: أخطاء في الطواف

1- التلفظ بالنية عند الشروع في الطواف، والصواب أن النية محلها القلب.

2- اعتقاد أن الطواف لا يصح دون استلام الحجر الأسود، مع أن تقبيل الحجر سنة، وليس شرطاً لصحة
الطواف، وإذا لم يتمكن الطائف من الوصول إليه إلا بالمزاحمة الشديدة وإيذاء الناس، فالأولى له ترك الاستلام والتقبيل، ويكتفي بالإشارة إليه.

3- استلام أركان الكعبة الأربعة، والثابت في السنة إنما هو استلام الحجر الأسود والركن اليماني من البيت دون غيرهما من الأركان.


4- تقبيل الركن اليماني، أو الإشارة إليه من بُعد، والسنة استلامه باليد دون تقبيل، أو إشارة.

5- الرَّمَلُ -وهو إسراع المشي مع مقاربة الخطى- في جميع الأشواط، والمشروع أن يكون الرَّمَل في
الأشواط الثلاثة الأولى من طواف القدوم، وطواف العمرة دون غيره من الطواف، ودون الأشواط الأخرى.


6- تخصيص كل شوط من الطواف بدعاء معين، ولم يَرِد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الطواف دعاء مخصص لكل شوط إلا قوله: {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار}
(البقرة:201) بين الركن اليماني والحجر الأسود، وما عدا ذلك فيدعو بما أحب من خيري الدنيا والآخرة، وله أن يذكر الله، وأن يقرأ القرآن.

7- رفع الصوت بالدعاء رفعاً يُذهب الخشوع ويشوش على الطائفين.

8- اجتماع الطائفة من الناس على قائد يلقنهم الدعاء.

9- الوقوف عند الحجر الأسود أو ما يحاذيه مدة طويلة، وفي ذلك تضييق على غيره من الطائفين، والسنة أن يستلم الحجر، أو يشير إليه، ويمضي دون توقف.


10- التمسح بالكعبة وأستارها.

ثالثاً: الأخطاء في ركعتي الطواف


1- اعتقاد لزوم أداء الركعتين خلف المقام أو قريباً منه، والمزاحمة للصلاة عنده، مع أن ركعتي الطواف يجوز أن تصلَّى في أي موضع من المسجد، إن لم تتيسر خلف المقام.


2- إطالة الركعتين بعد الطواف، والسنة التخفيف، فقد صلاهما النبي صلى الله عليه وسلم، فقرأ في الركعة الأولى: {قل يا أيها الكافرون}، وفي الركعة الثانية: {قل هو الله أحد}.

3- ومن الأخطاء ما يفعله البعض بعد ركعتي الطواف، حيث يقوم عند المقام، فيدعو بدعاء خاص يسمَّى "دعاء المقام"، وهذا من البدع التي ليس لها أصل في الدين.


رابعاً: أخطاء في السعي


1- رفع اليدين عند صعود الصفا والمروة كرفعهما في الصلاة، والسنة أن يرفع يديه كهيئة الداعي،
ويحمد الله ويكبره، ويدعو مستقبلاً القبلة.

2- الإسراع في السعي بين الصفا والمروة في جميع الشوط، وهو خطأ، والسنة الإسراع بين العلمين
الأخضرين، والمشي في بقية الشوط.

3- إسراع النساء في السعي بين العلمين وهو خلاف السنة، والإسراع إنما هو خاص بالرجال دون
النساء.

4- قراءة قوله تعالى: {إن الصفا والمروة من شعائر الله} (البقرة:158) في كل شوط كلما أقبل على
الصفا والمروة، والسنة قراءتها عند بداية السعي فقط إذا دنا من الصفا.

5- اعتقاد البعض أن الشوط هو السعي من الصفا إلى المروة، ثم الرجوع مرة أخرى إلى الصفا،
والصواب أن السعي من الصفا إلى المروة يعتبر شوطاً، ومن المروة إلى الصفا يعتبر شوطاً آخر.

6- تخصيص دعاء معين لكل شوط، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء خاص بكل شوط، إلا
ما كان يدعو به على الصفا وعلى المروة.

7- التطوع بالسعي بين الصفا والمروة من غير أن يكون في حج أو عمرة، والسنة جاءت باستحباب
التطوع بالطواف بالبيت فحسب.

خامساً: أخطاء في الحلق والتقصير

1- تقصير بعض شعر الرأس دون البعض الآخر، والواجب تعميم الرأس بالتقصير، أو حلق الشعر كله.

2- اعتقاد البعض أن من السنة استقبال القبلة عند الحلق، وهذا لا دليل عليه.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #23  
قديم 28-05-2019, 07:27 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,371
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام وأحكامه لشهر الصيام يوميا في رمضان


فقه الصيام وأحكامه
أخطاء في رمضان


أخطاء في الاعتكاف
(23)

الاعتكاف في المسجد سُنَّة في الأوقات كافة، غير أنه في رمضان آكد، وقد ثبت في "الصحيحين" أنه صلى الله عليه وسلم (كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده)، بيد أن بعض الناس يقعون في بعض الأخطاء عند أدائهم لهذه السُّنَّة، ومن هذه الأخطاء ما يلي:

أولاً: من الأخطاء جَعْلُ بعض الناس الاعتكاف فرصة للقاء والاجتماع والتحدث، فترى المجموعة من
الأصحاب يحرصون على أن يعتكفوا في مسجد واحد أو في مكان معين من المسجد لهذا الغرض، وكل ذلك من الغفلة عن مقصود الاعتكاف الذي هو الانقطاع عن الناس، والاشتغال بعبادة الله، والخلوة به، والأنس بذكره.


ثانياً: التوسع في المباحات والإكثار من الأكل وفضول الطعام، والذي ينبغي للمعتكف أن يحرص على
تقليل طعامه ما أمكن، وأن يقتصر منه على ما يعينه على العبادة، فإن قلة الطعام توجب رقة القلب وانكسار النفس، وتطرد الكسل والخمول، ومن كثر أكله لم يجد لذكر الله لذة.

ثالثاً: جَعْلُ الاعتكاف فرصة للمباهاة والتفاخر وجلب ثناء الناس، كقول البعض اعتكفنا في الحرم أو المسجد الفلاني أو ما أشبه ذلك؛ طلباً للمدح والإعجاب، والواجب أن يخفي الإنسان عمله، وأن يخاف عليه من الرد وعدم القبول، فإن الأعمال بالنيات، ومما يعين العبد على ذلك اختيار المسجد الذي لا يعرف فيه أحداً ولا يعرفه أحد، وعدم إعلان ذلك للناس حتى يكون أقرب إلى الإخلاص.

رابعاً: الإكثار من النوم وعدم استغلال الأوقات في المعتكَف، فالمعتكف لم يترك بيته وأهله وأولاده لينام في المسجد، وإنما جاء ليتفرغ لعبادة الله وطاعته، فينبغي أن يقلل من ساعات نومه قدر استطاعته، وأن
يغير البرنامج الذي تعود عليه في بيته.

خامساً: كثرة الخروج من المعتكف لغير حاجة معتبرة، كالخروج المتكرر إلى السوق لشراء الأكل، بينما
يكفيه من ذلك مرة واحدة.

سادساً: عدم المحافظة على نظافة المسجد، فربما ترك بعض المعتكفين مخلفاتهم دون تنظيف، والنبي
صلى الله عليه وسلم، يقول: (البزاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها) متفق عليه، والذي ينبغي على المعتكف أن يتعاهد موضع معتكفه بالتنظيف.


سابعاً: من الأخطاء التي تحدث من بعض المعتكفين وخصوصا في الحرمين أن بعضهم لا يصلي أحياناً التراويح مع المصلين، وخصوصاً في العشر الأواخر اكتفاء بصلاة القيام، ويظل يشوش على المصلين
برفع الصوت في أحاديث لا طائل من ورائها.

ثامناً: يُلاحظ إظهار البعض الجدَّ والحزم والعزم والنشاط في أول أيام الاعتكاف، ثم لا يلبث أن يفتر
ويتراخى بسبب المخالطة وإلف المكان، والذي ينبغي أن يكون عليه الأمر، أن يستمر هذا النشاط والجد إلى آخر لحظة، تحرياً لليلة القدر التي أخفاها الله عنا لهذا الغرض.

تاسعاً: تفريط بعض الناس في حق أهله وأولاده وتضييعهم وهو في معتكفه، فربما انحرف الواحد منهم وضاع، خصوصاً مع غياب الرقيب والمتابع، والاعتكاف سُنَّة، والمحافظة على الأهل والأبناء من الواجبات، فكيف يُضيِّع الإنسان ما هو واجب عليه من أجل المحافظة على سُنَّة، ولا شك أن الجمع بين الأمرين هو المطلوب إن تيسر ذلك، وإلا فتحصيل ما هو واجب هو المقدم.

عاشراً: نَصْبُ الخيام في المسجد وقت الاعتكاف من أجل النوم، وكأن المقصد الأساس من الاعتكاف النوم والخلود إلى الراحة، مع أن نصب الخيام في المسجد يتنافى مع مقاصد الاعتكاف القائمة على التقليل من العادات اليومية، والانقطاع عن مشاغل الدنيا وزخرفها، فضلاً عن أن نصبها يضيِّق على المصلين أماكن صلاتهم، وخاصة أيام العشر الأواخر من رمضان.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #24  
قديم 29-05-2019, 08:28 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,371
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام وأحكامه لشهر الصيام يوميا في رمضان


فقه الصيام وأحكامه
أخطاء في رمضان
من أخطاء النّساء في رمضان


(24)

جاءت توجيهات الشرع الحنيف شاملة للرجال والنساء تحثهم على اغتنام شهر رمضان في العبادات والطاعات والقربات إلى الله تعالى، وعدم تضيع هذا الشهر فيما لا يُقرِّب إلى الله من الأعمال. ومما يؤسف له أن كثيراً من النساء لا يفقهن المراد من شهر الصيام سوى الامتناع عن الطعام والشراب فحسب، ثم هم بعد ذلك يقعون في بعض الأخطاء التي ينبغي الاحتراز منها، والابتعاد عنها، ومن تلك الأخطاء:

أولاً: ضياع أوقات كثير من النساء بالنهار في إعداد الطعام، والتفنن في الموائد والمأكولات والمشروبات، حيث تقضي المرأة معظم نهارها في المطبخ، ولا تنتهي من إعداد هذه الأطعمة إلا مع أذان المغرب، فيضيع عليها اليوم دون ذكر أو عبادة أو قراءة للقرآن، وينبغي على الأخت المسلمة أن تحفظ وقتها في هذا الشهر الكريم، وأن تقتصد في الطعام والشراب فتصنع ما لا بد منه وتكتفي بصنف أو صنفين، وأن تتعاون النساء في البيت الواحد بحيث تعمل واحدة وتتفرغ الأخرى للعبادة والذكر وتلاوة القرآن.

ثانياً: ضياع الأوقات بالليل في الزيارات التي قد تمتد لساعات متأخرة من الليل وربما إلى قبيل الفجر، أو الانشغال بمتابعة
القنوات والبرامج التلفزيونية، فتقضي المرأة معظم ساعات الليل في مشاهدة ذلك، وكان الأولى بها أن تحيي ليلها بعبادة الله وذكره وشكره وتلاوة كتابه.


ثالثاً: خروج بعض النساء إلى المسجد لصلاة العشاء والتراويح بلباس الزينة مع التعطر والتطيب مع ما في ذلك من أسباب الفتنة والإثم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (أيما امرأة أصابت بخوراً، فلا تشهد معنا العشاء الآخرة) رواه مسلم، ويقول: (أيما امرأة استعطرت، ثم خرجت، فمرت على قوم ليجدوا ريحها، فهي زانية) رواه أحمد.رابعاً: الاختلاط الذي يحصل بين النساء والرجال عند الخروج من المسجد بعد صلاة التراويح، ما قد يتسبب في حصول الفتنة، والواجب عليهن أن يبادرن بالخروج قبل الرجال، ولا يمشين إلا في حافة الطريق وجوانبها، فهو الأستر والأحفظ لهن، وقد قال صلى الله عليه وسلم للنساء لما رآهن مختلطات بالرجال في الطريق: (استأخرن، فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق) رواه أبو داود.

خامساً: فتور بعض النساء عن العبادة حال الحيض والنفاس، فتظن أنها في رخصة من كل أنواع العبادة التي تقربها إلى الله
جل وعلا، مع أنه يمكن للحائض أن تؤدي كثيراً من الطاعات حال حيضها كالمداومة على الذكر والدعاء، والصدقة، وقراءة الكتب النافعة، والتفقه في الدين، بل لها أن تقرأ القرآن على القول الصحيح دون مس للمصحف، إلى غير ذلك من الأمور التي ينبغي أن تحرص عليها الأخت المسلمة.

سادساً: الانشغال في العشر الأواخر من رمضان بالتجهيز للعيد، والتجوال في الأسواق ومحلات الخياطة لشراء الملابس، وهو
خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يجتهد في هذه العشر ما لا يجتهد في غيرها، ويمكن للمرأة شراء حاجاتها وحاجات أولادها قبيل شهر رمضان، أو في الأيام الأولى منه بحيث تتفرغ تفرغاً تاماً إذا دخلت العشر.


سابعاً: من الأخطاء أن بعض النساء قد تطهر قبيل الفجر، ولا تتمكن من الغسل لضيق الوقت، فتترك الصيام بحجة أن الصبح أدركها قبل أن تغتسل، مع أن الواجب عليها أن تصوم ولو لم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر؛ لأن الطهارة ليست شرطاً لصحة الصوم.

ثامناً: إنكار البعض على بناتهم إذا أردن الصيام بحجة أنهن صغيرات، وقد تكون الفتاة من اللواتي بلغن سن المحيض، فإذا
أرادت الصيام منعها أهلها من غير أن يسألوها عن مجيء الحيض أو لا، فقد تكون بلغت سن التكليف الذي يجب فيه الصوم وهم لا يعلمون بذلك.

تاسعاً: خروج كثير من النساء إلى الأسواق مع السائق الأجنبي ومن غير محرم، وقد يخالطن الباعة، فتحصل الخلوة المحرّمة، التي تقود إلى أمور لا تحمد عقباها، فعلى المرأة الشّريفة العفيفة أن تتجنّب مواطن الريبة، وأن تبتعد عن أماكن الاختلاط ونظرات العابثين، وأن تلتزم بلباس الحشمة والحياء حتى لا يطمع فيها طامع، أو يتطلع إليها فاسد، وقد قال تعالى: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله} (الأحزاب:33).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #25  
قديم 30-05-2019, 07:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,371
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام وأحكامه لشهر الصيام يوميا في رمضان


فقه الصيام وأحكامه


أحكام زكاة الفطر
(25)

شرعت زكاة الفطر في السنة الثانية من الهجرة، وهي السَّنَّة نفسها التي فرض الله فيها صوم رمضان، ودليل مشروعيتها ثبت
في السنة في أحاديث عدة، منها ما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: "كنا نخرج زكاة الفطر إذ كان فينا رسول الله...."، رواه مسلم. ومنها خبر ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر" رواه أبو داود وغيره. وورد غير ذلك من الأخبار التي يفيد مجموعها وجوب صدقة الفطر على كل مسلم.

الحكمة من مشروعيتها



وقد شرعت زكاة الفطر لحِكَمٍ عديدة منها: جبران نقص الصوم؛ فقد بين صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس المتقدم أنها (طهرة للصائم من اللغو والرفث) رواه أبو داود وغيره، قال بعض أهل العلم: زكاة الفطر كسجدة السهو للصلاة، تجبر نقصان الصوم، كما يجبر سجود السهو نقصان الصلاة.

ومنها إغناء الفقراء عن السؤال ففي الحديث السابق أنها: (طعمة للمساكين)، وإغناء الفقراء من المطالب التي دلت عليها
كليات الشريعة ومقاصدها، فضلاً عما تؤدي إليه هذه الصدقة من التكافل بين المجتمع، والتراحم بين طبقاته، وشعور بعضهم ببعض.

حكم زكاة الفطر

تجب زكاة الفطر على كل مسلم، ذكر أو أنثى، صغير أو كبير، عاقل أو مجنون لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: (فرض رسول
الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين) متفق عليه، قال ابن المنذر: "أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن صدقة الفطر فرض". وقال إسحاق: "هو كالإجماع من أهل العلم".


ويشترط لوجوبها أمران:

-
الإسلام: فلا تقبل من الكافر لقوله تعالى: {وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله} (التوبة:54).

- القدرة عليها: بأن يكون عنده يوم العيد وليلته قدر زائد عن قوته وقوت عياله ومن تلزمه نفقتهم وحوائجهم الأصلية من
طعام وشراب ومسكن وملبس.

وتجب على الوالد زكاة الفطر عن ولده الصغير إذا لم يكن له مال، وأما إن كان له مال، فتجب الزكاة في مال الصغير، ولا تجب
في مال الأب على الصحيح.

والجمهور على أنه يجب على الأب إخراجها عمن تلزمه نفقته، كالزوجة والوالدين؛ لحديث ابن عمر مرفوعاً: (أدوا الفطرة
عمن تمونون) رواه الدار قطني وغيره، وفي إسناده إرسال، والصواب وقفه.

والصحيح أن صدقة الفطر تجب على الزوجة بنفسها لقوله تعالى: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} (الأنعام:164). وكذلك الأبوين،
كما أن الراجح من أقوال أهل العلم أن الدَّيْن ليس مانعاً من وجوب زكاة الفطر.

وقت وجوب إخراجها



تجب زكاة الفطر بغروب شمس ليلة عيد الفطر، فمن كان من أهل الوجوب حينئذ وجبت عليه وإلا فلا، فإذا مات قبل الغروب ولو بدقائق لم تجب عليه، وإن مات بعده ولو بدقائق، وجب إخراج زكاته، ومن أسلم بعد الغروب فلا فطرة عليه، ولو ولد لرجل بعد الغروب، لم تجب فطرته، لكن يسن إخراجها عنه، بخلاف ما لو ولد له قبل الغروب، فإنه يجب إخراجها عنه.

وأما وقت إخراجها فالأفضل أن تُخْرَج صباح العيد قبل الصلاة؛ لقول أبي سعيد الخدري رضي الله عنه -كما في البخاري-: "كنا
نُخْرِجُ في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفطر صاعاً من طعام..."، وما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة)؛ ولأن المقصود منها إغناء الفقراء في هذا اليوم عن السؤال، من أجل أن يشاركوا الموسرين في الفرح والسرور.

ويجوز تقديمها قبل يوم العيد بيوم أو يومين؛ لما رواه البخاري أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يعطيها -أي صدقة الفطر-
الذين يقبلونها، وكان يؤديها قبل الفطر بيوم أو يومين.

ولا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد لغير عذر، فإن أخرها لغير عذر لم تقبل منه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (من أداها قبل
الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات) رواه أبو دواد وغيره.

وأما إن كان التأخير لعذر، كأن يصادفه العيد في مكان ليس عنده ما يدفع منه، أو من يدفع إليه، أو يأتي خبر العيد مفاجئاً
بحيث لا يتمكن من إخراجها قبل الصلاة، أو يكون معتمداً على شخص في إخراجها، فينسى ذلك الشخص أن يخرجها، فله في هذه الحالة أن يخرجها ولو بعد العيد؛ لأنه معذور في ذلك كله.


جنس الواجب وقدره

أما عن الجنس الواجب إخراجه فمن غالب قوت البلد؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما، قال: (فرض رسول الله صلى الله عليه
وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير)، وكان الشّعير يوم ذاك من طعامهم، كما قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: "كنا نخرج يوم الفطر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام، وكان طعامنا الشعير، والزبيب، والأقط، والتمر" رواه البخاري.

والقدر الواجب صاع من أي من هذه الأصناف، أو غيرها من الطّعام، ويقدر بكيلوين وأربعين غراماً من البُرِّ، ومن غير البُرِّ
بحسبه. وأجاز بعض العلماء إخراج قيمة هذه الأصناف، والأمر فيه سعة بحسب حاجة الفقير.

وتدفع صدقة الفطر للفقراء والمحتاجين دون سائر مصارف الزكاة الثمانية، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه لله، ولا
يجوز دفعها إلى من تجب على الإنسان نفقته، كما لا يجوز دفعها إلى أهل الذمة.

ويجوز دفع زكاة الفطر لفقير واحد، أو عدة فقراء، والأولى دفعها إلى الأقرباء الفقراء، الذين لا تجب نفقتهم على المزكي.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #26  
قديم 31-05-2019, 08:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,371
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام وأحكامه لشهر الصيام يوميا في رمضان


فقه الصيام وأحكامه


مقاصد العيد
(26)


جاءت أحكام الشّريعة لتحقّق مصالح العباد في الدّنيا والآخرة، وقد وردت كثير من النصوص الدالة على أن الشريعة وُضعت لمصالح العباد في العاجل والآجل، منها قوله تعالى:{لعلكم تهتدون} (البقرة:53)، وقوله سبحانه: {لعلكم تتقون} (البقرة:21)، وقوله عز وجل: {ولكم فيها منافع} (غافر:80) إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث التي تؤكد هذه القضية.

والأعياد عندنا -نحن المسلمين- لا تخرج في الجملة عن أحكام الشريعة التي شُرِعَت لعدد من الحِكَمِ والمقاصد، التي يمكن
تلمُّسها وتدبرها من خلال النصوص الواردة في هذا الشأن.

فمن أهم المقاصد التي شُرِعَ العيد لأجلها الالتقاء بين المسلمين والاجتماع فيما بينهم، وأبرز ما يتجلى ذلك في صلاة العيد،
وهم يذكرون الله ويكبرونه "الله أكبر الله أكبر"، وما يستشعره كل فرد منهم من رابطة الأخوة التي تجمع بينهم، والإيمان الذي يوحد قلوبهم، تحت راية واحدة، هي راية الإسلام، وشعار واحد هو شعار التوحيد (لا إله إلا الله) ولأجل هذا المعنى كان من السُّنَّة أداء صلاة العيد في المصلى، حيث يجتمع معظم أهل البلد في مكان واحد، وعلى صعيد واحد، يؤدون صلاة واحدة، ويتبادلون أطراف الحديث في أمر دينهم ودنياهم.


ومن مقاصد العيد إدخال الفرحة على المسلمين بعد أدائهم لفرائض الله، واجتهادهم في عبادته، فعيد الفطر يأتي بعد صوم شهر رمضان، وعيد الأضحى يأتي بعد انقضاء أعظم أركان الحج، وهو يوم عرفة، فالعيد مرتبط بالعبادة ولصيق بها، وفي ذلك إشارة عظيمة إلى أن تعب المتعبدين يأتي بعده الفرح والسرور، وأن العيد إذا كان جائزة المتعبدين في الدنيا، فإن الجائزة الكبرى في الآخرة جنات عدن تجري من تحتها الأنهار، ورضوان من الله أكبر؛ مصداقاً لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه) متفق عليه.

ومن مقاصد العيد أنه يفتح مجالاً لوصل ما انقطع بين الأرحام والأقارب والأصدقاء، فليس هناك وقت أدعى لصفاء النفوس،
وطهارة القلوب وإزالة الشحناء والبغضاء مثل أيام الأعياد، فحري بكل من في نفسه شيء على أخيه أن ينبذه، وحري بكل قريب هجر قريبه أن يصله، لتتصافى النفوس، وتتآلف القلوب، وتتعانق الأرواح في سماء المحبة والأخوة.ومن مقاصد العيد إغناء الفقراء والمحتاجين، وفرحهم بالعيد كما يفرح غيرهم، وعدم تعريضهم لذل السؤال في هذا اليوم، ومن أجل ذلك شرع الله صدقة الفطر، وقد ورد في الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر، وقال أغنوهم في هذا اليوم) رواه الدار قطني.


ومن مقاصد العيد المعتبرة، تغيير نمط الحياة المعتاد، وكسر رتابتها الثابتة، وذلك أن من طبيعة النفس الإنسانية حبها وتطلعها
إلى التغيير والتجديد، فيجيء العيد ليضفي هذه المسحة، ويصبغ الحياة بشعور جديد يحسه الإنسان في أعماق نفسه وفيمن حوله.

ومن مقاصد العيد التوسعة على النفس والأهل والأولاد بالترفيه البريء، والمتعة الحلال، واللهو المباح، يرشدنا إلى هذا المعنى قوله عليه الصلاة والسلام لـأبي بكر رضي الله عنه، وقد دخل على عائشة رضي الله عنها في يوم عيد، ووجد عندها جاريتين تغنيان، فأنكر عليها ذلك، فقال له صلى الله عليه وسلم: (يا أبا بكر! إن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا) متفق عليه.

وليس المراد من قوله عليه الصلاة والسلام: (هذا عيدنا) أن يُعرِّف أبا بكر بأن ذلك اليوم كان يوم عيد؛ فإن أبا بكر كان يعلم
ذلك ولا شك، ولكن المراد أن لكل قوم في عيدهم فرحاً ومسرةً وشيئاً من اللهو المباح، فقوله: (وهذا عيدنا) إعلام بالرخصة في غناء الجاريتين، لأجل كون اليوم يوم عيد، قال بعض أهل العلم: وفيه إيماء إلى علة الترخيص، وهو أن من جملة المقاصد في تشريع العيد إجمام النفوس وارتياحها.


ومن ذلك أيضاً: مباسطة الأهل ومداعبتهم والتوسعة عليهم، خاصة بعد أن اختل ميزان العلاقات الاجتماعية، وباعدت تكاليف
الحياة وشؤونها بين الأب وأبنائه، وبين الزوج وزوجته، وبين القريب وقريبه، فيأتي العيد لِيُعيد شيئاً من ذلك التوازن المفقود، ويصحح الوجهة وفق الهدف المنشود. فهل يتنبه المسلمون لهذه المعاني الرفيعة في مشروعية العيد، فيلتمّسوها ويمتثلوها {إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السّمع وهو شهيد} (ق:37).
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #27  
قديم 01-06-2019, 09:37 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,371
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام وأحكامه لشهر الصيام يوميا في رمضان


فقه الصيام وأحكامه

أحكام العيد

(27)


شرع الله لعباده دينًا عظيماً لم يترك شأناً من شؤون الحياة إلا وتناوله بالبيان والإيضاح، فجاء شرعًا يوازن بين الدنيا والآخرة، ويلبي حاجات الروح والجسد معاً.

ومشروعيّة العيد لا تخرج عن هذه القاعدة، فقد جاء الشّرع الحنيف بأحكام خاصّة به، توجِّه سلوك المسلم في هذه المناسبة وفق شرع الله وسَنَنَه، وفيما يلي إطلالة سريعة على بعض الأحكام والآداب المتعلقة بالعيد:


1- يحرم صوم يوم العيد، وهو اليوم الأول من أيام العيد، لما رواه البخاري ومسلم عن عمر رضي الله
عنه أنه صلى قبل الخطبة ثم خطب الناس، فقال: (يا أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهاكم عن صيام هذين العيدين، أما أحدهما فيوم فطركم من صيامكم، وأما الآخر فيوم تأكلون نُسُكَكَم).

2- يستحب الإكثار من التكبير في ليلة العيد، لقوله تعالى: {ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم} (البقرة:185)، والتكبير يبدأ من غروب شمس آخر يوم من رمضان، ويستمر حتى صلاة العيد، ويكون
عامًا في الأماكن كلها، ولا تكبير في عيد الفطر عقب الصلوات المفروضة.

وصفة التكبير أن يقول: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد. وإن كبَّر ثلاثًا
فهو حسن، والأمر في هذا واسع.

3- يُسنُّ الاغتسال للعيد والتنظُّف له؛ وقد ثبت أن ابن عمر رضي الله عنه كان يفعل ذلك، وهو معروف
باتباعه للسُّنَّة وشدة تحريه لها.

ويُستحب كذلك لبس أفضل الثياب، لحديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: (ما على أحدكم أن يكون له ثوبان سوى ثوبي مهنته لجمعته) رواه أبو داود. ويوم العيد يشبه يوم الجمعة من حيث المعنى، فكان من السُّنَّة فعل ذلك.


4- من السُّنَّة أن يتناول شيئاً من الطعام قبل الخروج للصلاة، ويفضَّل التمر، لحديث أنس رضي الله عنه: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات) رواه البخاري. وعلَّل ابن
حجر ذلك بأنه سدٌّ لذريعة الزيادة في الصوم.
5- يُستحب أن يخرج إلى صلاة العيد ماشيًا، لحديث عليٍّ رضي الله عنه، قال: (من السنة أن تخرج إلى
العيد ماشياً، وأن تأكل شيئاً قبل أن تخرج) رواه الترمذي وحسَّنه.

ومن السُّنَّة أن يخرج من طريق ويعود من غيره، لفعله صلى الله عليه وسلم، فيما رواه جابر رضي الله
عنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق) رواه البخاري.

وقد ذكر أهل العلم لذلك عللاً كثيرة منها: إظهار شعيرة الله بالذهاب والإياب لأداء هذه الفريضة، ومنها
إغاظة المنافقين، ومنها السلام على أهل الطريقين، ومنها شهادة سكان الطريقين من الجن والإنس، ومنها التفاؤل بالخير بتغير الحال إلى المغفرة والرضا، ومنها قضاء حاجة من له حاجة في الطريقين؛ ولا مانع من صحة كل ما ذكروه من العلل، كما أنه لا مانع أن تكون هناك علل أخرى.


6- لا بأس بخروج النساء يوم العيد لحضور الصلاة وشهود الخطبة، واستحب ذلك بعض أهل العلم،
ولكن ذلك مشروط بأمن الفتنة، ودليله ما رواه البخاري ومسلم عن أم عطية رضي الله عنها قالت: (أَمَرَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن في الفطر والأضحى، العواتق، وذوات الخُدُور، فأما الحُيَّضُ فيعتزلن الصلاة، ويشهدن الخير ودعوة المسلمين)، والعواتق: جمع عاتق ، وهي المرأة الشابة غير المتزوجة؛ والخدر: سِتْرٌ يُمَدُّ للفتاة في ناحية البيت، ثم أُطلق على كلُّ ما يواري من بَيْتٍ ونحوه خِدْرًا، والجمع خُدُورٌ، والمقصود هنا النساء الملازمات للبيوت.

وينبغي التنبيه إلى أنه لا يجوز للمرأة في العيد أو في غيره أن تخرج متطيبة متعطرة، أو مرتدية ثيابًا
ملفتة للانتباه، أو لباسًا غير شرعي وربّنا جلّ وعلا يقول: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن} (النور:31)، وهو يعم الأعياد وغيرها.


7- لا بأس بالتهنئة في العيد، كأن يقول لمن لقيه: تقبَّل الله منا ومنكم، وأعاده الله علينا وعليكم بالخير
والبركة، وعيدكم مبارك، ونحو ذلك؛ لحديث أبي أُمامة الباهلي رضي الله عنه: أنّهم كانوا إذا رجعوا من العيد يقول بعضهم لبعض: "تقبل الله منا ومنك". قال الإمام أحمد: إسناد حديث أبي أُمامة إسناد جيد. وقال ابن تيمية رحمه الله: "وقد روي عن طائفة من الصحابة أنهم كانوا يفعلونه، ورخَّص فيه الأئمة من بعدهم، كـ أحمد وغيره".

هذه جملة من الأحكام والآداب المتعلّقة بالعيد، فطوبى لمن التزم شرع ربه، ووقف عند حدود أمره ونهيه، وجعل الدّنيا وسيلة للآخرة، فهي خير ما تُشدُّ الرحال إليه، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون وليعمل العاملون، وكل عام وأنتم بخير وتقبل الله منا ومنكم.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #28  
قديم 02-06-2019, 08:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,371
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام وأحكامه لشهر الصيام يوميا في رمضان


فقه الصيام وأحكامه

أخطاء العيد

(28)

العيد فرحة المؤمنين، بعد أن أتموا مناسك عبادتهم، والقلوب عندما يدخلها الفرح، تغفل عن هدي ربها، وتنسى سُنَّة نبيها، وقد يصل بها الأمر إلى ارتكاب ما لا يجوز شرعاً، ومن ثَمَّ كان العيد مَظِنَّة لارتكاب بعض المخالفات الشرعية، نشير إلى بعضها فيما يلي:

أولاً: أن بعض ضعاف الإيمان يفرحون بالعيد لانتهاء شهر رمضان والتخلص من العبادة فيه، وكأنها
حِمْل ثقيل على ظهورهم، وهؤلاء على خطر عظيم، فإن العيد إنما يفرح به المؤمنون؛ لأن الله تعالى وفقهم لإكمال عدة الشهر، وإتمام الصيام، فيشكرون الله على هذه النعمة.

ثانياً: تهاون بعض الناس في أداء صلاة العيد، بسبب السهر طوال الليل، فيحرم نفسه من الأجر المترتب على شهود الصلاة ودعاء المسلمين.

ثالثاً: ترك سنة التكبير في ليلة العيد ويومه قبل الصلاة مع الأمر به في القرآن، يقول سبحانه: {ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون} (البقرة:185).

رابعاً: تفريط بعض الآباء في إخراج أهله وأولاده لصلاة العيد مع ترغيب النبي صلى الله عليه وسلم الرجال والنساء على حضور هذه الصلاة حتى الحُيَّض وذوات الخدور، ليشهدن الخير ودعوة المسلمين.


خامساً: التكبير الجماعي بصوت واحد، أو الترديد خلف شخص، وإحداث صيغ للتكبير غير مشروعة.

سادساً: اعتقاد البعض مشروعية إحياء ليلة العيد بالقيام، ويتناقلون في ذلك حديثاً لا يصح، وهو أن (من
أحيا ليلة العيد لم يمت قلبه يوم تموت القلوب)، والصحيح أنه لا يُشرع تخصيص ليلة العيد بالقيام من بين سائر الليالي، وأما من كانت عادته القيام في سائر الليالي فلا حرج أن يقوم ليلة العيد.

سابعاً: تخصيص يوم العيد لزيارة المقابر والسلام على الأموات.

ثامناً: اختلاط الرجال بالنساء في بعض المصليات والشوارع، ما قد يجر إلى الفتنة ووقوع المحظور،
والذي ينبغي في صلاة العيد أن تخصص أبواب ومسارات خاصة للنساء، وأن يتأخّر خروج الرجال حتى ينصرف النساء.

تاسعاً: التوسع في المباحات من لبس وأكل وشرب حتى يتجاوز الأمر إلى الإسراف في ذلك، والله جل وعلا يقول: {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين} (الأعراف:31).

عاشراً: خروج بعض النساء إلى الصلاة متجملات متعطرات، مظهرات لبعض الزينة، وفي ذلك من الإثم والفتنة والخطر العظيم ما لا يخفى، فهن وإن كن أمرن بالخروج إلى المصلى، إلا أنهن أمرن أن
يخرجن تفلات -أي: غير متطيبات-. ويلحق بالطيب سائر ما يدعو إلى الفتنة، كالزينة الظاهرة والتكسر في المشي، وغير ذلك.

حادي عشر: وقوع كثير من الناس في أيام الأعياد في بعض المخالفات الشرعية كسماع الغناء، ومشاهدةللمناظر المحرمة، وتبرج النساء، وغير ذلك، بحجة أن هذا اليوم يوم فرح وسرور، والواجب أن يفرح المسلم في هذه الأيام بما أحل الله من المباحات والطيبات، وأن يشكر الله على إتمامه نعمة الصيام بطاعته والتزام أمره ونهيه.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #29  
قديم 03-06-2019, 08:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,371
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام وأحكامه لشهر الصيام يوميا في رمضان


فقه الصيام وأحكامه


صلاة العيد
(29)

مشروعيّة صلاة العيد

شُرعت صلاة العيد في السَّنَة الأولى من الهجرة؛ ودليل مشروعيتها ما رواه أنس رضي الله عنه قال: (قدم رسول الله صلى الله
عليه وسلم المدينة، ولهم يومان يلعبون فيهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما هذان اليومان؟) قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، قال: (إن الله عز وجل قد أبدلكم بهما خيرًا منهما يوم الفطر ويوم النحر) رواه أحمد وأبو داود، وثبت في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "شهدت صلاة الفطر مع نبي الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان" رواه مسلم.


حكمها

ذهب أكثر أهل العلم إلى أن صلاة العيد سُنَّة مؤكدة، ورأى بعضهم أنها فرض على الكفاية، إذا قام بها من يكفي سقطت عن
الباقين، وإلا أثمَ الجميع بتركها، وذهب الحنفية إلى أنها واجبة على كل مكلف من الذكور، واختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، واستدل لذلك بحديث أم عطية رضي الله عنها قالت: (أُمرنا أن نُخْرِج العوائق والحُيَّض وذوات الخدور) متفق عليه، ووجه الدلالة أنه إذا كانت النساء والحيض مأمورات بالخروج إلى صلاة العيد، فالرجال مأمورون بذلك من باب أولى.


ويُشترط لصحة أدائها ما يُشترط لصحة صلاة الجمعة، من الجماعة والإقامة، فلا تصلى فرادى، ولا تجب على المسافر على
الراجح من أقوال أهل العلم.

وقت أدائها


أمّا وقت أدائها، فيبدأ من ارتفاع الشمس يوم العيد قَدْرَ رمح، ويقدر ذلك بخمس عشرة دقيقة تقريبًا بعد شروق الشمس، ويمتد وقت أدائها إلى الزوال (قُبيل أذان الظهر بقليل) فوقتها هو وقت صلاة الضحى.

وعند المالكيّة لا تصلى صلاة العيد في غير يوم العيد، ولا في يوم العيد بعد الزوال. وحكي هذا عن أبي حنيفة. قال ابن عبد البر: "لو قضيت صلاة العيد بعد خروج وقتها لأشبهت الفرائض، وقد أجمعوا في سائر السنن أنها لا تقضى؛ فهذه مثلها".


واختلف قول الشّافعي في هذه المسألة؛ فمرة قال بقول المالكية، ومرة قال: إنها تصلى في اليوم الثاني ضحى. وقال الثوري والأوزاعي والإمام أحمد: يخرجون من الغد.


قال القرطبي: والقول بالخروج إن شاء الله أصح؛ للسنة الثابتة في ذلك، ولا يمتنع أن يستثني الشارع من السنن ما شاء، فيأمر بقضائه بعد خروج وقته.

صفة أدائها

أما صفة أدائها، فلا خلاف بين أهل العلم في أن صلاة العيد مع الإمام ركعتان، تصلى من غير أذان ولا إقامة؛ ولا يُشرع على
الصحيح النداء لها بـ"الصلاة جامعة" ونحو ذلك، لعدم الدليل.

ويُكَبِّر الإمام والمأموم في الركعة الأولى سبع تكبيرات غير تكبيرة الإحرام، ويكبر في الركعة الثانية عقب القيام خمس تكبيرات
غير تكبيرة الرفع من السجود؛ لفعله صلى الله عليه وسلم، فقد ثبت عنه أنه (كبَّر في العيدين، في الأولى سبعًا قبل القراءة، وفي الثانية خمسًا قبل القراءة) رواه ابن ماجه والترمذي، وصححه الإمام أحمد؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وأما التكبير في الصلاة، فيكبر المأموم تبعًا للإمام".


ويُستحب رفع اليدين مع كل تكبيرة؛ لما صح عنه صلى الله عليه وسلم: (أنه كان يرفع يديه مع التكبير) رواه أصحاب السنن إلا
النسائي وإسناده صحيح، وهو عامٌّ في كل تكبير في الصلاة، فيشمل تكبيرات صلاة العيدين.

ويُسن للإمام أن يقرأ في الركعة الأولى بعد التكبيرات بسورة "الأعلى" وفي الثانية بسورة "الغاشية"، أو أن يقرأ في الأولى
بسورة "ق"، وفي الثانية بسورة "القمر" لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، ولو قرأ بغير ذلك فلا حرج.

فإذا فرغ الإمام من الصلاة خطب الناس خطبتين، يجلس بينهما، وحضور خطبتي العيد والاستماع لهما سُنَّة وليس بواجب،
باتفاق أهل العلم.

كما أن من السُّنَّة أن تقام صلاة العيد في المصلَّى؛ لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: (كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى) متفق عليه، ولم يُنقل عنه عليه الصّلاة والسّلام أنه صلّى العيد بمسجده إلا من عذر، فينبغي مراعاة هذه السُّنَّة والمحافظة عليها.

تلكم هي أهم الأحكام المتعلقة بصلاة العيد، نسأل الله أن يتقبّل منا ومنكم، وأن يجعله عيداً مباركاً على أمة الإسلام.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #30  
قديم 04-06-2019, 11:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,371
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام وأحكامه لشهر الصيام يوميا في رمضان


فقه الصيام وأحكامه


صيام ستّ من شوال
(30)

من فضل الله على عباده تتابع مواسم الخيرات، ومضاعفة الحسنات، فالمؤمن يتقلب في ساعات عمره بين أنواع العبادات
والقربات، فلا يمضي من عمره ساعة إلا ولله فيها وظيفة من وظائف الطاعات، وما أن يفرغ من عبادة إلا ويشرع في عبادة أخرى، ولم يجعل الله حداً لطاعة العبد إلا انتهاء عمره وانقضاء أجله يقول جل وعلا: {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين} (الحجر:99)، وهذه هي حقيقة الاستقامة التي وعد الله أصحابها بالنجاة، والفوز بعالي الدرجات، فقال سبحانه: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون * نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون * نزلا من غفور رحيم} (فصلت:30-32).

ومما منَّ الله به على عباده بعد انقضاء شهر الصيام والقيام، ورتب عليه عظيم الأجر والثواب صيام ستة أيام من شوال، التي
ثبت في فضائلها العديد من الأحاديث؛ منها ما رواه الإمام مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر).

وفي رواية لابن ماجه عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها}) (الأنعام:160).

وقد ذكر أهل العلم عدة فوائد ومعانٍ لصيام هذه الأيام الستة:

منها: أن العبد يستكمل بصيامها أجر صيام الدهر كله، وذلك لأن الحسنة بعشر أمثالها فشهر رمضان يعدل عشرة أشهر، وهذه
الأيام الستة تعدل شهرين، وقد ثبت ذلك في حديث ثوبان المتقدم عند ابن ماجه وثبت أيضاً في حديث ذكره أبو الشيخ في "الثواب" وصححه الألباني في "صحيح الجامع": (جعل الله الحسنة بعشر أمثالها الشهر بعشرة أشهر وصيام ستة أيام بعد الشهر تمام السنة).

ومنها: أن صيام النفل قبل وبعد الفريضة يكمل به ما يحصل في الفرض من خلل ونقص، فإن الفرائض تجبر وتكمل بالنوافل
يوم القيامة، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه متعددة.

ومن الفوائد أيضاً: أن معاودة الصيام بعد رمضان من علامات القبول، فإن الله إذا تقبل عمل عبد وفقه لعمل صالح بعده، كما
قال بعضهم: ثواب الحسنة الحسنة بعدها، فمن عمل حسنة، ثم أتبعها بحسنة بعدها، كان ذلك علامة على قبول الحسنة الأولى.


ومنها أن معاودة الصيام بعد الفطر فيه شكر لله جل وعلا على نعمته بإتمام صيام رمضان ومغفرة الذنوب والعتق من النار،
وقد أمر الله سبحانه وتعالى عباده أن يشكروه على هذه النعم العظيمة فقال سبحانه: {ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون} (البقرة:185)، فمن جملة شكر العبد لربه على توفيقه لصيام رمضان، وإعانته عليه، ومغفرة ذنوبه، أن يصوم له عقب ذلك.

ومن الفوائد كذلك المداومة على فعل الخيرات، وعدم انقطاع الأعمال التي كان العبد يتقرب بها إلى ربه في رمضان بانقضاء
الشهر، ولا شك أن أحب الأعمال إلى الله ما داوم عليها صاحبها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملاً أثبته، وسئلت عائشة رضي الله عنها عن عمله عليه الصلاة والسلام، فقالت: (كان عمله ديمة) رواه البخاري ومسلم، أي: دائم ومستمر، غير منقطع.

ومن أجل هذا المعنى ذم السلف من انقطع عن العمل الصالح بعد رمضان، قيل لبشر: إن قوماً يتعبدون ويجتهدون في رمضان،
فقال: بئس القوم، لا يعرفون لله حقاً إلا في رمضان.

فعودُ المؤمن إلى الصيام بعد فطره دليل على مداومته على فعل الخير، وعدم انقطاعه عن العمل الصالح، إلى غير ذلك من
الفوائد والمعاني العظيمة.


وصيام الأيام الستة ليس له وقت محدد من شوال، بل يصومها المسلم في أي جزء من أجزاء الشهر، في أوله، أو في أثنائه أو
في آخره، وله كذلك أن يصومها متتابعة أو متفرقة، ولكن الأفضل أن يبادِر إلى صيامها عقب عيد الفطر مباشرة، وأن تكون متتابعة -كما نص على ذلك أهل العلم- لأن ذلك أبلغ في تحقيق الإتباع الذي جاء في قوله صلى الله عليه وسلم: (ثم أتبعه)، كما أنه من المسابقة إلى الخيرات، والمسارعة في الطاعات، التي جاءت النصوص بالترغيب فيها، والثناء على فاعلها، وهو أيضاً من الحزم الذي هو من كمال العبد، فإن الفُرص لا ينبغي أن تفوت، والمرء لا يدري ما يعرض له من شواغل وقواطع تحول بينه وبين العمل، فإن أخرها أو فرَّقها على الشهر حصلت الفضيلة أيضاً.

ومن كان عليه قضاء من شهر رمضان، فعليه أن يبدأ بقضاء ما عليه أولاً، حتى يُحَصِّل الثواب الوارد في الحديث، وذلك لأن
الأجر الوارد لا يَحْصُل إلا بعد إكمال عدة رمضان، لقوله عليه الصلاة والسلام (من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال)، ومن كان عليه أيام من رمضان لا يصدق عليه أنه صام رمضان كاملاً.

ولو فرض أن القضاء استوعب جميع شوال، كأن تكون المرأة نُفساء، ولم تصم أيّ يوم من رمضان، ثم شرعت في قضاء ما عليها في شوال، ولم تنته إلا بعد دخول شهر ذي القعدة، فإنها تصوم الأيام السّتة بعد ذلك، ويكون لها أجر من صامها في شوّال؛ لأن تأخيرها هنا للضّرورة وهو متعذّر، فيثبت لها الأجر إن شاء الله.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 157.05 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 150.98 كيلو بايت... تم توفير 6.07 كيلو بايت...بمعدل (3.87%)]