|
|
من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
شيء ما يحدث (قصة)
شيء ما يحدث (قصة) د. شادن شاهين مِن شباك القطار، كانت الأرض تجري لاهثةً للوراء، تاركةً إياها غارقةً في قطرة دمع، ترشف قهوتَها الباردة الخالية من السكر، وتَبتلِعها بآلية، دون أنْ تسخطَ على مرارتها، فثمة مرارة عالقة بحلقها، يذوب داخلها أي طعوم أخرى. كان هدير عجلات القطار يَصرخ حزينًا بلا توقف، ربما يحاول أنْ يُخبرها بشيء ما، لكنها كانت تتجاهل كل الأصوات حولها، في عُزلة اختيارية عن عالَمها. لم تكن تلوي على وجهةٍ محدَّدة، لكنها قرَّرت أن تنزل في نهاية الخط، أينما كانت هذه النهاية. توقفَ القطارُ في محطات كثيرة، أشباحٌ تصعد، وأخرى تنزل، وجوهٌ كثيرة، مُتباينة العمر، والملامح، والتعبير، لكنها اتفقت جميعًا على شيء واحد؛ ضرورةِ اللحاق بالقطار. أشباحٌ كثيرة تجري لتلحَق به عند كل محطة، وتتنفَّس الصعداء حين تجد لها مكانًا، وأشباحٌ أخرى تلمح دموعَها من بعيد، حين يفوتها القطار. كانت تُترجم تلك المشاهد بشكل مختلف، كانت تغبط أصحابها أنهم يعرفون وجهاتهم جيدًا، وإنْ فاتهم اللحاق بالقطار المؤدّي إليها. "القطار بالنسبةِ لي وسيلةٌ للتحرُّك، من نقطة التِّيه الأولى، إلى نقطة التِّيه الثانية، لا أكثر"! همستْ لنفسها وابتسمتْ بمرارة. تأملتِ السيدةَ العجوز ذات الثياب الرثّة التي تُردِّد من حين لآخر: "يا رب هوِّنها". "إنها تتعجَّل الوصول، يبدو أن لديها ما تعيش من أجله"! حدَّثت نفسها، ثم ضمت جيدًا ياقة معطفها الثمين حول رقبتها، وحاولتْ إخفاء ارتباكها؛ بالتظاهر بالنظر إلى الساعة، كأنها تتعجل الوصول، كالآخرين. وكلما دوتْ صافرات القطار عند وصوله لمحطة، خفق قلبها بشدة، ونظرت، تُرى، هل هي المحطة الأخيرة؟! "إلى أين أذهب، وماذا سأفعل الآن؟" تَصرُخ نفسُها خائفة، فتجد الطريقَ لا زال ممتدًا، تتنفس الصعداء، وتعود لمتابعته، تتمنى أن يطول، ربما شيء ما يحدث بعد حين، فتصير كالآخرين، تعرف محطتها جيدًا.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |