لماذا يبتعد المدعو عن الداعية في الدعوة الفردية ؟ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         وما أدراك ما ناشئة الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          كف الأذى عن المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          انشراح الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          فضل آية الكرسي وتفسيرها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          المسارعة في الخيرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          أمة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          الصحبة وآدابها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          البلاغة والفصاحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          مختارات من كتاب " الكامل في التاريخ " لابن الأثير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          ماذا لو حضرت الأخلاق؟ وماذا لو غابت ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-02-2020, 12:22 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي لماذا يبتعد المدعو عن الداعية في الدعوة الفردية ؟

لماذا يبتعد المدعو عن الداعية في الدعوة الفردية ؟


حسن عبدالحي






كلُّ ممارسٍ للدعوةِ الفرديَّة يَلحَظ أحيانًا ابتِعادَ أو انقِطاعَ المدعوِّ عن الدَّاعِي وعن دعوته، ويَزدادُ هذا الابتِعادُ عن الداعية أو المربِّي في الدعوة الفرديَّة الخاصَّة، والمعنيُّ بالدعوة الفردية الخاصة الدعوةُ ذات الطابع التربوي، والتي تَعمَل على الارتِقاء بالفرد نحو شموليَّة الإسلام.

فإذا ترك المدعوُّ أو المربَّى حبلَ نجاته، وهو مُوجِّهه ومُرَبِّيه من العُلَماء والدُّعَاة وطُلاَّب العلم المؤهَّلين، كان هذا نذيرَ شرٍّ ينبئنا في النهاية بخطأٍ في العمليَّة الدعويَّة أو التربية، هذا الخطأ يتحمَّل مسؤوليتَه في المقام الأوَّل الداعيةُ والمربِّي؛ لأنَّ الداعية أو المربِّي هو المطالَب وحدَه بسلوك المسلك الصحيح مع المدعوِّ، كما هو المُطالَب كذلك بتَقوِيم أسباب بُعدِه عن الدعوة، إذا كان الخلل في المدعوِّ أو من عنده.

ومن هنا يتَّضِح جليًّا أثرُ الداعية أو المربِّي في أزمة تفلُّت المدعوِّ والمربَّى عن الدعوة وصاحبها، وهذا بطبيعة الأمر يَقودُنا للوقوف على أسباب هذه الآفة؛ آفة انقِطاع المدعوِّ عن الداعية أو عن الدعوة ككلٍّ.

والدعوة الفرديَّة قائمة على ركنَيْن أساسَيْن: الداعية، والمدعو، والخطأ المُتسبِّب في بُعدِ أو نُفُور المدعوِّ من الداعية عائدٌ لخلل في طرف من الاثنين، وسأتناوَل الأسباب المتعلِّقة بالداعية، ثم الأسباب المتعلِّقة بالمدعوِّ.

السبب الأول: سوء أو عدم فَهْمِ الداعية لشخص المدعوِّ ونفسيَّته:
بحيث لا يلحظ الداعية أو المربِّي الوسائل المناسِبة في التعامُل مع المدعوِّ أو المربَّى، أو في نصيحته وإرشاده؛ ممَّا يترتَّب عليه نفور المدعوِّ وانقِطاعه عن الداعية أو الدعوة القائم عليها.

ونفوس المدعوِّين تختَلِف؛ فتختَلِف وسائل نصحهم وتقويمهم، وما ينفع زيدًا لا ينفع عمرًا، والناظر في سنَّة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يجد اختِلافًا بيِّنًا في شكل ووسائل تربية أصحابه ونصحهم؛ وذلك لاختِلاف مراتبهم في القرب والبعد منه - صلَّى الله عليه وسلَّم - واختِلاف أحوالهم الإيمانيَّة، واختِلاف مَدارِكهم وشخصيَّاتهم.

وعادة المدعوّ إذا ابتَعَد عن الداعية بسبب سوء احتِواء وتوجيه الداعية له، أنَّه يترك الدعوة جملةً، أو يبتَعِد عن الداعية لشعوره بخطأ مُوَجِّهه ومُرَبِّيه، وقد ينقَلِب عليه ويُشَنِّع على دعوته!

السبب الثاني: ظهور فساد بعض أحوال الداعية للمدعوِّ:
وهذا من أعظم أسباب هجر المدعوِّ للداعية، وإن كان يُفِيده علمًا وتَوجِيهًا، إلاَّ أنَّه في الحقيقة يَصعُب على المدعوِّ - في بدايةِ الْتزامه بالأخصِّ - الجمعُ بين قول شخصٍ يُخالِفه فعله، وتوجيه مُرَبٍّ يَنقُضه بمخالفته في نفسه.

وعين المدعوِّ عادَةً تَرقُب تصرُّفات الشيخ والمربِّي أكثرَ ممَّا تَعِي أذنه من توجيهاته وأقواله؛ ولهذا كان للاقتِداء في العمليَّة التربويَّة مفعولٌ سحريٌّ، سواء بالإيجاب أو السلب.

وما زلتُ أذكر أخًا كان يُوَجِّهني في بداية التِزامي، ومع مرور الوقت علمتُ منه عن طريق الخطأ أنَّه يدخِّن السجائر! فلم يمكنني بعدَها الثقة فيه أو تلقِّي النصح منه، وهذا بغضِّ النظر عن صحَّة الموقف من عدمه، فالشاهد أن المدعوَّ لا يرى في هذا إلا تناقضًا مرفوضًا.

السبب الثالث: القرب الشديد للمدعوِّ من الداعية والإكثار عليه في النصح:
فهذا يخلق عند المدعوِّ نوعًا من الزهد، ونوعًا من الملل، ويتحوَّل هذا الزهد فيما بعدُ لتركٍ وابتِعاد كامل، وكان عبدالله بن مسعود يُذَكِّر الناس في كلِّ خميس، فقال له رجل: يا أبا عبدالرحمن، لوددت أنَّك ذكَّرتنا كلَّ يوم، قال: أمَا إنَّه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملَّكم، وإني أتخوَّلكم بالموعظة كما كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يتخوَّلنا بها؛ مخافَة السآمَة علينا؛ أخرجه البخاري ومسلم.

والقُرْبُ الشديد للمدعوِّ من الداعية والموجِّه، فيه إهدارٌ لهيبة الداعية الواجبَة، وفيه أيضًا تعلِيق المدعوِّ بشخص الداعية نفسه لا بما يحمِله من منهج، وكذلك القُرْبُ الشديد من الداعية يُتِيح للمدعوِّ الاطِّلاع الزائد على حياة الداعيَة، وما يتخلَّلها من هفوات تُحسَب على الدعوة ذاتها.

السبب الرابع: حظوظ نفس الداعية في تربية أو توجيه المدعوِّ:
عندما يكون للداعية أو المربِّي حظوظ نفس في العمليَّة الدعويَّة والتربويَّة، فإنَّه عادةً يفسد ما بينه وبين المدعوِّ والمربَّى مع الوقت؛ وذلك أنَّ مسألة الانقِياد لبشرٍ - مهما كانت منزلته ومكانته - صعبةٌ على النفس البشرية جدًّا، وإنما تتحمَّلها نفس المدعو لما يرى في حقيقتها من انقِياد للشرع، فإذا اختَلطَتْ بحظوظ نفس بشرية ربَّما ترك المدعوُّ عمليَّة التربية والدعوة كلَّها، بما فيها مصلحته الشرعيَّة من ملازمة الداعية والمربِّي؛ تجنُّبًا لهذه الحظوظ الثقيلة عليه.

وحظوظ نفس الداعية أو المربِّي كثيرة ومُتفاوِتة؛ فقد تكون في حبِّ التعظيم الزائد، وقد تكون في حبِّ الخدمة، وقد تكون في شدّته بغير مُسَوِّغ، وقد تكون فيما هو أغلظ من ذلك؛ كحبِّ تملُّكه للمدعوِّ والمربَّى بحيث لا يصدر إلا عن رأيِه فحسب في أمور حياته.

على أنَّ الفارِق بين حظوظ نفس الداعية وبين كثيرٍ من وسائل التوجيه الصحيحة، فارِقٌ دقيقٌ جِدًّا، ولكنَّه يَظهَر في المحكَّات، وعند الاختِلافات، ومُحاسَبة النفس، وبصيرة الداعية أو المدعوِّ.

السبب الخامس: تفلُّت المدعو والمربَّى من التقيُّد بالالتزام والمسؤولية:
كثيرًا ما يُصادِف الدُّعاة مدعوِّين يَثقُل عليهم التقيُّد بالأوامر والنواهي، والنصائح الشرعية، والبرامج الدعوية والتربوية، فإذا لم يَتدارَك الداعية أو المربِّي حال هذا المدعوِّ وسعَى لتقويم هذه الآفَة، تفلَّت المدعوُّ مع الوقت عن المتابَعة الدعويَّة والتربويَّة للداعي والمربِّي له.

فنحن إذًا أمامَ مُشكِلة ذات جذور نفسيَّة أو تربويَّة، ينتج عنها التفلُّت وكراهية التقيُّد بالمنهج وبالبرنامج الدعوي والتربوي، وواجِب الداعية والمربِّي بجانِب تقويم هذه الآفَة مُراعاةُ هذه النفسيَّات، من حيث ترك الإثقال عليها في التوجيه والنُّصح.

السبب السادس: ربط المدعوِّ بين سوء بعض حاله الديني وبين ترك ملازمة الداعية:
يظنُّ كثيرٌ من المدعوِّين أنَّ العلاقة بينهم وبين مَن يُتابِعهم أو يُوَجِّههم مُعَلَّقة على حالهم، فإن كان حال المدعوِّ جيدًا من حيث التِزام المنهج المُحدَّد له، تابَعَ مع مُربِّيه ومُوَجِّهه، وإن كان غير ذلك ترك المتابعة معه؛ لأنَّه يرى في نفسه التقصير والتفريط!

وأصل هذا الخطأ الكبير مُتَولَّد من أزمة الاستِقلاليَّة في التفكير واتِّخاذ القرار دُون الرُّجوع إلى أهله من أصحاب المعرفة والذكر، وأزمةُ الاستِقلاليَّة هذه يَنبَعِث منها أخطاء كثيرة في جانِب التصوُّرات وجانِب السلوك عند المدعوِّ والمربَّى، ما لم تعالج.

وعلى الداعية أو المربِّي ترسيخ واجِب الرُّجوع والمُشاوَرة لأهل الخبرة والدِّراية، كما عليه توضيح ما عليه عمله مع المدعوِّ، وعليه تقويمه ونصحه، وخطُّ مَعالِم الطريق له، سواء وُفِّق للهداية أو تعثَّر في بعض الطريق، ثم غايته ليست هداية المدعوِّ بقدر القِيام بواجب التبليغ والنصح، ومعرفة المدعوِّ كل هذا تُغَيِّر عنده هذا التصوُّر السطحي.

السبب السابع: اتِّسام شخصيَّة المدعوِّ أو المربَّى بالهوائيَّة:
وأعني بالهوائيَّة كثرة التنقُّل وعدم الاستِقرار في شيءٍ من الدين أو الدنيا، وإذا اتَّسمت شخصيَّة المدعوِّ بالهوائيَّة لم يكد يصبر مع الداعية والمربِّي في رحلة المُتابَعة والنصح وبِناء الشخصية؛ بل ترى هذه الشخصيَّة مُتَنقِّلة يمينًا ويسارًا، بلا هدف تسعى إليه، أو غاية ترجوها.


والداعية البصير، أو المربِّي الحاذق لا يردُّ أحدًا طرَق بابه، فهو لم يأتِه إلا لخيرٍ فيه، ولكنَّه كذلك لا يُنزِل الناس غيرَ مَنازِلهم، ولا يُعطِيهم ما لا يَستَحِقُّون؛ بل يستعمل كلاًّ منهم على قدر إمكاناته وقدراته، نعم يُقوّم الخطأ والخلل في الشخصيَّة، لكن ليس كلُّ مراد يُنال، والنُّفوس جُبِلتْ على طِباع ليس من الهيِّن أبدًا تغييرها.

والحمد لله ربِّ العالمين، وصلِّ اللهم وسلِّم على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه، ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 53.13 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 51.41 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.22%)]