الإشاعة أخطبوط مسرحها العقول الجاهلة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         سألت زوجَها طلاقًا في غيرِ ما بأسٍ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          النبأ العظيم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          هل قول الصحابي حجة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          من صلاة الفجر نبدأ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          بك نستعين يا الله.. (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الجهاد في سبيل الله وعوامل النصر على الأعداء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          أحب الناس إلى الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          شرح النووي لحديث: لا تكونن إن استطعت أول من يدخل السوق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          حديث من دلائل النبوة:يوشك رجل شبعان متكئا علي أريكته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          أهمية الدعاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-05-2024, 07:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,272
الدولة : Egypt
افتراضي الإشاعة أخطبوط مسرحها العقول الجاهلة

الإشاعة أخطبوط مسرحها العقول الجاهلة [*]

د. أحمد بن حمد البوعلي



الخطبة الأولى
بسم الله، والحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن من الظواهر السيئة التي انتشرت في المجتمعات ظاهرةَ نشرِ الإشاعات والترويج لها، واختلاق المعلومات الكاذبة، التي نهى الإسلام عنها أشدَّ النهي، وما ذلك إلا لعِظَمِ قبح الإشاعة، وكثرة أخطارها، وشدة أضرارها على الفرد والمجتمع، وقد حذَّر الإسلام من خطر نقل الأخبار الكاذبة، وبثِّ الإشاعات العارية من الصدق، وآثارها السيئة على أمن الأُمَّة وسلامتها، وطالَبَ الشارع ناقلَ الخبر بالتثبُّتِ، والابتعاد عن الارتجال، والأمانة في النقل.


معاشر المؤمنين: لقد نهى الإسلام أتباعَه أن يطلقوا الكلام على عواهنه، ويُلغوا عقولهم عند كل شائعة، وتفكيرهم عند كل ذائعة، أو ينساقوا وراء كل ناعق، وجاء الزَّجْرُ الشديد من الشارع بسوء المصير والمآب لكل مشَّاءٍ بالبُهت، مُفْتَرٍ كذَّاب: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 58]، ﴿ وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ﴾ [القلم: 10، 11].

والمتأمِّل في الكتاب والسُّنَّة، وفي التاريخ بشكل عام يعلم يقينًا ما للشائعات من خطر عظيم، وأثر بليغ، فالشائعات تعتبر من أخطر الأسلحة الفتَّاكة والمدمِّرة للمجتمعات والأشخاص، وكم أقلقت الإشاعة من أبرياء، وحطمت عظماء، وأشعلت نار الفتنة بين الأصفياء، وهدمت وشائج، وتسببت في جرائم، وفكَّكت من علاقات وصداقات، وحطمت من حضارات! وكم هزمت من جيوش، وأخَّرت من سير أقوام!


فهي من أشد الرماح المسمومة الهاتكة لحِمى وحدة الأمة، ولم يسلم منها أهل الصلاح ذوو الأفهام، بل ولا حتى الأنبياء والرسل الكرام.

فهذا نوح عليه السلام اتُّهِم بإشاعة من قومه بأنه يريد أن يتفضَّل عليهم؛ أي: يتزعم ويتأمَّر، ثم يُشاع عنه أنه ضالٌّ: ﴿ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ [الأعراف: 60]، وكذلك اتُّهم بالجنون: ﴿ وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ [القمر: 9].


وهذا نبي الله هود عليه السلام يُشاع عنه الطَّيشُ والخِفَّة؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾ [الأعراف: 66].

ثم هذا موسى عليه السلام يحمل دعوة ربِّه، فيُشاع عنه: ﴿ قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ﴾ [الأعراف: 109، 110].


فهذا المسيح عليه السلام تشكِّك الشائعات المغرضة فيه وفي أمِّه الصِّدِّيقة: ﴿ يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ﴾ [مريم: 28].


والكريم ابن الكريم ابن الكريم، يوسف بن يعقوب بن إبراهيم أنموذج من نماذج الطُّهر والنقاء ضد الشائعات المغرضة التي تَمَسُّ العِرض والشرف: ﴿ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ﴾ [يوسف: 24]، وأما رسول الهدى محمد صلى الله عليه وسلم، فقد رُمِيَت دعوته المباركة بالشائعات منذ بزوغها؛ فرُمِيَ بالسِّحر والجنون، والكذب والكَهانة، وتفنَّن الكفَّار والمنافقون في صُنْعِ الأراجيف الكاذبة، والاتهامات الباطلة ضد دعوته، بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.


ولعل من أشهرها حادثةَ الإفك الشهيرة، تلك الحادثة التي كشفت عن شناعة الشائعات، وهي تتناول بيت النبوة الطاهر، وتتعرض لعِرْضِ أكرم الخلق على الله، وعِرْض الصِّدِّيقة بنت الصِّدِّيق رضي الله عنها وعن أبيها، التي نزلت براءتها من فوق سبع سماوات؛ وجاء معه العتاب: ﴿ لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ ﴾ [النور: 12].


وأُشِيع بين الناس أن كفَّار قريش أسلموا، وذلك بعد الهجرة الأولى إلى الحبشة، فكان من نتيجتها أنْ رَجَعَ عدد من المسلمين إلى مكةَ، وقبل دخولهم علِموا أن الخبر كاذب.


فدخل منهم من دخل، وعاد إلى الحبشة من عاد، فأما الذين دخلوا فأصاب بعضهم من عذاب قريش ما كان هو فارًّا منه، فلله الأمر سبحانه وتعالى.


وفي معركة أُحُدٍ، عندما أشاع الكافرون أن الرسول صلى الله عليه وسلم قُتِلَ، فتَّ ذلك في عَضُدِ كثيرٍ من المسلمين، حتى إن بعضهم ألقى السلاح، وترك القتال، واستَحْسَر.


وفي زمن عثمان أشاع عنه أعداء الإسلام إشاعاتٍ تتهمه بالظلم والأثَرَة، والخروج عن هَدْيِ النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر وعمر، فحقد عليه مَن حَقَدَ، وتظاهروا عليه في المدينة، وحاصروه في داره، ثم قتلوه، رحمه الله ورضِيَ عنه.


كما أنه قامت حروب بين بعض الصحابة الكرام؛ كمعركة (الجمل) و(صفين)، وخرجت على إثرها الخوارج، وترتَّب عليها ظهور المرجئة والقدرية الأولى، ثم انتشرت البدع بكثرة، وظهرت فتن وبدع وقلاقلُ كثيرة، ما تزال الأُمَّة المسلمة تعاني من آثارها ونتائجها إلى اليوم.

يا هاتكًا حُرمَ الرجال وقاطعًا
سُبُلَ المودة عِشتَ غيرَ مُكرَّمِ
لو كنت حرًّا من سلالة ماجد
ما كنت هتَّاكًا لحُرمة مسلمِ


وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((كلُّ المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعِرْضُه))؛ [أخرجه البخاري، ومسلم][1]، وقال: ((يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتِهم؛ فإنه من تتبَّع عورة أخيه المؤمن تتبَّع الله عورته، ومن تتبَّع الله عورته، يَفْضَحْهُ ولو في جوف بيته))؛ [أخرجه أحمد وأبو داود][2].


وقال الإمام أحمد رحمه الله: "ما تكلم أحد في الناس إلا سقط وذهب حديثه"[3].


وقال الإمام أحمد بن الأذرعي:"الوقيعة في أهل العلم – ولا سيما أكابرهم - من كبائر الذنوب"[4].


قال ابن المبارك: "من استخفَّ بالعلماء، ذهبت آخرته، ومن استخف بالأمراء، ذهبت دنياه، ومن استخف بالإخوان، ذهبت مروءته"[5].

الخطبة الثانية
أيها الناس:
أُشِيع خبر بين أوساط أهل المدينة أن النبي صلى الله عليه وسلم طلَّق نساءه، فسمِع الفاروق رضي الله تعالى عنه تلك المقالة، فجاء من منزله حتى دخل المسجد، فوجد الناس يقولون ذلك، فلم يصبر حتى استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم، فاستفهمه: ((أطلَّقتَ نساءك؟ فقال: لا، فقام عمر على باب المسجد فنادى بأعلى صوته: لَمْ يطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه))، فنزلت هذه الآية: ﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾ [النساء: 83].

أيها المؤمنون: إن الكلمة لها أثرها ومفعولها، إذا ما صدرت عبر أي وسيلة من الوسائل، إن الأراجيف والشائعات إنما تستهدف التآلُف والتكاتُف، وتسعى إلى إثارة النَّعرات والأحقاد، ونشر الظنون السيئة، وترويج السلبيات، وتضخيم الأخطاء.


إن مِنَ الناس مَن يعملون ليلَ نهارَ على الحطِّ من الأقدار، والنَّيل من الكفاءات، وتشويه صورة الأخيار، يتحركون كالخفافيش في الظلام، ويعملون خلف الكواليس، ليس لأحدهم اسمٌ منصوص، أو وجه كباقي الشخوص، بل يتنكرون كاللصوص وراء أسماء مستعارة، وشعارات برَّاقة، وهي في حقيقتها غدَّارة ختَّارة، حسدًا من عند أنفسهم، من بعد ما تبين لهم الحق، وما علم هؤلاء أنهم ينشرون فضائلَ محسوديهم، ويرفعون ذِكْرَهم.


فيا أيها المتهوِّكون في سِيَرِ العباد ونياتهم، تجافَوا عن تلك المساخط والسَّوءات، وكفُّوا عن تتبُّع العيوب والعورات؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((طوبى لمن شغله عيبُه عن عيوب الناس))؛ [أخرجه الطبراني والبيهقي][6].


وأعظم الإشاعات جُرْمًا - أيها المؤمنون - ما كان فيه انتهاك لحرمة مسلم، أو تسبَّب في ترويعه وعدم استقراره، أو بثِّ لأخباره الخاصة وأسراره، أو استهداف مباشر لشخصه، فكل هذا إجرام كبير.


ورسالتي أيضًا عن الشائعات هنا ليست مع العدوِّ الحاقد، ولا مع العميل المأجور، ولكنه خطاب مع هذا المسلم الغافل حَسَنِ الطَّوِيَّة، صالح النية، المخلص لأمته ودياره، الذي لا يدرك ما وراء الشائعة، ولا يسبُر الأبعاد التي ترمي إليها تلك الأراجيف.


إن على هؤلاء أن يتصفوا بالوعي الشديد، والحصافة في الفهم، وسلوك مسالك المؤمنين الخُلَّص في اتخاذ الموقف الحق من الشائعات: ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ *فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾ [آل عمران: 173، 174].

موقف المؤمن الصحيح من هذه الإشاعات:
اتباع المنهج الإسلامي الذي يدعو إلى الوعي واليقظة، وإدراك أضرار هذه الإشاعات؛ يقول تعالى: ﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾ [النساء: 83].

وتأملوا - عباد الله - هذا التطبيق العملي لهذا التوجيه الكريم من أبي أيوب الأنصاري وزوجه رضي الله عنهما، وقد خاض الناس في حديث الإفك، فماذا كان شأنهما في تلك الشائعة؟ قالت أم أيوب: "يا أبا أيوب، أمَا تسمع ما يقول الناس في عائشة؟! قال: نعم، وذلك الكذب، أكنتِ فاعلةً ذلك يا أم أيوب؟ قالت: لا والله، ما كنت لأفعله، قال: فعائشةُ – والله - خير منكِ وأطيب، إنما هذا كذب وإفك باطل".


نعم، إنه إحسان الظن بالمسلمين، وهو الطريق الصحيح الأقرب والأيسر، والأسلم والأصدق.

عباد الله: إن نشر الأخبار الكاذبة وإذاعتها مما جاء فيه الوعيد الشديد؛ فإن الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ [الحجرات: 6]، ويقول: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18].


وقال جل اسمه: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36].


وثبت عنه صلى الله عليه وسلم كما في البخاري أن عقوبة من يكذب الكذبة فتنتشر في الآفاق، بأنه يُشَرْشَرُ شِدْقُه إلى قَفَاه، ومَنْخِرَه إلى قفاه، وعينه إلى قفاه؛ [أخرجه البخاري][7].


وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كفى بالمرء كذبًا أن يحدِّث بكل ما سمع))[8].

ويقول صلى الله عليه وسلم: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فَلْيَقُلْ خيرًا أو ليصمت))[9].


وأخرج الشيخان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إياكم والظنَّ؛ فإن الظن أكذب الحديث))[10].


أيها الناس:
يجب الحفاظ على النسيج الاجتماعي، ومنظومة تآلفها المتألقة، خاصة من يتعامل مع الإعلام الجديد، وشكرًا لدولتنا حين سنَّت الأنظمة الحازمة لردعِ كلِّ مَن تُسَوِّل له نفسه السير في هذا الطريق المشين، وإيذاء المسلمين، وعباد الله الصالحين، والله وليُّ المؤمنين، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وحسيب الكاذبين، وطليب المفترين.


أيها المؤمنون:
بين الفينة والأخرى تتعرض بلادنا إلى هجمة إعلاميةكبيرة منظمة وشرسة، لهو أقرب مثال على حديثنا اليوم؛ حيث تتكالب وسائل الإعلام الإقليمية والعالمية بشتى أنواعها، واختلاف توجهاتها ومناهجها، وبشكل لافت، إنها مؤامرة على بلادنا لتفكيكها، ولزرع الفرقة بين أهلها، إنها مؤامرة محبوكة، ومكيدة مدبَّرة، وخطة مقصودة.


إن الواجب علينا في مثل هذه الظروف أن نقف صفًّا واحدًا، وأن نحذر الإعلام المغرِض، ونكون واعين ومدركين لِما يُراد لبلادنا، وألَّا نكون أبواقًا تردد ما يقوله المغرضون، ولا نبتلع السموم التي يلقيها الحاقدون، إن الذي يتعين علينا هو اعتماد أخبار الثِّقات العدول، والبعد عن السماع من المجاهيل والمتسرعين، ومن عُرِفَ بكثرة نقل الأخبار من غير تثبُّت، ومن عرف كذلك بالمبالغة في التفسيرات والتحليلات، وأن نتوجه إلى ربنا بالدعاء أن يحفظ ديننا، وأن يتم أمننا، وأن يصلح ولاة أمرنا.


أسأل الله تعالى أن يكفينا شر كل ذي شر، وأن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كيد الحاسدين، من أعداء الملة والدين.


اللهم احفظ أمننا، واحرس بلادنا، واكفنا شر الأشرار وكيد الفجار، واحمنا من طوارق الليل والنهار، يا قوي يا جبار.


اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم من أراد بلادنا وبلاد المسلمين بسوء، فأشغله بنفسه، وردَّ كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميرًا يا سميع الدعاء.


وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

[*] خطبة العيد ١/ شوال/ ١٤٤٥هـ الموافق ١٠/ ٤/ ٢٠٢٤م، جامع الشيخ علي بن عبدالله آل ثاني رحمه الله تعالى - الأحساء – الهفوف - حي المزروع.
[1] أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة (6064)، ومسلم من حديث أبي هريرة (2564).

[2] أخرجه أحمد من حديث أبي برزة الأسلمي (19776)، وأبو داود من حديث أبي برزة الأسلمي (4880).

[3] أخرجه ابن المبرد الحنبلي في كتابه "بحر الدم فيمن تكلم فيه الإمام أحمد بمدح أو ذم" (1/ 8).

[4] الرد الوافر لابن ناصر الدين الدمشقي (ص: 197).

[5] سير أعلام النبلاء للذهبي (8/ 408).

[6] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير من حديث أنس بن مالك (ج5، ص: 61)، والبيهقي في شعب الإيمان من حديث أنس بن مالك (ج6، ص: 355).

[7] أخرجه البخاري من حديث سمرة بن جندب (1386).

[8] أخرجه مسلم في مقدمة الصحيح من حديث أبي هريرة (ص8، رقم: 5).

[9] أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة (6018)، ومسلم من حديث أبي هريرة (47).

[10] أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة (5143)، ومسلم من حديث أبي هريرة (2563).





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 61.42 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 59.89 كيلو بايت... تم توفير 1.53 كيلو بايت...بمعدل (2.49%)]