|
|
ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#451
|
||||
|
||||
رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير قوله تعالى: (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ...) أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا [النساء:31] آية واحدة: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا [النساء:31] يا لها من بشرى! هذه الآية تزن الدنيا وما فيها: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا [النساء:31] ألا وهو الجنة، من المخاطب؟ الله، من المخاطبون؟ نحن؛ لأنه نادانا بـ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ [النساء:29] ثم قال هنا: إِنْ تَجْتَنِبُوا [النساء:31] اسمعوا. والاجتناب: الابتعاد، نترك القضية المنهي عنها إلى جانباً، ما نقبل عليها ليفعلها، نتركها جانباً: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ [النساء:31] الكبائر: واحدها كبيرة، ما تطاق، ما تحمل، والجمع كبائر. إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ [النساء:31] من الذي ينهانا؟ الله ورسوله هما اللذان ينهيانا عن الكبائر، لماذا ينهانا الله عن الكبيرة؟ حتى لا نهلك، والله العظيم! لا حاجة إلينا هو أبداً، وإنما ينهانا عن أكل السم حتى لا نموت، كذا أم لا؟ ينهانا عن شرب الحشيش حتى لا نفقد عقولنا، ينهانا عن عقوق والدينا لتمزيق الصلة بيننا ونصبح أعداء. نهي الله عن المحرمات لتطيب النفوس المؤمنة والله ما ينهانا الله ولا رسوله عن شيء إلا من أجل صالحنا فقط؛ لأن المنهيات المعبرة عنها بالمحرمات معناها كالسم، والحديد والنار وما إلى ذلك.فالله ولينا ومولانا ما يرضى لنا أن نهلك أبداً أنفسنا، فما حرم الله من عقيدة أو كلمة أو عمل أو صفة إلا لأنها ضارة بنا: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ [النساء:31] الجزاء: نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [النساء:31] وإذا كفر عنا سيئاتنا طبنا وطهرنا أم لا؟ لأن الجنة دار السلام لا تدخلها النفس الخبيثة، اقسم بالله وأحلف، الجنة دار السلام ومواكب النبيين والصديقين والشهداء والصالحين نزلوا بها وحلوا فيها، لا يدخلها إلا ذو روح طيبة طاهرة، الروح الخبيثة المنتنة هيهات هيهات أن تدخل دار السلام، حتى الذين يكون لهم إيمان وصالح أعمال واستوجبوا النار يحترقون ويصبحون كالفحم، ثم يخرجون فيغسلون في نهر خاص يقال له: الحياة عند باب الجنة، فينبتون كما ينبت العشب والنبات من جديد، أما روح خبيثة بالشرك والآثام والمعاصي تدخل الجنة؟ هيهات هيهات! أهل الحلقة يذكرون أن الحكم لله قد صدر في هذه القضية، وأحكام الله لا تعقب، هل هناك محكمة تراجع الله؟ وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ [الرعد:41] ما هذا الحكم؟ خل الزوار الليلة يأخذونه، والله خير لهم من العودة بمليون جنيه مصري، ما هذا؟ اسمع هذا الحكم. واسأل أهل العلم إذا لم تفهم معناه. قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10] من يراجع؟ قد أفلح من زكى نفسه، وقد خاب من دسا نفسه، إذاً: احلف بالله ولا تتردد، ( أَفْلَحَ ) ما معنى أفلح؟ شق طريقه إلى الجنة، (وقد خاب) خسر حتى نفسه.إذاً: هذا الحكم حلف الله عليه لتطمئن نفوسنا، وتستقر هذه الأحكام في قلوبنا، حلف عليه بأيمان ما حلفها على شيء في القرآن بكامله: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا [الشمس:1]، هذه يمين أم لا؟ هذه واو القسم، وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا * وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا * وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا * وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا [الشمس:1-8].لم يحلف ربنا؟ من أجلنا؛ لأننا فطرنا على طبيعة، وهي أننا إذا ألقي إلينا الخبر ما نثق ولا تطمئن نفوسنا حتى يحلف لنا عليه، فهو يحلف لصالحنا، ما رأينا لله أقساماً كهذه، هو حلف بالتين والزيتون، وطور سنين، والسماء والطارق، لكن سبعة أيمان أو ثمانية لقضية واحدة، هذا الحكم من أراد الجنة ودار السلام من الآن يعزم على تزكية نفسه، يتعرف إلى الأدوات المزكية، ويتعرف إلى كيفية استعمالها في أوقاتها بكمياتها، ويأخذ في تزكية نفسه، هذا الذي يزكو.ومن قال: إيش فيه؟ ما نستطيع هذا، دعنا من هذا، الله غفور رحيم، سوف تدق الساعة ويذهب هذا الظن كله، إذا وقف ملك الموت وشاهده ورآه في الغرغرة فات الأوان، يجب على كل مؤمن ومؤمنة أن يعرف ما تزكو به النفس وتطيب، ويعرف كيف يستعمله، ويستعمله إيماناً أيضاً واحتساباً، وبذلك يزكي نفسه، كما يعرف ما يخبثها ويدسيها؛ ليجتنبه ويبتعد عنه طول حياته، هذا الذي يريد الجنة ومواكبة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.في الحقيقة دروسنا هذه ما هي ذات قيمة، لم؟ نذكر مسائل كثيرة، ولا نحفظ كل شيء، لو كنا جادين فالطريق إلى دار السلام مسألة واحدة فقط نحفظها نفهمها، نعزم ونصمم على تطبيقها والعمل بها، نقضي الساعة والساعتين وهي هم من همومنا، وبذلك نترقى في العلم والعمل، والآن مسائل كثيرة، فهمتم هذه البربرية وإلا لا؟إني لعلى علم مما أقول. الكبائر التي يجب اجتنابها ما هي الكبائر التي يجب أن نتجنبها؟ من سأل هذا السؤال؟ ولا أحد، ولو مشينا ما في من يسأل، إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ [النساء:31]، الجزاء: نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [النساء:31]، أولاً، وندخلكم الجنة ثانياً، ما الكبائر يا شيخ؟ ما أنتم في حاجة إلى معرفتها، صحيح أم لا؟قلنا: الكبائر: جمع كبيرة، وتسمى بالموبقة، أي: المهلكة، والرسول في أحاديثه المختلفة المتنوعة بحسب أحوال الحاضرين ومن يأتي ومن يغيب من ساعة إلى ساعة يعطيهم بعض الكبائر، حتى قيل لـابن عباس : الكبائر سبع؟ قال: (هي إلى السبعين أقرب)، ومرة أخرى قال لهم: (هي إلى السبعمائة أقرب من سبعين).أولاً: الرسول الكريم يقول: ( اجتنبوا السبع الموبقات )، أي: الكبائر السبع المهلكات، قالوا: ما هي يا رسول الله؟ قال: ( الشرك بالله، وقتل النفس، والزنا، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات ).مرة قال: ( ألا )، ألو ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ). لماذا الشيخ يقول: ألو؟ لأنكم ألفتموها، الأطفال الصغار تأخذ الهاتف: ألو ألو، ما معنى ألو يا بنيتي؟ ما ندري، ما معنى ألو؟ قالوا: هكذا خلقت، ما عرفنا معناها، فلما كانت تحركنا أكثر من ألا، نقول: ألو انتبهوا أنتم تسمعون؟( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الشرك بالله )، ما معنى الشرك بالله يا شيخ؟ أن تدعو غير الله؛ ليعطيك حاجتك، أن تستعين بالله؛ ليحفظك ويقيك من خوفك، أن تنحني راكعاً أو ساجداً؛ تعظيماً وإجلالاً لغير الله، هذا الشرك أكبر الكبائر.ثم قال: ( وعقوق الوالدين )، عق والديه: قطع الصلة بهما، وآذاهما وقصّر في حقوقهما، وكان متكئاً؛ لتعب وكبر السن، ثم لما جاءت الثالثة جلس ثم قال: ( ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور، ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور )، حتى تمنوا أن لو سكت رسول الله؛ خافوا أن تنزل صواعق أو يحصل بلاء، قول الزور شهادة الزور.أيام هبطنا يوجد في المحكمة في بلاد المسلمين صعاليك مثلي جالسين، يأتي الرجل له حاجة بالشهادة يقول: تشهدون معنا؟ إذا فيه شيء .. عشرة ريالات وإلا لن نشهد، يقول: تفضل، يشهد فلان قال فلانة كذا كذا كأنك حاضر، ويعود يتسكع في الظل كما كان، عرفتم؟ حادثة ثبتت شهد عليها سبعون رجلاً من القبيلة بالكذب، لا لوم ولا عتاب؛ لأنهم ما عرفوا، والله ما عرفوا، لو علموا وعرفوا لو يقتّلون ويصلّبون ويحرّقون ما يشهدون شهادة زور، وهل المسلمون اليوم علموا؟ أين العلم، ما دامت مظاهر الضلال والفسق والباطل والشرك متجلية كالشمس أين العلم؟ ما علموا.تريدون أن نعلم وإلا لا؟ والله لو كنا صادقين نريد أن نعلم؛ لنعبد الله ونتقرب إليه لكان هذا المسجد كله يمتلئ كل ليلة وما يجد النساء أين يجلسن إلا عند باب المسجد، وإن شئتم حلفت بالله، لو كنا نريد أن نعلم لنترقى في العلم والصلاح والتقوى لكان من المغرب إلى العشاء لا يبقى رجل في السوق ولا في الدكان ولا في البيت ولا في الشارع كل الأمة في بيت ربها؛ تتلقى الكتاب والحكمة وتزكي أنفسها، هل هذا موجود في العالم؟ إذاً: كيف يتعلمون؟ وإذا لم يتعلموا كيف يستقيمون على منهج الحق وما عرفوه؟! الكبائر تعرف بالعد أو بالحد؟قال الحكماء: تعرف بالحد لا بالعد؛ العد كثيرة.فما هو حدها؟كل قول أو اعتقاد أو عمل أو صفة لعن الله أو رسوله صاحبها فهي كبيرة، كل ما ورد فيه لعن عن الله أو عن رسوله فقط فهو كبيرة، هيا: ( لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال )، فتشبه الرجل بالمرأة كبيرة.. يحلق وجهه؛ لحيته .. شاربه يعمل الأحمر والأكحل وكذا، والحناء في يديه، ماذا تقولون فيه؟ تشبه وإلا لا؟ ملعون أم لا؟ ما معنى ملعون؟ مطرود من رحمة الله، ما هو أهل للجنة دار السلام.المتشبهات من النساء بالرجال ماذا تصنع؟ تحلق رأسها وتجعله كشعر الرجل، وتلبس الكرفتة وتلبس البدلة، وتعمل -إن استطاعت- بعض الشعرات في وجهها؛ لتكون كالرجل، ملعونة وإلا لا؟ ملعونة.( لعن الله السارق يسرق البيضة )، السرقة كبيرة وإلا لا أو ما هي كبيرة؟ ولو بيضة دجاجة، كبيرة صاحبها ملعون أم لا؟ كبيرة.( لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه )، كم واحد ملعون؟ خمسة، إذاً: أكل الربا كبيرة، وكتابته كبيرة، والشهادة له كبيرة، يا ويحنا! الحمد لله.. الحمد لله، لا نأكل الربا ولا نجري وراءه، ألستم كلكم كذلك؟ ومن عنده دريهمات في البنك من الغد يسحبها سمعت؟ وإذا خاف عليها تضيع يتركها، وإذا جاء يأخذ قال له: خذ هذه الفائدة يقول: لا لا، الفائدة حرام لا تحل لي، بأي شيء آخذها أنا ما عرقت عليها ولا عملت شيئاً، أنا أودعتكم هذا المال محفوظ عندكم.ثانياً: كل ما ورد فيه وعيد بالعذاب في الدنيا أو الآخرة فهو كبيرة، والقرآن فيه الوعيد؛ ما يتوعد الله به عباده من عذاب يوم القيامة، مثال ذلك: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [النساء:10]. لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً ... [النساء:29]..كذلك: الويل وعيد بالعذاب: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ [المطففين:1]، وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ [المرسلات:15]، كل ما ورد فيه وعيد فهو كبيرة من كبائر الذنوب، الذي يطفف عندما يبيع أو يشتري نقّص في الكيل والوزن هذا وعيد له. وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ [الجاثية:7]، كل من يكذب ويزور الكذب ويحسنها؛ لتقبل فهو ملعون كبيرة من كبائر الذنوب.كل ما ورد فيه حد يقام عليه كالزنا، الزاني إذا كان بكراً يجلد مائة جلدة: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ [النور:2]، والمحصن يرجم ويقتل، السارق تقطع يده، القاتل يقتل.إذاً: كل ما ورد فيه حد من حدود الشرع فهو كبيرة من كبائر الذنوب، ولا بد من معرفة ذلك من طريق الكتاب والسنة، قال الله وقال رسوله.الكذب كبيرة وإلا لا؟ ألا لعنة الله على الكاذبين، الكذب كبيرة؟ نعم، بل المؤمن لا يكذب أبداً، والرسول قرر هذا: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ [النساء:31]، من الناهي؟ الله ورسوله، الجزاء: يكفر عنا سيئاتنا، ما هي السيئات؟ هنا دون الكبائر، لفظ السيئة: يطلق على كل اعتقاد أو قول أو عمل يسوء إلى الإنسان ويفسد قلبه وروحه، لكن فيه كبير وفيه صغير، وهذه الحقيقة تعرف كالتالي:مثلاً: انتهرت مؤمناً بصوت عال هذه سيئة، بالنسبة إلى ضربه على خده ماذا تعتبر؟ صغيرة وإلا لا؟فأنت لما اجتنبت ضربه خفت من الله وأبيت واكتفيت بالنهر والصوت العالي هذا الذي جعلك ترجع إلى الوراء وما تضرب أخاك تنازلك عن هذا يكفر سيئتك.مثال هذا: نظر إلى امرأة وأراد أن يمسها ويجسها بيديه، ثم خاف من الله وارتعدت فرائصه وعاد وما رجع، النظرة الأولى تكفر، تركه للمسها أو جسها بيده؛ خوفاً من الله يكفر عنه السيئة الأولى سيئة النظر.مثلاً: الذي خلا بامرأة الخلوة بها حرام، وأراد أن يفجر بها فخاف من الله، خوفه من الله حسنة وإلا لا؟ هذا الخوف الذي علا وغشّا قلبه يمحو سيئة الخلوة. نجا، أو ما فهمتم؟ كل الذنوب فيها صغائر وكبائر؛ فالذي يجتنب الكبيرة خوفاً من الله، وحباً فيه ورغبة فيما عنده، هذا الخوف من الله يمحو ذلك الأثر السيئ ما يبقيه، إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا [النساء:31]، ألا وهو الجنة دار الأبرار.إن شاء الله غداً نعيد أيضاً بيان هذه الآية ومعها آيات أخرى.وصل اللهم على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
__________________
|
#452
|
||||
|
||||
رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير القرآن الكريم - للشيخ : ( أبوبكر الجزائري ) تفسير سورة النساء - (15) الحلقة (239) تفسير سورة النساء (22) فضل الله عز وجل بعض العباد على بعض في الرزق، ونهاهم سبحانه وتعالى عن التحاسد فيما بينهم، فلا ينظر الواحد إلى غيره من أصحاب الأموال الكثيرة، والمناصب الرفيعة، فيتمنى زوال ما عندهم حسداً من عند نفسه، فالله عز وجل هو مقسم الأرزاق لحكم بالغة عنده تعالى، وعلى كل عبد سؤال الله عز وجل من فضله، والسعي والكد والاكتساب من وجوه الحلال. مراجعة لما سبق تفسيره من آيات سورة النساء الحمد لله؛ نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، ثم أما بعد:أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات!إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة واللتين بعدها ندرس كتاب الله عز وجل؛ من أجل أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).وها نحن مع سورة النساء، والآية التي تدارسناها بالأمس تلاوتها بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا [النساء:31].أبشّر كل مؤمن ومؤمنة كما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشرون أصحابهم، أبشّر كل مؤمن ومؤمنة قاما بأداء الواجبات وتجنبا كبائر الذنوب من المنهيات والمحرمات بأن لهم الجنة، لا يمنعهم عنها إلا الموت؛ إذ هذا وعد الله الصادق: إِنْ تَجْتَنِبُوا ، معاشر المؤمنين والمؤمنات، كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ ، أي: الذي ينهاكم الله ورسوله عنه من كبائر الذنوب يكفر عنكم سيئاتكم الصغائر يسترها ولا يخاطبكم بها، ويدخلكم الجنة دار السلام.الكبائر: جمع كبيرة موبقة مهلكة.وواجب كل مؤمن ومؤمنة أن يحيط علماً بالكبائر كما نعرف أمور الدنيا بالتفصيل حتى أنواع الحلويات والطعام والشراب، ما نعرف هذه الكبائر!فالحبيب صلى الله عليه وسلم في كل مناسبة يذكر عدداً؛ مرة ستة .. مرة سبعة .. مرة ثلاثة، يلقيها إليهم؛ ليحفظوها شيئاً فشيئاً، لكن لا بأس أن نذكر ما ورد وما حفظناه عنه صلى الله عليه وسلم.أولاً: قلنا أكبر الكبائر الشرك بالله عز وجل، الرسول الحبيب صلى الله عليه وسلم هو الذي كان جالساً بين أصحابه في هذا المسجد يعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم قال: ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: الشرك بالله )؛ لأن الشرك ذنب عظيم، وإذا لم يتب العبد منه قبل موته.. قبل أن يغرغر فالجنة حرام عليه، آيس من دخولها، وهذا خبر الله عز وجل وهو حكم من أحكامه: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء:48]، وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا [النساء:48].ومن سورة الحج يبين تعالى خسران المشركين كيف يكون: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ * حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ [الحج:30-31]، سقط من السماء، من السماء مسيرة خمسمائة عام للطائر، خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ ، قبل أن يصل إلى الأرض فتمزقه، أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ [الحج:31]، لا يعثر عليه. وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ [الحج:31].وبعد الشرك بالله قتل النفس، ما بعد الشرك ذنب قبل قتل النفس، واقرءوا قول الله تعالى في صفات عباد الرحمن: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ [الفرقان:68].الكبائر: الشرك، قتل النفس، الزنا.وهذا ابن مسعود يتعلم ويقف في طرف الحلقة ويقول: ( يا رسول الله! أي الذنب أعظم عند الله؟ فيقول: أن تجعل لله نداً وقد خلقك )، الند: تناده به وتضاده وتدعوه كما تدعو الله، وتتقرب إليه كما تتقرب إلى الله.( ثم قال: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك؛ خشية أن يأكل معك، قال: قلت: ثم أي؟ قال: أن تزني بحليلة جارك )، وبعد هذا عقوق الوالدين، أي: قطعهما وقطع البر والخير والإحسان عنهما.ثم ماذا من الكبائر؟ أكل الربا، أكل مال اليتيم، أما قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [النساء:10].ثم قول الزور وشهادة الزور، يا من يشهد كاذباً فإنك من مرتكبي أعظم الكبائر، هل هناك مؤمن عبد الله أو أمة الله يشهد وهو يعلم أن الله يعلمه ويسمع شهادته ويراه ويقدم على شهادة الزور، والكذب ألا لعنة الله على الكاذبين!ثم التولي يوم الزحف، أين الزحف يا شيخ؟ قد يأتي، إذا تقابل الفريقان فريق المؤمنين وفريق الكافرين في ساحة القتال وزحف الكل، فالذي يفر من ساحة الزحف ارتكب أكبر كبيرة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [الأنفال:15-16].ومن الكبائر الواردة في السنة: قذف المحصنات الغافلات المؤمنات، مؤمنة غافلة في بيتها تعبد الله يتهمها ويشيع عنها أنها زنت أو أنها تتعاطى كذا.. أو كذا.. كذا. وهي أمة الله المستورة في بيتها، هذه من أكبر الكبائر قذف المحصنات الغافلات المؤمنات.من هذه الكبائر: اليمين الغموس التي تغمس صاحبها من قمة رأسه إلى قدميه في أوساخ الإثم، ثم في جهنم، ما هي اليمين الغموس؟ هي التي يحلف صاحبها كاذباً؛ ليأخذ حق الناس، يقول: بالذي لا إله غيره ما رأيت هذا الذي تقول ولا علمته، وهي في جيبه، اليمين الغموس يحلف صاحبها كاذباً من أجل أن يبطل الحق أو يأخذ الحق لنفسه.إذاً: ومن هذه الكبائر في الحديث: ثلاثة هي: اليأس من روح الله، إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الكَافِرُونَ [يوسف:87].القنوط من رحمة الله.الكذب على الله.إذاً: يجب أن نحفظ هذه الكبائر.وعندنا ضابط أعطاه لنا أهل العلم .. أهل البصيرة ينتفعون به، الكبائر قالوا: تعرف بالحد لا بالعد؛ إذ تجاوزت السبعمائة؛ فالحد فيصل فيه، تعرفون الحد وإلا لا؟حد المسجد النبوي جنوباً كذا، شمالاً كذا، غرباً كذا، شرقاً كذا، هكذا الحد وإلا لا؟ يعرف بالحد أو ما يعرف؟ أما أن تعرف بالذرة وبحبة الشعير، الشعير ما تستطيع، كانوا يقيسون بحبة الشعير، الروضة هذه من حجرة الرسول إلى المحراب إلى المنبر حسبوها بحب الشعير، حبة شعيرة إلى أخرى إلى أخرى أقل من السنتيمتر.إذاً: الشاهد عندنا في الكبائر تعرف بالحد لا بالعد؛ لأنها بالعد كثيرة.هذا الحد قالوا: كل ما توعد الله به عبده بعذاب الآخرة فهو كبيرة، أيما إثم .. أيما ذنب جاء النهي عنه مربوطاً بوعيد الله فهو من كبائر الذنوب.ثانياً: كل ما ورد فيه لعن الله ورسوله: أيما إثم يلعن الله أو رسوله صاحبه إلا وهذا الإثم كبيرة من كبائر الذنوب.ثالثاً: كل ما فيه حد يقام على فاعله، مثاله: القذف، القذف: فلان يفعل كذا، فلان يرتكب كذا، يتهمه بالزنا أو باللواط، هذا القاذف هذا يريد يشوه المجتمع ويلطخه، إما أن يأتي بأربعة شهود يشهدون على أنهم شاهدوه كالميل في المكحلة، وإلا يجلد ثمانين جلدة أمام الناس، ويساهم كل من يستطيع الجلد؛ هذا من أجل إنهاء الفاحشة وعدم ظهورها، هذا حد إذاً، القذف كبيرة وإلا لا؟فلان يزني، هات البينة؟ ما عندك حرام أن تتكلم؛ لأن الحديث بالزنا أو الفاحشة ينشرها؛ لأن القلوب البشرية مستعدة إذا لم تكن لها حماية.الزنا كبيرة أم لا؟ أما يرجم حتى يموت إن كان محصناً؟قتل النفس أليس فيه القصاص؟ وهكذا اللعن الوعيد الحد. هذه حدود ما ورد فيها من إثم ملعون أو مقام عليه حد أو موعود بالعذاب فهو كبيرة من كبائر الذنوب، ولكن دراستنا لحديث الرسول وسماعنا لكلامه نتعلم الكثير من الكبائر. إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ، أي: الصغائر، وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا [النساء:31]، ألا وهو الجنة، ويدخلنا مدخلاً كريماً ما فيه إهانة ولا تعذيب ولا عنت ولا.. إلى الجنة دار السلام. يتبع
__________________
|
#453
|
||||
|
||||
رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
قراءة في كتاب أيسر التفاسير هداية الآيات قال: [من هداية الآية:أولاً: وجوب الابتعاد عن سائر الكبائر، والصبر على ذلك حتى الموت. ]من أين أخذنا هذا؟ إِنْ تَجْتَنِبُوا [النساء:31].[ وجوب الابتعاد عن سائر الكبائر، والصبر على ذلك ] إلى متى؟ [ إلى الموت.ثانياً: الذنوب قسمان: كبائر، وصغائر. ] من أين عرفنا هذا؟ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [النساء:31].[ الذنوب قسمان: كبائر، وصغائر. ولذا وجب العلم بها ]، لماذا؟ قال: [ لاجتناب كبائرها وصغائرها ما أمكن ذلك، ومن زل ]، سقط في الكبيرة [ فليتب فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له. ]التائب من الذنب كالذي لا ذنب له، لم؟ لأنه اتسخ ثم غسل ينظف أم لا؟ هذا الغترة البيضاء لو تغمسها في الطين وإلا في الدم تتلطخ تغسلها بالماء والصابون جيداً تنظف أم لا؟ تنظف، بشرط ألا تتركها عاماً كاملاً، جئت تغسله تمزق، فلهذا يجب التوبة على الفور، ما في كلمة حتى نحج أو حتى نتزوج أو حتى يغنينا الله، هذه الكلمة باطلة، أنت ماش في طريقك إلى الجنة إلى الله زلت القدم وسقط على الفور ارفع رأسك الله أكبر أستغفر الله، وابق الهج بالاستغفار حتى يزول الأثر.[ ثالثاً: الجنة ]، تعرفون عن الجنة وإلا لا؟عندكم بساتين فيها الرمان والتفاح والعنب موجودة أم لا؟ من أوجدها لكم؟ الله.إذاً: أوجد لأوليائه جنة هذه الفواكه عبارة عن الاسم فقط، أما النوع والطعم والله لا شبه، وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا [البقرة:25]، إلا في الأسماء، رمان هذه الجنة أين هي؟ ما طلعنا للسماء، ولما ما طلعت يعني: تكذب، نمتحنه: أنت يا أستاذ عدنان أنت رأيت طوكيو؟كيف أستاذ كامل وما تعرف طوكيو؟! إذا: طوكيو ما هي موجودة، قل للناس يسمعوك إن طوكيو كذبة ما هي موجودة؛ لأننا ما رأيناها، يعقل هذا الكلام، فكونك ما رأيت الجنة تقول ما فيه؟ مرض هذا هبوط، ومع هذا أخبر عنها خالقها، ونعتها وفصلها وبين كل ما فيها وهذا كتابه بين أيدينا، هو الذي رسمها تكذبه، مهندس يرسم لك خريطة في العمارة ويبنيها وتقول: لا ما أنت، كيف تعرف هذا؟ هو الذي رسمها وبناها، وفوق ذلك لقد ارتادها الرائد العظيم محمد صلى الله عليه وسلم، ومشى عليها وشاهد حورها، شاهد حواري عمر بن الخطاب فاستحيا أن ينظر إليها، قال: ( يا عمر ! رأيتك حورائك في الجنة فطأطأت رأسي وخشيت أن تغضب، قال: أعنك يا رسول الله أغار، قال: ذكرت غيرتك يا عمر ! )؛ لأن عمر امرأته في المدينة تبكي خليني أصلي في المسجد؟ ما فيش، ما تخرج امرأة عمر لا بالليل ولا بالنهار، يا عمر نصلي، يسكت، عام عامين، وسمعت الرسول يقول: ( لا تمنعوا إماء الله من بيوت الله )، قالت له: والله إن لم تقل لي لا تخرجي أخرج، هو ما يريد أن يقول لها: لا تخرجي فيعصي رسول الله، لكن لما تقول له: يسكت، ما تمشي، لما بلغها الحديث، فقالت: إذاً يا عمر أنا ذاهبة أصلي في المسجد النبوي فسكت.قال: [ الجنة لا يدخلها إلا ذوو النفوس الزكية الطاهرة، وذلك باجتنابهم المدنسات لها من كبائر الذنوب والآثام والفواحش ].النفس تزكو تطيب تطهر كما يزكو الثوب ويطيب ويطهر بالماء الحار والصابون وإلا لا؟ هذه سنة الله، كذلك الجسم نفسه جسم الإنسان يطيب ويطهر بالماء والصابون، والروح إي والله تزكو على مادتين وتخبث على مادتين، فإن أنت عملت بالمادتين الأوليين الإيمان وصالح الأعمال زكت، فإن حافظت على ذلك الزكاة والطهر ما قارفت ذنباً من الذنوب الكبائر نفسك زكية طاهرة.الشرك والمعاصي تخبث النفس وتلوثها وتدنسها وتدسيها، الإيمان والعمل الصالح يزكيان النفس ويطيبان ويطهرانها.البارح ذكرت حكم الله فينا، فيكم من يذكره الليلة؟لا ما نريد الذين يدرسون العلم، نريد الزوار الذين حضروا البارحة يقول: أنا سمعت البارحة حكم الله، ولهذا أنا بلغته إلى أهلي، من؟ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10].كن ابن من شئت إذا لم تزك نفسك لن ترح رائحة الجنة ولو كنت ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لو كنت بنت فرعون أو ابن فرعون لا يضرك نسب أبداً، وإنما الأمر يعود: هل زكيت نفسك أو لا؟ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10]. أحلف لكم.الشيخ هذا يكثر من اليمين يحلف! ينتقدونني المساكين يبلغوني: ليش تحلف؟ أنا ربي يحلف وإلا لا؟نحن نحلف بالكذب أو نلعب؛ حتى يطمئن السامع إلى صدق الخبر الذي يلقى إليه، هذه سنة الله ورسوله، الرسول يقول: والذي لا إله غيره ما كان كذا وكذا، تحلف والله ما يقبلون هذا كلامك ويصدقونك فكيف إذا ما حلفت؟أقول: لو أن شخصاً واعٍ يحسن التجارة يحسن الفلاحة يحسن السياسة يحسن الآداب ويسمع هذا الحكم: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10]، ثم نسكت، والله ما يستطيع أن يذهب إلى بيته أو يعود إلى عمله قبل أن يعرف بم نزكي النفس وكيف نزكيها، بما تدسا النفس وكيف تدسا، وإذا الشيخ قال هكذا وأراد أن يخرج يقولوا: والله لا تخرجن من المسجد حتى تعلمنا ما هي مزكيات النفس وما مدسياتها، فهمتم هذا أم لا؟ والآن اجمع الناس في عرفات وقل هذا الكلام، ولا واحد يأخذ بثوبك يقول: علمني كيف أتزكى ، مظهر من مظاهر الموت أم لا؟علينا السلام، أو فيكم من يشك فيما أقول؟المفروض هذه يرددها كل واحد ما كان يعلمها في بيته مع جيرانه: يا جماعة! حكم الله صادر علينا أن من زكى نفسه نجاه وأسعده، ومن خبثها دمره وخسره، يبدءوا يتساءلون كيف نزكيها؟ هل فهمتم؟أو تشكون في حكم الله؟ أما حلف عليه بثمانية أيمان؟! تفسير قوله تعالى: (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض ...) قال تعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ [النساء:32]، هذه تعاليم الله لأوليائه.. هذه تعاليم لعباده؛ ليعلموا ويعملوا فيكملوا ويسعدوا.ولا تتمنوا يا عباد الله! ما فضل الله به بعضكم على بعض، ما معنى هذا؟ ينهانا ربنا تعالى عن الحسد، وعن التمني الذي يوجد حزازة في نفوسنا أو آلاماً في قلوبنا، ما يريد مولانا لنا هذا، حرم علينا تمني ما فضل الله به بعضنا على بعض من أجل الابتلاء، من أجل أن نصلي ونشكر أو لا؟ هذه هي تزكية النفوس، لا يحل لمؤمن أن يرى صاحب عمارة أو سيارة أو مال أو كذا يقول: آه ليتني أنا، ليت هذا لي، يرى عالماً كذا يقول: آه، يرى شريفاً عالياً سامياً: آه. هذا الألم قال تعالى انزعوه من قلوبكم؛ فالمعطي والمانع هو الله، ما حصل هذا العلم إلا بالكد والسهر والطلب والتشريق والتغريب فاطلب مثلما يطلب، وما حصل هذا على هذا المال إلا بالكدح والليل والعمل الليل والنهار وأنت جاثم على ركبتيك في بيتك وتتمنى ما كان لفلان ولفلان، هذا يقتلع جذور الحسد من قلوب الناس، يمشي صاحب المال صاحب الجاه صاحب السلطان ولا يحسده أحد أبداً، لم هذا أعطاه الله؟ وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ [النساء:32]كل من فضله الله عليك بشيء لا تحسده، لا تتمن ذلك لك، اللهم إلا ما هو معروف بالغبطة، أذن فيها الرسول صلى الله عليه وسلم إذ قال: ( لا حسد )، أي: أنه جائز ( إلا في اثنتين ) فقط في شيئين: ( لا حسد )، يحل أو يجوز أبداً ( إلا في اثنتين )، الأولى: ( رجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه الليل والنهار )، فتسأل الله لو أعطاك مثل هذا المال لفعلت مثلما يفعل، تعطى مثلما يعطى من الأجر، ( ورجل آتاه الله الحكمة القرآن فهو يعلمه ويعمل به )، فتقول: لو أن الله أعطاني هذا العلم لفعلت كما يفعل فلان تكون في الأجر مثله، هذا اغتباط؛ لأن ليس فيه زوال ما عنده إليك أنت، الحسد: أن تتمنى زوال ما عنده؛ ليكون لك.وورد أن أم سلمة رضي الله عنها قالت: (ليتنا كنا رجالاً فجاهدنا وكان لنا مثل أجر الرجال).أم سلمة رضي الله عنها أمنا قالت: (ليتنا كنا كالرجال نجاهد كما يجاهدون ونموت في سبيل الله فنحظى بما يحظون به من الأجر والدرجات)؛ فأنزل الله هذه الآية بسبب هذا التمني أو هذا السؤال، وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ [النساء:32]، من الخير من الحسنات من السيئات من الدنيا من الآخرة، وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ [النساء:32]، انظر كيف ربط الله المرأة بحبل العمل، لهذا قالوا: أماني النوكى! حمقى أو كما يقولون، الأحمق هذا يتمنى، ما فيه تمني فيه عمل، هذا وعد الله: للرجال نصيب مما كسبوا بأيديهم وعقولهم وجهودهم، كذا وإلا لا؟وللنساء أيضاً نصيب مما اكتسبن بجهودهن وعقولهن.عرفتم اللطيفة قال: مِمَّا اكْتَسَبُوا وإلا لا؟ أو بالتمني وجالس؟ما الكسب؟ تعرفون التجارة فلان كسب كذا وكذا.. فظفر به وكسبه وأصبح في جيبه أو في يده.الآية الكريمة تربي .. تعلم .. ترفع من شأن المؤمنين أن ينزعوا من قلوبهم الأماني الباطلة الكاذبة وعلى رأسها الحسد والعياذ بالله، وتحملهم من أراد شيئاً يطلبه بالأسباب التي وضعها الله عز وجل، لا يجلسون للأضاحيك والألاعيب، ثم يقول: آه فلان بنى العمارة الفلانية، فلان يملك كذا وكذا. هذه أباطيل وحرام بين المسلمين، هل عرف المسلمون هذا؟ والله ما عرفوا، هل درسوا هذه الآية؟ ما درسوها أبداً؛ أولاً: ما هي من السور التي تقرأ على الموتى، وثانياً: ما يجتمعون ويقرءون أبداً. وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ [النساء:32]، أجر الدنيا والآخرة، ما هي تمنت لو كانت مثل الرجال وتجاهد أم لا؟ كذا للرجال نصيب في الجهاد وهي نصيبها في عمل البيت وطاعة زوجها بقدر عملها، لم تتمن الجهاد؟!ثم قال: وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ [النساء:32]، بدلاً ما تتململ وتحسد الناس وتنظر إلى ما أعطاهم اشتغل بالدعاء، وواصل الدعاء والبكاء بين يدي الله العام والعامين؛ يعطيك ما شاء أن يعطيك، هذا هو الباب المفتوح، وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ [النساء:32]، ما واظب أحد على دعاء يدعو الله في شيء إلا أعطاه، وإذا ما أعطاه بعد الدعاء الطويل والأيام والليالي فليعلم أن هذا الذي طلبه والله لا خير له فيه، وما هو إلا مهلك له، فهمتم هذه أم لا؟أفضل العبادات: الرجاء بالله عز وجل، أن تربط قلبك بربك لا تنظر إلا إلى الله هو الذي يفرج كربك، هو الذي يقضي حاجتك، هو الذي يعطيك كذا.. مع الدعاء والإلحاح والبكاء العام والأعوام، إن رأى الله في ذلك خيراً حققه لك، والله لأعطاك هو، وإن رآه لا خير لك فيه، كم من إنسان كان فقيراً لما استغنى انتكس وإلا لا؟ كم من إنسان كان مريضاً لما صح عربد، كم وكم.فالمؤمنون والمؤمنات لا يحسدون ولا يتمنون لا بليت ولا بغيرها وإنما إذا رغبوا في شيء لازموا الشيء وسؤال ربهم ليل نهار، فإن أعطاهم فذاك وإن لم يعطيهم فقد ادخر لهم أعظم مما طلبوه، وفي هذا ضمانة: ما من مؤمن موحد من أهل لا إله إلا الله إلا أعطاه واحدة من ثلاثة: إما أن يعطيه ما طلب إذا كان في صالحه، وإذا لم يكن في صالحه وما أعطاه: إما أن يدفع عنه بلاء بهذا الدعاء كان قد ينزل عليه ويصيبه، إن لم يكن هناك بلاء رفعه درجات في الجنة ما كان ليصل إليها إلا بهذا الدعاء، فلهذا يدعون ربهم خوفاً وطعماً.ونحن الدعاء إذا ما ندعو في الحلقة أظن ما تدعون، الغالب ما يدعون الله، ليسوا مشغولين بالدعاء!الدعاء هو العبادة هو مخها، لا أفضل من الدعاء والرجاء أبداً؛ لأنه تعليق القلب بالله تنزهت عن الخلق كلهم، وارتفعت إلى مستوى أصبحت مع الله.أبشركم أو ما تفرحون بالبشائر؟لقد استجاب الله لنا البارحة في دعائنا بالغيب هذا أحد المحبين قال: سحابتان فقط غطتا المنطقة وإذا بالوادي مملوء بالمياه.إذاً: نحمده ونشكره وندعوه أيضاً.وصل اللهم على نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين.
__________________
|
#454
|
||||
|
||||
رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير القرآن الكريم - للشيخ : ( أبوبكر الجزائري ) تفسير سورة النساء - (16) الحلقة (240) تفسير سورة النساء (23) يقرر الله عز وجل في كتابه الكريم مبدأ التوراث، وأن كل عبد من العباد جعل الله له ورثة يرثونه، من الآباء والأبناء والإخوان، وعلى هذا فعلى الإنسان أن يطلب الرزق ويجمع الأموال من وجهها الشرعي الذي أحله الله، ثم بعد ذلك إذا مات وزعت تركته على ورثته الشرعيين، وقصر ذلك عليهم، وبين أنه سبحانه شهيد على ذلك لما جلت عليه النفوس من حب المال والتشوف إليه، واحتمال وقوع الظلم في تقسيمه. مراجعة لما سبق تفسيره من آيات سورة النساء الحمد لله؛ نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.ثم أما بعد:أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدها في مثل هذه الليلة والتي بعدها ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده )، الحمد لله على إفضاله وإنعامه.وها نحن مع سورة النساء ومع هاتين الآيتين الكريمتين أولاهما درسناها بالأمس وثانيتهما نتدارسها في ليلتنا هذه بإذن ربنا.قال تعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا * وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا [النساء:32-33]. وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ [النساء:32]، أليس هذا نهي الله عز وجل، من الناهي سواه؟ من المنهي؟ نحن، ما المنهي عنه؟ الحسد، نهانا ربنا، وهو مولانا ومربينا ومزكي أنفسنا.. نهانا عن هذه الخصلة الذميمة التي غص بها ألا وهي: تمني زوال النعمة عن فلان لتحصل لفلان، الحسد داء الأمم، الحسود لا يسود، الحسود لا يسود أبداً؛ لأنه يعترض على الله في قسمته، في تدبيره في خلقه، والذي يعترض على الله له عقل؟ له وجه؟ له آدميه؟ يعترض على الحكيم العليم، الله يقسم فضله على عبيده وأنت تعترض، وتقول: هاه. لو كان كذا، ليتني كذا، الحسد إذا دب في أمة قضى على كمالها، لن تفلح، فلهذا أمرنا بأن نقاومه في أنفسنا، ولا نرضى به أبداً، نرى الغني الثري، السيد الشريف، العالم الحكيم، لا نتمنى أبداً زوال ذلك عنه، ولا يحملنا ذلك على بغضه، أو على الكيد له والمكر به، بل نقول: هذا فضل الله، ما شاء الله لا قوة إلا بالله. وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ [النساء:32]، فإن كان الذي يتمناه الغافلون مما لا يعطى إلا بالكد والعمل يجب عليهم أن يعملوا ويكدوا ويواصلوا العمل؛ حتى يظفروا بمبتغاهم ويحصلوا على مطلبهم بإذن الله ربهم، بالكسب، وإن كان لا يكسب بل هو عطية الله فهذا التفكر فيه نقص كبير وعيب ومعرة.إذاً: بدل أن تشتغل بالتمني والتفكر اشتغل بما ينفعك ويزيل همك وكربك، وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا [النساء:32]، الذي لا يكتسب لا يغضب لشيء.وقال: اكتسبوا ، ولم يقل: كسبوا؛ لأن الاكتساب افتعال بالطلب وبذل الجهد والطاقة، أما الكسالى والصعاليك في الضلال وفي شوارع الأمة، يتحدثون ويريدون ويتمنون ويسألون أن يكونوا أغنياء وسعداء، وهذا متناف مع سنة الله عز وجل. لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا [النساء:32]، بأيديهم وعقولهم وأفكارهم وطاقاتهم وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ [النساء:32]، والله الذي يكسب، والله الذي يعطي.إذاً: فاسألوا الله من فضله، وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ [النساء:32] ، فإذا كان الأمر مرغوباً عندك محبوباً لديك اطلبه بوسائله، واسأل الله تعالى أن يوفقك لأقرب طريق وأسهل طريق حتى تظفر بهذا المرغوب، وإذا كان المسئول ما ينال بالطاقة وإنما ينال بفضل الله، فاسأل الله أن يرزقك الإيمان وصالح الأعمال، وأن يواكبك مع المتقين والصالحين، هذه هداية الله، هذا تدبير الله لأوليائه، بهذا طهر ذلك المجتمع الأولى، وساد وعز وكمل، ولما أعرضنا عن القرآن، وأدبرنا عنه، ونبذناه وراء ظهورنا، وقرأناه على موتانا، وحرمنا منه أحياءنا حصل الذي حصل من هذا الهم والغم والذل والهون والدون والكرب، أضف إلى ذلك ما عم البلاد من فسق وفجور وضلال وشرك وباطل؛ سببه إعراضنا عن هذه الهدايات الإلهية، أية أمة عندها هذا الكمال؟ وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ [النساء:32]، لحكمٍ عالية قد لا يتصورها: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا [النساء:32]، ما هو بالتمني والأحلام، وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ [النساء:32]، بالعمل، ما هو باللسان والتمني.وأخيراً: وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ [النساء:32]، بدل ما تشتغل بالحسد والهم والتفكر في أموال الناس وأعراضهم وحياتهم اسأل الله عز وجل وواصل الدعاء، اللهم إني أسألك من فضلك العظيم فإنه لا يملكه إلا أنت، هذه الدعوة مستجابة، وألح وكثر من الدعاء فإن الله يحب الملحين في الدعاء.ثم قال في هذا التعقيب أو التذييل: إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا [النساء:32].انتبه! لا تظن أن ما يجري في داخل قلبك من خواطر وهواجس وتمنيات أنها تخفى على الله، والله لا يخفى عليه شيء، فهو بكل شيء عليم، وعليم فوق العلم، فلهذا اسألوه من فضله، وطهروا قلوبكم من الحسد والتمني الباطل واللهو وما لا فائدة منه إلا الهم في النفس والكرب فيها، وجدوا واجتهدوا واطلبوا ما تريدون أن تحصلوا عليه من طريق بينه الله ووضع خططه وأسسه تحصلون على المال أو الزوجة أو الولد مثلاً. تفسير قوله تعالى: (ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون ...) يقول الله تعالى: وَلِكُلٍّ [النساء:33]، أي: ولكل منكم أيها الناس، ولكل من الرجال والنساء الذين يكسبون ويكتسبون لكل منهم، جَعَلْنَا مَوَالِيَ ، أي: ورثة، الموالي هنا الورثة الذين يرثونه، وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ [النساء:33]، أي: أقارب كأبناء العم والعمومة وما إلى ذلك مما ترك الوالدان والأقربون.هذه الآية تقرر مبدأ التوارث الذي تقدم في أول السورة. وَلِكُلٍّ [النساء:33]، أي: من الرجال والنساء، أو ولكل من الناس جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون، أي: ورثة مما تركه الوالدان وتركه الأقربون موالي يرثونه بعد موته، ومعنى هذا: أن الذي نطلبه من الدنيا ونكسبه سوف نتركه وراءنا وسوف نموت ويرثه ورثتنا، ما هو بدائم ولا باقٍ، اطلب الدنيا حسب البيان الإلهي.. اطلبها من أبوابها بدون تمنٍ ولا حسد، وإذا تجمعت الأموال عندك فاعلم أن الله عز وجل سوف يورثها مواليك. وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ [النساء:33]، الوالدان: الأم والأب، والأقربون: كل الأقارب كما تقدم في يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:11]، النسب والمصاهرة والولاء. وقوله: وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:33]، وفي قراءة سبعية: عاقدت ، كذلك، هنا شذ من رأى من أهل العلم أن المراد بهؤلاء هم الأزواج وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:33]؛ لأنه إذا عقد النكاح تصافحوا، أما الجمهور من ابن جرير والصحابة والتابعين على أن هذا فيمن يحالف بعضهم بعضاً؛ إذ كانوا في الجاهلية يتحالفون يقول الرجل للرجل: هيا نتعاقد دمي دمك ومالي مالك وحياتي حياتك، ويتحالفان على ذلك، ويرثه إذا مات، ويرثه الأول إذا مات، جاء الإسلام فأبطل عام الفتح هذا؛ فقال عليه الصلاة والسلام: ( لا حلف في الإسلام، وأيما حلف كان في الجاهلية لا يزيده الإسلام إلا شدة وقوة )، لأنهم يتحالفون على التعاون على دفع الضرر والأذى، وعلى المساعدة المالية، وعلى المساعدة العقلية، جماعة مع جماعة، واحد مع آخر، يتعاقدون على أن يكونا كرجل واحد، إذا مرض أحدهما مرض الثاني، فأقر الله عز وجل هذا وأبطل الإرث، فالتحالف إذا كان قبل الإسلام يبقى في الرفادة والنصرة والوصية والنصيحة لكن في باب الإرث أبطله الله بقوله: وَأُوْلُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ [الأحزاب:6]، في التوارث أصحاب الأرحام وهم الأقرباء من نساء ورجال أولى بالوراثة فيما بينهم، أما المعقود له عهد وحلف فلا حق له في الإرث، لكن يوصي له من كان حالفه بوصية دون الثلث لا تزيد على الثلث، ينصره النصرة باقية، يساعده متى طلب المساعدة المالية، أو العقلية، لكن فقط التوارث لم يبق بالحلف والمؤاخاة، والمؤاخاة هذه أحدثها الإسلام بين المهاجرين والأنصار في بداية نزول المهاجرين إلى المدينة فآخى النبي صلى الله عليه وسلم بين الأنصاري والمهاجر على أن يتوارثا، إذا مات أحدهما ورثه الآخر، هذا التوارث بالهجرة ونسخ أيضاً، ومن باب أولى أن ينسخ التوارث بالتعاقد والتحالف فتأملوا! وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ [النساء:33]، أي: ورثة، مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ [النساء:33]، نصيبهم ، قال ابن جرير : من الرفادة والنصرة والعون لا من الإرث؛ لأن الإرث نسخ بآية أخرى في سورة الأحزاب وفي سورة الأنفال.أما إذا قلنا: عقدت أيمانكم في الزواج؛ فالزوجة تقدم أنها ترث الربع أو ترث الثمن، والزوج كذلك، فلا حاجة إلى بيان إرثها الآن، والصواب: أن هذا كان فيما تعارف عليه العرب في الجاهلية لا دولة ولا سلطان ولا ولا، يحتاج الإنسان إلى أن يتآخى مع آخر سواءً مزني أو جهني ؛ للقرب للمناسبة للقرية أنت أخي وأنا أخاك، حياتي حياتك وموتي موتك، وهكذا، فلما جاء الإسلام وأصاب العدل والأمن والطهر والصفاء ما هنالك حاجة إلى التحالف، أليس ذلك؟ وما كان من تحالف الرسول يقول: ( لا يزيده الإسلام إلا شدة وقوة )، فقط قضية الإرث أظهر الله أهلها وأبرزهم، فلم يبق مجال لمن حالفت أن يرثك، إن شئت وصي له بدون الثلث وصية، أما أن يرث الإرث، فهذا الأمر انتهى بآية الأحزاب والأنفال. وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ [النساء:33]، ما معنى عقدت أيمانكم ؟ الأيمان: جمع يمين بالتحالف يده في يده ويعاهده، فالعقد هذا يتم بالمصافحة ووضع اليمين على اليمين والحلف أيضاً.ثم قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا [النساء:33]، هذه عندما تريدون أن تقسموا التركة أو تخرجوا الوصية اعلموا أن الله معكم، فلا حيف لا نقص ولا زيادة ولا تقديم ولا تأخير، اقسموا المال كما قسمه الله وإياكم أن تحلفوا أو تميلوا؛ فإن الله شهيد على ما تقسمون؛ لأن قسمة التركات قد تتطلع النفوس إلى الزيادة والنقصان فيها، وإلى إبعاد فلان وإدخال فلان، فكان الله العليم الحكيم يقول لهم: إِنَّ اللَّهَ كَانَ ، وما زال عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا [النساء:33]، حاضر يرى ويسمع؛ فإياكم أن تخفوا شيئاً أو تعطوا من لا يستحق العطاء.هذه التوجيهات أسألكم بالله لصالح من؟لصالح المؤمنين، عبيد الله وأولياؤه، هو الذي ينزل هذه الشرائع والأحكام من أجل إكمالنا وإسعادنا، ومع الأسف أعرضنا عن كتابنا.هيا نكرر هذا الشرح بتلاوته في الكتاب وتأملوا! يتبع
__________________
|
#455
|
||||
|
||||
رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
قراءة في كتاب أيسر التفاسير معنى الآيات يقول الشارح غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم:[ صح أو لم يصح ]، لماذا يقول: صح أو لم يصح؟ لأن المعنى صحيح وسليم، يبقى السند صح أو لم يصح غير مهم.[ صح أو لم يصح أن أمة أم سلمة رضي الله عنها قالت: (ليتنا كنا رجالاً فجاهدنا، وكان لنا مثل أجر الرجال؛ فإن الله سميع عليم].تمنت هذا، هو التمني، فنهانا الله عنه، وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ [النساء:32]، هذا مثال فقط.[ والذين يتمنون حسداً وغير حسد ما أكثرهم ومن هنا نهى الله تعالى في هذه الآية الكريمة عباده المؤمنين عن تمني ما فضل الله تعالى به بعضهم على بعض فأعطى هذا وحرم ذاك؛ لحكم اقتضت ذلك ]، فالله لا يعطي فلاناً ويمنع فلاناً لا لشيء، والله بل لحكمة من أعلى الحكم.قال: [ لحكم اقتضت ذلك. ومن أظهرها الابتلاء بالشكر والصبر ] يجب أن لا ننسى هذا! فلان غني يرفل في الحرير، لماذا هذا؟ عللوا! أراد الله تعالى أن يختبره أيشكره أم يكفره؟ كيف يبتلي الله عز وجل؟ بهذا النوع، فلان منذ أن ظهر وهو فقير لاصق بالأرض لا يملك شيئاً، من فعل به هذا؟ الله، لماذا؟ ابتلاه؛ من أجل أن يرى صبره أو جزعه فيثيب الصابرين والشاكرين ويحرم الكافرين والجازعين.مرة ثانية: إن رأيت سليم البنية صحيح الجسم والعقل ماذا تقول؟ مبتلى وإلا لا؟ بماذا ابتلاه؟ بهذا العقل وهذه الصحة وهذا كذا، لم ابتلاه بهذا؟ الله حكيم أم لا؟ابتلاه من أجل أن يرى شكره أو كفره؛ فإن شكر زاده ورفعه، وإن كفر نعمة الله سلبها منه وآذاه، آخر مبتلى بالمرض بالفقر بالغربة بكذا، ابتلاه مولاه لم؟ليصبر أو يضجر ويجزع ويسخط على الله عز وجل.إذاً: ما منا والله إلا مبتلى، أما قال: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ [الأنبياء:35]؟ أي نص أقوى من هذا؟ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ، أي: امتحاناً، وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ [الأنبياء:35]، فلم يبق إذاً من معنى أبداً للتمني والحسد، أتعترض على الله؟ طبيب يعالج مريضاً بالإبرة والدواء وأنت تنكر عليه هذا، أما تستحي؟ ما هو شأنك.قال: [ ومن أظهر تلك الحكم الابتلاء بالشكر والصبر، فقال تعالى: وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ [النساء:32]، أي: من علم أو مال أو صحة أو جاه أو سلطان ].تعرفون بعض إخوانكم إن لم نكن منهم يبغضون أهل الفضل، يحسدون إلى حد البغض، لا يرضون عنهم أبداً، ولا يفرحون بوجودهم. مرض نفسي!هذا هو الذي نهى الله عنه، هذا الغني زاده الله من أعطاه؟ أعطاه الله ربي وإلا لا؟ لماذا أعطاه وما أعطاني يبتليه؛ ليشكر أم يكفر.قال: [ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ [النساء:32] ، وأخبر تعالى أن سنته في الثواب والعقاب الكسب والعمل، فليعمل من أراد الأجر والمثوبة بموجبات ذلك من الإيمان والعمل الصالح، ولا يتمنى ذلك تمنياً، وليكف عن الشرك والمعاصي من خاف العذاب والحرمان، ولا يتمنى النجاة تمنياً، كما على من أراد المال والجاه فليعمل له بسننه المنوطة به، ولا يتمنى فقط فإن التمني كما قيل: بضائع النوكى ]. التمني بضائع النوكى، البضائع: جمع بضاعة، سلعة، والنوكى: جمع أنوك، أحمق، التمني: سلعة الحمقى، فيه شيء؟ [ التمني بضائع النوكى أي: الحمقى، فلذا قال تعالى: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا [النساء:32] ].ما قال: نصيب مما أعطيناهم.[ مما اكتسبوا. وَلِلنِّسَاءِ أيضاً: نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ [النساء:32]، فرد القضية إلى سنته فيها، وهي كسب الإنسان؛ كقوله تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه [الزلزلة:7-8].ثم بيّن تعالى سنة أخرى في الحصول على المرغوب: وهي دعاء الله تعالى فقال: وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا [النساء:32]، فمن سأل ربه وألح عليه موقناً بالإجابة أعطاه، فيوفقه للإتيان بالأسباب، ويصرف عنه الموانع، ويعطيه بغير سبب إن شاء، وهو على كل شيء قدير، بل ومن الأسباب المشروعة الدعاء والإخلاص فيه ].من الأسباب المشروعة للحصول على المطلوب والمرغوب: الدعاء مع الرجاء المتواصل، والاعتقاد بالاستجابة ومواصلة الدعاء، ما تدعو سنة وتقف، أو شهراً وتنتهي تقول: ما حصل لنا من هذا شيء، ( إن الله يستجيب لأحدكم ما لم يعجل )، يقول: آه دعوت وما استجاب لي، ( إن الله يستجيب لأحدكم ما لم يعجل ).قال: [ هذا ما تضمنته الآية الأولى.أما الآية الثانية وهي الثالثة والثلاثون، فإن الله تعالى يخبر مقرراً حكماً شرعياً قد تقدم في السياق: وهو أن لكل من الرجال والنساء ورثة يرثونه إذا مات، فقال: وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ [النساء:33] أي: أقارب يرثونه إذا مات؛ وذلك من النساء والرجال، أما الذين هم موالي بالحلف أو الإخاء والهجرة فقط، أي: ليسوا من أولي الأرحام فالواجب إعطاؤهم نصيبهم من النصرة والرفادة، وهي العون والمساعدة، والوصية لهم بشيء؛ إذ لا حظ لهم في الإرث، لقوله تعالى: وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ [الأنفال:75] ].هذه الناسخة للتوارث بالهجرة، بالمؤاخاة، بالحلف، قضت عليها، كان ذلك في الجاهلية كما قدمنا، ما في دولة، ما في سلطان، ما في أمن، الناس يحتاجون إلى بعضهم البعض، هذا يؤاخي هذا، هذا يحالف هذا؛ ليحصل له أمن، فلما جاء الإسلام وقامت دولته لم يعد ثمة حاجة إلى هذا، المؤمنون إخوة: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2]، ما في حاجة إلى حلف أو مؤاخاة.قال: [ ولما كان توزيع المال وقسمته تتشوق له النفوس، وقد يقع فيه حيف أو ظلم، أخبر تعالى أنه على كل شيء شهيد، فلا يخفى عليه من أمر الناس شيء، ألا فليتق ولا يُعصى ].لو أن العبد ما ينسى أن الله معه ينظر إليه على أي حال، والله ما يستطيع أن يعصيه، فلا يعص عبد الله ربه إلا إذا نسي، إلا إذا غفل، ظن أنه وحده، مع أن الله يقول: مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى [المجادلة:7] أي: أقل من ذلك أدنى من ثلاثة أو أكثر إلى ما لا حد له، هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا [المجادلة:7]، وليس هذا معنى الحلولية، هذا معنى: أن العوالم كلها في قبضة الله، إذا كان يطوي السماوات السبع بيمينه، والأرض بكل ما فيها في يمينه، أين البعد؟ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [الزمر:67].[ فقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا [النساء:33] ]. والشهيد: أعظم من الشاهد، حاضر وعالم، قد يكون شاهداً ولا يفهم شيئاً.الشهيد الحاضر العليم [ لا يخفى عليه من أمركم شيء، فاتقوه بطاعته وطاعة رسوله ]، ولا تعصوه.يا عباد الله! الذين آثرهم بهذا الشرع، وفضلهم على البشرية بهذا النور، يعنينا نحن.أقرأ الآيتين ثم نذكر الهدايات الإلهية فيها وتفكروا، قال تعالى: وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا * وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا [النساء:32-33]. فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ [النساء:33] ذكرت لكم هذا النصيب، في الإرث لا إرث، ما أنواع النصيب؟ الرفادة، العطية، النصرة، البيان، الهداية، أعطوهم ما يستحقون، الوصية، أوص لأخيك بشيء بعد موتك يأخذه دون الثلث، إذ لا تصح الوصية أكثر من الثلث أبداً: وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا [النساء:33]. هداية الآيات قال: [ هداية الآيتين ].كل آية تحمل هداية أو لا؟ تهدي إلى أي شيء؟ إلى الكمال والإسعاد، تهدي إلى من؟ إلى دار فلان، أو إلى سوق الخضرة؟ لا. بل تهدي إلى ما يسعد الإنسان ويكمله.قال: [ من هداية الآيتين:أولاً: قبح التمني وترك العمل ].قبيح هذا أو حسن؟ يترك العمل ويتمنى، هذا إنسان هذا؟! يجب أن يعمل ويبذل طاقته في الكسب، وهو يدعو الله أن يعطيه ما يطلبه ويسأله من فضله، أما أن يقعد عن العمل ويتمنى، فهذا ما أراده الله لنا، بل حرمه الله علينا: وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ [النساء:32].[ ثانياً: حرمة الحسد ].الحسد معروف أو لا؟ تمني زوال النعمة من فلان، إن كنت تتمناها تزول عنه لتحصل لك فهذا حسد قبيح، وأقبح منه: أن تتمنى زوال النعمة ولو لم تحصل لك، المهم: أن لا نرى فلان سعيداً، هذا أقبح أنواع الحسد، وكلاهما حرام من كبائر الذنوب؛ لأنه اعتراض على الله في تدبيره لخلقه.[ ثالثاً: فضل الدعاء، وأنه من الأسباب التي يحصل بها المراد ].أي دعاء هذا؟ دعاء الله عز وجل، ما معنى دعاء الله؟ يا رب.. يا رب.. يا ربّ اغفر لي ذنبي وارحمني، الدعاء: النداء، هل يدعو داع بدون ما ينادي ربه؟أولاً: يا ربّ.. اللهم، والأفضل أن تناديه ثلاث مرات، ولهذا ورد: (من قال: يا ربّ يا ربّ يا ربّ قيل له: أسمعت: اسأل)، وأخرى: (يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين، اسأل يا عبد الله تعطى).والدعاء هو العبادة، ولا يحرمه إلا كافر.قال: [ فضل الدعاء وأنه من الأسباب التي يحصل بها المراد ].من أين أخذنا هذا؟ من قوله: وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا [النساء:32]، عالم بالمحتاج والمريض والفقير والغني، وكل الخلق بين يديه، لو كان ما يدري محنة؟ تدعوه وهو ما يعرف، أو ما يعلم، كيف يعطيك؟قال: [ رابعاً: تقرير مبدأ التوارث في الإسلام ].ما معنى التوارث في الإسلام؟ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ [النساء:11-12] الآية.هذه الكلالة، الكلالة: أن يموت المرء ولم يترك أباً ولا ابناً، ولا جداً ولا ابن ابن، يرثه الحواشي فقط، هي كلالة، كللوه كالإكليل على الرأس، الرجل يرث كلالة بمعنى: أنه ما عنده أب يرثه ولا جد، ولا ابن ولا ابن ابن، هؤلاء ما هم موجودين، من يرثه؟ إخوانه، أعمامه، أبناء إخوانه.. هكذا.الكلالة: مأخوذة من الإكليل الذي يحيط بالرأس، فقد يموت الرجل ولا يترك أباً ولا جداً ولا ابناً ولا ابن ابن، ويترك إخوة لأبيه وإخوة لأمه؛ فإن ترك إخوة لأمه، إذا كان واحداً له السدس، وإذا كان أكثر من واحد لهما الثلث فقط، والباقي للعصبة.وإن كانوا إخوة رجالاً ونساءً، ذكوراً وإناثاً: فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:176]، كآية آخر سورة النساء: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [النساء:176].قال: [ رابعاً: تقرير مبدأ التوارث في الإسلام ].من أين أخذناه من الآية هذه؟ من قوله: وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ [النساء:33] ورثة، وأقارب.[ خامساً: من عاقد أحداً على حلف، أو آخى أحداً، وجب عليه أن يعطيه حق النصرة والمساعدة، وله أن يوصي له بشيء دون الثلث ]، أي: أقل من الثلث.[ أما الإرث فلا حق له، لنسخ ذلك ] بآية الأحزاب، والأنفال.[ سادساً: وجوب مراقبة الله تعالى؛ لأنه بكل شيء عليم، وهو بكل شيء شهيد ].ما معنى مراقبة الله تعالى؟ إذا أردت أن تأكل تستحضر أنك بين يدي الله، وتعرف كيف تأكل، أو ما تستحي من الله؟!تقول: بسم الله، لولا اسم الله ما تأكل، ثم تأكل بيمينك، ثم تأكل مما يليك، تأكل ولا تتخم بكثرة الأكل، كذا أو لا؟أردت أن تركب سيارتك، راقب ربك، من أوقف هذه السيارة؟ قل: بسم الله، والحمد لله، الحمد لله الذي وهبنيها، وسخرها لي، وواصل حمد الله.في أي مكان مررت فرأيت رجلاً صالحاً جميلاً كذا، تقول: سبحان الله! الحمد لله، يخلق الله ما يشاء، يهب لمن يشاء.. وهكذا، حياتنا كلها ذكر مع الله، ومن نسي الله هبط، ارتكب كل المعاصي والذنوب، لا ينجو إلا من يراقب الله.وصل اللهم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
__________________
|
#456
|
||||
|
||||
رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
|