حديث عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه

[ابوالوليد المسلم]

حديث عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
د. إبراهيم بن فهد بن إبراهيم الودعان




عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة فلم يجد عليًّا في البيت، فقال: "أين ابن عمك؟" قالت: كان بيني وبينه شيء، فغاضبني، فخرج، فلم يَقِلْ عندي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان: "انظر أين هو؟" فجاء فقال: يا رسول الله، هو في المسجد راقد، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع، قد سقط رداؤه عن شقه، وأصابه تراب، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسحه عنه، ويقول: "قم أبا تراب، قم أبا تراب". [1]

من فوائد الحديث:
1- هذا الحديث أصل في فنّ التعامل مع الزوجة.
2- إذا لم يستطع الزوج الحوار الهادئ مع زوجته: أثناء الخصام، فعليه أنْ يخرج من البيت حتى لا يتصرف تصرّفاً غير منضبط، فينهدم بيت الزوجيّة.
3- تغيير المكان أثناء الغضب، مطلب لتهدئة الإنسان، وذهاب غضبه.
4- قوله: (فلم يَقِل عندي) من القيلولة وهي الاستراحة بعد وقت الضحى.
5- قوله: (قم أبا تراب) نصب على النداء أي (يا أبا تراب) وكنيته المعروفة أبو الحسن، إنما قال له صلى الله عليه وسلم أبا تراب لنومه على التراب، ولصوق التراب به. وقد كان هذا الاسم أحب الأسماء إليه.
6- منقبة جليلة، وفضيلة عظيمة لعلي رضي الله عنه، كون رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح التراب عنه.
7- جواز النوم في المسجد.
8- جواز المزاح والملاطفة. [2]
9- قوله: (أين ابن عمك) لم يقل: أين زوجك، أو علي، أو ابن عم أبيك؛ استعطافا لها على تذكر القرابة القريبة بينهما؛ لأنه فهم أنه جرى بينهما شيء.
10- قوله: (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم لإنسان) هو راوي الحديث سهل رضي الله عنه. [3]

11- دخول الوالد بيت ابنته بغير إذن زوجها.
12- استحباب الكنية للشخص، والتكنية بغير الولد.
13- ذِكْرُ الشَّخص بما بينهما من النَّسَب.
14- الملابس تستر عورة الإنسان. [4]
15- قوله: (أين ابن عمك) فيه إطلاق ابن العم على أقارب الأب، لأنه ابن عم أبيها لا ابن عمها، وإرشادها إلى أن تُخاطبه بذلك.
16- قوله: (فغاضبني) من باب المفاعلة، لمشاركة اثنين في الأمر.
17- مداراة الصهر، وممازحة الـمُغضب للتخفيف عن غضبه.
18- لا بأس بإبداء المنكبين في غير الصلاة.
19- اللقب إذا صدر من الكبير في حق الصغير تلقاه بالقبول، ولو لم يكن لفظه مدح، وإن من حمل ذلك على التنقيص لا يلتفت إليه.
20- أن أهل الفضل قد يقع بين الكبير منهم وبين زوجته ما طبع عليه البشر من الغضب. وقد يدعو ذلك إلى الخروج من بيته ولا يعاب عليه.

21- يحتمل أن يكون سبب خروج علي رضي الله عنه خشية أن يبدو منه، في حالة الغضب، ما لا يليق بجناب فاطمة رضي الله تعالى عنهما، فحسم مادة الكلام بذلك إلى أن تسكن فورة الغضب من كل منهما.
22- كرم خلق النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه توجه نحو علي ليترضاه، ومسح التراب عن ظهره ليبسطه، وداعبه بالكنية المذكورة المأخوذة من حالته، ولم يعاتبه على مغاضبته لابنته، مع رفيع منزلتها عنده.
23- استحباب الرفق بالأصهار، وترك معاتبتهم إبقاء لمودتهم. [5]
24- جواز الاتكاء والاضطجاع وأنواع الاستراحة في المسجد.
25- جواز ممازحة أهل الفضل، وكان صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا حقّا. [6]
26- ذمّ الغضب إلا ما كان لله.
27- فضل فاطمة رضي الله عنها، وعلوّ منزلتها عند أبيها صلى الله عليه وسلم.
28- حكمة علي رضي الله عنه وكمال عقله.


[1] صحيح البخاري 1/ 96 رقم 441. صحيح مسلم 4/ 1874 رقم 2409.

[2] من 3-8 مستفاد من الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري للكوراني 2/ 122. 10/ 42.


[3] من 9-10 مستفاد من منحة الباري بشرح صحيح البخاري لزكريا الأنصاري 2/ 148-149.

[4] من 11-14 مستفاد من اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح للبِرماوي 3/ 205.

[5] من 15-23 مستفاد من كوثر المعاني الدراري في كشف خفايا صحيح البخاري لمحمد الخضر الشنقيطي 7/ 161-163.

[6] من 24-25 مستفاد من التوضيح لشرح الجامع الصحيح لابن الملقّن 5/ 634. 29/ 135.