|
|
الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
السلوك الاقتصادي للنبي صلى الله عليه وسلم
السلوك الاقتصادي للنبي صلى الله عليه وسلم (1-3) د. كمال توفيق حطاب السلوك الاقتصادي الفردي للنبي صلى الله عليه وسلم[1] مارس النبي صلى الله عليه وسلم كافة أشكال العمل الاقتصادي، بدءا من رعي الغنم وانتهاء بكافة أشكال التجارة.. كما مارس الأعمال اليدوية الذاتية البيتية، وكان سلوكه وفعله صلى الله عليه وسلم يدعم أقواله وأوامره ونواهيه، وهذا ما سوف نلاحظه في الفقرات التالية: ففي مجال رعي الغنم: كان النبي صلى الله عليه وسلم يفاخر بذلك ويقول: "ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم فقال: أصحابه وأنت؟ فقال: نعم كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة"([2]). ومن المعلوم ما تتطلبه هذه الوظيفة من مشقة وتعب، ولكن منهجه صلى الله عليه وسلم كان الاعتماد على النفس وأن يأكل من عمل يده، حيث قال: "ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده"([3]). وكان صلى الله عليه وسلم يسعى لكي يحقق لنفسه دخلا يغنيه عن أن يمد يده لأعمامه أو غيرهم.. بل إنه كان يشعر بضيق الحال لدى عمه أبي طالب، كثير العيال فربما كان عمله صلى الله عليه وسلم لمساعدة عمه الذي آواه وكفله بعد وفاة جده.. وقد قام صلى الله عليه وسلم بكفالة ابن عمه علي بن أبي طالب لاحقا. في مجال التجارة: تعلم النبي صلى الله عليه وسلم فنون التجارة في صغره، فقد نشأ في مجتمع تجاري، حيث كانت مكة ملتقى القوافل التجارية، وكان أهل مكة أكثر أهل الجزيرة تجارة وغنى، وقد كانت رحلته إلى الشام ومقابلة الراهب بحيرا وهو فتى لم يتجاوز الثانية عشرة.. ثم توالت هذه الرحلات، ويبدو أن النبي صلى الله عليه وسلم حقق نجاحات تجارية كبيرة.. وذلك لصدقه وأمانته وأخلاقه العالية.. مما ذاع صيته.. ودفع خديجة رضي الله عنها إلى البحث عنه واستخدامه في تجارتها.. ونظرا لنجاحاته المتتالية، وأخلاقياته الرفيعة، فقد حرصت خديجة رضي الله عنها على الزواج به صلى الله عليه وسلم ([4]).. في البيت: كان النبي صلى الله عليه وسلم ينظف بيته ويخصف نعله ويخيط ثيابه، وما رؤي فارغا في بيته، بل كان دائما في حاجة أهله. روى هشام بن عروة عن أبيه قلت لعائشة: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته قالت: "يخيط ثوبه ويخصف نعله ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم"([5]). وبالإضافة إلى ما تقدم فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قدوة عليا ونموذجا بشريا فريدا في كل شيء، وفي المجال الاقتصادي بشكل خاص وفيما يتعلق بكسب المال وإنفاقه، قام النبي صلى الله عليه وسلم بما يلي: جعل من ماله ومال زوجته خديجة أول بيت مال للمسلمين، حيث كان يقوم بالإنفاق على المسلمين الأوائل، وكان ينفق منه على كافة شئون تبليغ الدعوة.. ثم توسع الأمر فدخلت أموال أبي بكر رضي الله عنه للإنفاق على تحرير العبيد الذين دخلوا في الإسلام، ويبدو أنه صلى الله عليه وسلم استمر في المرحلة المكية في ممارسة التجارة أو الإشراف عليها عن بعد، خاصة وأن زوجته خديجة كانت سيدة نساء قريش وصاحبة الأعمال والتجارة. كما جعل النبي صلى الله عليه وسلم من بيته مصرفا لحفظ الودائع وردها عند الطلب، ولم تذكر المصادر هل كانت هذه العملية بأجر أو بدون أجر.. ويبدو أنها لم تكن بأجر.. فالوديعة والكفالة والوكالة في الأصل عقود تبرعات لا معاوضات.. وحتى في الأوقات العصيبة التي أراد المشركون فيها قتل النبي صلى الله عليه وسلم.. فقد كان يحفظ لهم ودائعهم.. والدليل إبقائه عليا رضي الله عنه لرد تلك الودائع إلى أصحابها. أ.د. كمال توفيق حطاب أستاذ ورئيس قسم الاقتصاد والمصارف الإسلامية كلية الشريعة والدراسات الإسلامية جامعة اليرموك [1] المقال يمثل المطلب الأول من المبحث الثاني من بحث الدكتور كمال حطاب بعنوان: "التعاليم الاقتصادية في السنة النبوية" [2] البخاري،محمد بن اسماعيل: صحيح البخاري،دار ابن كثير،بيروت،1987،ط3 تحقيق مصطفى البغا،2/789 [3] نفس المصدر،2/730 [4] هارون،عبد السلام: تهذيب سيرة ابن هشام،دار الفكر،بيروت،د ت،39-43 [5] ابن حجر،العسقلاني: فتح الباري: 10/461
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
رد: السلوك الاقتصادي للنبي صلى الله عليه وسلم
السلوك الاقتصادي للنبي صلى الله عليه وسلم (2-3) د. كمال توفيق حطاب السلوك الاقتصادي العام للنبي صلى الله عليه وسلم[1] يمكن القول أن السلوك الاقتصادي العام للنبي صلى الله عليه وسلم قد تبلور بشكل قوي مع بداية تأسيس الدولة في المدينة: ففور وصوله المدينة، بدأ ببناء المسجد الجامع للناس.. ثم المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار الأغنياء والفقراء.. وما ترتب على ذلك من تقاسم الثروات.. ثم إقامة سوق للمسلمين.. ثم تحديد حدود الدولة وعلاقاتها مع الآخرين بعقد المعاهدات مع المتواجدين في المدينة من يهود وغيرهم. وبالإضافة إلى ذلك وضع النبي صلى الله عليه وسلم ضوابط وقواعد اقتصادية عامة، تضبط التعامل الاقتصادي في المجتمع، وتصلح للتطبيق في كل زمان ومكان مع عدم تحديد الكيفيات والأساليب وذلك تمكينا للمسلمين من الاجتهاد بما يتناسب مع ظروف العصر الذي يعيشون فيه، ومن أمثلة هذه القواعد والمبادئ العامة: أولا: لا ضرر ولا ضرار: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار من ضار ضاره الله ومن شاق شاق الله عليه هذا". [2] فهذا الحديث يشكل قاعدة شرعية اقتصادية يمكن أن يندرج تحتها كل سلوك اقتصادي أو صيغة مستحدثة تؤدي إلى الإضرار بالمجتمع، وبالتالي فالعلماء المجتهدون في كل زمان أولى بتقدير هذه الصيغ أو الأدوات أو الأساليب أو الأنشطة أو المشروعات التي يمكن أن تلحق الضرر بالمجتمع، وحتى لو اشتملت على بعض النفع، فدرء المفاسد أولى من جلب المنافع. ثانيا: "كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره التقوى ههنا (ويشير إلى صدره ثلاث مرات) بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه" [3] . فهذا الحديث يشتمل على تحريم كل أشكال أكل المال بالباطل، لأن الأصل حرمة مال المسلم، فأية طريقة أو أسلوب أو صيغة يتم من خلالها الاعتداء على مال المسلم تعتبر طريقة محرمة يجب منعها. ثالثا: كلكم راع ومسئول عن رعيته عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كلكم راع ومسؤول عن رعيته فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته والرجل في أهله راع وهو مسؤول عن رعيته والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته. قال: فسمعت هؤلاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحسب النبي صلى الله عليه وسلم قال: والرجل في مال أبيه راع وهو مسؤول عن رعيته فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" [4] . رابعا: قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه"[5] فقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على الإتقان الذي يؤدي إلى تحقيق وفر في الجهد والوقت والتكاليف مع مراعاة الجودة النوعية والكمية. ومن مستلزمات الإتقان الإخلاص والتفاني في العمل وعدم التأخر أو التغيب عن العمل ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب وعدم إنتاج السلع الضارة. خامسا: قوله صلى الله عليه وسلم "من احتكر فهو خاطئ"[6] والاحتكار حبس السلع الأساسية من أجل رفع الأسعار بما يؤدي إلى الإضرار بالناس، ويخرج من هذا التعريف كافة السلع والخدمات غير الأساسية، الحاجية والتحسينية، إلا إذا ترتب على حبسها ضرر حقيقي. ولا يكون تخزين السلعة حبسا أو احتكارا في حالة وجودها في الأسواق بكثرة، وإنما في حالة اختفائها مع حاجة الناس إليها. ومن جهة أخرى فان الاحتكار يختلف باختلاف المجتمعات، ومدى تقدمها ورفاهيتها أو تخلفها وفقرها، فيكون ضرره قليلا في الحالة الأولى وقد يكون معدوما، أما الحالة الثانية فان ضرر الاحتكار يكون خطيرا مما يستوجب منعه ومقاومته. إن هذه الضوابط المتقدمة ليست على سبيل الحصر، كما أن ترتيبها ليس بالضرورة أن يكون وفقا لأهميتها.. وإنما حاولنا التركيز على أهم الضوابط العامة التي حرص عليها النبي صلى الله عليه وسلم في حياته ومع صحابته، وحرص على أن تتمثلها أمته صلى الله عليه وسلم في كل زمان ومكان. أ.د. كمال توفيق حطاب أستاذ ورئيس قسم الاقتصاد والمصارف الإسلامية كلية الشريعة والدراسات الإسلامية جامعة اليرموك [1] المقال يمثل المطلب الثاني من المبحث الثاني من بحث الدكتور كمال حطاب بعنوان: "التعاليم الاقتصادية في السنة النبوية" [2] حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه، النيسابوري، محمد بن عبد الله: المستدرك على الصحيحين، دار الكتب العلمية، بيروت،1990،ط1، رقم الحديث 2345. [3] مسلم، سبق تخريجه،4/1986. [4] صحيح البخاري: 2/848،صحيح مسلم: 3/1459 [5] مجمع الزوائد،4/98. الهيثمي،علي بن أبي بكر: مجمع الزوائد،دار الريان للتراث،القاهرة،1407. [6] صحيح مسلم،3/1227.
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
رد: السلوك الاقتصادي للنبي صلى الله عليه وسلم
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |